هجمات باريس: الخلفيات والتداعيات
في مقدم تداعيات التفجيرات التي نفذها عناصر من تنظيم "الدولة الاسلامية" في عدة أماكن عامة بباريس يوم 13 الجاري، الضغط القوي الذي باشرته المعارضة الفرنسية، منذ اليوم التالي للتفجيرات، لحمل الرئيس فرنسوا أولاند على إعادة توجيه السياسة الفرنسية نحو التفرغ لمحاربة "داعش".
ملخص
تدور النقطة المحورية في سياسة فرنسا اليوم حول السؤال التالي: هل تستمر باريس بعد تفجيرات 13 نوفمبر/تشرين الثاني في محاربة "داعش" والعمل في الوقت نفسه على تنحية الرئيس بشار الأسد، بوصفه حجر عثرة أمام الحل السلمي للأزمة السورية، أم أنها ستنضم إلى الموقف الروسي، الذي أذعن له حلفاء باريس الغربيين، والداعي لتشكيل تحالف دولي ضد "داعش"، مع الإبقاء ضمنًا على الأسد أو في الأقل على نظامه؟ والأرجح أن الضغوط المتضافرة لقوى اليمين واليسار الفرنسيين على أولاند ستحمل هذا الأخير في نهاية المطاف، على لجم اندفاع الدبلوماسية الفرنسية التي وقفت حتى الآن ندًّا لموسكو في المسألة السورية، مُشترطة ذهاب الأسد كقاعدة لأي حلٍّ سياسي. أمَّا التداعيات الداخلية للتفجيرات فيأتي في مُقدمها احتمال الإذعان لضغوط أقصى اليمين، الداعي إلى غلق الأبواب في وجه اللاجئين والمهاجرين، وخاصة من سوريا، وتشديد الخناق على مسلمي فرنسا والتضييق من فسحة الحريات، بما في ذلك مراجعة التشريعات الحالية واستبدال أخرى أكثر صرامة بها.
مقدمة
مثَّلت التفجيرات التي استهدفت "ملعب فرنسا" (Stade de France) في الضاحية الباريسية ومسرح باتاكلان وعددًا من المطاعم في الدائرتين العاشرة والحادية عشر بباريس، أسوأ هجمات تعرضت لها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية؛ إذ أوقعت ما لا يقل عن 132 قتيلًا و400 جريح. إنها بمعنى من المعاني 11 سبتمبر/أيلول الفرنسي. وقد اعتبر الرئيس أولاند أن فرنسا باتت في "حرب مفتوحة مع الإرهاب"؛ ففرض حالة الطوارئ وأمر بحداد يستمر ثلاثة أيام. وتُعتبر هذه الهجمات، التي تبنَّاها تنظيم "الدولة الإسلامية"، نقطة اللاعودة في معركة ستطول بين التنظيم من جهة والدولة الفرنسية ودول التحالف الدولي بشكل عام، من جهة ثانية.
أحدثت الهجمات هزة قوية للدولة والمجتمع على السواء بسبب العدد المرتفع للضحايا؛ فهي أكبر عملية في أوروبا بعد الاعتداءات على شبكة القطارات الإسبانية في 2004، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها استخدام أحزمة ناسفة في أوروبا.
1- سياق الهجمات
أتت هذه السلسلة من التفجيرات الجديدة في أعقاب عملية دموية طالت مكاتب صحيفة "شارلي إبدو" في 7 يناير/كانون الثاني 2015 وأدت إلى مقتل 12 شخصًا كان قد تبنَّاها تنظيم "القاعدة"، أمَّا هذه الهجمات الجديدة فتبنَّاها "تنظيم الدولة الإسلامية" في بيان أصدره بالعربية والفرنسية والإنكليزية، وهي المرة الأولى التي يتبنى فيها عملية في فرنسا، فما هي أسباب هذا الاستهداف؟
يرتبط توقيت التفجيرات بثلاثة عناصر هي التالية:
أولًا: هي تأتي بعد أسابيع من إطلاق فرنسا سلسلة غارات جوية على مواقع "داعش" في كلٍّ من سوريا والعراق، اعتبارًا من 28 سبتمبر/أيلول الماضي، بالإضافة لإرسال حاملة الطائرات "شارل ديغول" في أوائل شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 للمشاركة في العمليات العسكرية ضد التنظيم؛ مما جعل الأخير يُعِدُّ لهذا الرد على الأرجح منذ تلك الفترة.
