"أشبال الخلافة يكبرون": ما العمل مع جنود "داعش" الأطفال؟
مجموعة من الجنود الأطفال في تنظيم "داعش" الإرهابي
تقرير خاص – (الإيكونوميست) 15/6/2017ترجمة: عبد الرحمن الحسينيعندما عاد عمر إلى البيت بعد 40 يوماً قضاها في معسكر تدريب يديره "داعش"، كان من الواضح أن شيئاً ما قد انكسر فيه. فبعد أن كان ذات مرة صبياً هادئاً ومعجباً بمسلسلات "سبونج بوب" الكرتونية، أصبح عمر، 12 عاماً، ولداً عدوانياً. ,طلب من أمه الكف عن وضع الماكياج، ورفض السلام على صديقاتها الإناث، وأصبح يغضب عندما تحاول أن تساعده في الاستحمام. "قال لي أن هذه الأشياء ممنوعة في الإسلام. لقد غسلوا دماغه".
مات عمر بعد وقت قصير من آخر زيارة له للمنزل. ولأن "داعش" دربه ليكون واحداً من جنودها الانغماسيين -قوات الصدمة التي يتم إرسالها إلى القتال بالبنادق الهجومية والسترات الانتحارية- قُتل عمر قبل ستة أشهر وهو يقاتل قوات الحكومة السورية في مدينة دير الزور الشرقية، ليس بعيداً عن بلدته. وسمح "داعش" لوالدته بخمس عشرة دقيقة تقضيها مع جثة ابنها قبل دفنه في قبر مُنعِت -كامرأة- من زيارته.
تفاقم غضب أمينة بسبب علاقتها بالرجل الذي تحمله المسؤولية عن موت ابنها. والآن، وقد أصبحت لاجئة في تركيا، تقول إن زوجها، الذي أصبح متيماً بأيديولوجية "داعش" بعد وقت قصير من اجتياح المجموعة لمنطقتهم، هو الذي شجع عمر على الانضمام إلى المتطرفين. وتقول والدموع تنهمر من عينيها: "قال لي إنني يجب أن أكون سعيدة عندما مات عمر. كان الأمر كما لو أن أحداً انتزع روحي".
جند الجهاديون المتطرفون الآلاف من الأطفال في العراق وسورية. ومثل عمر، تم إرسال الكثيرين منهم إلى الجبهة ليموتوا. ويعمل آخرون كجواسيس، وصانعي قنابل، وطهاة أو حراس سجن. وفي الحالات المتطرفة، قام الأطفال بإعدام السجناء، واحتزوا رقابهم بالسكاكين أو أطلقوا النار عليهم في الرأس. وتم تعريض آلاف أخرى من الأطفال لأيديولوجية المجموعة المشوهة في المدارس التي يرعاها "داعش".
يصوِّر الجهاديون الأطفال على أنهم مستقبل "خلافتهم"، الذين سيكفلون بقاءها على قيد الحياة. ومع ذلك، أصبح الجهاديون يرسلون الأطفال إلى الموت الآن أكثر من أي وقت مضى. فبضغط من العمليات البرية التي تدعمها الولايات المتحدة، شرعت مناطق "داعش" في العراق وسورية في التقلص. ومن أجل تعويض الحصيلة المتصاعدة من القتلى في صفوف الكبار، يقوم المتشددون بتجنيد المزيد من الأطفال. وفي شهر كانون الثاني (يناير) وحده، فجر 51 ولداً أنفسهم في الموصل. وسوف يموت آخرون كثيرون منهم في المعركة التي بدأت تواً من أجل مدينة الرقة السورية. ومع تعرضهم للضغط في ميدان المعارك، تغلبت المصلحة العسكرية على أحلام رعاية الجيل القادم من المحاربين المقدسين.
مع ذلك، سوف يتمكن العديد من الأطفال من البقاء بعد الخلافة، وسوف يشكلون خطراً أمنياً لوقت طويل بعد فنائها. وتشعر أجهزة الاستخبارات الغربية بالقلق: ربما يجد الأولاد الذين تم تعليمهم صناعة القنابل والذين يكرهون الغرب أن من الأسهل عليهم من الكبار الانسلال عبر الحدود أو تخطي أجهزة الأمن. وفي العراق، ما تزال الحكومة غير مجهزة لللتعامل مع تسريح وإعادة تأهيل الآلاف من الجنود الأطفال المدربين الذين تشوهت عقولهم بأيديولوجية عنيفة. وفي فوضى سورية، ربما يشكل "أشبال الخلافة" السابقون مجندين سهلين للمجموعات الجهادية الأخرى الكثيرة في البلد.
