منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ليل آذار الطويل-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:14 pm

ليل آذار الطويل-1: جريمة "البعث" التي غيرت وجه سورية.. كيف بدأت؟!

أورينت نت - محمد فاروق الإمام
ليل آذار الطويل- 650_433_0142519262985519من بين أشرس الحروب التي شنها نظام الأسد، كانت الحرب التي استهدفت ذاكرة السوريين، وتاريخهم المعاصر، وما جرى في وقائع أيامهم، بما فيه التاريخ الحقيقي لانقلاب حزب البعث في الثامن من آذار عام 1963، الذي أوصل كل الطائفيين إلى السلطة، ليفوز الأسد بالحكم منفرداً بعد أن غدر بكل رفاق دربه بما فيهم أستاذه الطائفي اللواء (صلاح جديد)! 
في هذه السلسلة وعلى مدى حلقات تواكب مرور أكثر من نصف قرن على انقلاب حزب البعث الأسود، الذي غير وجه سورية، تقدم (أورينت نت) لقرائها، وللجيل الجديد من الشباب الذي قام بالثورة، رواية تاريخية بالتفاصيل الدقيقة عن ليل آذار الطويل! 

(أورنت نت) 

بعد أيام يطل علينا الثامن من آذار بكل ذكرياته الأليمة السوداوية التي لم تتوقف منذ فجر ذلك اليوم البئيس من عام 1963، الذي أطبق فيه حفنة من ضباط حزب البعث على مبنى الإذاعة والتلفزيون، قادمين على ظهر دبابة أدارت ظهرها للعدو الصهيوني ليعلنوا انقلابهم على الدولة المدنية وحكومتها المنتخبة بأرقى أساليب الديمقراطية، وَيُرجعوا عقارب الساعة في سورية المدنية والحضارة إلى عهود الظلام والديكتاتورية والتخلف، تحت شعار (القومية والتقدمية والحرية والاشتراكية والوحدة)، ويدخلوا سورية في دياجير الظلمة والفساد والطائفية والهزائم والانكسارات التي توالت إلى يومنا هذا، حيث يقوم آخر هؤلاء البغاة بقتل الشعب السوري بدم بارد، ويذبحه من الوريد إلى الوريد، ويرتكب من المجازر ما لم يرتكبه غيره عبر التاريخ!

من يعفو ومن يصفح؟! 
بداية نستشهد بما قاله السيد أحمد أبو صالح أحد أهم قيادات حزب البعث ممن تسلموا أرفع المناصب السياسية والحزبية بعد انقلاب الثامن من آذار 1963 (عضو القيادة القومية وعضو القيادة القطرية وعضو المجلس الوطني وحمل عدد من الحقائب الوزارية ورشحه الأسد الأب ليكون رئيساً للجمهورية).
ففي آخر حلقة من برنامج (شاهد على العصر) الذي يعده ويقدمه الإعلامي أحمد منصور على شاشة قناة (الجزيرة) الفضائية أجراه مع السيد أحمد أبو صالح وبثت الحلقة الأولى منه يوم: 20/7/2003، كان آخر سؤال له: "تقييمك ايه الآن في نهاية هذه الشهادة؟" يقول أبو صالح:
" في الحقيقة أرجو أن يتاح لي من العمر ما يكفي للتكفير عن الأخطاء التي ارتقت لمستوى خطيئات ارتكبتها بحياتي، لأن أثرها السلبي لم ينعكس علي فقط وإنما انعكس على الشعب المنكوب في سورية الذي أنا، بكل صدق، أطلب منه العفو والغفران على ما بدر مني ".

قوة حزب البعث داخل الجيش
لابد لنا قبل الحديث عن نجاح حزب البعث بالاستيلاء على السلطة في سورية أن نتعرف على الوضع العسكري الذي يتمتع به هذا الحزب داخل الجيش السوري. 
لم يكن لحزب البعث حتى عام 1958م أي جهاز تنظيمي حزبي داخل الجيش. صحيح أن هناك عدداً كبيراً من الضباط البعثيين أو من الضباط المتعاطفين معهم، ينتهجون نهجه، ويؤيدونه في نشاطه وتحركاته السياسية على صعيد الحكم والدولة، ولكنهم لا يقومون بذلك من خلال إطار تنظيمي بالمعنى الحقيقي، مرتبط مباشرة بقيادة الحزب. 
وفي هذا السياق لابد أن نذكر حقيقة، وهي أن الضباط البعثيين وحلفاءهم لعبوا دوراً رئيسياً من الجانب السوري في فرض اتفاق الوحدة السورية-المصرية عام 1958م من خلف الدولة والحكومة الشرعية في دمشق، في الشكل الذي تمت فيه.

البعثيون وعبد الناصر: غرام وانتقام! 
بكثير من السذاجة كان الضباط البعثيون يعتقدون بأنهم سيكونون شركاء لعبد الناصر في حكم الجمهورية الوليدة، وسيكون من حصتهم إدارة الإقليم السوري الذي لم يتمكنوا من حكمه من خلال صناديق الاقتراع. ولكن هؤلاء الذين اندفعوا بعواطفهم لم يكونوا ليدركوا آنذاك أن لعبد الناصر مفهومه الخاص للحكم وللدولة.. فهناك فارق كبير بين خطاباته الملتهبة وسياسته الواقعية الحذرة في الميادين المختلفة.. إضافة إلى عدم ثقته بأي حزب سياسي داخل الجمهورية العربية المتحدة، وبين صفوف الجيش على التحديد، حتى ولو كان هذا الحزب يعلن ولاءه وانتسابه إليه وحل نفسه كحزب البعث السوري مثلاً. 
بعد قيام الوحدة السورية-المصرية بوقت قليل، أُبعد جميع الضباط المتسيّسين، ومن جملتهم البعثيين، عن الجيش السوري مجموعة بعد أخرى. 
لقد كانت خيبة آمال الضباط البعثيين تحمل في طياتها مرارة عميقة، ويتملكهم شعور بالأسى والحزن من عبد الناصر، الذي استخف بهم بل وخانهم (على حد قول بعضهم).

اللجنة العسكرية: ذراع البعث الانقلابي! 
من القاهرة حيث منفاهم، أخذ الضباط البعثيون يديرون بأنظارهم نحو دمشق. وبالفعل، أنشأوا في القاهرة عام 1959م ما سمي (باللجنة العسكرية). وكانت في البداية تتكون من خمسة ضباط ثلاثة منهم نصيريون – علويون - (محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد) واثنان إسماعيليان (عبد الكريم الجندي وأحمد المير)، ثم وسعت اللجنة وصار عدد أعضائها خمسة عشر عضواً كانوا كالتالي:
(5 نصيريون و2 من الإسماعيلية و2 من الدروز سليم حاطوم وحمد عبيد، وستة من السنة منهم موسى الزعبي، ومصطفى الحاج علي، وأحمد سويداني، وأمين الحافظ، ومحمد رباح الطويل). وأحيط هذا التنظيم بالسرية المطلقة في فترة زمنية طويلة، رافضين ثلاثة أشياء رفضاً قاطعاً أساسها: لا للناصرية كمفهوم سياسي للحكم، لا لصيغة الوحدة السورية-المصرية ومضمونها، وأخيراً لا لقيادة الحزب القومية. وتوسعت نواة اللجنة العسكرية بعد الانفصال وثبّتت مواقعها. وبقي التنظيم البعثي الجديد والأول داخل الجيش مستقلاً استقلالاً كلياً بالنسبة إلى التكتلات البعثية المتصارعة. 
بعد إخفاق اللجنة العسكرية البعثية في الحركة الانقلابية التي شاركوا فيها في آذار 1962م، أبعد معظم الضباط البعثيين عن الجيش أو ألقي القبض على بعضهم. وحسب تأكيدات مصادر مختلفة: لم يبق في الجيش منهم سوى عدد قليل جداً، وفي مقدمتهم: (سليم حاطوم وصلاح جديد وسليمان حداد)، مع عدد من الضباط أقل شأناً ومن صف الضباط.

التنظيمات العسكرية المنافسة للبعث داخل الجيش!
يؤلف الناصريون على الصعيد العسكري اتجاهاً عريضاً يضم بين جنباته عدداً كبيراً من الضباط بالنظر إلى التكتلات الأخرى. إضافة إلى مجموعات الضباط المستقلين، وهي الأقوى من الناحية العددية. يضاف إليهم جماعة المقدم زياد الحريري قائد الجبهة.
وقعت في أوائل عام 1963م حادثتان في غاية الأهمية: محاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها (عبد الكريم النحلاوي) في 13 كانون الثاني. واستلام البعث السلطة في العراق في 8 شباط، والذي كان دعماً سياسياً ومعنوياً للضباط البعثيين السوريين.

الشركاء المتربصون ببعضهم!
في منتصف شهر شباط تقريباً، وضع منظمو الحركة الانقلابية لمساتهم الأخيرة على خطتهم الانقلابية، وقبل (48) ساعة من بدء عملية التنفيذ حصل تعديل في قيادة الأركان العامة للجيش، وعين بعض الضباط الناصريين في مراكز مهمة، وهذا التحول الجديد الذي لم يكن يتوقعه الناصريون، دفع إلى تراجعهما وإقناع حلفائهما من البعثيين بالرجوع كذلك عن قرارهم والتخلي عن مشروعهم الانقلابي. 
في منتصف شهر شباط تقريباً، وضع رجال اللجنة العسكرية لمساتهم الأخيرة على خطتهم الانقلابية. وقبل 48 ساعة من بدء عملية التنفيذ، سمي صلاح الدين البيطار رئيس حكومة (أتحاد وطني) وتحددت ساعة الصفر يوم 8 آذار 1963م لانطلاق التحرك العسكري.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: رد: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:15 pm

ليل آذار الطويل-2: هكذا أدمى صراع البعثيين والناصريين شوارع دمشق!

أورينت نت- محمد فاروق الإمام
حتى ساعة قيام الانقلاب ونجاحه لم تكن القيادة القومية ولا كل الاتجاهات الأخرى داخل حزب البعث تعلم أي شيء عن تحرك ضباط اللجنة العسكرية يوم 8 آذار. 

خريف شهر العسل بين البـعث والناصـرية
منذ الساعات الأولى لنجاح حركة البعث في دمشق، أعلنت القاهرة تأييدها لهذه الحركة التي أنهت حكم الانفصال في سورية.. ولكن حكام مصر كان يقلقهم من غير شك أن يروا حزب البعث.. وهو الحزب الذي حاربته القاهرة بجميع الوسائل في السابق، يمسك بزمام الأمور ويتربع على سدة الحكم في دمشق. وعلى أية حال فقد تشكلت حكومة البيطار الأولى في العهد الجديد.. من كل القوى القومية الوحدوية التي قادت المعارضة ضد ما أسمته "النظام الانفصالي الرجعي". 

يمكننا أن نلاحظ بوضوح، أن المؤسسين والمحركين الأساسيين للجنة العسكرية هم (محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد) لم يحتلوا بادئ الأمر واجهة المسرح السياسي. بل استمروا في متابعة لعبتهم من وراء الكواليس، وسعوا تدريجياً لتثبيت مواقعهم داخل القوة الحقيقية الوحيدة في البلاد (الجيش).

في هذه الظروف الداخلية والعربية.. وجدت حركة البعث نفسها في مواجهة صريحة مع النظام الناصري؛ وفي معركة مفتوحة كان مسرحها دمشق. 

وهكذا ارتفعت صور الرئيس عبد الناصر ورفرفت أعلام الجمهورية العربية المتحدة في جميع أنحاء البلاد. وعمّت المظاهرات الشعبية والعمالية والطلابية؛ التي كان يقودها القوميون العرب والوحدويون الاشتراكيون العاصمة دمشق وكبرى المدن السورية حلب.. وهي تهتف هتافات واحدة (وحدة، وحدة، عبد الناصر). وبصريح العبارة فقد بات الشارع تسيطر عليه (القوى الناصرية). 

لقد كان الصراع بين البعثيين والناصريين منذ بداية الانقلاب هو صراع على السلطة. فقد اعتمد الناصريون على عواطف الناس فيما أخذ البعثيون بصمت في تقوية موقعهم ووجودهم في الوحدات العسكرية.

وبالفعل فإننا نجد أن الضباط الناصريين الذين كانوا يحتلون المراكز القيادية في الجيش.. قد سحب البعثيون البساط من تحتهم وتركوهم أشبه ما يكونون بالممثلين.. الذين يقومون بأدوار عسكرية في فلم حربي.. أي كانوا يحملون الرتب الفخرية.

المحــادثات الثلاثيـة وحوار الطرشان
بعد نجاح حركة 8 آذار 1963م بستة أيام.. أي في 14 آذار.. جرت المحادثات في القاهرة بين مصر وسورية.. ثم انضمت العراق إليهما.. من أجل وضع الأسس لوحدة اتحادية تضم القاهرة وبغداد ودمشق. 

غير أن هذه المناقشات قد أظهرت بصورة واضحة النوايا الخفية لكل فريق.. وكذلك السرعة الفائقة التي طرحت معها وعولجت بها القضايا الأساسية، وأفضى الحوار إلى ما يشبه حوار الطرشان.

وفي نهاية الحوار توصل الأطراف الثلاثة إلى توقيع ما سمي بـ (ميثاق القاهرة) يوم 17 نيسان.

في أثناء المحادثات الثلاثية وقبل توقيع (ميثاق 17 نيسان).. وقعت صدامات في سورية بين المتظاهرين الناصريين من جهة، وبين رجال الشرطة والجيش من جهة أخرى. وفي أوائل نيسان صدر أمر عسكري بمنع التجول في جميع أنحاء البلاد.. ومنع التجمعات وحمل السلاح تحت طائلة العقوبات الشديدة.. وقد أحدث منصب جديد وهو نائب الحاكم العرفي.. وعهد به إلى وزير الداخلية (اللواء أمين الحافظ).. يخوله ممارسة كافة السلطات الواردة في نصوص الأحكام حول حالة الطوارئ. وأول عمل قام به هو إغلاق المدارس والجامعات حيث تتمركز التنظيمات الناصرية.