ونُلاحظ أن "داعش" سرعان ما ردَّ الفعل على الدول التي باشرت شنَّ الغارات الجوية على مواقعه بتفجير طائرة الركاب الروسية فوق سيناء في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2015، وقبلها بعشرين يومًا، أي في 10 أكتوبر/تشرين الأول ضَرَبَ في أنقرة، ثم وجَّه ضربة من نوع آخر إلى فرنسا في الشهر التالي. وهذا دليل على تحول نوعي في قدرات التنظيم التخطيطية والعسكرية؛ إذ أصبح قادرًا على إدارة مجموعات مختلفة تتسم بالحِرفية والاستعداد للموت في بلدان متباعدة، بل في قارات مختلفة من سيناء إلى تركيا إلى لبنان وصولًا إلى باريس.
ثانيًا: تم توقيت التفجيرات قبل ثلاثة أسابيع من عقد المؤتمر الدولي حول المناخ21 COP الذي يُعد الفرنسيون لاستضافته منذ مدة طويلة، والذي دُعي لحضوره 117 رئيس دولة وتستمر أعماله أسبوعين. ومن الواضح أن هدف "داعش" هو إرباك المُنظِّمين وإثبات أن الأمن غير مستتب من أجل دفعهم إلى تأجيل المؤتمر.
ثالثًا: قد يكون التنظيم أرسل عددًا من عناصره إلى أوروبا ضمن موجات اللاجئين الذين وصلوا من سوريا عبر اليونان وتركيا؛ إذ كشف رئيس جهاز المخابرات الألماني أن "دخول آلاف اللاجئين إلى ألمانيا يستغله المتطرفون لتجنيد عناصر منهم". كما أشار إلى "وجود إرهابيين قَدِموا مع اللاجئين" (1). ويمكن القول: إن استراتيجية التنظيم في هذا المضمار "رمت لإغراق أوروبا بمئات الآلاف من المهاجرين المسلمين الذين سينشأ من بينهم جيش المستقبل" (2).
يُضاف إلى هذه العوامل الثلاثة التنافس بين "داعش" و"القاعدة" الذي أشار إليه الباحث ماك كانتس باعتباره أحد العوامل المُشجِّعة على هذه "الغزوة" الباريسية(3).
2- الخلفيات والدلالات
لم تستهدف التفجيرات مؤسسات أو معابد يهودية أو رموزًا سياسية أو دينية أخرى، خلافًا لكثير من الهجمات التي عرفتها فرنسا في العقود الماضية (انظر تسلسل العمليات في الملحق). غير أن صحيفة إسرائيلية أبرزت أن صاحب مسرح "باتاكلان" يهودي، وقالت: إنه كان "عُرضة لتهديدات من جماعات مناهضة للصهيونية" لم تُسمِّها، لتؤكد بعد ذلك أنه باع المسرح في سبتمبر/أيلول الماضي(4).
أمَّا عن هويَّة المنفِّذين فالأرجح أنها تعود إلى ثلاثة منابع: الأول: منبع فرنسي، والثاني: بلجيكي، والثالث يتصل باللاجئين الذين عبروا من اليونان إلى أوروبا الغربية والشمالية خلال الأشهر الماضية. وتدل الخيوط التي كشف رئيس المُحققين الفرنسيين النقاب عنها على أن "داعش" استقطب شبَّانًا من ذوي السوابق الضالعين في قضايا إجرامية، والذين لم يُعرفوا بانتمائهم للخلايا المتشددة المسجلة لدى أجهزة الأمن. ويوجد حاليًا في فرنسا 1500 متشدد تحت رقابة الأجهزة الأمنية بحسب رئيس المرصد الدولي للإرهاب رولان جاكار(5). ويُقدِّر جاكار عدد المتعاطفين مع "داعش" في مواقع التواصل الاجتماعي بفرنسا بما بين 4000 و5000 شخص، فيما أكَّد وجود 1500 رشاش كلاشنكوف في فرنسا قال: إنها هُرِّبت من البلقان عبر إيطاليا.