والسؤال هو: كيفَ التعامل مع الخطر القادم؟ أحد الاحتمالات القاتمة هو قتل أكبر عدد ممكن من الجنود الأطفال في ميدان المعركة، وسجن البقية. ومع ذلك، تقول خبرة التاريخ أن ذلك سيحوِّل السجون إلى أرض خصبة لتكاثر الجيل القادم من المتشددين. وثمة مسبقاً نحو 2.000 صبي يقبعون في سجون العراق، متهمين بالعمل مع "داعش". وتتسم مراكز الاعتقال هذه بسوء التجهيز للتعامل مع الصغار المتطرفين. وبعيداً عن تلقي عناية متخصصة، يقول الأطفال المعتقلون الذين قابلتهم مجموعات حقوق الإنسان إن قوات الأمن العراقية قامت بتعذيبهم. وبتعرض هؤلاء الأطفال للإيذاء والهجران، سوف ينشأون وهم يكرهون الدولة.
سيكون الخيار الأفضل بكثير هو إعادة تأهيل الجنود الأطفال الذين ينجون من المعارك. وبإعادة تعليمهم وتوفير عمل لهم، سيكون هؤلاء الأطفال أقل احتمالاً لإعادة الانضمام إلى المجموعات المسلحة، وجذب أقرانهم إلى التطرف أو إنشاء جماعاتهم المتمردة الخاصة. وعلى سبيل المثال، تلقى برنامج الأمم المتحدة لإعادة التأهيل في سيراليون الكثير من الإطراء. لكن ما يبدو جيداً في النظرية سوف يكون صعباً في الممارسة. سوف يعود الكثير من الأطفال إلى مجتمعات يحتقرهم أفرادها بسبب انضمامهم إلى مجموعة شقت طريقها في مدنهم وقراهم بالذبح والنهب. ويقول قائد للثوار قاتل ضد "داعش" في سورية: "هؤلاء الأولاد ليسوا ضحايا. لقد قتلوا أقاربنا وأصدقاءنا. إنهم يستحقون الموت". وسوف يرفض أولاد آخرون تلقي المساعدة، خوفاً من تعرضهم للاعتقال على أيدي قوات الأمن العراقية أو القتل على يد "داعش" لقاء هروبهم منه.
سوف تجعل الطرق العديدة التي يجند بها "داعش" الأطفال من برامج إعادة التأهيل أصعب على التصميم. فقد تم انتزاع بعض هؤلاء الأطفال من دور الأيتام، أو اختطافهم من طوائف الأقليات. وبتحفيز من أقرانهم، تم إغواء البعض الآخر بالانضمام على أساس وعد المجموعة بالمغامرة والمال والسلطة. كما أرسل بعض الأهل أبناءهم إلى التنظيم في مقابل الطعام والوقود والغاز، وتلقي مبلغ شهري قدره 200 دولار؛ وأرسلهم آخرون، مثل والد عمر، لأنهم آمنوا بأيديولوجية "داعش".
كان الدور الذي لعبته العائلات في عملية التجنيد مدمراً بشكل خاص. ففي صراعات أخرى، قام آباء الجنود الأطفال بتسهيل تحولهم إلى الحياة المدنية. وفي السلفادور، على سبيل المثال، قال 84 في المائة من الجنود الأطفال السابقين إن عائلاتهم كانت العامل الأكثر أهمية في إعادة إدماجهم، وفقاً لما ذكرته مجلة "بيوميديا". لكن الكثير من العائلات في العراق وسورية كانت قد شجعت أبناءها في وقت ما على الانضمام إلى المتشددين، بعضهم على أساس اعتقاد مروع بأن موت ابنهم في المعركة يفتح طريقهم هم إلى الجنة.
من المغري رؤية استخدام "داعش" للأطفال كشأن فريد بين المجموعات المتطرفة. ففي تموز (يوليو) 2015، أطلق الجهاديون أول شريط فيديو لطفل يقطع رأس أسير (طيار في سلاح الجو السوري). وفي أوائل العام 2016، أصبح ولد بريطاني عمره 4 سنوات، والذي جلبته أمه إلى سورية، أول طفل أوروبي يتم تصويره في شريط فيديو لعملية إعدام: تم تصويره وهو يضغط زراً لينسف سيارة في داخلها ثلاثة سجناء. وفي شريط فيديو آخر، يتسابق أولاد بين أنقاض قلعة، ويتنافسون على من يستطيع أن يقتل معظم الأسرى. كما تم تصوير آخرين وهم يمسكون رؤوساً مقطوعة، بينما يمتلئ آباؤهم بالفخر وهم يقفون إلى جانبهم.
