عُــذراَ أيتها المنسية...
يا فلذات المنسية على هامش الوقت
لكم أن تنهمكوا بكل أموركم
لكم أن تكونوا مع أترابكم
لكم وقتكم ولهوِكم وانشغالكم
ولها الترقب والانتظار..
لها مصارعة اللحظاتِ , محاكاةُ اللاشيء..
لها تجاعيدٌ حفرها القلقُ على شغافِ النابض
لكم أن تكدّسوا ما جنيتُم في جيوبِ الأحلامِ
ولها أن تعُد ما بقي من توالي الأيام
لكم التجاهل والنسيان
ولها الصبر والكتمان
عذرا أماه إن ضللت الدرب
ذات حقبة من عمر الزمانِ
عُذراً أماه
إن تركتُك تلوكين انتظاري
حين شغلتني عنك حصّالة الملذاتِ
عُذراً إن تركتُكِ
حافية الروح ِ
معلقة بين أرض وسماء
يا من كنتِ هناك.. دوماً هناك
توجهين بوصلتي لمرفأ الأمان
يا من تألّمتِ واحتملتِ وعانيتِ
وخبأتِ الوجعَ خلف أروقة الأجفان
أه كم ناديتِ وطلبتِ ورجوتِ
وعاد صوتك خاليَ الوفاض
ما أيقنتُ سبب لهفتك لاحتضاني كل مساء
ما عرفتُ سر هدوئك أمام غضبي
وصمتك بوجه العناء
آه كم مرة أجبتُك بأفٍ وأفٍ
وكررتها بلا مبالاة !
من أين لك هذه القدرة على السماح..؟؟
من أين لي هذا الفيض من اللامبالاة
أيتها المتكئة على أريكة النسيان
أأتعبك السهر ؟؟؟
أخانتك عثرات العمر؟؟؟
ذبلت البسمة على وجنتيك
وخبى ذاك البريق ألــ كان يستوطن عينيك
وما زلت تكابرين.....
وآهاتك بين الأضلع تخبئين
يا أنت ..يا نور الحياة ...
نظرت إليكِ ولكنني ما رأيت !!
سمعتك مرارا وتكرارا وما اكترثت وما لبّيت
آلمتك وبقي نزفك مسافراً في حقائب الروح
ولكني ما قدّرتُ حجمَ الكتمان
وما حسبتُ بأي سرعةٍ سيمرُ هذا الزمان
كبرتُ أنا يا أمي ولاحَ الشيبُ بين الخصلِ
ما عساي أفعل لأجلك أماه
وقد وَهُن جناحكِ وأنهكَكِ ثِقَلُ الحِملِ
كيفَ أمسحُ ما حفرتُ من قهرٍ
على جبين الأمسِ؟؟
كيف لي أن أعيدَ مراكبَ السفرِ
وما عادَ الأمرُ
بيَدي ..؟؟؟
غُفرانك يـــا الله ...
وهَبْتَني أماً ذاقتْ مِني مُراً
وسَقتني من شهدِ الحياة
كم كنتَ صادقاً يا جُبران
يوم اتهمتنا إننا أبناءُ الحياة
آه يا أنثى انهكتها الحياة
ليتني أمسحُ خطايا العمرِ بذيلِ ثوبكِ
وأتخذهُ بعدها سجادةَ صلاة
يا فلذات المنسية على هامش الوقتِ
لا تتركوها تتوسّد القهَر وتلتحِفُ الأحزانِ
بللوا جَفاف روحها بندى المحبة
قبل غيابٍ ما بَعده إياب !!!
عبور درويش