ﻻ ننكر أن اهتمام الوالدين يكون منصباً على توفير المأكل والمشرب ﻷبنائهم، إﻻ أن قلة الوعي قد تتسبب في حدوث عدة مشاكل صحية ونفسية حين ﻻ يتم حسن اختيارهما بشكل سليم، وديننا اﻹسﻼمي الحنيف وضع لنا قواعد ذهبية في المأكل والمشرب تضمن صحة وسﻼمة اﻹنسان، أثبت العلم فاعليتها.
إليك إرشادات ﻷهم هذه القواعد حتى تعلميها لطفلك، وتبرزي له أهمية وعظم وصايا القرآن الكريم والرسول صلوات الله وسﻼمه عليه، وتدريبه على اﻻقتداء والتحلي بها.
في هذا الموضوع نستعين بنصائح اختصاصية التغذية وأمراض السمنة والنحافة الدكتورة منال إسماعيل.
بداية تخبرنا الدكتورة منال إسماعيل أن الطعام والشراب ضرورة وحاجة لﻺنسان، فﻼ حياة إﻻ بهما، ويجب أن ﻻ يتناول من الطعام إﻻ ما يحفظ البدن، ويدفع ألم الجوع أو يمنع المرض، وفي هذا يقول تعالى: «يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَﻻَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ ﻻَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» سورة اﻷعراف:31
وأشارت إلى أن من واجب الوالدين توجيه أوﻻدهم توجيهاً إسﻼمياً حول كيفية الطعام والشراب، فإذا ﻻحظ اﻷب واﻷم أوﻻدهما ﻻ يلتزمون بآداب الطعام والشراب، فعليهما بتنبيههم بقولهما لهم: «اشرب وأنت جالس»، «اشرب كأس الماء ثﻼث مرَّات»، «مصَّ الماء مصّاً وﻻ تعبَّه عبّاً»، «إيّاك أن تتنفَّس في اﻹناء، فبعض اﻷمراض تنتقل عن طريق الزفير إلى الماء»، «قبل أن تشرب اذكر اسم الله»، «إذا انتهيت من الشرب فقل الحمدلله»، فهذا توجيه النبيّ، وإن استمر التوجيه فستجد أن هذا اﻻبن ينشأ على شرب الماء وفق السنة، ويأكل ويسمّي، وﻻ بأس من جعل وجبة الطعام وجبة للحديث والمؤانسة، فهناك أُسر ﻻ تلتقي إﻻ على الطعام، وهناك من يجعل من هذا الطعام مناسبة للحديث، فازدراد الطعام بسرعة يسيء إلى هضمه، أمَّا اﻷكل بهدوء وببطء مع الحديث الممتع على الطعام فهذا يعين على هضمه، ويعين على اﻻكتفاء بقدرٍ مناسبٍ منه، أمّا من يضع رأسه في اﻹناء، ويزدرد الطعام ازدراداً فهذا يسيء إلى هضمه، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَشْرَبُوا وَاحِداً كَشُرْبِ الْبَعِيرِ وَلَكِنِ اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُﻼثَ وَسَمُّوا إِذَا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ وَاحْمَدُوا إِذَا أَنْتُمْ رَفَعْتُمْ" رواه الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
توجيهات فورية
توجد توجيهات كثيرة في الطعام، فمن كان معتاداً على تناول قطعة من الفواكه بعد الطعام لو أكلها قبل الطعام لرأى فوائد ﻻ تحصى؛ ﻷنّ هذا الغذاء السكريّ سريع الهضم، وسريع الوصول إلى مركز الشبع لﻺنسان، ويمكث لمدة قليلة في المعدة تقارب عشرين دقيقة، فلو دخل اﻹنسان إلى بيته، وأكل من الفاكهة قبل الطعام ولو نصف برتقالة أو نصف تفّاحة تخف عنده حدّة الجوع، فالتفاح سكري، والسكّر ينتقل من الفم إلى الدم في ثلث ساعة، أو يأكل شيئاً موجوداً من السكريّات ولو تمرة، مما يخفف من حدّة الجوع، ويخفف من النهم في الطعام، والدليل قوله تعالى: «وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)» سورة الواقعة، وفي الصحيحين قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَﻼ يَتَنَفَّسْ فِي اﻹنَاءِ» صحيح البخاري عَنْ عَبْد ِاللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ.
وفي روايةٍ للترمذيّ نهى النبي صل الله عليه وسلم أن يُتَنَفَّس في اﻹناء أو ينفخ فيه؛ حيث قال عليه الصﻼة والسﻼم: «ﻻ يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِماً فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» رواه مسلم عن أبي هريرة.
قواعد خاصة بالتغذية
أشارت إسماعيل إلى أن اﻹسﻼم وضع قواعد خاصة بالتغذية، وطلب من المسلمين تنفيذها، ومن هذه القواعد:
- غسل اليدين قبل الطعام وبعده، كما يستحب الوضوء قبل الطعام.
- اﻻعتدال بالطعام، وهو ما ورد في اﻵية التي وردت في سورة اﻷعراف الداعية إلى عدم اﻹسراف باﻷكل لسﻼمة الجسم، كما أن اﻻقتصاد في الطعام يجعل اﻷجهزة الهضمية تعمل دون تعب، مما يمكّن من اﻻستفادة من الطعام وعدم هدره، وها هو النبي صل الله عليه وسلم يقول: «طعام اﻻثنين كافٍ للثﻼثة، وطعام الثﻼثة كافٍ لﻸربعة» أخرجه البخاري.
- اجتناب اﻷطعمة أو الشراب المحرم، حيث قال تعالى: «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَاﻷَنصَابُ وَاﻷَزْﻻَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» المائدة: 90.
- اﻹسﻼم يطلب مضغ الطعام، وإذا جلس الصبي مع غيره ﻻ يبادر إلى الطعام، وﻻ يديم النظر إلى ألوانه، وﻻ يُحدق إليه شديداً، ويقتصر على ما يليه، وﻻ يسرع في اﻷكل، وﻻ يُعظم اللقمة وﻻ يبلعها؛ حتى يجيد مضغها.
- نهى الرسول عن أكل الطعام الحار.
- ﻻ شك أن العناية بنظافة المأكل والمشرب واجبة في أصول التربية اﻹسﻼمية، والنصوص في ذلك كثيرة.