مصير القضية الفلسطينية مرة اخرى بيد العرب ..جزء 1
احمد عيسى
بقلم الباحث في الشأن الفلسطيني
كانت منطقة الشرق الاوسط هي محطة الرئيس ترامب في رحلته الخارجية الاولى، ليكون بذلك الرئيس الامريكي الاول الذي يزور السعودية واسرائيل والمناطق الفلسطينية في رحلته الخارجية الاولى منذ قيام دولة اسرائيل في العام 1948.
وفيما زار الرئيس ثلاثة من دول المنطقة، الا ان العاصمة السعودية الرياض كانت مركز هذه الزيارة، اذ استضافت ثلاث قمم متتالية عقد اولها ما بين الرئيس الضيف والملك المضيف، وكانت الصفقات العسكرية والاقتصادية غير المسبوقة من حيث حجمها المالي واحدة من المخرجات التي جرى الكشف عنها، تلاها قمة امريكية خليجية شملت دول مجلس التعاون الخليجي جرى التأكيد فيها على مخرجات القمة الاولى.
وكان اخر هذه القمم وأهمها على الاطلاق، القمة العربية الاسلامية الامريكية التي ضمت زعماء وممثلين عن خمس وخمسون دولة عربية واسلامية، اذ يمكن القول انه قد جرى في هذه القمة الكشف عن ملامح الاستراتيجية الامريكية الجديدة للنظام الدولي الجديد الذي يسعى الرئيس الامريكي لترسيخ اسسه ومعالمه، والتي مثلت منطقة الشرق الاوسط نقطة البداية في مسيرة بنائه وتشييده، علاوة على كشفها واعلانها عن الرؤية العربية الاسلامية للنظام الاقليمي الشرق اوسطي الجديد.
ولما كان استمرار الصراع الفلسطيني الاسرائيلي هو مصدر اللااستقرار في المنطقة، ومعالجته بالتالي تمثل مصدر الامن والسلام والازدهار في المنطقة والعالم، ولما كانت كلا من نكبة العام 1948، ونكسة العام 1967، هي نتاج عجز العقل الاستراتيجي العربي على فهم واستيعاب ما يدور حوله وداخل بلاده، فضلا عن ضعف وتواضع قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية امام قدرات ومقدرات اعدائه، الامور التي اسست بدورها للصراع واستمراره في المنطقة.
وتأسيا على ما تقدم وفي تزامن هذه الزيارة مع الذكرى المئوية الاولى لوعد بلفور المشؤوم الذي اسس بدوره لنكبة فلسطين في العام 1948، ونكسة العرب في العام 1967، فما هي اثار هذه "الزيارة" وما تمخض عنها على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي؟ وما مدى مساهمتها في تقريب الفلسطينيين من دولتهم المستقلة؟
في محاولتها الاجابة على الاسئلة اعلاه، ستسعى هذه المقالة الى تحليل مضمون الوثائق الرسمية الصادرة عن هذه القمة والمتمثلة في خطاب الرئيس ترامب، وبيانها الختامي الذي حمل اسم "نداء الرياض"، لاستخلاص ما تضمنته هذه الوثائق من محددات لمعالجة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في ظل المقاربات التي تضمنتها هذه الوثائق لمستقبل الشرق الاوسط، ومن ثم محاولة استجلاء مدى استجابة هذه المحددات لمتطلبات طرفي الصراع الفلسطينيين والإسرائيليين، و/او تعارضها معها، تلك المتطلبات التي جرى الكشف عنها في المؤتمرات الصحفية المشتركة التي عقدت على التوالي ما بين الرئيس ترامب والرئيس عباس صباح يوم الثلاثاء الموافق 23/5/2017 في بيت لحم، وما بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو في ظهيرة ذات اليوم.
وذلك من خلال ثلاثة اجزاء يتناول الجزء الاول محددات معالجة الصراع كما وردت في خطاب الرئيس ترامب، ويتناول الجزء الثاني محددات معالجة الصراع كما وردت في نداء الرياض، ويتناول الجزء الثالث متطلبات طرفي الصراع، الفلسطينيين الاسرائيليين كما وردت في المؤتمرات الصحفية بين كل من الرئيس ترامب والرئيس الفلسطيني، وكذلك ما بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو يوم الثلاثاء الموافق 23/5/2017.
اولا: محددات معالجة الصراع المتضمنة في خطاب الرئيس ترامب
من حيث الشكل تكون الخطاب من (87) فقرة تضمنت (2630) كلمة وفق الترجمة العربية (غير الرسمية) للخطاب، اما النسخة الانجليزية فتكونت من (3640) كلمة، وقد احتاج الرئيس لإلقاء خطابه الى (20) دقيقة.
ومن حيث المضمون شكل الخطاب دعوة امريكية للمجتمعين للتعاقد على الشراكة، وتعرف مثل هذه الدعوات قانونيا، لا سيما في القانون الدولي بخطابات النوايا.
