ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: الضحك والسخرية.. تاريخ وفن ! الجمعة 24 أبريل 2015, 8:56 am | |
| [rtl]الضحك والسخرية.. تاريخ وفن ![/rtl] [rtl] [/rtl][rtl]
أبواب - وليد سليمان - يسخر الكاتب المجري جورج مايكيش من التعريفات المتعددة التي قيلت عن الفكاهة والضحك والنكتة والظرف, ويقول إن ذلك يشبه ما حدث لذلك الشيخ الأعمى حين سأل فتاة صغيرة عن طبيعة اللَبَن. دهشت الفتاة للسؤال الذي لم تكن تتوقعه, إلا أن الشيخ استطرد قائلاً: «أنت ترين أنني أعمى وليس في وسعي أن أتخير طبيعة اللبن». قالت الفتاة: «حسناً! إن اللبن أبيض اللون». قال الشيخ متعجباً: «أبيض! أنا شيخ أعمى ولا أعرف معنى كلمة أبيض». هنا تهللت أسارير الفتاة, وقالت بسرور: «المسألة بسيطة إذاً, فإن الإوزة بيضاء اللون». غير أن الشيخ قال معترضاً: «ولكني لم أرَ الإوزة قط». قالت الفتاة: «إن رأس الإوزة منحنٍ». تنهد الشيخ قائلاً: «منحنٍ! ما المقصود بهذه الكلمة؟». رفعت الفتاة ذراعها الأيمن وأحنت رسغها إلى الأمام كرقبة الإوزة, وقالت: «تحسس ذراعي.. إنها منحنية». وتناول الشيخ الأعمى ذراع الفتاة ولمس رسغها المنحني عدة مرات ثم صاح مبتهجاً: «الحمد لله.. لقد عرفت أخيراً ما هو اللبن...»
«الضحك» منذ القديم. كتاب بجزءين ضخمين صدر حديثاً هذه السنة 2015 عن مجلة دبي الثقافية للكاتب والأديب السوري نصر الدين البحرة، يستعرض فيه تاريخ هذا الفن «الضحك» منذ القديم, وبالذات لدى الشعب العربي عبر تراثه القديم الحافل بكل أنواع الفنون والإبداعات العربية. ومما قرأناه لهذا الكاتب والباحث البحرة نستعرض هنا بعض القليل عن الضحك وعوالمه وإيراد بعض الطرائف كذلك حيث جاء فيه:
العالم خلق من الضحك .. مع ذلك فلا بد من تعريف للظرف والضحك والفكاهة.. هذا الموضوع القديم المتداخل في التاريخ الإنساني, حتى أن الدكتور أحمد أبو زيد يذهب إلى أن قدماء المصريين كانوا يعتقدون بالأساطير و بأن العالم خُلق من الضحك ((فحين أراد الإله الأكبر أن يخلق العالم أطلق ضحكة قوية, فكانت أرجاء العالم السبعة, ثم أطلق ضحكة أخرى فكان النور, وأطلق ضحكة ثالثة فكان الماء.. وهكذا حتى يكون هذا السرُّ التاريخي, وراء خفة الظل لدى أشقائنا في مصر وهذا الميل الفطري القويّ عندهم إلى الضحك والفكاهة.. والسخرية, من كل شيء!! .
أقدم الأمم الظريفة الضاحكة ويؤكد الباحث البحرة في كتابه : ولا شك أن العرب هم من أقدم الأمم الظريفة الضاحكة, برهاننا على ذلك هذا العدد الكبير من الأدباء الظرفاء, وفي مقدمتهم سيد البيان العربي, الظريف المثقف: الجاحظ, ثم أبو حيان التوحيدي, وبديع الزمان الهمذاني وأبو عباس أحمد الحريري وابن الجوزي وهؤلاء الشعراء الظرفاء, وفي صدرهم أبو نواس وبشار وأبو دلامة وابن الحجاج.. وسواهم كثيرون.. يقول النبي محمد صل الله عليه وسلم: «روحوا عن النفوس في الحين, بعد الحين, فإن النفوس إذا كلت عميت». ومن بعده قال ابن الجوزي: «لما كانت النفس تمل من الجد, لم يكن بأس من إطلاقها في مَزح ترتاح به». ونَقل عن الزَّهْري قوله: «هاتوا من أشعاركم, هاتوا من طرفكم, أفيضوا في بعض ما يَخِفّ عليكم, وتأنس به طباعكم».
الظرفاء في المعاجم ولقد أفاضت المعاجم في تعريف الظرف والظرفاء. فالظريف هو الكيِّس الحاذق حسن الهيئة. ج: ظرفاء وظراف وظريفون. والظرف هو البراعة والكياسة وذكاء القلب, بل ذهب بعضهم إلى أن الظريف أمين غير خائن. وينقل الزمخشري في ((أساس البلاغة)) عن الخليفة عمر رضي الله عنه قوله: إذا كان اللص ظريفاً لم يُقْطَع, أي كيّساً يدرأ الحد باحتجاجه. ويتابع الزمخشري: وأنا أستظرفه وهو يتظرف ويتظارف. وقد أظرفت يا فلان أي جئت بأولاد ظراف. وفي ((أقرب الموارد)) يذهب الشرتوني إلى أن الظرف ((لا يوصف به إلا الفتيان الأزوال والفتيات الزولات, لا الشيوخ ولا السادة)) والزول كما يعرفه الشرتوني نفسه هو الخفيف الظريف الفطن, وهو أيضاً الشجاع والجواد. ثم يستطرد قائلاً: «إن الظريف هو البليغ الجيد الكلام. و((الكلام أكثر من أن يكذب ظريف)) أي أن الظريف لا تضيق عليه المعاني الكلام, فكيفّ ويعرض ولا يكذب. ويتزيّد ابن الجوزي في وصف الظرف فيقول: الظرف يكون في صباحة الوجه, ورشاقة القد, ونظافة الجسم والثوب, وبلاغة اللسان وعذوبة المنطق,وطيب الرائحة, والتقزز من الأقذار والأفعال المستهجنة. ويكون في خفة الحركة وقوة الذهن, وملاحة الفكاهة والمزاح. ويكون في الكرم والجود والعفو, وغير ذلك من الخصال اللطيفة. وكأن الظريف ماخوذ من الظرف الذي هو الوعاء, فكأنه وعاء لكل لطيف.