18 تموز 1963 والمذبحة المبيتة
بينما كانت تجري المحادثات في القاهرة بين عبد الناصر والوفد السوري. كان الناصريون - مدنيون وعسكريون - يعدون العدة للانقضاض على البعثيين مستهدفين حصنهم الحصين: الجيش.
وكانت سلطات البعث على علم بكل تفاصيل خطط وتحركات الناصريين. (استطاع البعثيون اختراق الناصريين من خلال زرع أحد عناصرهم المقدم محمد نبهان - أحد منظري التحركات الناصرية - ليكون عينهم بين صفوف الناصريين، وكان يقدم المعلومات كاملة وتفصيلية عن خطط وتحركات الناصريين إلى أعضاء اللجنة العسكرية. مما أفشل كل تحركاتهم).

وفي 18 تموز في وضح النهار.. وفي الساعة الحادية عشرة صباحاً.. احتل ما يقرب من ألفين من المسلحين مواقعهم.. في الحدائق العامة المحيطة بمبنى القيادة العامة للأركان.. يقودها من العسكريين كل من: (اللواء راشد القطيني نائب رئيس الأركان السابق، والعقيد جاسم علوان - زعيم الحركة - واللواء محمد الجراح رئيس قوى الأمن الداخلي في عهد الوحدة، والمقدم أدهم مصطفى نائب عبد الحميد السراج رئيس الشعبة الثانية، والعقيد مروان السباعي رئيس الشعبة الثانية بعد السراج، والمقدم رائف المعرّي) ومن المدنيين: (جهاد ضاحي أحد قادة حركة القوميين العرب وزير المواصلات السابق، وعبد الصمد فتيّح أحد مسؤولي الجبهة العربية المتحدة ونائب رئيس المجلس السابق، وعبد الوهاب حومد أحد قادة الجبهة العربية المتحدة ووزير المالية السابق، ويوسف مزاحم أحد الوزراء السابقين في الجمهورية العربية المتحدة). وهاجموا الأركان من جبهتين في نفس الوقت، وكذلك مبنى الإذاعة، وحرس أركان القوات المسلحة. على أن ردّة فعل السلطات البعثية - العالمة مسبقاً بهذا التحرك الناصري - كانت أكثر عنفاً.. وكانت معركة من أكثر المعارك دموية تعرفها دمشق. وكانت نتيجتها مئات من القتلى وإعداماً فورياً لثمانية عسكريين واثني عشر مدنياً. واحتل الجيش - الذي بات بعثياً - النقاط الإستراتيجية في العاصمة. وأخذ (الحرس القومي) - ميليشيا حزب البعث - يطارد الناصريين في كل أرجاء البلاد السورية.

فقد توزع هذا الحرس على شكل حواجز ثابتة وطيارة في العاصمة دمشق، وكان في مقدمة المشرفين على هذه الحواجز اللواء (أمين الحافظ) وزير الداخلية والعديد من القيادات الحزبية المتقدمة، الذين كانوا يستفزون المواطنين ويتعاملون معهم بقسوة وفوقية وينظرون إلى الجميع كأنهم متهمون بالعمالة والخيانة ومتآمرون على الوطن، كما انتشرت فرق من هذا الحرس في كافة المدن السورية لملاحقة الناصريين ومؤيديهم.

بروفا أولى للقمع البعثي! 
وقد يتساءل البعض لماذا لم تقم السلطات البعثية في دمشق بإلقاء القبض على قادة الحركة.. طالما أنها تعرفهم بأسمائهم وتعرف خططهم قبل أن يقدموا على تنفيذ العملية؟ والجواب بسيط: لأن البعث يريد ان يرهب كل معارضيه.. كما كان يريد أن يقضي عسكرياً على تنظيمات الناصريين السرية وعلى عناصرهم الأكثر نشاطاً.. ويزيد بالتالي من شقة الخلاف وقطع الجسور نهائياً ما بين دمشق والقاهرة.

مهما يكن من أمر.. فإن هذه هي المرة الأولى التي تُقمع فيها حركة انقلابية في سورية بكثير من العنف وإسالة الدماء الغزيرة التي لا مبرر لها.. وهي المرة الأولى أيضاً منذ الاستقلال التي يدافع فيها نظام عن بقائه في الحكم بالسلاح وإسالة الدماء. وبذلك يكون البعثيون في سورية أول من استنّوا هذه السنة السيئة.. والتي تشبه إلى حد بعيد السنة التي استنها قابيل عندما قتل أخاه هابيل، وظل هذا ديدن النظام - الذي تحول من إيديولوجية بعثية إلى إيديولوجية طائفية - ديدنه العنف الدموي للمحافظة على كرسي الحكم؛ كالحالة التي نعيشها اليوم مع آخر مصاصي الدماء في هذا النظام السادي بشار الأسد.

وبكلمة صريحة ومختصرة.. ليس حزب البعث بقيادته القومية.. ولا قيادتيه القطريتين.. ولا حكومة البيطار.. ولا المجلس الوطني لقيادة الثورة.. ولا حتى اللجنة العسكرية من يحكم سورية!! إن الذي يحكم سورية هو الثلاثي (صلاح جديد، ومحمد عمران، وحافظ الأسد). فهم وحدهم من يسيطر على الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية بأيد أخطبوطية.. ويمسكون بكل مفاصل الجيش والقوات المسلحة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: رد: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:15 pm

ليل آذار الطويل-3 اللجنة العسكرية تغدر بالحريري وتبعد لؤي الأتاسي

أورينت نت - محمد فاروق الإمام
بعد نجاح حركة 8 آذار بوقت قليل، جرت الانتخابات الحزبية في سورية، وانتخب على أثرها قيادة قطرية للحزب، مرتبطة رسمياً بالقيادة القومية, ومع وقوع القطيعة بين حكم البعث في دمشق ونظام عبد الناصر، عادت ودخلت إلى الحزب أعداد كبيرة من أعضاء وكوادر التيار البعثي السابق لرياض المالكي أو حتى لأكرم الحوراني. ويوصف هؤلاء بالقطريين ويحملون لواء خط متطرف ومعادٍ لعبد الناصر.,, مقابل القيادة القومية التي كانت توصف باليمين! 

اللجنة العسكرية: تصفّي خصومها!
كان معظم أعضاء اللجنة العسكرية ليسوا مع القيادة القومية، ولا مع القيادة القطرية. وهذا يعني في الحقيقة بأنهم لم يكونوا لا من اليمين ولا من اليسار. وهم في الواقع ليسوا سوى عسكريين، وما يسعون إليه ويبحثون عنه هو السلطة، أولاً في الجيش ومن ثم في الدولة والحزب. فكل الوسائل جيدة لديهم إذا كانت توصل إلى الهدف. 
تكتيك اللجنة العسكرية التي كانت تضم بشكل أساسي الضباط العلويين الثلاثة: (صلاح جديد- محمد عمران- حافظ الأسد) كان يتلخص في إبعاد خصومهم وحلفاء الطريق مجموعة بعد أخرى، وعدم الدخول في معارك على جبهات متعددة في نفس الوقت. حتى يبقوا ويستمروا (سادة الموقف)!
وقد حددوا هدفهم منذ البداية بصورة واضحة: أبغض الناس إليهم والذي يجب إسقاطه، كان وسيبقى جمال عبد الناصر. وعليه فإن أعضاء اللجنة العسكرية في الحقيقة هم حجر عثرة في طريق كل تقارب بين البعث السوري وعبد الناصر. واعتبروا أن كل وحدة مع مصر الناصرية هي طعنة توجه لمبادئ الحزب الوحدوية.
منذ نجاح حركة 8 آذار وخلال خمسة أشهر، نجح البعثيون في تصفية وإبعاد خطر كل السياسيين، المدنيين والعسكريين الذين كانت توجه إليهم تهمة الانفصال.. ومن ثم الناصريين.. وأخيراً حلفاؤهم من الضباط المستقلين: لؤي الأتاسي وزياد الحريري.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن اللواء زياد الحريري رئيس الأركان العامة، حليف الأمس، جُرّد - بعد أن صار بالنسبة للبعث السوري مزعجاً - من جميع مسؤولياته وأبعد عن الحكم في شهر تموز 1964م في أثناء رحلته إلى الجزائر، أيضاً صفي أنصاره في الجيش. ثم صدر قرار لدى عودته بإبعاده سفيرا متجولا لسوريا في أوروبا على أن يكون مقره في باريس... وكتبت (الأسبوع العربي) عنه حينها: "زياد الحريري... الموجود المفقود في المتاهة الباريسية" في إشارة لتهميش دوره المُبّيت!

إبعاد لؤي الأتاسي! 
أما اللواء لؤي الأتاسي، فقد اعترض على تنفيذ أحكام الإعدام الكيفية وعمليات القمع الدموية الواسعة التي استهدفت الناصريين. وعليه فقد أقيل من منصبه كقائد للجيش وكرئيس للمجلس الوطني لقيادة الثورة. وحلَّ محلّه اللواء أمين الحافظ، الرجل القوي آنذاك - كما صوره أعضاء اللجنة العسكرية - ليلعب دوراً مرسوماً له بدقة وإتقان سواءً أعرف أم لم يعرف.
بعد حصول القطيعة بين البعث السوري وبين الناصريين، اتجه نظام البعث في سورية، في نهج اقتصادي-اجتماعي، أطلق عليه اسم (الاشتراكية). وأول المؤشرات لهذا الاتجاه هو نشر الإصلاح الزراعي في حزيران 1963م، والذي بموجبه حددت الملكية بين (15 و40) هكتاراً من الأراضي المروية وبين (80 و 100) من الأراضي غير المروية.
في أيلول 1963م تم توقيع اتفاقيات ثنائية اقتصادية وثقافية بين بعث العراق وبعث سورية. وبعد مضي شهر، في تشرين الأول، أعلن عن توحيد القوات العسكرية بين سورية والعراق. وأنشئ لهذا الغرض (مجلس الدفاع الأعلى) مركزه دمشق، وسمي اللواء صالح مهدي عماش وزير الدفاع في الحكومة العراقية، في منصب القائد الأعلى للجيش الموحد.

شعارات البعث المضللة التي انطلق منها! 
اعتبر المؤتمر القومي السادس أن الوحدة العربية نظرية أساسية في العالم العربي وواقع يحرك أعماق الجماهير العربية من الخليج إلى لمحيط. ولكن المهم الآن هو تحديد أسسها السياسية ومضمونها الاجتماعي.
أكد البيان العقائدي على أن بناء الوحدة بين بلاد تركت التجزئة السياسية رواسب إقليمية ومصالح ضيقة.. يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الفوارق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. على الأقل في الابتداء. وذلك حتى تستطيع فيما بعد أن تتغلب عليها تدريجياً. 
لابد في هذا السياق من أن نعود قليلاً إلى الوراء وان نشير تلميحاً إلى ما كانت تفهمه حركة البعث العربي.. منذ تأسيسها.. من اصطلاح (الحرية). في الحقيقة وواقع الأمر، كانت كلمة الحرية تأخذ دائماً في أدبيات البعث السياسية صفة (القداسة). 

الديمقراطية البرلمانية.. برجوازية!
لقد اعتقدت حركة البعث ومنذ تأسيسها أن النظام السياسي الذي يجسد مفهومها لهذه الحرية.. يكمن في تطبيق الديمقراطية البرلمانية على النمط الغربي. 
وفي عام 1950م.. عندما كانت المعركة على أشدها في سورية حول قضية الديمقراطية البرلمانية والحكم الفردي.. اتخذ الحزب موقفاً صلباً وقوياً ضد أية فكرة تنسب مسؤولية التأخير وسوء الأوضاع السياسية في العالم العربي إلى النظام الديمقراطي البرلماني. 
في الحقيقة، هذا الاتجاه العام والرسمي لحركة البعث، فيما يتعلق بتبني مفهوم الديمقراطية البرلمانية، قد خضع لبعض التحولات إثر وصول بعض الأحزاب أو العسكريين إلى قمة السلطة في بعض البلدان العربية والنامية فقد ابتدأ الحزب في توجيه الانتقادات للنظام الديمقراطي البرلماني وأخذ يميل إلى تأييد ما كان يسمى بـ(الديمقراطية الموجهة).
وقد حاول (التقرير العقائدي) الذي أقر في المؤتمر القومي السادس، أن يضع الخطوط العامة العريضة لمفهوم الديمقراطية المسمى بالشعبية، إذ يرى أن الديمقراطية البرلمانية على النمط البرجوازي والتي نقلتها الدول العربية عن الدول الغربية، بقيت ديمقراطية شكلية مقطوعة من جذورها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. 

الاشتراكية البعثية: شكل ثانٍ! 
لقد وجه التقرير العقائدي ولأول مرة رسمياً، ضربة قاسية لمفهوم (الاشتراكية العربية) للحزب. فبعد أن أشار إلى الجوانب الإيجابية لعمل حركة البعث السياسي، التي ربطت النضال القومي بالنضال الاشتراكي، يؤكد المؤتمر القومي السادس أن الحزب أطلق على الاشتراكية التي ينادي بها اسم (الاشتراكية العربية) في مواجهة سلبية للتحدي الشيوعي المحلي وفي محاولة لتأكيد القضية القومية.
ويعرّف التقرير العقائدي الاشتراكية بأنها (الملكية العامة لوسائل الإنتاج). وإنها نظام اجتماعي يخلق ظروفاً موضوعية، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، تحرر الإنسان من جميع أنواع الاستغلال والتسلط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: رد: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:15 pm

ليل آذار الطويل -4: كوهين "البعثي" والطامة الكبرى!