ويتوافق هذا التكييف تماما مع احد تعريفات خطاب النوايا، الذي عرفه البعض "بأنه مستند مكتوب يوجه من طرف، يرغب في التعاقد على امر معين الى الطرف الاخر، يعرب فيه عن رغبته تلك، ويطرح فيه الخطوط العريضة للعقد المستقبل المزمع ابرامه، ويدعوه الى التفاوض والدخول في محادثات حوله".
واستنادا الى التعريف اعلاه، وللتدليل على انه خطاب نوايا، فقد ورد لفظ حسن النية في الفقرة رقم (10) من الخطاب والتي كان نصها "اجتماعاتي مع الملك سلمان وولاة عهده قد ملأها الدفء وحسن النية والتعاون الهائل"، الامر الذي يفهم منه انه يطبق هذه المبادئ على دعوته للتعاقد مع القادة المستمعين لخطابه.
ومن حيث الكتابة، فالخطاب كان مستندا مكتوبا موجها من الرئيس الامريكي بصفته ممثلا عن الشعب الامريكي كما ورد في الفقرة رقم (4) من نص الخطاب والتي كان نصها "انا هنا ممثلا عن الشعب الامريكي لأقدم رسالة صادقة وامل"، وذلك من منطلق "الحرص على اقامة روابط اوثق (تعاقدات) للصداقة والامن والثقافة والتجارة"، كما ورد نصا في الفقرة رقم (
من الخطاب.
ومن حيث الاعراب عن الرغبة في التعاقد فقد تجلت بوضوح في الفقرة رقم (16) من الخطاب والتي كان نصها "نحن هنا لعرض الشراكة"، كما ويفيد هذا النص ان غاية هذا التعاقد هي الشراكة.
وفيما يتعلق بالشراكة، فيفيد التحليل الكمي لمضمون الخطاب ان مصطلح الشراكة قد تكرر في الخطاب (13) مرة، الامر الذي يعني ان الرئيس قد استخدمه مرة كل (130) ثانية في خطابه، للتأكيد على اهمية هذه الشراكة ومدى الحاجة اليها.
اما بخصوص الدعوة الى التفاوض والدخول في محادثات حول الخطوط العريضة للعقد المستقبل المزمع ابرامه فقد تجلت بوضوح في نص الفقرة رقم (13) من الخطاب اذ كان نصها "لقد بدأنا مناقشات بشأن تعزيز الشراكات، وتشكيل شراكات جديدة".
ومن حيث الخطوط العريضة للعقد المزمع ابرامه، فقد جرى الاشارة اليها ابتداء بشكل عام من خلال توضيح الرؤية الامريكية التي حكمت رغبتها في عرض الشراكة وهي هنا كما وردت في نص الفقرة رقم (6) والتي كان نصها " رؤيتنا هي رؤية تتمحور حول السلام والأمن والازدهار في هذه المنطقة، وفي العالم".
وفيما بدى من المقاربة اعلاه ان السلام في هذه المنطقة والعالم هو مقدمة للأمن والازدهار اقليميا وعالميا، الا ان تفصيل الخطوط العريضة اعلاه كما ورد في اكثر من فقرة من فقرات الخطاب، تظهر ان تحقيق الامن هو المقدمة الاجبارية لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة والعالم وليس العكس.
وقد قدم الرئيس مقاربته للأمن بمعنى القضاء على الارهاب والتطرف في المنطقة، كما ورد بوضوح في الفقرة رقم (7) التي كان نصها " وهدفنا هو تحالف الأمم التي تشترك في هدف القضاء على التطرف، وتزويد أطفالنا بمستقبل متفائل يحترم الله".
و للتأكيد على ذلك يفيد تحليل مضمون الخطاب كميا، ان مصطلح الارهاب وضرورة القضاء عليه كان المصطلح الاكثر تكراراً في الخطاب، اذ تكرر بواقع (40) مرة، أي ان الرئيس ردده في خطابه بواقع مرة كل نصف دقيقة.
واذا ما اخذ عدد تكرار المفردات الدالة على الارهاب مثل: العنف الذي تكرر استخدامه (5) مرات، والتطرف الذي تكرر استخدامه (6) مرات، والحرب التي تكرر استخدامها مرة واحدة، والشر الذي تكرر استخدامه (7) مرات، والكراهية التي تكرر استخدمها مرتين، والقتل وسفك الدماء الذي تكرر استخدامه (11) مرة، يصبح عدد استخدام مصطلح الارهاب والمفردات الدالة عليه ما مجموعه (77) مرة، أي ما نسبته 3% من مجموع عدد كلمات الخطاب في نسخته العربية، الامر الذي يعني ان الرئيس استخدم مصطلح الارهاب او احد المفردات الدالة عليه بواقع 3,85 مرة كل دقيقة خلال خطابه.
