راتب الزوجة هاجس ومطمع للازواج!
الدستور _ إسراء خليفات
تعاني أكثر الزوجات الموظفات من مشكلة الراتب، الذي يمثل هاجسا ومطمعا لدى أغلب الأزواج، والذين اعتبروه من توابع الزوجة، وأن من حقهم أن يكون لهم نصيب منه، وأن على الزوجات الإنفاق على أسرهن رغما عنهن، طالما الواحدة هي قادرة على توفير المال، في حين أن البعض يرى أن ذلك الراتب من خصوصيات الزوجة، ولها وحدها حق التصرف فيه، سواء شاركت في مصروفات المنزل أم لم تشارك، فهي حرة وليست مقيدة.
يوضح خلدون مصعب ان بعض الاصدقاء والاقارب يبررون الطمع في راتب الزوجة بأنه ناتج عن قلة وعي المرأة، لأنه من وجهة نظرهم أن المرأة لا تستطيع أن تتحمل مسؤولية الأنفاق ولا تدبر أمورا كثيرة هم الأعلم بها، لذا فهم الأحق والأفضل في إنفاق راتبها، وكثيرا ما يتسبب ذلك بأن تشعر بعض الزوجات بالإهانة والمذلة عندما يستولي الزوج على راتبها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
تغييرات
يبين عارف خليل ان عمل المرأة أسهم في تغيير كثير من الأدوار الأسرية، حيث أصبحت المرأة مستقلة ماليا، ولديها دخل ثابت قد يفوق دخل الزوج في بعض الأحيان، كما أنها لم تعد متفرغة لإدارة شؤون أسرتها بشكل كامل، لتبرز أهمية تحديد الزوجين العاملين لأدوار واضحة ماليا، والاتفاق على أدائها دون إجحاف أو تعد، من خلال التعاقد السلوكي، والذي يلزم فيه الوضوح والشفافية وتحديد الأهداف العامة للأسرة وسبل تحقيقها، عبر التعاون وإشاعة روح المشاركة والتقبل لذلك.
حدود
تأسف عبير ثامر « موظفة «، قائلة أن بعض الأزواج يسيطرون على راتب الزوجة بطريقة تعسفية، مشددة على أهمية وضع حدود نظامية وفقا للشريعة الإسلامية.
وأكدت على أنها تصرف من راتبها على المنزل والأسرة، وتساعد زوجها بقدر ما تستطيع، وهذا واجبها، مبينة أن بعض الأزواج لا يقدر تضحية زوجته، وتجده لا يقف بجانبها في حال مرت بظروف صعبة.
وأشارت ليلى اسماعيل إلى أن الراتب أصبح الشغل الشاغل للكثيرين، مضيفة أن موضوع مساهمة الزوجة في المنزل لا يجب أن يكون مفروضا عليها، ويجب أن يترك الأمر للاتفاق بين الزوج والزوجة، مبينة أنه من المعروف أن مال المرأة من حقها ولا يوجد سبب مقنع لفرض أي شيء عليها، وإنما يجب أن يكون هذا بالتفاهم، وأن لا يستغل إعطاءها حق العمل مقابل أخذ راتبها في المستقبل.
سداد للفواتير
وأكد علاء جميل على أن بعض الأزواج يلجأون إلى راتب الزوجة في مصروفات المنزل، وأحيانا في سداد الفواتير، والنتيجة أن تحس المرأة بالقهر، مضيفا أن الزوجة هنا تعمل على عدم خلق المشاكل خوفا على استقرار الأسرة، مبينا أن بعض الأزواج يطلبون المال من زوجاتهم باستمرار، وعندما يرفضن يفتعلون المشاكل، وقد يصبح الأطفال في خوف ورعب بما يدور حولهم، وقد تخاف وترضخ حرصا على استمرار الزواج فقط.