أورينت نت- محمد فاروق الإمام
إيلي كوهين عضواً في البعث! 
في الوقت الذي كان الصراع على أشدّه بين أطراف مراكز القوى داخل حزب البعث الذي استطاع التمكن من الحكم بعد أن أجهز على كل منافسيه وأعدائه.. سواءً على الصعيد المدني أم على الصعيد العسكري.. نقول في هذا الوقت بالذات استطاع (كوهين) الجاسوس الإسرائيلي أن يتسلل إلى عضوية حزب البعث الحاكم.. كما استطاع أن يقيم علاقات حميمية مع بعض أعضاء المجلس الوطني لقيادة الثورة مثل: (الرائد سليم حاطوم). كما تعرف إلى (اللواء أمين الحافظ) يوم كان ملحقاً عسكرياً في الأرجنتين قبل قيام انقلاب 8 آذار 1963م.

من هو (إيلي كوهين)؟
ولد (إيلي كوهين) في الحي اليهودي بالإسكندرية في 16 كانون الأول 1924م، وكان أبواه (شاؤول وصوف كوهين) قد هاجرا من مدينة حلب السورية إلى مصر. ونشأ إيلي متديناً حيث كان يمضي معظم أوقاته في الكنيس متعبداً.. وكان متفوقاً في مدرسته.. فظفر بمنحة دراسية مرموقة للتعليم في مدرسة (الليسية الفرنسية)، وفي وقت مبكر أصبح يجيد الفرنسية والعبرية بطلاقة. ودرس التلمود، وحفظ بعض النصوص عن ظهر قلب. وكان إيلي رياضياً قوي البنية. وأدت ميوله في البحث.. واهتمامه العميق باليهودية إلى إرساله أول الأمر إلى مدرسة (ميمون) في القاهرة ثم إلى مدارس (رامبام) لدراسة التلمود.. وكان يشرف عليها (موشي فنتورا كبير حاخامي الإسكندرية).
وبين العاشرة والعشرين من عمره.. تحول اهتمامه عن الموضوعات الدينية إلى الرياضيات والفيزياء. ولما دخلت مصر الحرب مع الحلفاء عام 1940م، اكتسب إيلي هواية جديدة ألا وهي الأسلحة.. وكان شغوفاً بوجه خاص بمختلف أنواع الطائرات.

بدأ العمل التجسسي في الاسكندرية
في عام 1950م هاجرت أسرة إيلي إلى فلسطين ورتب هو لها خطة السفر الكاملة. قدم جميع الوثائق اللازمة لها.. ورفض أن يرحل معها ليبقى في الإسكندرية ليقوم بأعمال التجسس ومعه جهاز الراديو الذي زودته به إسرائيل.. وكان يرسل إلى تل أبيب أية معلومات يتمكن من الحصول عليها. وكان ذلك أول أعمال إيلي التجسسية الرسمية التي كلف بها من قبل الموساد الإسرائيلي.
وفي تشرين الثاني اعتقل كوهين.. وكان متأكداً وهو في زنزانته أنه سيعدم. فقد انقضت سنوات وهو يتجسس، ولم يكن يشك في انكشاف حقيقة ما مارسه من نشاطات تجسسية.
واستطاع إيلي إقناع سجانيه بأنه صهيوني في معتقداته فقط، ولم يتمكن المحققون من العثور على أي دليل على ممارسته لأية نشاطات تجسسية. ولكنهم أخبروه بأنه سيطرد من مصر.
وفي 20 كانون الأول 1956م.. وجد إيلي كوهين نفسه على ظهر سفينة متجهة إلى (نابولي).. حيث نزل مع باقي اليهود المطرودين من مصر بانتظار السفن التي تقدمها لهم حكومة إسرائيل.
وأخيراً عاد كوهين إلى إسرائيل في 12 شباط عام 1957م. وتسلم إيلي الوثائق التي تشهد بأنه مواطن إسرائيلي. وعاد إلى أهله الذين فارقوه منذ أكثر من ست سنوات. وقضى إيلي عدة أشهر قبل أن يجد عملاً في أواخر عام 1957م في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وفي أوائل عام 1959م قابل إيلي امرأة يهودية من أصل عراقي تدعى (ناديا) في نادي الجنود بتل أبيب.. وقبل انقضاء أقل من أسبوعين تزوج كوهين من ناديا.

كوهين يلتحق بالموساد! 
بعد انقطاع كوهين عن العمل بفترة طُلب إليه الالتحاق بجهاز الموساد (جهاز المخابرات الإسرائيلي). وشرع إيلي في دراسة مكثفة استغرقت ستة أشهر في مختلف فنون مهنته الجديدة.. وبقي طيلة مدة تدريبه تلك.. ساكناً في شقة استأجرها الموساد له بتل أبيب بعيداً عن أسرته لتكون مركزاً للتدريب.. وهي ما تزال كذلك حتى يومنا هذا.. ولم يكن يسمح له بمغادرة الشقة بدون إذن.. وفي العادة لم يكن يخرج إلا ليسير في المساء بصحبة مدربه ضابط الموساد (إسحاق زلمان).
وقام إيلي طيلة فصلي الربيع والصيف من عام 1960م بدراسة جميع مناهج الموساد.. وقد علمه خبراء مجربون في فنون التخريب كيف يضع المتفجرات والقنابل الزمنية الموقوتة من أبسط مركباتها.. كما أُخذ إلى معسكرات الجيش ليرى كيف تستعمل أجهزة التفجير المختلفة.. في نسف الجسور والمنشآت. وقام خبراء في فنون المعاركة والمصارعة بتعليم إيلي كيف يناجز خصمه وهو أعزل.

كوهين يدرس الإسلام ويقرأ تاريخ سورية! 
عكف إيلي كوهين على دراسة الإسلام.. وحفظ آيات كثيرة من القرآن عن ظهر قلب.. كما تعلم ما يقوم به وهو يؤدي الصلوات الخمس.. كما تفرضها الشريعة الإسلامية.
ذهب كوهين مع مدرّبه إلى الحدود السورية - مرتفعات الجولان - وعرف من مدربه أنه يُخطط له للذهاب إلى سورية.
وفكر رؤساء كوهين في إرساله أول الأمر إلى سورية منتحلاً شخصية مواطن من أسبانيا أو أمريكا الجنوبية.. ولكن قرارهم الأخير هو اختيارهم له شخصية عربية يتقمصها.
بدأ إيلي كوهين دراسة مكثفة عن تاريخ سورية.. وتطورها الاقتصادي.. وحكومتها.. وجغرافيتها.. وطوبوغرافيتها. كما قام عدد من الأساتذة تعليمه اللهجة السورية.
كما ألزمته قيادته بتعلم كل ما يقدر عليه من معلومات عن الأرجنتين.. من تاريخ وسياسة وجغرافيا وصقل لغته الأسبانية.
وأخيراً أعطى الموساد إشارة الانطلاق إلى كوهين.. فقد حان الوقت لإرساله إلى العمل.

كامل أمين ثابت "السوري"!
في الأول من آذار 1961م وصلت طائرة (سويس إير) القادمة من زيورخ في الوقت المحدد في مطار (ازيزة) في (بيونس آيرس) عاصمة الأرجنتين. وكان أول النازلين من الطائرة كوهين.. وبعد الإجراءات الجمركية والهجرة غادر المطار وأخذ سيارة أجرة.. وأوضح كوهين رجل الأعمال للسائق أنه غريب في المدينة.. وطلب منه أن يشير عليه بفندق ينزل فيه. ومضى السائق به إلى عنوان معروف في شارع (أفنيدا نويفي دي جوليو) في قلب المدينة.
وعندما وصل رجل الأعمال (كوهين) إلى الفندق كتب اسمه في السجل: (كامل أمين ثابت) تاجر تصدير واستيراد.. وكان جواز سفره يدل على أنه سوري.
كانت مدينة بيونس آيرس حافلة بالأندية التي يؤمها السوريون واللبنانيون.. حيث يجتمعون في كل مساء للتحادث ولعب النرد.
واختار ثابت النادي الذي ارتآه ملائماً.. وسرعان ما تبادل ثابت أطراف الحديث مع طائفة من الناس.. الذين طلبوا منه التعريف بنفسه. فبدأ ثابت في سرد قصة حياته الوهمية. قال: إن والده أمين وأمه سعيدة غادرا بلدهما سورية قبل سنوات ليجربا حظهما في العاصمة اللبنانية المزدهرة، بيروت، وهناك ولد كامل وأخته (عينا) التي توفيت وهي طفلة صغيرة ولم تجر الرياح بما اشتهت العائلة.. فانتقلت إلى مصر.. واستقر أمرها في الإسكندرية أخيراً.. وهناك قضى كامل أكثر أيام طفولته.. وكان والده يلح على أن تحتفظ العائلة بالجنسية السورية.. وهو الذي غرس في كامل حباً عميقاً لبلده.. وقال كامل لمستمعيه إنه أقسم حين كان والده في النزع الأخير بأن يزور سورية في يوم من الأيام.

أول لقاء مع أمين الحافظ! 
أصبح إيلي شخصية شعبية في دائرة المهاجرين السوريين.. كما عرف أن (نادي الإسلام) وهو مطعم ومركز اجتماعي هو خير الأمكنة التي يلتقي فيها بأولي النفوذ من أبناء الدول العربية. وذات يوم اتصل الحديث بينه وبين رجل أصلع.. متوسط السن.. قال لإيلي أن اسمه (عبد اللطيف الخشن) وإنه محرر أكبر جريدة عربية في الأرجنتين.. وقدم الخشن إيلي إلى الشخصيات العربية البارزة في بيونس آيرس.. كما عرّفه إلى الدبلوماسيين ورجال المجتمع الأغنياء.
وفي أحد الأيام وخلال حفل قابل العميد (أمين الحافظ) الملحق العسكري في سفارة الجمهورية العربية المتحدة.. وسرعان ما أولى أمين الحافظ ثقته هذا الشاب المتحمّس. 

"سورية البعث" تفتح أبوابها له!
في أواخر عام 1961م زفَّ ثابت لأصدقائه البشرى بأنه يعد العدة للسفر إلى دمشق.. وعندئذ أمطروه بوابل من أسماء معارفهم وعناوينهم من رجال أعمال، وموظفي حكومة، وأصدقاء شخصيين.. ووعده الجميع بأن يكتبوا إلى دمشق ليضمن كل مساعدة ممكنة للاستقرار هناك.
والحقيقة أن كوهين، وبناءً على تعليمات من رؤسائه، عاد إلى تل أبيب بعد أن حصل على تأشيرات من القنصلية اللبنانية وقنصلية الجمهورية العربية المتحدة.
بعد أن قضى كوهين إجازة قصيرة بين أهله في تل أبيب.. حان وقت عودته للعمل.. وقد زوده رؤساؤه في الموساد بالأدوات والتجهيزات الالكترونية ومواد التصوير ومواد تساعده على صنع المتفجرات وأقراص سُمٍّ يستعملها عند الضرورة القصوى وهي على هيئة أقراص أسبرين. كما كان معه مواد كيماوية لصنع المتفجرات الشديدة.. أودعها في أنابيب معجون الأسنان.. وعلب صابون الحلاقة.. وكانت مجموعة تجهيزات الكاميرا اليابانية الممتازة التي معه تشتمل على أدوات لصنع مسودات الأفلام الصغيرة.
انطلق إيلي كوهين في رحلته.. ومضى إلى ميونخ ثم إلى مدينة جنوا في إيطاليا. ومن هناك في الأول من كانون الثاني.. أقلع كامل أمين ثابت في حجرة من الدرجة الأولى على ظهر الباخرة الإيطالية سونيا إلى بيروت.
شرع إيلي في تمكين نفسه بصفة عضو بارز في صفوة السوريين.. حتى أثناء رحلته بالسفينة من جنوا. فبعد إقلاع السفينة بوقت قصير.. اتصل الحديث بينه وبين رجل سوري عريض الجاه والثراء يدعى (مجدي شيخ الأرض) وقد برهن هذا على أنه حلقة وصل ممتازة.. فقدم إيلي إلى عدد من أولي الشأن في سورية وساعده بغير علم منه.. بأن أخذه في سيارته من ميناء اللاذقية إلى دمشق. وقد تمكن إيلي بالسفر في سيارة هذا الرجل الخطير من عبور الجمارك دون تفتيش.
(التقيت مجدي شيخ الأرض في سجن القلعة عام 1965 وكان يقيم في غرفة خمس نجوم والعديد من السجناء يقومون على خدمته).
استقر المقام بإيلي في شقة فسيحة بالدور الرابع من مبنى حديث في حي (أبو رمانة) المزدهر.. وكان المبنى ذا أهمية كبيرة لكوهين.. حيث يقع في مواجهة مقر قيادة الأركان السورية.