وقد حدد الرئيس في خطابه الاهداف الارهابية من الدول والتنظيمات التي يتوجب بدء العمل ضدها على النحو التالي: ايران، اذ تكرر ذكرها (11) مرة، داعش التي تكرر ذكرها (5) مرات، حزب الله الذي تكرر ذكره (3) مرات، القاعدة التي تكرر ذكرها (مرتين)، واخيرا حماس وطالبان، التي تكرر ذكر كل منهما (مرة واحدة).
وكان الرئيس قد حدد مقاربتين مختلفتين لمواجهة الدول والتنظيمات الارهابية المشار اليها اعلاه، ففيما يتعلق بالقضاء على التهديد الارهابي الايراني استخدم الرئيس مقاربة عزل حكومتها، لإسقاطها واحلال حكومة عادلة صالحة محلها يستحقها الشعب الايراني من جهة، او لإجبارها على ان تكون شريكة للسلام في المنطقة من جهة اخرى، كما ورد في الفقرات (69-74)
وبرر الرئيس مقاربته هذه على اساس ان الحكومة الايرانية هي المسؤولة عن منح الارهابين الملاذ الآمن والدعم المالي والتدريب، علاوة على المكانة الاجتماعية للتجنيد. كما انها الحكومة الوحيدة التي تتحدث صراحة عن القتل الجماعي وتتعهد بتدمير اسرائيل والموت لأمريكا والخراب لكثير من الدول المتواجدة في هذه القاعدة.
وفيما يتعلق بالتنظيمات الارهابية داعش وحزب الله والقاعدة وحماس وطالبان وغيرها من التنظيمات فقد استخدم الرئيس مقاربة القضاء عليها من خلال طردها من دور العبادة (المساجد)، ومن المجتمع، ومن الارض بحيث لا يجد أي ارهابي ملاذا امنا له في بلاده، علاوة على ارسال ايديولوجياتهم الى غياهب النسيان، كما ورد في الفقرات (27-46).
وبرر الرئيس مقاربته هذه على اساس ان التأثير الحقيقي لهذه التنظيمات لا يجب ان يقاس بعدد القتلى فقط، بل يجب ان يقاس بكم اجيال الاحلام التي تلاشت.
واضاف الرئيس ان ارهاب هذه التنظيمات كان العائق الاساسي امام عدم استغلال امكانات ومقدرات هذه المنطقة الهائلة والتي جرى الاشارة اليها سابقا، وعلى ضوء ذلك اكد ترامب انه "لا يمكن ان يكون هناك تعايش مع عنف هذه المنظمات، ولم يعد من الممكن لهذا العنف ان يُحتمل او يُقبل، او يٌعذر، او يُتجاهل".
وعند هذه النقطة يظهر التحليل الكمي للخطاب ان كاتب الخطاب لا سيما فيما يتعلق بمواجهة الارهاب للقضاء عليه، قد الزم نفسه وكذلك الطرف الاخر بهذا الامر، الامر الذي يعني ان مواجهة الارهاب امر غير خاضع للتفاوض لغايات ابرام العقد النهائي، ويتجلى ذلك بوضوح في استخدام لفظة (يجب) التي تكرر ذكرها (11) مرة في الفقرات التي نصت على هذا الامر كما ورد نصا في الفقرات رقم (14-17-27-50-52-53-55-58-60-61-65-72-74).
وفيما يتعلق بمقاربة السلام في المنطقة، فيفيد التحليل الكمي للخطاب ان مصطلح السلام قد تكرر بواقع (10) مرات خلال الخطاب، أي ان الرئيس استخدمه بواقع مرة كل دقيقتين. واذا ما اخذت المفردات الدالة على السلام والتي تكررت في الخطاب مثل الازدهار والصداقة والشراكة والتفاؤل والامل والتحالف والاتحاد والخير والاستقرار، التي تكررت بواقع (2، 2، 13، 1، 3، 5، 3، 4، 3، 5) مرة حسب الترتيب اعلاه، يصبح عدد تكرارات مصطلح السلام والمفردات الدالة عليه ما مجموعه (51) مرة، أي ما نسبته 1,9% من مجموع كلمات الخطاب في نسخته العربية، الامر الذي يعني ان الرئيس استخدم مصطلح السلام او احد المفردات الدالة عليه بواقع (2,6) مرة كل دقيقة في خطابه.
كما ويفيد تحليل مضمون الخطاب ان الرئيس ترامب قد الزم نفسه من خلال تعهده في خطاب تنصيبه ببناء شراكات جديدة سعيا لتحقيق السلام، كما ورد نصا في الفقرة رقم (5) من فقرات الخطاب.
