ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: الكذب ملح الرجال!! الثلاثاء 24 مارس 2015, 8:10 pm | |
| د. فوزي السعودالكذب ملح الرجال!!التاريخ:21/3/2015 - الوقت: 2:24م
هذه العبارة محكية في موروثنا الشعبي, وبخاصة في جانبه السلبي, وربما يُقصد بهذا أن الإنسان ينقذ نفسه, ويسلم بريشه, ويخرج من المأزق الذي هو فيه بأقل التكاليف, لكن لن يكون الكذب في يومٍ ما وفي موقف ما, محموداً أو منقبةً, نعم قد يكون هناك حالات خاصة قد نتطرق إليها, لكن نحن نتكلم الآن عن القاعدة العامة, والتي تنظم حياة الانسان دينياً واجتماعياً, واقتصادياً وغيره, فقد وصف حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك الوالغ في هذه الصفة الذميمة أنه يكتب عند الله "كذّاباً" من صيغة المبالغة, ومهما حاول بعض عديمي الأخلاق وعديمي السريرة النظيفة، أن يسوّقوا الكذب ويزيّنوه بقولهم: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس, فلن يتحول إلى فضيلة!! نعم ربما يصدق البعض ولكن سرعان ما تنكشف الكذبة وأصحابها, ويذوب الثلج ويبان ما تحته, ولهذا قالوا أن: "الكذب حباله قصيرة" وتدور في ذات السياق: "الصدقَ طمأنينةٌ وإنَّ الكذبَ رِيبةٌ" (الترمذي ، 2518) وقولهم: كاد المريب أن يقول خذوني . تصور أخي القارئ, لو كان "الكذب" منهج حياة, كيف تكون علاقات الناس؟ وكيف تكون ثقتهم بعضهم ببعض؟ فإذا كان الراعي يكذب والقاضي والتاجر, والمعلم, والمرأة, تخيّل هنا كيف يكون الجحيم والشك والحذر والتردد ؟ لا شك أن هذا سيطغى على كل فنون التعامل بين الأفراد. الكاذب مخلوق انتهازي, فوضوي, هارب من الحقيقة, منعدم الشخصية, بعيد عن الواقع, يخشى المواجهة, يعزي نفسه ولو لبعض الوقت, مزوِّراً للحقيقة, مفتأت على التاريخ والحاضر والمشاهد والغيب, يستغل ربما جهل الناس, وسذاجتهم, وعدم متابعتهم لشؤون الحياة، فيظن أن أكاذيبه وأحابيله ستنطلي على الدهماء والغوغاء... الكَذَبَةُ يستغلون مواقعهم السياسية فيسرفون في الوعود, وأنواع الجنّات التي سيدخلون الشعب إليها, وذلك تهدئة للثائرين والغاضبين, والفقهاءُ الكَذَبَةُ يتزلّفون لعلْية القوم طمعاً في لُعابهم وفُتاتهم, وبقدر ما يأخذون من دنياهم, يخسرون من دينهم، إن كان عندهم دين, وحراس الأمن يبالغون في كذبهم أنهم حماة العباد والبلاد, وتحصين الثغور والحدود, وربما يعلمون أو لا يعلمون أنهم في حراسة الباطل والمفسدين ومصّاصي دماء الشعب المسكين, وليت أنهم تناغموا وبقوة مع شعارهم: "الأمن في خدمة الشعب". ربما أجاز الفقه حالاتٍ خاصة يُباح فيها نوع من المجاملة, والتهدئة, وتطييب الخواطر بين الأزواج، وفي الإصلاح بين المتشاحنين, في كلمات أو عبارات تمسح الحزن، وتدخل الفرح والسرور، وتقرّب بين المتباعدين, أما في حالة العدو والحرب, فمن غير المعقول أن تفشي أسرار أمتك وقوتها، فتسلمها طواعية لعدوك كما فعل بعض أبناء جلدتنا، ويا ليتهم لم يحصلوا على هذه الأسلحة من البداية والتي كبّدت خزينة الشعب وقوته أموالاً طائلة, لقد وصف النبي عليه الصلاة والسلام بأن الكذب خيانة: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب" (سنن أبي داود،4971 ) وقال: "المستشار مؤتمن" (سنن أبي داود ،5128), ولا شك ان الكذب يتنافى مع العدل والإنسانية والمروءة, فهو سلاح فتّاك في تدمير بنية المجتمع وتقطيع أوصاله, ومما لا شك فيه أيضاً أن الجانب الإيماني، والوازع الداخلي، والرقابة الذاتية، وتقوى الله عز وجل سبب رئيس في تجفيف منابع هذا السلوك المشين، وهذا واجب الجميع مؤسسات وأفراد وجماعات ومنابر... في محاربة هذه الرذيلة والتخلي عنها، وزرع فضيلة الصدق والتحلي بها، وذلك فريضة شرعية وضرورة مجتمعية. (البوصلة) |
|