استيراد وتصدير! 
كوّن إيلي شركة استيراد وتصدير.. شهدت نجاحاً فور إنشائها تقريباً.. وقد أدار إيلي العمل بكفاءة.. حيث كان يرسل من سورية الأثاث القديم.. وطاولات نرد.. ومجوهرات.. وتحفاً فنية.
وكان إيلي إذا ما عاد إلى شقته في الليل.. يخلع عنه ثياب تاجر الاستيراد والتصدير الغني.. ويعود كوهين الجاسوس.. فبعد إغلاق الأبواب إغلاقاً مزدوجاً.. وإسدال الستائر.. يتناول جهاز الإرسال الصغير.. الذي خبأه في قدح نحاسي للزينة في داخل ثريا بلورية كبيرة.. ويمضي بذلك الجهاز إلى غرفة نومه.. حيث يكتب رسالته ويترجمها بالشيفرة.. ثم يبدأ نقرها بسرعة ودقة إلى تل أبيب.
وفي الأيام التي كان إيلي يلتقط فيها الصور.. كان حمام شقته يتحول إلى غرفة سوداء.. يجري فيها بعض العمليات على المسودات ويختزلها إلى أفلام مصغرة. وفي الغد كان إيلي يخبئها في القواعد المموهة أو السيقان المجوفة في هذه السلعة أو تلك من السلع المعدة للتصدير. وكانت تقارير إيلي وأفلامه المصغرة تشتمل دائماً على أمور تهم رؤساءه عن أوسع الناس نفوذاً في أوساط الحكومة والعسكريين السوريين.. ومن بين أصدقائه الكثر اللفتنانت (معز زهر الدين) ابن أخ رئيس الأركان (عبد الكريم زهر الدين) ومنهم (جورج سيف) المسؤول عن الإذاعة في وزارة الإعلام السورية.. والكولونيل (سليم حاطوم) قائد لواء المظلات.
استطاع كوهين بعد انقضاء شهرين على وجوده في دمشق أن يزود الموساد الإسرائيلي بمعلومات لا تقدر بثمن.. وكان في تفسيراته للتغييرات السياسية في دمشق من الدقة واستباق الحوادث الفعلية.. ما يجعل الموساد يقوم بإرسالها إلى رئيس الوزراء خلال ساعات قليلة من وصولها إليه.. وكثيراً ما اتخذ (بن غوريون) - رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك - قرارات مهمة في السياسة.. وهي قرارات قد تفصل بين الحرب والسلم بناءً على برقيات إيلي كوهين الموثوق بها.
وفي تموز 1962م، بعد مرور ستة أشهر من وصول كوهين إلى دمشق.. استدعي للرجوع في إجازة إلى تل أبيب حيث أمضى بضعة أيام مع عائلته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: رد: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:15 pm

ليل آذار الطويل-5: اعتقال سكرتيرات ومضيفات طيران بعد كشف كوهين!

أورينت نت - محمد فاروق الإمام
عاد كوهين بعد إجازته إلى دمشق ليتابع نشاطه التجسسي.. فوسع من علاقاته ونشاطاته وجعل شقته الفاخرة ملتقى للفاحشة والرذيلة لأصدقائه من (عِلية رجال الحكم البعثيين وضباط الأركان). وذات يوم اعتزم السفر في رحلة عمل إلى أوروبا.. فسأله الكولونيل (صلاح الضلي) - رئيس المحكمة العسكرية - إن كان بوسعه ترك مفاتيح شقته من بعده.. ووافق إيلي على ذلك في الحال. أيضاً كان ينزل صديقه جورج سيف مع سكرتيرته كثيراً في شقته.. وفي مقابل ذلك جعل سيف مكتبه بيت إيلي الثاني حيث الأسرار والوثائق الرسمية يقلبها كوهين ويصورها بكل حرية وطمأنينة.
رافق كوهين صديقه اللفتنانت معز زهر الدين في زيارة إلى الجبهة السورية - الإسرائيلية.. وتعرف عن كثب على التحصينات العسكرية السورية في مرتفعات الجولان.

كوهين في زيارة رئيس الجمهورية
في إحدى المرات اصطحبه صديقه (سامي الجندي) - وزير الإعلام السوري - إلى مكتب رئيس الجمهورية الرئيس (أمين الحافظ).
وعندما وصل إيلي برفقة سامي الجندي.. حياه الرئيس أمين الحافظ بحرارة.. وكان أمين الحافظ يكن تعاطفاً خاصاً لابن وطنه وصديقه الشاب الذي تخلى عن أعماله الناجحة في أمريكا الجنوبية ليمد يد العون إلى بلده في فترة من فترات الاضطراب السياسي والاقتصادي. وألحَّ الرئيس أن يقوم مصوره الخاص بالتقاط صورة لهما معاً. ولما فرغ المصور من عمله.. طلب إيلي منه نسخة للصورة التي التقطها.. واستدار نحو الرئيس أمين الحافظ وقال: "سأحرص على هذا الذخر الثمين ما حييت".

كوهين على الجبهات! 
ذهب كوهين مرة مع أحد المسؤولين إلى المناطق العسكرية القريبة من القنيطرة وشاهد مخططات مشروع تحصينات دفاعية.. والذي يتضمن جزءاً من مشروع تحويل المياه من (نهر الأردن) الذي كانت إسرائيل تقوم بتحويله إلى النقب. وقد عرض على المقاول الذي يقوم بالتنفيذ مشاركته في العمل.
وشجع هذا الحافز المقاول فسمح للزائر المعروف.. بأخذ مخطط المشروع معه إلى البيت.. ليتمكن من دراسته في أوقات فراغه.. وتحديد أفضل مواقع المنطقة استثماراً.. وقام إيلي بتصوير أحدث ما وقع في يده من أوراق.. وفي خلال ثلاثة أشهر بعث إلى قيادة الموساد بمعلومات وافية عن المشروع.
وتكريماً لكوهين على ما يقدم من معلومات استدعاه الموساد لقضاء إجازة هي الثالثة من نوعها في إسرائيل.. وكان قد مضى عليه دون مشاهدة عائلته أكثر من سنة. وشارك هذه المرة إيلي أسرته في الاحتفال بمولد طفله الثالث وهو (شاؤول).

الفراق الأخير
عاد إيلي إلى سورية مرة أخرى بعد أن وعد زوجته بأن هذه آخر مرة يغيب عنها وأنه قرر العودة إلى إسرائيل نهائياً. ولكن شاء الله أن لا يعود الجاسوس الإسرائيلي من سفرته هذه أبداً.
ففي إحدى ليالي شهر كانون ثاني 1965م.. وبعد أن فرغ إيلي من إرسال تقرير تضمن معلومات تلقاها من صديقه (سليم حاطوم) ومفادها أن الرئيس أمين الحافظ قرر في اجتماع عقده مع رؤساء أجهزة المخابرات السورية تطوير خطة منظمة فلسطينية واحدة تبدأ الكفاح المسلح.. ويتم تدريب رجالها في قاعدة للجيش السوري سراً.
ولمح إيلي ساعته التي كانت تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل.. وأدار مفتاح جهاز الإرسال إلى النقطة الدقيقة التي تصله منه إشارات قيادة الموساد بوضوح تام كما اعتاد أن يفعل. 
وفجأة سمع طرقاً عنيفاً على الباب. وقبل أن يجد وقتاً للتصرف تحطم خشب الباب الصلب.. واقتحم الغرفة ثمانية رجال مسلحون.. شهروا مسدساتهم.. وكانوا يلبسون زياً مدنياً. وفي حين غطى كامل جهاز البث بدون وعي كان رجلان يصوبان مسدسيهما إلى رأسه وصاحا به: لا تتحرك.
واندفع رجل يلبس بزة عسكرية صوب الفراش.. وعرفه إيلي في الحال.. إنه الكولونيل (أحمد سويداني) رئيس شعبة الاستخبارات السورية.

وانتهت اللعبة
لقد كان الفضل في اكتشاف هذا الجاسوس – حسب بعض الروايات - يعود إلى السفارة الهندية. فقد دأب عاملو اللاسلكي في السفارة على الشكوى للسلطات السورية من بعض التشويش الذي يعاني منه بثّهم للهند. وحاولت السلطات السورية العثور على مصدر الاضطرابات ولكنها لم تكن تملك الأجهزة المتطورة الكافية.
وفي صباح يوم اعتقاله.. حدث انقطاع في التيار الكهربائي واستعمل إيلي البطاريات للقيام بالبث.. ولم يكن لديه أية فكرة عن انقطاع الإمدادات الكهربائية مجدداً. لقد كان تحديد موقعه سهلاً وميسوراً.. فجهاز إرساله هو جهاز الراديو الوحيد الذي واصل البث هناك.
وحين تعرف رجال اللاسلكي الهندي على مكان البث وهو منزل إيلي كوهين.. أشاروا على رجال الاستخبارات السورية بفحص سطح المنزل.. وعندئذ عثروا على هوائي جهاز إرسال الراديو الذي كان يؤدي إلى شقة إيلي كوهين مباشرة.

وفي صباح يوم 24 كانون الثاني 1965م أُمر كوهين ببث الرسالة التالية:
إلى رئيس وزراء إسرائيل ورئيس جهاز الاستخبارات في تل أبيب.. كامل ورفاقه ضيوفنا في دمشق وسنخبركم عن مصيرهم قريباً. التوقيع الاستخبارات السورية.
وقبل أن تتبين أجهزة المخابرات السورية الشخصية الحقيقية لكامل أمين ثابت مثل أمام الرئيس أمين الحافظ حيث نظر الاثنان إلى بعضهما في صمت.. وكان الجاسوس أول من تكلم منهما حيث قال: "أنا إيلي كوهين من تل أبيب"..!

هناك رواية أؤكدها أنا كاتب هذه السطور: "فقد زار كوهين الجبهة السورية عدة مرات، ومن بينها زيارة له برفقة عدد كبير من الضباط يتقدمهم الرئيس أمين الحافظ، وكان بصحبتهم الفريق علي علي عامر قائد الجيوش العربية إلى النقطة التي كنت أؤدي خدمة العلم فيها - كما نوهت سابقاً - وأذكر أنني كنت في دشمتي بهيئة قتالية وراء مدفع (م/ ط)، وكان يقف خلفي مباشرة على حافة الدشمة العقيد صلاح جديد وبجانبه رجل يرتدي الثياب الخضراء التي اعتاد القياديون البعثيون على ارتدائها، وكانا يتهامسان، ولقربهما مني، سمعت الشخص المرتدي للثياب الخضراء يقول لصلاح جديد، مشيراً بيده إلى المستعمرات الإسرائيلية: "عمروا وابنوا وأنشئوا فكل هذه المستعمرات ستكون لنا"، وعرفت فيما بعد أن هذا الشخص هو نفس إيلي كوهين.. وعندما أنزلنا الحراس من المهجع العُلوي في سجن المزة - وكنت معتقلاً في حينها - لنشاهد كوهين وقد لُف بثياب بيضاء مقتاداً إلى المشنقة، موجهين إلينا السباب والشتائم قائلين: إن مصيركم كمصير هذا الخائن يا عملاء".

اعتقال سكرتيرات ومضيفات طيران! 
وأدى اعتقال إيلي كوهين إلى القبض على حوالي (500) رجل وامرأة في سورية في تلك الفترة.. وكان منهم سكرتيرات في الحكومة ومضيفات طيران ونساء أخريات ممن شاركن في حفلات المجون التي كانت تقام في شقة إيلي.. وكان من بين من زج في السجن معز زهر الدين وجورج سيف وماجد شيخ الأرض. 
وشكلت محكمة استثنائية يرأسها صديق كوهين المقرب العقيد (صلاح الضلي) الذي أسرع في الحكم على كوهين بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى، وتم تنفيذ الحكم فور صدوره.. في حين كان صديقه الآخر العقيد (سليم حاطوم) عضواً فيها.
وقد جرت المحاكمة وراء الأبواب المغلقة وعرضت قطع مختارة منها على شاشة التلفزيون. وتصور الكثيرون أن هناك صفقة بين كوهين وهيئة المحكمة عندما أنكر إيلي أنه يعرف كلاً من الضلي أو حاطوم.
وفي 8 أيار عام 1965م أعلن عن صدور حكم الإعدام بحق إيلي كوهين وسيتم التنفيذ شنقاً حتى الموت.. أما شركاؤه من أمثال: ماجد شيخ الأرض فقد حكم على كل منهم بالسجن مدة خمس سنوات مع الأشغال الشاقة.
وقد هرع الناس من جميع أنحاء دمشق لمشاهدة إعدام الجاسوس بعد أن نبههم راديو دمشق في الساعات القليلة السابقة إلى ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: رد: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:16 pm

ليل آذار الطويل-6: دبابات البعث تقتحم حرم الجامع الأموي عام 1965

أورينت نت - محمد فاروق الإمام
فوجئت جماعة الإخوان المسلمين كما فوجئ الجميع بانتفاضة حماة الشعبية في نيسان عام 1964م والتي استمرت نحو تسعة وعشرين يوماً، وكان يقود هذه الانتفاضة (الشيخ مروان حديد).

انتفاضة حماه الأولى! 
بدأت الانتفاضة على شكل إضراب طلابي قاده مروان حديد المسؤول عن التنظيم الطلابي للإخوان في ثانوية عثمان الحوراني إحدى أكبر ثانويات مدينة حماة. وتحول الإضراب إلى عصيان شارك فيه طلاب ناصريون واشتراكيون، وهم من خصوم الإخوان التقليديين. واستمر 29 يوماً. واعتصمت مجموعة مروان حديد بجامع السلطان الكبير واشتبكت مع وحدات من الجيش الذي خف لإنهاء العصيان.
لم تكن قيادة الجماعة – كما قلنا – على علم مسبق بما خطط له مروان حديد، وفوجئت بالعصيان كما فوجئ به الآخرون، ولذلك بقي العصيان محلياً ولم يخرج عن حدود مدينة حماة، بالرغم من استمراره 29 يوماً، فقد تكتمت عليه وسائل الإعلام الرسمية الوحيدة التي يمتلكها النظام، كما منعت أجهزة الأمن الدخول أو الخروج من حماة أثناء العصيان. واتخذت الجماعة قراراً ملزماً بعدم التحرك أو الإقدام على أي عمل طائش لا تحمد عواقبه، مما جعل العصيان يمنى بفشل ذريع، لتؤكد الجماعة مجدداً أنها لا تؤمن بالوصول إلى السلطة بغير الوسائل الديمقراطية والسلمية ولو كلفها ذلك خمسمائة عام من الانتظار. ويؤثر عن الأستاذ عصام العطار قوله: (إن مثقفاً لديه أهم من كتيبة دبابات).
وأخفق عصيان مروان حديد الذي جوبه بالحديد والنار وقصف جامع السلطان الذي اعتصم به وتم اعتقاله وتصفية عدد كبير من أتباعه.
ولم يمر هذا الأمر دون تحرك جماهيري قاده الشيخ حسن حبنكة في حي الميدان الوطني بدمشق، والشيخ أحمد الإمام (الشيخ المجهول) في جامع بني أمية؛ حيث خطب في المصلين المحتشدين خطبة نارية ضمنها فتواه بهدر دم رأس النظام (أمين الحافظ) الذي تطاول على بيوت الله (كما جاء في فتواه التي أهدرت دمه).