ويمكن القول هنا ان هذه الفقرة كانت مقدمة للفقرة رقم (6) التي تحدثت عن الرؤية الامريكية في مقاربتها للمنطقة التي تتمحور حول السلام والامن والازدهار، وللفقرة رقم (51) التي كان نصها "امريكا تسعى للسلام وليس للحرب".
وتأسيسا على تحليل مقاربة الرئيس للأمن، ذلك المصطلح الذي طغى على مصطلحات الخطاب، يمكن القول انه كان الاجدر بكاتب الخطاب ان يقدم الرؤية الامريكية للشراكة ضمن صيغة الامن والسلام والازدهار وليس كما قدمه نصا "السلام والامن والازدهار"، اذ اظهر تحليل الخطاب ان الامن بمعنى القضاء على الارهاب هو الممر الاجباري لتحقيق السلام والازدهار وليس العكس.
وعلى ضوء ذلك يتضح ان تعهد الرئيس ترامب الذي عبر عنه في الفقرة رقم (5) اعلاه يعود على بناء الشراكة التي تضمن القضاء على الارهاب، الامر الذي ربما يحقق السلام.
ويؤكد نص الفقرة رقم (20) الاستنتاج اعلاه، اذ كان نصها " وبمساعدة الله، ستشكل هذه القمة بداية النهاية لأولئك الذين يمارسون الإرهاب وينشرون عقيدته الخبيثة. وفي الوقت نفسه، ندعو أن يُذكر هذا التجمع الخاص يوماً ما باعتباره بداية السلام في الشرق الأوسط - وربما حتى في جميع أنحاء العالم".
وكذلك الامر في نص الفقرة رقم (42) والتي كان نصها "لقد انتشر الإرهاب في جميع أنحاء العالم، ولكن الطريق إلى السلام يبدأ هنا، في هذه الأرض العتيقة، في هذه الأرض المقدسة".
وتفيد النصوص اعلاه ان كاتب الخطاب لم يستخدم البتة في مقاربته للسلام في المنطقة مفردة (يجب)، او أي من المفردات الدالة على اظهار وتأكيد الالتزام بتحقيق السلام، كما فعل في مقاربته للإرهاب وسبل القضاء عليه، واستخدم بدلا منها مفردات دالة على الدعاء والابتهال لله لتحقيق السلام كما بدى واضحا في نص الفقرة رقم (20) المشار اليها اعلاه، وترك الامر برمته للمفاوضات اللاحقة لإبرام عقد الشراكة المشار اليه سابقا.
وكان الرئيس قد افرد فقرة خاصة للحديث عن السلام الفلسطيني الاسرائيلي، هي الفقرة رقم (66) من الخطاب والتي كان نصها "وبهذه الروح، في ختام زيارتي للرياض، سأسافر إلى القدس وبيت لحم، ثم إلى الفاتيكان، حيث سأزور العديد من أقدس الأماكن في الأديان الإبراهيمية الثلاثة. وإذا أمكن لهذه الديانات الثلاث أن تتعاون معاً، فإن السلام في هذا العالم سيكون ممكناً - بما في ذلك السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين- وسأجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس".
ويتضح من النص اعلاه ان السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين قد ورد ضمن صيغة الاشتراط والاحتمال وليس ضمن صيغة التأكيد والالتزام، فإذا امكن للديانات السماوية الثلاث "الاسلام والمسيحية واليهودية" ان تتعاون، فالسلام وقتها سيكون ممكنا، علاوة على انه سيكون جزء من السلام العالمي وليس العكس.
كما ويظهر التحليل اعلاه انه لم يتم التطرق نهائيا الى حق الفلسطينيين في التحرر من الاحتلال الاسرائيلي، والاستقلال واقامة دولتهم المستقلة على حدود العام 1967 ضمن حل الدولتين، في الوقت الذي جرى فيه التطرق مباشرة الى دولة اسرائيل في سياق التعهد بالقضاء على الارهاب لا سيما الصادر عن النظام الايراني، وحقها في المنطقة كما بدى واضحا في نص الفقرة رقم (70) والتي كان نصها " إنها حكومة تتحدث صراحة عن القتل الجماعي، وتتعهد بتدمير إسرائيل والموت لأمريكا، والخراب لكثير من القادة والأمم في هذه القاعة".
وتأسيسا على ما تقدم تبدو محددات الرئيس ترامب لكل من النظام الدولي والسلام في الشرق الاوسط لا سيما على الصعيد الفلسطيني الاسرائيلي على النحو التالي:
اولا: على صعيد النظام الدولي، يبدو ان الرئيس قد اعتمد مقاربة التحالفات الاستراتيجية الاقليمية، فهناك تحالف الناتو على الصعيد الاوروبي، الذي مهمته احتواء الطموح الروسي، ثم تحالف الشرق الاوسط الاستراتيجي الذي ستكون مهمته القضاء على الارهاب في المنطقة واحتواء ايران وطموحها، واخيرا تؤكد هذه المقالة انه سيكون هناك تحالف ثالث هو التحالف الاستراتيجي الاسيوي الذي ستكون مهمته احتواء الطموح الصيني.