على الرغم من أن ابتكارية "داعش" في ارتكاب العنف ربما تكون جديدة، فإن درجة الوحشية ليست كذلك. فقد قتل جنود أطفال في مناطق أخرى من العالم آباءهم وأمهاتهم، وقطعوا شفاه الأسرى وبتروا أطرافهم. وليست البربرية هي الشيء الجديد، وإنما الكيفية التي يتم بها توثيق العنف ونشره. وليست الأسباب التي تجعل طفلاً ينضم إلى "داعش" فريدة. ففي صراعات أخرى أيضاً، تم انتشال الجنود الأطفال من أكثر المجتمعات فقراً، وكانوا فريسة سهلة للقادة الدينيين البارعين في تحويل مشاعر الغضب والتهميش والانتقام إلى عنف.
تجري الآن في العراق دراسة الخطط لتوفير التلمذة الصناعية والتدريب المهني للشباب الصغار الذين قاتلوا مع "داعش". وربما ينتهي المطاف بأشبال الخلافة ذات يوم وهم يقومون بإصلاح وحدات تكييف الهواء، وبقص الشعر، وإصلاح السيارات وأجهزة الهواتف المحمولة. لكن هذا كله ما يزال بعيد المنال. فخلق الوظائف في بلد بمعدلات بطالة مرتفعة بين الشباب ويعاني من الفساد المزمن سوف يتطلب الوقت والمال. وتشرع المدارس في فتح أبوابها في مناطق كانت ذات مرة تحت احتلال "داعش"، لكن تزويدها بالمعلمين الأكفياء الذين يستطيعون التعامل مع قضايا معقدة مثل نزع التطرف والصدمات النفسية من الأطفال سيكون مهمة صعبة. وقد بدأت الحكومات في الغرب بإظهار اهتمام ببرامج إعادة التأهيل. وسوف يعتمد ما إذا كان أشبال اليوم الجهاديون سيتحولون غداً إلى أسود إلى حد كبير على مدى ديمومة هذا الاهتمام.
Tomorrow’s lions?What to do with Islamic State’s child soldiers
The “cubs of the caliphate” are growing up
WHEN Omar returned home after 40 days in a boot camp run by Islamic State, it was obvious something had snapped. Once a quiet boy and a fan of SpongeBob SquarePants cartoons, Omar, 12, had become aggressive. He told his mother to stop wearing make-up, refused to greet her female friends and became angry when she tried to bathe him. “I was scared to wear a T-shirt inside my own house,” his mother, Amina, says. “He told me these things were forbidden under Islam. They washed his brain.”
Omar died shortly after his last visit home. Trained by IS as one of its inghimasi—shock troops sent into battle with assault rifles and suicide vests—Omar was killed fighting Syrian government forces in the eastern city of Deir Ezzor, not far from his home, six months ago. IS allowed his mother 15 minutes with her son’s body before burying him in a grave that she was forbidden, as a woman, from visiting.
Latest updates
Expect the unexpected at Wimbledon this year
Game theory10 hours ago
Xi Jinping talks tough to Hong Kong
Asia10 hours ago
The travel order rules face a court challenge
Democracy in Americaa day ago
Mystery solved: it was the ball after all
Game theorya day ago
Sofia Coppola on being a pioneer for women directors
Prosperoa day ago
The prosecution of an Australian cardinal puts Pope Francis on the spot
Erasmusa day ago
See all updatesAmina’s anguish is sharpened by her relationship with the man she blames for her son’s death. Now a refugee in Turkey, she says her husband, who had become enamoured with IS’s ideology shortly after the group stormed their area, encouraged Omar to join the extremists. “He told me I should be happy when Omar died; that he was in paradise,” she says as tears slide down her face. “It felt like someone had extracted my soul.”
The ultra-violent jihadists have recruited thousands of children in Iraq and Syria. Like Omar, many have been dispatched to the front to die. Others work as spies, bomb-makers, cooks or prison guards. In extreme cases, children have executed prisoners, sawing off heads with knives or firing bullets into skulls. Thousands more have been exposed to the group’s warped ideology at IS-sponsored schools.