غير أن السؤال الأكثر إلحاحًا هُنا هو: من المُستفيد من تسديد هذه الضربة المؤلمة لفرنسا؟ ولماذا استُهدفت؟
من الواضح أن الروس هم أول المستفيدين من ضرب إصرار باريس على تنحية الأسد، فغالبية المواقف الدولية باتت مُذعنة لوجهة نظر موسكو التي تعمل على حشد الجهود لمحاربة "داعش"، في مقابل السكوت على نظام الأسد. أمَّا فرنسا فهي الدولة الكبرى الوحيدة التي أصرَّت في الجولتين السابقتين من محادثات فيينا على التمسك برحيل الأسد كشرط لأية تسوية سياسية للأزمة في سوريا. كما أنها الدولة الوحيدة التي تُقارع روسيا في شرق المتوسط بإرسالها حاملة الطائرات "شارل ديغول" إلى المنطقة، في الوقت الذي امتنع فيه الحلف الأطلسي عن تقديم الدعم لتركيا في غاراتها على مواقع "داعش"، بالرغم من كونها عضوًا رئيسيًّا في الحلف.
والمستفيد الثاني هي إيران لأنها تأمل أن تحصد منها عُدُولًا فرنسيا عن اشتراط رحيل حليفها الأسد لحل الأزمة السورية. أمَّا المستفيد الثالث فهو النظام السوري الذي يعتبر فرنسا الخصم الدولي الرئيس المُطالب برأس النظام؛ فالأسد لم يكتف بعدم التنديد وإنما قال: إن التفجيرات هي "نتيجة للسياسة الخارجية الفرنسية الخاطئة" (6). واستطرادًا تطرحُ هوية المستفيدين من التفجيرات أسئلة مُلحَّة، من جديد، حول من يقف وراء "داعش"؛ إذ إن من يحصد ثمار هجماته هو في غالب الأحيان نظام الأسد وحُماته الروس والإيرانيون! كما أن هناك احتمالًا أن يكون طرف آخر (أو أطراف أخرى) قد نفَّذ التفجيرات باسم "داعش"، لاسيما أن المنفِّذين ليسوا من العناصر المعروفة بانتمائها للتنظيم؛ مما يستدعي التساؤل عمَّا إذا كانت التفجيرات ترمي لمعاقبة فرنسا على مواقفها المتوازنة من القضية الفلسطينية، وخاصة اعتراف البرلمان الفرنسي بدولة فلسطين، ودور باريس في منح فلسطين العضوية الكاملة في منظمة اليونسكو، واستعدادها لتقديم مشروع للأمم المتحدة يُمهل إسرائيل سنة ونصف السنة للانسحاب من الضفة الغربية في إطار حلِّ الدولتين.
ويبرز هنا مُجددًا ملف اللاجئين الذي سيُعاد النظر في أركانه حتمًا من دون انتظار نتائج التحقيقات القضائية الجارية في فرنسا؛ إذ باتت سياسة الاستيعاب التي انتهجها بعض الدول الأوروبية وخاصة ألمانيا، جزءًا من الماضي. والأرجح أن أعضاء الاتحاد الأوروبي سيُحاولون إقفال بابي الهجرة واللجوء، ولن يكتفوا بذلك بل سيُراجعون بدقة لوائح اللاجئين الذين توزَّعوا على بلدان الاتحاد. وستقود السياسة الجديدة في مجالي اللجوء والهجرة إلى مراجعة اتفاق شينغن، بما يُعيد تكريس سيادة الدولة في الفضاء الأوروبي ويُغلِّب التشريعات الداخلية على الاتفاقات الأوروبية، وصولًا ربما إلى إعادة إقرار الحدود الداخلية.