ثانيا: على صعيد السلام الفلسطيني الاسرائيلي
ويمكن على هذا الصعيد تعداد المحددات الامريكية لإنجاز سلام فلسطيني اسرائيلي على النحو التالي:
1- وجوب انجاز شراكة امريكية شرق اوسطية ضمن صيغة تحالف الشرق الاوسط الاستراتيجي، تكون الرياض مقر قيادته.
2- وجوب القضاء على الارهاب الذي مصدره ايران وداعش وحزب الله والقاعدة وحماس وطالبان وفق المقاربات التي حددها الخطاب.
3- وجوب المشاركة الفلسطينية الفاعلة في برنامج القضاء على الارهاب وفق البنود 1و2 اعلاه.
4- الدفع نحو تعاون الاديان الثلاثة الاسلام والمسيحية واليهودية لإمكانية تحقيق السلام في العالم بما في ذلك السلام الفلسطيني الاسرائيلي.
بعد تجربة العام 1948
ثانيا: محددات معالجة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي التي تضمنها اعلان الرياض
من حيث الشكل كان الاعلان بمثابة البيان الختامي للقمة العربية الاسلامية الامريكية التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض يوم الاحد الموافق 21/5/2017.
وتكون من مقدمة وخمسة فقرات رئيسية، شملت كل فقرة عدة بنود، وتضمنت النقاط والبنود ما مجموعه 1009 كلمة.
ومن حيث المضمون يعتبر البيان بمثابة المستند المكتوب الذي عبرت من خلاله الاطراف المجتمعة في القمة عن ما جرى الاتفاق عليه فيما بينهم، كرد على رغبة الرئيس الامريكي ترامب في ابرام عقد شراكة ما بين بلاده والبلاد التي حضرت القمة.
وبلغة الايجاب والقبول التي تسبق التعاقد وتعتبر من اهم مراحل ابرامه، يعتبر البيان بمثابة قبولاً أتي على شكل مستند مكتوب، من الاطراف العربية والاسلامية المجتمعة، لإيجاب الرئيس ترامب الذي قدمه في بداية اعمال القمة على هيئة خطاب مكتوب، والذي قدم فيه عرضه المفصل للشراكة التي ينوي ابرامها ما بين الولايات المتحدة الامريكية والدول العربية والاسلامية التي حضرت القمة واستمعت للعرض اي للإيجاب.
وكان الرئيس ترامب قد قدم ايجابه او عرضه كممثل عن الشعب الامريكي من خلال خطابه المكتوب الذي القاه امام القمة، لغايات ابرام عقد شراكة ما بين بلاده والدول العربية والاسلامية التي حضرت القمة، وقد كان هذا العرض مفصلاً، اذ تضمن رؤية تقوم على تحقيق الامن والسلام والازدهار، وتعهداً والتزاماً من طرفه وبالتالي من كل اطراف العقد بالقضاء على الارهاب والتطرف في المنطقة، فضلاً عن تضمنه تحديداً مفصلاً للأهداف الارهابية من دول ومنظمات وسبل القضاء عليها، الامر الذي اعتبر شرطا واجب التحقق، لإنجاز السلام والازدهار في المنطقة والعالم.
ومقابل ذلك جاء قبول قادة الدول العربية والاسلامية واضحا على هذا الايجاب كما بدى في نص الفقرة الاولى من البيان، والتي وردت على هيئة مقدمة للفقرة الاولى التي حملت عنوان " الشراكة الوثيقة بين قادة الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة التطرف والإرهاب".
وكان نص الفقرة اعلاه "أعلنت القمة عن بناء شراكة وثيقة بين قادة الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة التطرف والإرهاب وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية إقليمياً ودولياً، واتفق القادة على سبل تعزيز التعاون والتدابير التي يمكن اتخاذها لتوطيد العلاقات والعمل المشترك وتعهدوا بمواصلة التنسيق الوثيق بين الدول العربية والإسلامية مع الولايات المتحدة الأمريكية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك لتعزيز الشراكة بينهم وتبادل الخبرات في المجالات التنموية، كما رحبت الولايات المتحدة الأمريكية برغبة الدول العربية والإسلامية في تعزيز سبل التعاون لتوحيد الرؤى والمواقف حيال المسائل المختلفة وعلى رأسها مضاعفة الجهود المشتركة لمكافحة التطرف والإرهاب".