دماء في صحن الجامع الأموي بدمشق! 
تبنى رجال حزب البعث خطاباً يسارياً متطرفاً يمكن أن يوصف بيسار اليسار، وهذا أرعب المجتمع السوري المحافظ، مما أدى إلى شبه اعتصام مدني عفوي في الجامع الأموي بدمشق، قوبل باقتحام المدرعات العسكرية لحرم الجامع والفتك بالمعتصمين المدنيين العزل، في حين أعلن وزير الداخلية (فهمي العاشوري) من إذاعة دمشق أنه (لو وقفت الكعبة في طريقنا لهدمناها).
ارتكب البعث مذبحة الجامع الأموي في دمشق عام 1965 وراح ضحيتها العشرات بحجة اعتصام التجار في المسجد ضد القرارات التأمينية الظالمة والأحكام الاقتصادية غير العادلة.. ولم يكن للجماعة أية علاقة أو معرفة أو علم بهذا الاعتصام، كما كان الحال في اعتصام حماة. فقد تم هذا العصيان بدعوة من الشيخ (حسن حبنكة الميداني) أحد كبار علماء دمشق. ومع هذا فقد قام البعثيون الجدد باعتقالات واسعة شملت كافة القيادات السياسية المعارضة، وطالت حملتهم (جميع أفراد الصف الأول في جماعة الإخوان المسلمين).. ولم يتم الإفراج عنهم إلا بعد هزيمة الخامس من حزيران عام 1967م.

البعث يأكل بعضه انقلاب 23 شباط 1966م
في كانون الأول من عام 1965م وجه منيف الرزاز الأمين العام لحزب البعث ثلاث تحديات إلى اللجنة العسكرية:
1-حل القيادة القطرية التي كانت تسيطر عليها اللجنة العسكرية.
2-تشكيل حكومة جديدة برئاسة صلاح الدين البيطار.
3-نشر وتعميم قرارات القيادة القومية التي تحظر على الضباط التدخل في الشؤون السياسية أو ممارسة أي شكل من أشكال أمور السلطة السياسية والحزب.
حلت القيادة القومية في الحادي والعشرين من كانون الأول 1965م.. القيادة القطرية السورية.. وعينت قيادة جديدة أطلقت عليها اسم (القيادة الحزبية العليا).
وكمحصلة للخلافات والتناقضات والصراع بين الحزب واللجنة العسكرية وتسارع الأحداث تحملت القيادة القطرية (التي تسيطر عليها اللجنة العسكرية) في 23 شباط 1966م.. مسؤولية انقلاب عسكري حمل إلى السلطة بقوة الدبابات - التي دخلت دمشق باسم (الثورة الشاملة) - نور الدين الأتاسي واللواء صلاح جديد.
وبعد نجاح حركتهم.. لاحقوا وسجنوا أو أصدروا أحكاماً بالإعدام غيابياً على كثير من أعضاء القيادة القومية ومؤيديهم. 

محاولة سليم حاطوم الانقلابية
قام بهذه المحاولة في الثامن من أيلول 1966م، مجموعة من الضباط البعثيين يتزعمهم الضابطان (سليم حاطوم - عضو اللجنة العسكرية التي خططت ونفذت انقلاب 8 آذار 1963م - وطلال أبو عسلي). وقد نسبت لاحقاً لسليم حاطوم باعتباره أشهرهم. 
وقد أخفقت هذه المحاولة وتم إبعاد فئة كبيرة من الضباط البعثيين الذين يدينون بالولاء لهذين الضابطين. كما فر سليم حاطوم إلى الأردن... وعندما عاد طواعية بعد هزيمة حزيران قائلاً إنه سيدافع عن وطنه... قبض عليه، وتم تعذيبه بشكل وحشي وأعدم بعد محاكمة صورية سريعة، بتخطيط من حافظ الأسد شخصياً! 

الصراع داخل اللجنة العسكرية
بعد هزيمة حزيران 1967م، طُرحت بإلحاح قضية محاكمة الضباط الذين يتحملون مسؤولية هذه الهزيمة العسكرية، وكان في مقدمتهم وزير الدفاع حافظ الأسد، الذي أصدر قراراً بسقوط القنيطرة عاصمة الجولان قبل دخولها من قبل القوات الصهيونية.. وإصداره أمراً للقوات المسلحة بالانسحاب الكيفي من الجولان، وقد أدت هذه القضية إلى ظهور تيارين كبيرين يمثلهما كل من وزير الدفاع حافظ الأسد والأمين المساعد للحزب صلاح جديد.
الأول يحمل لواء الدفاع عن وحدة الجيش والدفاع عن الضباط المتهمين بالإهمال في تحمل مسؤولياتهم. وقاد الأسد في وجه المعارضين والمهاجمين للجيش.. حركة واسعة بين صفوف العسكريين.
الاتجاه الثاني يقوده اللواء صلاح جديد.. وكان يستمد قوته الأساسية من تأييد الحزب له ومنظماته النقابية.
وهكذا فإن الصراعات الداخلية بين هذين التيارين طوال مدة أكثر من ثلاث سنوات تحولت بسرعة إلى صراع صريح وعلني بين الجيش والحزب.

حافظ الأسد يغدر بآخر رفاقه في اللجنة العسكرية
في المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي لحزب البعث الذي عقد في دمشق في أوائل تشرين الثاني 1970م، اتخذ أعضاء المؤتمر المذكور جانب الأمين العام المساعد.. وأيدوا بشكل إجماعي قراراً بفصل كل من وزير الدفاع حافظ الأسد، ورئيس أركان الجيش مصطفى طلاس، وقائد العمليات العسكرية عبد الغني إبراهيم، وقائد سلاح الطيران ناجي جميل.
ولم تتأخر ردة الفعل عند حافظ الأسد.. الذي يعد العدة لحركته.. فقد قام في 16 من الشهر نفسه.. يدعمه أنصاره العسكريون.. بحركته ضد الحزب وضد تيار صلاح جديد. وأطلق على حركته اسم (الحركة التصحيحية). وهكذا أصبح الحزب بكل تنظيماته وقياداته على مختلف المستويات يتبع القيادة الجديدة.. حيث تم اعتقال عدد كبير من خصوم الحركة.. في حين فرَّ عدد آخر إلى خارج القطر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: رد: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:16 pm

ليل آذار الطويل-7: حماة تنتفض ضد دستور حافظ الأسد 1973

أورينت نت - محمد فاروق الإمام
يرتبط تشكيل (الطليعة المقاتلة) قيادة وتوجيهاً وتنظيراً بالشيخ (مروان حديد) المهندس الزراعي الحموي الحائز على ليسانس بالفلسفة. 

وقد تشكل هذا التنظيم في أوائل عام 1975م، وتعارف كوادره فيما بينهم على التسمي باسم (الطليعة المقاتلة لحزب الله). وقد ولدت فكرة تشكيل هذا التنظيم الطليعي من خلال أحداث الاحتجاج على دستور حافظ الأسد عام 1973م الذي ركز السلطات بيد رئيس الجمهورية وجعل نفسه فوق المحاسبة والمراقبة!

خداع حافظ الأسد للمحتجين!
حرك الاحتجاج على دستور حافظ الأسد مركز حماة بقيادة (مروان حديد) والشيخ (سعيد حوى)، ومثّل هذا التحرك أخطر اختبار لقوة مجموعة حديد المسيطرة على مركز حماة وعناصره في المحافظات الأخرى، إذ تمكنت من القيام بإضراب عام في حماة، شارك فيه الاشتراكيون (جماعة أكرم الحوراني) والناصريون (جماعة محمد الجراح)، وتحول الإضراب إلى أحداث شغب ضد مراكز حزب البعث الحاكم والمنظمات الشعبية التابعة له، وبعض المقاهي وأماكن بيع الخمور.

طوق (الرئيس) حافظ الأسد هذا الانفلات الأمني بإرضائه للإسلاميين بأن طلب من مجلس الشعب المؤقت أن ينص مشروع الدستور على أن يكون دين رئيس الدولة هو الإسلام، وأدى هذا إلى فتح الباب أمام إمكانية مشاركة بعض الشخصيات الإخوانية التقليدية في انتخابات مجلس الشعب التي تمت في أيار عام 1973م، والتي قابلها أنصار المدرسة الراديكالية بالنقد الشديد. في حين قامت السلطات باعتقال عدد من الإخوان المسلمين والناصريين والاشتراكيين الذين شاركوا بالإضراب العام في حماة، إلا أنه تم الإفراج عن معظمهم بعد عشرة أشهر، باستثناء مجموعة محدودة على رأسها الشيخ (سعيد حوى)، أحد أبرز الناشطين في ذلك الإضراب، ولم يطلق سراحه إلا عام 1978م بعد حبس دام خمس سنوات في سجن المزة. أما (مروان حديد) نفسه فقد توارى عن الأنظار إلى حين اعتقاله في 30 حزيران عام 1975م بعد اشتباك مع رجال الأمن في دمشق.

خلال تواري مروان حديد عن الأنظار وجه رسالة مطولة إلى العلماء والشخصيات والجماعات الإسلامية يطلب فيها منهم إعلان الجهاد المسلح ضد السلطة، واعتباره فرض عين على كل مسلم ومسلمة. وأعلن تحديه للقيادة الإخوانية التقليدية التي حولت الجماعة – كما جاء في رسالته – إلى أشبه بجماعات التبليغ والدعوة. 

حاولت قيادة الجماعة تطويق مجموعة حديد ففصلته كما فصلت عدداً من المرتبطين معه مثل: (عبد الستار الزعيم، وحسني عابو، وعدنان عقلة، وزهير زقلوطة) وغيرهم، وهددت بفصل كل عضو يثبت استمرار صلته بمروان حديد.

وعلى إثر وفاة مروان حديد في مستشفى سجن المزة عام 1976م انتقلت قيادة هذه المجموعة إلى عبد الستار الزعيم، وقامت هذه المجموعة بأول عملياتها ضد أجهزة الأمن في 8 شباط عام 1976م فاغتالت الرائد (محمد غرة) رئيس فرع المخابرات العسكرية في حماة.

ومن هنا تم لاحقاً اعتبار هذه العملية فاتحة أعمال العنف والعنف المضاد في سورية، وراحت مجموعة مروان حديد تنفذ عملياتها ضد أجهزة الأمن السورية دون الإعلان عن اسمها إلا بعد ثلاث سنوات ونيف، عندما نفذت عملية (مدرسة المدفعية) في 16 حزيران عام 1979م في مدينة حلب، مفصحة عن تبنيها للعملية تحت اسم (الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين).

جماعة الإخوان المسلمين ترفض العمل المسلح!
لقد كانت مرامي جماعة (مروان حديد) من تغيير اسمها من (الطليعة المقاتلة لحزب الله) إلى (الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين) جر الجماعة إلى الانخراط في العمل المسلح الذي ترفضه بشدة، وتنأى بنفسها عنه، ويؤثر عن مروان حديد قوله: (لئن أخرجني الإخوان من الباب فسأدخل من الشباك وسأجرهم إلى الجهاد جرا).

لم تتصور قيادة التنظيم العام أن نشاط (الطليعة) لن يكون أكثر من ردود أفعال يمكن أن يوصف بنزق الشباب، يمكن احتواؤه والسيطرة عليه وتوجيهه بما ينسجم مع السياسة الإخوانية التي تنبذ العنف وترفض أي مواجهة مع السلطة، وهو خط سيرها العام الذي اعتمدته في كل صراع بينها وبين خصومها منذ نشأتها.

ومن هذه المنطلقات أيدت حافظ الأسد في الاستفتاء المقرر إجراؤه في 8 شباط 1978م مقابل الإفراج عن معتقليها الذين كانوا دائماً ضحية حماقة أبناء المدرسة الراديكالية المروانية. 

وبالفعل أفرج عن الشيخ سعيد حوى عضو مجلس شورى الجماعة، وفتحت السلطة حواراً مع المعتقلين الإخوانيين، بهدف الوصول إلى مصالحة مع السلطة، وقد تكون هذه المفاوضات نوعاً من الخديعة حتى يمرر الاستفتاء بأجواء هادئة. 

في تلك الأثناء أقدمت الطليعة على اغتيال الدكتور (إبراهيم نعامة) نقيب أطباء الأسنان، واعتبرت السلطة أن هذا الاغتيال بمثابة فسخ لاتفاق المصالحة، وهذه نقطة تسجل على السلطة كونها استجابت لأهداف الطليعة بنزق ودون تفكير، فأوقفت السلطة كل حوار مع الجماعة، وأقدمت على اعتقالات واسعة وعشوائية في صفوف الإسلاميين. 

ويبدو أن رئيس الأمن القومي السوري الذي تولى إدارة ملف التسوية بين جماعة الإخوان والسلطة، لم يكن يدرك طبيعة تنظيم الطليعة الذي كان يخطط لاستجرار الجماعة إلى العمل المسلح الذي ترفضه جملة وتفصيلا.

من جهة أخرى فتح المراقب العام عدنان سعد الدين حواراً مع عبد الستار الزعيم بهدف احتوائه، ولكن الزعيم كان ماضياً بمشروعه إلى النهاية، والذي يتلخص في احتواء الجماعة وتحييد القيادة التقليدية وزج كوادرها في العمليات المسلحة، وقد نجح في جر البعض من الشباب إلى صفوف طليعته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: رد: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:16 pm

ليل آذار الطويل-8: إضراب النقابات المهنية يثير جنون الأسد!
أورينت نت - محمد فاروق الإمام 
في هذه الأجواء المكفهرة والمضطربة دعا حافظ الأسد حزب البعث إلى عقد مؤتمره القطري السابع في (22 كانون الأول عام 1979- 6 كانون الثاني عام 1980م) لانتخابات حزبية. وقد واجه المؤتمر نقداً لأخطاء قيادة الحزب للدولة والمجتمع، وتبنى تقريره الداخلي تحليلاً أعمق من التحليل الإعلامي التعبوي والسياسي لما سماه بحركة الإخوان المسلمين.


