هل تعتبر النفقة على الزوجة واﻷوﻻد من الصدقات التي يثاب عليها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن اﻹنفاق على الزوجة واﻷوﻻد واجب على الرجل، لقول الله تعالى:*وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ*{البقرة:233}،
وقوله تعالى:لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا*{الطﻼق:7
}، والنفقة على اﻷهل أعظم أجرا من جميع الصدقات فعن*أبي هريرة*رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ص الله عليه وسلم: دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار*تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك
أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. رواه*مسلم.
قال*المناوي*في فيض القدير:*ومقصود الحديث الحث على النفقة على العيال وأنها أعظم أجراً من جميع النفقات كما صرحت به رواية مسلم:
أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك.*انتهى.
قال*النووي*في شرح*مسلم:*قال صل الله عليه وسلم في رواية ابن أبي شيبة: أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك.
مع أنه ذكر قبله النفقة في سبيل الله وفي العتق والصدقة ورجح النفقة على العيال على هذا كله لما ذكرناه
.*انتهى.
وعن*أبي عبد الله*ويقال له*أبي عبد الرحمن ثوبان بن بجدد*مولى رسول الله صل الله عليه وسلم قال:
قال رسول الله صل الله عليه وسلم:أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله
ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله.
رواه*مسلم.
قال في الفتح قال*أبو قلابة: بدأ بالعيال وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على*عياله يعفهم وينفعهم الله به.
انتهى.*
وﻻ ينقطع اﻷجر ما لم*تنقطع النفقة، فعن*أم سلمة*رضي الله عنها قالت:*قلت يا رسول الله هل لي أجر في بني أبي سلمة
أن أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا، إنما هم بني
فقال:*نعم لك أجر ما أنفقت عليهم. متفق عليه،
وعن*سعد بن أبي وقاص*رضي الله*عنه في حديثه الطويل أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال له:
وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إﻻ أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك.
متفق عليه.*
قال في المنتقى شرح الموطأ وقوله: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله..... الحديث.
يقتضي أن النفقة إذا أريد بها وجه الله والتعفف والتستر وأداء الحق واﻹحسان إلى اﻷهل وعونهم بذلك على الخير من أعمال البر التي يؤجر بها المنفق
وإن كان ما يطعمه*امرأته، وإن كان غالب الحال*أن إنفاق اﻹنسان على أهله ﻻ يهمله وﻻ يضيعه وﻻ يسعى إﻻ له
مع كون الكثير منه واجباً عليه، وما ينفقه اﻹنسان على نفسه أيضاً يؤجر فيه إذا قصد بذلك التقوي على الطاعة والعبادة
.*انتهى.
فمما تقدم*يتبين لنا عظم أجر اﻹنفاق على الزوجة واﻷوﻻد إذا ابتغي به وجه الله،
ومنها ما في الصحيحين أن النبي صل الله عليه وسلم قال: يقول الله:
إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فﻼ تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها،
وإن تركها*من أجلي فاكتبوها له حسنة،
وإذا أراد أن يعمل*حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة،
فإن علمها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف.
وفي الصحيحين أيضا عن*أبي هريرة*رضي الله عنه*عن*رسول الله صل الله عليه وسلم قال:
كل عمل ابن آدم*يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف،
قال الله تعالى: إﻻ الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به.*
قال*ابن حجر العسقلاني*في فتح الباري: وقد قيل
*إن العمل الذي يضاعف إلى سبعمائة خاص بالنفقة*في سبيل الله
وتمسك*قائله بما في حديث*خريم بن فاتك المشار إليه قريبا رفعه من هم بحسنة فلم يعملها فذكر الحديث وفيه
*ومن عمل حسنة كانت له بعشر أمثالها ومن أنفق نفقة في سبيل الله كانت له*بسبعمائة ضعف،
وتعقب بأنه صريح في أن النفقة في سبيل الله تضاعف إلى سبعمائة
وليس فيه نفي ذلك عن غيرها صريحا ويدل على التعميم حديث أبي هريرة الماضي في الصيام
كل عمل بن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. الحديث
. انتهى كلامه.
والله أعلم.******