The jihadists portray children as the future of their “caliphate”, who will ensure its survival. Yet the jihadists are sending more children to die than ever. Under pressure from American-backed ground operations, IS’s territory in Iraq and Syria is shrinking. To replace the mounting toll of dead adult fighters, the extremists are recruiting more children. In January 51 children blew themselves up in Mosul, says Mia Bloom, a terrorism expert at Georgia State University. Many more will die in the battle for the Syrian city of Raqqa that has just begun. Pressed on the battlefield, military expediency has trumped IS’s dreams of nurturing the next generation of holy warriors.
Still, many child soldiers will outlive the caliphate, and will pose a security threat long after its demise. European intelligence services are worried: children taught to build bombs and hate the West may find it easier than adults do to slip across borders or past security services. In Iraq, the government is ill-equipped to demobilise thousands of trained child soldiers whose minds have been twisted by ultra-violent ideology. In Syria’s chaos, former “cubs of the caliphate” may make easy recruits for the country’s many other jihadist groups.
The question is how to tackle this looming danger. One bleak option is to kill as many of the child soldiers as possible on the battlefield, and imprison the rest. History suggests, however, that this turns prisons into breeding grounds for the next generation of militants. About 2,000 children already languish in Iraq’s jails, accused of working with IS. These detention centres are poorly equipped to cope with radicalised youngsters. Far from receiving specialised care, child detainees interviewed by human-rights groups say Iraqi security forces have tortured them. Abused and abandoned, these children will grow up to hate the state.
The far better option is to try to rehabilitate the child soldiers who survive. Re-schooled and given jobs, children are less likely to rejoin armed groups, radicalise their peers or create their own insurgent groups. The UN-led rehabilitation programme in Sierra Leone, for instance, has been widely praised. But what sounds good in theory will be difficult in practice. Many of the children will return to communities whose members despise them for joining a group that butchered and plundered its way through their towns and villages. “These children aren’t victims. They have murdered our relatives and friends. They deserve death,” said a rebel commander who fought IS in Syria. Other children will refuse help, terrified of being arrested by Iraqi security forces or killed by IS for deserting.
The many ways IS recruits children will make rehabilitation programmes even harder to design. Some have been snatched from orphanages or kidnapped from minority sects. Egged on by peers, others have been seduced by the group’s promise of adventure, money and power. Parents have sent their children in return for food, cooking gas and a monthly stipend of $200; others, like Omar’s father, because they believed in IS’s ideology.
The role played by families in the recruitment process is particularly damaging. In other conflicts, the parents of child soldiers have eased the transition to civilian life. In El Salvador, for example, 84% of former child fighters said their families were the most important factor in their reintegration, according to Biomedica, a journal. But in Iraq and Syria many families have at times encouraged their children to join the militants, some in the grisly belief that their child’s death in battle clears their own path to heaven.
It is tempting to see IS’s use of children as unique among militant groups. In July 2015 the jihadists released the first video of a child beheading a captive (a pilot in the Syrian air force). In early 2016 a four-year-old British boy, whose mother brought him to Syria, became the first European child to feature in an execution video: he was filmed pressing a button that blew up a car with three prisoners inside. In another video, boys race through the ruins of a castle, competing to see who can kill the most captives. Others have been photographed clutching severed heads, their fathers beaming with pride next to them.
Although the creativity of the violence may be novel, the degree of brutality is not. Child soldiers in other parts of the world have killed their own parents, cut the lips off captives and amputated limbs. It is not the barbarity that is new but rather how the violence is documented and disseminated. Nor are the reasons why a child joins IS unique. In other conflicts, too, child soldiers have been plucked from the poorest communities, easy prey for religious leaders skilled at turning feelings of anger, exclusion and revenge into violence.
Plans to offer apprenticeships and vocational training to children who have fought with IS are now being considered in Iraq. The caliphate’s cubs may one day be fixing air-conditioning units, cutting hair, mending cars and repairing mobile phones. But all this is a long way off. Creating jobs in a country with high youth unemployment and endemic corruption will take time and money. Schools are starting to open in areas once occupied by IS, but staffing them with qualified teachers who can deal with complex issues like radicalisation and psychological trauma will be difficult. Governments in the West have begun to show an interest in rehabilitation programmes. Whether today’s jihadist cubs grow into tomorrow’s lions will depend largely on how long this interest lasts.
This article was modified on June 28th to credit the work of Mia Bloom in this area.