واستطرادًا، يجوز التساؤل عن مصير الاتحاد الأوروبي نفسه بعد الخروج من دوامة الصدمة التي أحدثتها تفجيرات باريس. في المقابل، تطرح التفجيرات على الصعيد العسكري سؤالًا كبيرًا عن مدى تأثيرها في احتمال مراجعة موقف الحلف الأطلسي من الحملة الدولية على "داعش"، بعدما خذل الحلف تركيا على هذا الصعيد؛ إذ يحقُّ لفرنسا كعضو في الحلف أن تدعو لتطبيق البند الخامس من الميثاق، والذي يعتبر الاعتداء على عضو في الحلف اعتداء على باقي الأعضاء.
تبقى الإشارة إلى الموقف الإسرائيلي الذي استثمر هجمات باريس، كالعادة، للتقرب أكثر من فرنسا، في مقابل تعميق صورة القتلة التي ما انفكَّ الإعلام الصهيوني يُروجها عن العرب والمسلمين لدى الرأي العام الفرنسي والأوروبي عمومًا، بالتذكير بأن الاسرائيليين هم أيضًا ضحية "لإرهاب السكاكين" وللهجمات الانتحارية. وكتب قدعون ليفي في صحيفة "هآرتس: "إن هناك رابطًا بين سكين الطفل الفلسطيني في الخليل وقنبلة الانتحاري في باريس" (7). وقد أبرز الإعلام الفرنسي التظاهرات التي حدثت في الدولة العبرية، والتي حضرها الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمون بيريز وألقى فيها "كلمة تضامن" مع ضحايا التفجيرات، وقد حرص على إلقائها باللغة الفرنسية.
3- التداعيات الداخلية الفرنسية
وبالعودة إلى التداعيات الداخلية الفرنسية يُطرح السؤال عن احتمال تغيير الموقف الرسمي من الأزمة السورية، فاللقاءات التي عقدها الرئيس أولاند مع زعماء الأحزاب السياسية أظهرت ميلًا قويًّا لدى النُّخَب، بدءًا من حركة الجمهوريين اليمينية إلى الحزب الشيوعي في أقصى اليسار، نحو العدول عن المطالبة برحيل الأسد وتركيز كل الجهود على محاربة "داعش". وبرز الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، الذي كان مهندس التدخل العسكري الأطلسي للإطاحة بمعمر القذافي في ليبيا سنة 2011، بموقف ضاغط على الرئاسة الفرنسية "من أجل إعادة توجيه السياسة الخارجية" بما يجعل الحرب على الإرهاب تقتصر على قتال "داعش". وتأكد من التصريحات التي أدلى بها الزعماء الفرنسيون بعد الاجتماعات التي عُقدت في قصر "الإليزيه" أن هناك اتفاقًا سيقصم ظهر الموقف الذي تبنَّاه حتى الآن كل من أولاند ووزير الخارجية فابيوس من نظام الأسد. والأرجح أن احتمال ارتكاب "داعش" عمليات أخرى في فرنسا، مثلما لوَّح بذلك التنظيم في وسائل إعلامه، سيدفع أولاند للإذعان لمطالب المعارضة، وبالتالي إسكات صوت الدولة الكبرى الوحيدة المُطالِبة برحيل رأس النظام في سوريا.