العكبري: 30 خاتماً و30 عكازاً وتناول ابن الجوزي أناقة الظرفاء فقال: «كان خلف بن عمرو العكبري من كبار العلماء, له ثلاثون خاتماً, وثلاثون عكازاً, يلبس كل يوم من الشهر خاتماً, ويحمل عكازاً, فإذا نفِذ الشهر استأنف الأول». وكان أبو محمد بن معروف قاضي القضاة ظريفاً, فكان الصاحب بن عباد يقول: أشتهي أدخل إلى بغداد فأنظر إلى ظرف ابن معروف. وقد أكثر الناس الكلام في الظرف, وإنما يتعرضون لبعض خلاله, فقال بعضهم: «الظرف تحمل شاق» وقال آخر: «الزرف ترك مالك وأداء ما عليك» ومن الظرف التورية عما يوجب خجل المذنب كقول يوسف: «إذ أخرجني من السجن» ولم يذكر الجب لئلا يستحي إخوته, الذين وضعوه في الجب, وزعموا أن الذئب قد أكله, وهم عنه لاهون.
من نوادر ابن الجوزي ويذكر ابن الجوزي أن رجلاً رمى عصفوراً فأخطأه, فقال له رجل: أحسنت, فغضب وقال: تهزأ بي!؟ قال: لا.. ولكن أحسنت إلى العصفور.
أثقب اللؤلؤ؟! ونتذكر ما جرى بين الشاعر بشار بن برد والخليفة المهدي, فقد دخل هذا الشاعر الضرير على المهدي, وكان في مجلسه خاله يزيد بن منصور الحميري, فأنشده قصيدة يمدحه فيها, فلما فرغ من إلقائها سأله خال الخليفة: - ما صناعتك أيها الشيخ؟ فأجابه بشار وقد أحب ممازحته: - أثقب اللؤلؤ. فقال له المهدي: - ويحك أتهزأ بخالي؟ فقال بشار: - يا أمير المؤمنين! ماذا تريد أن يكون ردي على امرئ يراني شيخاً أعمى, أُنشد المديح من الشعر, ويسألني عن صناعتي! فأعجب المهدي بجوابه وأجازه.
بين نحوي.. وطبيب ودخل أبو علقمة النحوي على طبيب فقال له: أمتع الله بك, إني أكلت من لحوم هذه الجوازل – يعني: الجمال – فطَسَأتُ طسأة – يعني أنه أُتخم من الدسم – وأصابني وجع من الوالبة – أي: أسفل البطن – إلى ذات العنق, فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الخِلب – يعني: غلاف الكبد – والشراسيف – أي القفص الصدري – فهل عندك دواء؟!. فقال الطبيب, وكان يدعى أعين: خذ حرقفاً وسلقفاً فزهرقه وزقزقه واغسله بماء روث واشربه, فقال النحوي: لم أفهم عنك. فقال الطبيب: أفهمتك كما أفهمتني !!.
نكتة الموقف! ويقول الباحث نصر الدين البحرة في كتابه هذا : وكنت من عادتي حين أزور بلداً أجنبياً وألتقي بأحد الأصدقاء أو الأصحاب هناك, أن أسأله عن آخر نكتة بلغته في هذا البلد. وقد التقيت مرة في برلين, بصديق عرفت عنه بحثه عن النكتة, وتذوقه البالغ لها.. وضحكه الشديد, حتى تدمع عيناه. قال لي يومها: أنت تعرف طبعاً الكاتب المسرحي الكلاسيكي الألماني فون كلايست. إن له مسرحية مشهورة, إلى درجة أنه يندر أن تجد واحداً في ألمانيا لا يعرفها أو لم يسمع بها على الأقل, وتدعى ((الجرة المكسورة)). قلت: بلى... وأذكر أن فرقة مسرحية ألمانية من ((فاريمار)) قدمتها في أحد مهرجانات دمشق المسرحية في السبعينيات.. قال: ما علينا, المهم أن أحد المفتشين دخل صفاً في مدرسة إعدادية, كما تقول النكتة الألمانية, فطلب إلى أحد الطلاب أن يخبره بما يعرفه عن الجرة المكسورة. عندئذ اصطكت ركبتا الفتى من الخوف, واصفر وجهه, وارتعدت فرائصه, وقال مرعوباً: والله... أنا لم أكسرها. شعر المفتش بالخيبة واتجه نحو معلم الصف ليسأله عن رأيه بما سمع, فإذا هو يقول: صدقه أيها المفتش .. فإني أعرفه جيداً, ولا أصدق أنه يمكن أن يقدم على مثل هذا الأذى: كسر الجرّة. ولماذا يكسرها!!. وغادر المفتش الصف متجهاً نحو الإدارة, حيث طالع مدير المدرسة, بما سمع, فما كان من هذا إلا أن قال: أليس هو ذلك الأستاذ الطويل صاحب الصلعة الخفيفة الذي يهز رأسه وهو يتكلم؟ أنصحك أن تصدقه.. فإنه أفضل أساتذة المدرسة.[/rtl] |
|