لم يشخص المؤتمر الحركة كمجرد ظاهرة (تآمرية خارجية) بل كظاهرة (داخلية) أنتجها الواقع الاجتماعي الذي يعيش (إشكالات معاشية) و(بروز طبقة جديدة في المجتمع ذات ثراء وجشع كبيرين نمت كالطفيليات) و(الأساليب الخاطئة في تطبيق الديمقراطية الشعبية) و(بروز ممارسات غير ديمقراطية تحت عناوين ديمقراطية) وشيوع (النزوع نحو تجاوز الأنظمة والقوانين وحقوق المواطنين.. وانتشار الوساطة والاستثناءات والرشاوى.. وتدني الشعور بالمسؤولية وقلة المحاسبة)، واعترف التقرير أن (هذه المساوئ وإن وجدت سابقاً في قطرنا.. لكنها لم تكن معروفة داخل سورية بهذه الشمولية يوماً من الأيام).


نشطت المعارضة غير المتجانسة بشكل خاص في شباط عام 1980م، وطرحت كتلة التجمع تحويلاً ديمقراطياً شاملاً وعميقاً بالأساليب السلمية بما فيها الإضراب الشعبي والعصيان المدني، كمخرج وحيد لحل الأزمة. 


حافظ الأسد ينحني أمام العاصفة!
وفي هذا السياق تقدم حافظ الأسد في 13 شباط عام 1980م من خلال الجبهة الوطنية التقدمية التي تمثل الإطار الرسمي الوحيد المسموح به، والتي يقودها حزب البعث للعمل السياسي في سورية، بما يمكن أن يسمى بإعلان مصالحة وطنية، يشكل نوعاً من حل وسط بين الكتلتين الأساسيتين (الإسلامية) و(الجبهة الوطنية). وحدد البيان الإجراءات التي قامت بها السلطة وستقوم بها بـ:


تشكيل حكومة (تكنوقراط)، وتبني سياسة القضاء على نشاط ما أسماه "رأس المال الطفيلي والوسطاء والسماسرة في دوائر الدولة ومؤسساتها"، وحصر اختصاص محكمة أمن الدولة في الجرائم التي تقع على أمن البلاد، وإعلان إيقاف العمل بقانون الطوارئ والأحكام العرفية، إلا في الحالات الخاصة التي تتعلق بأمن البلاد وسلامتها، وتنفيذ الأحكام القضائية أياً كان نوعها وحجمها، وتطبيق أحكام القانون على الجميع، ومنع إعطاء أي استثناء لأي إنسان، وضبط سلوك العاملين في مختلف أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، وتشكيل لجان خاصة لدراسة أضبارات الموقوفين واتخاذ الإجراءات الفورية لإطلاق سراح من ثبتت براءته منهم، أو إحالتهم إلى القضاء. 


و(تطوير الجبهة الوطنية التقدمية بحيث تأتي ممثلة لأوسع الجماهير، ومعبرة عن الاتجاهات الوطنية ومهما تعددت أصدق تعبير). كان هذا البيان وما رافقه من إجراءات حسن نية إعلان تسوية يقع في فضاء سياسة المصالحة الوطنية.


كما أقر البيان بعدم كفاية الأطر المؤسسية القائمة للمشاركة السياسية وإعادة النظر بآلياتها والاستعداد لتطويرها، وإرساء دولة القانون على أساس يوفق ما بين متطلبات استقرار النسق السياسي السائد واستمراره وبين جزء كبير من تطلعات القوى الاجتماعية والسياسية المختلفة في سورية، سواء كانت إسلامية أم قومية ويسارية معارضة أم إصلاحية في إطار السلطة نفسها.


ولم يستثن البيان من دائرة الحوار سوى ما أسماه "عصابات القتل المأجورة" التي تقوم بـ "أعمال التخريب والقتل وزرع الفتن الطائفية في الداخل" دون الإشارة إلى المقصود بهذه التسمية.


مفاوضات مع ذئاب الأمن! 
وتجسيداً لوضع البيان موضع التنفيذ، فقد تم فعلياً في شباط عام 1980م إطلاق سراح النقابي البارز (عمر قشاش) عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي المعارض، والإفراج عن حوالي (500) من كوادر جماعة الإخوان المسلمين، الذين اعتقلوا بدءاً من حملتي شباط ونيسان عام 1979م، عقب مفاوضات مكثفة بين الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين المعتقل (عبد الله الطنطاوي) ورئيس جهاز الأمن السوري (اللواء علي دوبا) في سجن (المسلمية) شمالي مدينة حلب، وألف هؤلاء المفرج عنهم الصف القيادي الأول والثاني في التنظيم العام.


وفي هذا السياق قامت عدة وساطات لتقريب وجهات النظر وجسر الهوة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام، كان من أهمها وساطة نائب المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين (أمين يكن). وعلى ضوء هذه الوساطة دخل (علي صدر الدين البيانوني) نائب المراقب العام في أوائل شباط عام 1980م إلى مدينة حلب، وأقام في القاعدة المركزية بحلب، واتصل بـ(عدنان عقلة) بغرض استيعابه وإعادته إلى صف الجماعة، ولكنه أخفق في ذلك أمام رفض عقلة أي لقاء مع المتخاذلين، جماعة (التنظيم العام) – على حسب قوله – مما جعل نائب المراقب العام البيانوني يطلب إلى الأمين العام للجماعة عبد الله الطنطاوي (الذي أجرى المحادثات مع دوبا وأفرج عنه مع من أفرج) أن يغادر سورية حفاظاً على حياته، كما طلب إليه الإيعاز إلى كوادر الإخوان الذين يشعرون بالخطر إلى مغادرة البلاد. وفي تلك الأثناء تشكلت (لجنة العلماء)، وترأسها الشيخ (أبو النصر البيانوني) التي أصدرت بيان تهدئة ساهمت أجهزة الأمن السورية في توزيعه، في الوقت الذي عممت فيه أجهزة الأمن على مخبريها خطياً بإشاعة أن (الدكتور إبراهيم سلقيني) الشخصية الإسلامية البارزة والمحترمة أنه سينضم إلى (الجبهة الوطنية التقدمية).


إضراب النقابات المهنية يشل الحياة العامة! 
شكل الإضراب العام الذي دعت إليه (النقابات المهنية والعلمية) في سورية محور التحدي للسلطة بشكل علني وسافر، وشاركت (الطليعة) بضغطها على التجار لإغلاق الأسواق في مدينة حلب، ثم أصدرت بياناً في حلب سخرت فيه من المطالب الديمقراطية الليبرالية للنقابات، ودعت إلى مواصلة المجابهة المسلحة حتى إسقاط النظام. فقد رأت (الطليعة) في برنامج (النقابات) وتبني (التجمع الوطني الديمقراطي) له، محاولة قومية يسارية لاستثمار ما قامت به وأدت أعمالها إليه، والاستيلاء السياسي عليه. ولم تفلح محاولة بعض الإخوان النقابيين من إقناع (الطليعة) بتأييد برنامج الإضراب العام. وشهدت معظم المدن السورية خلال النصف الثاني من شباط، والنصف الأول من آذار عام 1980م حلقات هذا الإضراب العام الذي لم تكسره سوى العاصمة دمشق، وهذا ما جعل المعلومات عن هذا الإضراب شحيحة ومحدودة في غياب وسائل الإعلام المستقلة. وكان هدف (التجمع) يذهب إلى تطوير الإضراب إلى أن يصل إلى عصيان مدني شامل وعام يتم من خلاله فرض (التحول الديمقراطي) على السلطة، أما (الطليعة) فقد تمكنت من تحويل الإضراب إلى حركة عصيان وتمرد وإحداث شغب وإرباك للسلطة وتقليم أظافر أجهزة الأمن وإسقاط هيبتها. وقد تصور (عدنان عقلة) في حينها أن سقوط النظام بات مسألة وقت.


كان الإضراب الذي انتهى بزج الأسد لكبار المحامين والقضاة في السجون لمدد وصلت إلى 15 عاماً، آخر مظاهر الاستقلالية... إذ تمت بعدها السيطرة على كل النقابات، ومحاصرة نشاطاتها، ووأد ما تبقى من استقلاليتها، وتحويلها إلى أبواق سلطة رخيصة ومأجورة، لا ترعى حرمة مهنة او علم، ولا تحمي عضواً من أعضائها سيق إلى سجون المخابرات، حتى بتهم ظالمة! 


محاولة لقاء الأسد لعدنان عقلة
أسرَّ الرئيس حافظ الأسد إلى ضباط خليته المقربة منه أنه يود اللقاء مع عدنان عقلة بأي ثمن ليعرف منه سقف مطالبه والتعامل معها بما يوصله معه إلى حلول وسط يتفق معه عليها، وقد أصبح عقلة كابوس يؤرق حياة حافظ الأسد، وذكّره أحد الضباط بصديقه المساعد الحلبي (م.د) الذي اختبأ عنده في دمشق أيام ملاحقته خلال عهد الانفصال، فطلب إليه الاتصال به حالاً، وبالفعل اتصل هذا الضابط بالمساعد المتقاعد (م.د) ليقوم بهذه المهمة بتكليف من حافظ الأسد، وكان يربط (م.د) صلة قرابة مع أحد قيادات الطليعة في حينها وهو (م.ر) وكان هذا فاراً لملاحقته من قبل أجهزة الأمن والفرقة الثالثة التي تحتل حلب، وطلب منه أن يوصل رسالة إلى عدنان عقلة من الرئيس حافظ الأسد ورغبته في لقائه، فطلب (م.ر) كتاباً خطياً من (م.د) وموقع من حافظ الأسد بعدم التعرض له، وبالفعل وصل الكتاب موقعاً من الرئيس حافظ الأسد بعدم التعرض ل(م.ر).


في نفس اليوم ذهب (م.ر) بصحبة (م.د) إلى حلب وبعد مفارقته ل(م.د) توجه إلى أحد أماكن تواجد عدنان عقلة السرية التي يعرفها (م.ر) والتقى به وعرض عليه المهمة التي جاء من أجلها، فأصاب الغرور عدنان عقلة ووجه أقسى عبارات اللوم والتقريع إلى (م.ر) ورفض أي لقاء مع حافظ الأسد، لاعتفاده أن سقوطه بات مسألة وقت، ولا مجال للمساومة... ناهيك عن سيرة الأسد التي اتسمت تاريخياً بالغدر حتى برفاق دربه!


تصاعد العنف والعنف المضاد
أفضى إضراب – عصيان آذار عام 1980م بما رافقه من عنف إلى فتح الأبواب طليقة أمام سياسة (العنف الثوري) التي شجعها حافظ الأسد بمكره، وتبناها العقيد المجرم رفعت الأسد قائد المليشيات الطائفية التي كانت تعرف بـ "سرايا الدفاع" وشقيق حافظ الأسد المتغطرس، الأمر الذي زاد من عنف (الطليعة)، ودفع الشعب السوري ثمناً باهظاً في مواجهة هذا العنف المتبادل المجنون، الذي أقدم فيه رفعت على استفزاز مشاعر السوريين، وخصوصاً حين نزلت المظليات إلى شوارع دمشق لينزعن الحجاب عن رؤوس السيدات في الشوارع، في همجية لم يعرف لها التاريخ السوري مثيلاً. 


وأقدم صقور السلطة الذين أصبحوا سادة الموقف على عملية تفكيك ممنهجة – ليس للقوى الطليعية المنفلتة التي تتبنى إستراتيجية العنف وتمارسها – بل تخطوا ذلك إلى القوى الإسلامية التي تنبذ العنف وترفضه، وكذلك مجموع القوى السياسية المعارضة. حتى غدا العنف والعنف المضاد السيد في ساحة البلاد، وحاول حافظ الأسد في إطار سياسة "العنف الثوري" التي انغمس فيها النظام، وهي تسمية ملطفة للتشبيح والبلطجة والاعتداء على الحرمات، أن يعطي المواجهة مع جماعة (الإخوان المسلمين) طابعاً حزبياً، يواجه فيه (البعث) بوصفه حزباً الإخوان المسلمين، فحرص على حضور مؤتمرات المنظمات الشبيبية والفلاحية والعمالية، وخاطب أعضاءها مباشرة، وبرز لأول مرة كخطيب ثوري في حين كانت خطاباته السابقة تتميز تقليدياً بالهدوء والاتزان. وهذا ما جعل عقلية عسكرة الحزب تسيطر على المنظمات الحزبية التي افترض فيها أن تكون إطاراً هيكلياً لمؤسسات المجتمع المدني، وأسبغ شرعية غير قانونية على عنف جهاز الدولة.


حافظ الأسد يحاول تخفيف غلواء "العنف الثوري"!
حاول حافظ الأسد في 23 آذار عام 1980م أن يخفف من غلواء (العنف الثوري) الذي يقوده شقيقه رفعت الأسد. فخاطب الشباب (شباب الحزب والمنظمات الحزبية) داعياً إلى التمييز ما بين (الإخوان المسلمين) المتورطين في العنف، و(الإخوان المسلمين) المعارضين للعنف. وقال بنبرة جديدة فاجأت الشباب: (أريد أن أوضح أمراً يتعلق بحزب الإخوان المسلمين في سورية. الإخوان المسلمون في سورية ليسو جميعاً مع القتل بل كثير منهم، القسم الأكبر منهم ضد القتل ويدين القتل.. هؤلاء أيها الشباب، لا خلاف لنا معهم إطلاقاً بل نحن نشجعهم، ولهؤلاء الحق بل وعليهم واجب، أن يقترحوا علينا وأن يطالبونا بكل ما من شأنه خدمة الدين ورفع شأن الدين).