وتفيد قراءة النص اعلاه ان الشراكة ما بين الطرفين قد تمت فعلا بمجرد تلاقي الايجاب والقبول والاعلان عنهما، الامر الذي تجلى في لفظة "اعلنت القمة" في بداية النص، علاوة على ان النص يفيد الاتفاق على الرؤية التي ستقوم عليها هذه الشراكة وهي هنا "الامن والسلام والاستقرار والتنمية"، ويظهر من هذا النص ان الرؤية قد تضمنت عنصرين من العناصر التي تضمنتها رؤية الرئيس ترامب لا سيما فيما يتعلق بالأمن والسلام، اما فيما يتعلق بالازدهار كما ورد نصا في رؤية الرئيس ترامب، فقد قامت رؤية القادة العرب والمسلمين على الاستقرار والتنمية.
ومن حيث محددات معالجة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي فقد قدمها الرئيس ترامب في عرضه للشراكة ضمن مقاربة تحقيق السلام في المنطقة والعالم المشروط بتحقيق الامن الذي تمثل بالقضاء على الارهاب اولا، ويظهر من النص اعلاه ان قبول القادة العرب والمسلمين للأمن لم يختلف مع مقاربة الرئيس ترامب التي اشترطت تحقق السلام بتحقيق الامن، وبدى الاختلاف ما بين الرؤيتين في مقاربتهم للإرهاب، ففيما اشترط الرئيس القضاء عليه، قاربه القادة العرب من خلال مكافحته ومحاربته ومواجهته وليس القضاء عليه.
وفي هذا السياق ترى هذه المقالة ان استخدام مفهوم مواجهة الارهاب المتضمن في البيان الختامي للقمة، كان اكثر دقة وواقعية من مفهوم القضاء عليه المتضمن في خطاب الرئيس، حيث اثبتت التجارب المتعددة في اكثر من مكان حول العالم استحالة القضاء على الاعمال الارهابية التي تحركها قناعات ايدلوجية، اذ اثبتت هذه التجارب انه سرعان ما ينبث تنظيم جديد مكان التنظيم القديم الذي جرى هزيمته، وبدى وكأنه تم القضاء عليه.
أما من حيث سيطرة مفهوم الامن والمفاهيم المفسرة له والدالة عليه، على تفكير كاتب او كاتبي البيان، الامر الذي تجسد في كثافة استخدام المفهوم، فقد أظهر التحليل الكمي لمضمون البيان ان مفاهيم الأمن والإرهاب والتطرف والعنف والمفردات الدالة عليهم، كانت المفاهيم التي طغت على تفكير معد او معدي البيان تماماً كما كان الحال في خطاب الرئيس.
إذ يفيد التحليل ان مفاهيم الامن والارهاب والتطرف والعنف، والمفردات الدالة عليهم، كانت المفاهيم والمفردات الاكثر استخداماً في البيان حيث تكررت بواقع (46) مرة، أي ما نسبته 4,6% من مجموع كلمات البيان. وتفيد النسبة اعلاه ان كثافة استخدام مفهوم الامن والارهاب والتطرف والمفردات الدالة عليه في البيان الختامي كانت اكثر بنسبة 200% من كثافة استخدامها في خطاب الرئيس، اذا ما أخذ عدد كلمات كل منهما بعين الاعتبار، الامر الذي يشير الى مدى ضعف الامن في الشرق الاوسط ومدى حاجة دوله لتعزيزه وتقويته من خلال مواجهة الارهاب ومحاربة اسباب انتشاره لا سيما الاسباب الفكرية.
وفيما يتعلق بمقاربة البيان الختامي للقمة للسلام في المنطقة لا سيما السلام على المسار الفلسطيني الاسرائيلي، فتجدر الاشارة الى ان الرئيس ترامب كان قد أفرد في عرضه فقرة خاصة مقتضبة عن السلام الفلسطيني الاسرائيلي كما ورد نصا في الفقرة رقم (66) من خطابه، فيما لم يتطرق بيان القمة الختامي مباشرة لهذا الموضوع في أي من فقراته وبنوده.
وذلك على الرغم من ان مفهوم السلام والمفردات الدالة عليه كان المفهوم الثاني الاكثر تكراراً في البيان، اذ تكرر مفهوم السلام والتسوية السياسية في البيان بواقع (5) مرات، اما المفردات الدالة على السلام مثل التسامح والمحبة والرحمة والتعايش والتنسيق والعمل المشترك والتعاون... الخ من هذه المفردات فقد تكررت بواقع (38) مرة، وبذلك يصبح عدد تكرارات مفهوم السلام والمفردات الدالة عليه ما مجموعه (43) تكراراً، أي ما نسبته 4,3% من مجموع عدد كلمات البيان.
وتشير النسبة اعلاه ان كثافة استخدام مفهوم السلام في البيان الختامي كانت اعلى بـ 200% من نسبة كثافة استخدامها في خطاب الرئيس ترامب، كما تشير في نفس الوقت الى تساوي نسبة كثافة مفهوم الامن ومدلولاته، مع نسبة كثافة مفهوم السلام ومدلولاته المتضمنة في البيان الختامي للقمة، الامر الذي يظهر ان منطقة الشرق الاوسط تحتاج للسلام بقدر احتياجها للأمن، وذلك على الرغم من تقديم مفهوم الامن على مفهوم السلام في رؤية القمة للشراكة.