وليس مُستبعدا أن تتجدد الاعتداءات والتفجيرات في ظل وجود 1800 عضو فرنسي في تنظيم "داعش" بسوريا(
، فيما يُقدِّر الباحث حسن أبو هنية عددهم بألفي عنصر(9). كما أن وجود خزان من العناصر المتشددة في أحد الأحياء الفقيرة من العاصمة البلجيكية بروكسل، والذي جاء منه بعض المنفِّذين، سيُسهِّل تأمين المدد اللوجستي لأية عمليات مقبلة. وتُعتبر بلجيكا "من الدول الأكثر تأثرًا في أوروبا بمغادرة جهاديين للقتال في سوريا" (10). ومن المؤشرات التي تعزِّز احتمال تجدد الاعتداءات في فرنسا لحملها على وقف غاراتها الجوية على مواقع التنظيم قوة البِنية الإعلامية والعمليتيَّة الفرانكفونية لدى "داعش"، والمُوجَّهة أساسًا لاستقطاب الشباب من فرنسا وبلجيكا والبلدان المغاربية والإفريقية. وإذا أضفنا إلى ذلك أن التنظيم أعلن أنه أرسل ألفين من أعضائه ضمن مئات الآلاف من طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أوروبا، نُدرك أن التهديدات التي ما فتئ يُوجِّهها إلى فرنسا وسواها من البلدان الغربية ليست مزحة أو تهديدات كلامية. وهذا ما تتوقعه السلطات الفرنسية إذ صرَّح قائد الأركان الفرنسي بأن "السؤال ليس هل ستكون هناك هجمات جديدة أم لا، وإنما متى؟" (11). ومن هنا، فإن الحرب ستستمر فترة غير معروفة لكنها لن تكون قصيرة.
والثابت حتى الآن أن صلاحيات أوسع مُنحت للجيش الفرنسي الذي تم تكليفه بحراسة المباني الرسمية فسيُكلَّف أيضًا بالمزيد من المهمات في الحياة الداخلية الفرنسية في الفترة المقبلة، وسيكون له دور لم يسبق أن قام به منذ حرب التحرير الجزائرية (1954-1962). وبقدر ما عكست الهجمات الأخيرة إخفاقًا أمنيًّا على صعيد التوقع والاستعداد لها، ستترتب عليها تداعيات تخص معاودة هيكلة أجهزة الاستخبارات، لاسيما أن الرئيس الفرنسي نفسه كان في منطقة الخطر لدى وجوده في "ملعب فرنسا" قبل إخراجه منه.
ويمكن الجزم بأن المسلمين الفرنسيين الذين يشكِّلون نحو 10 في المئة من سكان البلد (65 مليون ساكن) وهم أكبر جالية مسلمة في أوروبا الغربية، هم أول ضحايا التفجيرات الأخيرة؛ إذ إن الإجراءات الأمنية المُتخذة ستنتقص من حرياتهم وحقوقهم كمواطنين فرنسيين. إنهم كبش الفداء في الحملات المتبادلة بين اليمين واليسار، والتي سترتفع وتيرتها مع اقتراب ميقات الانتخابات المحلية والبلدية المقررة للعام المقبل والانتخابات الرئاسية في 2017. ويُؤشِّر الجدل الدائر حاليًا حول الملف الأمني على أنهم سيكونون في عين التدابير الردعية والعقابية التي تُطالب الأوساط العنصرية باعتمادها. وقد طالبت زعيمة حزب "الجبهة القومية" (أقصى اليمين) مارين لوبن بحظر "المنظمات الأصولية الإسلامية وطرد المتشدِّدين الإسلاميين من فرنسا وترحيل الأجانب الذين يكرهون بلادنا وغلق المساجد التي يؤمُّها متطرفون وإقفال الحدود".
ومن الواضح أن الحكومة الفرنسية تأخذ في الاعتبار الشحنة العاطفية التي يتعاطى الجمهور الفرنسي من خلالها مع التفجيرات باعتبارها شكَّلت اعتداء على سيادته ومجتمعه وثقافته، وهو ما يُفسِّر محاولة الثأر من خلال توجيه سلسلة ضربات جوية إلى مواقع "داعش" وانتهاج سياسة أكثر صرامة إزاء المهاجرين واللاجئين في المستقبل. لكن السؤال هو: إلى أي مدى ستمتنع الرئاسة الفرنسية، الواقعة تحت ضغط شديد من الرأي العام والمعارضة، عن تنفيذ أعمال تبدو ثأرًا للكبرياء الفرنسية الجريحة، أسوة بما فعله الرئيس الأميركي الأسبق، جورج والكر بوش، في أعقاب اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في أميركا، وإن بحجم أقل؟