وميز حافظ الأسد بين (القطاع المحافظ) و(الرجعية)، وانتقد علناً ولكن بشكل خجول رآه البعض (ذراً للرماد في العيون) تصرف (مظليات الشبيبة) من العلويات اللاتي رحن كقطعان الذئاب يخلعن الحجاب عن رؤوس حرائر دمشق في الأسواق والساحات وأماكن التجمع العامة، بأسلوب خسيس وغير أخلاقي، مما أدى إلى حدوث بعض المشاجرات والعراك الذي أسفر في بعض الحالات إلى مقتل بعض الشبيبيات المعتديات، الأمر الذي دفع رفعت الأسد إلى تسيير دوريات من سرايا الدفاع التي يقودها لحماية الشبيبيات وتسهيل مهمتهن الفاجرة في الاعتداء على قيم المجتمع السوري! 


حافظ الأسد يوجه رسالة سلام
كان من المفترض أن يؤدي تلميح حافظ الأسد في إشارته إلى التمييز بين من يدعون إلى العنف ومن ينبذونه إلى إرساء تعاطٍ مختلف مع الإسلاميين، لا يضعهم في سلة واحدة مع دعاة العنف، وأيضاً إلى تقليص عنف الدولة تجاههم. وهذا يعني أن حافظ الأسد وجد في العنف والعنف المضاد طريقاً لا يؤدي إلى عودة الأمن إلى الشارع السوري، ومن هنا نجد أن الأسد أراد في هذا التمييز توجيه رسالة سلام تتجنب استمرار المجابهة وتعيد تفعيل آليات المصالحة الوطنية.


لقد كان – على ما يبدو – أن مبدأ المصالحة الوطنية ما يزال يشغل مساحة من تفكير الأسد.. وإن كان المعلن على الأقل، لأنه ثمة فارق كبير دائماً بين ما يعلنه الأسد وما يمكر به... وقد أكد على هذه الرسالة الأمين العام المساعد للحزب (عبد الله الأحمر) في جلسة حزبية قيادية داخلية في حلب في أيار عام 1980م، فقد طرح فكرة تأسيس حزب محافظ، وضمه إلى الجبهة، أي استيعاب التيار المحافظ في إطار النسق السائد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: رد: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:17 pm

ليل آذار الطويل-9: ضابط بعثي ينفذ مجزرة في مدرسة المدفعية بحلب!
أورينت نت - محمد فاروق الإمام
سهّل النقيب البعثي * (إبراهيم اليوسف) المسؤول الأمني لمدرسة المدفعية بحلب، لمجموعة من أفراد الطليعة يقودها عدنان عقلة بدخول المدرسة في صباح يوم 16 حزيران عام 1979م، وقد جمع هذا النقيب كامل طلبة المدرسة في قاعة الندوة لينهال عليهم عدنان عقلة ورفاقه رمياً عشوائياً بالرصاص والقنابل اليدوية، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الطلبة بين قتيل وجريح، وبعد إنجاز المهمة بنجاح فرت المجموعة المنفذة للعملية يصحبها النقيب (إبراهيم اليوسف) إلى جهة مجهولة. وقد هزت هذه العملية سورية من أقصاها إلى أقصاها، وفوجئت جماعة الإخوان المسلمين وقيادتها بوقوع هذه العملية، فسارعت إلى الإعلان فور سماعها وقوع هذه الجريمة عن استنكارها لهذا العمل، وأصدرت بياناً تنفي فيه نفياً قاطعاً صلة الجماعة بها.


بيان الأخوان حول حادثة مدرسة المدفعية بحلب
إن الإخوان المسلمين قد فوجئوا كما فوجئ غيرهم، بالحملة التي شنها عليهم (عدنان دباغ) وزير الداخلية السوري، متهماً إياهم بالعمالة والخيانة وغير ذلك، ومحملاً إياهم مسؤولية أمور، هو أكثر الناس دراية أنهم براء منها. لقد حملهم مسؤولية المذبحة التي حدثت في مدرسة المدفعية كما حملهم مسؤولية الاغتيالات التي جرت، ولا زالت تجري في سوريا.


ونحن نذكّر وزير الداخلية السوري أنه بالأمس القريب كان يتهم العراق بهذه الاغتيالات، فلماذا تغيرت النغمة اليوم؟.
وعلى كل الأحوال، فإن الإخوان المسلمين، وهم أكثر الناس إدراكاً للوضع الدقيق الذي تمر به بلادهم في هذه المرحلة، يحبون أن يضعوا النقاط على الحروف في الأمور التالية:


1. إن نغمة عمالة الإخوان المسلمين لشرق أو لغرب نغمة أصبحت معروفة ممجوجة، وأن ما لاقوه من عنتٍ وأذى من عملاء الشرق والغرب، إنما كان من أجل مطالبتهم بتحكيم كتاب الله في واقع الحياة.


2. إنه من العجيب أن يُتَّهم الإخوان بالعمالة لإسرائيل في الوقت الذي يعلم الجميع قتالهم على أرض فلسطين بينما يتحمل غيرهم عار الهزائم المتلاحقة.


3. والأعجب من هذا أن يتهم الإخوان المسلمين بأنهم يريدون إضعاف مقاومة سوريا، والإخوان المسلمون يقولون: "إن الذي أضعف المقاومة في سوريا هو الذي سرَّح الضباط الأكفياء، وأوقد نار الطائفية في الجيش وغيره، وحطّم الاقتصاد السوري، وأفقد المواطن الثقة بكل شيء".


4. أما إن الإخوان المسلمين يعملون لصالح أصحاب اتفاقيتي "كامب ديفيد" فهذا يدحضه أنهم هم الجهة الوحيدة التي ترفض بصدق وإصرار أن يكون لليهود دولة ولو على شبر واحد من فلسطين. فإذا اتضحت هذه الأمور، فلنناقش مسؤولية الإخوان المسلمين عن حادثة مدرسة المدفعية في حلب.


أ. إن النقيب إبراهيم اليوسف الذي نفذ حادثة مدرسة المدفعية معروف عنه أنه عضو عامل في حزب البعث السوري، وليس له أي صلة بالإخوان المسلمين فلماذا ينسب عمله إلى الإخوان المسلمين؟


ب. ثم إن السلطة تعرف أن هناك أوراقاً خلّفها أصحاب الحادثة تبين هويتهم، وأن لا صلة لهم بالإخوان المسلمين.


ج. لقد ألِفَت شعوب هذه المنطقة أن ضرب الحركة الإسلامية لا يكون إلا مقدمة لاستسلام أو تسليم .


د. إن هناك وضعاً غير متوازن في سوريا بين الطائفة النصيرية الحاكمة التي لا تشكل أكثر من 10% من سكان سوريا، وبين بقية الطوائف، ويكفي التدليل على ذلك ما حدث في مدرسة المدفعية فمن مجموع طلابها لم يوجد إلا ثلاثون سنياً من أصل 300 طالب غالبيتهم العظمى من النصيريين.
أليس هذا وحده قد يكون سبباً لاندفاع النقيب إبراهيم اليوسف البعثي السني في السير في طريقه الذي سار فيه.


هـ. إن هناك كثيرين من قادة الإخوان المسلمين وأفرادهم معتقلون منذ أشهر وبعضهم منذ سنين فهل ما أعلن بالأمس كان مؤامرة لإدانة هؤلاء بشيء لم يفعلوه؟.


و. إن الإخوان المسلمين يتحدّون أن تُثبت أي جهة في العالم عن طريق تحقيق نزيه أن تكون قيادتهم أو عناصرهم قد سارت في طريق العنف، علماً بأن الحكم السوري قد أوجد له كثيراً من الخصوم الذين يؤمنون باستخدام العنف.
وأخيراً وليس آخراً فليس من دأب الإخوان المسلمين السباب، ولكنهم يريدون الإصلاح.


إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله. والله أكبر ولله الحمد.
الإخوان المسلمون
29 رجب 1399ه/24 حزيران 1979م


النظام يستقدام خبراء حرب عصابات 
ورغم تنصل جماعة الإخوان المسلمين من هذه العملية والتنديد بمرتكبيها، إلا أن العميد (عدنان دباغ) وزير الداخلية أعلن رسمياً في 22 حزيران – أي بعد وقوع العملية بستة أيام – مسؤولية جماعة الإخوان المسلمين عنها وعن كافة العمليات التي سبقتها، اعتماداً على بيان تركه منفذو العملية في الموقع يقول: (إن من نفذ العملية هو الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين - كتيبة الشهيد مروان حديد).


وعلى أثر العملية قامت سلطات الأمن باعتقالات عشوائية لكوادر الجماعة ورموزها عام 1979م. 


أحكمت الطليعة إثر مذبحة المدفعية اختراقها لقواعد الإسلاميين واستقطابها لها، واستوعبت مجندين شباناً جدداً لم يكن لهم أي خلفية سابقة بالإخوان أو التدين.


في حين تمكنت أجهزة الأمن – بعد تراجعها – من تكوين خبرة في التعامل مع هذا النوع من القتال بعد استقدام عدد من خبراء حرب العصابات من بعض الدول الشيوعية قاموا بتدريب عناصر الأمن على التكيف مع مثل هذه الحرب، وبالتالي فقد نجحت أجهزة الأمن في تفكيك قواعد الطليعة عبر أساليب (الفخاخ) و(الشبكة العنكبوتية) و(استفزاز العصابيين) و(الحواجز الطيارة) لإخراج كوادر الطليعة من مكامنهم والإجهاز عليهم.


وتوضح إحصائية جزئية لعينة تشمل (13384) حركياً إسلامياً اعتقلوا ما بين عامي (1976-1981م) بعض السمات السوسيولوجية الأساسية لتركيب الحركة الإسلامية في هذه الفترة. فقد كانت نسبة الطلاب في هذه العينة (27,7%) والمدرسين والمعلمين (7,9%) والمهنيين (13,3%).


لقد تميزت الحياة السياسية السورية خلال أعوام (1979-1982م) بكافة المؤشرات التي تعتبر مدرسياً كمؤشرات للعنف السياسي من: تظاهرات وأحداث شغب وتمردات وإضرابات واغتيالات ومحاولات اغتيال وخطط انقلابية عسكرية، واعتقالات وحرق مؤسسات عامة، ومعارك شوارع، ومداهمات أمنية، وتوتير سياسي، ومنع تجول ومحاصرة مدن وتفتيش شامل، وقتل واعتقال على الهوية، وتعذيب في أقبية التحقيق وسجون ومعتقلات الأسد حتى الموت بوحشية لا مثيل لها، واعتقالات عشوائية كانت تطال قريب المعتقل أو المطلوب من الدرجة الرابعة، وتفجير بيوت وحرق مزارع، وإلقاء البعض من طائرات مروحية عسكرية بعد تصفيتهم، وتمشيط الأحياء والقتل الجماعي (مجزرة تدمر، ومجزرة حلب، ومجزرة جسر الشغور، ومجزرة حماة الكبرى)، وتصاعد الإرهاب الذي تبنته عقلية عصاباتية تقود الدولة وترفض أي تخل أو مشاركة في الحكم.
يتبع.... 


• هامش لـ (أورينت نت): 
استهجنت زوجة النقيب "إبراهيم اليوسف" "عزيزة جلود" في وقت سابق، ما جاء من تصريحات لمراقب عام "جماعة الإخوان المسلمين" السابق صدر الدين البيانوني خلال الفيلم الوثائقي الذي عرض عام 2013 على قناة الجزيرة حول مجزرة حماة ، وصفه لزوجها بـ "الضابط البعثي السني" والذي ادعى فيه "البيانوني" عدم معرفته للشهيد النقيب "إبراهيم اليوسف". وتساءلت "عزيزة الجلود" عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عن إصرار البيانوني، والتنظيم على نعت "زوجها الشهيد" في كل مناسبة بـ "البعثي" مشيرة إلى علمهم المسبق بأن كل ضابط في الجيش السوري يجب أن يكون بعثياً وأضافت في سياق ردها على "البيانوني": " لو كان الشهيد –في إشارة للنقيب إبراهيم- يؤمن بالبعث ماكان انضم لصفوف الطليعة المقاتلة، في وقت مبكر من عمر تأسيس التنظيم".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ليل آذار الطويل- Empty
مُساهمةموضوع: رد: ليل آذار الطويل-   ليل آذار الطويل- Emptyالثلاثاء 10 مارس 2015, 11:17 pm

ليل آذار الطويل -10: محاولة اغتيال تستهدف حافظ الأسد وتهز أمنه!
أورينت نت - محمد فاروق الإمام 
نجا الرئيس حافظ الأسد بأعجوبة من محاولة اغتيال محبوكة بدقة وإتقان من قبل خلية زرعت في جهاز أمنه وحرسه الخاص، حين ألقى أحد أفراد حرسه الشخصي قنبلتان يدويتان استهدفته مباشرة.. أثناء وداعه لرئيسي أفريقي! 
فقد زار الرئيس النيجيري (حسين كونتشي) سورية. وعند انتهاء الزيارة يوم 26 حزيران عام 1980م، كان الأسد في وداعه بقصر الضيافة في حي أبي رمانة، وعلى الدرج الضيق الخاص أمام قصر الضيافة، تقدم أحد الحراس لينفذ انفجاراً بالقرب منه... تمت عملية الانفجار بإلقاء قنبلتين يدويتين، فصّدت الأولى وتم إبعادها، واحتضن أحد أبرز مرافقيه الثانية.. وفي رواية ثانية دُفع فوقها، فلقي حتفه ونجا الرئيس! 
أعلنت (الطليعة) أن الخلية التي حاولت اغتيال حافظ الأسد هي إحدى خلاياها.
كانت هذه الرسالة تشير بأن (الطليعة) قد تمكنت من التسلل إلى أكثر المناطق حساسية، وهذا دفع صقور "العنف الثوري" الذين حاولوا جاهدين أن ينتزعوا تفويضاً من الأسد بتصفية (العصابة) على طريقتهم، إلى أن يجدوا فرصتهم الذهبية... مع ملاحظة أن "ممانعة" حافظ الأسد، لم تكن مسألة مبدأ، وإنما مسألة وقت! 