كما ويظهر تحليل مضمون البيان ان مفهوم السلام قد ورد في البيان في اربعة مواقع، إذ ورد مرتين في الفقرة الاولى التي حملت عنوان "الشراكة الوثيقة بين قادة الدول العربية والاسلامية والولايات المتحدة الامريكية...}...{ ، مرة في مقدمة هذه الفقرة التي جرى فيها الاعلان عن الشراكة والرؤية التي تحكمها والتي لُخصت في جملة " شراكة وثيقة لمكافحة الارهاب وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم"، ومرة في البند رقم (
من نفس الفقرة، وذلك في سياق نصه على "شدد القادة على أهمية وضع خطط واضحة لرسم مستقبل الشباب وبناء قدراتهم، وتعزيز مواطنتهم، وتوفير الفرص لهم، وتذليل كل العوائق التي تحول دون مساهمتهم في التنمية، وتحقيق أمن وسلام دولهم، والعمل على رعايتهم وغرس القيم السامية في نفوسهم وحمايتهم من التطرف والإرهاب".
ويفيد نص البند اعلاه ان السلام قد ورد في هذا البند في سياق مساهمة شباب الدول العربية والاسلامية في تحقيق امن وسلامة دولهم وليس السلام في الشرق الاوسط لا سيما السلام الفلسطيني الاسرائيلي.
كما ورد ثلاثة مرات في الفقرة الثانية التي حملت عنوان "تعزيز التعايش والتسامح البناء بين مختلف الدول والأديان والثقافات".
إذ ورد مرتين في البند رقم (1) من هذه الفقرة الذي كان نصه " أكد المجتمعون على أهمية توسيع مجالات الحوار الثقافي الهادف والجاد الذي يوضح سماحة الدين الإسلامي ووسطيته ونبذه لكل أشكال العنف والتطرف وقدرته على التعايش السلمي مع الآخرين، وبناء تحالف حضاري قائم على السلام والوئام والمحبة والاحترام".
وفي المرتين كما هو واضح في النص اعلاه ورد في سياق تأكيد قادة الدول العربية والاسلامية الذين اجتمعوا في قمة الرياض على اعادة انتاج معنى الاسلام، وتقديمه على انه دين السماحة والوسطية ونبذ العنف والتطرف وقدرته على التعايش السلمي مع الآخرين وبناء تحالف حضاري قائم على السلام والوئام والمحبة والاحترام.
كما ورد مرة واحدة في الفقرة رقم (2) من ذات الفقرة، اذ نص هذا البند على "شدد القادة على أهمية تجديد الخطابات الفكرية وترشيدها لتكون متوافقة مع منهج الإٍسلام الوسطي المعتدل الذي يدعو إلى التسامح والمحبة والرحمة والسلام، مؤكدين أن المفاهيم المغلوطة عن الإسلام يجب التصدي لها وتوضيحها، والعمل على نشر مفاهيم الإٍسلام السليمة الخالية من أي شائبة".
ويظهر من نص البند اعلاه انه اعادة تأكيد على ما ورد في البند السابق ولكن باستخدام لفظ التشديد من قبل القادة على اهمية تجديد واعادة انتاج الخطاب الديني الذي يظهر الدين الصحيح الذي يدعو للمحبة والرحمة والتسامح.
كما ويفيد النص انه قد جرى استخدام مفردات دالة على السلام مثل المحبة والسلام، علاوة على اعتراف النص مباشرة ان مفاهيم الدين السليمة قد جرى انتاجها محشوة بالشوائب التي بدورها انتجت الارهاب الذي بات علامة مميزة للمنطقة العربية والاسلامية.
ويفهم من النصوص اعلاه ان المحور الفكري يمثل احد اهم ركائز استراتيجية مواجهة ومحاربة الارهاب، الامر الذي استدعى القادة العرب والمسلمين الى استخدام الفاظ مثل "التأكيد والتشديد" على ضرورة تبني خطط واستراتيجيات تضمن اعادة انتاج فهم الدين على اسس مثل الوسطية والسماحة والاعتدال وليس القتل والدماء كما تصورها وتجسدها المنظمات الارهابية.
وفي اطار البحث عن مزيد من الاشارات الدالة على السلام في المنطقة والمتعلقة بمعالجة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي التي تضمنها البيان الختامي للقمة، توقفت هذه المقالة طويلاً اما البند رقم (2) من الفقرة الاولي التي حملت عنوان "الشراكة الوثيقة...}...{ ، المشار اليها سابقاً.
