غونتر غراس: قال "ما يجب أن يقال" ورحل
برلين ـ العربي الجديد
13 أبريل 2015
من مستشفى "لوبيك" شمال ألمانيا، أعلن الناشر الألماني ماثياس فاغنر اليوم الإثنين عن وفاة صديقه الكاتب الألماني غونتر غراس (1927 -2015)، الحائز على جائزة نوبل للآداب في العام 1999.
ولد غراس في مدينة دانتسينغ البولندية، وشارك في الحرب العالمية الثانية في العام 1944. ثم التحق بمدرسة الفنون في جامعة برلين وتخرج منها في العام 1956.
بدأت شهرة غراس الأدبية في العام 1959 بنشر روايته "طبل الصفيح"، التي تشكّل مع روايتَيّ "القط والفأر" (1961) و"سنين الكلاب" (1963)، ثلاثية عُرفت لاحقاً بـ"ثلاثية دانتسينغ" (Danzig Trilogy)؛ لتتوالى بعدها أعمالٌ أدبية كثيرة، نذكر منها "تخدير جزئي" (1969)، "اللقاء في تيلكي" (1979)، "الفأرة" (1986)، "مئويتي" (1999)، "مشية السرطان" (2002)، "الرقصات الأخيرة" (2003).
ألهمت بعض رواياته مخرجين سينمائيين، من بينهم المخرج الألماني فولكر شلندروف الذي حوَّل في العام 1979 رواية "طبل الصفيح" إلى فيلم حصد جوائز، أهمها جائزتَي أوسكار.
غراس الذي ذاع صيته في العالم العربي من خلال ترجمة بعض أعماله الروائية، كتب أيضاً في الشعر والمسرح. فمجموعته الشعرية الأولى، "Die Vorzüge der Windhühner"، كانت أول عمل أدبي له، إذ صدرت عام 1956، استتبعها بـ"المثلث المعكوس" (1960)، و"المُشَكك" (1967)، و"المهرج" (2007). أما أعماله المسرحية، فنذكر منها "الطهاة الأشرار" (1956)، و"الفيضان" (1957)، و"ما قبل" (1970).
إلى جانب أعماله الأدبية التي جعلت منه أحد أبرز كتّاب العصر الحديث، عُرف غراس كناشط اجتماعي وسياسي أيّد الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، ولعب دوراً مهماً ضد الجبهات السياسية والفكرية التي كانت تدعو إلى استمرار انفصال شطريّ ألمانيا الشرقي والغربي.
كان أيضاً منتقداً لسياسات الاتحاد الأوروبي الخارجية، ومن أشد الأصوات الثقافية المناهضة لسياسة أميركا، ولدولة الاحتلال الإسرائيلي التي دعته بـ"عدوها اللدود". وفي هذا السياق، وجّه انتقادات حادة للمجتمع الدولي والدول الغربية إزاء نفاقها وصمتها عما يرتكبه الاحتلال في فلسطين. وفي أبريل/ نيسان 2012، نشر قصيدته الشهيرة "ما يجب أن يقال" التي تناقلتها صحف عديدة في العالم وقتها، وانقضّ فيها على حكومة بلاده بسبب تزويدها "إسرائيل" بالسلاح البحري، وهاجم الأخيرة بوصفها تهديداً للسلام والأمن في العالم.
تعرّض غراس حينها لحملات تشهير واسعة قادها اللوبي الصهيوني في أوروبا وأميركا، الذي اتهمه بـ"معاداة السامية"؛ وقد ردّ حينها على هذه التهمة بتذكيره العالم بأن ما ارتُكب من فظائع في الحرب العالمية الثانية لا يجب أن يكون ذريعة للصمت.ترجمة قصيدة غونتر غراس المشاغبة: ما يجب ان يقالفخرية صالحلماذا اصمت، لقد صمتُ طويلا
عما هو واضح وماتمرست على محاكاته
باننا نحن الذين نجونا
في افضل الاحوال في النهاية
أننا الهوامش في أفضل الأحوال
انه الحق المزعوم بالضربة الاولى،
من قبل مقهور متنمر
وابتهاج منظم يمكن توجيهه لمحو الشعب الايراني
لاشتباههم انه يصنع قنبلة نووية
لماذا امتنع عن تسمية ذلك البلد الآخر
الذي يمتلك ومنذ سنوات -رغم السرية المفروضة-
قدرات نووية متنامية لكن خارج نطاق المراقبة، لانه لايسمح باجراء الكشف عليها
التستر العام على هذه الحقيقة
وصمتي جاء ضمنه
احسها ككذبة مرهقة لي
واجبار، ضمن عقوبة الرأي،
عندما يتم تجاهلها؛
الحكم بـ"معاداة السامية" المألوف
لكن الآن، وذلك لأن بلدي
ومن جرائمه التي تفرد بها
والتي لا يمكن مقارنتها
يطلب منه بين حين لآخر لاتخاذ موقف،
وتتحول الى مسألة تجارية محضة، حتى وان
بشفة فطنة تعلن كتعويضات،
غواصة اخرى إلى إسرائيل
يجب تسليمها، قدرتها
تكمن،بتوجيه الرؤوس المتفجرة المدمرة
الى حيث لم يثبت وجود قنبلة ذرية واحدة ،
ولكن الخوف يأخذ مكان الدليل ،
أقول ما يجب أن يقال
ولكن لماذا حتى الان ؟
كما قلت، بلدي،
مرهون لعار لايمكن التسامح فيه
يمنع، هذا الواقع باعتباره حقيقة متميزة
أرض إسرائيل، وبها انا مرتبط
واريد ان ابقى هكذا
لماذا أقول الآن
شخت و قطرات حبر قليلة
ان اسرائيل القوة النووية تهدد
السلام العالمي الهش اصلا ؟
لأنه لا بد أنه يقال
وغذا سيكون الوقت متأخرا جدا
أيضا لأننا - كألمان مثقلون بما يكفي
لنكون موردين لما يعتبر جريمةُ
واضيف: لن اصمت بعد الان،
لاني سئمت من نفاق الغرب مثلما لدي الامل
بأن يتحرر الكثيرون من صمتهم
ويطالبوا المتسبب في الخطر المحدق
لنبذ العنف
بنفس الوقت اصر
على مراقبة دائمة وبدون عراقيل
للترسانة النووية الاسرائيلية
والمنشآت النووية الإيرانية
ما يجب أن يقال
من قبل هيئة دولية
أن يتم السماح بها من قبل البلدين
عندئذ فقط، الجميع الاسرائيليين والفلسطينيين
أكثر من ذلك، كل الذين يعيشون بجنون العداء
مكدسين في مناطق متجاورة
بالنهاية سيساعدونا.
الذي يمكن التنبؤ به، سيكون تواطئنا
حينها لن تعود الاعذار المعتادة
كافية للتكفير عن الذنب