البر والعقوق الخفيان
يسعى الكثير منا جاهدا لبر والديه والحصول على رضاهم والفوز من وراء ذلك البر بالجنة وأيضا بر أولاده له، لكن للأسف يقع البعض في تصرفات خاطئة تعتبر من العقوق الخفي وربما تؤثر على ما يقومون به من أشياء أخرى غير خفيه لبر الوالدين حسب وما ورد في موقع الأسرة، فما هو البر الخفي للوالدين؟
بر الوالدين بالمشاعر
نعم إن الأبوين عندما يكبرون تصبح مشاعرهم مرهفة وإحساسهم عالياً جدا وأبسط الأشياء – سواء الجيدة أو السيئة – تؤثر على نفسيتهم، ففي بعض الأحيان يقول الابن أو الإبنه كلمة حتى لو على سبيل المزاح تترك أثرا في نفسية الوالدين، فمن أبواب بر الوالدين الخفية مراعاة الكلمات التي سنقولها لهم والحرص على أن تكون كلها مدح وشكر وعرفان بالجميل، كلمات تترك أثرها الطيب في نفوسهم.
بر الوالدين يكون أيضا بعدم نقل مشكلاتنا ومشاعرنا السيئة لهم، فهم أكثر الأشخاص الذين سيتألمون لآلامنا ربما أكثر منا شخصيا، ولذلك لو أستطاع كل شخص أن يحجب عنهم مشاعره السلبية أو الحزينة ومشكلاته الحياتية البسيطة وحتى المعقدة سيكون ذلك نوعاً من أنواع البر الخفي، وربما تجدون السلوى في التحدث مع صديق أو أخ أو أخت لكن لا تشكوا همومكم لوالديكم لأنهم سيظلون يحملون الهم معكم حتى لو أنتم نسيتم مع الأيام وانشغلتم في أشياء أخرى ستجدونهم ايحملون الهموم والمشكلات عنكم..
إظهار السعادة
من أجل بر الوالدين أيضا علينا أن نظهر السعادة أمامهم فمجرد رؤيتهم لنا سعداء سيسعدون وهذا بالتأكيد من أعظم طرق البر، وأتذكر قصة قرأتها عن أحد الصالحين حين كان مريضا وطريح الفراش وعلم أن أمه آتية لزيارته قام مسرعا واغتسل وارتدى أفضل الثياب وعندما جاءت الأم وجدته في أحسن حال فجلست معه بعض الوقت ثم انصرفت فما لبس أن أغمي عليه من كثرة التعب الذي تكبده ليظهر لأمه أنه بصحة جيدة، وعندما أفاق سألوه عن هذا فقال إن نظرة الحزن في عيني أمه والأثر الحزين الذي سيراه في عينيها عندما تجده مريضا أشد عليه من المرض نفسه، وهذا يوضح لنا كيف إن الوالدين يتأثرون بكل ما يحدث لنا من أحداث سعيدة وأيضا مؤلمة أو حزينة، فلذلك أحرصوا على إظهار كل ما هو سعيد أمامهم.
العقوق الخفي
كما للبر أشكال خفية أيضا للعقوق أشكال خفية فبعض الأبناء يعتمد على والديه – رغم كبر سنهم – في إنجاز بعض المهام له بحجة أنه يشغل وقتهم أو أنهم لا يجدون ما يقومون به، فالعجب كل العجب عندما نجد الأم الخمسينية او الستينية هي التي تخدم بناتها بل وأولادهم عندما يزورونها وأيضا الأب مازال يقضي بعض مهام ولده العشريني أو الثلاثيني حتى بعد أن تزوج وأنجب، أليس هذا بعقوق، ألم يحن الوقت لنريحهم ونسعدهم كما أراحونا ومازالوا يسعون لراحتنا، فعلينا أن نعيد التفكير وترتيب الأولويات، فلا نترك أطفالنا لدى أجدادهم وجداتهم مدة طويلة وهم يتحملون مشقة رعايتهم في حين أننا نحن نتضجر في بعض الأحيان من ضجيجهم وصراخهم، فمن الأولى بتحمل مسئولية الأطفال نحن أم آبائنا وأمهاتنا؟
وفي النهاية نتمنى من كل شخص أن يركز على البر الخفي لوالديه ولا يصب جام جهده في البر المعروف لدى الجميع والذي يتمثل في الخدمة أو المرافقة أو اللين في المعاملة – بالرغم من أن هذا كله مطلوب – فالبر المعروف سهل تحقيقه أما الخفي فربما يترك أيضا أثرا خفيا في نفوس الوالدين فيجعلهم سعداء أكثر، وهذا ما ننشده جميعا لوالدينا أليس كذلك؟
كما نحذر من الوقوع في العقوق الخفي أيضا أو المغلف كما يسميه البعض والذي يترك هو الآخر أثراً شديداً في نفوس والدينا خصوصا لو كانوا كبار السن، كما نتمنى أن يبارك الله في أعمار أبائنا وأمهاتنا جميعا ويعيننا على برهم.
الرئيسية 
البوابة 