اذ كان نص البند اعلاه "ثمن القادة الخطوة الرائدة بإعلان النوايا بتأسيس "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في "مدينة الرياض"، الذي ستشارك فيه العديد من الدول للإسهام في تحقيق السلم والأمن في المنطقة والعالم، وسوف يتم استكمال التأسيس وإعلان انضمام الدول المشاركة خلال عام 2018".
ويفيد النص اعلاه ان العام 2018، سيشهد نشأة شخصية قانونية جديدة في الشرق الاوسط اسمها "تحالف الشرق الاوسط الاستراتيجي"، وسيكون مقر هذه الشخصية القانونية مدينة الرياض، وسيشارك في هذا التحالف العديد من الدول التي ستساهم في تحقيق السلم والامن في المنطقة والعالم.
ويظهر من النص اعلاه انه قد جرى اختيار كلماته وصياغة عباراته بعناية فائقة، فلم يجري قصداً تحديد هوية هذا التحالف القومية او الدينية، فضلا عن عدم تحديد هوية الدول التي ستنضم اليه، وعلى الرغم من ذلك فقد تضمن النص عدة شروط لكسب العضوية في هذا التحالف، ومن هذه الشروط: مصادقة الدول على عقد التأسيس الذي كشف النص انه الان في طور الاستكمال، ثم اعلان الدول رغبتها في الانضمام للتحالف، والشرط الاخير المتضمن في النص هو مساهمة انضمام الدول في تحقيق السلم والامن في المنطقة والعالم.
وتفهم هذه المقالة من النص اعلاه انه قد فتح الابواب على مصراعيها لانضمام دولة اسرائيل لهذا التحالف، لا سيما وانه يصب مباشرة في مصلحة اسرائيل الاستراتيجية في اطار بحثها عن الامن في مرحلة بدء تنفيذ الولايات المتحدة الامريكية لاستراتيجيتها الجديدة القائمة على خروج امريكا من المنطقة بعد ضمان امنها وتوازناتها الاستراتيجية، هذا الامن الذي يبدو انه يعتمد اكثر على جيران اسرائيل العرب اكثر من اعتماده على الولايات المتحدة الامريكية.
علاوة على ان هذا التحالف يتفق تماما مع اهم محاور معادلة الامن القومي الاسرائيلي التي ضمنت وجودها منذ نشأتها في العام 1948، والقائم على ضمان عدم قيام وحدة عربية استراتيجية معادية لها في المنطقة.
فضلاً عن ان معظم شروط الانضمام لهذا التحالف الاستراتيجي في المنطقة المتضمنة في النص تنطبق عليها، بإستثناء الشرط الاخير المتعلق بالمساهمة في تحقيق السلم والامن في المنطقة والعالم، حيث لا زالت اسرائيل لا تسهم في تحقيق السلام والامن في المنطقة والعالم، باستمرارها احتلال فلسطين وشعبها ودرة تاجهما "القدس" التي يعتبر مسجدها اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وتأسيسا على ما تقدم فأي تحالف في المنطقة على النحو المنصوص عليه في بيان القمة الختامي "اعلان الرياض" لا يضمن تحرير فلسطين وشعبها ومسجدها الاقصى من خلال قيام دولة فلسطين المستقلة وفق مبدأ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات قمة عمان الاخيرة، يعتبر تراجعا استراتيجيا عن قرارات الاجماع العربي والاسلامي والدولي، الامور التي تضمن فشل تحالف الشرق الاوسط الاستراتيجي قبل الاعلان عن قيامه.
وعلى ضوء ما تقدم ترى هذه المقالة ان المحدد الاهم لمعالجة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المتضمن في بيان الرياض، يكمن في مكانة فلسطين في "تحالف الشرق الاوسط الاستراتيجي" فهل ستكون دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، ام ستبقى دولة غير كاملة العضوية كما هو حالها في الامم المتحدة؟
لذلك يمكن القول ان الفترة الزمنية الممتدة حتى نهاية العام 2018، ستكون فترة حاسمة في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، اذ انها ستكون شاهدة، اما على قيام دولة فلسطين المستقلة على حدود العام 1967، او على نجاح اسرائيل في حسم صنع وجودها غير المحسوم منذ العام 1948، على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية والاسلامية.
تحقيق الخيار الاول يفرض على الفلسطينيين واشقائهم العرب والمسلمين التوحد على استراتيجية الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، كما وردت نصا في مبادرة السلام العربية وقرارات قمة عمان الاخيرة اولا، وفهم ما يجري في المنطقة والعالم ثانيا، واخيرا الاستعداد لدفع اثمان افشال الرؤية الاسرائيلية في حسم صنع وجودها على حساب الحقوق الوطنية والقومية الفلسطينية والعربية .
وفي النهاية لا يخرج كل ما تقدم عن اطار التحليل الذي قد يصيب وقد يخطأ.