قال يوماً : ما زلت صغيراً وأجد الدنيا تطيب لها نفسي .
فقال الحكيم : ذلك لأن الدنيا لا تراك لقلة شأنك في عينها .
ثم قال يوماً : أحلامي جميلة ولا أري العيب في دنيا تشتكي منها الناس .
فقال الحكيم : الذي يشتكي لا يشتكي بغير عـلة .
ثم قال يوماً : كنت أقطف الأزهار فإذا بالأشواك تمنعني بطعنها .
فقال الحكيم : الآن بدأت الدنيا تداعبك برفق .
ثم قال يوماً : تشاجرت اليوم مع أنثى وتمنيت أن لا أراها .
فقال الحكيم : وسوف يأتي يوم تتمنى أن تراها .
ثم قال يوماً : ضحكت اليوم كثيراً لأنني معجب بنفسي .
فقال الحكيم : ضحكت كثيراً لأنك سوف تبكي كثيراً .
ثم قال يوماً : لما هناك أنثي وهناك ذكر .
فقال الحكيم : الآن بدأت تسأل عن أمر لأن الجسد بدأ يسألك عن أمر .
ثم قال يوماً : طموحي أن أكون وأن أكون وأن أكون .
فقال الحكيم : لقد أقبلت الدنيا عليك بأثقالها وبدأت تلعب معك لعبتها الخطيـرة .
ثم قال يوماً : كم تمنيت أن امتلك وأمتلك في هذه الدنيا .
فقال الحكيم : وغيرك كم وكم من أمتلك وبني ثم مضـى .
ثم قال يوماً : بدأت نفسي تطالبني بأمور ما كنت أظنها .
فقال الحكيم : وذاك نداء الفطرة .. فيا لها من محـنة .
ثم قال يوماً : لماذا أرى الدنيا تناكفني ولا أراها تطاوعني .
فقال الحكيم : هي كذلك ما كانت خالصة مخلصة لأحد لتكون لك .
ثم قال يوماً : قناعتي أخيراً بأنني لا أحب الدنيـا .
فقال الحكيم : يا ليتك تصدق في قولك وتكن فيها زاهـداً .
ثم قال يوماً : بلغت من العمر عتيا وكم مللت من حياتي .
فقال الحكيم : الآن بدأت تشتكي كما كانت للناس شكوى .