بنك متحرك
أما منال هاني تبين ان هناك أزواجا يعتقدون بأنهم متزوجين «بنكا» يأخذون منه حينما يريدون وانه واجب على الزوجات اعطاء الراتب لهم مشيرة الى انه كثير من القصص التي سمعتها من صديقاتها كان معظم الانفصال نتيجة طمعهم بالراتب .
قائلة:» احدى صديقاتها كان زوجها يبقى طوال الشهر يطلب منها المال مضيفة انها عرضت عليه اخذ بطاقة الصراف الالي ان يأخذها ويسحب هو الراتب وقت ما يشاء لحد ما ينتهي لانه لا يقتنع بأن الراتب انتهى او لم يكفي لمنتصف الشهر معتقدا انها تخفي عنه المال ومهما صرفت يبقى معها متكلا عليها بالمصاريف وبكل شيء في البيت.
وتؤيدها الرأي سامية سعد مشيرة الى ان زوج ابنتها لديه نفس التفكير حيث دائما يطالبها بتوفير مصاريف المنزل معتقدا بأن راتبها لا ينتهي على حد تعبيرها « لديها خزان من المال « وهذا ما يجعل دائما ابنتها تتصل بها على الهاتف باكية وشاكية من تصرفات زوجها .
أما طلال فيصل يبين ان لديه صديق لم يترك فلسا من راتب زوجته الا وأخذ عليه اما سلفة او قرض او أجل عليه ديون وهذا ما جعل العلاقة الزوجية متوترة بينهما وبين اقاربهما .
مؤكدا ان الزواج لا يكون مطمعا وانما هو مؤسسة لا بد من بنائها بطريقة صحيحة لانتاج افضل الاعمال والعمل بها بكل شروطها والعوائق التي تواجههما والاتفاق على مصاريفها .
تعاقد سلوكي
وأكد الدكتور مجد الدين خمش أختصاص علم اجتماع في الجامعة الاردنية على أنه نظرا للخصائص النفسية والجسدية والاجتماعية للرجل أصبح مكلفا لتوفير الجانب المادي من خلال العمل خارج المنزل ثم تلبي الزوجة احتياجات الأسرة في المنزل من خلال رعاية الأبناء وتحقيق الأجواء الأسرية المناسبة، وإدارة شؤون المنزل، ويضيف خمش أن تبعات خروج المرأة من المنزل من أجل العمل أدى إلى تغير كثير من الأدوار الأسرية، فأصبحت مستقله ماليا، حيث لديها دخل ثابت قد يفوق دخل الزوج في بعض الأحيان، كما أن الزوجة لم تعد متفرغة لإدارة شؤون أسرتها بشكل كامل.
مشيرا الى انه الوظيفة لديها متطلبات ترهق الجانب النفسي والجسدي وما إلى ذلك من تبعات العمل التي تتطلب التغيير في الأدوار الأسرية لإيجاد التوافق المطلوب.
واجبات شرعية
ويبين أن على الزوج تأدية واجباته الشرعية تجاه الأسرة حسب قدرته، وعلى الزوجة عدم تحميل الزوج ما لا يطيق، وأن تعمل على إكمال النقص، وكذلك المساهمة في أعباء الحياة، وجعل العائد المادي من الوظيفة مسخرا للارتقاء بالأسرة والمشاركة مع الزوج في ذلك، مضيفا أنه بذلك تكون وظيفة الزوجة عامل مساعد لحاضر الأسرة وداعم رئيسي لمستقبل أفضل.
موضحا الدكتور مجد الدين أنه عندما لا تساهم الزوجة في متطلبات الحياة يجد الزوج نفسه أمام زوجة لا تستطيع الوفاء بواجباتها الأسرية بسبب واجبات وارتباطات العمل الذي لا تجني منه الأسرة سوى السلبيات، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات، وقد يؤدي إلى الانفصال لعدم تحقق أهداف الزواج من حيث السكينة والاستقرار، التي يمكن أن تتحقق لو تم توزيع الأدوار حسب ظروف الزوجين، والاتفاق عليها بما يحقق مصلحة الأسرة دون تغليب طرف على آخر.