مرآة الاسرة: أخلاق الأبناء وشكل البيت
اديب شقير -
يتكون عالمنا الواسع والممتد عبر قارات عديدة من مواطنين تختلف عاداتهم
وتقاليدهم ونمط حياتهم ومعيشتهم، وتتنوع اديانهم وآرائهم ووجهات نظرهم
وميولهم واتجاهاتهم .
وهؤلاء المواطنين ينتمون الى اسرهم المكونة من الأب والأم والأبناء.
وهذه الاسر بشكل عام هي من الركائز القوية والهامة في المجتمع ولها دورها الحيوي
والهام في عمليات تنمية وتطوير المجتمع المحلي في المجالات الاقتصادية
والاجتماعية والعلمية ومجال البناء والعمران.
ونحن في هذا السياق نسمع عن اسر عريقة لها تاريخ حافل بالامجاد والتضحية والبطولات،
واسر كان لها بصمات واضحة في المشاركة في عمليات البناء ودعم الاقتصاد.
والاسرة التي يشار اليها تكون موضع حديث كثير من الناس هي التي تحافظ على دينها
وتحرص على تربية وتنشئة ابنائها نشأة حسنة وصالحة،
ويكون لها دور مميز في المجتمع من حيث المساهمة في اعمال الخير
واصلاح ذات البين وحل المشاكل بين الناس.
وهذه الاسرة هي بمثابة مرآة يحكم الناظر اليها بأنها اسرة صالحة او اسرة ظالمة.
والحكم على الاسرة ودورها في البناء والتطور يكون من خلال الامور التالية:
اولاً:سمعة الاسرة وسيرتها الحسنة بين الناس من حيث دماثة اخلاق الاب والام والابناء،
ومدى تمسكهم بدينهم وعملهم بتعاليمه.
ثانياً: تصرفات افراد الاسرة وتعاملهم مع الاخرين من اقارب ومعارف وجيران.
ثالثاً: حرصهم على مراعاة مشاعر الناس ومشاركتهم في افراحهم واحزانهم،
وتجنب ما يغضب الغير او ما يسيء اليهم قولاً وعملاً.
رابعاً: اتصاف الاسرة بعادات وصفات حميدة منها: احترام الكبير،
والعطف على الصغير، والشفقة والرحمة بالفقير والضعيف.
خامساً: مدى اهتمام الاسرة بابنائها من حيث التربية السليمة والتنشئة الحسنة،
والاهتمام بتعليمهم وارشادهم نحو طريق الخير ووجوب الابتعاد عما يغضب الله عز وجل.
كذلك يكون من خلال تربية الابناء وتبيان اهمية الابتعاد عن الفساد والغش والسرقات والمنكرات،
والاتصاف بالصدق والامانة، والوفاء بالوعد والمحافظة على العهود،
وتجنب الكذب والغيبة والنميمة، وعدم السخرية من بعض الناس،
والنظر الى الجميع نظرة محبة واحترام.
فهذه الامور الخمسة هي مرآة الاسرة من الجانب الاول،
اما مرآتها من الجانب الاخر والمكمل لها يكون من خلال الامور التالية:
اولاً: ترتيب البيت وشكله الخارجي، ونظافة رصيفه وممراته وتناسق اشجاره ونضارة ازهاره.
ثانياً: ترتيب البيت في الداخل من حيث: نظافة وترتيب غرف الضيوف
والنوم والمطبخ وملحقات البيت الاخرى.
ثالثاً: حسن استعمال التلفاز من حيث التركيز على مشاهدة البرامج الهادفة والمفيدة مثل:
مشاهدة نشرات الاخبار، البرامج الدينية والرياضية والبرامج الوثائقية. كذلك يكون الحكم على
الاسرة من خلال عدم اطالة السهر، والحرص على تجنب ازعاج الجيران ومعاملتهم معاملة حسنة،
والتعاون معهم ومشاركتهم افراحهم واحزانهم.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:
وتعاونوا على
البر والتقوى، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان.
رابعاً: الاهتمام بلباس الابناء ونظافتهم.. نظافة اجسامهم وملابسهم واماكن نومهم وجلوسهم.
خامساً: الحرص على ابقاء كل شيء في البيت في موضع مناسب وجميل،
والمحافظة على نظافة سطح البيت وتجنب استغلاله والوقوف عليه للنظر الى الجيران،
فهذا حرام شرعاً، فلا بد من المحافظة على حرمة بيوت الجيران.
والاسرة الصالحة والتي مرآتها صافية وسمعتها طيبة هي التي تعامل غيرها
من الاسر المجاورة معاملة انسانية تحمل طابع الرحمة والتسامح والتعاون والمحبة.
يقول الحبيب الأعظم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام:
ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه.
سادساً: الاسرة المحبوبة هي التي تحرص على جعل منزلها مكاناً مناسباً للدراسة والمطالعة،
ومركزاً للبحث والتحليل، وكذلك للعبادة من خلال سماع القرآن الكريم
ومشاهدة البرامج الدينية التي تشمل:
مسلسلات دينية وندوات مع علماء الفكر والدين.
والاسرة الصالحة هي التي تعلم في منزلها الأبناء على كيفية الوضوء والصلاة وتلاوة القرآن
وحفظ آياته وسوره، وكذلك حفظ القدر المناسب من الأحاديث النبوية الشريفة آخذين
بعين الاعتبار عمر الابناء ومستواهم العقلي والفكري.
وحقاً ان الاسرة الصالحة لها بصمات واضحة في تربية ابنائها الذين
يكون منهم مستقبلاً: الطبيب، المهندس، الصيدلي، المحامي، والمدرس... الخ.
وهذه الاسرة الصالحة تكون سمعتها كالمسك، ويكون لها ولغيرها من الاسر المحترمة
الدور الحيوي والهام في تقدم وتطور المجتمع.
فالاسرة هي جزء من هذا المجتمع، وهي اذا صلحت صلح المجتمع،
واذا هدمت هدم المجتمع.
فعلينا نحن كأولياء امور آباء وامهات ان نهتم منذ البداية بتربية اولادنا الذين هم فلذات اكبادنا،
وان نرشدهم ونوجه سلوكهم نحو الافضل لتأمين حياة سعيدة لهم ومستقبل زاهر ومشرق
ليساهموا في بناء بلدهم
في نهضته وتطوره،