ما بين الطلاق اللفظي، والطلاق الروحي
*لؤي طه
يتقاسمون الحيطان ذاتها، الأغطية والوسائد. يجلسون على طاولة واحدة، يأكلون من طعام واحد يتبادلون النظرات العابرة،تتصادم ذرات العطر فجأة حينما تحكمهم جغرافية المكان.
يلتقون بأجسادهم وصورهم لكن على شكل هياكل بلا روح، مثل أصنام منحوتة بلا إرادة منها ولا تملك إلا القبول بهذا الواقع. غرباء لا يعرف الآخر عن الآخر شيء.
يعيشون مع بعض مرغمين لم تعد تربطهم أية مشاعر ولا عاطفة الحب التي سبق وأن كانت هي شريعة قلوبهم. فقط الأولاد وعقد الزواج هو ما يربطهم وخشية ألسنة الناس من أن تجلدهم لحظة اتخاذ قرار الانفصال.ينفصلون روحياً ويبقى الزواج صورياً لا طعم له ولا نبض يدق كساعة على حائط قلوبهم.
مع مرور الأيام تتسع الهوة ما بينهما ويكبر الشرخ، وتتصدع جدران الحب حتى يُصعب على أي خبير بترميم الآثار أن يصلح تلك الخدوش التي حفرت خشب المشاعر إلى أن آكلها السوس وأحرق البرود جذور العاطفة.
كل يعيش على هواه وكل يمارس طقوسه الخاصة بالتشفي من الآخر. هناك من يذهب بالانتقام من هذا الطلاق الروحي بجرح ذاته والتنازل عن عرش مبادئه ليعيش مغامرة بل مغامرات عاطفية ونزوات مضطربة، هرباً من الفراغ العاطفي الذي يعيشه داخل البيت مع الشريك المنتهي حبه بتقادم مشاعر الحب.
والبعض يُصاب بالكآبة والعزلة والدخول بحالة هذيان نفسي تنعكس على كل من حوله من أولاد وأصدقاء ويتحول الزواج إلى عقدة نفسية وإثماً غليظاً اقترفه قلبه؛ فيعاقب روحه بالعزلة وفرض حالة حزن شديدة الوجع.
إن الطلاق اللفظي الصريح، هو قرار جريء يتخذه من يرى بأن الاستمرار مع حب يلفظ أنفاسه في سكرات الاحتضار أرحم بكثير من أن يعيش بخداع ومراءة لعواطف قد ماتت ومن يموت لا يعود إلى الحياة مرة أخرى.
إن الطلاق الروحي هو الطلاق الذي على المحكمة أن تأخذ به، لتبرم قراراً لا يقبل الطعن بطريق النقض. وهو الطلاق الذي يحرم عيش زوجين تحت سقف واحد، وسرير واحد لأن الأرواح حين تتنافر لا يجوز أن تعيش معاً.فهي تكون في علاقة حب غير شرعية تحرمها الأديان السماوية وجميع شرائع الأرض.
« لو أن الطلاق ذنب لا يُغتفر لم تسنه الأديان ولا القوانين»
يكون الطلاق علاجاً وحالة جميلة حين يتفق الطرفان على مثل هذا القرار وهما بكامل التقدير والاحترام لبعضهما، بدلاً من أن يظلا بصراع نفسي وتهكمات وضياع يدفع ثمنه الأولاد جراء ما يعيشونه مع أبويهم من مشاحنات وألفاظ نابية. أو حالة هدوء كاذبة تنشر جو الكآبة على مدار الساعة.
الزواج والحب هما عقدان روحيان حين ينتهي الحب يصبح عقد الزواج باطلاً لفقدان شرط العقد وهو الحبّ ..