الإعداد لمجزرة تدمر 
في تمام الساعة الثالثة والنصف من صباح يوم 27/6/1980 دُعيت مجموعتان من سرايا الدفاع للاجتماع بلباس الميدان الكامل، المجموعة الأولى من اللواء (40)، الذي يقوده الرائد معين ناصيف (زوج بنت رفعت الأسد)، والمجموعة الثانية من اللواء (138)، الذي يقوده المقدم علي ديب، وكل من المجموعتين يزيد تعداد عناصرهما على مائة عنصر. 
أما مجموعة اللواء (40) فقد اجتمعوا في سينما اللواء، حيث ألقى فيهم معين ناصيف كلمة، قال فيها: (راح تقوموا بهجوم على أكبر وكر للإخوان المسلمين، وهو سجن تدمر .. مين ما بدو يقاتل؟)، وبالطبع، فلم يرفع أحد منهم يده، ثم انتقلت المجموعة الموجودة إلى مطار المزة القديم، حيث التقت المجموعتان، وكان بانتظارهم عشر طائرات هيلوكوبتر، وكل طيارة تتسع لـ 24 راكباً. 


جميع قادة المجزرة من العلويين! 
كان قائد العملية المقدم سليمان مصطفى، وهو قائد أركان اللواء (138)، وكان من جملة الضباط المشاركين: الملازم أول ياسر باكير، والملازم أول منير درويش، والملازم أول رئيف عبد الله. 
أقلعت طائرات الهيلوكبتر حوالي الساعة الخامسة صباحاً، ووصلت إلى مطار تدمر حوالي الساعة السادسة، وعقد اجتماع لضباط العملية، تمّ فيه توزيع المهمات وتقسيم المجموعات، ثم أعطي العناصر استراحة لمدة ثلاث أرباع الساعة. 
في هذه الأثناء كان سجن (تدمر) هادئاً، وقد اتخذت ترتيبات مُعينة؛ مثل: إجراء تفقد للمعتقلين وتسهيل مهمة مجموعات سرايا الدفاع، فلم تكن هناك عراقيل أو اعتراض، بل كانت الشرطة العسكرية المكلفة بالحراسة مستعدة على الباب الخارجي، كما كان رئيس الحرس وشرطته العسكرية مجتمعين في ساحة السجن، وقد أبعد العديد من أفراد الشرطة العسكرية ممن ينتسبون للسنة وأعطوا إجازات سريعة لقضائها في بلدانهم. 
ثمّ دُعي عناصر سرايا الدفاع إلى الاجتماع؛ حيث تمّ تقسيمهم ثلاث مجموعات: 
ـ المجموعة الأولى: وهي مكوّنة من (80) عنصراً، وكلفت بدخول السجن، وسُميت "مجموعة الاقتحام". 
ـ المجموعة الثانية: وهي مكونة من (20) عنصراً، وكُلّفت بحماية طائرات الهيلوكبتر. 
ـ المجموعة الثالثة: وهي مكونة من بقية العناصر، وقد بقيت في المطار للاحتياط. 
ركبت مجموعة الاقتحام سيارات (دوج تراك)، وحين وصلت إلى السجن؛ انقسمت المجموعات الموجودة إلى مجموعات صغيرة، كل منها بإمرة أحد الضباط، وقد سلّم مدير السجن مفاتيح المهاجع إلى ضباط سرايا الدفاع، كما زوّدوا بمرشدين لغرف السجن وباحاته. 
كان في سجن تدمر العسكري (34) مهجعاً، في كل منها (20-70) معتقلاً؛ تبعاً لحجم المهجع، وقد تم تنظيم العملية بقتل المعتقلين على دفعتين: الدفعة الأولى شمل الغرف المطلّة على الباحات (1 و2 و3)، والدفعة الثانية تشمل الغرف المُطلّة على الباحات (4 و5 و6)؛ وبسبب انخفاض المهاجع وعتمتها في غرف الباحات (1 و2 و3)؛ تقرر إخراج المعتقلين إلى الباحات لتنفيذ الإعدام فيهم. 


وتوزّعت مجموعات سرايا الدفاع على المهاجع والباحات، وفُتحت الأبواب، وبموجب نظام السجن؛ وقف المعتقلون عند فتح أبواب المهاجع مغمضي العيون ووجوههم إلى السقف، وقدم رئيس كل مهجع الصف (ويكون أحد السجناء، ويُطلب منه ترتيب السجناء وتنظيمهم، ويكون له نصيب أكبر من العذاب، انظر كتاب شاهد ومشهود). 
ـ في الباحة رقم (1) تم إخراج نزلاء المهجعين (5 و6)، ونزلاء المهجع (4)، وجُمعوا في زاوية الباحة الشمالية الشرقية. 
ـ في الباحة رقم (2) تمّ إخراج نزلاء المهاجع الثلاثة (8 و9 و10)، وجُمعوا في آخر الباحة الجنوبية الغربية، مقابل المهجع (Cool ذي الشرفة الواسعة من الأمام. 
ـ في الباحة رقم (3) تمّ جمع المعتقلين من المهاجع (12 و13 و16 و17)، في الزاوية الشرقية الجنوبية من الباحة أمام المهجع (12). 


إبادة جماعية متزامنة في ثلاث باحات! 
وهكذا تمّ تجميع المعتقلين مع أغراضهم بشكل يجعل عملية القتل والإبادة تبدأ في الباحات الثلاثة في وقت واحد. 
والجدير بالذكر أن المعتقلين جميعاً خضعوا في اليوم السابق لأنواع من التعذيب الشديد الذي لم يسبق له مثيل، فقد اندفعت عناصر الشرطة العسكرية تطوف بالمهاجع، وتضرب المعتقلين بالسياط والعصي، كما أخرجوا نزلاء بعض المهاجع إلى الباحات بالتسلسل، وانهالوا عليهم ضرباً بالعصي والسياط، فأصيب الكثيرون من المعتقلين بكسور وجروح مختلفة.
بعد الاطمئنان إلى الإعداد لبدء المذبحة البشعة أعطيت إشارة البدء لعناصر سرايا الدفاع، فانطلقت الآلات النارية تصبّ وابل الحمم على المعتقلين العزل الأبرياء، وألقيت عدة قنابل ـ لا سيما في الباحة رقم (2)، واستخدمت بعض قاذفات اللهب مع إطلاق النار الكثيف في كل من الباحات الثلاث، حيث تعالت أصوات المعتقلين بهتافات: الله أكبر. 
وخلال دقائق قليلة انتهى الأمر، لكن بعض المعتقلين في الباحة رقم (1)؛ تمكنوا من الهروب، ودخول المهجع الكبير المزدوج (4 و5)، فتواروا فيه، فلحق بهم بعض عناصر سرايا الدفاع، فقتلوهم ومثّلوا بهم. 


حين انتهت العملية في الساحات الثلاث، تجمع القتلة وانطلقوا إلى الباحات الثلاث الأخرى، ولكيلا تتكرر عملية هرب بعض الضحايا إلى المهاجع؛ قرر الضباط دخول المهاجع على المعتقلين، وقتلهم فيها. 
اندفعت ست مجموعات من القتلة إلى الباحة رقم (4)، وفيها ثلاثة مهاجع مليئة بالمعتقلين، فتوجهت كل مجموعتين إلى مهجع، وفتح الباب، وقدم رئيس كل مهجع الصف، فدخلوا عليهم، وأمروهم بالابتعاد عن الباب، ثم ألقوا على المهجع قنبلتين دفاعيتين، ثم دخلوا عليهم، وأخذوا يُطلقون رصاصهم رشاً على الضحايا الذين ارتمى معظمهم على الأرض بين قتيل وجريح، واستمروا في ذلك إلى أن أتمّوا قتل من في المهجع. 
ثم انطلقت المجموعات إلى الباحات رقم (5 و6)، حيث توزّعت على المهاجع الخمسة الباقية، وتم فتح الأبواب عليهم، وبُدئ بإطلاق النار على المعتقلين العُزّل. 


معتقل يتمكن من نزع سلاح رقيب! 
وفي أحد مهاجع الباحة رقم (5) اختبأ أحد المعتقلين في دورة المياه بالقرب من الباب، وحين دخلت العناصر المسلحة، وبدأت بإطلاق النار على المعتقلين العُزّل، انقضّ هذا المعتقل من دورة المياه، وتمكّن من انتزاع السلاح من أحد عناصر سرايا الدفاع، وهو الرقيب اسكندر أحمد، وأطلق عدة طلقات أدت إلى مقتل هذا الرقيب وجرح إثنين آخرين ، لكن بقية العناصر المسلحة بادرت إلى إطلاق النار على المعتقل البطل حتى استشهد. 
قام بعض الضباط والعناصر بتقليب جُثث الضحايا، والتأكد من مقتلها أو الإجهاز على من فيه بقية رمق؛ حتى تلطّخت أيديهم وثيابهم وصدورهم بالدماء، مثل الملازم: رئيف عبد الله، والملازم منير درويش، والرقيب علي محمد موسى. 
بقي دم الضحايا البريئة يغمر أرض السجن؛ وتجمد في كثير من الأماكن من الباحات والمهاجع، فتم تنظيف الساحات، وتم طلاء جدران السجن بسرعة لإخفاء معالم الجريمة، أما المجرمون منفذو العملية فقد عادوا إلى مطار المزة في الساعة 12.30 ظهراً، وانصرفت مجموعة اللواء 138 إلى لوائها، كما انصرفت مجموعة اللواء 40 إلى لوائها، وكان بانتظارهم الرائد معين ناصيف، حيث اجتمع بهم في السينما، وشكرهم على جهودهم، وعزاهم بوفاة الرقيب اسكندر، وقال لهم: أنتم قمتم بعمل بطولي، بعمل رجولي، ثم أمرهم بكتمان العملية، وقال لهم: ما لازم تطلع هالعملية خارج منا، يعني لازم تظل مكتومة وسرية. 
وفي اليوم التالي وزعت السلطة مبلغ 200 ليرة سورية على كل عنصر من العناصر الذين اشتركوا في هذه الجريمة. 


محاولة اغتيال "عَلَوية"والأردن تفضح المجزرة! 
كان يمكن لهذه المجزرة الرهيبة التي أقدمت فيها الدولة / العصابة، على الغدر بسجناء عزل لديها، أن تبقى طي الكتمان، لولا أن نظام الأسد وقع في شر أعماله! 
فالمجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 900 سجين في مذبحة رهيبة بشعة نفذها المقدم (محمد ناصيف) بأمر من العقيد المجرم (رفعت الأسد) قائد سرايا الدفاع، كُشفِتْ كل تفاصيلها من خلال اعترافات الرقيب المجرم (عيسى إبراهيم فياض)، والعريف المجرم (أكرم علي جميل بيشاني)، وكلاهما علويان من سرايا الدفاع، اشتركا في محاولة فاشلة لاغتيال رئيس الوزراء الأردني السابق مضر بدران، وقبضت عليهما السلطات الأدرنية... وخلال التحقيق معهما أدليا باعترافاتهما كاملة عن مجزرة تدمر، على شاشة التلفزيون الأردني، ونشرت في كتاب الوثائق الأردنية – 1981، والذي طبعته وزارة الإعلام الأردنية بتاريخ 25/2/1981. 
هذا وقد اطلعت لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، التي انعقدت في جنيف في دورتها السابعة والثلاثين على وقائع مجزرة تدمر، خلال مناقشتها للبند 13 من جدول الأعمال الخاص بانتهاكات حقوق الإنسان في العالم، ووزعت على اللجنة الوثيقة رقم (E/CN/4/146 تاريخ 4/3/1981، والتي تضمّنت إفادات المشاركين في مجزرة تدمر، (عيسى إبراهيم الفياض وأكرم بيشاني). وناقشت اللجنة بجلستها رقم 1632 تاريخ 9/3/1981 مضمون المذكرة وشارك في النقاش مندوبو الأردن والعراق وسورية.


صدور القانون 49 والمجازر تتوالى! 
وعادت المجابهة الدموية إلى نقطة الصفر، وانطلق العنف من جديد، ليشهد شهر تموز عام 1980م أعنف حملات العنف الرسمي. فقد ارتكب المقدم (هاشم معلا) قائد مجموعات الوحدات الخاصة في حلب مذبحة في حي المشارقة الشعبي صباح يوم عيد الفطر، راح ضحيتها نحو مئة مدني. في حين أقر مجلس الشعب في 7 تموز عام 1980م، وعلى إيقاع ما سماه كتاب حزبي بـ(الانتفاضة الشعبية العارمة ضد عصابة الإخوان المسلمين) القانون رقم (49) الذي ينص على إنزال عقوبة الإعدام بكل من ينتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأعفى هذا القانون من العقوبة كل من يعلن خلال شهر خطياً انسحابه إذا كان داخل القطر وخلال شهرين إذا كان خارج القطر.
وبعد أن استحر القتل في سورية بمراسيم، طبقاً للقانون (49) الصادر عام 1980م، الذي يجرم كل منتم لجماعة الإخوان المسلمين ويحكم عليه بالإعدام، وإنشاء المحاكم الميدانية العسكرية التي خُولت بإصدار عقوبة الإعدام بحق عناصر الإخوان المسلمين وتنفيذها، الأمر الذي دفع الآلاف من جماعة الإخوان المسلمين وأقربائهم وأصدقائهم على الفرار إلى دول الجوار القريبة أو البلاد البعيدة. 
فقد استقبلت تركيا والعراق ولبنان والأردن والسعودية ودول الخليج الآلاف ممن تمكنوا من الفرار، وكان نصيب الأردن الحظ الأوفر من هؤلاء الفارين والنازحين لسهولة الانتقال إليه، إذ لم يكن السوري بحاجة إلى تأشيرة دخول من جهة، ولطول الحدود بين البلدين وسهولة عبورها، فتجمع في الأردن أعداد كبيرة جداً طلباً للنجاة من الموت والقتل على الهوية.


(تمّت)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
ليل آذار الطويل-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات-
انتقل الى: