| العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 10:19 am | |
|
العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر
نبذة تاريخية سريعة العراق
: هو إحدى الدول العربية الواقعة في المشرق العربي، ويشكل منفرداً الجزء الشرقي للبيئة الجغرافية والتاريخية المسمى الهلال الخصيب، ويقع في جنوب غرب القارة الآسيوية. ويقع إلى الشمال من الكويت والمملكة العربية السعودية، وإلى الجنوب من تركيا، والشرق من سورية و الأردن، وإلى الغرب من إيران.
وهناك آراء مختلفة عن أصل كلمة العراق حيث يرجح بعض المستشرقين أن مصدرها هي مدينة أورك السومرية القديمة والتي تسمى الآن بالوركاء وقد ذكرت مدينة أورك في ملحمة گلگامش حيث قام گلگامش ببناء سور حول المدينة ومعبد للآلهة عشتار، ويرى البعض الأخر أن عراق مصدرها العروق نسبة إلى النهرين دجلة والفرات اللذين ولأهميتهما شبهتا بالعرق أو الوريد ويرى البعض الآخر أنها سميت بالعراق نسبة إلى عروق أشجار النخيل التي تتواجد بكثرة في جنوب ووسط العراق بينما يرى الآخرون أن أصل التسمية هي عراقة المنطقة الموغلة بالقدم. و يميل البعض إلى كثرة العروق (الأنهار)فيه, وربما ان العرق في اللغة العربية مشتق من تسمية هذا البلد كون ان مدينة أوروك أقدم. و منها كان المصدر العرق و العراقة .
بغض النظر عن أصل كلمة العراق فإن معظم المنطقة التي تسمى بالعراق حاليا كانت تسمى ببلاد ما بين النهرين ( بيت نهرين Beth-Nahrain بالآرامية و ميزوبوتاميا Mesopotamia أو Μεσοποταμία باليونانية) التي كانت تشمل الأرض الواقعة بين نهري دجلة والفرات بما في ضمنها أراضي تقع الآن في سوريا وتركيا ويعتبر العراق من قبل البعض "مهد الحضارات" علما أن هذه التسمية يطلقها البعض على منشأ حضارات أخرى على ضفاف أنهار النيل والسند وهوانغ هي.
للعراق أكثر من ميناء بحري على الخليج العربي أهمها ميناء أم قصر. لذلك يعتبر العراق أحياناً أحد دول الخليج العربي لكنه ليس عضواً في مجلس التعاون الخليجي حيث يبلغ طول الساحل البحري للعراق أكثر من 20 كيلومتر. يمر نهرا دجلة والفرات في البلاد من شماله إلى جنوبه، واللذان كانا أساس نشأة حضارات مابين النهرين التي قامت في العراق على مر التاريخ حيث نشأت على أرض العراق وعلى امتداد 7000 سنة مجموعة من الحضارات على يد السومريين والأكاديين والبابليين والأشوريين والعباسيين وانبعثت من هذه الحضارات بدايات الكتابة وعلوم الرياضيات والشرائع في تاريخ الإنسان.
تسمية تسمية : من المرجح أن لفظ العراق يرجع في أصله إلى تراث لغوي عراقي من العصور القديمة مشتق من كلمة تعني المستوطن ولفظها أوروك (Uruk) أو أونوك (Unuk)، وفي العربية فإن مادة "أُرُكْ" تدل على الإقامة بالمكان و منها الأريكة بمعنى السرير و"أُرُكْ" تعني مكان أيضا، أي بمعنى مكان للإقامة والاستقرار والاستيطان، ومن المعروف أن العراق يعدّ من أقدم مراكز الاستقرار و الاستيطان في الشرق الأدنى القديم ،خاصة مع وجود نهري" دجلة " و" الفرات " ،ومن الجدير بالذكر أن كلمة أوروك (Uruk) قد تكون مشتقة من الجذر الذي اشتق منه اسم المدينة السومرية " الوركاء "، و تدخل الكلمة نفسها في تركيب جملة مدن قديمة شهيرة مثل مدينة " أور" (Ur) في جنوب العراق وهناك الرأي القائل بالأصل العربي للاسم "عراق" والتي تعني" شاطئ البحر" أو مطلق الشاطئ، وأنه إنما سمي "عراقا" لدنوه من البحر (أي الخليج)، ولأنه كذلك على شاطئ دجلة والفرات كما أن أهل الحجاز يسمون البلاد القريبة من البحر عراقا.وموجز القول أن معنى اسم عراق هو الساحل أو الجرف، ومن هذا الرأي ان معنى عراق، جرف الجبل أو سفوح الجبال التي هي أول ما يقابل المسافر من السهل الرسوبي في جنوب العراق باتجاه الجبال الشرقية و الشمالية. اما ما قيل عن كون العراق معرب لفظ ايراك الإيراني و معناه البلاد السفلي أو الجنوب فهوة قول ضعيف حسب رأي اغلب المتخصصين بتاريخ العراق القديم.
تاريخ و حضارات نبذة تاريخية سريعة الحضارة السومرية الإمبراطورية الاكدية إمبراطورية اور حضارة بابل الإمبراطورية الاشورية الإمبراطورية البابلية الجديدة تحت الحكم الفارسي والإغريقي تحت الحكم العربي تحت الحكم المغول حكم القبائل التركمانية حكم الصفويين الفرس حكم الإمبراطورية العثمانية الاحتلال البريطاني الدولة العراقية الحديثة حكام العراق الدستور العراقي بغداد
خارطة تاريخية مع صور تفصيلية التاريخ القديم لبلاد الرافدين : كانت الحاجة للدفاع والري من الدوافع التي ساعدت على تشكيل الحضارة الأولى في بلاد الرافدين على يد سكان مابين النهرين القدماء فقاموا بتسوير مدنهم ومد القنوات. بعد سنة 6000 ق.م. ظهرت المستوطنات التي أصبحت مدناً في الألفية الرابعة ق.م . وأقدم هذه المستوطنات البشرية هناك إيريدو وأوروك (وركاء) في الجنوب حيث أقيم بها معابد من الطوب الطيني وكانت مزينة بمشغولات معدنية وأحجار وأخترعت بها الكتابة المسمارية. وكان السومريون مسؤولون عن الثقافة الأولى هناك من ثم إنتشرت شمالاً لأعالي الفرات وأهم المدن السومرية التي نشأت وقتها إيزين وكيش ولارسا وأور وأداب. وفي سنة 2350 ق.م. أستولى الأكاديون، وهم من أقدم الاقوام السامية الآرامية التي استقرت في الرافدين حوالي 3500 ق.م ، وفدوا على شكل قبائل رحل بدو من الجزيرة العربية إلى العراق. عاش الأكاديون منذ القدم في الجزيرة العربية ثم هاجروا شمالا إلى العراق وعاشوا مع السومريين. وآلت اليــهم السلطــة في نحو (2350 ق.م) بقيادة زعيمهم سرجون العظيم واستطاع سرجون العظيم احتلال بلاد سومر وفرض سيادته على جميع مدن العراق وجعل مدينة أكد عاصمته. ثم بسط نفوذه على بلاد بابل وشمال بلاد مابين النهرين وعيلام وسوريا وفلسطين وأجزاء من الأناضول وامتد إلى الخليج العربي، حتى دانت له كل المنطقة. وبذلك أسس أول امبراطورية معروفة في التاريخ بعد الطوفان. وشهد عصرهم في العراق انتعاشاً اقتصادياً كبيراً بسبب توسع العلاقات التجاريـة خاصة مع منطقة الخليج العربي. كما انتظمت طرق القوافل وكان أهمها طريق مدينة أكاد العاصمة بوسط العراق الذي يصلها بمناجم النحاس في بلاد الأناضول، وكان النحاس له أهميته في صناعة الأدوات والمعدات الحربية، وحلت اللغة الأكادية محل السومرية. وظل حكم الأكاديين حتى أسقطه الجوتيون عام 2218 ق.م. وهم قبائل من التلال الشرقية. وبعد فترة ظهر العهد الثالث لمدينة أور وحكم معظم بلاد مابين النهرين.
ثم جاء العيلاميون ودمروا أور سنة 2000 ق.م. وسيطروا على معظم المدن القديمة ولم يطوروا شيئاً حتى جاء حمورابي من بابل ووحد الدولة لعدة سنوات قليلة في أواخر حكمه. لكن أسرة عمورية تولت السلطة في آشور بالشمال. وتمكن الحثيون القادمون من تركيا من إسقاط دولة البابليين ليعقبهم فورا الكوشيون لمدة أربعة قرون. وبعدها إستولى عليها الميتانيون ( شعب لاسامي يطلق عليهم غالبا اسم حوريون أو الحوريانيون ) القادمون من القوقاز وظلوا ببلاد مابين النهرين لعدة قرون. لكنهم بعد سنة 1700 ق.م. أنتشروا بأعداد كبيرة عبر الشمال في كل الأناضول. وظهرت دولة آشور في شمال بلاد مابين النهرين وهزم الآشوريون الميتانيين واستولوا علي مدينة بابل عام 1225 ق.م. ووصلوا البحر الأبيض عام 1100 ق.م.
تكلم سكان ما بين النهرين لغات عديدة لكنهم عموما تكلموا ثلاث لغات رئيسية تطور احدها من الاخرى. بعد السومرية والتي كانت لفترة وجيزة كانت اللغة الاكدية والتي كانت لغةالاكديين, البابليين, الآشوريين و استمرت حتى حوالي سنة 500 ق.م.لتحل محلها اللغة الآرامية ( بلهجتها الشرقية= السريانية). استمرت اللغة الآرامية حتى 500 ب.م لتحل محلها العربية.و ما تزال الآرامية مستعملة اليوم لدى بعض الطوائف العراقية غير المسلمة كالكلدانيون, النسطوريون,الصابئة و الايزيديون. اما العرب فيرجع وجودهم في العراق إلى ميلاد إبراهيم في مدينة اور 2000-1500 قبل الميلاد, حيث من نسله كان العرب . ويؤمن المسلمون ان النبي محمد هو من نسل الأبن البكر لإبراهيم الذي هو إسماعيل . وتشير بعض الاثار إلى وجود القبائل العربية في فترة حكم الملك البابلي نبوخذ نصر في القرن السادس قبل الميلاد, وقد تكون ميسان و مملكة الحضر في الحضر (نينوى) التي تأسست في القرن الثاني قبل الميلاد, من اوائل العلامات الحضارية العربية في العراق, والتي تلتها مملكة المناذرة وعاصمتها الحيرة 266 م - 633 م وحتى دخول الاسلام . من سقوط بابل حتى الفتح الإسلامي : بعد تدمير بابل تناوب على العراق الفرس الاخمينيون واليونانيون بدءاً بالاسكندر المقدوني مرورا بالدول السلوقسية والفرس الساسانيون و حلفاءهم ملوك بني لخم العراقيون (المناذرة). و كان اللخميون من القبائل اللاتي وصفوا كونهم احفاد العرب العمالقة و التي كانت تطلق على قدماء العراقيين و كذلك المصريين .
الدولة العباسية : في عام 762 قام العباسيون بإنشاء مدينة بغداد. بلغت قوة الدولة العباسية أوجها وعرفت العلوم عصر إزدهار في عهد هارون الرشيد ولكن ومنذ العام 800 م بدأت عدة مناطق تعلن استقلالها عن الدولة العباسية وتحولت إلى إمارات أو ممالك تحكمها سلالات متعددة. حتى أنه في النهاية وقعت الخلافة العباسية تحت سيطرة العديد من السلالات ذات الطابع العسكري مثل البويهيون، وفي عام 1258م دمرت بغداد من قبل هولاكو خان بسبب ضعف الخلافة وانشغال الخليفة الحاكم وحاشيته باللهو والعبث وعدم اهتمامهم بشؤون الدولة ويقال أن هولاكو خان قد قتل تقريبا 800،000 من سكان بغداد. وفي النهاية سيطر العثمانيون بعد ذلك على العراق وقسموها إلى ثلاث ولايات، الموصل وبغداد والبصرة وبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى وقع العراق تحت الإحتلال البريطاني ثم الإنتداب ثم حصل على إستقلاله من المملكة المتحدة عام 1932م، لتقوم المملكة الهاشمية العراقية بإستلام فيصل الأول بن الشريف حسين تاج العراق . العهد الجمهوري : وبعد الإطاحة بالنظام الملكي في عام 1958م، تحول العراق إلى النظام الجمهوري، ومن ثم شهدت البلاد عددا من الانقلابات العسكرية آخرها الانقلاب الذي جاء بحزب البعث العربي الإشتراكي إلى الحكم في 17 يوليو/ تموز 1968م.
ويعد العراق بلداً غنياً بثروته النفطية، وعندما أصبح صدام حسين رئيساً عام 1979م، بحلوله محل الرئيس السابق أحمد حسن البكر، وكان النفط يشكل 95 من المائة من موارد البلاد بالعملة الصعبة. إلاّ أن حربه مع إيران وحرب الخليج الثانية عام 1991 ومن ثم العقوبات الدولية التي تلتها أستنزفت قدراته المادية وأثرت تأثيراً سلبياً بالغاً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي
حروب في تاريخ العراق منذ تأسيسه الحرب العالمية الأولى واحتلال البريطانيين للعراق على يد الجنرال ستانلي مود عام 1916م. الحرب العالمية الثانية واحتلال الثاني للبريطانيين للعراق على إثر ثورة العراق الوطنية بقيادة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م. الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948م، بعد اعلان دولة الكيان الصهيوني على أجزاء من فلسطين عام 1947م. الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة عام 1967م، وذلك بعد العدوان الذي قامت به إسرائيل على العرب. الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة عام 1973م، والمسماة بحرب تشرين أو أكتوبر عام 1973م. حرب الخليج الأولى أو الحرب الإيرانية - العراقية. حرب الخليج الثانية أو حرب احتلال الكويت عام 1990م. حرب الخليج الثالثة 2003. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| |
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 10:27 am | |
|
انبثاق دول المدن : لابد وان كيش قد لعبت دورا رئيسا منذ البداية. فحكام جنوبي بلاد بابل بعد 2500 مثل ميسانيبادا حاكم اور و ايناتوم حاكم لكش، غالبا ماكانوا يلقبون انفسهم بملك كيش عند ادعاء الاستقلال عن بلاد بابل الشمالية. ان هذا الراي لا يتفق مع التواريخ الحديثة التي تظهر كيش امبراطورية قديمة. الاكثر احتمالا ان ممثلي الشمال كانوا يدعون نفس المنطقة والمتضمنة جغرافيا ايضا الارض التي سميت فيما بعد بارض اكد. بالرغم من ان الادلة المادية للكتابات المنقوشة اصبحت اغنى واكثر من خلال التوزيع الجغرافي والتسلسل الزمني في القرن 27 وازداد في القرن 26 ق م ، لازال من المستحيل ايجاد مفتاح لحساب تاريخي معقول، وان التاريخ لا يمكن كتابته منفردا على اساس الاكتشافات الاثرية القديمة. مالم يجري توضيحها بوثائق مكتوبة فان مثل هذه الاكتشافات تحوي على العديد من الالغاز بدلا من ان تعطينا الحلول. ان هذا ينطبق حتى على اكتشاف مذهل مثل القبور الملكية لاور مع قرابينهم ( مئات من القرابين) من الموالين الذين يتبعون ملوكهم وملكاتهم الى القبور، ناهيك عن المواعيد المحكمة للدفن مع موجودات الاضرحة. انه يمكن كتابة التاريخ باطار معين فقط منذ حوالي 2520 ولغاية بداية سلالة اكد، بمساعدة تقارير دولة المدينة للكش وعاصمتها جيرسو وعلاقاتها بجارتها ومنافستها، "امة". ان المصادر لهذه، هي من ناحية، الادلة المادية للكتابات المنقوشة والتي تعود الى الحكام التسعة، تخبرنا عن البنايات التي انشاؤوها، وعن قوانينهم وحروبهم، وفي حالة "اوروك اكينا"، عن الاجراءات الاجتماعية. ومن ناحية اخرى، هناك ارشيف من 1200 لاقم – ( التي نشرت لحد الان) – من معبد بابا، فان اهة المدينة جيرسو منذ عهد لاكولانادا و اوروك اكينا ( النصف الاول من القرن 24ق م). لاجيال عديدة، كانت لكش و امة تناقشان امتلاك وزراعة وحق الانتفاع بالمنطقة الخصبة ل " جويدينا". وبدءا فانه من جيلين قبل اورنانشي، ميسيلم ( وهو ملك آخر لكيش) قد تدخل كحكم ومن المحتمل كحاكم عام في فرض على الدولتين خط الحدود المار بينهما، ولكن هذا لم يدم طويلا. بعد صراع طويل، اينانوتم اجبر حاكم امة على اداء قسم ملزم امام الاله الستة بالامتناع عن عبور الحدود القديمة، السدة. ان النص الذي يخص هذه الحادثة، مع الكثير من الادبيات الموسعة، منقوش على عمود النسور. ان هذه المعارك، والتي كانت تميل الى جانب معين، ثم الى الجانب الاخر، استمرت تحت حكم من اعقبوا اينانوتم، وخاصة انتيمينا ولغاية حكم اوروك اكينا حيث تم تدمير ارض لكش واماكنها المقدسة. اما العدو لوكال زاكيزي فقد قهر هو الاخر من قبل سرجون الاكدي. يجب ان لا يوخذ العداء بين لكش و امة في معزل عن بقية المدن، والتي ايضا، كانت تعتبر عدوة في بعض الاوقات، والموقف العام يشكل تغيرا في التحالفات واحلاف قصيرة المدى بين المدن في الازمنة الاكثر حداثة. لقد تم ادراج كيش وامة وقبلها ماري على الفرات الاوسط معا في مناسبة معينة في زمن اينانوتم. لقد تم خوض تلك المعارك من قبل المشاة، بالرغم من التنويه عن العرباة الحربية التي كانت تجرها الحمر الوحشية. ان حكام لكش لم يغفلوا ان يسموا انفسهم بال "أنسي" والتي تعني كترجمة تقريبية "حاكم المدينة" او "الامير". نادرا ماكانوا يطلقون على انفسهم لقب "لوكال" او "ملك"، اللقب الذي منح الى حكام "امة" حسب كتاباتهم. ومن المحتمل فان هذه كانت القاب محلية والتي حورت فيما بعد، لربما منذ عهد ملوك اكد، لتكون وراثية والتي اصبح فيها ال "لوكال" حاكما على "انسي". دول المقاطعات : من الصعب وصف العلاقات الخارجية لدولة مثل لكش، والاصعب منه القاء الضوء غلى تركيبتها الداخلية. فلاول مرة، تشكلت دولة تحوي اكثر من مدينة مع المقاطعات المحيطة، لان حكاما اصحاب شخصيات عدائية استطاعوا ان يوسعوا تلك المقاطعة الى ان اصبحت لا تشمل جيرسو فحسب، العاصمة، والمدن مثل لكش و نينا (زورغول) ولكن العديد من المحلات الصغيرة وحتى ميناء بحري "جوابا". بالرغم من كل ذلك فانه ليس واضحا الى اي حد تكاملت المقاطعات المحتلة اداريا. في مناسبة واحدة استخدم اوروك اكينا معادلة " من حدود نينجيرسو ( وهو اله مدينة جيرسو) الى البحر،" واضعا في باله مسافة 125 ميلا. ليس من الحكمة الظن بان الدولة المنظمة في ذلك الوقت كانت تفوق هذا الحجم. كانت نظرة الدارسين ولعدة سنوات مرتبطة بمفهوم السومريين لدولة المعبد، والتي كانت تستخدم لايصال فكرة نظام ان الحاكم، كممثل لالهه، يملك نظريا كل الاراضي، اما الاراضي المملوكة لافراد فكانت حالات نادرة وشاذة. ان مفهوم مدينة المعبد قد اشتق جزئيا من التفسير المفرط لمقطع من النص الاصلاحي لأوروك اكينا، بان الدول " في حقل انسي ( او زوجته والامير ولي العهد)، ان اله المدينة نينجيرسو ( او الهة المدينة بابا وابنهما المقدس)" قد اعتبروا مالكين، ومن ناحية اخرى، فان التصريحات في ارشيف معبد بابا في جيرسو والذي يعود تاريخه الى لوكالاندا و اوروك اكينا اعتبرت ممثلة بكاملها. هنا يوجد نظام ادارة، يديره زوج انسي او من قبل سانجو ( رئيس خدم المعبد) حيث ان اي عملية اقتصادية بضمنها التجارية تكون ذات علاقة مباشرة بالمعبد: الزراعة، البستنة، زراعة الاشجار تربية المواشي وتصنيع المنتجات الحيوانية، وصيد الاسماك، والدفع للبضائع من قبل العمال والمستخدمين.
ان الاستنتاج من هذا التوافق يؤكد خطورته حيث ان اراشيف معبد بابا يوفر معلومات فقط عن جزء من ادارة المعبد الكلية، اضافة الى محدودية المدة لذلك الجزء . من المفهوم ان القطاع الخاص والذي لم يكن بالطبع يخضع لسيطرة المعبد، نادرا ما ورد ذكره بهذه الاراشيف. ان وجود قطاع كهذا قد وثق بقوائم مبيعات وشراء الاراضي في الفترة التي سبقت سرجون الاكدي ومن مناطق متعددة. لقد ثبت في الكتابات السومرية والاكدية وجود الملكية الخاصة للاراضي او حسب راي بعض الدارسين الاراضي التي كانت تعود لعوائل ولم يجر تقسيمها. بالرغم من ان عدد كبير من السكان كانوا يجبرون على العمل للمعابد وياخذون معاشاتهم منها الا انه لا يعرف لحد الان ان كانت هذه الاعمال على مدار السنة. من المحتمل سوف لن تتوفر ، ولسوء الحظ، صورة دقيقة واضحة وبالارقام عن البناء الديموغرافي للمدن السومرية. يفترض ان الحكومة كانت في المدن القديمة تستدعي اقسام من الشعب للقيام باعمال الخدمات العامة. ان انشاء البنايات البارزة او حفر قنوات عميقة وطويلة لا يمكن ان تتم الا من خلال مثل هذه التجنيد. ان تشغيل اعداد كبيرة من الاشخاص المهنيين والعبيد ليس له علاقة بهذا البحث. ان الدلائل على استخدام العبيد من الرجال نادر جدا في المرحلة التي سبقت سلالة اور الثالثة وحتى خلال سلالة اور الثالثة وفي حكم بلاد بابل القديمة، ان الرق لم يكن عاملا اقتصاديا. وحسب احدى الوثائق، ان معبد بابا استخدم 188 امراة ومعبد الالهة نانشه استخدم 180 وخاصة في طحن الحبوب وفي صناعة النسيج واستمرت هذه الحالة في الاوقات التالية. ولاجل الدقة ينبغي الاضافة بان مصطلح العبد والعبدة يستخدم هنا حسب المفهوم الذي ظهر بعد 2000 سنه والذي يصف الاشخاص الذين يباعون ويشترون والذين لم يكن بمقدورهم امتلاك ممتلكات شخصية من خلال عملهم. وهناك فرق بين العبيد اللاسرى ( اسرى الحروب والمخطوفين) والاخرين الذين يباعون. في احدى المخطوطات، يتفاخرانتيمينا حاكم لكش بانه سمح لابناء اوروك لارسا، و بادتبيرا من العودة الى امهما وانه جعلهما بين ايادي اله او الهة المدينة. نقرا في ضوء تصريحات مشابهة لكنها اكثر تفصيلا وفي تواريخ لاحقة، هذه المعادلة المقتضبة التي تمثل اقدم دليل عن حقيقة ان الحاكم يتحمل احيانا لتعويض الظلم الاجتماعي بطريقة اصدار مراسيم. قد تشير تلك المراسيم الى تاجيل او الغاء ديون او الاعفاء من الخدمات العامة. وهناك جملة من المخطوطات لآخرحاكم من سلالة لكش الاولى، اوروك اكينا، كانت تعتبر لفترة طويلة مستند اساسي للاصلاح الاجتماعي في الالفية الثالثة، ان دلالة نص الاصلاح يمكن تبريرها جزئيا. عند القراءة بين السطور، من المحتمل ادراك وجود حالة من التوتر قد برزت بين القصر ( مقر اقامة الحاكم مع ملحقاته، الموظفون الاداريون، والممتلكات العقارية) ورجال الدين ( وهم خدم وكهنة المعابد) . فيما يبدو تحد لرغباته الشخصية، اوروك اكينا والذي يختلف عمليا عن كل من سبقه فان اسمه لا يدرج ضمن نسب السلالة وعليه فهناك شك في كونه مغتصبا للعرش، يدافع عن رجال الدين والذي يعتبر موثقهم مثيرا للدموع اذا ما توخينا الدقة في ترجمة المقطع الذي يخص حماية حقول انسي الى القدسية فانها ستفيد ان الموقف في المعبد كان تحسن وان اراضي القصر كانت قد خصصت للكهنة. مع هذه الاجراءات والتي تشكل سياسة القادم الجديد الذي اجبر على الاتكال على جهة معينة، يوجد آخرون من يستحقون المناصب بجدارة ل " اجراءات المتخذة للتخفيف عن الظلم الاجتماعي" – فعلى سبيل المثال السماح بالتاخر عن دفع الديون او الغائها واجراءات لمنع سيطرة المتنفذ اجتماعيا واقتصاديا من اجبار الادنى على بيع بيته، وفلوحماره وما شابه. اضافة الى ذلك فلقد كان هناك تعليمات التعرفة، مثل نفقات الزواج والدفن اضافة الى تعاليم دقيقة عن التموين الغذائي لعمال البساتين. ان هذه الظروف، والموصوفة على اسس مصادر المواد من جيرسو، قد تكون هناك مثيلتها في مكان آخر، ومن المحتمل ايضا ان الاراشيف الاخرى، قد يعثر عليها في مدن اخرى سبقت سرجون الاكدي في جنوب بلاد مابين النهرين، قد تزودنا بمفاهيم تاريخية جديدة تماما. وعلى كل، فمن الحكمة التقدم بحذر مع التحليل والتقييم للمواد الموجودة بدلا من التعميم. ان هذا هو افق بلاد مابين النهرين بمدة قصيرة قبل بروز الامبراطورية الاكدية. في ماري، كانت الكتابة قد ظهرت حوالي منتصف القرن 26 ق م،ومنذ ذلك الوقت فهذه المدينة الواقعة في الفرات الاوسط، تشكل مركزا مهما للحضارة المسمارية، وخاصة فيما يخص محتواها السامي. البا ( وربما مواقع اخرى في سوريا القديمة) قد استفادت من تاثير خطوط مدارس ماري. وامتدادا الى منطقة ديالى على الخليج الفارسي، فقد امتد نفوذ بلاد مابين النهرين الى ايران، حيث ورد ذكر سوسهمع الما ومدن اخرى، لايعرف مواقعها لحد الان. الى الغرب عرفت جبال امانوس وتحت حكم لوكال زاكيزي قد ورد ذكر البحر العالي (وبعبارة اخرى البحر المتوسط) لاول مرة. الى الشرق كتابات اورنانشه حاكم لكش الذي سمى جزيرة ديلمون ( حاليا البحرين)، والتي قد تكون حينئذ نقطة وسطية للتجارة مع ساحل عمان ومنطقة الاندس، ونصوص احدث عن ميكان وميلوها. لم تكن التجارة مع بلاد الاناضول وافغانستان جديدة في الالف الثالث، حتى وان لم تكن هذه المناطق مدرجة باسمائها. لقد كان واجب السلالة الاكدية لان توحد ضمن هذه الحدود مقاطعة لكشصور الحضارة السومريةGameboardRecostrucedGolden LyreOrnamentGold DaggerGold HelmetGolden Lyer DetailTelagrabSilver BoatWagon
الامبراطورية الاكدية ( 2350 – 2112 ق م ) هناك عدة اسباب لاعتبار العام 2350 كنقطة تحول في تاريخ بلاد مابين النهرين. حيث ظهرت لاول مرة امبراطورية على ارض بلاد مابين النهرين. ان القوة التي دفعت لتاسيس هذه الامبراطورية هم الاكديون، والذين اخوا اسمهم من مدينة اكد، والتي اختارها سرجون كعاصمة له ( لا يعرف موقعا بالضبط لحد الان ولكن يفترض انها تقع على الفرات بين سيبار وكيش). اصبح اسم اكد مرادفا مع مجموعة السكان الذين وقفوا جنبا الى جنب مع السومريين. لقد صار جنوب بلاد مابين النهرين يعرف "بأرض سومر واكد"؛ وأصبحت الاكدية اسم اللغة؛ وارتقى الفن الى ارتفاعات جديدة. وعلى اية حال فحتى نقطة التحول هذه لم تكن هي المرة الاولى التي يدخل فيها الاكديون التاريخ. فالساميون (سواء الاكديون او اقوام كانت تنطق بلغة سامية استوطنت قبلهم) قد يكون لهم دور في التمدن الذي حصل في نهاية الالف الرابع ق م . الاسماء والكلمات الاكدية الاولى من مصادر كتابية للقرن السابع والعشرين. يمكن العثور على العديد من الأسماء الاكدية في ارشيف تل ابو صلابيخ، قرب نيبور في بابل القديمة، متزامنة مع تلك الموجودة في شوروباك ( بعيد سنه 2600 ق م). ان قائمة الاسماء السومرية تضع سلالة كيش الاولى، مع سلسلة من الاسماء الاكدية، مباشرة بعد الطوفان. ربما كانت اللغة الاكدية قد كتبت في ماري منذ البداية. وعليه فان مؤسس السلالة الاكدية لربما كانوا افرادا من شعب كان لقرون يعرف ثقافة بلاد مابين النهرين بكل اشكالها . وحسب قائمة ملوك السومريين فان الحكام الخمسة الاوائل لأكد ( سرجون، ريموش، مانيشتوسو، نارام سن، و شار كالي شاري) قد حكموا مامجموعه 142 سنه؛ سرجون لوحده حكم ل 56 سنة. بالرغم من ان هذه الارقام لايمكن تدقيقها، الا انها على الارجح موثوق بها، لان قائمة ملوك اور الثالثة، وان كانت بعد 250 سنة، فقد بثت تواريخ لثبتت دقتها. حسبما ماجاء في الحاشية المرافقة لاسمه في قائمة الملوك، فقد بدأ سرجون حياته كساقي خمر لملك كيش اور زابابا. هناك اسطورة اكدية حول سرجون، تتحدث عن كيف انه هجر كطفل بعد ولادته، فتكفل نشاته البستاني، ومن ثم احبته الآلهة عشتار. وفي اية حال لا توجد بيانات تاريخية عن وظيفته. الا انه من المنطقي الافتراض ان في حالته هذه فان المحكمة العليا كان نقطة انطلاق لسلالة خاصة به. ان المخطوطة الاصلية لملوك اكد والذين توارثوا جيلا بعد آخر هي موجزة، وان انتشارهم الجغرافي عموما كان اخباريا اكثر منه مضمونا. ان المصدر الرئيس لحكم سرجون، بسموه وكوارثه، هي نسخ من صنع بابل القديمة مكتوبة في نيبور من الاصول القديمة التي يفترض انها حفظت هناك. انها في جزء منها اكدية، وجزء منها مزدوجة اللغات بنصوص سومرية-اكدية. وحسب هذه النصوص، فان سرجون قاتل ضد مدن السومريين في جنوب بابل، وهدم جدران المدينة، واسر 50 من الانسيين، و"نظف سلاحه في البحر". يقال انه أسر لوكال زاكيزي ملك اوروك، الحاكم السابق لأمة، والذي هاجم اوروك اكينا في لكش بقسوة، واضعا رقبته تحت نير وسحبه الى بوابة انليل في بيبور. لقد ملأ مواطنو اكد دوائر انسي من البحر السفلي ( الخليج الفارسي) فما فوق، والتي كانت ربما مكيدة استخدمها سرجون لتوسيع اهداف سلالته. اضافة الى ال 34 معركة التي خاضها في الجنوب، يخبرنا سرجون ايضا عن فتوحات في شمال بلاد مابين النهرين: ماري على البالخ، حيث وقر الاله داكان (داكون)، البا ( تل مارديخ في سوريا)، و"غابة الارز" ( امانوس او لبنان)، و"الجبال الفضية"؛ ومعارك في عيلام وذكر كذلك سفوح تلال زاغروس. ويذكر سرجون ايضا عن سفن من ملوحه ( منطقة اندوس)، وماغان (من المحتمل ساحل عمان)، و ديلمون (البحرين) قد رست فى ميناء اكد. ان هذه التقارير تجلب الاهتمام من النظرة الاولى لكن لها قيمة محدودة بسبب لا يمكن تنظيمها حسب تسلسل زمني،ولا يعرف ان كان سرجون قد بنى امبراطورية كبيرة. التراث الاكدي يرى في هذا المجال ايضا ودرج في درلسة عن نهاية القرن الثامن او السابع تدرج ما لا يقل عن 65 مدينة واراضي تعود الى تلك الامبراطورية. وحتى ان كانت ماغان و كابتورا ( كريت) كحدود شرقية وغربية للاراضي المستولى عليها، فمن الصعب نقل ذلك الى الالف الثالث. عين سرجون احدى بناته ككاهنة لاله القمر في اور. اكتسبت اسم انهيدونا وتبع ذلك اسم انمينانا، ابنة نارام –سن. لابد وان انهيدونا كانت امراة موهوبة؛ فترنيمتان سومريتان من تاليفها قد حفظتا، ويقال انها ساعدت في بدء مجموعة من الاغاني وهبت الى معابد بابل. مات سرجون عن عمر طويل جدا بعد ان وضع اسس التقاليد العسكرية لبلاد مابين النهرين. وهناك مخطوطة محفوظ نسخ عنها ، فيها تقارير كاملة عن ابنه ريموش والمعارك التي تم خوضها بين سومر وايران، كما لو لم تكن هناك امبراطورية سرجونية. لا يعرف بالتفصيل مقدار الصرامة التي ارادت اكد من خلالهاالسيطرة على المدن الواقعة الى الجنوب وكم من الحرية بقيت لديهم؛ ولكن يفترض انهم كانوا متمسكين بقوة باستقلالهم المحلي الموروث. من وجهة النظر العملية، فمن المحتمل انه من المستحيل في كل الاحوال تنظيم امبراطورية يمكنها احتواء كل بلاد مابين النهرين. وما دامت التقارير ( نسخ من المخطوطات) التي خلفها مانشتوسو، و نارام –سن، وشار- كالي- شاري تتحدث باستمرار عن ثوار وانتصار في معارك ومادام قد ذكر بان ريموش، ومانشتوسو و شار- كالي – شاري هم انفسهم قد ماتوا ميتة قاسية، فتبرز مشكلة ماتبقى من عظمة اكد. ان الحروب وحالات عدم الاستقرار، انتصار طرف واندحار الاخر، وتشير المصادر حتى الى اغتيال الملوك والبعض منها فقط قد وصلنا من هذه المصادر. وحين تمتد المعارك الحربية الى جيران بلاد بابل فينشغل الملوك الاكديين اساسا بالفوائد التجارية بدلا من خدمة الفتوحات وحماية الامبراطورية. ان اكد، او بدقة اكبر الملك، كان بحاجة الى البضائع والمال والذهب لتمويل الحروب، والبناء ونظام الادارة الذي وضعه. ومن جهة اخرى، فان المخطوطات الاصلية التي عثر عليها لحد الان عن ملوك كثل نارام – سن كانت مبعثرة في منطقة تغطي حوالي 620 ميلا حيث يطير الغراب، وباتباع مجرى دجلة جنوبا: دياربكر في اعالي دجلة، نينوى، تل براك في اعالي نهر الخابور (والذي حوى على غابات وحاميات اكدية )، سوسة وعيلام، اضافة الى ماراد وبوزرش – داغان، و ادب ( بسمايه)، ونيبور، واور و جيرسو في بابل. حتى وان لم تكن كل هذه المناطق جزء من الامبراطورية، فلابد انها تشكل مجالا مثيرا للاعجاب. ومن النقاط الواجب اعتمادها حقائق اخرى تزن اكثر من تقارير عن الانتصارات التي لا يمكن التحقق منها. بعد الملوك الاوائل للسلالة ولد لقب ملك كيش، ونارام – سن الذي اعتمد لقب " ملك اربع ارباع العالم" ( اي الكون). وكانه قدسي فقد كتب اسمه بالخط المسماري بعلامة الاله، وهي علامة معرفة تسبق اسم الالهه، اضافة الى انه تبنى لقب "اله اكد". انه لمن الشرع السؤال فيما لو كان مفهوم التاليه قد يستخدم في مفهوم تمجيد المرتبة بحيث تساوي مرتبة الالهه. على الاقل كان يجب التنويه بانه نسبة الى مدينته وشعبه، فان الملك يرى نفسه حسب الدور المنوط بالمقدسات المحلية كحامي للمدينة وضامن رفاهيتها. حسب وثيقة من نيبور، فان القسم الذي اداه نارام – سن باسلوب مشابه لتلك التي تستخدم عند القسم بالاله المعبود. الوثيقة من جيرسو تحوي على تاريخ اكدي من هذا النوع " في العام الذي وضع فيه نارام –سن حجر الاساس لمعبد انليل في نيبور ومعبد اينانا في زابلام" كدليل لسياق توثيق التواريخ المعمول به في فترة اور الثالثة وبابل القديمة ان استخدام مثل هذه المعادلة تفترض ان المدينة المعنية تعترف بحكم سيدها الذي يتضرع الناس باسمه. نالت اللغة الاكدية تحت الحكم الاكدي مكانة ادبية جعلها في مصاف اللغة السومرية. انتشرت اللغة الاكدية خارج حدود بلاد مابين النهرين لربما بتاثير المعسكرات الاكدية في سوسة. بعد ان كانت تستعمل ولقرون عدة خطا محليا بدائيا على هيئة الخط المسماري، تبنت عيلام الخط المستعمل في بلاد مابين النهرين خلال الفترة الاكدية ومع بعض الاشتثناءات فقد استخدمته حتى عند الكتابة باللغة العيلامية وليس فقط عند الكتابة بالسومرية او الاكدية. ان الاسلوب المسمى الاسلوب الاكدي القديم في الكتابة رائق من وجهة النظر الجمالية بدرجة خارقة، فقد كانت وحتى العهد البابلي كانت تستخدم للكتابات المهمة. ونفس الشئ يقال عن الفن التشكيلي والطباعي، وخاصة النحت على المنحنيات، والمنحوتات نصف البارزة، والاختام الاسطوانية فقد وصلت اعلى درجات الاتقان. وهكذا فيمكن اعتبار حكم الملوك الخمسة لاكد احد اكثر الفترات انتاجية في تاريخ بلاد مابين النهرين. على الرغم من ان قوى الانفصال قد عارضت كل التوجهات الوحدوية، فقد وسعت مملكة اكد من الافاق السياسية والمساحات. ان الفترة الاكدية قد ادهشت المؤرخين كما ادهشتهم فترات اخرى. ان ما ساهمت به اكد من خزين الاساطير لم يمح من الذاكرة. وبتعابير مثل " سياتي ملك اربعة ارباع الارض"، نذير الكبد ( تنبؤات تجرى من تحليل شكل كبدة الخروف) من بلاد بابل القديمة يعبر عن التوق الى الوحدة في الوقت الذي عادت بلاد بابل مرة اخرى مفككة الى العديد من الدويلات الصغيرة.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 10:29 am | |
|
امبراطورية سلالة اور الثالثة ( 2112 – 2004 ق م )
يسجل لاوتو حيكال ملك اوروك شرف الاطاحة بحكم كوتيان بقهر ملكهم تيريكان مع اثنين من جنرالاته. يطلق اوتو حيكال على نفسه في احدى المخطوطات لقب مالك الارباع الاربعة للارض، ولكن هذا اللقب، كان قد اقتبس من اكد، لاجل ان يمثل على الاغلب الهاما سياسيا اكثر منه حكما حقيقيا. كان اوتو حيكال اخ اور نمو مؤسس سلالة اور الثالثة ( الثالثة لان اور قد ادرجت للمرة الثالثة في قائمة ملوك السومرين). تحت حكم اور نمو واسلافه شولكي، آمار سوينا، شو- سن، و إبي – سن، استمرت هذه السلالة لقرن ( 2112 – 2004 ). كان اورنمو الحاكم الاول لمدينة اور تحت حكم الملك اوتو حيكال. اما كيف اصبح ملكا فهذا غير معروف، ولكن قد تكون هناك متلازمات بين بروزه ووظيفة إشبي- ايرا من مملكة اسن او حتى بروز سرجون. بازالة دولة لكش، تسبب اورنمو في نموالتجارة الخارجية من (ديلمون، وماغان و ميلوهة) لتصب في اور. وكدليل اللقب الملكي الجديد الذي كان اول من حمله ( هو ملك سومر واكد) فهو من بنى دولة شملت على الاقل الجزء الجنوبي لبلاد مابين النهرين. وكغيره من الحكام العظام، فقد بنى الكثير، بضمنها زقورات اور واوروك المثيرة للدهشة والتي اخذت ابعادها النهائية خلال حكمه. اعطى علماء الاثار اسم شريعة اورنمو على الاثر الادبي والذي يعتبر اقدم مكتشف معروف للاثار الادبية يمتد من شريعة لبت –عشتار المكتوبة بالسومرية وحتى شريعة حمورابي، المكتوبة بالاكدية. ( ينسبها بعض الدارسين الى شولكي ابن اور نمو). انها مجموعة جمل او نصوص كلها تبدأ بإذا أ(افتراضية)، ويتبعها ب (تبعات قانونية). أطرت المجموعة بمقدمة وخاتمة. النسخة الاصلية موجودة في ستيلا على الاغلب، وكل ما يعرف حاليا عن شريعة اورنمو هي النسخ البابلية القديمة. ان مصطلح "شريعة" كما استخدم هنا هو مصطلح تقليدي وينبغي ان لا يعطي انطباعا عن قوانين مفروضة؛ اضافة الى ذلك، فانه لا يعرف لحد الان محتوى شريعة اورنمو بالكامل. انها تعنى، ضمن العديد من امور اخرى، بزنى النساء المتزوجات، وفض بكارة مملوكة شخص اخر، والطلاق، والاتهامات الكاذبة، وهروب العبيد، والجراح الجسمانية، وتامين الحماية، اضافة الى القضايا القانونية التي تبرز من خلال الزراعة والري. قبل النهاية الكارثية لاور الثالثة على يد ابي-سن، لم يبدو انها عانت تراجعا وثورات بصورة قاتلة كتلك التي عانت منها مملكة اكد. ليس هناك مؤشر واضح يشير الى عدم استقرار داخلي، بالرغم من انه يجب التذكر بان العشرين سنة الاولى لحكم شولكي لازالت يخفيها الظلام. وعلى كل، فمن تلك النقطة وحتى بداية حكم ابي- سن، او على الاقل لمدة 50 سنة، تعكس المصادر فترة السلام التي مرت بها البلاد التي عاشت مستقرة وبعيدة عن الاعتداءات الخارجية. ارسلت بعض الحملات على الاراضي الاجنبية والاراضي المجاورة على جبال زاغروس والتي اصبحت تعرف فيما بعد ببلاد آشور، والى مشارف عيلام من اجل تامين استيراد المواد الخام، باسلوب يذكرنا باكد. لقد كان استخدام القوة فقط كاخر حل، وقد اتخذت كافة التدابير من اجل احلال السلام في الطرف الثاني من الحدود من خلال ارسال السفراء او ارساء العلاقات والاواصر العائلية – مثلا، بتزويج بنات الملك الى حكام اجانب. و شولكي ايضا لقب نفسه "ملك اربعة ارباع الارض". بالرغم من انه عاش في اور، فقد كانت نيبور مركزا مهما آخر، حيث – حسب الفكرة السائدة – فان انليل كبير الالهه في معبد الدولة السومرية، قد اسبغ على شولكي الكرامة الملكية. ولهذا فقد اورث شولكي اسلافه الشرف القدسي، كما تمتع بها قبلهم نارام – سن ملك اكد؛ وعند هذا الوقت فقد اصبحت سياقات التأليه واضحة المعالم حيث قدمت القرابين وبنيت المعابد للملك وتاجه في حين اصبحت القرارات الملكية تصدر بالاسماء الشخصية. ظهر اضافة الى اوتوحيكال ( اله الشمس العظيم") شولكي حيكال ( شولكي العظيم) وهكذا.
المقومات الجغرافية،والعرقية، والفكرية من وجهة النظر العرقية، فقد كانت بلاد مابين النهرين تتالف من عناصر غريبة في نهاية الالف الثالث كما لم تكن من قبل. العنصر الاكدي كان السائد، وان نسبة الناطقين بالاكدية استمرت بالزيادة نسبة الى الناطقين بالسومرية. اما المجموعة الثالثة، والذين ورد ذكرهم لاول مرة تحت حكم شاركالي شاري في مملكة اكد هم العموريون. وجد بعض من هذه المجموعة خلال سلالة اور الثالثة في الطبقات العليا من الادارات، ولكن معظمهم كانوا منتظمين بقبائل، كانوا لا يزالون يعيشون حياة البداوة. وقد كانت افضل ايامهم خلال فترة مملكة بابل القديمة. في الوقت الذي تتميزلغتهم بوضوح عن الاكدين، فان لغة العموريين، والتي تتالف من اكثر من الف اسم صحيح، هي اكثر صلة بما يسمى الفرع الكنعاني من اللغات السامية، والتي من المحتمل انها تمثل الشكل القديم. اما حقيقة ان الملك شو- سن كان قد بنى جدارا حول الارض، الجدار الذي ابعد التدنوم (اسم لقبيلة) يبين كم كان قويا ضغط البدو خلال القرن الواحد والعشرين وكم من الجهود بذلت لتحديد تاثيرهم. اما المجموعة العرقية الرابعة الرئيسة فهم الحورانيون، والذين كانوا مهمين في شمال بلاد مابين النهرين وفي اطراف مدينة كركوك الحالية. من المحتمل ان الافق الجغرافي لامبراطورية اور الثالثة لم يتعد حدود الامبراطورية الاكدية. لم يعثر على اسماء ضمن بلاد الاناضول، ولكن كان هناك الكثير من المراسلين الذين كانوا يتنقلون بين بلاد مابين النهربن وايران بعيدا عن عيلام. وورد مرة ذكر غوبلا (بيبلوس) على ساحل المتوسط. ومن الغريب ان ليس هناك اية علاقة مع مصر، في اور الثالثة او فترة بابل القديمة. من الغريب ان لا توجد اتصالات في نهاية الالف الثالث بين هاتين الحضارتين العظيمتين القديمتين في الشرق الاوسط. لابد وان تكون الحياة الفكرية في عهد اور الثالثة نشطة جدا في جني ونشر الادب القديم اضافة الى الخلق الجديد. بالرغم من ان اهمية اللغة السومرية كلغة منطوقة قد تلاشت تدريجيا، الا انها استمرت بالازدهار كلغة مكتوبة، حالة استمرت الى عهد مملكة بابل القديمة. وكما ترينا تراتيل الملك المؤله فقد ظهرت ادبيات في اور الثالثة. ان كان لنسخ بابل القديمة اية مدلولات فان مراسلات الملك مع الموظفين الكبار كانت باعلى المستويات الادبية. وبنظرة بعيدة، فان سلالة اور الثالثة لم تعش في ذاكرة التاريخ كما عاشت بشراسة مملكة اكد. للتاكد فان المؤرخين يتحدثون عن اور الثالثة ك بالا سولكي دورة " الحكم" لشولكي؛ على اية حال فليس هناك مايشير الى الشعر الاسطوري عن سرجون و نارام سن. وليس هناك سبب واضح ، ولكن يمكن تخيل الاخير فقد شعر الشعب الاكدي بهويته في اكد اكثر من الدولة التي كانت تستخدم اللغة السومرية.
الادارة كان اعلى موظف درجة في الدولة هو سوكال- ماح، ويعني حرفيا "الحامل الاعظم"، والذي يمكن وصف منصبه ب "مستشار الدولة". كانت الامبراطورية مقسمة الى 40 مقاطعة تحكم من قبل الإنسي ، والذين بالرغم من سلطاتهم الواسعة، فان ( الادارة المدنية و الساطة القضائية)، لم تكن مما يشمله الحكم الذاتي، حتى وان بصورة غير مباشرة، بالرغم من ان السلطة كانت تورث من الاب الى الابن. لم يكن يحق للمقاطعات الدخول بتحالفات او شن الحروب منفردة. كان الانسي يعين من قبل الملك ومن المحتمل نقله الى مقاطعة اخرى من قبله. كانت كل مقاطعة من تلك المقاطعات ملزمة بدفع مساهمة سنوية، والتي كانت اقيامها تناقش من قبل مبعوثين. ان ما كان ذا اهمية خاصة هو ماكان يدعى ب "بالا" ، وهي دورة كان انسيو المقاطعات الجنوبية يساهمون بها ضمن امور اخرى، كان عليهم ادامة ساحة خزين الدولة من القرابين. على الرغم من ان المقاطعة كانت هي دولة المدينة السابقة، الا ان العديد منها كانت حديثة التشكيل. ان مايدعى بنص تسجيل الاراضي لاور نمو يصف اربعا من هذه المقاطعات شمال نيبور، مشيرا الى الحدود بدقة وينتهي بتعبير " لقد أقر الملك اورنمو حدود الاله ( xx ) الى الاله ( xx ). وفي بعض المدن وخاصة في اوروك، وماري او دير ( قرب بدرة)، كانت الادارة بيد ساكانا ، وهو رجل تعني وظيفته جزئيا حاكم وجزئيا جنرال. ان مامتوفر من تاريخ متفق عليه عمليا وخاصة في اور الثالثة دولة مركزية قوية بكون الملك الحاكم المطلق. على الرغم من وجود بعض الشكوك. فلابد من التعامل بحذر وعدم التقليل من شان الانسي. ويبرز سؤال آخر من الحدود بين وامتداده الى القطاعين العام والخاص، حيث ان الاخير لم يعط الاهمية المطلوبة. وما يقصد بالقطاع الخاص هو مجموعة من السكان لها ارض تخصها وان دخلها لا يسيطر عليه المعبد او القصر، مثل حرس الانسي او الحرس الملكي. ان الصورة التقليدية قد اخذت من مصادر ارشيف الدولة لبوزرش – داغان، وهي ارض واسعة للخزين تقع خارج بوابة نيبور، والتي كانت تجهز معابد المدينة بحيوانات القرابين وحتما كانت تشمل على معامل الصوف والجلود الرئيسة، ومن الاراشيف الاخرى تلك التي تعود الى امة، وجيرسو ونيبور واور. كانت كل تلك الفعاليات تراقب من قبل نظام بيروقراطي مشذب ركز على على استخدام المراجع الحكومية، والادارة الكفوءة والحسابات الدقيقة. ان اعضاء الجهاز الاداري كانت تتواصل فيما بينها بواسطة شبكة مراسلين تعمل بسلاسة ودقة. وبالرغم من ان حوالي 24000 وثيقة تشير الى اقتصاد اور الثالثة كانت قد نشرت لحد الان، فالكثير منها لاتزال تنتظر دورها في التقييم الصحيح. وحيث لا تتوفر تقنيات خدميةلتلك الوثائق، فانه حتى يمكن تصنيفها نستطيع ان نكتب كتابا عن "النظام الاقتصادي في اور الثالثة". وحسب العقود ( القروض، وبيع الاراضي العائدة للمعبد، وبيع العبيد، وماشابه) فان القطاع الخاص يساهم بجزء يسير من كمية الوثائق الكبيرة. ولا يمكن للمواقع التي تمت فيها الاكتشافات ان تعطي صورة حقيقية لواقع هذه الوثائق. وفي شمالي بابل مثلا لم يعثر لحد الان على اية وثيقة معاصرة مكتوبة.
نهاية اور الثالثة ان سقوط اور الثالثة هو حدث في تاريخ بلاد مابين النهرين يمكن ان يتابع بتفصيل اكبر من بقية المراحل من ذلك التاريخ، والفضل للمصادر مثل المراسلات الملكية، فالمرثيتان عن دمار اور وسومر، والارشيفمن اسين الذي يصور كيف ان إشبي-ايرا، كمغتصب وكملك اسين، قضى على مليكه في اور. ان ابي-سن كان قد شن حريا على عيلام حين تقدم المنافس الطوح بشخص اشبي-ايرا من دولة ماري، من المحتمل كان جنرالا او موظفا كبيرا. من خلال التركيز على الخطر العضيم الآتي من العموريين، عمل اشبي-ايرا على اجبار الملك على ان يعهد له بحماية المدن المجاورة لإسن ونيبور. وقد جاء طلب اشبي – ايرا أقرب ما يكون الى الابتزاز، وبينت مراسلاته مهارته في التعامل مع العموريين ومع الافراد من الانسي، حتى ان بعضهم التحق به وصار الى جانبه. واستغل اشبي – ايرا ايضا الاكتئاب الذي كان يعاني منه الملك بسبب ان الاله انليل " كرهه"، تعبير قد يراد به الفال السئ نتيجة الاختبار من القرابين ، والتي استند اليها الكثير من الحكام في القيام باعمالهم( او تجنب اقيام بتلك الاعمال حسب الحالة). قام اشبي – ايرا بتحصين إسين و في السنة العاشرة من حكم إبي – سن، بدا باستخدام معادلته الخاصة بالتقويم في المعاملات، وتصرف بشكل يماثل التخلي عن الإخلاص. وظن اشبي – ايرا بانه الشخص المفضل لدى الاله انليل، وزاد هذا الاعتقاد من خلال حكمه لنيبور، حيث معبد الاله. واخيرا اعلن نفسه السيد المطلق على كل جنوب بلاد مابين النهرين، وبضمنها اور. وحيث قوى اشبي – ايرا عن قصد ممتلكاته ، استمر ابي – سن بالحكم على ارض استمرت تتقلص لاربعة عشر عاما اخرى. ولقد جاءت نهاية اور نتيجة سلسلة من المحن: تفشي المجاعة، وان اور حوصرت واحتلت ودمرت من قبل العيلاميين الغزاة وحلفائهم من القبائل الايرانية. ولقد اقتيد ابي – سن اسيرا ولم يسمع عنه بعد ذلك. وتسجل المراثي باسلوب حزين النهاية الحزينة لاور، والكارثة التي حلت بسبب حنق وغضب الاله انليل.
حضارة بابل ايسن ولارسا خلال تداعي اور الثالثة، ركز اشبي – ايرا نفسه في اسين واوجد سلالة هناك استمرت من 2017 الى 1794 . وقد اتبع نهجه في اماكن اخرى من قبل الحكام المحليين، كما في دير، واشنونة، وسيبار، وكيش ولارسا. لقد ساد شعور في مقاطعات عديدة بتقليد نموذج اور؛ وربما تولت اسن دون تغيير في النظام الاداري لتلك الدولة. لقد أله اشبي – ايرا نفسه وكذلك فعل من خلفه ومنهم حاكم دير على الحدود الايرانية. لقد ضمت اسن ولقرابة قرن كامل على مجموعة من الدول كالفسيفساء والتي سرعان ما تداخلت فيما بينها. ولقد انتعشت التجارة الخارجية من بعد ما ساق اشبي – ايرا المعسكرات العيلامية من اور، وتحت حكم خلفه شو – اليشو، تم استعادة تمثال اله القمر نانا، اله مدينة اور من العيلاميين والذين كانوا قد اخذوه معهم. ولغاية حكم ليبيت – عشتار ( 1934 – 1924 ق م )، فان حكام اسن وتشبها بحكام اور، فيما يخص تقييم الملك لذاته في التراتيل، والتي كانت تبدو من الامور الاعتباطية طلب التفريق بين ابي – سن و اشبي – ايرا. وكمثال اضافي على الاستمرارية فيمكن اضافة ان شريعة ليبت – عشتار تقع في منتصف التسلسل بين شريعو اور نمو وشريعة حمورابي. الا انها اقرب الى الاولى لغويا وخاصة من ناحية الفلسفة القانونية من شريعة حمورابي التي هي مجموعة من الاحكام. فمثلا فان شريعة ليبت عشتار لا تعرف الحكم القانوني " العين بالعين والسن بالسن "، المبدأ الاساسي لقانون حمورابي العقابي.
السياسي
من المحتمل ان الانسلاخ النهائي عن اور الثالثة جاء نتيجة تغيير مكونات السكان ، من " السومريين والاكديين" الى " الاكدين والعموريين" من خرافات الكبد البابلية القديمة تقول " سيدخل سكان السهل ويطاردون من كانوا في المدينة" ان هذه في الحقيقة هي معادلة مختصرة لحادث وقع اكثر من مرة: اغتصاب تاج الملك في المدينة من قبل " شيخ" احد قبائل العموريين. ان تلك الاغتصابات كانت تحدث باستمرار كجزء من عملية استقرار العشائر، بالرغم من ان الحالة في اسن لم تكن كذلك لان بيت اشبي – ايرا جاء من ماري وكان من اصل اكدي، اذا ما حكمنا علىالحكام من اسمائهم.وبنفس العلامة اللغوية فان سلالة لارسا كانت عمورية. كان الحاكم الخامس لسلالة لارسا كونكونوم ( حكم من 1932 – 1906 )واستولى على اور ونصب نفسه كند مساو لاسن؛ وفي هذه المرحلة – نهاية القرن العشرين ق م – ان لم يكن قبل ذلك، لقد سلمت اور نفسها. من عهد كونكونوم الى التوحيد الوقتي لبلاد مابين النهرين تحت حكم حمورابي، فان الصورة السياسية كانت تقررها تفتت توازن القوى، من خلال التردد المتواصل للحلفاء من قبل اللافتراض المسبق للحكام المختلفين، من الخوف من انتهاك الحرمات من قبل القبائل البدوية العمورية ومن خلال تزايد تردي الظروف الاجتماعية. ان الارشيف المكثف للمرسلات من القصر الملكي لدولة ماري ( 1810 – 1750 ق م ) هو افضل مصدر للمعلومات عن اللعبة السياسية والاقتصادية وحكامها، سواء كانوا اعزاء ام اذلاء، وتغطي المعاهدات، ارسال واستقبال السفراء، الاتفاقيات حول تكامل جيوش الحلفاء، التجسس وكتابة تقارير عن المواقف من المحاكم الاجنبية. ان خلو هذه الرسائل من المبالغة او التنميق ولانها تتناول كل الاحداث فهي افضل من كل الكتابات الملكية على البنايات حتى وان جاء فيها تلميحات تاريخية. النصوص الادبية وزيادة اللامركزية
هناك مصدر آخر غير مباشر لا ينبغي استبعاده للمواقف السياسية والاجتماعية- اقتصادية في الفترة من القرن 18 – 20 ق م هي فترة ادب الفأل والنذر. هذه هي خلاصات وافية عن حالة كبدة الخروف او اية مادة كهنية ( مثل سلوك نقطة زيت في زجاجة مملوءة بالماء، او مظهر طفل مولود حديثا، او شكل غيمة بخور) يجري وصفها باستفاضة ويتم التعليق عليها مع مايتناسب من التخمينات: " سوف يقتل الملك حاشيته ويوزع بيوتهم وممتلكاتهم على المعابد"؛ " سيرتقي العرش شخص قوي في مدينة غريبة"؛ " ان الارض التي ثارت ضد الرعاة ، ستظل تحكم من قبل الرعاة"؛" سيعفي الملك مستشاره"؛ و " سوف يتم غلق ابواب المدينة وستشهد المدينة نكبة". وبدأً ب كونكونوم لارسا، فان النص فيه تبصر اعظم في القطاع الخاص من اية فترة سابقة. اصبحت هماك زيادة ملحوظة في عدد العقود الخاصة والمراسلات الخاصة. ومن اكثر االعقود الخاصة تواترا هي تلك التي تخص قروض الفضة والحبوب (الشعير)، موضحة المواثيق الاعتيادية ، خاصة عندما يضطر الشخص للبحث عن مقرض فانها اول خطوة على طريق تقود في الاغلب الى الخراب. ان نسبة الفائدة كانت ثابتة على ال 20% في حالة الفضة و 33 % في حالة الحبوب، وتزاد اكثر في حالة تجاوز المدة المحددة للدفع، وعادة عند وقت الحصاد. ان عدم توفر السيولة لسداد دين كان يؤدي الى السجن ، والى العبودية في حالة دفعها بالاقساط، وحتى الى بيع اطفال المقترض او بيعه هو. الكثير من المراسلات الخاصة كانت تتضمن ان اطلاق سراح افراد عائلة ما من السجن هي بيد المقرض. الا ان الكثير من الثروات كانت قد جمعت " كسيولة مادية" واراضي. وحيث ان هذه الاتجاهات كانت تهدد بكارثة اقتصادية، كان الملوك يوصفون كمقومين للديون، على الاقل بمسكنات وقتية. النص الدقيق لاحدى هذه المراسيم والمعروفة منذ ذلك التاريخ ب " اميسادوقة بابل" . ماعثر عليه من اراشيف لحد الان تتحدث عن المعابد او القصور لغاية فترو اور الثالثة. وعلى كل فما يعني فترة مملكة بابل القديمة اضافة الى الوثائق الخاصة بالقانون المدني، حيث هناك عدد كبير من السجلات الادارية لبيوت تدار بصورة خاصة، او حانات او مزارع: تسديد حسابات، وصولات، وملاحظات عن مداولات متنوعة. كان هناك طبقة متوسطة " برجوازية" منتظمة، تنظم املاكها واراضيها وتمتلك وسائل خاصة بها مستقلة عن المعابد والقصور. والتجارة ايضا اصبحت الان بيد القطاع الخاص بصورة اساسية؛ فالتاجر كان يسافر ( او كان يبعث ابويه) على مسؤوليته الخاصة وليس نيابة عن الدولة. من ضمن عقود القانون المدني كان هناك زيادة نوعية في سجلات بيع الاراضي. وكذلك ما له اهمية للوضع الاقتصادي في عهد بابل القديم هو مايمكن اختصاره ب"علمنة او دنيوية المعابد"، حتى وان لا يمكن تتبع كل مراحل هذا التطور . كان القصر وربما لقرون يملك السلطة في التخلص من ممتلكات المعبد، في الوقت الذي كان اوروك اكينا من لكش يوسم الميل الى سوء استخدام العلاقة بين المواطن والمعبد اخذت الان طابعا فرديا. بعض مكاتب الكهنة – كانت تستفاد من الموارد، وبعبرة اخرى – آلت الى اشخاص في القطاع الخاص وبيعت ثم ورثت. ان هذا السياق كان قد بدأ في اور، حيث اغدق الملك على بعض درجات الكهنة، ولم يكن ليحق للمستلمين تملكها. ان ارشيف " معبد" اله الشمس ل سيبار كان قد جهز را خاصة مثالا واضحا عن انتشار الخدمات الدينية والفوائد الاقتصادية الخاصة. النساء اللاتي عشن في اديرة الرهبنه كن يدعين " كاكوم، وكن من العوائل الراقية ولم يكن لهن الحق بالزواج. كن يرتيطن بما لديهم من املاك والتي تتضمن اراض وفضة باعمال حيوية مربحة وذلك بمنح قروض وبيع الحقول. ان الميل الى اللامركزية قد بدأ في فترة بابل القديمة مع اسين. واختتمت بحكم دام 72 عاما من بيت كودور – مابوك في لارسا ( 1834 – 1763 ق م )، ان كودور – مابوك شيخ حدى القبائل العمورية في جاموتبال، وبالرغم من اسمه العيلامي، فانه ساعد ابنه واراد – سن للاحتفاظ بالعرش. ان هذا الاغتصاب ساعد لارسا، التي مرت بفترة من عدم الاستقرار الداخلي، على الازدهار مرة اخرى. تحت حكم واراد – سن والحكم الطويل لاخيه رم – سن فان جزءا كبيرا من بلاد بابل الجنوبية بضمنها نيبور قد توحدت في دولة واحدة هي لارسا في 1794 ق م. احتلت لارسا من قبل حمورابي في 1763 ق م .
الأرباح السياسية حمورابي ( 1792 – 1750 ق م ) هو حقا واكثر شخصية مثيرة للاهتمام وافضل شخصية عرفت لحد الان من تاريخ الشرق الاوسط القديم من النصف الاول من الالفية الثانية ق م. انه يدين بصيته الذي شاع بعد موته الى المسلة العظيمة التي نقشت عليها شريعة حمورابي وبصورة غير مباشرة الى حقيقة ان سلالته قد جعلت من اسم بابل مشهورا على مدى الايام. وبنفس الاسلوب الذي كانت عليه كيش قبل سرجون حين ضربت مثلا لكل الاراضي غير السومرية الواقعة شمال سومر واكد ومنحتها اسمها ولغتها، اصبحت بابل الرمز للبلد بكامله والتي سماها الاغريق ببلاد بابل (بابلونيا). ان هذا المصطلح يستخدمه علماء الاثار بطريقة مفارقة كمفهوم جغرافي للاشارة الى الفترة التي سبقت حمورابي. كان اسم المدينة الاصلي ربما " بابلا"، والذي اعيدت ترجمته حسب التعليل اللغوي الى " باب – إلي" اي باب الاله.
ارتقت سلالة بابل الاولى من بدايات تافهة. يمكن تتبع تاريخ المقاطعة السابقة لاور من 1894 فما فوق عندما جاء العموريون سوموابوم الى السلطة هناك. مايعرف عن تلك الاحداث ينطبق تماما على النسب الخاصة بالفترة عندما كانت بلاد مابين النهرين عبارة عن فسيفساء من دول صغيرة. عزف حمورابي بمهارة على نغمة التحالف واصبح اكثر قوة من سابقيه. وعلى اية حال فانه في السنة الثلاثين من حكمه فقط وبعد احتلاله لارسا، حينها اعطى تعبيرا قويا عن فكرة حكم كل جنوب بلاد مابين النهرين من خلال تقوية اساسات سومر واكد، في كلمات تعود الى تلك السنة. في المقدمة لشريعة حمورابي قائمة الملوك ادرجت المدن التالية على انها تابعة لحكمه: اريدو، اور، لكش وجرسو، وزابالام ولارسا واوروك واداب و إسن ونيبور وكيشي و ديلبات وبورسيبا وبابل نفسها، وكيش ومالكيوم وماشكان-شابير وكوثا وسيبار واشنونة في محافظة ديالى وماري وتوتول في اسفل بالخ ( رافد من الفرات) واخيرا آشور ونينوى. كان هذا في السجل الحافل لاكد واور الثالثة. على اية حال لم تكن آشور ونينوى قد شكلت جزءا من هذه الامبراطورية لمدة طويلة بسبب في نهاية حكم حمورابي ذكر عن حروب ضد سوبارتو في دولة آشور. تحت حكم ابن حمورابي سامسويلونا ( 1749 – 1712 ق م ) تقلصت الامبراطورية البابلية بشكل كبير. وتبع ذلك ما صبح تقليدا وهو قيام الثورة في الجنوب. استعادت لارسا استقلالها لفترة معينة، وسويت جدران اور واوروك ولارسا. اما اشنونة واتي ثبت انسحابها قد انهزمت في حوالي 1730 .وبعد ذلك فان الاحداث تذكر وجود دولة ارض البحر من سلالتها الذاتية ( من كلمة ارض البحر يفهم اراضي الاهوار لجنوب بابل). المعلومات عن هذه السلالة الجديدة مع الاسف غامضة جدا، واحد من ملوكها فقط قد ادرج في السجلات. وفي حوالي 1741 يذكر سامسويلونا الكشيين للمرة الاولى: ففي حوالي 1726 بنى قلعة قوية " قلعة سامسويلونا" كحصن لحمايتهم منهم في ديالى قرب اتصالها بدجلة. ومثل الكوتيين من قبلهم فلقد منع الكشيين فب البداية من دخول بابل ودفعوا الى منطقة الفرات الاوسط؛ هناك في مملكة خانا ( وتمركزوا فب ماري وترقا اسفل التقاطع مع نهر الخابور)، يظهر ملك باسم كاشتيلياشو وهو من الاسماء الكشية، والذي حكم الى نهاية السلالة البابلية. من خانا تحرك الكيشيين الى الجنوب بمجموعات صغيرة لربما عمال الحصاد. وبعد غزو الحثيين بقيادة موسيليس الاول، والذي يقال انه اسقط اخر ملوك بابل سامسوديتانا عن عرشه في 1595 ، وتولى الكيشيون السلطة في بابل. الى هذا الحد لا تذكر المصادر المعاصرة هذا العهد، ويبقى السؤال دون حل هو كيف سمى الحكام الكيشيون في قائمة الملوك ضمن نهاية الالفية الثانية ق م . الادب البابلي
يستحق الادب واللغة الادبية لبابل خلال القرون الثلاثة التي تلت سلالة اور الثالثة الكثير من الاهتمام. عند التعليق على الادب والنصوص التاريخية مثل مخطوطات ملوك اكد، اشير الى انها ليست اصلية بل نسخ من صنائع العهد البابلي القديم. لغاية الان، تعتبر مثل هذه النسخ هي المصدر الرئيس للادب السومري. في الوقت الذي شهدت الفترة البابلية القديمة خلق الكثير من الاعمال الادبية ( التراتيل الملكية لملوك ايسن ولارسا وبابل و الملااثي الشعرية)، كانت فوق كل شئ فترة الحصاد المكثف للادب التقليدي. ان اشعار سومر العظيمة، والتي يرجع اصلها ،او اول نسخ مكتوبة منها الى 2600 ق م فانها استنسخت مرات ومرات. وبعد عام 2000 ق م عندما تقلصت اللغة السومرية بسرعة كلغة محادثة الى مناطق معزولة وبالتالي اختفت تماما، فانه بدأ بترجمة النصوص، سطرا اثر سطر الى اللغة الاكدية الى ان اصبح هناك نسخ بلغتين. والمهم في هذا وخاصة البرامج التوجيهية في المدارس، كانت ما يسمى " بالنصوص المعجمية". ان قائمة الكلمات السومرية قديمة قدم الخط المسماري ذاته؛ لقد وفرتا المادة الملائمة لمن يريد تعلم الكتابة. في العهد البابلي القديم، كانت المفردات اللغوية تترجم وغالبا ما كانت تحشى بالعلامات الصوتية. لقد قاد هذا الى اختراع "القواميس" التي لا يمكن التقليل من قيمتها الى يومنا هذا. ولما لزم تعلم السومرية اكثر من السابق فانه ظهر الى الوجود البحوث النحوية: والى البعد الممكن، وبالنظر للاختلاف في بناء اللغتين، فان الضمائر في اللغة السومرية، واشكال الافعال وغيرها كانت تترجم الى الاكدية، وبضمنها تصريف الافعال. في الادب المحض، كانت اللغة السومرية هي المهيمنة، بالرغم من ان اللغة الاكدية لا تفتقر الى القطع الرائعة، بضمنها النص الاكدي القديم لملحمة كلكامش. ينبغي ان لا نقلل من شان الاصالة العالية التي تتمتع بها اللغة السومرية، ولازالت خطوطها تستخدم على البنايات وتوثيق تواريخ الاحداث. اضافة الى كونها لغة الشؤون العملية ( مثل: الادب والعقود)، فان هناك الكثير من التاثير العالي للغة الاكدية فى التنبؤات والكهانة والادب الالهي. وللتاكد فان اللغة السومرية مورست للتنبؤ بالمستقبل و فحص مسرى الحيوانات، ولكن المعروف انهم لم يدونوا النتائج. اما في اللغة الاكدية فهناك خلاصات مرتبة ترتيبا علميا ومكثفا للبشائر والتمائم استنادا الى الكبد ( اضافة الى تمائم اخرى)، مايعكس اهمية تلك الكهانة على المستقبل في الديانة والسياسة وكل مناحي الحياة اليومية. بالحكم من خلال الافكار التشريعية المتطورة وقابليته في كتابة سياقات ادارية معقدة ومعرفته المتقدمة في الرياضيات وبدء دراسة علم الفلك والتنجيم، فانه يظهر ان العهد البابلي القديم كان يحمل فعاليات ثقافية زائدة بالرغم من ان لم نقل بسبب قلة الاضطرابات السياسية .
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 10:40 am | |
|
القانون البابلي ان شريعة حمورابي هي اكثر الوثائق المسمارية مراجعة في الادب الخاص. اول نشر دراسي لها كان في عام 1902 قاد الى تطوير الفرع الخاص للتشريع المقارن، دراسة القانون المسماري. بعد التقسيم الذي اجراه الكاتب الاول، جون فنسنت شيل، شريعة حمورابي تحوي 280 حكما او مقطعا في القانون المدني والجنائي، يعالج عموما القضايا المتعلقة بالحياة اليومية بشكل يبدو انه من الواضح ان المشرع ليس لديه النية في تغطية جميع الحالات. وبشكل عام فان الفكر التي عالجتها شريعة حمورابي هي المسؤولية؛ الادارة الفاسدة للعدل؛ السرقة، استلام مواد مسروقة، السرقة، النهب، و السلب، والقتل، والذبح، والجرح الجسماني، الخطف، والنظام الضريبي على الايجارات، والمسؤولية على عدم الاكتراث الذي يتسبب عنه تلف الحقول او المحاصيل من قبل الحيوانات السائبة، القلع غي القانوني لاشجار النخيل ، المشاكل القانونية للمؤسسات التجارية، وبالذات العلاقة بين التاجر وعماله الذين يسافرون على الطرقات، واختلاس السلع؛ الودائع المالية؛ نسبة الفوائد على القروض المالية؛ الوضع القانوني للمرأة العامة؛ الرق والفدية، العبودية مقابل الدين، العبيد الفارين، بيع واعتاق العبيد، والخصام في وضعية العبيد؛ تأجير الاشخاص، الحيوانات، والزوارق والتعريفة الخاصة بكل منها. الاعمال العدوانية التي يرتكبها العمال المأجورون ، والثور الهائج، القانون العائلي: ثمن العروس، المهر، ممتلكات المرأة المتزوجة، الزوجة والخليلة، والوضع القانوني لكل من المواضيع، الطلاق، التبني، عقود المراة المرضعة، ووالميراث؛ والوضع القانوني لبعض القسيسات .
عثر في اشنونة على نص مشابه الا انه اقصر من حيث خلاصات الحكم، قد يكون سابقا لشريعة حمورابي بجيل او اثنين. حمورابي الذي اطلق على عمله " دينات ميساريم" او " احكام نظام العدل"، يقول في المقدمة انه كانت النية كدليل قانوني يساعد الاشخاص في البحث عن المشورة. سواء اكان المقصود من تلك الاحكام توفير قوة ملزمة في المفهوم الحديث، فان ذلك موضوع مناقشة واختلاف. تختلف شريعة حمورابي من عدة جهات عن شريعة لبت – عشتار، والتي كتبت باللغة السومرية. تكمن اكثر خصائص شريعة حمورابي قوة تكمن في صرامة الاحكام والعقوبات وبمبدأ القانون فوق الجميع. نفس النهج تعكسه عدة عقود في بابل القديمة والتي يهدد فيها المخالفون بعقوبات جسمانية. غالبا مايقال، وقد يكون صحيحا، بان هذه القسوة، والتي ترتبط مع تقاليد التشريعات السومرية، يمكن ان تمتد الى تاثير عهد الاموريين. وهناك ايضا مجالات اخرى في شريعة حمورابي يمكن مناقشتها. الكثير من فقراتها تختلف نسبة الى اذا ماكنت القضية تخص فرد من " الاويلوم" او " الموسكينوم" او " الووردوم". ثلاث طبقات من المجتمع قسمت على اساس تلك التسميات. "الووردوم" هم الاقل اثارة للمشاكل: هو العبد – الذي, تحت نير العبودية والذي يمكن ان يباع ويشترى، الا اذا كان بمقدوره استعادة حريته تحت ظروف معينة كعبد مدين. " المموسكينوم" كانوا حسب الملك حمورابي الافراد المؤجرين من قبل القصر والذين يمكن منحهم حق الانتفاع من الارض دون امتلاكها. اما "الاويلوم" فهم المواطنون الذين يملكون الارض كحق من حقوقهم ولا يعتمدون على القصر او المعبد. وكما اشار الباحث السوفيتي ايغور م . دياكونوف، لا يمكن رسم خط واضح يفرق بين الطبقات لان طبقتي الاويلوم والموسكينوم ليستا مستثنتين معا؛ فشخص من دائرة عليا بالقصر يمكنه شراء ارض كملك خاص، في حين المواطن الحر الذي ترتب عليه دين نتيجة موسم حصاد سئ او اي سوء طالع آخر يكون قد وضع قدما في طبقة العبيد. وسيبقى السؤال حول اية طبقة من المجتمع يمكن ان تكلف بالخدمات العامة، او خدمة الجند في حالات الحرب، دونما اجابة.
"اميسادوقا" (1646 – 1626 ) جاء بعد حمورابي بقرن ونصف. مرسومه الذي يشار اليه، يتضمن العوامل الاجتماعية والاقتصادية: الدين الخاص بالفضة او الحبوب، ان كان ناتجا عن قرض، فيلغى؛ وتلغى ايضا الضرائب القديمة التي يكون بعض الموظفين مدينون بها للقصر والتي ينبغي ان تجبى من الشعب؛ على جابيات الضرائب النساء ان يتخلين عن جمع الديون التي على شكل "جعة" او شعير وبهذا يعفى من دفع المبالغ بالفضة والشعير الى الملك؛ كانت قد خفضت الضرائب على الاملاك المباعة؛ كان العبيد والذين كانوا بالاصل احرارا ( مثل العبيد الذين استعبدوا من قبل الدائن للمدين) يفدون بفدية؛ ومنع الموظفون ذوو الدرجات العليا من ايذاء الاشخاص الذين اخذوا املاكا مقابل اجر في اعمال الحصاد وذلك بدفع اجورهم. ان مقولة" لان الملك منح الارض الحكم العادل" قد طبقت في كثير من تلك الاحداث. على عكس شريعة حمورابي ،والتي يدور الكثير من الشك حول قوتها التنفيذية، فان المراسيم التي تخص اميسادوقا كانت تتضمن مدو صلاحية قانونية مادام هناك اشارة الى الالمراسيم التي اصدرها ملوك اخرون في العديد من الوثائق القانونية للعهد البابلي القديم.
والميتانيون ونشوء الدولة الاشورية بعد مرور 150 عاما على موت حمورابي، دمرت سلالته بغزو من قبل اقوام جدد. ولقلة السجلات المكتوبة من هذه الحقبة، فان الفترة من حوالي 1560 ق م الى حوالي 1440 ق م ( وفي بعض المناطق لغاية 1440 قم ) تسمى العصور المظلمة. باقي الديلات السامية مثل آشور اصبحت دويلات ثانوية ضمن مجال النفوذ لدول الكيشيين والحرانيون / الميتانيين الجديدة. الا ان لغات الثقافات القديمة، مثل الاكدية والسومرية استمرت او سرعان ما اعيد استخدامها. استمرت الكتابة المسمارية النوذج الوحيد للكتابة في كل المنطقة. ولم تكسر استمرارية الحضارة وخاصة في بابل. ومن الامور المهمة هو بروز طبقات سامية قيادية من صفوف الكهنة والكتاب. وتمكن هؤلاء من الحصول على سلطات متزايدة. الحرانيون دخل الحرانيون مدار حضارة الشرق الاوسط القديم في نهاية الالفية الثالثة ق م . وصلوا الى بلاد مابين النهرين من الشمال او الشرق، ولكن لا يعرف كم من الزمن عاشوا في المناطق المحيطة. هناك مخطوطات قليلة باللغة الحرانية من نهاية فترة اكد، في الوقت كتبت فترة الملك اريشان (او اتالشن) لاوركش و نوار باللغة الاكدية. ان لغة الحرانين لابد وان تعود الى مجموعة لغات شرق اوسطية قديمة واسعة الانتشار. كان قد تم التنويه عن العلاقة بين الحرانيين والصوباريين ، ولغة الاورارتيين الذي لعبوا دورا مهما من نهاية الالفية الثانية الى القرن الثامن ق م ، هم ايضا قريبوا الصلة بالحرانيين. واستنادا الى الباحث السوفيتي ايغور م. دياكونوف و سيرجي أ. ستاروستن، فان اللغات القفقاسية الشرقية هي من جذور مجموعة لغات الحرانية – الاورارتية. لا يعرف ان كانت هجرات الحرانيين قد اخذت شكل الغزوات العدائية، ان النصوص المأخوذة من ماري والعائدة للقرن الثامن ق.م تتحدث عن معارك مع قبيلة توروكو الحرانية جنوب بحيرة ارومية ( حوالي 150 ميلا من الحافة الجنوبية الغربية لبحر قزوين) ولكن كانت تلك معارك جبلية لا تاخذ طابع الهجوم الكاسح. الاسماء الصحيحة في النصوص المسمارية وزيادة ورودها في فترة اور الثالثة تمثل الدليل الرئيس لوجود الحرانيين. على اية حال ليس هناك اشارة واضحة الى ان الحرانيين تقدموا الى الغرب من دجلة في ذلك الوقت. هناك صورة مختلفة تماما ناتجة عن ارشيف القصر للقرن الثامن من ماري ومن نصوص مصدرها من قرب نهر الخابور الاعلى. يظهر ان شمال بلاد مابين النهرين وغرب دجلة وسوريا قد استوطنت فيها شعوب غالبيتهم الاموريون والحرانيون والاخيرون وصلوا الى سواحل المتوسط كما يظهر من نصوص من الالاخ في الاورانتيس. في ماري وجدت نصوص ادبية باللغة الحرانية ايضا تشير الى ان اللغة الحرانية قد تطورت في ذلك الوقت واصبحت لغة مكتوبة ايضا. لم يصل الحرانيين الى قمتهم الا في اواسط الالفية الثانية. في القرن الخامس عشر، تم استيطان الحرانيين بكثافة في الالاخ، ومثلت امبراطورية الميتانيين والحرانيين اكثر مجموعة سكنية.
الكيشيون في بابل استوطن الكيشيون في 1800 ق م بما يعرف الان غرب ايران في منطقة همدان – كرمنشاه. اول من احس باندفاعهم هو سامسويلونا الذي كان عليه صد مجموعات من الغزاة الكيشين. تزايد اعداد الكيشيين الذين وصلوا الى بابل واجزاء اخرى من بلاد مابين النهرين. هناك اسسوا امارات يعرف عنها القليل. لا يحفظ نص او وثيقة مكتوبة باللغة الكيشية. عثر على حوالي 300 كلمة كيشية في الوثائق البابلية. ولا يعرف الكثير عن البنية الاجتماعية الكيشية او ثقافتهم. يظهر ان لا وجود لمملكة وراثية. كانت ديانتهم الحادية وعرف لهم حوالي 30 الها. لا يمكن معرفة التاريخ الحقيقي لبدء حكم الكيشيين في بابل. حكم ملك يدعى آغوم الثاني دولة امتدت من غرب ايران الى اواسط وادي الفرات؛ 24 سنة بعد الحثيين وقد نقل تمثال مردوخ اله بابل ، واستعاد ملكية التمثال، واعاده الى بابل، واعاد العبادة بوضع الاله مردوخ مساويا للاله الكيشي شوكامونا. وفي هذه الاثناء الامراء المحليين استمروا في حكم جنوب بابل. قد يكون اولامبورياش الذي اضاف هذه المنطقة في 1450 وبدأ التفاوض مع مصر من سوريا. بنى قراينداش معبدا ببلاطات من نحت بارز وتماثيل في اوروك في حوالي 1420 . وكانت العاصمة الجديدة دور كوريكالزو غرب بغداد تنافس بابل، قد اسست وسميت على اسم كوريكازو الاول ( 1400 – 1375 ).كان اسلافه قاداشمان انليل الاول ( 1375 – 1360 ) و بورنابورياش الاول ( 1360 – 1333 ) يتواصلون مع حكام مصر امنحوتب الثالث و اخناتون (امنحوتب الرابع). كانوا مهتمين بتجارة حجر اللازورد ومواد اخرى مقابل الذهب اضافة الى تخطيط زيجات سياسية. قاتل كوريكازو الثاني ( 1332 – 1308 ) ضد الاشوريين ولكنهم دحروه. سعى اسلافه الى التحالف مع الحثيين من اجل ايقاف التوسع الاشوري. وخلال حكم كاشتيلياش الرابع ( 1232 – 1225 )، اعلنت بابل الحرب على جبهتين بنفس الوقت – ضد عيلام وآشور – انتهت بغزو كارثي وتدمير بابل من قبل توكولتي – نينوترا الاول. لم تتتمتع بابل بفترة من الرفاه والامن حتى عهد الملوك آديد – شوم – أوسور ( 1216 – 1187) و ميليشيباك (1186 – 1172 ). واجبر خلفاؤهم على القتال ايضا مواجهين الملك العيلامي الفاتح شوتروك – ناهونته (1185 – 1155 ). واخيرا وخلال هذه الحروب حطم العيلاميون بقسوة وشدة حكم الالكيشين ( حوالي 1155 ) هناك اعمال شعرية ترثي هذه الفاجعة. الرسائل والوثائق من ذلك الوقت وبعد عام 1380 تظهر ان العديد من الامور قد تغيرت بعد ان تبوأ الكيشيون السلطة. كانت الطبقة العليا من الكيشيين، وهم اقلية، يتمثلون بالبابليين ويستخدمون الاسماء البابلية وحتى ان هذه الاسماء كانت تستخدم من قبل العائلة المالكة، وسادت بين الموظفين والضباط. ان الشخصية العدائية الجديدة للبناء الاجتماعي اظهر نفوذ الكيشين. ولقد انتعشت حياة المدن البابلية على اساس التجارة والحرف. استمرت الطبقة الراقية الكيشية تفرض السيطرة على المناطق الريفية، وكان ممثليهم الاغنياء يسيطرون على مقاطعات كبيرة من الارض.اغلب هذه الالمقاطعات قد جاءت من تبرعات الملك للضباط والموظفين، اضافة الى الكثير من المزايا التي رافقت هذه المنح. ومنذ زمن الملك كورينكالزو الثاني كانت تلك المنح تسجل بجداول او على الاكثرعلى احجار حدودية تسمى " كودوروس". وبعد 1200 زاد عدد هذه الاراضي بشكل نوعي لحاجة الملوك الى زيادة طبقة الاتباع الموالين. كانت الاحجار الحدودية تحوي نحوتا بارزة، تمثل على الاغلب رموزا دينية، وغالبا ماتحوي على كتابات تفصيلية تبين حدود قطعة معينة؛ واحيانا صحاري المستلم كانت تسجل في سجلاتالشرف، واخيرا كان المتجاوزون يهددون باقسى انواع اللعنات تخويفا. اما مايتعلق بالزراعة والمواشي فهي اهم ما يجري الاهتمام به في هذه المقاطعات وكانت الخيول تربى لعربات الحرب الخفيفة للفرسان. كانت هناك تجارة تصدير في الخيول والعربات مقابل مواد اولية. اما بالنسبة للملك فقد استمر النهج القائل بان الحاكم ينبغي ان يتمتع بعقلية اجتماعية. استمر انحدار الثقافة البابلية في نهاية العهد البابلي القديم لبعض الوقت تحت الكيشين. وليس قبل 1420 حين قام الكيشيون بتطوير نموذج مميز في الفن المعماري والنحت. ولقد لعب كوريكالزو الاول دورا مهما وخاصة في اور، كنموذج لفن البناء. تطور الشعر والادب العلمي تدريجيا بعد 1400 . ان وجود الاعمال الاسبق تخلو من الشعر، وقوائم فقه اللغة التاريخي، ومجموعات من الادعية والاشارات التي كانت موجودة في القرن الرايع عشر او قبل ذلك والتي اكتشفت في عاصمة الحيثيين حاتوسا في عاصمة اوغاريت السورية، وحتى ابعد من ذلك في فلسطين. وبعد ذلك ظهرت كتابات جديدة: تشخيصات طبية ووصفات ، والكثير من قوائم كلمات سومو- اكدية، ومجموعات من ادعية النجوم وتعويذات غيرها واشارات مع ترجماتها. معظم تلك الاعمال تعرف اليوم فقط من خلال النسخ التي تعود الى تواريخ احدث. اهمها هي ملحمة الخلق البابلية التي تتحدث عن خلق العالم، والمعروفة ب " اينوما إليش". والتي الفها شاعر غير معروف ربما في القرن الرابع عشر، تتحدث عن قصة الاله مردوخ. بدأ كإله بابل ثم رفع ليصبح ملكا على كل الالهه الآخرين بعد ان نجح في تدمير طاقات الفوضى. كانت الملحمة ولحوالي 1000 عام تحكى خلال احتفالات رأس السنة في الربيع كجزء من عبادة مردوخ في بابل. كان ادب هذه الفترة يحوي القليل من الكلمات الكيشية. يعتقد العديد من الباحثين ان العمل الاساس الضروري لتطوير الثقافة البابلية التالية كان قد وضع خلال العهد الكيشي الاخير.
بابل تحت حكم سلالة إسن الثانية
في سلسلة من الحروب العنيفة والتي لا يعرف عنها الكثير، اسس "مردوخ كابت اهيشو" (1152 – 1135 ) ما صار يعرف ب سلالة إسن الثانية. ولقد اجبر من خلفه على الاستمرار بالقتال. اكثر ملوك هذه السلالة شهرة هو الملك نبوخذنصر الاول ( نبو كودوري اوشور 1119 – 1098 ). حارب بصورة رئيسية ضد عيلام، التس استولت ونهبت وخربت جزءا كبيرا من دولة بابل. كان هجومه الاول قد اجهض بسبب وباء حل بقطعاته، ولكن في حملة تالية استولى على سوسة، عاصمة عيلام وأعاد تمثال الاله مردوخ الذي كان قد اخذ سابقا الى مكانه الحقيقي. وبعد ذلك بقليل اغتيل ملك عيلام وتفرقت دولته ثانية الى دويلات صغيرة. هذا مما سمح لنبوخذنصر من الاستدارة غربا مستفيدا من سنوات السلام التالية لبدء مشاريع بناء مكثفة. واصبح ابنه ملكا من بعده، ثم خلفه اخوه مردوخ نادن اهي (1093 – 1076 ). بعد ان نجح اولا في حربه ضد آشور كان قد تلقى فيما بعد اندحارا ثقيلا. لقد اجتاحت مجاعة ذات ابعاد كارثية من القبائل الارامية وكانت الضربة القاضية. ولقد جنح اخلافه الى السلام مع دولة آشور ولكن الدولة عانت الكثير من خلال هجمات الآراميين والقبائل البدوية السامية الاخرى. وبالرغم من ان بعض الملوك ظلوا يحتفظون بالقاب عظيمة، لكنهم لم يكونوا قادرين على منع التفكك المستمر لامبراطوريتهم. ومن ثم تبع ذلك حكم سلالة سيلاند ( 1020 – 1000 )، والذي تضمن ثلاثة من مغتصبي الحكم. اول هؤلاء كان يحمل اسما كيشيا هو سمبار – شيهو ( او سمبار – شيباك 1020 – 1003 ). اصبحت السلالة الكيشية وعند نهاية حكمها بابلية الطابع تماما. ان التغيير الى سلالة إسن، هو في الحقيقة توالي ملوك من عوائل مختلفة، ولم يحدثوا تحولات ملموسة ورئيسة في البنية الاجتماعية. بقي النظام الاقطاعي سائدا. وظهرت مقاطعات جديدة في العديد من الاماكن من خلال العطايا الى الضباط المستحقين؛ وعثر على العديد من احجار الحدود (كودوروس) والتي تصف الحالة. اما مدن الدولة البابلية فقد استعادت الكثير من استقلاليتها الاولية. المقاطعات الحدودية كانت تدار من قبل حكام يعينون من القصر الملكي ليقوموا باعمال عسكرية ومدنية. كان هذه الفترة تعتبر فترة ابداع في مجال الفنون الادبية، لذا فقد اعتبر البابليون الذين جاؤا فيما بعد عهد نبوخذنصر الاول افضل العهود في التاريخ البابلي. احدى الملاحم البطولية والتي صيغت في اطار الملاحم القديمة تحتفل باعمال نبوخذنصر الاول ولكن للاسف لايتيسر منها الا القليل. المواد الاخرى تستقى الشعر للنموذج من الاساطير القديمة. ان شاعر النسخة التالية من اسطورة كلكامش، سن ليكي اونيني ( 1150 - ؟) في اوروك، يعرف بالاسم. تعرف هذه النسخة من الاسطورة بشعر الحبوب الاثنى عشر؛ وتحوي على 3.000 بيت. تمتاز بتركيزها الكبير على الصفات الانسانية لكلكامش وصديقه انكيدو؛ ان هذه النوعية تجعلها من افضل الاعمال الادبية في العالم. وهناك شاعر مشهور آخر في حوالي نفس الفترة كتب شعرا من 480 بيتا سمي " لودلول بيل نيميكي" ( لامدح من يملك الحكمة). الشعر فيه تاملات عن اعمال العدالة الالهية، والتي تظهر احيانا غريبة وغير جلية فيما يخص معانات البشر؛ ان هذا الموضوع اكتسب اهمية متزايدة في الديانات المعاصرة في بابل. لقد شرح الشعر المعانات المتعددة الجوانب لاحد كبار الموظفين وكيف تم انقاذه فيما بعد من قبل الاله مردوخ. ان التقليل التدريجي لالهة السومرين الى حوالي 2000 إله من خلال التعريف والتكامل لالهه بالاساس متميزين بواجبات متشابهة ادى الى نمو عدد الالقاب او الاسماء المركبة للاله الرئيس ( مردوخ مثلا، كان له 50 من تلك الاسماء) وبعد ذلك كمفهوم "الاله" او "الالهه" باسماء متغيرة في العبادات في المعابد الكبيرة. كان هناك نظرية لاهوتية في كيفية التعرف على الالهه والتي كانت موثقة في قائمة الالهه بحقلين بمئات الادخالات في نموذج " انزاك = نابو لجزيرة ديلمون اضافة الى الكثير من التراتيل والصلوات في حينه او انشا فيما بعد. وكنتيجة للتمييز بين العدد الضخم من الذنوب المتنوعة، فان مفهوم " اقتراف البشر الذنوب عالميا قد اصبح اكثر وضوحا في هذه الفترة وما بعدها. وعليه فان كل البشر هم بحاجة الى المغفرة التي يقدمها الارباب للعباد المخلصين.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 10:46 am | |
|
مملكتي ميتاني والحرانيين ان ضعف الدول السامية في بلاد مابين النهرين بعد 1550 سمح للحرانيين من التغلغل عميقا في هذه المنطقة، حيث اسسوا العديد من الدويلات الصغيرة في القسم الشرقي من الاناضول، وبلاد مابين النهرين وسوريا. جاء الحرانيون من شمال غرب ايران، ولكن الى وقت قريب لم يعرف عن تاريخهم القديم الا القليل. بعد العام 1500 ق م، ظهرت بعض السلالات المنعزلة ذات اسماء هندو – ايرانية، واعتبرت اهمية ذلك مثار للجدال. ان وجود المصطلحات الهندية القديمة في السجلات التالية حول تكاثر الخيل واستخدام اسماء الالهة الهندية ( مثل اندرا و فارونا) في بعض المصادر الموجزة للدولة قاد العديد من الباحثين الى الافتراض بان مجموعات كبيرة من الاريان والمنتسبين بالقربى الى الهنود اندفعوا الى الاناضول من الشمال الشرقي. على اية حال فقد سجل لهم الفضل في اختراع عربات القتال الخفيفة بالعجلات ذات المحاور الشعاعية. ان هذا الاستنتاج لا يعني باية حال الحقيقة. لحد الان ليس من السهل تحديد اعداد والتاثير السياسي والثقافي للاريانيين في الاناضول وبلاد مابين النهرين مما له صلة بالحرانيين.
عد 1500 وبوقت ليس بالقصيرنشات مملكة ميتاني قرب منابع نهر الخابور في بلاد مابين النهرين. ولما لا يتوفر اي سجل او مخطوطات لملوكهم قد اكتشفت فلا يعرف الا القليل عن تطور وتاريخ مملكة ميتاني قبل الملك توشراتا. عرفت امبراطورية ميتاني من قبل المصريين باسم نهارينا، وغالبا ما حاربها ثوتموس الثالث بعد 1460 ق م. وبحلول 1420 وسع ساوستاتار(ساوشاتار) ملك مملكة ميتاني حدود مملكته من البحر المتوسط وحتى شمال جبال زاغروس ، في غرب ايران، بضمنها الالاخ في شمال سوريا، اضافة الىنوزي، كوروخاني، وارايخا. لم تثبت الحدود الشمالية التي تقسم ميتاني من الحيثيين ودويلات الحرانيين الاخرى، وحتى تحت حكم خليفة ساوستاتار الملك ارتاتاما الاول و شوتارنا الثاني الذان زوجا ابنتيهما الى الفرعون ثوتموس الرابع (1400 – 1390 ) وامينحوتب الثالث ( 1390 – 1353 ). كان توشراتا ( 1365 – 1330 )، ابن شوتارنا قادرا على ادامة حكم المملكة التي ورثها لعدة سنوات. في بعض رسائله الطويلة – احداها كتبت باللغة الحرانية – الى امينحوتب الثالث و اخيناتون ( 1353 – 1336 )، كتب عن التجارة، ورغبته في الذهب، والزواج. بعد ان اضعفتها الفتن الداخلية، اصبحت مملكة ميتاني رهينة بين مملكتي الحثيين والآشوريين واللتين بدأتا بالازدهار. كانت مملكة ميتاني دولة اقطاعية يقودها محاربين نبلاء من اصول آرية او حرانية. كانت الخيول غالبا مايجري تكثيرها على اراضيهم الشاسعة. الوثائق وعقود الاتفاقيات في سوريا غالبا ماجاء فيها ذكر طائفة محاربي العربات والتي اشتملت ايضا على الطبقات الاجتماعية العليا في المدن. غالبا ماكانت العوائل الارستقراطية تتسلم ممتلكاتها كاملاك غير قابلة لتحويل ملكيتها. ونتيجة لذلك، لا توجد وثائق تشير الى بيع الاملاك في الارشيف الكبير للوثائق الاكدية وعثر على رسائل في نوزي قرب كركوك. غالبا ماكانت هناك مراوغة والتفاف حول قرار منع بيع الاراضي من الاملاك، وعلى اية حال فدائما بخدعة: المالك السابق " يتبنى" الراغب بالشراء مقابل مبلغ ملائم من المال. ان المالك الغني تيهيبتيلا كان قد تم تبنيه حوالي 200 مرة، وقد كسب اراضي شاسعة من الاملاك بهذه الطريقة دون تدخل من قبل سلطات الحكومة المحلية. ولقد حصل على ثروته من التجارة ومن نظام الحقلين المنتجين بالزراعة ( حيث يزرع كل حقل مرة خلال السنتين). ولقد ظل الامير شيلوا تيشوب ولمدة طويلة مسؤولا عن الادارة الحكومية الملكية في عاصمة الولاية . كانت تربية الاغنام الاساس في الصناعات الصوفية، والمنسوجات التي يجمعها القصر وتصدر بمقاييس كبيرة. كان المجتمع مبنيا بناءا راقيا من خلال الطبقات، والصنوف والوظائف. وكانت السلطة القضائية على غرار النظام البابلي، فقد كانت جيدة التنظيم والوثائق تركز على السياق الصحيح. المصادر المحلية عن الاديان لدى الحرانيين ومملكة ميتاني محدودة ؛ اما عن اساطيرهم فالكثير عرف من خلال ارتباط اساطير الحثيين وسكان اوغاريت بها. مثل بقية شعوب الشرق الاوسط القديم، فقد عبد الحرانيون آلهة ذات منابع مختلفة. ملك الآلهة كان اله الطقس تيشوب. وحسب الاسطورة فقد طرد اباه كوماربي بقسوة وعنف، وفي هذا المجال فهو يمثل الاله زيوس عند الاغريق الذي طرد اباه كرونوس. اما عربة القتال للاله تيشوب فكانت تجرها الالهه الثور سيريس " نهار" و هوريس "ليل". الملاجئ المقدسة لتيشوب كانت تقع في ارابخا (كركوك حاليا) وفي حلب في سوريا. كانت زوجته في الشرق هي الالهة شاوشكا، وفي الغرب الالهة هيبات، كلتاهما شبيهتان بعشتار عسترات عند الساميين. اما اله الشمس " شيميغي" واله القمر "كوشوه" والذي كانت زوجته نيكال، نيكال عند السومريين، كانت من طبقة ادنى. والاهم كان مكانة اله الحرب والعالم السفلي عند البابلين "نيركال". كان قد اتفق على اله الحرب في شمالي سوريا استابي والهة القسم عشارا منذ الالفية الثالثة ق م . اضافة الى ذلك فالمزيد من الاهتمام كان قد خصص الى المقدسات غير الشخصية مثل السماء والارض اضافة الى تاليه الجبال والانهار. كانت اعتبارات الشر للالهة تطغى في الاساطير على دلائل مواقف الخير. ان عبادة القرابين والشعائر الاخرى شبيهة بتلك المعروفة والمستخدمة لدى دول الجوار؛ الكثير من طقوس الحثيين وجدت في الاناضول بلاد الحثيين . هناك العديد من الادلة على وجود السحر والايحاء. عثر خلال الحفريات على تماثيل المعابد بابعاد متواضعة، كانت اسس تصاميمها، على اغلب الاحتمالات، مستقاة من التقاليد المحلية. كان المتى يدفنون على الارجح خارج المستوطنات. تظهر المصنوعات الصغيرة وخاصة الاختام استمرارية غير عادية للتقاليد البابلية والسومرية حاضرة في التمثيل الطبيعي للشخوص. كان هناك بلاط منقوش بتصاميم دقيقة ( ابيض على خلفية غامقة). ان المكانة القوية للحرس الملكي كان واضحا في القصور الكبيرة، ويتواجد حتى في مراكز المقاطعات. كانت القصور مزينة بالنقوش الجصية. ولان القليل فقط من المستوطنات الميتانية قد حفرت في بلاد مابين النهرين، فان المعرفة بالفن الميتاني وحضارتهم لا تزال غير كافية
Sitting Lio
Man
Terracota
Fox
God Kill
Clay Tablet
Sitting woman
Cup
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| |
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 10:50 am | |
|
الملكان الآشوريان شلمنصر الثالث و شامشي آداد الخامس شلمنصر الثالث (858-824) هو ابن وخليفة الملك آشورناصربال. كان يضاهي اباه في القسوة والطاقة، وكان اقل واقعية في مشاريعه. كانت مخطوطاته خاصة هي مزيج من الآشورية والبابلية تسجل منجزاته المعتبرة ولكنها لم تخف بعض اخفاقاته. كانت معظم حملاته ضد سوريا. في الوقت الذي استطاع من احتلال شمال سوريا واخضاعها كمقاطعة لامبراطوريته، لم يستطع في الجنوب الا اضعاف دولة دمشق القوية، وبالرغم من عدة حروب معها لم يستطع من اكتساحها. قام في 841 بفرض حصار فاشل على دمشق. وكما اجبر ملك اسرائيل في 841 على دفع الجزية. وحقق شلمنصر نصرا جزئيا في غزوه ل سيلسيا. ونفس الشئ ينطبق على أورارتا في ارمينيا والتي عادت قطعاته منها محملة بالاخشاب واحجار البناء. قام الملك، وبعده القائد دايان آشور بالذهاب الى غرب ايران حيث وجدا دويلات مثل ماناي في شمال غرب ايران و بعيدا الى الجنوب الشرقي الفرس. وصادفا ايضا المديين خلال هذه الحروب. وقد تم جمع الخيول كجزية. اما في بابل فقد اعتلا العرش مردوخ زاكر شومي الاول بحدود عام 855 . وثار عليه اخوه مردوخ بل أوساتي، وفي عام 851 طلب الملك من شلمنصر المساعدة والعون. وكان من دواعي سرور شلمنصر الاجابة حيث تم القضاء في 850 على مغتصب العرش، واتجه الى جنوب بابل والتي كانت في ذلك الوقت تقريبا تحت هيمنة الآراميين التامة. وهناك التقى ضمن من التقاهم الكلدانيين والذذين ورد ذكرهم لاول مرة في 878 ق م، والذين لعبوا دورا قياديا في التاريخ في الاوقات اللاحقة؛ وجعل شلمنصر منهم توابع له. وخلال حكمه الطويل بنى المعابد والقصور والقلاع في الدولة الاشورية وباقي عواصم المقاطعات التابعه له. ولقد ابدع فنانيه في عمل التماثيل والرخامات المحفورة. وافضلها المسلة السوداء الشهيرة، والتي تصور ملك اسرائيل يدفع الجزية. كانت الابواب البرونزية من مدينة امغور انليل (بلوات) في الدولة الاشورية عليها صور معاركه وبقية التوابع بصفوف هي اقرب للصور الحية. كانت المئات من قطع العاج المنقوش حفرا قد حملت من الدولة الفينيقية مع العديد من الفنانين الذين عملوا من كلخ فيما بعد مركزا لفن النحت على العاج. قاد ولي العهد آشور داعين ابلا في آخر اربع سنوات من حكم شلمنصر ثورة ضده. عين الملك ابنه الاصغر شامشي أداد كولي عهد جديد. بعد ان فر الى بابل، استطاع اخيرا شامشي اداد الخامس (823-811) من استعادة الملك بمساعدة مردوخ زاكر شومي الاول تحت ظروف مهينة. استطاع كملك من قيادة حملات ناجحة في جنوب ارمينيا واذربيجان واستدار فيما بعد ضد بابل. لقد ربح العديد من المعارك ضد ملك البابلين مردوخ بلاصو اقبي و بابا آها ادينا ( حوالي 818-12) واندفع خلال الدولة الكلدانية. الا ان بابل بقيت مستقلة. أداد نيراري الثالث واخلافه مات شمشي اداد الخامس في حين كان اداد نيراري الثالث (810-783) لايزال صغيرا. تولت امه البابلية سامو رامات الوصاية على العرش حكمت بطاقة عظيمة لغاية 806 . سماها الاغريق "سميراميس" ومجدوها في بانجازات اسطورية، ولكن لا يعرف عنها تاريخيا الا القليل. قاد أداد نيراري فيما بعد عدة حملات ضد المديين وسوريا وفلسطين. وفي 804 وصل الى غزة ولكن اثبتت دمشق بانها لا يمكن اختراقها. وحارب ايضا في بابل وساعد في حفظ الامن في الشمال. حارب شلمنصر الرابع (783-773) ضد أورارتو وهي في قمة قوتها تحت الملك ارغشتي (780-755 ). ودافع بنجاح عن شرق بلاد مابين النهرين ضد هجمات ارمينيا. ومن جهة اخرى خسر معظم سوريا بعد معركة ضد دمشق في 733 . كان حكم آشور دان الثالث (722-755) محفوفا بالثورات ووباء الطاعون. والقليل يعرف عن حكم آشور نيراري الخامس (754-756). ان التركيب الاقطاعي للمجتمع في الدولة الاشورية استمر دونما تغيير. الكثير من الاراضي المحتلة كانت قد ضمت لبعضها لتشكل مقاطعات كبيرة. كان حكام هذه المقاطعات يبحثون عن استقلال مهم وخاصة تحت حكم الملوك الضعاف بعد اداد نيراري الثالث. حتى ان بعضهم كتبوا مخطوطاتهم الخاصة. ان تاثير الشعوب المرحلة في مدن آشور خلقت مراكز حضرية كبيرة. ان افرازات الحرب مع التوسع في التجارة ادت الى خلق طبقة من التجار المحترفين. ان الكثافة السكانية في المدن نتج عنه احتكاك بين الطبقات لم يستطع ان يسيطر عليه الا الملوك الاقوياء. بقي العديد من عواصم البلاد المحتلة على اهميتها كعواصم مقاطعات تابعة للامبراطورية. كان هناك الكثير من المباني الجديدة. كانت الحاجة تدعو الى وجود قوة احتلال في هذه المقاطعات، وتوسعت هذه القوة بالتدريج نسبة الى مجموع القوة العسكرية . لا تتوفر معلومات مسجلة عن تدريب الضباط او الشؤون الادارية العسكرية. وتوسعت ايضا الخدمة المدنية، وكان البلاط الملكي هو اكبر مؤسسة ادارية، بالاف العمال والحرفيين في عدة مدن سكنية. ان الانحطاط الثقافي الذي حصل في حوالي عام 1000 كان قد تم تجاوزه في حكم آشورناصربال الثاني و ششلمنصر الثالث. شهدت الفنون خاصة انبعاثا وولادة كبرى. استمرت الاعمال الادبية تكتب باللغة الآشورية ونادرا ما كانت ذات اهمية كبيرة. لقد تم تطويرالاعمال الادبية التي اقتبست من بابل بكتابات جديدة، بالرغم من امكانية التفريق بين الاعمال المكتوبة بالآشورية عن تلك المكتوبة بالبابلية. اما دينيا فان العبادت والطقوس الرسمية لآشور ونينورتا استمرت في الوقت الذي سارت الامور الدينية لعموم الشعب بطريق منفصل.
لم يبق من التركيبة الاقطاعية في بابل الكثير؛ كانت المقاطعات الكبيرة قد وقعت فريسة في كل مكان تقريبا بيد الاراميين الذين كانوا في البداية قبائل شبه بدوية. ولقد قام رؤوساء عشائرهم وقبائلهم باحتلال مواقع اصحاب الاملاك تدريجيا. فلم يكن بالمقدور بعد ذلك الزراعة بمقياس كبير ماعدا ضواحي المدن الرئية. ان هيمنة مدارس الناسخين البابلية قد تكون هي السبب في حجب الادب الارامي. وعلى اية حال، يبدو ان الاراميين قد تم استيعابهم في الثقافة البابلية. بقيت الشائر الدينية في المدن على حالها. ولقد تحول حال الامبراطورية البابلية الى الفقر تدريجيا ماعدا ربما بعض المدن. في عام 764، بعد الوباء، كتبت ملحمة ايرا او اسطورة ايرا ( اله الحرب والطاعون) من قبل كابتي ايلاني مردوخ. لقد ابتدع حكاية مبتكرة تختلف كثيرا عن الاساطير القديمة؛ تحوي على حوارات طويلة للالهة الذين يشتركون في اهم اقسام الاسطورة فعلا. هنالك مقطع في الملحمة يدعي فيه الشاعر انه الهام الهي جاءه في حلمه اثناء نومه. الامبراطورية الاشورية الحديثة (746-609) لا توجد فترة اخرى في التاريخ الآشوري فيها وفرة مصادر مقارنة بتلك المتوفرة للفترة تقريبا من 745 لغاية 640. اضافة الى العدد الكبير من المخطوطات الملكية، حوالي 2.400 رسالة قد نشرت، معضمها مكسرة الى شضايا. غالبا مايكون مرسلو ومستلمو هذه الرسائل هم الملك والموظفون الحكوميون اصحاب الدرجات العالية. تتضمن ايضا تقارير من وكلاء ملكيين حول القضايا والشؤون الخارجية ورسائل حول امور العبادات. المعاهدات والايحاءات الالهية والطلبات الى اله الشمس حول الشؤون السياسية والصلوات من والى الملوك تحوي على الكثير من المعلومات الاضافية. واخيرا وليس آخرا هي الرسوم واعمال النحت على الجدران، والتي غالبا ما تعطي معلومات تغني عن الكلام. تيغلاث بلصر الثالث و شلمنصر الخامس
كان انهيار سلطة الدولة الاشورية بعد 780 واضحا؛ فقد خسرت سوريا واراضي اخرى شاسعة الى الشمال. انقلاب عسكري يطيح بالملك آشور نيراري الخامس ليرتقي العرش احد القادة. باسم تيغلاث بلصر الثالث (745-727)، جعل الامبراطورية في اكبر اتساع رقعة. قلص حجم المقاطعات من اجل كسر الاستقلال الجزئي للحكام. كما وقام بابطال مكتسبات الضرائب لمدن مثل آشور وحران من اجل توزيع اثقال الضرائب بالتساوي على سائر المملكة. ولقد تم تطوير التجهيزات والمعدات العسكرية بشكل نوعي. ففي عام 746 ذهب الى بابل لمد يد العون الى نبو ناصر (747-734) في حربه ضد قبائل الآراميين. هزم تيغلاث بلصر الآراميين ثم زار مدن مملكة بابل الكبيرة. هناك حاول تامين دعم الكهنة من خلال دعم مشاريعهم البنائية. واستعادت بابل استقلالها. اما منجزه التالي فكان تفقد اورارتو. كانت حملاته ضد اذربيجان مصممة لخلق فجوة بين اورارتو والميديين. في 743 ذهب الى سوريا، وهزم هناك جيشا من جيوش اورارتو. ولم تستسلم مدينة آرباد السورية التي كانت متحالفة مع اورارتو بسهولة. تطلب احتلال آرباد من تيغلاث بلصر ثلاث سنوات من الحصار وعندها قتل السكان ودمر المدينة. في 738 تشكل تآلف جديد ضد سوريا تحت قيادة سامعال (مدينة زنجيرلي التركية حاليا) شمال سوريا. وتم دحرها واجبر كل الامراء من دمشق الى شرق الاناضول على دفع الجزية . وحملة اخرى في 735 وهذه المرة باتجاه اورارتو نفسها حيث كانت ناجحة جزئيا. وفي 734 غزا تيغلاث بلصر جنوب سوريا واراضي فلسطين بعيدا الى حدود مصر. حاولت دمشق تشكيل مقاومة ضده محاولة كسب الملك جودا الى جانبها. ولكن الملك جودا طلب العون من تيغلاث يلصر الذي قام بتدميرمملكته في فلسطين في عام 733 واجبر اراض شاسعة على الاستسلام . في عام 732 تقدم باتجاه دمشق محطما المزارع حول المدينة ثم احتل العاصمة، وقتل الملك الذي عين مكانه حاكما. اما الملكة العربية سامسيل في الجنوب فقد اجبرت على دفع الجزية، على ان يسمح لها ياستخدام ميناء غزة، الذي كان بايادي الاشوريين. لقد ادى وفاة الملك البابلي نبونصر الى حالة فوضى عارمة هناك، فاعلن أوكن زير الآرامي نفسه ملكا. في 731 حاربه تيغلاث بلصر ودحره وحلفاءه، ولكنه لم يؤسر أوكن زير لغاية 729. هذه المرة لم يعين ملكا على بابل لكنه اعتلى العرش نفسه تحت اسم بولو ( ورد اسمه بول في العهد القديم). في اواخر عمره توقف عن الحملات متوجها الى تحسين عاصمته كلخ. بنى قصر شلمنصر الثالث وملاه بالكنوز من غنائم حروبه وزين الجدران بمنحوتات بارزة. وكانت كلها ذات طابع حربي كانما صممت لارهاب المشاهد فهي تعرض الشخوص بشكل مخيف. ان تلك المقاطع الصورية على البلاطات واحيانا مرسومة وجد مثلها في سوريا ايضا في مواقع العديد من عواصم المقاطعات لدولة آشور القديمة. خلف تيغلاث بلصر ابنه شلمنصر الخامس (726-722)، الذي استمر على سياسة ابيه. وكملك بلاد بابل سمى نفسه اولولاي. تقريبا لاشئ يعرف عن مؤسساته حيث ان خليفته حطم كل مخطوطاته. تذكر العهد القديم انه توجه الى هوشيا ملك اليهود في فلسطين في 724 بعد ان اعلن هوشيا الثورة. من المحتمل انه اغتيل خلال حصاره الطويل لمينة السامرة. واعلن خليفته ان الاله آشور كان قد تخلى عن دعم شلمنصر الخامس لافعاله التي تنم عن عدم احترام. سرجون الثاني (721-705) و مردوخ آبال إدينا ملوك بابل يحتمل ان اخا شلمنصر الصغير هو الذي اعتلى العرش الآشوري في 721 . متخذا الاسم القديم شارو كن (سرجون كما ورد في الإنجيل)، ويعني " الملك الشرعي"، وثق دعم الكهنة له وكذلك طبقة التجار وذلك باعادة الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها، وخاصة اعفاء المعابد العظيمة من الضرائب. ان تغير الحكام في الدولة الاشورية قد اثارازمات اخرى في بابل. فقد سيطر على الحكم في بابل عام 721 أمير آرامي من الجنوب، مردوخ آبال ادينا (اسمه في الانجيل مردوخ بالادان)، ولم يتمكن من استعادته لغاية 710 بمساعدة ملك عيلام هومبانيغاش الاول. ان المحاولة الاولى لسرجون لاستعادة بابل فشلت حين هزمته عيلام في 721. وخلال نفس العام كان حصار السامرة المطول قد انتهى. فقد نزحت الطبقات العليا من سكان السامرة واصبحت اراضي فلسطين مقاطعة تابعة للامبراطورية الآشورية. وجرى توطين السوريين والبابليين في السامرة. وفي 720 قمع سرجون ثورة في سوريا كانت قد دعمتها مصر. ثم دحر كل من هنونو في غزة والجيش المصري قرب الحدود المصرية. وفي 717 و 716 حمل على شمال سوريا جاعلا كارجيمش والتي كانت مستقلة لحد الان احدى مقاطعاته. وذهب كذلك الى سيليسيا في محاولة لمنع استمرار انتهاكات الفريغيين تحت حكم الملك ميداس ( بالاشورية: ميتا). ومن اجل حماية حليفه، دولة ماناي في اذربيجان، جهز سرجون حملة على ايران في 719 واستولى على اجزاء من ميديا كمقاطعات تابعة لامبراطوريته؛ وفي عام 716 بات ان حربا اخرى اصبحت ضرورية. في ذات الوقت كان مشغولا بتجهيز لهجوم رئيس ضد اورارتو. وتحت قيادة ولي عهده سنحاريب، تغلغلت جيوش الوكلاء في اورارتو، والتي كانت مهددة ايضا من الشمال من قبل السيمريائين. العديد من رسائلهم وتقاريرهم قد حفظت. اطول مخطوطة مكتوبة باللغة الآشورية حول مشروع سنوي (430 سطر طويل جدا) تشير الى حملته على اورارتو في 714 . صيغت باسلوب كتقرير اولي الى الاله آشور، موشاة بوصفحيوي لمناظر طبيعية. لابد وان النقاط القوية لاورارتو كانت محصنة بشكل جيد. حاول سرجون تلافيها وذلك بالحركة من خلال مقاطعة ماناي ومهاجمة عاصمة االميدين في الجانب الشرقي من بحيرة اورميا. في هذا الوقت مؤملا ان يفاجئ القطعات الاشورية، قام روسا من اورارتو باغلاق الممر الضيق الذي يمتد بين بحيرة اورميا وجبل ساهاند. ولقد توقع سرجون هذا فقاد مجموعة صغيرة من الخيالة في صولة مفاجئة تطورت الى نصر عظيم للاشوريين. وانهزم روسا ثم مات. واندفع الاشوريون متقدمين ومدمرين كل المدن والتحصينات وحتى اعمال الري لاورارتو. ولكنهم لم يحتلوا توشبا (العاصمة) ولكنهم اخذوا مواضع على المدينة الجبلية موساسير. كان الدمار عظيما. والسنوات التالية شهدت بعض الحملات الصغيرة في ميديا وشرق الاناضول وضد اشدود في فلسطين. كان ميداس ملك فريغيا وبعض المدن في قبرص مستعدة لدفع الجزية. الان تحرر سرجون لتصفية حساباته مع مردوخ آبال ادينا البابلي. بعد ان تخلى عنه حليفه الملك العيلامي شوتروك ناهونتي الثاني وجد مردوخ ىبال اديني من الافضل ان يفر، اولا الى موطنه الاصلي على الخليج العربي ومن ثم الى عيلام . ولأن الامير الآرامي لم يكن محبوبا من شعبه فقد رحب البابليون بسرجون محررا لهم. ولقد التزم بتحقيق رغبات الكهنة وبنفس الوقت اهان الكرامة الآرامية. لقد اقتنع بالعنوان المتواضع حاكم بابل. سكن سرجون اولا في كلخ ومن ثم قرر على ايجاد عاصمة جديدة شمال نينوى. وسمى المدينة "دور شروكن" " مدينة سرجون" (خورسآباد الحالية). وقد بنى قصره على ممر عال في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة. اما معابد الالهة الرئيسين الاصغر حجما فقد بنيت ضمن مستطيل محاط بجدار خاص. التصميم سمح لسرجون من مراقبة الكهنة افضل من السابق كما بنى مجمعات كبيرة للمعابد. احدى نتائج هذا التصميم هو ان شخص الملك دفع شخص الاله الى الخلفية وبهذا حصل على الاهمية. ورغب ان يكون قصره يشابه امبراطوريته من حيث السعة، فقد خطط سرجون لقصره ابعادا اصبحت معلما. منحوتان صخريان لثورين مجنحين لهما راس رجل يحميان المدخل؛ كانا اكبر من اي شئ سبق. اما الجدران فقد زينت بصفوف طويلة من النحت البارز تظهر صور الحروب والاعمال التعرضية. مقارنة بقطعة الرخام الجيدة التنفيذ للملك البابلي مردوخ أبال ادينا يظهر ان الفنون الجميلة في الدولة الاشورية قد فاقت بكثير ما عند البابليين. لم يكمل سرجون عاصمته، بالرغم من 713 ولغاية 705 ق م عمل عشرات الالاف من العمال ومئات الفنانين في المدينة العظيمة. باستثناء بعض البنايات الساحرة للموظفين العامين، لم ينجز الا القليل من الصروح المتينة في القاطع السكني . في 705 وفي حملة على شمال غرب ايران نصب كمين لسرجون وقتل. وبقيت جثته دون ان تدفن لكي تصبح طعاما للجوارح. اما سنحاريب ابن سرجون والذي تشاجر مع ابيه، كان ميالا للاعتقاد مع الكهنة بان موته كان عقابا من الهة العواصم القديمة التي تركت دونما اكتراث.
سنحاريب (704 – 681 ) سنحاريب ( وبالآشورية: سن آهي اريبا؛ 704 – 681 ) كان مهيئا جدا لاملاء موقعه السيادي. به فازت الدولة الاشورية بحاكم ذكي موهوب بالرغم من كونه كثير التهور. لم يذكر والده، في اي من كتاباته. ترك فجأة المدينة الحديثة دور شاروكن وسكن في آشور لعدة سنوات الى ان جعل من نينوى عاصمة له في عام 701 . كانت لسنحاريب مصاعب كثيرة مع دولة بابل. عاد مردوخ آبال ادينا مرة أخرى في 703 ليعلن نفسه ملكا بمساعدة عيلام، متجها رأسا ليتحالف مع بقية اعداء الدولة الآشورية. وبعد تسعة اشهر كان قد اجبر على الانسحاب عندما هزم سنحاريب جيش الائتلاف المكون من البابلين والاراميين والعيلاميين. كان ملك بابل "اللعبة" الجديد بيل ابني (702-700) الذي نشأ وترعرع في آشور. في 702 شن سنحاريب غرة على غرب ايران. في 701 تبعها باشهر حملاته ضد سوريا وفلسطين، من اجل السيطرة على الطريق الرئيس من سوريا الى مصر من اجل التهيؤ لحملة قادمة على مصر ذاتها. عند اقتراب جيش سنحاريب من سيدون عزل حاكمها "لولي" الذي كان معاديا للدولة الآشورية فورا. اما بقية الحلفاء فمنهم من انهزم ومنهم من استسلم. وهزم الجيش المصري في "إلتيكه" في جوده. وحاصر سنحاريب القدس وطلب من ملكها حزقيا التسليم لكنه لم يستجب. وبسبب الصعوبات وتفشي الوباء انسحب سنحاريب بجيشه من فلسطين. عدد الذين ماتوا من الآشوريين ارتفع الى 185.000 . وعلى كل فقد دفع الملك حزقيا الجزية. انسحب الملك البابلي "بيل ابني" من الاتحاد مع الدولة الاشورية في عام 700 . تحرك سنحاريب بسرعة وهزم بيل ابني وابدله بابن سنحاريب الاكبر، آشور نادين شومي. السنوات القليلة القادمة كانت نوعا ما سنوات سلام. استغل سنحاريب هذا الوقت للتهيؤ لهجوم فاصل ضد عيلام، التي مالبثت تساند الثوار البابلين. قام العيلاميون بقطع وتحصين الطريق البري المؤدي الى عيلام. كان لسنحاريب سفنا بناها في سوريا وفي نينوى. تم تحريك السفن من سوريا على مزلجات من الفرات الى دجلة. مخر الاسطول مع التيار جنوبا ونجح في التحرك في المياه الضحلة للخليج وعلى طول الساحل الجنوبي لعيلام. قام العيلاميون بشن هجوم مقابل على الارض واحتلوا بابل ونصبوا شخصا من اختيارهم على العرش. لم يكن باستطاعة الآشورين شق طريقهم شمالا بالقتال الا في 693 . واخيرا وفي 689 تمكن سنحاريب من الثأر. فقد احتل بابل ودمرها تماما، وهدم المعابد وسواها مع الارض. وحورت قناة آراختو الاروائية من فوق الابنية المخربة والدمار وبقيت المدينة الداخلية غير مسكونة لحوالي ثماني سنوات. حتى ان الكثير من الآشوريين بقوا ناقمين على هذا، معتقدين بان الاله البابلي مردوخ كان قد تأثر بالغ التأثر نتيجة تدمير معبده وازالة آثاره. كان مردوخ معبودا آشوريا ايضا كان العديد منهم يهرعون اليه وقت الحاجة. كانت قد شنت حملة دعاية لاهوتية- سياسية للتوضيح للشعب بان ما قد حدث هو نزولا عند رغبة معظم الالهة. كتبت قصة تذكر بان مردوخ كان قد أسر بسبب خطيئة وأحضر امام القضاء. لم يبق الا جزءا من شرح هذا العمل الادبي غير المتقن. حتى الشعر العظيم لخلق العالم، "انوما اليش" كان قد حور: ابدل اسم الاله مردوخ بالاله آشور. ان طاقات سنحاريب غير المحدودة لم تجلب الفائدة لامبراطوريته، ولربما اضعفتها. يمكن ملاحظة تشبث وعناد هذا الملك في مشاريعه العمرانية؛ فمثلا عندما احتاجت نينوى الى الماء للري، حمل سنحاريب مهندسيه على تحويل مجرى مياه رافد للزاب الاعظم. وكان على القناة عبور وادي جيروان. انشات قناة لسحب الماء تتالف من حوالي مليوني قطعة من حجر الرخام الكلسي لخمس قناطر مدببة ضخمة فوق الجدول في الوادي . ختمت ارضية القناة بسمنت يحوي على المغنيسيوم. لازالت اجزاء من هذه القناة شاخصة الى اليوم الحاضر. كتب سنحاريب عن هذه وغيرها من الانجازات التقنية بتفاصيل دقيقة مع شروحات ومخططات توضيحية. بنى سنحاريب قصرا فخما في نينوى، مزين بمنحوتات شبه مجسمة بعضها يصور نقل تماثيل ضخمة لثيران خلال الماء واليابسة. العديد من الغرف كانت مزينة بمقاطع مصورة منحوتة نحتا بارزا تحكي قصص الحرب وفعاليات البناء. يمكن ملاحظة التقدم في مجال التنفيذ الفني، وخاصة في رسم الحيوانات والمناظر الطبيعية. ومن ابرزها تصوير المعارك في الآهوار والحياة في المعسكرات والتهجير.
قامت . لقد اسيئت معاملة هذا الاله و الاله مردوخ من قبل سنحاريب، فاعتبر الحادث على انه عقوبة ربانية. أسرحدون ( 680 – 669 )
متجاهلا ادعاء اخوته الكبار، ثبت المجلس الامبراطوري اسرحادون ( آشور - أحا - ادينا ؛ 680 – 669 ) كخليفة لسنحاريب. يصعب تفسير الاختيار بان أسرحادون، على عكس والده، كان لطيفا مع البابليين. يمكن الافتراض ان امه صاحبة الطاقة والمخططة، زاكوتو ( ناقيه)، والتي جاءت من سوريا أو من جوده، قد استخدمت كل نفوذها نيابة عنه لتجاوز قرارات الحزب الوطني للدولة الآشورية. ان النظرية القائلة بانه كان طرفا في التخطيط لاغتيال ابيه بعيدة الاحتمال؛ على كل حال، كان قادرا على استقطاب اخلاص جيش ابيه لصالحه. كان على اخوته الفرار الى اورارتو. كان اسرحادون يذكر كلا من ابيه وجده في كتاباته. حيث ساد الاعتقاد بان تدمير بابل ماهو الا عقوبة من الاله مردوخ، فقد قام الملك الجديد باصدار الاوامر لاعادة بنائها. واشار الى نفسه فقط بانه حاكم بابل وحصل من خلال سياساته على دعم مدن دولة بابل. كانت القبائل الآرامية في بداية حكمه لا تزال حليفة لعيلام ضده، ولكن الملك العيلامي اورتاكو (675-664) وقع على معاهدة سلام مما حرره للقتال في مناطق أخرى. وفي عام 679 انشأ محمية عسكرية على الحدود المصرية لان مصر كانت في عهد الملك الحبشي تاهاركا تخطط للتدخل في سوريا. لقد اخمد وبصعوبة كبيرة ثورة مشتركة من قطعات من سيدون وتاير ومدن سورية اخرى. كان الوقت قد حان لمهاجمة مصر التي كانت تعاني تحت حكم الاحباش ولم تكن دولة موحدة. كانت محاولة أسرحدون الاولى في 674 – 673 قد فشلت. وعلى اية حال ففي 671 ق م احتلت قطعاته منفيس، العاصمة المصرية. لقد تم تعيين مستشارين آشوريين لمساعدة امراء ال 22 مقاطعة، حيث كانت اولى مهامهم جمع الجزية. كانت هناك تهديدات بين آونة وأخرى تأتي من منطقة الحدود الجبلية لشرقي الاناضول وايران. قام السيثيون بطرد السميرين في شمال ايران وخلال قوقاسيا محاولين كسب موطئ قدم لهم في سوريا وغرب ايران. قام اسرحدون بالتحالف مع ملك السيثيين "بارتاتوا" بتزويجه احدى بناته. وبعمله هذا فقد حدد حركة السيمريين. وبغض النظر، فانه يمكن ملاحظة سرعة تفكير اسرحدون من خلال تقديمه القرابين وتضرعه ودعائه من اله الشمس. لقد كان لذلك تاثيرا اخف على مملكته منها على اعدائه واتباعه والموظفين الحكوميين. كان على كهنة عشتار طمأنة اسرحدون باستمرار بالدعاء له والقول له بان لا تخف. لم يعرف عن الملوك الذين سبقوه حاجتهم الى مثل هذا التشجيع. كان اسرحدون يواجه مصاعب كبيرة في وطنه من زمر في القصر. تفى ابنه الكبير مبكرا. وشكك الحزب الوطني بابنه الثاني، شماش شوم اوكن على انه يجامل البابليين؛ ولربما اعتبروه غير مؤهل لتولي العرش الملكي. منح ابنه الثالث، اشوربانيبال العرش في 672 وبقي شماش شوم اوكن وليا للعهد على بابل. لقد سببت هذه الترتيبات الكثير من المعارضة ولقد حذر بعض الموظفين بعيدي النظر من تاثيرات مأساوية. على اية حال فقد أقسم النبلاء والكهنة وقادة المدن على أحقية مثل هذه التعديلات في السلك الملكي؛ حتى زمرة الآمراء كان عليهم القسم للولاء لآشور بانيبال، وكانت هناك عقوبات شديدة على من يحنث. وكان هناك امر آخر يشغل بال اسرحدون هو تردي صحته. كان يعتبر خسوف القمر بالذات نذير حذر،ولتفادي الاصابة بمرض قاتل خلال هذه الاوقات، فقد عمل على تبديل الملوك المختارين خلال فترات الخسوف الثلاثة التي حدثت خلال حكمه الذي استمر لاثنتي عشرة سنة. كان الملك البديل يموت او يقتل بعد فترة حكم قصيرة. خلال فترة تخليه عن الحكم كان اسرحدون يلقب نفسه " بالسيد الفلاح". وبهذا الاسلوب كان يظن انه سيصعب على الالهة التمييز بين الملك الحقيقي والمزيف.
وسع اسرحدون وطور المعابد في كل من آشور وبابل. وشيد قصرا في كلخ، مستخدما الكثير من لوحات الصور لتغلاث بلصر الثالث. الاعمال الباقية ليست بمستوى اعمال خلائفه او اعمال آشور بانيبال. مات اثناء حملة لاخماد ثورة اندلعت في مصر.
آشور بانيبال (668-627) وشماش شوم اوكن (668-648) على الرغم من ان وفاة ابيه حصلت وهو بعيد عن وطنه، الا ان آشور بانيبال تولى الحكم كما كان مقررا. لربما كان مدينا لحسن حظه لشفاعة جدته "زاكوتو"، التي تمكنت من ملاحظة طاقاته العظيمة. يتحدث عن تعيمع المتكامل منقبل الكهنة وتدريبه على صناعة الدروع اضافة الى الفنون العسكرية. ربما كان الملك الوحيد في دولة آشور ذو خلفية ثقافية. ودرس حين كان وليا للعهد ادارة الامبراطورية الشاسعة. ان الدرجة التي منحتها له الالهة هي درجة الحصاد خلال اولى سنوات حكمه. وكان انتاج السنوات التالية جيدة ايضا. وخلال هذه السنوات الاولى كان ناجحا ايضا في السياسة الخارجية، وكانت علاقته جيدة باخيه في بابل. في عام 668 قمع تمردا في مصر وطرد الملك تاهاركا، ولكن في 664 جمع تانوت عامون ابن اخت تاهاراكا قوات لثورة جديدة. ذهب آشوربانيبال الى مصر، مطاردا الامير الحبشي بعيدا الى الجنوب. ولقد دفع نصره الحاسم هذا تاير واقسام اخرى من الامبراطورية الى العودة الى دفع الجزية بانتظام. عين آشور بانيبال بسماتك كامير على منطقة سايس المصرية. وفي عام 656 قام بسماتك بالانفصال عن السلطة الاشورية بمساعدة مرتزقه من الكاريين والايونيين مانحا مصر الاستقلال مرة اخرى. لم يحاول آشوربانيبال معاودة احتلالها. لقد ساعد بسماتك في تمرده الحليف القديم لآشور، كايكز ملك ليديا. وبالمقابل لم تبد آشور اية مساعدة لكايكز حين هوجم من قبل السيمريين. فقد كايكز عرشه وحياته. وقرر ابنه ارديز ان دفع الجزية الى الدولة الاشورية هي اقل قسوة من ان يحتل من السيمريين. احاقت بجنوب دولة بابل مشاكل مهلكة ، فقد هاجمتها عيلام في 664. وجاء هجوم آخر في 653 ، حيث ارسل آشور بانيبال جيشا كبيرا ألحق بالعيلاميين هزيمة نكراء. وقتل ملكهم مما شجع بعض الولايات العيلامية على الانفصال. لم تعد لعيلام القوة الكافية لاستعادة دورها الفعال في المجالات الدولية. كان لهذا الانتصار نتائج مهمة لبابل. اصبح شاماش شوم اوكن متعبا بسبب اهماله من قبل اخيه الذي فرض سيطرته. لقد شكل شاماش شوم اوكن تحالفا سريا في عام 656 مع الايرانيين، والعيلاميين والاراميين والعرب والمصريين، موجها ضد آشوربانيبال. ربما كان انسحاب العيلامين المندحرين من التحالف هو السبب في الهجوم غير المكتمل الاعداد من قبل شاماش شوم اوكن في نهاية عام 652 دون الانتظار للمساعدة الموعودة من مصر. بعد ان اخذ آشور بانيبال على حين غرة، استطاع من لملمة جيشه. هزم الجيش البابلي واسر شاماش شوم اوكن في مدينته الحصينة بابل. ولم يتمكن حلفاؤه من الصمود امام الآشوريين. وهزمت امدادات العرب المحملة على الجمال. وبقيت مدينة بابل محاصرة لمدة ثلاث سنوات. وسقطت في عام 648 وسط مشاهد مذابح مروعة، ومات شاماش شوم اوكن في قصره المحترق
بعد عام 648 شن الاشوريون عدة هجمات تاديبية على العرب،محفزين بهذا روح الاندفاع والقتال لدى القبائل العربية لسنوات قادمة. كان الهدف الرئيس للاشوريين هو تامين استقرار نهائي لعلاقاتهم مع عيلام. ان رفض دولة عيلام عام 647 تسليم امير آرامي كان سببا في هجمات جديدة تغلغلت معها جيوش الاشوريين عميقا في الاراضي العيلامية. وقد اعقب ذلك الصولة على العاصمة سوسة المحصنة بقوة ربما في عام 646 . دمر الاشوريون خلالها المدينة بضمنها المعابد والقصور. واحتلوا اراض شاسعة. وكالمعتاد فقد تم نفي اصحاب الاراضي والطبقة العليا الى بلاد آشور ومناطق اخرى من الامبراطورية واصبحت عيلام مقاطعة آشورية. وامتدت سلطة الدولة الاشورية الى جنوب شرق ايران. ودفع سيروس الاول الجزية واعطى رهائن الى نينوى. متعشما في تامين الحماية لحدوده مع ميديا. لا يعرف الا القليل عن أواخر سنوات حكم اشوربانيبال.
لقد ترك اشوربانيبال الهاما اكثر ممن اعقبه من الملوك. لم تسجل معاركه دائما بتسلسل زمني ولكنها جمعت كمجموعات حسب الغايات منها. ان عدد معاركه تسجله الذاكرة. احدى اهم مآثره هي تاسيس مكتبة القصر العظيمة في نينوى ( كويونجق الحديثة)، والتي تعتبر اليوم احدى اهم المصادر لدراسة التاريخ القديم لبلاد مابين النهرين . ولقد اشرف الملك نفسه على انشائها. ولقد حفظ اكثر من نسخة من الاعمال المهمة، بعضها كان مخصصا للاستخدام الشخصي للملك. ان اعمال الترتيب قد سحبت تجربة قرون من ادارة تجميع كميات كبيرة من اراشيف المعبد مثل تلك الموجودة في آشور. يتحدث آشوربانيبال في احدى مخطوطاته عن انه صياد متلهف لصيد الحيوانات الكبيرة، وكيف انه حصل على متعتها خلال صراعه مع الاسود المهاجمة. هناك في قصره في نينوى صفوف طويلة من مشاهد الصيد تظهر حذاقة الفنانين في النحت البارز؛ وصل الفن الاشوري بهذه المنحوتات الى قمته. بمسلسلات تحكي عن حروبه وخاصة الحروب التي خاضها في عيلام، تعج المشاهد بالشخوص البشرية. وتلك التي تظهر المعارك ضد القوات العربية على جمالها هي ابدع ما تم تنفيذه. احدى اسباب بقاء الامبراطورية الاشورية لمدة طويلة هو ممارسة التهجير لاعداد كبيرة من سكان المناطق المحتلة وتوطينهم في اماكن اخرى. لقد منع هذا الاجراء الوطنين من المناطق المحتلة من استعادة قوتهم. وبنفس الاهمية كان تعيين العديد من الموظفين المدنين الاكفاء في الاراضي المحتلة تحت امرة ضباط مدربين. كانت اعلى درجة وظيفية هي "تارتان"، وهي كلمة حرانية. ولقد مثل التارتان الملك ايضا خلال غيابه. المرتبة الاقل كان ملاحظ القصر، وهو حامل الصواع، واداري القصر وحاكم آشور. غالبا ما كان القادة يحتلون مراكز رسمية عالية، وخاصة في المقاطعات. كان عدد موظفي الدولة يقارب ال 100.000 أغلبهم من مواطني المقاطعات المحتلة. ولقد اصبح الاسرى عبيدا ثم اطلق سراحهم. لم تكن هناك قوانين معروفة للامبراطورية\ن بالرغم من ان المستندات تشير الى وجود قواعد وضوابط للعدالة. كان الذين يفسخون العقود عرضة لعقوبات شديدة، وحتى في حالات الاهمية القليلة فان التضحية بابن او اكل رطل من الصوف وشرب كميات كبيرة من الماء بعد ذلك مما يؤدي الى موت مؤلم. كان للمراة مكانة سفلى، ماعدا الملكة وبعض الاميرات.
ولاتتيسر دراسات مفصلة عن الوضع الاقتصادي لتلك المرحلة. اما النبلاء اصحاب الاقطاعيات فقد استمروا على لعب دور مهم، اضافة الى التجار في المدن. ان الزيادة في كميات المعادن الثمينة – والتي كانت تستلم كجزية او تؤخذ كغنائم – لم تشوش الاستقرار الاقتصادي في العديد من المناطق. لقد ادت الرعاية الملكية ورعاية المعابد الى ازدهار الفنون والحرف خلال هذه الفترة. ان سياسة توطين الاراميين وغيرهم من سكان الاراضي المحتلة في الدولة الاشورية قد جلب العديد من الفنانين والحرفيين الموهوبين الى المدن الاشورية، حيث قدموا اساليب وتقنيات جديدة. كان اصحاب الدرجات العليا من الموظفين، والذين غالبا هم من المتنفذين، عملوا على ان تستفيد مراكز المقاطعات كذلك من هذا النمو الاقتصادي والحضاري. اصبحت حران اهم مدينة في القسم الغربي من الامبراطورية؛ اما مستوطنة حوزيرينا الجاورة ( حاليا سلطان تبه في شمال سوريا)، تم اكتشاف بقايا اثار مكتبة مهمة. عثر على القليل من النصوص الارامية من هذه الفترة؛ ان مناخ بلاد مابين النهرين لا يصلح لتخزين البردي والجلود التي كانت النصوص تكتب عليها. لا تتيسر ادلة على وجود موروث تعليمي بلغات اخرى منطوقة ضمن حدود الامبراطورية الاشورية في ذلك الوقت، ماعدا بعض المناطق الساحلية من سوريا وفلسطين.
الامبراطورية البابلية الجديدة لم تتم تهدئة الكلدانيين الذين كانوا يقطنون المنطقة الساحلية للخليج الفارسي، من قبل الاشوريين. ففي حوالي 630 اصبح نبوبلاصر ملكا على الكلدانيين. في 626 اخرج الاشوريين بالقوة من اوروك (الوركاء) وتوج نفسه ملكا على بابل. لقد ساهم في الحروب التي كانت تهدف الى تدمير الدولة الاشورية. وبنفس الوقت بدا باعادة تشغيل شبكة القنوات المائية المخربة في المدن البابلية وخاصة في مدينة بابل نفسها. ولقد حارب الملك الاشوري آشور اوباليت الثاني وثم حارب المصريين، قوبلت نجاحاته بسوء الحظ. مات نبوبلاصر في بابل عام 605.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| |
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| |
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 11:00 am | |
|
العهد الساساني ( 224 – 637 م ) يضع العهد الساساني نهاية للعهد القديم وبداية للعهد الاقطاعي في تاريخ الشرق الاوسط. الاديان السماوية كالمسيحية والثنوية (الصراع بين النور والظلام) وحتى الزرادشتية واليهودية قد امتصوا الديانات والعبادات المحلية في بداية القرن الثالث. انتهت كل من الامبراطورية الساسانية والرومانية باتخاذ دين رسمي للدولة، الزرادشتية للاولى والمسيحية للاخيرة. اما في بلاد مابين النهرين فان العبادات القديمة مثل المندائية (الصابئية) عبادة القمرللحرانيين وعبادات اخرى قد استمرت جنبا الى جنب الاديان العظيمة. لم يكن الحكام الجدد بنضج السلجوقيين والبارثيين وان الاضطهاد حدث في ظل الحكم الساساني. بعد ان ركز اردشير الاول اول ملوك الساسانيين سلطته في بيرسيس ( مقاطقة فارس حاليا) توجه الى جنوب بلاد مابين النهرين وسقطت مسين. في 224 دحر وقتل اخر حكام البارثيين، ارتابانوس الخامس، مما سرع في سقوط كل بلاد مابين النهرين امامه واصبحت المدائن العاصمة الرئيسة للامبراطورية الساسانية. في 230 حاصر ارداشير الحضر ولكنه عجز ان يحتلها. طلبت الحضر المعونة من الرومان وفي 232 شن الامبراطور سيفيروس الكسندر حملة اوقفت تقدم زحف اداشير. عند موت سيفيروس الكسندر في 235 تحول الساسانيون للهجوم وربما في 238 اصبحت نصيبين وحران تحت سيطرتهم. ومن المعتقد ان الحضر سقطت في بداية 240 والتي اصبح فيما بعد ابن ارداشير حاكما عليها؛ ثم مات بعد ذلك بقليل ارداشير. قاد الامبراطور الروملني جورديان الثالث جيشا كبيرا ضد شابور الاول في 243 . واستعاد الرومان كل من حران ونصيبين ودحروا الساسانيين في معركة قرب رساينه فى الانبار، والتي سميت فيروز – شابور ( شابور المنتصر) واستطاع الساسانيون من الحاق الهزيمة بالرومان الذين فقدوا امبراطورهم. اما خليفته فيليب العربي فقد استطاع تحقيق السلام وترك الغزوات الرومانيةفي شمال بلاد مابين النهرين. اما "اوسروني" التي عادت الى حكم العائلة الحاكمة المحلية "ابغار" من قبل جورديان، فقد بقت دولة الرمان الاقطاعية. وجدد شابور هجماته واحتل العديد من المدن من ضمنها دورة – يوروبوس في 256 ومن ثم تحرك الى شمال سورية والاناضول. كان اندحار الامبراطور الروماني فاليريان على ابواب اديسا في حوالي 259 كانت قمة فتوحاته في الغرب. وعند عودة شابور الى المدائن هاجمه حاكم بالميرا، سبيتيميوس اوديناثوس ( ويسمى ايضا اوديناث)، وهزم جيشه واستولى على الكثير من الغنائم. واخذ اوديناثوس لقب الامبراطور واستولى على حران ونصيبين وهدد المدائن في 264 – 266. ولقد كان لقتله متنفسا للساسانيين وفي 273 طرد الامبراطور الروماني اورليان بالميرا واحتفظ بالسلطة في شمال بلاد مابين النهرين. استمر السلام بين الامبراطوريتين لغاية 283 حين غزا الامبراطور الروماني كاريوس بلاد مابين النهرين وتقدم باتجاه المدائن ولكن الجيش الروماني كان قد اجبر على الانسحاب بعد موت سايروس المفاجئ. في عام 296 كان الملك الساساني السابع نصره الاول قد دخل الميدان وهزم القوة الرومانية قرب حران ولكنه هزم في السنة التالية وسبيت عائلته . ونتيجة لذلك فقد امن الرومان نصيبين وجعلوا منها قلعتهم الحصينة تجاه الساسانيين. اما بلاد "مابين النهرين "المقاطعة الرومانية والتي كانت تمثل الاراض الواقعة بين نهري دجلة والفرات في سفوح التلال الشمالية، اصبحت منطقة عسكرية محصنة ( الحدود المحصنة للامبراطورية الرومانية) ومدن عالية التحصين. بدأ الساسانيون العمليات الهجومية ثانية في عهد شابور الثاني، واستمرت الحرب الاولى من 337 لغاية 350؛ وانتهت من دون نتيجة لكون الرومان قد دافعوا عن نصيبس بنجاح. وفي عام 359 غزا شابور الاراضي الرومانية ثانية واحتل قلعة اميدا الرومانية بعد حصار طويل ومكلف.وفي عام 363 تقدم الامبراطور جوليان الى ضواحي المدائن، حيث توفى، ليخلفه جوفيان الذي خسر نصيبس واراضي اخرى في الشمال الى الساسانيين. اما الحرب التالية فاستمرت من 502 الى 506 وانتهت دونما تغيير. واندلعت الحرب ثانية في 527 واستمرت لغاية 531 وحتى الجنرال البيزنطي بيليساريوس لم يكن قادرا على السيادة؛ كالمعتاد، بقيت الحدود على حالها دون تغيير. وفي عام 540 غزا الملك الساساني خسرو الاول (خسرويس) سوريا وحتى استولى على انطاكيا، بالرغم من ان العديد من القلاع خلفه في شمال بلاد مابين النهرين بقيت بايدي البيزنطيين. وبعد قتال كر وفر، تم الجنوح الى السلم في 562 . استمرت الحرب مع الامبراطورية البيزنطية لعشر سنوات اخرى، واستمرت في عهد من خلف خسرو، هرمزد الرابع. ولم يستعيد البيزنطيون اراضيهم في شمال بلاد مابين النهرين الا في 591 حيث هبوا للمساعدة في استعادة العرش الساساني الى خسرو الثاني الذي فر لاجئا الى الاراضي البيزنطية. وبمقتل الامبراطور البيزنطي موريس في 602 والذي كان لصالح خسرو، واغتصاب فوكاس للعرش، فقد وجد خسرو الثاني فرصته الذهبية لتوسيع الملكية الساسانية وللثأر الى موريس. استولت الجيوش الفارسية على كل شمال مابين النهرين وسوريا وفلسطين ومصر وبلاد الاناضول. وبحلول 615 كانت القوات الساسانية في خالقيدونية مقابل القسطنطينية. وتغير الموقف تماما بمجئ الامبراطور البيزنطي الجديد هرقل، الذي، قام بحملة تحد شجاعة الى قلب اراضي العدو في 623 – 624 ، وهزم الساسانيين في ميديا. وتقدم في 627 – 628 باتجاه المدائن ولكنه انسحب بعد ان نهب القصور الملكية في داستاكرد شمال المدائن. وبعد وفاة خسرو الثاني، كانت بلاد مابين النهرين مدمرة، ليس من جراء القتال وحسب بل من فيضانات دجلة والفرات، ومن انتشار الطاعون، ومن التتابع السريع للحكام الساسانيين الذي اوجد حالة من الفوضى. واخيرا في 632 فرض آخر الملوك يزدجرد الثالث النظام والاستقرار، ولكن في السنة التالية بدأ التوسع العربي الاسلامي وانتهت الامبراطورية الساسانية بعد بضع سنوات من ذلك. جعل الساسانيون على عكس البارثيين امراءهم كحكام للمالك الصغيرة التي احتلوها، ماعدا تلك الواقعة على الحدود، حيث قبلوا الاقطاعيين أوالحلفاء كون وجودهم في المناطق الحدودية غير امين. ان تعيين الساسانيين امراءا على اجزاء مختلفة من الامبراطورية منحهم سيطرة اكبر من تلك التي فرضها البارثيون . كانت التقسيمات الاقليمية اكثر اسلوبية وكان هناك تسلسلا هرميا من اربعة وحدات – الولاية ( شهر في اواسط بلاد فارس)، والتي تليها الاقليم (اوستان)، ثم المقاطعة ( تسوك) واخيرا القرية ( ده). ولقد تبدلت هذه التقسيمات باستمرار في بلاد مابين النهرين، خلال التاريخ الساساني بسبب الغزوات الرومانية. استبدل العديد من جباة الضرائب المحليين بغيرهم من الفرس،الذي كانوا موضع ثقة اكبر من قبل الحكام. اضافة للعديد من التعريفات والمكوس وغيرها فان الضريبتين الاساسيتين كانتا ضريبة الارض وضريبة الرؤوس من البالغين. لم يكن النبلاء والعساكر وموظفوا الدولة وكهنة الديانة الزرادشتية يدفعون ضريبة الرؤوس تلك. اما ضريبة الارض فكانت نسبة مئوية من الحصاد، تقرر قبل جمع المحصول، والذي كان من الطبيعي يسبب العديد من المشاكل. قام خسرو الاول بعمليات مسح جديدة للاراضي وفرض مبلغا مقدرا سابقا على اساس مقدار الارض المزروعة وعدد اشجار النخيل واشجار الزيتون وعدد الاشخاص العاملين في الارض. كانت الضرائب تجبى ثلاث مرات في السنة. كانت ممارسات سوء الاستخدام موجودة لكن هذا النظام افضل من السابق؛ على الاقل، اذا ماحل موسم جفاف او اية حالة جوية فان الضرائب يمكن ان تخفظ او تحول. وعلى الرغم من ان المعلومات متناقضة، فيظهر ان المجتمعات الدينية ، غير الزرادشتية كانت تفرض عليهم ضرائب اضافية بين حين وآخر. كان هذا واضحا على المجتمع المسيحي الذي بدأ ينمو وخاصة في عهد شابور الثاني، بعد ان اصبح الدين المسيحي الدين الرسمي للامبراطورية الرومانية. اصبحت المجتمعات الدينية جامدة ثابتة تحت الحكم الساساني، فبلاد مابين النهرين باعدادها الكبيرة من سكانها من المسيحيين واليهود قد شهدت تغيرات بسبب التحول في الولاء الاساسي من الحاكم الى رئيس الطائفة الدينية. كان تشريد اليهود ودفعهم الضرائب مخرجا قانونيا في الامبراطورية الساسانية. ولد ماني، مؤسس الديانة المانوية في جنوب بلاد مابين النهرين وانتشرت دينه بسرعة الى الشرق والغرب حتى قبل وفاته. واضطهدت هذه الديانه في موطنها بلاد مابين النهرين من قبل رجال الدين الزرادشتين والذين كانوا ينظرون الى الديانة المانية كبدعة خطرة. اما المسيحية فلم يكن ينظر لها كبدعة بل كدين منفصل محتمل الى ان اصبح الدين الرسمي للامبراطورية الرومانية العدوة؛ عندها اعتبر المسيحيون كخونة محتملين للدولة الساسانية. اول نمو واسع للمسيحية في بلاد مابين النهرين جاء مع ترحيلهم واعادة توطينهم وخاصة من انطاكية مع بطرياركيتها خلال حروب شابور الاول مع الرومان. خلال المجمع الكنسي المنعقد في 325 جعل مطران ابريشية المدائن اعظم من ابريشيات الامبراطورية الساسانية كلها، وكان اول بطريارك او كاثوليكوس قد سمي بالبابا. في 344 بدا اول اضطهاد للمسيحين واستمر بدرجات متفاوتة لغاية 422 حين انهت الاتفاقية مع الحكومة اعمال الاضطهاد. احدث ذكر للمسيحيين في بلاد مابين النهرين هي مخطوطات كارتر رئيس كهنة الزرادشت بعد حكم شابور الاول. فقد ذكر كلا من المسيحين والنصارى وقد يكونوا طائفتين من المسيحيين، الناطقين بالاغريقية والناطقين بالسريانية، او لربما طائفتين مختلفتين من المسيحيين. لايعرف اي من الطوائف هي المعنية ولكن يعرف ان اتباع قادة المسيحية الروحانية الباردياسانين والماركونيين كانوا نشطين في بلاد مابين النهرين. ومن ثم وبع انفصال الكنيسة النسطورية عن القائلين بوحدة طبيعة المسيح ومركزها انطاكية، سيطرت الكنيسة النسطورية على بلاد مابين النهرين حتى نهاية الحكم الساساني حين زاد اعداد الكنيسة القائلة بوحدة طبيعة المسيح. وبعد حوالي 485 اقتنعت الحكومة الساسانية بان الكنيسة النسطورية في بلادهم ليسوا مخلصين للبيزنطيين وان الدولة لا تدعوا الى مزيد من الاضطهاد بل ان الاضطهاد كان يمارس من قبل رجال الدين الزرادشتي. وفي نهاية العهد الساساني كان النسطوريون يحاربون المنادين بوحدة طبيعة المسيح، والذين اصبحوا يعرفون باليعقوبيين، بدلا من محاربة الزرادشتين. اسس اليعقوبيون العديد من الاديرة وخاصة في شمالي بلاد مابين النهرين حيث لم يكونوا متحمسين تجاه الرهبنة. اصبح الانتساب العرقي تحت الحكم الساساني اقل اهمية من الارتباط الديني، وبهذا تغير البناء الاجتماعي لبلاد مابين النهرين. واستمر العرب بالتزايد سواء البدو او الحضر واصبحت اللغة العربية هي السائدة. اعتنق الملك العربي النعمان الثالث ملك الحيرة في جنوب بلاد مابين النهرين المسيحية في عام 580 ولكنه في عام 602 كان قد عزل من قبل خسرو الثاني الذي جعل من مملكة النعمان مقاطعة تابعة لامبراطوريته. ان هذا العمل ألب العرب ورفع الحواجز بين القبائل العربية في الصحراء وبعد ان توحد عرب الجزيرة تحت راية الاسلام فان مستقبل الامبراطورية الساسانية قد حسم. لقد رحب بالمسلمين في بلاد مابين النهرين كمحررين من الحكم الفارسي الاجنبي، ولكن التحول الى الدين الاسلامي لم يجر بسرعة بسبب مسامحة الدين الاسلامي وتعايشه مع بقية اهل الكتاب. لقد غير الاسلام تاريخ بلاد مابين النهرين اكثر من اي حدث آخر في التاريخ.
الفتوحات العربية ( 637 م ) يبدو ان اول نزاع بين القبائل البدوية العربية المحلية والقوات الساسانية كان في 634 حين هزم العرب في معركة الجسر. كانت قوة المسلمين 5000 تحت قيادة ابو عبيدة الثقفي حين هزموا من قبل الفرس. في عام 637 كانت قوة اكبر تحت قيادة سعد بن ابي وقاص قد دحرت القسم الاعظم من جيش الفرس في معركة القادسية وتقدمت للسيطرة على المدائن واخذ غنائمها. بعد نهاية السنة التالية (638 )، سيطر المسلمون على معظم ارجاء العراق، وفر آخر ملوك الفرس الساسانيين " يزدجرد الثالث" الى ايران حيث قتل في عام 651 . لقد تبع الفتح الاسلامي هجرة عربية من شرق الجزيرة العربية وعمان. ولم ينتشر القادمون الجدد ويقطنون في كل انحاء البلاد؛ بل اسسوا مدينتين كحاميتين عسكرستين في الكوفة، قرب بابل القديمة، وفي البصرة في الجنوب. كانت الغاية ابقاء االمقاتلين المسلمين مع عوائلهم والدعوة للاسلام وجبي الجزية من دون المسلمين من السكان الذين لم يدخلوا الاسلام بعد. في شمال البلاد ، بدات الموصل تبرز كاهم مدينة وقاعدة للحاكم المسلم ومعسكرات الجند. ماعدا النخبة من الفرس وكهنة الزرادشتية، والذين تم الاستيلاء على ممتلكاتهم، فان معظم السكان سمح لهم بالابقاء على ممتلكاتهم واديانهم. اصبح اعراق الان ولاية من ولايات الخلافة الاسلامية، والتي امتدت من شمال افريقيا وبعد ذلك من اسبانيا غربا الى بلاد السند ( الان جنوب الباكستان) شرقا. كانت المدينة في البدء هي عاصمة الخلافة، ولكن، بعد اغتيال الخليفة الثالث "عثمان بن عفان" في 656 ، جعل خليفته، ابن عم الرسول وزوج ابنته علي بن ابي طالب ، العراق قاعدته. في عام 661، اغتيل علي في الكوفة، وانتقلت الخلافة الى العائلة الاموية في سوريا. واصبح العراق ولاية تابعة، بالرغم من كونها اغنى منطقة في العالم الاسلامي وبلد اكبر عدد من المسلمين نفوسا. افرز هذا الموقف شعور مستمر بعدم الرضا من حكم الامويين واتخذ هذا اشكالا عديدة. في عام 680 وصل الحسين بن علي الى العراق قادما من المدينة، على امل ان يناصره اهل الكوفة . لقد ذبح هو وكل اتباعه في كربلاء بعد ان خذله اهل الكوفة، ولكن ذكراه بقيت مستمرة كمصدر الهام لكل من يناوئ الامويين. وفي القرون التالية، اصبحت كربلاء ومرقد علي في مدينة النجف القريبة مركزين مهمين لحج اصحاب المذهب الشيعي ولا زالت موضع تبجيل لحد اليوم. كانت للعراقيين فرصتهم بعد وفاة يزيد الاول في 683 عندما واجه الامويون مخاطر من عدة جهات. في الكوفة اخذ المختار بن ابي عبيد المبادرة مسنودا بالموالي، وهم من المسلمين غير العرب الذين دخلو الاسلام لشعورهم بان الاسلام ينصفهم. قتل المختار في 687، وقرر الامويون بان المطلوب حكما اقسى. عين الخليفة عبدالملك بن مروان (685 – 705 م) الرهيب الحجاج بن يوسف الثقفي حاكما على العراق وكل الشرق. واصبح الحجاج اسطورة كحاكم قاس عادل. لقد انهضت اجراءاته الصارمة المعارضة من قبل النخبة العربية، وكانت في 701 ثورة عارمة قادها محمد بن الاشعث. ولقد دحر العصيان فقط بمساعدة الجنود الامويين . اصبح العراق بعدئذ ولاية محتلة، وبنى الحجاج مدينة جديدة هي واسط، تقع في منتصف المسافة بين الكوفة والبصرة لتصبح قاعدة دائمة لمعسكرات الجيش الاموي. وبطريقة اكثر ايجابية فقد شجع العراقيين على الالتحاق بالحملات التي قادها القائد قتيبة بن مسلم الباهلي بين 705 و 715 والتي نشر الاسلام من خلالها فيما يعرف اليوم باسيا الوسطى. وحتى بعد موت الحجاج في 714 م بقي حكم الامويين قويا على العراق وزاد الامتعاض وانتشر.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 11:06 am | |
|
الخلافة العباسية واخيرا ظهر معارضون للامويين في 747 في شمال شرق ايران (خراسان) حيث رفع المولى ابو مسلم الخراساني الرايات السود باسم العباسيين، وهم فرع من عائلة الرسول ( ينتسبون لعمه العباس)، ويتصلون بعلى وذريته. وفي 749 بلغ الجيش القادم من الشرق العراق، حيث لقي مساندة معظم الشعب. العباسيون ذاتهم جاؤوا من منفاهم في الحميمة في جنوب الاردن (الحالية)، وفي 749 نصب اول خليفة عباسي ابو العباس السفاح في مسجد الكوفة. ان هذه الثورة العباسية قادت الى العهد الذهبي في القرون الوسطى في العراق. كانت خراسان على اطراف العالم الاسلامي ولا تصلح لتكون عاصمة للخلافة، ومنذ البداية، جعل خلفاء العباسيين العراق قاعدة لهم. كان الاسلام في هذا الوقت قد انتشر بعيدا عن محمياته ومدنه الاصلية، بالرغم من ان المسلمين كانوا اقلية السكان. حكم العباسيون في البدء من الكوفة او قربها، ولكن في عام 762 وجد المنصور عاصمة جديدة على اثرموقع قرية بغداد القديمة. كانت تعرف رسميا بمدينة السلام، ولكن كاسم متداول بقي الاسم القديم. واصبحت بغداد اكبر من اية مدينة في اوربا او غرب اسيا. بنى المنصور مدينة مدورة هائلة باربعة ابواب وكان قصره والمسجد في المركز. كانت هذه المدينة المدورة حصرا لدوائر الدولة، وبعيد انشائها فقد انتشرت الاسواق في ضاحية الكرخ الى الجنوب. وتوسعت ضواحي اخرى، وتطورت من قبل الرجال المقربين: الحربية الى الشمال الشرقي، حيث استقر الجيش الخراساني وعبر دجلة على الضفة الشرقية بني قصر جديد للمهدي ابن الخليفة. اثبت اختيار موقع بغداد بانه عمل عبقري. فلها مخارج على كل من نهري دجلة والفرلت ونظامهما وكانت قريبة من الطريق العام الى جبال زاغروس الى الهضبة الايرانية. كان يمكن جلب الحنطة والشعير من الجزيرة والتمور والرز من البصرة والجنوب بواسطة الطرق المائية. في حلول عام 800 كان سكان المدينة يربو عن 500.000 نسمة وكانت مركزا تجاريا مهما اضافة الى كونها تضم مقر الحكومة. وقد توسعت المدينة على حساب مراكز اخرى، وبهذا تردت احوال كل من العاصمة الساسنية القديمة " المدائن" والمركز الاسلامي "الكوفة". ان اقصى حالة رفاه بلغتها بغداد ربما في عهد هارون الرشيد ( 786 – 809 )، حيث كان العراق مركز الامبراطورية، وكانت الخيرات تاتي الى العاصمة من كل بقاع العالم الاسلامي. الا ان الخير والاستقرار في القسم الجنوبي من البلاد كان يتاثر باندلاع اعمال الشغب في الجزيرة، وخاصة تمرد البدو بقيادة وليد بن طارف، الذي حارب جيش الدولة بين 794 و 797. وحتى اقوى الحكومات وجدت انه من الصعوبة بمكان فرض سيادتها على ابعد من الاراضي المأهولة. وبعد وفاة هارون الرشيد في عام 809 كانت هناك حالة خطيرة من عدم الاستقرار. اورث ابنه الامين الخلافة في بغداد ولكنه قسم الخلافة واعطى ابنه المأمون السيطرة على ايران والجزء الشرقي من الامبراطورية . وسرعان ما انفرطت هذه الترتيبات واندلعت حروب اهلية طويلة ومدمرة. قام اتباع الامين بمحاولة فاشلة لغزو ايران في ربيع 811 ولكنهم دحروا في منطقة الري ( شهر الري، جنوب طهران الحديثة). وقام اتباع المأمون برد فعل معاكس وذلك باحتلال العراق، ومن آب 812 ولغاية ايلول 813 فرضوا حصارا على بغداد، في حين كان باقي العراق قد انحدر الى حالة من الفوضى. ان انهيار المقاومة البغدادية وموت الامين لم يحسن الوضعن لان المامون الذي آلت الخلافة اليه قرر ان يدير الحكم من مرو في اقاصي خراسان (ماري الحديثة في تركمانستان). ان الاقلال من شان العراق وحد العديد من المجموعات لخوض مقاومة طويلة ومريرة لحكم المأمون وقادت الى حصار آخر لبغداد. اضطر المأمون اخيرا الى الاعتراف بانه لا يمكنه القيادة من بعد وفي آب 819 عاد الى بغداد. وعادت بغداد مرة اخرى لتكون مركز الخلافة، ولكن النزاعات الطويلة تركت آثارها المدمرة على المدينة ولحق دمار كبير في الضواحي. قد يكون هذا بداية الانهيار في رخاء المنطقة؛ لقد اشر هذا الانهيار من القرن التاسع فصاعدا. ارسل المأمون قادة لاستعادة كل من مصر ويلاد الشام الى الحكم العباسي والبدء بترميم مراكز الدولة، حيث دمر الكثير من سجلات الدولة خلال المعارك. لقد كان العراق ابان حكمه من بغداد ( 819 – 833 ) مركزا لفعاليت ثقافية مميزة، وخاصة ترجمة علوم وفلسفة الاغريق الى العربية. ولقد جمع الخليفة نفسه نصوصا، وشغل مترجمين مثل الشهير حنين ابن اسحق، واسس اكاديمية في بغداد، بيت الحكمة مع مكتبة ومرصد. ولقد اتبع نهجه مجموعات خاصة مثل اخوان بني موسى. كان لهذه الفعاليات اثرا ليس فقط على الحياة الثقافية الاسلامية بل حتى على الحياة الثقافية لغرب اوربا، حيث ان الكثير من العلوم والفلسفة والتي كانت تدرس في الجامعات في القرون الوسطى كان مصدرها من تلك المصادر العربية، التي ترجمت الى اللاتينية في اسبانيا في القرن الثاني عشر. لم يكن الوضع السياسي بنفس اللون الوردي. فلم يكن المأمون قادرا على تجنيد قوة كافية من الجنود لتبديل القوة العباسية القديمة التي دمرت خلال الحرب الاهلية، فاصبح يعتمد اكثر فاكثر على اخيه الاصغر، ابي اسحق الذي استطاع من جمع قوة صغيرة لكنها كفوءة من المرتزقة الاتراك، معضمهم من العبيد او العبيد العتقاء من اواسط اسيا. عندما مات المأمون في 833 استطاع ابو اسحق الملقب بالمعتصم من تولي الخلافة من بعده بصعوبة. لم يكن المعتصم مثقفا بل جنديا محاربا واداريا. فقد اتسم حكمه ببدء التحالفات، وخاصة مع الطبقة العسكرية من الاتراك والذين سيطروا على الحياة السياسية في البلد لقرون قادمة. لم يتولى العراقيون العرب مناصب عسكرية بالرغم من استمرار نفوذهم في الادارة المدنية. ان تجنيد هذه الطبقة الجديدة من الجند اغاض البغداديين الذين شعروا بانهم قد ابعدوا عن السلطة. دفع هذا الامتعاض المعتصم من ايجاد عاصمة جديدة في سامراء، اكبر مؤسسة حضرية في العراق لغاية القرن العشرين. اختار موقعا على دجلة حوالي 100 ميل الى الشمال من بغداد. هنا بنى مدينة بقصور ومساجد، وشوارع عريضة ومستقيمة، وبيوت مبنية بنظام موحد. ان آثار المدينة، والتي وسعها الخليفه المتوكل الذي اعقبه ( 847 – 861 )، يمكن مشاهدتها على الارض ومن المدهش ان الصور الجوية تظهر جميع مخطط المدينة. اصبحت سامراء مدينة واسعة ولكنها تفتقر الى الخصائص الطبيعية التي تتمتع بها بغداد: فان المواصلات النهرية، والقناة التي تربط الفرات وجنوب العراق كانت اكثر صعوبة، وبالرغم من الاستثمار الهائل فان تجهيز الماء كان دائما غير كاف. احتفظت سامراء بمكانتها فقط عندما كانت عاصمة الخلافة، من 836 ولغاية 892 . وعندما عاد الخلفاء الى بغداد، لم تبد اهمية حضرية مستقلة لذا فقد تقلصت بسرعة الى مدينة من مدن الاطراف، لهذا يمكن مشاهدة آثارها في الوقت الذي اندرست فيه الاثار العباسية البغدادية القديمة. كان النظام الجديد ولقرابة 30 عاما يعمل بصورة حسنة، وكان العراق ولاخر مرة مركزا لامبراطورية كبيرة. لقد انعشت الضرائب التي كانت تجبى سامراء، واستمرت بغداد بالانتعاش تحت حكم عائلة الطاهري . وبقيت البصرة مركزا تجاريا عظيما على الخليج. ان تجنيد الاتراك الذين لا تربطهم اية روابط بالمجتمع المحلي شجع على عدم الاستقرار السياسي. في عام 861 اغتيل الخليفة المتوكل في قصره في سامراء من قبل قطعات ساخطة، وبدات بعدها تسع سنوات من الفوضى السياسية والتي قام خلالها الجنود الاتراك بخلع الخليفة عمليا متى شاؤوا. وفي عام 865 امتدت الحرب الاهلية بين سامراء وبغداد، مما نتج عنه حصار مدمر آخر لبغداد. ان الفوضى السياسية انحسرت وعاد الاستقرار في 870 مع مجئ الخليفة المعتمد الى سامراء كحاكم شرفي فقط في حين كان اخوه الموفق العسكري الفعال يمارس السلطة الحقيقية من بغداد، ولكن الفوضى السياسية قد ادت ماعليها من خراب مستديم للعراق. معظم ولايات الامبراطورية، سواء على الارض الايرانية شرقا او بلاد الشام ومصر غربا كانت قد انفرطت واعلنت استقلالها. اسوأ واكبر تمرد اندلع في جنوب العراق ذاته. في السنوات الاولى من العهد الاسلامي حيث كان العراق يرفل بالخير، تم جلب الكثير من عبيد شرق افريقيا استخدموا في اعمال زراعية قاسية في مناطق الاهوار في جنوب العراق. بداوا ثورتهم في 869 بقيادة عربي يدعي انه من سلالة علي. كان لهذه الثورة تاثير كبير على الحكومة العباسية: فقد ادت الى ضياع اراض زراعية شاسعة، والاستيلاء على الميناء التجاري العظيم البصرة وتدميره في 871، قام الثوار بتدمير وحرق المساجد والبيوت وذبح الاهالي بوحشية دونما تفريق. وبالرغم من ان البصرة اعيد احتلالها، فمن المستبعد انها عادت الى حالتها الاصلية، وانحسرت التجارة الى مدن ابعد الى الجنوب مثل سيراف ( طاهري الحالية) جنوب ايران. ان سحق هذه الثورة تضمن عمليات برمائية في الاهوار طويلة وشاقة، قادها الموفق وابنه ابو العباس ( الذي اصبح فيما بعد الخليفة المعتضد) من 879 ولغاية الاستيلاء على آخر معقل للثوار في المختارة في 833.
ان حكم المعتضد ( 892 – 902 ) وابنه المكتفي (902 – 908 ) اظهر وحدة العراق تحت السيطرة العباسية. وعادت بغداد مرة اخرى عاصمة، بالرغم من ان الخليفة كان قد اخلى العديد من غرب مدينة المنصور المدورة واصبح مركز الحكومة في الضفة الشرقية واستمر مركزا للمدينة الى يومنا هذا. كانت فترة فعاليت ثقافية عظيمة وكانت بغداد موطنا للعديد من المفكرين، بضمنهم المؤرخ العظيم الطبري، صاحب العمل الكبير الذي ارخ للدولة الاسلامية؛ وعلى كل فبغداد لم تعد عاصمة الامبراطورية العظيمة. خلال حكم الخليفة الصبي المقتدر ( 908 – 932 ) تدهور الوضع السياسي بسرعة. ان ضعف الخليفة سمح لظهور مكائد وفتن لا نهاية لها ضمن احزاب الوزراء وتطور الى ان قام الجيش بتولي الامور. وفقدت الحكومة في بغداد السيطرة على ثروات واراضي العراق. وكانت الكارثة الاخيرة في 935 عندما اجبر الخليفة الراعي لتسليم كل سلطاته الى قائد مغمور هو ابن رائق. ان كارثة الخليفة العباسي صحبها كارثة انهيار اقتصادي. انه من المحتمل ان دورة الانحطاط القاسية بدات مع الحرب الاهلية بعد وفاة هارون الرشيد في 809 ، ولم يكن هناك شك بانها قد تفاقمت من جراء طلبات الجنود الاتراك للدفع. لقد قام الاداريون باستمرار باتباع وسائل نفعية قصيرة الامد مثل ضريبة الزراعة والتي شجعت على الابتزاز والاضطهاد، وجعل العسكر اقطاعيين. الاقطاع، نظريا هو منح الحق في جمع واستخدام فوائد الضرائب؛ والتي لا يمكن توريثها او بيعها. الغاية من الاقطاع هو ان يجني الجنود انفسهم مايستطيعون مباشرة من الارض المخصصة لهم. ان هذين الحلين امنا مردودا من استغلال الارض لفترة قصيرة بدلا من استثمارها لفترة طويلة. ماعدا في الشمال، فمعظم الزراعة العراقية كانت تعتمد على الاستثمار في مجمعات الري والنظم المالية الجديدة التي جلبت الكوارث. في 935 نفس السنة التي سلمت فيها الري السلطة الى القائد العسكري ابن رائق، تم شق اعظم عمل اروائي قديم في وسط العراق، وهو قناة النهروان لمنع تقدم الجيوش الزاحفة. ان الضرر الذي حصل لا يمكن اصلاحه، مساحات كبيرة لم يجر زرعها، واخليت قرى كثيرة. ان تدمير القناة كان رمزا لنهاية الحضارة الاروائية التي جلبت الخير الوفير الى بلاد مابين النهرين القديمة وهذا ما ارسى ركائز الساسانيين والحكومات الاسلامية الاولى.
ثورة الزنج ( 869_- 883 م) (869 – 883 م) ، ثورة العبيد السود ضد امبراطورية الخلافة العباسية. جلب عدد من اصحاب الاراضي (الملاك) البصريون عدة آلاف من زنوج شرق افريقيا الى جنوب العراق لتجفيف الأهوار المالحة شرق البصرة. اخضع االملاك الزنوج، والذين لا ينطقون العربية، الى اعمال شاقة واعطوهم القليل مايسدون به رمقهم. في ايلول 869 قام علي ابن محمد، فارسي يدعي النسب الى الخليفة الرابع علي بن ابي طالب وفاطمة الزهراء بنت النبي محمد (ص) قام هذا بتاليب وتحريض عدد من هؤلاء العبيد -- طوائف العمل-- والذين بلغ عددهم مابين 500 الى 5000 رجل – وذلك بان اشار الى الجور وعدم المساواة في وضعهم الاجتماعي ووعدهم بالحرية والغنى. لقي عرض علي هذا استحسانا وجذبهم اكثر حين اعتنق فكر الخوارج. واعلن بان من حق اي كان حتى العبد الاسود ان يكون خليفة وانه سيشن حربا مقدسة على كل من لا يعتنق مذهب الخوارج. تعاضمت قوة الزنج في الحجم والقوة وانظم اليهم العبيد المدربين الفارين من جيوش الخليفة، اضافة الى بعض الالفلاحين المتضررين. وفي تشرين اول 869 هزموا قوة بصرية، وسرعان ما اتخذوا المختارة عاصمة لهم، بنيت في منطقة ملحية جافة تحيطها القنوات المائية. تمكن الثوار من السيطرة على جنوب العراق باستيلائهم على الابيلا ( في حزيران (870 )، وكانت ميناءا على الخليج، وقطعوا خطوط المواصلات الى البصرة، ومن ثم احتلوا الاهواز في جنوب ايران. وهنا سلم جيش الخلافة الى القائد الموفق، اخو الخليفة الجديد المعتمد ( حكم 870 – 892 ) ولم يكن بمقدوره التعامل مع الثوار. واحتل الزنج البصرة في ايلول 871، واعقبوا ذلك بدحر الموفق ذاته في نيسان 872 بين 872 و 879 وحينما كان الموفق مشغولا في شرق ايران بتوسعات الصفاريين، وهم سلالة ايرانية مستقلة، استطاع الزنج من اخضاع واسط ( 878 ) واسسوا لهم موطئا في خوزستان، في ايران. في 879 نظم الموفق هجوما واسعا ضد العبيد الزنج. وخلال سنة استطاع الاستيلاء على مدينة زنجية اخرى هي المنية. وطرد الثوار من خوزستان وفي ربيع 881 حاصر الموفق المختارة من الضفة الاخرى لدجلة. وبعد سنتين وفي آب 883 وبدعم من المصريين تمكن الموفق اخيرا من سحق الثوار واحتل المدينة وعاد الى بغداد برأس علي.
فترة البويهيين (945 – 1055 م) بعد عشر سنوات من الفوضى، حين كان ابن رائق وامثاله يتصارعون من اجل السلطة، كانت قد حصلت هناك فترة استقرار في عام 945 حينما احتلت بغداد من قبل زعيم البويهيين معز الدولة. كان البويهيون قادة شعب الديلم من مناطق جنوب شرق بحر قزوين. لقد استغل اقوام الجبل هؤلاء الفوضى السائدة لاحتلال غرب ايران في عام 934 وتحركوا الان نحو العراق. اسس معز الدولة مقره في بغداد، ولكن هذا النظام لم يحكم العراق بكامله. وفي العاصمة ذاتها كان هناك توتر دائم بين الديلم والاتراك الذي كانوا تقليديا يشكلون القوة الرئيسة. وعندما اعلن البويهيون التصاقهم بالشيعة، صار التوتر ياخذ طابع العنف بينهم وبين انصار السنة وهم الاغلبية. بدات بغداد بالتفكك الى عدد من المجتمعات الصغيرة، بين شيعة وسنة وكل بنى جدارا ليحميه من جيرانه. ولقد دمرت مناطق واسعة بضمنها اجزاء من مدينة المنصور المدورة. وازدادت المشاكل بفقدان السيطرة على الجزيرة في شمال العراق، والتي كانت تجهز بغداد بالحبوب. ولقد كان عدد سكان بغداد كبيرا بحيث لا يمكن اطعامهم من غلة ارض بغداد و عندما اندلع الصراع السياسي فان عجز تجهيز الحبوب من الجزيرة اضاف الى بؤس الشعب بؤسا آخر. قام البويهيون وفي مجال واحد بالابقاء على الطابع القديم بدلا من التغيير الكامل، فقد سمحوا لخلفاء العباسيين من البقاء حبيسي اماكنهم وقصورهم في بغداد. اما من نسي منهم اين تقبع السلطة الحقيقية فقد كان يذكر بقسوة. منذ بداية القرن العاشر كان العراق مقسما سياسيا، ونادرا ماسيطر البويهيون الذين كانوا في بغداد على كل المنطقة كما كان اسلافهم من العباسيين. اما الاراضي المحيطة بالبصرة فغالبا ما كانت بيد الامراء البويهيين المنافسين، وكان الشمال يسير باتجاه اخر. تدهور الاقتصاد وان آثار مشاريع الري المندرسة والتي كانت تنعش وسط وجنوب العراق لم يكن لها تاثير على الجزيرة، حيث الزراعة هناك كانت تعتمد على الامطار؛ ولم تكن المنطقة اساسا بغنى الجنوب ولكنها اقل منها تاثرا بالاضطرابات السياسية. كانت الموصل ومنذ الفتح الاسلامي اكثر مدن الجزيرة اهمية، واصبحت الان مركزا اقليميا مهما. كانت المنطقة تحت سيطرة الحمدانيين. اساسا هم اسياد تغلب العشائر البدوية التي تسكن الجزيرة، وانظم قسم منهم الى جيش الدولة العباسية. وفي عام 935 بويع قائدهم ناصر الدولة حاكما على الموصل مقابل ماتبرع به من مال وارزاق وحبوب الى بغداد وسامراء، بالرغم من انه لم يدفع المال او احبوب على اساس منتظم. قوى الحمدانيون موقعهم بتجنيد جنود اتراك في جيشهم وتاسيس علاقات جيدة مع القبائل الكردية في جبال الشمال. تولى في عام 967 الحكم ابو تغلب ابن الحاكم ناصر الدولة، ولكن في عام 977 احتل عظيم البويهيين عود الدولة الموصل وطرد الحمدانيين خارجها. لم يوحد هذا النصر العراق لفترة طويلة؛ فبعد وفاة عود الدولة في 983 انفلت شمال العراق من يد خلفه الضعيف. وتزايدت قوة شيوخ بني عقيل في الشمال وهم من القبائل البدوية الكبيرة في منطقة الجزيرة. وفي بدايات القرن الحادي عشر سيطر قرواش قائد العقيليين على الموصل والجزيرة. وعلى نقيض البويهيين والحمدانيين، فقد عاش شيوخ العقيليين في مخيمات في الصحراء بدلا من المدن، واعتمدوا على رجال قبائلهم بدلا من الاتراك او جنود الديلم. وفي 1010 امتدت سلطة قرواش جنوبا الى الكوفة، مع ان بغداد ذاتها لم تصبح تحت سيطرة البدو، وحاول تدبير حلف مع الخليفة الفاطمي في مصر. منذ ذلك الوقت بدات سلطته بالهبوط، وفي بدايات ال1040 وجد بنو عقيل انسهم مهددين من قبل عدو جديد، هم الاغوز وهم قبائل تركية زحفت من ايران. وفي 1044 احتلوا شمال غرب الموصل، واقتتل الاتراك والعرب البدو في معركة فاصلة، حيث انهزم الاتراك شر هزيمة. وبالرغم من ان القليل قد اورده المؤرخون، فمن المحتمل ان هذه المعركة اثبتت ان سكان السهول من شمال العراق بقوا ينطقون العربية، عكس سكان الجبال في الاناضول في الشمال الذين يتكلمون التركية. وفي الجنوب ايضا اصبح البدو ذوو سلطة واسعة. على حدود الصحراء في منطقة الكوفة يوجد بني مزيد، شيوخ قبيلة بني اسد، الذين اسسوا دولة صغيرة وصلت اوجها في عهد الحكم الطويل لدبيس ( 1018 – 1081 ). خلال هذا الوقت كان معسكرهم الاساس ( الحلة) اصبحت مدينة مهمة و اصبح اسم الحلة بدل المدينة الاسلامية القديمة الكوفة كاكبر مركز حضري في المنطقة. بقيت بغداد والمناطق المحيطة بها من اسفل دجلة وحتى الخليج تحت حكم البويهيين. في عام 978 تم احتلال بغداد من قبل البويهي عود الدولة(حاكم فارس) (جنوب غرب ايران). وفي السنوات الخمسة التي سبقت وفاته في 983 حاول مرارا لاعادة بناء الادارة، للسيطرة على البدو ولتوحيد الموصل مع باقي اجزاء العراق الجنوبية. اضافة الى كونه نموذجا للتعلم فقد عمل جاهدا لاعادة اعمار انظمة الري المخربة. كان تصميمه هذا فريدا، فللاسف بعد وفاتهقسمت البلاد التي كان يحكمها. لقي حكام البويهيين التالين صعوبة في فرض حكمهم حتى على بغداد والاراضي المحيطة بها مباشرة. ولقد ضاعف الفقر مشاكلهم؛ فلقد اضطر جلال الدولة ( حكم من 1025 الى 1044 ) الى اخلاء سبيل خدمه واطلاق خيوله لانه لم يستطع اطعامهم. مثلت بغداد صورة الدمار في عهده. لقد قام اللصوص وقطاع الطرق بالعيش من خلال الاختطاف والابتزاز واصبح الخلاف بين الشيعة والسنة عنيفا جدا. فالشيعة ، وان كانوا اقل عددا الا انهم كانوا يلقون تشجيعا من الامراء البويهيين الذين كانوا يبغون دعمهم. هذا مادفع بالسنة للتطلع الى الخلفاء العباسيين لقيادتهم. الخليفة القادر (991 – 1031 ) اعلن قيادة السنة واصدر بيانا، سمي بالرسالة القادرية (1029 ) والتي تتضمن الخطوط الاساسية لمذاهب السنة. ولم يسعى الى اي سلطة سياسية. بالرغم من اختلال النظام والفوضى السياسية الا ان بغداد بقيت مركزا ثقافيا. ان عدم وجود سلطة سياسية حازمة كان يعني ان حوارا حرا وتبادل الاراء كان افضل مما لو كان هناك نظام حازم متسلط. انتهى عهد فوضوي لكنه غزير بالانتاج الثقافي من تاريخ العراق في كانون اول 1055 حين دخل قائد السلاجقة الاتراك توغرل بيك مدينة بغداد بقواته واسس بسرعة حكومة على معظم اراضي العراق. ولقد شهد العراق تغيرات كثيرة منذ القرن السابع. لقد اختفى الكثير من مظاهر الاختلاف العرقي والديني والطائفي في آخر ايام الساسانيين في العراق. ماعدا العسكر الاتراك والاكراد في المناطق الجبلية فمعظم سكان العراق الان يتكلمون العربية. وكان لايزال هناك مجتمعات مسيحية، وخاصة في المناطق الشمالية حوالي تكريت والموصل، ولكن اغلبية السكان الان هم من المسلمين. وضمن المجتمع المسلم كان هناك تفرقة مهمة بين السنة والشيعة. وفقد العراق ايضا موقعه كاغنى منطقة في الشرق الاوسط. لا تتيسر ارقام ولكن يمكن افتراض ان عدد السكان قل بشكل كبير، ومن الواضح ان العديد من السكان ممن استطاع الهرب من اوضاع الفوضى قد هاجر الى مصر. لقد فقد العراق موقعه الامبراطوري الى الابد.
السلاجقة ( 1055 – 1152 ) لقد دخل القائد السلجوقي السني توغرل بيك بغداد في كانون اول 1055 وقد اسر المالك الرحمن ( 1048 – 55 ) امير البويه واودعه السجن . ومن دون ان يلتقي الخليفة العباسي فقد واصل حملته ضد العقيلين في الموصل واحتل المدينة في 1057 ونصب الحاكم العقيلي واليا نيابة عن السلاجقة. وفي عودته الى بغداد في 1058 استقبل الخليفة القائم (1031 – 75 ) القائد توغرل والذي اسبغ عليه لقب "ملك الشرق والغرب." في 27 كانون اول 1058 وحين كان توغرل مشغولا في مكان آخر قام العبد البويهي القائد ارلان الظفر البصاصيري والقائد العقيلي قريش بن بدران ( 1052 – 61 ) باحتلال بغداد واعترفوا بالمستنصر الخليفة الفاطمي الشيعي على مصر وسوريا وارسلوا اليه شارة السلطة كتذكار. قام البصاصيري باحتلال القائم وبمساعدة مزياديد دوبيس الاول ( 1018 – 81 ) بسط نفوذه بسرعة على واسط والبصرة. سحب كل من الفاطميين والمازياديين اسنادهم وقتل البصاصيري من قبل قوات السلاجقة في 1060 . توغرل اعاد تنصيب القائم كخليفة الذي منحه من بعد ذلك شرفا اضافيا بمنحه لقب سلطان، ولقد عثر على مسكوكات نقدية بالاسمين الخليفة والسلطان. حاول السلاجقة من تخليص العراق من نفوذ ابويهين. وذلك بابدال كل الامراء البويهيين بسلاطين سلاجقة في الوقت الذي لم يفرق ذلك كثيرا، للخليفة العباسي الذي بقي في ايدي العساكر الاقوياء. وبالرغم من ان بغداد بقيت مركز الخليفة، الا ان السلاطين السلاجقة اسسوا عاصمتهم في اصفهان فيالمناطق الفارسية من العراق. ان العلاقة التي كانت سائدة بين الخليفة والسلطان وضحها المؤرخ العظيم الغزالي ( المتوفى في 1111 ) كما يلي: " ان الحكومة في هذه الايام هي منطقيا ماتمليه السلطة العسكرية فحسب، فمن يمتلك السلطة العسكرية هو من يعطي ولاءه لشخص الخليفة. ومن يمارس سلطة مستقلة فما دام يبدي ولاءا للخليفة في مجال امتيازاته (السيادية)، نفس الشي هو السلطان الذي تطبق اوامره واحكامه في العديد من اجزاء الارض." هذه وغيرها من العقائد السياسية الدينية كانت قد عممت على نطاق عالمي من خلال انتشار اسلوب المعاهد الثقافية ( المدارس)، فلكونها مرتبطة بالوزير السلجوقي القوي نظام الملك ( المتوفي في 1092 ) وهو ايراني من خراسان. والمؤسسات التعليمية هذه كانت تسمى النظامية على شرفه. واشهرها النظامية في بغداد التي اسست في 1067 . لقد جاهد نظام الملك من اجل خلق سلطة سياسية مركزية قوية، وركز على السلطان ونموذج السياسة الساسانية التي سبقت الاسلام في ايران وعلى بعض الحكام المسلمين الاوائل. تحت حكم من خلف ترغل وخاصة الب ارسلان و مالك شاه، فان ماسمي بالامبراطورية السلجوقية العظيمة قد طبقت درجة معينة من المركزية وقام السلاطين والامراء باحتلال شرق ووسط الاناضول باسم الاسلام وطردوا الفطميين من سورية. في النصف الثاني من القرن الحادي عشر والنصف الاول من القرن الثاني عشر قام السلاجقة الاتراك بالتدريج بتاسيس حكم مباشر على كل اللاجزاء العربية من العراق. وتم اخيرا ازاحة العقيليين من شمال العراق من قبل تاج الدولة توتوش (1077 – 1095 ) وهو من الفرع السوري للعائلة السلجوقية. واصبح شمال العراق الان تحت حكم امراء السلاجقة وحكامهم، الذين غالبا ماكانت اصولهم من العبيد. احد هؤلاء الحكام هو عماد الدين زنكي، فبانهيار سلطة سادته السلاجقة اوجد سلالة مستقلة هم الزنكيين. فرع من هذه السلالة حكمت الموصل من 1127 ولغاية 1222 . كانت الموصل ابان الغزو المغولي بيد قائد من العبيد هو بدر الدين لولو ( 1222 –59 ). كان المازيديون في جنوب العراق قادرين على توسيع نفوذهم في اوائل 1100 استولوا على مدينة هيت وواسط والبصرة وتكريت. وفي 1108 كان ملكهم صدقه قد اندحر وقتل من قبل السلطان السلجوقي محمد طبار ( 1105 –8 ) ولم تسترجع هذه السلالة اهميتها السابقة. ولقد طرد المازياديين اخيرا من قبل السلاجقة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، واحتلت عاصمتهم الحلة من قبل قوات الخليفة الفترة العباسية الاخيرة (1152 – 1258 ) بموت محمد طبار اصبحت دولة السلاجقة العظيمة متقسمة بين اخي محمد سنجار ومقره في مرو في خراسان وبين ابنه محمود الثاني (1118 –31 )، والمتمركز في همدان الايرانية من العراق. حاول السلاطين السلاجقة العراقيين هؤلاء ادامة السيطرة على الخليفة العباسي في بغداد ولكن لم تتكلل محاولاتهم تلك بالنجاح، وفي عام 1135 قاد الخليفة العباسي المسترشد بنفسه جيشا ضد السلطان مسعود وكان قد دحر ثم اغتيل فيما بعد. عين السلطان مسعود االخليفة المقتفي (1136 – 60 ) ليخلف اخاه المسترشد. بعد وفاة المسعود تمكن المقتفي من تاسيس دولة الخلافة ومقرها في بغداد بعد احتلاله كل من الحلة والكوفة وواسط وتكريت. ان اهم شخصية في احياء سلطة الخلافة المستقلة في العراق العربي والمناطق المحيطة به -- بعد اكثر من 200 سنه من سيطرة الحكم العسكري اللاديني، من قبل البويهيين اولا ثم اعقبهم السلاجقة – هو الخليفة الناصر (1180 – 1225 ). حاول لما يقرب النصف قرن من لم شعث العالم الاسلامي تحت شعار " عالمية الخلافة العباسية، ليس سياسيا فحسب، ولكن معنويا ايضا وذلك بالتركيز على اهمية دعم اهداف الخلافة بمحاولة المصالحة بين اصحاب المذاهب السنة والشيعة. اضافة الى انه حاول ايضا الحصول على تاييد جماعات تطوعية مثل الحركة الدينية الرسية لاخوان الصفا وتنظيم الفتوة. وبدا ايضا بسابقة خطرة في التحالف مع القوى في خراسان واسيا الوسطى ضد خصوم الخلافة في المناطق الفارسية من العراق. استطاع من خلال هذه السياسة ان يخلص نفسه من اخر سلاطين السلاجقة في العراق، تغرل الثالث ( 1176 – 94 )،الذي قتل في خوارزم شاه " علاء الدين تكيش" ( 1172 – 1200 )، حاكم الولاية الواقعة الاراضي السفلى من اموداريا ( نهر اكسوس القديم) في اسيا الوسطى. عندما اصر تكيش بعد بضع سنين على اعتراف رسمي اكبر من قبل الخلافة رفض الناصر واندلع قتال حاسم بين الاثنين. واستمر الصراع الى ان وصل الى ابن تكيش، خوارزم شاه علاء الدين محمد ( 1200 – 20 )، الذي طلب ان يتنازل الخليفة عن السلطة الوقتية التي بناها العباسيون بعد اندحار السلاجقة. وعندما فشلت المفاوضات اعلن محمد خلع الناصر واعلن ان مناطق ايران الشرقية ضد الخليفة وزحف الى بغداد. في 1217 استطاع محمد من الاستيلاء على معظم غرب ايران ولكن قبل دخوله الى عاصمة الناصر هلك الجزء الاعظم من جيشه يعواصف ثلجية في جبال زاغروس. منحت هذه الحادثة الناصر وخلفه وقتا قليلا من الهدوء بالرغم من الخطر القادم من الشرق
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 11:09 am | |
|
العراق تحت حكم المغول
المغول الثانية (1258 – 1335 ) عند وفاة الناصر في 1225 كان المغول تحت قيادة جنكيز خان ( المتوفى في 227 ) قد دمروا ولاية خوارزم شاه واحتلوا معظم اقسام ايران الشمالية. تمكن جيش الخليفة العباسي المستنصر ( 1226 – 42 ) حفيد الناصر من دحر الهجوم المغولي على اراضي العراق العربية. وتحت حكم ابنه المستعصم ( 1242 – 58 ) حاصر المغول بغداد في 1245 دون تحقيق نجاح . وان الفيضانات الفظيعة التي حدثت في الاعوام 1243 ، 1253 ، 1255 و 1256 خلخلت دفاعات المدينة، وخيرات المنطقة وثقة المواطنين. في عام 1258 طوقت بغداد بقوة مغولية كبيرة يقودها هولاكو غير المسلم، حفيد جنكيزخان، الذي كان قد ارسل من منغوليا خصوصا لكي يتعامل مع العباسيين. وسقطت المدينة في 10 شباط 1258 واعدم المستعصم بعد ذلك بقليل. بالرغم من ان سلاطين المماليك في سوريا ومصر كانوا قد عينوا خليفة صوريا او "ظلا "في القاهرة، وبعد الاحتلال العثماني لمصر في 1517 استخدم السلاطين العثمانيون لقب الخليفة لحين انتهاء الخلافة العثمانية من قبل مصطفى كمال (اتاتورك) في 1924 ، وان موت المستعصم – آخر الخلفاء المعترف بهم عالميا – قد اشرانتهاء اعظم مؤسسة اسلامية دينية سياسية . لقد دمر معظم مدينة بغداد فعليا ويقال ان 800,000 نسمة من سكانها قد ابيدوا. خفض ت منزلة المدينة اداريا الى مركز ولاية. اما بقية المدن في المنطقة العربية من العراق مثل الحلة والكوفة والبصرة فقد رضخت الى شروط الفاتح وابقيت على حالتها. اما الموصل في شمال العراق فقد اصبحت عاصمة ولاية دياربكر وديار ربيعة. كانت هاتان الولايتان تابعتين مثل المناطق العربية في العراق الى سياسة دولة الخان الثانية المغولية، والتي كان مقرها في اذربيجان . ( وبدورها دولة الخان الثانية كانت تابعة الى دولة الخان العظيم في الصين.) بالرغم من ان بغداد قد تكون قد احتفظت بعض هالة المجد الرمزي للمسلمين، الا ان مدنا مثل تبريز في اذربيجان قد خلفتها بسرعة كمركز تجاري رئيس وقاعدة سياسية في المنطقة. اخذ حكم المغول في بغداد والموصل عموما طابع الحكم المشترك الذي يشمل الاداريين المدنين من المسلمين والمسيحين واليهود يسندهم آمر معسكر المغول. على الرغم من انه كانت هناك بوادر في عهد جوفياني العائلة المسلمة من خراسان (1258 – 85) على نهوض بغداد من الدمار الذي عانت منه على ايادي المغول، وبصورة عامة فان العراق مر بفترة من الانهيار السياسي والاقتصادي الذي استمر لغاية القرن السادس عشر. وبعد ذلك وبالرغم من تحول محمود غازان من الخان الثانية(1295 – 1304 ) الى الاسلام والاصلاحات المركزية التي قام بها وزيره راشد الدين ( المتوفى في 1318 ) فاستنادا الى احد المصادر، فان واردات الدولة او الديوان في المنطقة العربية من العراق هبطت من اكثر من 30 مليون دينار قبل العهد المغولي الى 3 ملايين في 1335 – 40 .
الجلايريون ( 1336 – 1432 ) لقد تسلمت السلطة القبيلة المغولية التي ساندت الخان الثانية هوليغو واخيرا اعطوا ورثة سلالة خان الثنية كحكام للعراق واذربيجان. قامت سلالة الجلايرين باتخاذ بغداد عاصمة لهم ( 1336 – 1432 ). كان حسن بوزرك مؤسس السلالة حاكما لبلاد الاناضول ( رم) تحت ابو سعيد من الخان الثانية ( والذي حكم 1317 – 35 ) . بعد موت ابي سعيد، سعى حسن بوزورك للسيطرة الحقيقية على الامبراطورية مع منافسه الامير الجوباني حسن كوجوك ( وكوجوك معناها الصغير لتميزه عن حسن بوزورك "العظيم")؛ ولقد وضعوا خانات للمنافسة. وبعيد ذلك انفرطت الامبراطورية الى ولايات محلية في الاناضول وايران واذربيجان وجورجيا و أرمينيا. في هذه الاثناء كان حسن بوزورك قد اسس خطه في بغداد، والذي بدأ منه عمليات اثارة القلاقل ضد الجوبانيين. واخيرا قام ابنه الشيخ عويس ( 1356 –74 ) بفرض السيطرة على اذربيجان من صولدوز الجوباني في 1360 ، وبذا خلق قاعدة له في المنطقة العربية من العراق وفي اذربيجان. ووسع نفوذ الجلاليرين باحتلال اذربيجان (1360) ووضع عاصمة المظفرين فارس تحت سيادته (1361 – 64 ). اضافة الى مآثره ومآثر غيره العسكرية، فقد رعى التجارة وبرز اسمه في رعاية الشعر والرسم واخط. ونفذ بعض المشاريع العمرانية في بغداد. ولقد تم تطويق واكتناف السلالة من قبل المهاجرين القادمين من الغرب وغزو العديد من القبائل التركية والمغولية. اما خانات الخوردة الذهبية، ورثة باتو فشلوا في الاستيلاء على اذربيجان في 1356 – 59 . قام الجلا ئريون الاواخر باستنفاذ طاقاتهم في مغامرات اجنبية وصراعات داخلية غير مثمرة. خلال حكم سلطان احمد الجلائري (1382 – 1410)، تيمور ( تيمور بارلاس او تيمورلينك) غاز جديد من اسيا الوسطى، اخذ بغداد وتكريت في 1393 . واجبر السلطان احمد على مغادرة بغداد وطلب حماية المماليك في مصر لغاية موت تيمورلنك في 1405 . وبالرغم من ان السلطان احمد استطاع من اعادة احتلال عاصمته لفترة قصيرة، قام تيمور بمحاصرة بغداد واحتلالها في 1401 ، تاركا اياها خرابا لم تصح منه لغاية العهد الحديث. ان الادارة التيمورية في المنطقة العربية من العراق، اولا تحت حكم تيمور وبعدئذ تحت حكم حفيده ابو بكر كانت متقطعة وقصيرة العمر: لقد سيطروا على المنطقة خلال السنوات 1393 – 94 ، 1401 – 1402 و 1403 – 05 . بعد وفاة تيمور، استعاد السلطان احمد جلاير السيطرة على بغداد لمدة من الزمن، ولكن كان قد قتل في 1410 في صراع مع حليفه السابق، قره يوسف ( 1389 – 1420 )، رئيس دولة الخروف الاسود ( قره قوينلو) ان الاتحاد القبلي التركماني من شرق الاناضول الذين اكتسحوا التيموريين من اذربيجان. اما ما تبقى من الجلائريين فقد دفعوا جنوبا الى الحلة وواسط والبصرة. واخيرا ابيدوا من قبل دولة الخروف الاسود في 1432 .
العراق تحت حكم القبائل التركمانية
دولة الخروف الاسود (1375 – 1468 )
دولة الخروف الابيض ( 1468 – 1508 )
دولة الخروف الاسود (1375 – 1468 ) قره قوينلو ( الخروف الاسود) هي اتحاد قبائلي تركماني حكم اذربيجان والعراق من حوالي 1475 الى 1468 . كان القرة قوينلو من خدم واتباع الجلائريين في بغداد وتبريز منذ حوالي 1375 ، حين كان رئيس قبيلتهم قره محمد طرموش ( 1375 – 90 ) حكم الموصل. امن الاتحاد استقلاليته باحتلال تبريز ( والتي اصبحت عاصمتهم) من قبل قره يوسف ( حكم 1390 –1400 ؛ 1406 –20 ). بعد ان دحرته جيوش تيمور في 1400، طلب قره يوسف اللجوء عند مماليك مصر ولكن في 1406 استطاع ان يستعيد تبريز. وامن بعد ذلك موقع قره قوينلو تجاه المخاطر القادمة من آق قوينلو ( الخروف الابيض)، اتحاد تركماني منافس في منطقة ديار بكر ( العراق الحديث)، ومن الجورجيين وشاهات الشرفان في قفقاسيا و ورثة التيموريين في ايران. ان احتلال بغداد في 1410 وتاسيس خط دولة قره قوينلو الفرعية هناك سرع من سقوط الجلائرين انفسهم. بالرغم من صراع السلالات للتصدر في السنوات التي اعقبت وفاة قره يوسف (1420) واستمرارية ضغط التيموريين، الا ان دولة الخروف الاسود تمكنت من ادامة قبضتها القوية على ممتلكاتها. قام جيهان شاه ( حكم 1438 – 67 ) باقامة سلام وقتي مع شاه روخ من التيموريين، والذي كان قد ساعده في استعادة عرش دولة الخروف الاسود؛ ولكن بعد وفاة شاه روخ في 1447 ضم جيهان شاه أجزاءا من العراق والساحا الشرقي لجزيرة العرب اضافة الى غرب ايران التيمورية. كان حكم جيهان شاه مضطربا باستمرار، من قبل ابنه الثائر الذي فسخ في 1464 شبه الحكم الذاتي الذي اقامه حكام بغداد من دولة الخروف الاسود . وفي محاولة لاخذ ديار بكر من دولة الخروف الابيض في عام 1466 انتهت باندحار ووفاة جيهان شاه، وخلال سنتين استسلمت دولة الخروف الاسود الى قوات دولة الخروف الابيض المتفوقة.
دولة الخروف الابيض ( 1468 – 1508 ) آق قوينلو (الخروف الابيض) اتحاد قبائلي تركماني حكم شمال العراق، واذربيجان وشرق الاناضول من 1378 الى 1508 م. كانت دولة الخروف الابيض موجودة في شرق الاناضول منذ 1340 حسب المؤرخين البيزنطيين، وان معضم قادة دولة الخروف الابيض وبضمنهم مؤسس الدولة قره عصمان ( حكم 1378 – 1435 )، تزوج من اميرة بيزنطية. وفي 1402 منح قره عصمان كل ديار بكر وشمال العراق من قبل الحاكم التركي تيمور. ان الحضور القوي لدولة الخروف الاسود، الاتحاد التركماني المنافس في غرب ايران واذربيجان حاولوا مؤقتا استبيان امكانية اي توسع ولكن حكم أوزون حسن ( 1452 –78 ) جلب لدولة الخروف الابيض شهرة وبروز جديدين. ففي اندحار جيهان شاه قائد الخروف الاسود في 1467 و اندحار ابو سعيد التيموري في 1468، استطاع أوزون حسن من اخذ بغداد والخليج الفارسي وايران الى خراسان شرقا. كان الترك العثمانيون، ( 1466 –68 ) يتحركون بنفس الوقت شرقا في الاناضول مهددين نفوذ دولة الخروف ابيض مجبرين أوزون حسن على عقد حلف مع القرامدة في وسط الاناضول. في 1464 اتجهت دولة الخروف الابيض الى الفنيقيين اعداء العثمانيين في محاولة لدرء الهجوم التركي المحتم. بالرغم من الوعود بمساعدات عسكرية، فلم يقدم السلاح الفينيقي، ودحر اوزون حسن من قبل العثمانيين في تركان ( حاليا ماما خاتون) في 1473 . يعقوب ( حكم من 1478 – 90 ) ركز السلالة مدة اطول ولكن بعد وفاته كانت دولة الخروف الابيض قد مزقت اوصالها بالنزاعات الداخلية ولم تعد مصدر خطر على جيرانها الاكثر قوة. كان الصفويون في ايران وكانوا قد اعتنقوا المذهب الجعفري (الشيعي) كانوا يقللون من ولاء دولة الخروف الابيض والذين كانت المذاهب السنية سائدة لديهم. التقت القوتان في معركة قرب ناخي جيفان في 1501 – 02 ، والوند من دولة الخروف الابيض كان قد انهزم من قبل اسماعيل الاول. وخلال انسحابه من امام الجيش الصفوي، قام الوند بدوره بتدمير دولة الخروف الابيض للحكم الذاتي في ماردين وديار بكر في (1503). اما مراد، آخر حكام دولة الخروف الابيض والذي كان يتنافس مع اخوته الوند و محمد على الحكم منذ 1497 ، وقد هزمه ايضا اسماعيل (1503 ). ركز مراد نفسه في بغداد لفترة قصيرة ( لغاية 1508 )؛ ولكن مع تراجعه الى ديار بكر، انتهت هذه السلالة. حكم الصفويين الفرس بالعراق
العراق تحت حكم الصفويين الفرس الصفويون ( 1508 – 34 ) في 21 تشرين اول 1508 ، دخل اسماعيل شاه الاول مؤسس الدولة الصفوية في ايران الى مدينة بغداد على رأس جنوده التركمان (قزلباش)، وقد ازاح حاكم بورناق، موليا شؤون المدينة الى رئيس اركانه اتجه اسماعيل جنوبا الى المشعشعه. حيث انه في عهد التركمان، كانت القبائل تتحرك من المركز الى الاطراف مسيطرين بذلك على المنطقة سياسيا. في شمال العراق، اصبحت اجزاء من ديار بكر – بضمنها الموصل والمناطق الكردية شرق دجلة – تحت السيطرة العثمانية بعد ان اندحر الصفويون بقيادة اسماعيل من قبل السلطان سليم الاول في جالديران في عام 1514 . اما المنطقة العربية من العراق فقد بقي بايدي الصفويين، وان رؤساء الماوسيلو وسابقا كانت اتحاد الخروف الابيض والان في خدمة الصفويين، صعدوا الى السلطة في بغداد بين، 1514 و 1529 . احدهم كان ذوالفقار، او "ناخود سلطان"، وفي الحقيقة اعلن استقلاله عن الصفويين. استعاد الشاب الشاه طهماسب الاول، وهو ابن اسماعيل، بغداد في 1529 واعطاها الى محمد سلطان خان تقالو. في 1533 قام السلطان العثماني سليمان الاول ابن سليم (والمعروف بسليمان العظيم)، باعداد حملة ضد "العراقين". في 18 تشرين الثاني 1534 احتل بغداد من الحاكم الصفوي محمد سلطان خان. ثم تكاملت المدينة ضمن الامبراطورية العثمانية، ماعدا فترة قصيرة حيث اعاد الصفويون احتلالها من 1623 الى 1638. وجنوب العراق قد انضم الى الامبراطورية في منتصف القرن السادس عشر. ونتيجة للاحتلال العثماني، زحف العراق جغرافيا الى الغرب العراق تحت حكم الامبراطورية العثمانية
العراق العثماني ( 1532 – 1918 )
فتح العراق في القرن السادس عشر
الحكم المطلق المحلي في القرن السابع عشر
القرن الثامن عشر حكم المماليك
سقوط المماليك ونشوء الاطماع البريطانية
ولاية مدحت باشا ( 1869 – 1872 )
الاصلاحات العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر
نهاية الحكم العثماني
العراق العثماني ( 1532 – 1918 ) عندما انفرطت الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى ورسمت حدود القرن العشرين للعراق، فقد كانت تلك الحدود لا تمت بصلة لحدود ولايات العراق العثماني. ولم يكن اسم العراق مرتبطاباي من تلك الولايات. فالعراق العثماني كان بشكل عام هو المنطقة العربية من العراق في العهد السابق، ولكن دون حدود واضحة. فجبال زاغروس التي كانت تفصل بين العراق العربي عن العراق الفارسي، تمتد الان لتشكل الحدود الايرانية العثمانية، ولكن تلك الحدود زحفت حسب مصائرالحروب. اما في الجنوب والغرب فقد تلاشت حدود العراق في رمال الصحراء مع كل من سوريا والصحراء العربية. لم يكن ضم العراق العربي ضمن الامبراطورية العثمانية قد فصله عن العراق الفارسي فحسب ولكنه قربه من الاراضي العثمانية في سوريا وبلاد الاناضول، مع تامين روابط خاصة تربط ولاية ديار بكر الى ولايات العراق. ولاغراض ادارية، قسم العراق العثماني الى ثلاثة ولايات مركزية هي الموصل، وبغداد والبصرة، مع ولاية شهرزور الكائنة شرق دجلة والولاية الجنوبية الحسا على الساحل الغربي للخليج الفارسي. ان هذه المقاطعات عكست بصورة عامة فقط التقسيمات الجغرافية، واللغوية والدينية التي قسم بموجبها العراق العثماني. معظم سكان الموصل وشهرزور في الشمال والشمال الشرقي كانوا من الاكراد او من قوميات اخرى غير عربية. كانت المراعي او الحقول المزروعة تستفيد من كميات الامطار الغزيرة وذوبان ثلوج الشتاء من منطقة الجبال الشاسعة. ولقد شكل نهرا دجلة والفرات الجاريان وسط السهل الجنوبي حزاما غير منتظم من اراض مروية تحدها الصحراء ويتداخل معها الاهوار حول راس الخليج. اغلبية سكان السهل والصحراء والاهوار هم من الناطقين بالعربية، القليل من الناطقين بالتركية يتواجدون خارج بغداد وكركوك وبعض المدن الاخرى. لقد اخذت قرون من الصراعات السياسية والغزوات والحروب وعدم الاستقرار مأخذها من الشعب العراقي، وخاصة في المراكز الحضرية. ان تدمير واهمال نظم الري قد حدد الزراعة المستقرة على مناطق محددة، اكثر تلك المناطق تركيزا هي مابين النهرين شمال بغداد وحول البصرة في الجنوب. حوالي نصف السكان من العرب والكرد كانوا من البدو الرحل او شبه البدو. كانت التنظيمات الاجتماعية والولاءات الشخصية خارج المدن هي قبلية اساسا، حيث ان الكثير من الفلاحين المستقريين قد استعادوا روابطهم القبلية. وبغداد الواقعة قرب المركز الجغرافي، تعكس ذاتيا الانقسام بين الشيعة جنوبا والسنة شمالا. عكس الاناضول او سوريا، فان المجتمعات غير المسلمة في العراق كانت متواضعة الحجم، ولكن كان هناك عنصر يهودي فعال ماليا وتجاريا في بغداد، والمسيحيون السريان كانوا دائمي الوجود في الموصل. ان هذه المنطقة قد تم استيعابها تدريجيا من قبل السلاطين العثمانيين سليم الاول وسليمان الاول في القرن السادس عشر، كانت هذه المنطقة الواقعة على حدود الامبراطورية الشرقية ساحة معركة في الصراعات المتكررة بين العثمانين السنة وحكام ايران الشيعة وكانت ايضا منطقة اضطرابات قبلية بين العرب والاكراد. كما لم تكن ابدا متكاملة كليا ضمن الامبراطورية او تدار مباشرة من قبل العثمانيين كما هي الحال في النصف الغربي من الهلال الخصيب. على كل حال فلو اخذنا الدمار والتجزئة التي حلت بالمنطقة في القرون السابقة فان التوسع السريع للنفوذ السياسي والاقتصادي العثماني ليشمل العراق كانت له فوائد محددة. تحت مراقبة حكومة سليمان الاول تم الاعتراف بالادارة المحلية، وتوسعت التجارة، وتحسنت الظروف المعيشية والاقتصادية، وشهدت بعض المدن وخاصة بغداد بعض التوسع وظهورابنية جديدة. حاول العثمانيون في البداية حكم الولايات العراقية مباشرة، ولكن في القرنين السابع عشر والثامن عشر اضطرت حكومة اسطنبول الضعيفة لمنح حكم ذاتي مركزي للولاة، وخرجت بعض المناطق عن السيطرة العثمانية لفترات طويلة. ان هذا النهج كان قد انعكس في القرن التاسع عشر حيث الادارة المركزية واعادة التنظيم، التي قامت بها الدولة العثمانية كجزء من اصلاح شامل وبرنامج تحديث كان قد شمل العراق. ان اعادة تأكيد الحكم المباشر من قبل حكومة السلطان لم يوقف التغلغل البريطاني المتزايد والاطماع الاوربية الاخرى في العراق.
فتح العراق في القرن السادس عشر والنظام المفروض من قبل سليمان الاول ان فتح العراق وسوريا ومصر والحجاز في القرن السادس عشر كان قد وضع اكثر المدن الاسلامية قدسية، واهم طرق الحج ومراكز الخلافة القديمة تحت الحكم العثماني، مما دعم الدولة وجعلها تعلن امتلاكها القيادة العليا على العالم الاسلامي. لقد مثل الحكم العثماني في العراق انتصارا للسنة. بالرغم من استمرار امتلاك الشيعة في جنوب العراق الشئ الكثير من النفوذ المحلي والاعتبار، حتى انهم كانوا يميلون الى شيعة ايران ويستاؤن من الارتباط بالادارة العثمانية السنية المهيمنة. ان السيطرة على طرق التجارة التي تمر من خلال البحر الاحمر والى اعالي نهري دجلة والفرات الى الاناضول وسوريا والبحر المتوسط كان عنصرا مهما في جهود السلطان لتامين التجارة بين الشرق والغرب ان تستمر بالتدفق ضمن اراضيه بالرغم من الطريق البحري الجديد الذي فتح حديثا حول افريقيا. ولكن ربما ماهواكثر اهمية ان العراق كان يمثل منطقة امتصاص للصدمة، ودرعا يحمي الامبراطورية العثمانية، الاناضول وسوريا ضد الانتهاكات الايرانية او القبائل العربية والكردية المتحاربة. ان فرض سليمان للحكم المباشر على العراق شملت بعض الوسائل العثمانية التقليدية مثل تعيين الحكام والقضاة وتركيز الانكشارية في مراكز المقاطعات، والامر بإجراء المسوحات التفصيلية للاملاك والاراضي. اما الاراضي المملوكة للجيش، فقد كانت قليلة ماعدا في بعض المناطق في الشمال. وعلى الرغم من ان باشا بغداد كان قد منح مرتبة متفوقة كحاكم لاكثر المدن اهمية في العراق العثماني ( كما كان حاكم دمشق في سوريا)، وهذا لم يساعد اطلاقا على وحدة الولايات الخمسة.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 11:11 am | |
|
الحكم المطلق المحلي في القرن السابع عشر ان ضعف السلطة المركزية للحكومة العثمانية في القرن السابع عشر شجع على ظهور الحكم المطلق المحلي في الولايات العراقية كما في مناطق اخرى من الامبراطورية. قامت دولة قبلية في الحسا حيث حكم بنو خالد كحكام من نهاية القرن السادس عشر الى 1663 ؛ و في 1612 قام افراسياب وهو عسكري من اصل غير معروف بشراء حاكمية البصرة حيث بقت تحت حكم عائلته لغاية 1668 . بموافقة وحتى مساعدة هؤلاء الحكام ، استطاع التجار الانجليز والهولنديين والبرتغاليين والذين كانوا نشطين في التجارة في البحر الاحمر من الحصول على موطئ قدم في البصرة. قام بكر صو باشي وهو ضابط وقائد زمرة من الانكشاريين في بغداد بالثورة في بداية القرن السابع عشر وتفاوض مع الشاه الصفوي عباس الاول من اجل تقوية مركزه. وفي الصراع من اجل السلطة، استطاع العثمانيون من استعادة السيطرة على الموصل وشهرزور، ولكن وسط العراق بضمنها بغداد فقد كانت تحت الاحتلال الصفوي من 1623 الى ان طرد السلطان مراد الايرانيين مرة اخرى في 1638 . في حين ادى احتلال الصفويين لبغداد تدمير بعض جوامع السنة ومبان اخرى وقتل واستعباد بضعة الاف من البشر، معظمهم من السنة، فقد الكثير من سكان بقية المدن من الشيعة حياتهم بعودة العثمانيين الى بغداد. ان معاهدة قصر شيرين ( وتسمى ايضا معاهدة زوهاب) لسنة 1639 انهت حربا استمرت ل 150 عاما بين العثمانيين والصفوين وحددت حدودا بين الامبراطوريتين بقيت عمليا دونما تغيير الى العهد الحديث. لقد حفظت السيادة العثمانية في بغداد ولكن كان الاستقرار قلقا في وسط العراق دائما من اضطرابات قطعات بعض المعسكرات ومن مشاكل القبائل العربية والكردية فيما بينها. وكذلك الحال في الجنوب، فبالرغم من ان الحكم الذاتي كان قد انتهى في دولة افراسياب في 1668 ، الا ان السلطة العثمانية سرعان ما هددت من قبل قبائل صحراء المنتفك واهوار الاهواز القوية. ولقد استغل الايرانيون حالة الاضطراب هذه للتسلل الى جنوب العراق. ولم يتمكن السلاطين من ارسال قطعات الى العراق لاستعادة البصرة الا بعد ما انهزمت الدولة العثمانية في حرب اوربا وابرام معاهدة كارلوفتز في 1699 . ان التطورات التي حصلت في العراق في اواسط ونهاية القرن السابع عشر عكست حالة عدم الاستقرار في اسطنبول. ان الحكم الفعال والمؤثر لمراد الرابع تبعه عديم الكفاءة السلطان ابراهيم الاول ( 1640 – 48 ) والذي كان يعرف ب "دلَي ابراهيم" اي "ابراهيم المجنون"، والذي مالبث ان استبعد وشنق وخلفه ابنه ذو السنوات الستة محمد الرابع ( 1648 – 87 ). كان للازمات الدائمة في العاصمة تاثيرها الذي ادى الى عدم الاستقرار في كل مكان من الامبراطورية، وعدم تطبيق اصلاحات مراد الرابع وجلب الفوضى السياسية والاقتصادية.
القرن الثامن عشر حكم المماليك شهدت بدايات القرن الثامن عشر تغيرات مهمة في كل من اسطنبول وبغداد. وتميز حكم السلطان احمد الثالث باستقرار سياسي نسبي في العاصمة ومن خلال اصلاحات مكثفة – بعضها يحمل طابعا اوربيا—طبقت خلال فترة " الزنبق" ( لاله ديفري، 1718 – 30 ) قام بها الوزير الاعظم ابراهيم باشا. وكان الوالي العثماني في بغداد حسن باشا ( 1704 – 24 )، وهو من اصل جورجي والمرسل من اسطنبول، وابنه احمد باشا ( 1724 – 47 ) قد اسس حرسا ملكيا من المماليك الجورجيين ( العبيد) والذين من خلالهم مارسوا السلطة واداروا المقاطعة. كان المماليك او بالتركية "كوليمن" ومعضمهم من العبيد المسيحيين من اصل قفقاسي والذين اعتنقوا الاسلام فيما بعد، كانوا قد تدربوا في مدارس خاصة، ومن ثم حولوا الى الجيش وواجبات ادارية. لقد حصن حسن باشا نفسه تجاه الحكومة العثمانية وذلك بفرض السيطرة على القبائل العنيدة وتحويل الاموال باستمرار الى خزينة اسطنبول، ولعب احمد باشا دورا دقيقا في الدفاع عن العراق ضد تهديد ايراني آخر. لقد وسع هؤلاء الباشوات سلطتهم لتمتد الى ابعد من ولاية بغداد لتشمل ماردين واورفا والكثير من شهرزور الكردية، وبذا سيطروا على طرق التجارة الشمالية وامنوا مصادر اضافية للموارد المالية. وسيطروا ايضا على البصرة وطرق التجارة المؤدية الى الخليج ، والجزيرة العربية والهند. واستعادت الموصل مكانتها كولاية مستقلة من 1726 لغاية 1834 حيث كان يحكمها افراد عائلة الجليلي القوية. في الوقت الذي كانت لعائلة الجليلي بعلاقتها المتميزة مع السلطان صفة اقطاعية، وكانوا يساهمون باستمرار بالحملات العثمانية خارج حدود مقاطعتهم، لم يكن لباشوات بغداد هذه الميزة. بقيت القوة العسكرية في العراق تحت امرتهم، يحرسون ضد الاضطرابات القبلية والتهديدات القادمة من ايران. شهد انهيار القوة الصفوية في 1722 استيلاء الافغانيين على السلطة في ايران اولا ومن ثم نادر شاه ( 1736 – 47) مما ادى الى عودة الاعمال العدائية في العراق العثماني. ففي 1733 قبل وقبل حصوله على لقب شاه، قام نادر باجتياح بغداد. ثم فشل في احتلال الموصل في 1742 وتوصل الى معاهدة في 1746 والتي اقرت معاهدة قصر شيرين. ان المساعدات التي وفرها باشوات بغداد والموصل في مواجهة التهديد الايراني زاد من قيمتهما في عين حكومة السلطان مما حسن من وضعهما في ولايتيهما. عند وفاة احمد باشا في 1747 بعيد وفاة نادر شاه قام مماليكه بتاسيس جحفل قوي من النخبة يضم حوالي 2000 رجل. بعد فشل الدولة العثمانية من منع هؤلاء المماليك من السيطرة على السلطة ، اضطروا بعدئذ قبول حكمهم. ففي 1750 قام سليمان ابو ليلى صهر احمد باشا وحاكم البصرة حاليا دخل بغداد وتم الاعتراف به اول باشا من المماليك في العراق. يعتبر التاريخ السياس العراقي للنصف الثاني من القرن الثامن عشر هة تاريخ الحكم الذاتي للمماليك الجورجيين. فلقد جاء هذا النظام بعد قمع لثورات، والسيطرة على السلطة من قبل الانكشارية واستتباب الوضع وحلول مستوى معين من الرفاه في المنطقة. اضافة الى انهم قاوموا تهديد قبائل المنتفك في الجنوب وجعلوا من البصرة مدينة مستقلة عن بغداد. ولقد اتخذوا من الافراسياب في القرن الماضي نموذجا لهم، وتوجهوا للتجارة مع اوربا وذلك بالسماح لشركة الهند الشرقية بتاسيس وكالة لها في البصرة في 1763 . ان فشلهم في خلق نظام وراثي في الحكم وتشكيل عدة وحدات من حرس المماليك المتنافسة فيما بينها ادى الى الانشقاق الحزبي وعدم الاستقرار، الذي كان من مصلحة حاكم ايران الجديد. قام كريم خان زاده بانهاء حالة الفوضى التي سادت بعد اغتيال نادرشاه وحكم من 1765 معضم اراضي ايران من شيراز. وكما كان حكم المماليك في العراق فقد كان يهتم بالعوائد الاقتصادية من تنمية التجارة الاوربية في منطقة الخليج. احتل اخوه صادق خان البصرة في 1776 بعد ان اخمد مقاومة عنيدة يقودها حاكمها من المماليك سليمان آغا، وبق فيها حتى وفاة اخيه كريم خان في 1779 . عاد سليمان بعد ذلك من شيراز حيث كان اسيرا، وفي 1780 اعطي الحكم على ولاية بغداد والبصرة وشهرزور من قبل السطان عبدالحميد الاول والمعروف ب "بيوك" او "سليمان باشا العظيم"، تعتبر فترة حكمه(1780 – 1802 ) بانها أوج حكم المماليك في العراق. لقد استقدم اعدادا كبيرة من المماليك لتقوية حرسه الخاص، وقطع النزاعات بين قوات الحرس المتنافسة، وانهى الانكشارية كقوة مستقلة محلية، ونمى التجارة والزراعة. وكانت محاولاته للسيطرة على القبائل البدوية العربية اقل نجاحا، اضافة الى ان غزوات الوهابيين من الجزيرة العربية على الحسا فى حافة الصحراء والتي تفاقمت لتطول الاضرحة الشيعية في كربلاء في 1801 قد اضافت في الصعوبات التي يواجهها.
سقوط المماليك ونشوء الاطماع البريطانية لقد تفاقم النفوذ البريطاني في العراق في 1798 حين سمح سليمان باشا سمح بتعيين ممثل بريطاني دائم في بغداد. ان تزايد التغلغل الأوربي هذا واحياء الحكم العثماني المباشر متزامنا مع الاصلاحات العسكرية والادارية وغيرها هي من ميزات القرن التاسع عشر البارزة في تاريخ العراق. ان اخر حاكم مملوك في العراق داوود باشا (1816 – 31 ) اتجه بصورة متزايدة نحو اوربا من اجل السلاح والخبراء لتدريب قواته العسكرية وعمل جاهدا من اجل تحسين المواصلات وترويج التجارة ففي هذا المجال فقد شابه نظيره في مصر محمد علي باشا. في الوقت الذي اقترب فيه محمد علي باشا اكثر الى فرنسا كانت بريطانيا تقوي باستمرار موقعها في الخليج والعراق. ان سقوط داوود باشا يعزى جزئيا الى الى تصميم السلطان مراد الثاني ( 1808 – 39) لتقليص حكم المقاطعات والابقاء على السلطة المركزية لحكومته في كل انحاء الدولة. ان مما ادى الى ازالة داود باشا كان معارضوه في العراق من المماليك ، اضافة الى الفيضانات التي دمرت بغداد في 1831 والطاعون الذي اصاب سكانها في نفس السنة. كان المماليك راغبين دائما بمقاسمة السلطة الى حد ما مع مجموعات من الاشراف المحليين – شيوخ العشائر في الريف وجماعات تسكن المدن ممن لهم علاقات مع المعسكرات والبيروقراطين والتجار او نخبة رجال الدين. ولا تشمل فئة رجال الدين العلماء فحسب بل رؤوس المتصوفين والعوائل الاشراف والقيمين على المراقد والاضرحة العظيمة – من السنة والشيعة. كما لم يكن باشوات المماليك في بغداد يتمتعون باستقلالية عن حكومة السلطان كما يبدو في بعض الاحيان. لم يكن داود هو الاول الذي يخلع بالقوة. لقد كان الباشوات عادة يقدمون مساهمات مالية ومن خلال ممثليهم في العاصمة فهم يقدمون الهدايا الى الموظفين الكبار في القصر والباب العالي حيث يمكن ان يساعدوا في تنصيبهم. ان وصول والي عثماني جديد الى بغداد في 1831 اشر نهاية عهد المماليك وبداية عهد جديد في العراق. وفرض الحكم المباشر تدريجيا على المنطقة. ولقد قدم الجليليون في الموصل في 1834 وعائلة بابان في السليمانية اثر اخضاع العثمانيين للمنطقة الكردية في 1850 ، وفي خمسينيات القرن التاسع عشر تم بتر القوى الدينية المستقلة من النخبة الشيعية في كربلاء والنجف. ومن اجل فرض سيطرة على مناطق القبائل استمر العثمانيون في الاعتماد على الطرق التقليدية في التدخل في قيادة القبائل واقامة تحالفات وتاليب مجموعة قبائل ضد اخرى واحيانا استخدام القوة العسكرية. في حين بقيت القبائل العربية والكردية تشكلان مشكلة فان الاصلاح الذي وضعه العثمانيون قد اثر في البنية العشائرية في العراق وخفف من حدة المشكلة الى حد ما.
ولاية مدحت باشا ( 1869 – 1872 ) ان اكثر التغيرات اثارة في العراق تلك التي ارتبطت بادخال النظام الاقليمي العثماني الجديد وولاية مدحت باشا ( 1869 – 72). كان مدحت باشا احد مهندسي قانون الولاية العثماني لعام 1864، ولقد طبقه بنجاح كبير في ولاية تونا ( مقاطعة على الدانوب) قبل وصوله الى بغداد في 1869 مع زمرة منتخبة ومصطفاة من المساعدين والمستشارين.
لقد برز مدحت باشا وجه بغداد بان امر بتدمير قسم من جدار المدينة القديم لكي يفسح المجال للتوسع الحضري . ولقد اسس "الترامواي" الى ضاحية الكاظمية، وحيقة عامة، ونظام اسالة، ومستشفى ومصانع نسيج، ومصرف توفير، وعبد وانار الطرق، واقام الجسر الوحيد على نهر دجلة في المدينة الذي استمر لغاية القرن العشرين. وفتح العديد من المدارس الجديدة، وطبع العديد من الكتب المدرسية الحديثة بالمطبعة التي انشاها مدحت باشا ، كما تاسست في عهده اول صحيفة في العراق، باسم الزوراء. ومن اجل تطوير الاقتصاد، فقد طور خدمات ازوارق البخارية المنتظمة في دجلة والفرات كما طور الملاحة في الخليج، وانشا مسفن لتصليح السفن في البصرة، وبدا عمليات الحفر في شط العرب، وادخل بعض التحسينات على نظام الري، ووسع انتاج التمور في الجنوب. وانشأ المجالس البلدية والادارية وفق قانون الولايات الجديد وفرض التجنيد الالزامي.
وقد يكون اكثر التغييرات الجوهرية ما نتج عن محاولته تطبيق قانون الاراضي العثماني لعام 1858، الذي كان يهدف الى تصنيف وتنظيم ملكية الاراضي وتسجيلها الى الافراد الذين سيكونون مسؤولين عن دفع الرسوم النافذة. كانت دوافعه من ذلك بان يهدئ ويوطن القبائل، وتشجيع الزراعة، وتحسين نظام جباية الضرائب. وعلى اية حال فان النظام العشائري التقليدي لامتلاك الاراضي والخوف من ان تسجيل الاراضي سيقود الى زيادة سيطرة الدولة، واعباء ضريبية ثقيلة، وتوسيع الخدمو الالزامية لتشمل مناطق العشائر – مرتبطة مع ادارة غير كفوءة وغير كافية – حددت من تاثير الاصلاحات واعطت نتائج غير متوقعة. كانت معظم الاراضي لا تسجل باسماء الافراد والفلاحين بل باسماء شيوخ العشائر، والتجار الذين يقطنون المدينة، والفلاحين القدامي دافعي الضرائب. بعض رؤساء العشائر اصبحوا ملاكين، مما شدهم وقربهم من الادارة العثمانية ووسع الفجوة بينهم وبين افراد عشائرهم. وشيوخ آخرين رفضوا التعاون. مزيج من التطورات التي نتجت عن الاصلاحات التي بدأها مدحت باشا ادت الى اضمحلال البداوة في العراق؛ فلقد هبطت نسبة البدو من حوالي 35 % من السكان في 1867 الى حوالي نصف ذلك الرقم في نهاية العهد العثماني. امتدت سلطة مدحت باشا باعتباره واليا لبغداد وقائدا للجيش العثماتي السادس، شمالا لتشمل الموصل، وكركوك والسليمانية اضافة الى البصرة والحسا في الجنوب. قاد بنفسه حملة تفتيش الى الكويت والحسا ومستغلا الفرقة بين افراد العائلة السعودية فقد سعى الى تاكيد السيادة العثمانية على طائفة الوهابيين في نجد. ان نجاحه في سعيه الاخير كان مؤقتا كما كانت معظم المشايع التي بدأ بها مدحت باشا. الا ان فترة حكمه القصيرة وضعت اسسا للتطورات وغيرت اساسا كل مناحي الحياة في العراق وربطته باسطنبول بصورة اكبر مما كانت عليه في السابق.
الاصلاحات العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر ان الاصلاحات العسكرية التي قام بها محمود الثاني بعد تدمير الجيش الانكشاري في 1826 قد امتدت تدريجيا الى العراق. فقد اعيد تنظيم وحدات الجيش الانكشاري العراقية والقطعات الجديدة المرسلة من العاصمة والمجندين العراقيين حيث فرض التجنيد الالزامي في مناطق عديدة من العراق، وشكل ماسمي فيما بعد بالجيش العثماني السادس. الكثير من العراقيين اختارو العسكرية كمهنة حيث انهم في نهاية القرن التاسع عشر شكلوا اكبر عدد من الضباط العرب في الجيش العثماني. الغالبية كانوا من السنة ومن عوائل متوسطة، تعلموا في مدارس عسكرية فتحتها الحكومة العثمانية في بغداد ومدن من عراقية اخرى. وقسم من هؤلاء دخلوا فيما بعد الى الكلية العسكرية في اسطنبول؛ ومنهم كان نوري السعيد وياسين الهاشمي الذين اصبحوا من الشخصيات القيادية في الدولة العراقية في ما بعد الحرب العالمية الاولى. وفتحت اضافة الى المدارس العسكرية والمدارس الدينية التقليدية، العديد من المدارس الابتيدائية والثانوية من قبل الحكومة ومن التنظيمات التبشيرية الكاثوليكية والبروتستانتية واليهودية. كان خريجو المدارس الحكومية يلتحقون بوظائف مدنية حكومية. وبعض افراد من العوائل المعروفة مثل الجليلي في الموصل وبابان في السليمانية اختارو وظائف ادارية، الا ان الناطقين بالتركية من اهالي كركوك ومن كان من حصل على المراكز البيوقراطية هم من كان اصل المماليك القفقاسين. اما المراكز العليا فكان يجري التعيين فيها من اسطنبول. تم تطبيق الكثير من الاصلاحات الدنيوية وتوسع نفوذ الدولة في القرن التاسع عشر وتكبد المتدينون العراقيون واصحاب المكاتب – من الشيعة والسنة على حد سواء -- خسائر في الوضع الاجتماعي والنفوذ والجاه والمال.
وفي هذا الوقت كان الموظفون الاداريون العثمانيون وضباط الجيش، واغلبيتهم من السنة، تبوأوا مناصب سياسية واصبحوا النخبة التي امتد تاثيرها الى عراق ما بعد 1918 . مع هذه الانظمة العسكرية والادارية والتعليمية الجديدة توسعت شبكة المواصلات وتم تحديثها. فقد ظهرت سفينة بخارية في دجلة والفرات لاول مرة في 1835، و اسست شركة فيما بعد لتامين خدمة منتظمة بين البصرة وبغداد. وربطت بغداد باسطنبول بخط تلغراف في 1860 ، وفي ثمانينات القرن التاسع عشر ادخلت خدمة الطوابع البريدية الى العراق. وتم تحسين الطلرق وانشاء طرق جديدة. الا ان انشاء خط السكة الحديد لم يدخل العراق لحين قيام الالمان ببناء خط بغداد – سامراء قبيل الحرب العالمية الاولى.
نهاية الحكم العثماني ادت التغييرات في الحدود الادارية خلال العقود الاخيرة من الحكم العثماني الى تقسيم العراق العثماني مرة اخرى الى ثلاثة اجزاء. ففي معضم هذه الفترة، كانت كل من البصرة ( مع المقاطعة الملحقة بها وهي الحسا) والموصل ( وملحقاتها كركوك والسليمانية) ولايات مستقلة عن الاقليم المركزي بغداد. على الرغم من الحضور التجاري والقنصلي الاوربي في العراق، الا انه بقي معزولا عن النفوذ الاوربي اكثر من بقية الارض العربية المتاخمة للبحر المتوسط. كان في العراق القليل من المسيحيين وهؤلاء ايضا لم يكن لهم ااطلاع على الافكار الغربية. اما الطائفة اليهودية المتنعمة والغنية فهي غالبا ما كانت تتجنب السياسة الا انها كانت ميالة الى الحكومة العثمانية. اما شيوخ العشائر واعيان الشيعة فقد استمروا على معارضتهم بالشروط التقليدية، في حين تمتعت العوائل التركية والقفقاسية باحتلال المواقع الرسمية وكوفئوا باعتلاء مناصب ادارية اقليمية. واخيرا فان نسبة كبيرة من السكان كانوا اميين. لذا فليس من الغريب ان يكون تاثير الوطنيين العرب قليلا على العراق قبل الحرب العالمية الاولى. ظهرت في سوريا منظمات تدعوا الى الانفصالية وقوميون عرب بعد قيام حركة تركية الفتاة في 1908 . ولم تكن المعارضة الوطنية ضد الحكم العثماني تكاد تذكر في العراق بالرغم من وجود بعض الضباط العرب في الجيش العثماني كانوا قد التحقوا بجمعية الاحد السرية، التي يذكر انها كانت تدعو الى استقلال الاقاليم العربية. لقد تنامت اطماع البريطانين في منطقة الخليج والرافدين منذ نهايات القرن الثامن عشر، مما ادى الى نهلية الحكم العثماني في العراق. ففي السنوات التي سبقت الحرب العالمية الاولى، كانت الاواصر القوية بين حكومة القيصر في برلين والاتراك الشباب في اسطنبول مبعث ازعاج لبريطانيا. عندما منحت المانيا الحق في تمديد خط السكة من الاناضول الى بغداد واعطوا الحق في التنقيب عن المعادن على جانبي خط السكة الحديد صعدت المخاوف من منافسة الالمان في العراق والخليج واثار احتجاجا قويا من لندن. وبعد ذلك بقليل بدات شركة النفط الانكلو ايرانية بالانتاج من الجانب الايراني من الخليج، وكانت هناك مؤشرات بانه قد يعثر على النفط في مناطق اخرى. في عام 1912 قامت مجموعة تمثل مصالح البريطانيين والالمان والهولنديين بتشكيل شركة النفط التركية والتي اعطيت في ليلة الحرب الامتياز عن التنقيب عن النفط في ولاية الموصل وبغداد. في ظل هذه التطورات وبسبب المخاوف من ان يقوم الالمان باقناع العثمانيين باتخاذ عمل عسكري ضدهم، فقد قام البريطانيون باعداد خطط لارسال حملة من الهند لحماية مصالحها في منطقة الخليج قبل دخول الدولة العثمانية الحرب في اوائل تشرين ثاني 1914 . وبعد اعلان الحرب، نزلت قوة حملة بريطانية في راس الخليج وفي 22 تشرين ثاني 1914 دخلت هذه القوات البصرة. وفي حملة تهدف الى احتلال بغداد عانى البريطنيون هزيمة في منطقة كوت الامارة في نيسان 1916 ، ولكن بعد ان تم اسناد الجيش البريطاني استطاع الدخول الى بغداد في 11 آذار 1917 . وقد تم تشكيل ادارة من البريطانيين والهنود الذين ابدلوا الموظفين الاقليميين العثمانيين في العراق المحتل، ولكن بقيت الموصل في ايادي العثمانيين الى مابعد توقيع اتفاقية مدرس لنزع السلاح ( 30 تشرين اول 1918 )، والتي وضعت نهاية للحرب في الشرق الاوسط.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 11:12 am | |
|
العراق تحت الهيمنة البريطانية
العراق منذ 1918 الاحتلال البريطاني ونظام الانتداب ان اندماج الاقاليم الثلاثة، الموصل وبغداد والبصرة ضمن كيان سياسي واحد وانشاء وطن من خلال عناصر دينية وعرقية متناوئة تعيش على هذه الاراضي كان قد تم بعد الحرب العالمية الاولى. ان العمل الذي قامت به السلطات العسكرية البريطانية خلال الحرب وزيادة الشعور القومي بعد الحرب ساعدا على القرار على شكل دولة العراق الجديد ومجرى الاحداث خلال سنوات مابعد الحرب، الى ان توحد العراق ككيان سياسي مستقل في 1932 . ان الهيمنة البريطانية على العراق، لم تدم طويلا. فلقد قارنت بريطانية بعد الحرب كلا من سياستها العامة في العراق والنموذج المعين من الادارة التي كانت تنوي تاسيسها. مدرستان من الفكر اثرا على صانعي القرار السياسي في لندن. كان الاول قد اقرته الدائرة الاستعمارية والتي ركزت على سياسة السيطرة المباشرة لحماية المصالح البريطانية في الخليج والهند. وبتقييم السياسة البريطانية في الهند يمكن تسمية هذه المدرسة بمدرسة الافكار الهندية. اما المدرسة الاخرى، كانت تسعى الىان تستميل القوميين العرب، وتوجههم بسيطرة غير مباشرة. كان البريطانيون منقسمون في العراق نفسه على هذا الموضوع. قسم تحت تاثير السير ارنولد ويلسون السفير المدني وكالة ايدوا الهيمنة المباشرة: والاخرون، متهيبين من عدم الاقتناع بالادارة البريطانية، نصحوا بالسيطرة غير المباشرة واقترحوا تاسيس نظام محلي يكون تحت الاشراف البريطاني. لم تكن بريطانية في عام 1920 قد قررت بعد اي من السياستين ستتبع حين اثرت الاحداث في الاقطار العربية الاخرى الاوضاع في العراق بصورة كبيرة ومتطرفة. في بدايات 1920 قام الامير فيصل الاول ابن الشريف حسن الذي قاد الثورة العربية في 1916، بتاسيس حكومة عربية في دمشق ونصب نفسه ملكا على سوريا. في هذه الاثناء التقت مجموعة من الوطنيين العراقيين لتنصيب الامير عبدالله الاخ الاكبر لفيصل ملكا على العراق. وتحت تاثير هؤلاء الوطنيين بدات الثورة في الرميثة في الفرات الاوسط. ولقد ساند تلك الثورة هيجان وطني تبع تلك الثورة في مناطق العشائر في الفرات الاوسط وشمال العراق. وفي صيف 1920 انتشرت الثورة في كل انحاء البلد ماعدا المدن الكبيرة مثل الموصل وبغداد والبصرة، حيث كانت القطعات البريطانية تستقر. في تموز 1920 نشب خلاف بين فيصل والسلطات الفرنسية حول الهيمنة على سورية. لقد منحت فرنسا الوصاية على سوريا ولبنان في نيسان وكان القرار على تستحصل موافقة فيصل على الوصاية. قام الوطنيون بحث فيصل على رفض طلبات الفرنسيين، وهكذا بدأ الخلاف بينه وبين الفرنسيين، مما ادى الى نفيه من سوريا. ذهب فيصل الى لندن ليشتكي من التصرف الفرنسي.بالرغم من انه تم اخماد الثورة في العراق بالقوة، الا انها دفعت العراق وبريطانية الى المصالحة وتسوية خلافاتهم. كان جزء من الراي العام في بريطانية يرغب في "الخروج من بلاد مابين النهرين" ويحث على التنصل من اية التزامات اخرى. وكان الوطنيون في العراق يطالبون بالاستقلال. في عام 1921 عرضت بريطانية العرش العراقي على فيصل مع تاسيس حكومة عربية تحت الوصاية والانتداب البريطاني. كان فيصل يرغب بالعرش لو انه عرض عليه من قبل الشعب العراقي. واقترح ايضا ابدال الانتداب بمعاهدة تحالف. قبلت الحكومة البريطانية تلك المقترحات، ووعد ونستون تشرتشل ، الذي كان وقتئذ امين المستعمرات، وعد بتنفيذها. وكان قد اشار عليه بذلك تي اي لورنس، المعروف بتعاطفه مع العرب.
في آذار 1921 عقد مؤتمر القاهرة تراسه تشرتشل لتامين الاستقرار لشؤون الشرق الاوسط. سمي فيصل ملكا على العراق مع توصية باجراء استفتاء لتاكيد التنصيب. كان السير بيرسي كوكس والمعين حديثا كمندوب سامي في العراق، مسؤولا عن تنفيذ الاستفتاء. وكانت الحكومة الانتقالية المشكلة من قبل كوكس قبيل مؤتمر القاهرة قد مررت قرارا في 11 تموز 1921 تعلن فيه فيصل ملكا على العراق على ان تكون "حكومته دستورية، ممثلة لكل ابناء الشعب وتنهج الديمقراطية. ولقد اقر الاستفتاء هذا الاعلان، وتوج فيصل رسميا ملكا في 23 آب 1921. ان تاسيس الملكية كان الخطوة الاولى لتاسيس النظام الوطني. وتبعته خطوتان مباشرة: التوقيع على معاهدة التحالف مع بريطانية ووضع مسودة الدستور. كان من الضروري ان تسبق المعاهدة الدستور وتعريف العلاقات بين العراق وبريطانية. ثم تم توقيع معاهدة في 10 تشرين اول 1922 . ولقد كانت المعاهدة صياغة اخرى لاعلان الوصاية دونما اشارة مباشرة اليه. التزم العراق باحترام حرية الاديان والمؤسسات التبشيرية وحقوق الاجانب ، والمساواة في معملات الدول والتعاون مع عصبة الامم المتحدة. كانت بريطانية مضطرة على تقديم المشورة في مجال الشؤون الخارجية والداخلية، مثل الجيش والامور المالية والقانونية ( عرفت في معاهدة مستقلة فرعية). بالرغم من ان شروط الاتفاقية كانت مفتوحة للمراجعة في اوقات لاحقة الا انها كانت لتستمر لمدة 20 عاما. في تلك الاثناء وافقت بريطانية على اعداد العراق ليصبح عضوا في عصبة الامم المتحدة " باسرع وقت ممكن". ولقد توضح فيما بعد بان ماكان قائما جوهريا وليس شكليا هو الانتداب ولم يجر تحقيق الاستقلال التام. ان المعارضة القوية للمعاهدة في الصحف اكدت عدم امكانية اقرارها من قبل الجمعية العامة. ولم يكن الراي العام البريطاني مقتنعا بالالتزامات تجاه العراق. ولقد كانت هناك حملة صحفية خلال الانتخابات العامة التي تمت في 1922 ضد ماتنفقه بريطانية في العراق. ولاختلاف الراي العام في كل من بريطانية والعراق، فقد تم توقيع بروتوكول للاتفاقية في 30 نيسان 1923 بتقليل مدة الاتفاقية من 20 سنة الى 4 سنوات. بالرغم من تقصير المدة فقد طلبت الجمعية العامة عند مناقشة المعاهدة لاقرارها استقلالا كاملا. ولقد تم في 11 حزيران 1924 اجراء تعديلات على المعاهدة بعد ان هددت بريطانية بان رفض المعاهدة سيؤدي الى رفع الموضوع الى عصبة الامم المتحدة. ثم قامت الجمعية العامة باقرار مسودة الدستور المعد من قبل اللجنة الدستورية. حاولت اللجنة منح الملك سلطة مطلقة. واستغرقت مناقشة مسودة الدستور من قبل الجمعية العامة شهرا وبعد تعديلات طفيفة، تم اقراره في تموز 1924 . تم العمل بالقانون العضوي كما كان يسمى الدستور بعد توقيعه مباشرة من قبل الملك في 21 آذار 1925 . ولقد اقر الدستور الملكية الدستورية وحكومة برلمانية ومجلسين تشريعيين . وكان المجلسان يتالفان من مجلس نيابي منتخب ومجلس اعيان معينين. كان اعضاء المجلس النيابي ينتخبون كل اربع سنوات في انتخابات حرة. اجتمع اول برلمان في عام 1925 . ولقد اجريت عشر انتخابات عامة كانت قد تمت قبل سقوط الملكية في عام 1958 . ان تشكيل اكثر من 50 حكومة خلال تلك الفترة يعكس عدم استقرار النظام. كانت هناك رغبة ملحة ومنذ تاسيس الحكومة الوطنية بتنظيم احزاب سياسية. تم تشكيل ثلاثة احزاب في 1921 واحد من المجموعة الحاكمة وحزبين من المعارظة، لهما نضرة اجتماعية واقتصادية متشابهة واهداف سياسية متطابقة تقريبا: انهاء الانتداب وتحقيق الاستقلال. لكنهما كانا يختلفان في اسلوب تحقيق الاهداف. فبعد تحقيق الاستقلال في 1932 انحلت تلك الاحزاب لانتهاء سبب وجودهما. ولم تظهر التجمعات السياسية الا عند البدء بمناقشة القضايا الاجتماعية، فقد بدأت بالظهور حتى وان لم تكن على هيئة احزاب رسمية. اصبح الصراع على السلطة بين هذه المجموعات بعد الحرب العالمية الثانية يزداد شراسة. كان العراقيون الوطنيون وبالرغم من تمتعهم بحرية التعبير تحت النظام البرلماني الا انهم لم يكونوا مقتنعين بالانتداب. لقد طالبوا بالاستقلال كحق من حقوقهم، كما وعدوا خلال اعلان الحرب والمعاهدات، اكثر منه قابلية ادارة حكومة ذاتية كما صرحت به بنود الانتداب. لقد تمت عدة محاولات لتعريف العلاقات الانكلو عراقية كما تنص عليها معاهدتي 1926 و 1927 دونما تحريف اساسي بمسؤوليات بريطانية . تمت مراجعة المعاهدات البريطانية من قبل الوطنيين ليس فقط من ناحية كونها تعيق الاعتراف بطموحات العراق الوطنية بل ايضا من ناحية ضررها بالنمو الاقتصادي للبلاد. اطلع الوطنيون على الموقف كونه وضعا شاذا، وهو مصطلح اصبح متداولا في البرلمان والصحافة. وكان يشار الى استحالة قيام الحكومة بواجباتها في ظل السلطة المزدوجة للانتداب. كان الوطنيون يقولون ان هناك حكومتان في العراق، واحدة اجنبية والاخرى وطنية، وان مثل هذا النظام كان شاذا، لايمكن تطبيقه عمليا حتى اذا كان مقبولا نظريا. قررت بريطانية في 1929 ان تضع حدا لهذا المازق وتسوي مصالحها مع طموحات الوطنيين العراقيين. واعلمت العراق بان الانتداب سينتهي في 1932 و ستناقش اتفاقية جديدة حول الاستقلال. شكلت حكومة جديدة تراسها الجنرال نوري السعيد، الذي ساهم في تحقيق الاستقلال العراقي. وقعت المعاهدة الجديدة في 30 حزيران 1930 . ولقد اقرت المعاهدة تاسيس تحالف قوي بين العراق وبريطانية مع اقرار "التشاور التام والصريح بين الطرفين في جميع الامور التي تخص السياسة الخارجية والتي قد تؤثر على مصالحهما المشتركة". للعراق ادارة النظام والامن الداخلي ويدافع عن نفسه تجاه الاعتداءات الاجنبية، باسناد بريطانية. ويجب التشاور مع بريطانية عن اي خلاف يحصل بين العراق ودولة ثالثة يشتمل على خطر الحرب بينهما، على امل ايجاد تسوية استنادا الى ميثاق عصبة الامم المتحدة. في حالة وجود تهديد وشيك بالحرب، فيتخذ الطرفان وضعا دفاعيا مشتركا. واقر العراق بان حماية وادامة طرق المواصلات الاساسية البريطانية تصب في مصلحة الطرفين. ولذا فقد منحت بريطانية مواقع لقواعد عسكرية جوية لقطعاتها قرب البصرة وغرب الفرات، ولكن تلك القوات " سوف لن تشكل باي حال من الحواال قوة احتلال، ولن تشكل اي خرق للحقوق السيادية للعراق". وان مدة صلاحية هذه المعاهدة هي ل 25 سنة، وتكون نافذة حال دخول العراق الى عصبة الامم المتحدة. في 3 تشرين اول 1932 قبل العراق في عصبة الامم المتحدة كدولة مستقلة. مدينة بغداد
بغداد عاصمة جمهورية العراق، تقع على خط طول 44ْ وخط عرض 33ْ. ويقع في وسطها ويخترقها نهر دجلة، وبناها المنصور في العقد الأول من القرن الثامن الميلادي (الثاني الهجري) عاصمةً للدَولة العباسية، كانت من أهم مراكز العلم على تنوعه وملتقى للعلماء والدارسين. غزاها المغول تحت رئاسة هولاكو خان بتآمر مع ابن العلقمي في منتصف القرن السادس الهجري ودمروا الثروة العلمية - من كتب ومخطوطات - التي كانت بغداد تحتضنها ورموا قسما كبيرا منها في نهر دجلة حتى تغير لون الماء بلون الحبر. نبذة عن تاريخ مدينة بغداد تعد بغداد أكبر مدن العراق وايضا من كبرى مدن الشرق الاوسط و ثاني أكبر مدينة عربية معاصرة بعد القاهرة. مدينة بغداد من المدن التي ترتبط بتاريخ الخلافة العباسية إن لم يكن تاريخ العالم الإسلامي خلال القرون الخمسة من عام 150هـ / 767 م إلى 656هـ / 1258 م، فكان أبو جعفر المنصور ثانى خليفة عباسي أول من اتخذ بغداد عاصمة له بعدما قضى على منافسيه من العباسيين والعلويين.145 هـ 762 م ، بنى أبو جعفر المنصور على نهر دجلة عاصمته بغداد (145- 149 هـ) 710 ميلادية على شكل دائري، وهو اتجاه جديد في بناء المدن الإسلامية، لأن مـعظم المدن الإسلامية، كانت إما مستطيلة كالفسطاط، أو مربعة كالقاهرة، أو بيضاوية كصنعاء. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن هذه المدن نشأت بجوار مرتفعات حالت دون استدارتها . ويعتبر تخطيط المدينة المدورة (بغداد)، ظاهرة جديدة في الفن المعماري الإسلامي ولاسيما في المدن الأخرى التي شيدها العباسيون مثل مدينة سامراء وما حوته من مساجد وقصور خلافية فخمة. وإلى جانب العمارة وجدت الزخرفة التي وصفت بأنهما لغة الفن الإسلامي، وتقوم على زخرفة المساجد والقصور والقباب بأشكال هندسية أو نباتية جميلة تبعث في النفس الراحة والهدوء والانشراح. وسمي هذا الفن الزخرفي الإسلامي في أوروبا باسم أرابسك.
وفي عهد الرشيد بلغت بغداد قمة مجدها ومنتهى فخارها، وامتدت الأبنية في الجانبين امتدادا عظيما، حتى صارت بغداد كأنها مدن متلاصقة تبلغ الأربعين. وبعد وفاة الرشيد عام 193هـ / 809 م. بويع الأمين في طوس أولا ثم في بغداد، ومرت بغداد في عصره بأهوال انتهت بقتله عام 198هـ / 814 م، ثم بويع المأمون على إثر قتل أخيه، ولكنه لم يبرح خراسان وبقيت بغداد تئن تحت كابوس الحكم العسكري على ما بها من أوصاب الحصار وآثار الحجارة والنار. وبعد عامين من وفاة الرشيد وقع الخلاف بين ولديه الأمين والمأمون، وحوصرت بغداد لأول مرة في تاريخها ودام الحصار أربعة عشر شهرا. وفي نهاية عام 196هـ /812 م. أطبق جند هرثمة وطاهر قائدي المأمون على الأمين في بغداد وعزل هرثمة الجانب الشرقي الذي لم يكن يحميه سوى سور سرعان ما أزاله، بينما عسكر طاهر أمام باب الأنبار فسيطر بذلك على الجانب الغربي، ووجد الخليفة نفسه آخر الأمر منعزلا في قصر الخلد على شاطئ دجلة وما لبث أن وقع في الأسر وهو يحاول الفرار وقتل في أوائل عام 198هـ / 814 م، وبموته رفع الحصار وأصبحت بغداد المزدهرة خرائب ورمادا، وأثار موت الأمين سخط أهل بغداد، وتمكن إبراهيم بن المهدي العباسي بفضل الخلاف بين الناس من أن يستولي على بغداد ويصبح صاحب الأمر فيها ما يقرب من عامين غير أن خيانة قواده أجبرته على تسليم المدينة وزمام الحكم إلى الخليفة المأمون. وكانت بطانة المأمون من الفرس تحاول نقل عاصمة الخلافة إلى خراسان ليتم لهم التغلب على شئون الدولة، وتولى الحسن بن سهل العراق والحجاز واليمن فاضطرب حبل الأمن ودبت الفتن في بغداد إلى أن دخلها المأمون عام 204هـ / 820 م، وعادت لبغداد شيء من نضرتها إلى أن أدركته منيته عام 218هـ / 834 م، وقد عهد المأمون بالخلافة من بعده لأخيه المعتصم، وظلت بغداد تموج بالفتن حتى أنه في عام 552هـ / 1157 م. لم يبق من تلك المملكة المترامية الأطراف إلا بغداد وأعمالها وقليل مما يتصل بها
وفي عام 656هـ / 1258 م. نزل هولاكو على بغداد وحاصرها فكانت حروب وكانت خطوب اندلعت في أثنائها نيران فتن داخلية انتهت باستيلاء التتار عليها وبقتل الخليفة المعتصم وأولاده ورجال حاشيته وأهل بطانته، وباستباحة بغداد مدة طويلة، وكانت بغداد حين حاصرها القوم غاصة بأهل الأطراف من الذين أجفلوا أمام الجيش المغولي الذين لم يرحموا شيخا ولا طفلا ولا امرأة، وبهذا أفلت شمس الخلافة العباسية في بغداد بعد أن أشرقت عليها أكثر من خمسة قرون، وكان أفولها كارثة على الأمم الإسلامية كافة. وقد أبقى هولاكو في أول الأمر الأوضاع الإدارية في بغداد على النمط العباسي تقريبا، ورتب جماعة من الرقباء والأمناء ليشرفوا على كل شيء، وبذلك أصبحت حكومة بغداد مدنية تحت إشراف حكومة عسكرية، ولم يلبث هولاكو أن حول الموظفين العراقيين إلى موظفين من الإيرانيين. وفي العهد الجلائري غزا تيمورلنك بغداد أكثر من مرة كان أخرها عام 803هـ / 1400 م. حيث فتحها عنوة وفتك بأهلها فتكا ذريعا، واستحل جنده المدينة أسبوعا اقترفوا من المنكرات ما يقشعر له جلد الإنسان، ولما توفي تيمورلنك عام 807هـ / 1404 م. عاد السلطان أحمد الجلائري إلى بغداد فملكها عام 808هـ / 1405 م. وكانت بين السلطان أحمد وبين السلطان قرة يوسف التركماني في أول الأمر ألفة انقلبت بعد ذلك إلى وحشة انتهت بقتل السلطان أحمد واستيلاء قرة يوسف على ملكه عام 813هـ / 1410 م، فأرسل السلطان يوسف ابنه للاستيلاء على بغداد فسدت أبوابها في وجهه، وكان يدير أمرها دوندى خاتون بنت السلطان حسين بن أويس الجلائرية، فلما علمت أن لا قبل لها بمحمد شاة احتالت للخروج من بغداد خلسة، ولما علم البغداديون بذلك فتحوا أبواب المدينة للفاتح الجديد عام 814هـ / 1411 م. وظلت بغداد تحت الحكم التركماني من هذا التاريخ حتى عام 914هـ / 1509 م.
وفي عام 1509 سيطر الصفويون بقيادة الشاه إسماعيل الصفوي على المدينة، وبقيت تحت سيطرة الصفويين حتى إنتزعها العثمانيون من يد الصفويين عام 1535 م، ولكن ما لبث الصفويون أن عادوا ليسيطروا عليها عام 1624 حتى 1639 حيث دخلها السلطان العثماني مراد الرابع عام 1638 وبقيت تحت الحكم العثماني حتى قدوم الأنجليز، وفي مارس 1917م، سيطر الإنجليز على المدينة، ووقعت بغداد كمعظم مناطق العراق الأخرى تحت الإنتداب البريطاني. وفي عام 1920م ثار العراقيون على الإنجليز، وسميت الثورة بثورة العشرين. وتمثل بغداد حاليًّا حالة من حالات التتابع المدني في إطار موقع واحد ففي إطار موقع الرافدين تتابعت العواصم من بابل القديمة إلى سلوقية الإغريقية و قطيسنون الفارسية التي كانت تعرف بمدائن كسرى ثم بغداد العربية الحالية.
لا تزال نواة بغداد القديمة موجودة حتى الآن تنتشر حولها الأجزاء الحديثة حول البوابات الشمالية والجنوبية القديمة على الجانب الغربي لنهر دجلة على بعد 540 كم تقريبًا إلى الشمال الغربي من الخليج العربي، وصلت مدينة بغداد لذروتها العلمية والثقافية في عصر الخليفة العباسى الثالث هارون الرشيد، سنة 184هـ، 800 م، بلغ عدد سكانها أكثر من مليون نسمة وصارت مركزًا مهمًّا للتعليم وفقدت هذه المكانة عندما غزاها المغول والتتار ثم الفرس والأتراك منذ عام 257هـ، 1358م، وتعرضت لكثير من الحروب والحرائق والفيضانات المتكررة وأصبحت عاصمة العراق عام 1339هـ، 1921م، وتعرضت للتدمير خلال حرب الخليج الثانية 1991م، وكذلك حرب الخليج الثالثة عام 2003م، بعد الأحتلال الأمريكي.
تقع مدينة بغداد على بعد 90 كم شمال موقع مدينة بابل الأثرية اضافة إلى أنها تقع على بعد بضعة كيلومترات عديدة شمال غرب مدينة قطيسفون (المدائن) والتي استمرت كمركز رئيسي للبلاد حتى حلت محلها بغداد في أوائل العصر العباسي و تكمن أهمية موقع بغداد في توافر المياه وتناقص أخطار الفيضانات مما أدى بدوره إلى اتساع رقعة المدينة وزيادة نفوذها إلى جانب سهولة إتصالها عبر دجلة بواسطة الجسور التي تربطها بالجانب الأيسر من النهر أسماء مدينة بغداد ومن اسماء بغداد المدينة المدورة و دار السلام والزوراء، وقبل كل هذا كان المكان الذي شيدت عليه يعرف بالشونزية او الشوينزية. في التاريخ المعاصر استمرت بغداد عاصمة للعراق، و يقع فيها أحد أكبر وانشط المجامع اللغوية متاحف مدينة بغداد و دور العبادة فيها ومدارسها القديمة يوجد في بغداد عدة متاحف تعرض فيه الآثار المختلفة من جواهر وعملات وهياكل بشرية وتماثيل من عصور ما قبل التاريخ حتى القرن السابع عشر الميلادي ومن شواهدها الابديه الآثار الإسلامية التي تتمثل في بقايا سور بغداد ودار الخلافة والمدرسة المستنصريةالتي فيها ساعة المدرسة المستنصرية العجيبة ومقر المعتصم ومسجده الشهير وتحتوي على مسجدين تاريخيين هما مسجد الإمام الأعظم ومسجد الإمام موسى الكاظم و القصر العباسي والمشهد الكاظمى وجامع المنصور وجامع المهدى و جامع الرصافة والمدرسة الشرفية بجوار قبر أبي حنيفة النعمان و المدرسة السلجوقية والمدرسة المستنصرية مكانة بغداد الاقتصادية أما من الناحية الاقتصادية فتعد بغداد مركزًا للعديد من المصانع والورش، والمركز الرئيسي للصناعة في العراق كما تعد مركزًا تجاريًّا رئيسيًّا وحلقة وصل بين تركيا وسوريا والهند وجنوب شرق آسيا والسوق التجاري الرئيسي في الدولة وأيضا تعد أيضًا مركزًا سياحيًّا هامًّا يزوره أكثر من مليون سائح في السنة قبل الحصار حيث كان المطار الدولى يعمل وتعد أيضا بغداد من المناطق الزراعية حيث إن كثيرا من توابعها يعتمد على زراعة كثير من الغلات ديموغرافية بغداد ويتكون معظم سكان مدينة بغداد من العرب المسلمين بقسميهم السنة والشيعة، ويشكل المسيحيين و الصابئة و اليزيديون في مدينة بغداد أقليات دينية ، كما يشكل الاكراد أقليات قومية . و قد كان اليهود قبل عام 1948م يشكلون نسبة كبيرة من سكان مدينة بغداد لكن عددهم تناقص بشكل حاد بعد إعلان نشوء دولة إسرائيل الفئةمسلمين سنةمسلمين شيعةيهودمسيحيينديانات آخرىالمجموعالعدد130,000 نسمة54,000 نسمة50,000 نسمة15,000 نسمة1,000 نسمة250,000 نسمةالنسبة المئوية52%21.6%20%6%0.4%100% سكان بغداد وعمارتها وتعتبر في الوقت الحاضر رابعة كبريات العواصم الإسلامية من حيث حجمها السكاني وتتميز بغداد بالشوارع العريضة المتقاطعة بخطوط مستقيمة تطل عليها العمارات حديثة الطراز معالم بغداد تضم مدينة بغداد العديد من المعالم الشهيرة منها الحديث والترفيهي والخدمي ومنها الديني والأثري. ومن هذه المعالم:
الحضرة الكاظمية. جامع الإمام الأعظم. المدرسة المستنصرية. مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني. ساعة بغداد. نصب الحرية ببغداد (في ساحة التحرير). تمثال كهرمانة. جزيرة بغداد السياحية. المحطة العالمية ببغداد (محطة قطارات). ملعب الشعب. (أكبر ملاعب بغداد لكرة القدم ). مكتبة بيت الحكمة. برج بغداد . ساحة الاحتفالات (اقواس النصر). نصب الجندي المجهول. قصر المؤتمرات. المقبرة الملكية في الأعظمية. بالاضافة إلى اسواق بغداد القديمة في وسط المدينة. أقسام بغداد ينقسم مركز العاصمة إلى جزأين هما الكرخ على الجانب الغربي لنهر دجلة، والرصافة على الجانب الشرقي للنهر وفي كلا الجزأين نجد المباني الحديثة وعلى جانب آخر الشوارع الضيقة المتربة والمحلات القديمة الجسور التي تربط طرفي بغداد جسر الأئمة. جسر الأعظمية. جسر الشهداء. جسر الجمهورية. جسر الأحرار. جسر الرشيد. جسر 14 تموز. جسر الجادرية. جسر ذو الطابقين. جسر باب المعظم. جسر المثنى. جسر الصرافية. جسر الدورة.
المناطق الصناعية في بغداد
أما المناطق الصناعية فتمتد من مركز بغداد إلى خارجها وضواحيها مثل منطقة التاجي الصناعية شمال بغداد. و تشغل مدينة بغداد مساحة قدرها حوالي 1000 كيلو متر مربع
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 11:15 am | |
|
حكام العراق
الملك فيصل الاول 1921-1933
ولد في مكة المكرمة 20/5/1885 توفي في برن 8/9/1933 هو فيصل بن الحسين بن علي الشريف الكبير اكبر اشراف مكة وحاكم الحجاز 1916- 1924 . بدات علاقاته بالسياسة عندما اعتمد عليه والده الشريف بالتفاوض مع بريطانيا في في مؤتمر السلام باريس 1919 . بالاضافة لذلك قاد قوات والده في الثورة العربية الكبرى ضد الامبراطورية العثمانية 1916 . وهو نجح بالاتفاق مع السوريون واعلن نفسه ملكا على على سوريا 1918 بالتنسيق مع الحركة العربية الوطنية لكن الفرنسيين ضغطوا عليه للخروج من سوريا بعد فشل المفاوضات . وفي العراق لاقت الادارة البريطانية اثناء الاحتلال البريطتني للعراق صعوبات جمة في السيطرة على العراق وخصوصا بعد ثورة اب 1920 المباركة والتي اجبرت الحكوكة البريطانية لتغيير سياستها بالتحول من استعمار مباشر الى حكومة ادارة وطنية تحت الانتداب وكان الملك فيصل هو اقوى المرشحين لمنصب ملك العراق من قبل العراقيين وحصل على تاييد و دعم الحركة الوطنية المحلية واخيرا توج ملكا على العراق في يوم 23/8/1921 م و بعد استفتلء اجري من قبل الادارة . وبعد ذلك بدا الملك فيصل مباخثات طويلة وصعبة مع حكومة بريطانية العظمى انتهت باعلان الاستقلال 1932 وبذلك اصبح العراق عضو كامل بالامم المتحدة( عصبة الامم )
الملك غازي الاول
ولد بمكة المكرمة في 21/اذار /1912 م توفي ببغداد في نيسان / 1939 م الابن الوحيد للملك فيصل الاول بعد ثلاث بنات وقد انتقل لرعاية جده فيما كان والده مشغولا بالحملات والاسفار وهذا ما جعله ينشا شاب خجول قليل الخبرة بالحياة . ترك الحجاز الى الاردن مع ما تبقى من العائلة الهاشمية سنة 1924 م بعد ان تم ابعادهم من من قبل ال سعود . ووصل بغداد في نفس السنة وسمي وليا للعهد . وتحت فترة حكمه حدث اول انقلاب عسكري ضده بقيادة بكر صدقي 1936 م محاولا صدقي اعادة رئيس الوزراء حكمت سليمان للحكم . وقتل جلالته في حادث سيارة غامض /1939
الملك فيصل الثاني
ولد ببغداد 2/5/1935 توفي ببغداد في 14/7/1958 الولد الوحيد للملك غازي والملكة عالية . توج ملكا على العراق في سن الرابعة بعد مقتل والده 1939 . كان معتمد اعتمادا كليا على سمو الامير عبد الاله خاله الذي عين وليا للعهد ووصيا على العرش . نشا شابا خجولا وكان نشيطا جدا بالمجتمع وخلال فترة حكمه دخل العراق جزء من حرب فلسطين 1948 م . وايضا خلال فترة ولايته دخل العراق عضوا في الاتحاد العربي الهاشمي الذي اعلن بين العراق و الاردن . قتل في مجزرة قصر الزهور في 14/7/1958 مع باقي افراد العائلة الهاشمية المالكة في ابشع حادث عرفه تاريخ العراق الحديث والذي ترك لدى افراد الشعب العراقي ذكرى مأساوية سوداء وبهذا انتهى العهد الملكي الذهبي بانقلاب تموز الاسود وبدا العنف السياسي في تاريخ العراق الحديث .
عبد الكريم قاسم
ولد بالصويرة في 1914 وتوفي في بغداد 9/2/1963 يعتبر اهم قائد من القادة الذين وصلو للسلطة عن طريق الانقلاب العسكري وكان اكثرهم شعبية في تاريخ العراق الحديث بين الاوساط الشعبية الفقيرة في العراق كان مواطن منتظم ولم يتاثر بالحياة الارستقراطية واخذ منصب رئيس مجلس الوزراء وواجه قاسم صعوبات كبيرة اثناء فترة حكمه ضد الحركة القومية العربية التي كان يتزعمها جمال عبد الناصر التي كانت منتشرة في الوطن العربي حيث كان يرفض الاتجاه القومي الوحدوي ويحاول جرالعراق بسياسة شعوبية اقليمية واخذ يركز على البناء الداخلي والبدء بتنمية البلد لكن القلاقل السياسية التي بدات مع بداية الحكم الجمهوري والاعتماد على اليسار العراقي والشيوعيين جلب للعراق المشاكل واستطاع االمحافظة على ولاء الجيش الذي سرعان ما تبدل ولائه اثناء الحرب الاهلية في شمال العراق مع الاخوة الاكراد. قتل بعد محاكمة صورية شفهية بعد ان نجح البعثيين والقوميين بقلب نظام الحكم في 8/2/1963
عبد السلام محمد عارف
توفي في 14/ نيسان / 1966 م واحد من مجموعة الضباط الذين اطاحوا بالنظام الملكي في 14/7/1958 وهو معروف بميوله القومية وولائه لجمال عبد الناصر وعرف بمعارضته لسياسة عبد الكريم قاسم المعارضة للسياسات القومية الوحدوية والتي كان من اهدافها اقامة دولة عربية كبرى .وصل عارف للسلطة بانقلاب دموي وبدات فور نجاح الانقلاب سلسلة من الاعمال الثارية كرد فعل لما جرى ايام قاسم حيث تم تشكيل ما يسمى بالحرس القومي الذي مارس اعمال فوضوية مسلحة ضد الشعب وعلى اثرها تم ابعاد البعثيين من السلطة في نوفمبر 1963 ولم يعرف عارف بسياسة وااضحة خلال فترة حكمه حاول في اخر ايامه الانضمام للمشروع الوحدوي بين العراق وسوريا ومصر الا الا انه قتل في حادث طائرة مروحية 14/4/1966
عبد الرحمن محمد عارف
احد الضباط اللذين شاركوا في انقلاب تموز1958 تسلم السلطة بعد وفاة اخيه عبد السلام محمد عارف وكان قليل الخبرة ولم تكن خلال فترة حكمه اي سياسة مميزة او واضحة. وتم اقصاؤه من الحكم على يد البعثيين في 17/7/1968 وتم ابعاده الى اسطنبول وبقى منفيا هناك حتى عاد لبغداد في اوائل الثمانينات بعد ان اذن له صدام بالعودة وتوفي سنة 2003 ببغداد .
احمد حسن البكر
ولد في تكريت اكتوبر1924 توفي في 14/10/1982 دخل الاكاديمية العسكرية في 1938 بعد ان خدم كمعلم في الابتدائية لمدة ست سنوات وبعدها انظم لصفوف حزب البعث الذي كلفه اخراجه من الجيش عام 1959 وهو احد الضباط الذين شاركوا في الانقلاب الاسود في 14/7/1958 . وكان البكر يخفي خلفه صدام حسين الذي كان يحتل منصب نائب الرئيس والذي كان يدير الامور الفعلية حقيقة في البلد الى ان تم اجبار البكر بالتنحي عن السلطة في 16/7/1979 حيث استقال البكر من كل المناصب السياسية والعسكرية والحزبية لصالح صدام حسين وبذلك يدخل العراق لمرحلة سوداء قاتمة من تاريخ العراق جرت البلد لحربين دمرت البلد وارجعته للوراء
صدام حسين
1979 - 2003
في اليوم الثامن من شهر فبراير لعام سنة 1963م قام حزب البعث بانقلاب على نظام عبد الكريم قاسم وقد شهد هذا الانقلاب قتالا شرسا دار في شوارع بغداد، وبعد نجاح هذا الانقلاب تشكلت أول حكومة بعثية ، و سرعان ما نشب خلاف بين الجناح المعتدل والجناح المتطرف من حزب البعث فاغتنم عبد السلام عارف هذه الفرصة وأسقط أول حكومة بعثية في تاريخ العراق في 18 نوفمبر سنة 1963م وعين عبد السلام عارف أحمد حسن البكرأحد الضباط البعثيين المعتدلين نائبا لرئيس الجمهورية- في شهر فبراير سنة 1964م أوصى ميشيل عفلق بتعيين صدام حسين عضوا في القيادة القطرية لفرع حزب البعث العراقي في شهر سبتمبر سنة 1966م قام حزب البعث العراقي بالتحالف مع ضباط غير بعثيين بانقلاب ناجح أسقط نظام عارف وفي اليوم الثلاثين من شهر يوليو عام 1968م طرد حزب البعث كافة من تعاونوا معه في انقلابه الناجح على عبد السلام عارف وعين أحمد حسن البكر رئيسا لمجلس قيادة الثورة ورئيسا للجمهورية وقائدا عاما للجيش وأصبح صدام حسين نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة ومسؤولا عن الأمن الداخلي وفي 15 أكتوبر سنة 1970م تم اغتيال الفريق حردان التكريتي في مدينة الكويت وكان من أبرز أعضاء حزب البعث العراقي وعضوا في مجلس قيادة الثورة ونائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للدفاع وفي شهر نوفمبر من عام 1971م تم اغتيال السيد فؤاد الركابي وكان المنظر الأول للحزب وأحد أبرز قادته في العراق وقد تم اغتياله داخل السجن وفي 8 يوليو سنة 1973م جرى إعدام ناظم كزار رئيس الحكومة وجهاز الأمن الداخلي وخمسة وثلاثين شخصا من أنصاره وذلك في أعقاب فشل الانقلاب الذي حاولوا القيام به وفي 8 يوليو السادس من شهر مارس عام 1975م وقعت الحكومة البعثية العراقية مع شاه إيران الاتفاقية المعروفة باتفاقية الجزائر وقد وقعها عن العراق صدام حسين وتقضي الاتفاقية المذكورة بأن يوافق العراق على المطالب الإقليمية للشاه في مقابل وقف الشاه مساندته للأكراد في ثورتهم على النظام العراقي في شهر أكتوبر لعام 1978م طردت الحكومة البعثية الخميني من العراق وقامت في شهر فبراير عام 1979م الثورة الخمينية في إيران وفي شهر يونيو عام 1979م أصبح صدام حسين رئيسا للجمهورية العراقية بعد إعفاء البكر من جميع مناصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه في منزله في يوليو سنة 1979م قام صدام حسين بحملة إعدامات واسعة طالت ثلث أعضاء مجلس قيادة الثورة وأكثر من خمسمائة عضو من أبرز أعضاء مجلس قيادة الثورة وأكثر من خمسمائة عضو من أبرز أعضاء حزب البعث العراقي وفي اليوم الثامن من شهر أغسطس من العام نفسه أقدم صدام حسين على إعدام غانم عبد الجليل وزير التعليم ومحمد محجوب وزير التربية ومحمد عايش وزير الصناعة وصديقه الحميم عدنان الحمداني والدكتور ناصر الحاني سعيد، ثم قتل مرتضى سعيد الباقي تحت التعذيب ،وقد سبق لكل من الأخيرين أن شغلا منصب وزير الخارجية ، وقد بلغ عدد من أعدمهم صدام حسين خلال أقل من شهر واحد ستة وخمسين مسؤولا حزبيا ، ولم يبق على قيد الحياة من الذين شاركوا في انقلاب عام 1968م سوى عزت إبراهيم الدوري وطه ياسين رمضان وطارق حنا عزيز وفي اليوم التاسع من شهر إبريل عام 1980م قام صدام حسين بإعدام محمد باقر الصدر أحد أبرز علماء الشيعة وأخته زينب الصدر المعروفة باسم بنت الهدى,وفي يوم 22 سبتمبر سنة 1980م شن صدام حسين حربه على إيران التي أسفرت عن سقوط ما يقارب نصف المليون من أزاهير شباب العراق فضلا عن سبعمائة ألف من المعاقين والمشوهين ، إضافة إلى نفقات الحرب التي تجاوزت المائتي مليار من الدولارات وكذلك تجميد كل تنمية طوال مدة زمنية تجاوزت الثماني سنوات ، خرج صدام بعد كل هذه التضحيات ليعلن للعالم أن حربه مع إيران كانت خطأ وأن الحق كل الحق في العودة إلى الاتفاقية المبرمة بينهما – اتفاقية الجزائر وفي أثناء حربه مع إيران أنزل بالمواطنين الأكراد أبشع أنواع القتل والبطش والتنكيل والإبادة باستخدام الغازات السامة والكيماوية وقنابل النابالم الحارقة بصورة همجية لم تعرف حرمة لشرع ولا لدين ولا لمروءة ولا لشرف ، وقد أمر جنده أن يدكوا بمدافعهم مدنا بأكملها على رؤوس النساء والأطفال والشيوخ والرجال من مواطنين بدلا من أن يحميهم ويقيهم كل مكروه باعتبارهم شعبه وأبناء وطنه وفي 2 أغسطس سنة 1990م (11 محرم سنة 1411هـ) قام باجتياح دولة الكويت واستباحة أرضها وطرد شعبها وتخريب منشآتها ونهب متاجرها وقتل الأحرار من أبنائها وتفجير آبار النفط فيها ، مما جعل العالم بأسره يقف في وجه هذا الطاغية ويحشد جنوده لحربه وطرده من الكويت ، الأمر الذي أنزل به هزيمة كاسحة راح ضحيتها مئات الآلاف ن جنود حرسه الوطني العراقيين وجعله يستسلم في ذلة وخنوع ويوافق على كل شروط قوات الحلفاء المنتصرين ،بعد أن دك الطيران كافة المنشآت والمرافق في العراق وتركها خرابا في معركة غير متكافئة أطلق عليها (عاصفة الصحراء) وعاد أمير الكويت إلى بلاده ورجعت الحكومة الكويتية من منفاها ومارست سلطاتها الا ان الحرب استمرت مع حصار جائر على العراق وكان مخول للحلفاء بقصف اى اهداف عراقية تضر بطيران منطقة الحضر فى الجنوب والشمال , وبعد عدت ضربات منها مباني الاستخبارات عام 1993 وثعلب الصحراء عام 1998 تم مهاجمة العراق بالحرب الفاصلة بتاريخ 19 / 3 / 2003 بعد وقف نشاطات بعثات التفتيش الدولي وتحجج الولايات المتحدة بان النظام العراقي لم يساهم بشكل فعال فى تدمير اسلحة الدمار الشامل, وبعد هجوم كاسح من جنوب البلاد استمر لمدة 3 اسابيع سقطت العاصمة وتم احتلال بغداد بعد حرب غير متكافئة وهرب النظام الى جهة غير معلومه , الا انه تم القبض على اغلبية اعضائه واهمهم الطاغية صدام حسين الذى تم القبض عليه بشهر ديسمر من نفس العام وبذلك انتهى عهد النظام البعثي
غازي مشعل عجيل الياور
1/5/2004
1/3/005
استلم الحكم بعد الاعلان عن الحكومة الانتقالية حيث اصبح السيد غازي مشعل عجيل الياور رئيس للجمهورية على ان يتم عمل الانتخابات بعد 7 شهور , ينتمي الرئيس غازي الى اسرة الياور المعروفة في العراق والتي تسكن الموصل وكان جده اشهرهم بتاريخ العراق الحديث الشيخ احمد عجيل الياور الذى ساند ثورة الشواف بالموصل ضد الرئيس عبد الكريم قاسم والتي تمت بها مجازر الشيوعين وانتهت بهروبه الى سوريا وعاد بعد انقلاب 1963 , تنتمي اسرة الياور الى اسرة الجربا احدي اكبر مشايخ قبيلة شمر العريقة وتعود اسرة الجربا بالنسب الى الاشراف من نسل قتادة حيث هاجروا من مكه قبل 700 عام واستوطنوا بحايل وجبل شمر بشمال شبه الجزيرة العربية فترة قبل ان ينتقلوا الى الموصل قبل 200 عام , والسيد غازي عجيل الياور ترك العراق بعد فترة احتلال الكويت وذهب الى السعودية ومن ثم الى الولايات المتحدة لاكمال دراسته هناك حيث تخرج مهندس مدني وعاد للعمل في السعودية , وعند اسقاط النظام البائد اصبح عضوا بمجلس الحكم ومن ثم اختيرا رئيسا له في الرئاسة الاخيره بدلاً عن الشهيد عز الدين سليم الذي اغتيل بحادث انفجار ومن ثم تم ترشيحة من قبل اعضاء مجلس الحكم ليكون رئيس الجمهورية العراقية بالفترة الانتقالية .
جلال الطالباني
1/3/2005
خريج كلية الحقوق واول رئيس كردي للعراق منذ تأسيسه قبل أكثر من ثمانين عاما، وقد انتخبته الجمعية الوطنية العراقية بعد أن أصبح الأكراد القوة الثانية في الجمعية الوطنية (البرلمان) إثر الانتخابات العامة الأخيرة.
يترأس الطالباني حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وكان ترشيح التحالف الكردستاني له لرئاسة العراق قد جرى في إطار صفقة طالب الأكراد فيها بإقرار الفدرالية ودمج كركوك بإقليم كردستان وجملة مطالب أخرى.
ويدعو الطالباني دول الجوار إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، وأكد على توفر أدلة كثيرة تثبت التدخل، وطالبها بالكف عن إسناد العمليات الإرهابية في العراق، وكان يعرف عن الطالباني علاقاته مع بعض دول جوار العراق وأبرزها إيران وسوريا وكذلك تركيا.
ويرفض الطالباني أي حكومة دينية معتبرا ذلك "خطا أحمر" مشيرا إلى "أننا لن نعيش ضمن حكومة إسلامية مع أننا نحترم الإسلام الذي هو ديننا وهويتنا".
انشق الطالباني في عام 1975عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان يتزعمه مؤسسه مصطفى البارزاني ليؤسس حزبه الحالي، وسيطر تدريجيا مع حزبه على مدينة السليمانية شمالي شرقي العراق، وخاض صراعات عديدة مع حليفه الراهن مسعود البارزاني للسيطرة على المنطقة الكردية، لكنهما اليوم يتقاسمان السلطة برغم أن كلا منهما يسيطر على مناطق نفوذه التقليدية.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 11:19 am | |
|
اليهود العراقيين أصلهم
رسم للملك الفارسي كورش الكبير الذي سمح بعودة اليهود إلى أورشليم
بابل، مهد الحضارات، كانت مولد العبرانيين، قبل أن يصبحوا "شعب إسرائيل" ويظهروا على ساحة التاريخ. أرض الرافدين كانت مولد إبراهيم جد بني إسرائيل الأكبر، الذي ترك أور المدينة القديمة شرقي الفرات في سنة 1900 قبل الميلاد بأمر اللهوهاجر إلى "الأرض التي سوف أريك إياها"، أرض الميعاد. בעבר הנהר ישבו אבותיכם מעולם عبر النهر سكن لكم آباء منذ وقت سحيق هذه العبارة هي علامة أصل الشعب اليهودي. وبسبب المصطلح الجغرافي "عبر النهر" أخذ "العبرانيون" اسمهم للأبد. تاريخ اليهود في العراق بدأ في الحقيقة مع سبي يهود إسرائيلمن قبل الآشوريين ثم البابليين فيما عربف بالبابليين. موجات السبي الرئيسية لبني إسرائيل كانت ثلاثا هي: سبي سامريا (721 ق.م.)، حيث سبى الآشوريون اليهود وعلى رأسهم الأسباط العشرة. سبي يهواخن(يهوياكين) (597 ق.م.)، حيث سبى نبوخذنصر 10 آلاف يهودي من أورشليم إلى بابل. سبي صدقيا (586 ق.م.)، التي كانت علامة لنهاية مملكة يهوذا، وتدمير أورشليم ومعبد سليمان الأول. أربعين ألف يهودي تقريباً تم سبيهم إلى بابل خلال ذلك الوقت. وقد كان محرماً على اليهود العودة إلى فلسطين أثناء الحكم البابلي وقد تغير الوضع بعد دخول الأخمينيين للعراق سنة 539 ق.م. حيث سمح لليهود بالعودة إلى فلسطين وقد عاد البعض وبقي البعض.
ضريح النبي ذي الكفل في العراق عام 1932 م
يهود العراق(بالكردي جي) هم أبناء الجالية الإسرائيلية في بابلالعراق الذين عاشوا في العراق منذ القدم والذين هاجر أغلبهم سنة 1948، وفيما بعد تم الاستيلاء على أملاكهم وأموالهم وأسقطت عنهم الجنسية العراقية. كان اليهود يشكلون 2.6% من مجموع سكان العراق عام 1947مفي حين أن نسبتهم انخفضت إلى 0.1% من سكان العراق عام1951م. أثناء الحكم الساساني مع سيطرة الفرس الساسانيين على العراق فرضت العديد من القيود وبدأ اليهود يشعرون بالمضايقة وساءت أوضاعهم نتيجة مطالبة الساسانيين سكان بالبلاد باعتناق الزردشتية. لم تلبث أوضاع اليهود أن تحسنت نسبياً أيام حكم بعض الملوك كشابور الأول وشابور الثاني. ظهر في القرن السادس الميلادي نبي سمي مزداك آمن به الملك الزردشتي بينما رفض اليهود الايمان به مما أثار النقمة عليهم واستمرت أوضاع اليهود بالتدهور خلال ذلك القرن. أثناء الحكم الإسلامي
دخل المسلمون العراق عام 661م (41هـ) بعد إنهاء الحكم الساساني للعراق، وقد رحب اليهود بهم نتيجة الاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له أثناء الحكم الساساني. في بداية فترة الحكم الإسلامي للعراق كانت توجد في العراق مدرستان كبيرتان لليهود تقع الأولى في مدينة سورا (حاليا في محافظة النجف) وتوجد الثانية في فوم بديثا (الفلوجة). وكان يطلق على الحاخام رئيس المدرسة اليهودية تسمية جاؤون فيما عرفت هذه الفترة لاحقا بالجيؤونيم.
كنيس بغداد العظيم
العهد العباسي
مع بدء عهد الخلافة العباسية وإنشاء بغداد كعاصمة لدولة الخلافة ازداد عدد اليهود في بغداد وانتقلت المدرستان الرئيسيتان إلى بغداد العاصمة ولم يشعر اليهود بالتفرقة في المعاملة إلا في فترات معينة ومن قبل بعض الولاة كهارون الرشيد والخليفة المتوكل، وفيما عداهما فقد كان العصر العباسي عصرا ذهبياً لليهود في العراق وأصبحت بغداد المركز الديني لليهود حول العالم وكان يتم توجيه جميع الاشكالات الدينية والفقهية اليهودية إلى بغداد ليقوم بحلها كبار الحاخامات. استمر هذا الازدهار حتى الغزو المغولي الذي أوقف هذا الازدهار حيث دمرت الكثير من الكنس. لم يتحسن الوضع مع قدومالصفويين فقد أساءوا معاملة اليهود أيضاً. العهد العثماني دخل العثمانيون العراق عام 1534م بعد طرد الصفويين منه، وفرضت الجزية على اليهود باعتبار أنهم من أهل الكتاب وضمن ليهود العراق حقوقهم وأمنهم. وبعد فترة وجيزة من حالة الاستقرار الحاصلة عادتبغداد لتصبح مركزا للثقل اليهودي الديني والثقافي والاقتصادي على مستوى العراق والهند وبلاد فارس وعدن، وأسست عام 1840م المدرسة اليهودية الكبيرة المعروفة بـ بيت زيلخا لتخريج الحاخامات. يهود العراق المعاصرون
في تاريخ العراق المعاصر كانت الغالبية العظمى من يهود العراق تسكن المدن وكانت فئة قليلة منهم تسكن الريف وتركزت في ريف شمالالعراق. سكن هؤلاء اليهود بشكل أساسي في المدن الرئيسية مثلبغدادوالبصرةوالموصل، لكن كان لليهود وجود رئيسي في العديد من المدن الأخرى مثلالسليمانيةوالحلةوالناصريةوالعمارةوالديوانيةوالع زيروالكفلوأربيلوتكريتوحتى النجف التي احتوت على حي لليهود سمي بعقد اليهود (عكد اليهود) وغيرها من المدن. وساهم هؤلاء اليهود في بناء العراق حيث كان أول وزير مالية في الحكومة العراقية عام 1921 يهودياً ويدعىحسقيل ساسون. المطربة سليمة مراد. عوفاديا يوسفحاخاماليهود الشرقيين في إسرائيل والزعيم الروحي لحزب شاس لليهود الارثودكس، وهو من مواليد 1920البصرة فيالعراق. بنيامين بن إليعازر وزير الدفاع الإسرائيلي الاسبق. مناحيم دانيال - كان عضوا في مجلس الأعيان في العهد الملكي، وتوفي عام1940م. وأبنه عزرا مناحيم عين كذلك عضوا في مجلس الأعيان. أنظر مجلس مناحيم دانيال. الأستاذ مير بصري كان مشهورا في علوم الاقتصاد وألف كتبا عديدة منها كتاب مباحث في الاقتصاد والمجتمع العراقي. الكاتب المعادي للصهيونية نعيم جلعادي المشهورون في مجال الموسيقى والسينما
من العراقيين اليهود الذين أشتهروا في المجال الموسيقي بعضهم وليس جميعهم : الموسيقار صالح يعقوب عزرا أو كما هو مشهور صالح الكويتي وهو من كبار الموسيقيين العراقيين الموسيقار داود يعقوب عزرا أو كما هو مشهور داود الكويتي وهو من كبار الموسيقيين العراقيين عزوري العواد وهو العازف على آلة العود وموسيقي مشهور ساسون الكمنجاتي توفي في وسط اربعينات يوسف زعرور الكبير عازف القانون يوسف زعرور الصغير ابن عم يوسف زعرور الكبير حوكي بتو عازف السنطور الذي ولد في القرن التاسع عشر وتوفي في بداية الثلاثينات يهودا شماش عازف ايقاع سليم شبث قارئ المقام العراقي نجاة (العراقية) التي توفيت في إسرائيل 1989 فلفل كرجي قاريء المقام البير الياس عازف على آلة الناي موسيقي معروف ولديه ألحان كثيرة كذلك أستوديو بغداد السينمائي تم تاسيسه عام 1948م من قبل التجار اليهود الأغنياء وأنتج أفلام ناجحة منها عاليا وعصام وليلى في العراق وكان ملحق به (أستوديو هاماز) مختبر لتظهير الأفلام التي يصوروها. الهجرة والتهجير تعرض اليهود في العراق إلى عملية قتل نهب للمتلكات وعرفت هذه العمليات باسم الفرهود حيث قتل فيها العديد من اليهود ونهبت ممتلكاتهم في بداية الأربعينيات. وبعد قيام دولة إسرائيلعام 1948م زادت الحكومة ضغوطها باتجاه اليهود العراقيين. في البداية لم تكن الهجرة خياراً واضحاً في عموم يهود العراق حيث أنهم كان التيار السائد بينهم هو تيار ضد الصهيونية. تعرضت عدة دور عبادة يهودية في بغداد للتفجير مما أثار حالة من الهلع بين أبناء الطائفة والتي اتهم بها لاحقاً ناشطون صهاينة لتشجيع الهجرة من العراق. في البداية لم تسمح الحكومة العراقية لليهود بالسفر لكن لاحقاً أصدرت آنذاك قراراً يسمح لليهود بالسفر بشرط إسقاط الجنسية العراقية عن المهاجرين منهم. وقد هاجرت غالبية الطائفة من العراق خلال عامي 1949و1950مفي عملية سميت عملية عزرة ونحمية إلى أن تم إغلاق باب الهجرة أمامهم وقد كان في بداية الخمسينيات حوالي 15 آلاف يهودي بقي في العراق من أصل حوالي 135 ألف نسمة عام1948م. وعند وصول عبد الكريم قاسم للسلطة رفع القيود عن اليهود المتبقين في العراق وقد بدأت وضعيتهم تتحسن وأخذت الأمور تعود إلى طبيعتها. لكن انقلاب حزب البعث واستلامه للسلطة أعاد الاضطهاد والقيود عليهم وفي عام 1969م أعدم عدد من التجار معظمهم من اليهود بتهمة التجسس لإسرائيلمما أدى إلى تسارع حملة الهجرة في البقية الباقية من يهود العراق والتي شهدت ذروتها في بداية السبعينيات. وعند الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003م كان مجموع اليهودالمتبقين في العراق أقل من 100 شخص معظمهم إن لم يكن كلهم في بغداد والغالبية العظمى منهم هم من كبار السن والعجزة.اما التوزع الحالي ليهود العراق فهو كالتالي: 404,000 في إسرائيل 15,000 في أمريكا 6,500 في المملكة المتحدة
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر السبت 30 مارس 2013, 11:24 am | |
|
ثورة العشرين العراقيه ​ثورة العشرين ثورة اندلعت في العراق ضد الاحتلال البريطاني وسياسة تهنيد العراق تمهيدا لضمه لبريطانيا كسلسلة من الانتفاضات التي حدثت في الوطن العربي جراء عدم ايفاءالحلفاء بالوعود المقطوعة للعرب بنيل الاستقلال كدولة عربية واحدة من الهيمنة العثمانية. واتخذت الثورة باديء الامر شكل العصيان المدني ثم المواجهات المسلحة التي ادت إلى عقد مؤتمر القاهرة الذي حضرة وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل لمناقشة موضوع الانتفاضات العربية كثورة 1919 في مصر وثورة العشرين في العراق وانتفاضة اليمنيين والسوريين والفلسطينيين, وتقرر منح هذه الدول استقلال ذاتي محدود تنفيذا لمعاهدة سايكس بيكو بتجزئة الولايات العثمانية ونمحها استقلال شكلي وربطت تلك الدول بمعاهدات تسهل من خلالها هيمنة بريطانيا وفرنسا عليها. ثورة العشرين قام الشعب العراقي بثورة عام 1920م والتي سميت بثورة العشرين وشملت معظم المدن العراقية لمقاومة النفوذ البريطاني وسياسة تهنيد العراق تمهيدا لضمه للتاج البريطاني أو ما يسمى دول الكمنويلث، وكذلك بسبب سوء معاملة الإنجليز للعراقيين، وانتشار الروح الوطنية والوعي القومي بينهم. وكان السبب المباشر لاندلاع الثورة هو قيام الحاكم الإنجليزي ليجمن في الرميثة بالقبض على أحد شيوخ العشائر شيخ عشيرة الظوالم شعلان أبو الجون مما أدّى إلى دخول رجاله عنوة إلى سراي الحكومة، وإطلاقهم سراح شيخهم وقتلهم الحرس، وقلعهم سكة حديد الرميثة وما كان جنوبها، والسيطرة على بعض المدن وإلحاق الخسائر بالقوات البريطانية في تلك المناطق. وهكذا انتشرت الثورة في محافظات بغداد وكربلاء وبابل والنجف وديالى والموصل بضمنها الإمارات الكردية وغيرها. ودامت الثورة حوالي ستة شهور تكبدت خلالها القوات البريطانية خسائر بشرية كبيرة بلغت حوالي ألفين وخمسمائة بين قتيل وجريح، وخسائر في الممتلكات تزيد عن أربعين مليونًا من الجنيهات الأسترلينية. وقد كشفت الثورة عن التضامن والنضج السياسي والاستعداد العسكري بين العراقيين آنذاك. ويؤخذ على الثورة عدم وجود قيادة موحدة لها، الأمر الذي أدى إلى عدم قيام العراقيين بالثورة في آن واحد مما نجم عنه وقوع أخطاء فردية. وقد أظهرت هذه الثورة صعوبة استمرار الحكم البريطاني المباشر في العراق. ونتيجة لانتقادات الساسة البريطانيين في مجلس العموم البريطاني لسياسة بريطانيا في العراق، قررت الحكومة البريطانية أن تحكم العراق بصورة غير مباشرة، وذلك بإقامة حكومة وطنية فيه. الحكومة الوطنية المؤقتة وتأسيس الملكية أسرعت الحكومة البريطانية إلى تاسيس ماسمي بالحكم الاهلي في العراق وذلك بتشكيل أول حكومة وطنية مؤقتة برئاسة عبد الرحمن النقيب وروعي في توزيع الحقائب الوزارية التمثيل الديني والطائفي والعشائري للبلاد، ووُضِع مستشار إنجليزي بجانب كل وزير. وأعلنت بريطانيا عن رغبتها في إقامة ملكية عراقية رشحت لها الأمير فيصل بن الشريف حسين بعد خروجه من سوريا. وتم اختيار الأمير فيصل ملكًا على العراق، وتوّج في 18 ذي الحجة 1340هـ، 23 أغسطس 1921م بعد إجراء استفتاء شعبي كانت نتيجته 96% تأييدًا لفيصل. ومهما يكن من أمر فقد بدأ التدخل الأجنبي في الحكومة، وقد واجه فيصل وحكومته مشكلات داخلية وخارجية معًا: أما المشكلات الداخلية فكانت تتعلق بالقبائل والأقليات كالأكراد والآشوريين والانقسام الطائفي بين السُنة والشيعة. أما المشكلات الخارجية فتتعلق بموقف العراق من بريطانيا والتي أجبرته على توقيع معاهدة معها في 10 أكتوبر 1922م تضمنت أسس الانتداب، واشترطت المعاهدة تأسيس مجلس تأسيسي منتخب لتشريع الدستور وإصداره. الحكومة الانتقالية بعدان عقد مؤتمر القاهرة عام 1920 على اثر ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني ،وضد سياسة تهنيد العراق. حيث اصدر المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس اوامره بتشكيل حكومة عراقية انتقالية برئاسة نقيب اشراف بغداد عبد الرحمن النقيب الكيلاني وتشكيل المجلس التاسيسي الذي تولى من ضمن العديد من المهام وانتخاب ملكاً على عرش العراق، وتشكيل الوزارات والمؤسسات والدوائر العراقية، واختيار الساسة العراقيين لتولي المهم الحكومية. أسرعت الحكومة البريطانية إلى تشكيل أول حكومة وطنية مؤقتة برئاسة عبد الرحمن الكيلاني نقيب أشراف بغداد، ووُضِع مستشار إنجليزي بجانب كل وزير. وأعلنت بريطانيا عن رغبتها في إقامة ملكية عراقية رشحت لها الأمير فيصل بن الشريف حسين ملكًا على العراق، 23 أغسطس/ اب 1921م بعد إجراء استفتاء شعبي كانت نتيجته 96% تأييدًا لفيصل. أجبرت بريطانيا فيصل على توقيع معاهدة معها في 10 أكتوبر/ تشرين1 1922م تضمنت بعض أسس الانتداب. المجلس التأسيسي العراقي صدرت الإرادة الملكية في 19 أكتوبر 1922م بتشكيل المجلس التأسيسي ليقر تاسيس الوزارات والمؤسسات الحكومية وصياغة دستور المملكة، وقانون انتخاب مجلس النواب، والمعاهدة العراقية البريطانية. واختير عبد الرحمن النقيب الكيلاني أول رئيس وزراء في المملكة العراقية، ثم خلفه الشخصية الوطنية عبد المحسن بيك السعدون, كما سمح الملك فيصل بإنشاء الأحزاب السياسية على النمط الأوروبي في عام 1922 م. وفي عام 1924 تم التصديق على معاهدة 1922 م التي تؤمن استقلال العراق ودخوله عصبة الأمم وحسم مشكلة الموصل. وقد تشكل المجلس من الشخصيات البارزة والفاعلة من مدنيين وعسكريين على الساحة الوطنية ،والذين لعبوا دورا في استقلال العراق وتأسيس دولته، منهم نقيب اشراف بغداد عبد الرحمن النقيبوعبد المحسن السعدون الذي أصبح لاحقا رئيساً للوزراءوبكر صدقي الذي قاد أول انقلاب عسكري في المنطقة عام 1936 ورشيد عالي الكيلاني باشا الذي أصبح عام 1941 رئيسا لوزراء حكومة الإنقاذ الوطني بعد دخول العراق في الحرب العالمية الثانية والفريق نوري السعيد باشا والفريق جعفر العسكري الذي تولى وزارة الدفاع، وعبد الوهاب بيك النعيميالذي كان ناشطا في الجمعيات السرية التي تدعو لاستقلال العراق، والذي جمع ودون المراسلات والمداولات والتي سميت "مراسلات تاسيس العراق"، والمتضمنة للحقائق والأحداث وراء الكواليس والتي لعبت دورا في تأسيس المجلس التاسيسي والدولة العراقية عام 1921. ثم سمح فيصل بإنشاء الأحزاب السياسية على النمط الأوروبي في عام 1922م، وتشكلت ثلاثة أحزاب كان اثنان منها يمثلان المعارضة، هما الحزب الوطني العراقي وحزب النهضة العراقية، ويطالبان بالاستقلال وإقامة حكومة ملكية دستورية في العراق؛ في حين يطالب الحزب الثالث، وهو الحزب الحر العراقي بتأييد الوزارة ويؤيد عقد معاهدة تحالف مع بريطانيا. أصبح لهذه الأحزاب أثر واضح في الحياة السياسية للعراق، فقد نظم الحزب الوطني وحزب النهضة مظاهرة شعبية في الذكرى الأولى لتتويج الملك نادت بإلغاء الانتداب. وألقيت الخطب الوطنية الحماسية مما جعل المندوب السامي البريطاني يحتج على ذلك. ونجم عن ذلك حلّ حزبي المعارضة ونفي زعمائهما إلى خارج البلاد. وعم السخط كل أنحاء العراق، وقامت انتفاضات شعبية في بعض أنحاء العراق، فلجأ المندوب السامي إلى القصف الجوي لقمع هذه الانتفاضات، واستخدم العنف والقسوة ضد مناوئي الانتداب. جرت انتخابات المجلس التأسيسي في فبراير/ شباط 1924م، وتم افتتاح المجلس التأسيسي في مارس/ ايار عام 1924م، وانتخب عبد المحسن السعدون رئيسًا له، وحددت مهمة المجلس بالتصديق على معاهدة 1922م التي تؤمن استقلال العراق ودخوله عصبة الأمم وحسم مشكلة الموصل. وجوبهت المعاهدة بمعارضة شديدة، ولجأت الحكومة إلى الإرهاب، ورفض المندوب السامي البريطاني إجراء بعض التعديلات على المعاهدة قبل إبرامها. وتم التصديق على المعاهدة وإعلان الدستور وقانون الانتخابات. وانحل المجلس التأسيسي وحل محله مجلس النواب في 21 مارس/ ايار 1925م. أنهى المجلس مشكلة الموصل التي كانت تطالب بها تركيا، وعرضت قضية الموصل على عصبة الأمم التي أوصت بأن تكون ضمن المملكة العراقية على شرط أن تبقى تحت الانتداب البريطاني مدة 25 سنة. وعلى أثر ذلك تم عقد معاهدتين الأولى بين العراق وبريطانيا في 13 يناير/ كانون أول 1926م والثانية بين العراق وتركيا وبريطانيا في 5 يونيو 1926م، تضمنت علاقات حسن الجوار، ونص فيها على اعتبار الحدود نهائية. وصادق البرلمان العراقي على المعاهدة في 18 يناير/ كانون أول 1926م التي كانت مادتها الثالثة تنص على إمكان النظر في دخول العراق عصبة الأمم بعد أربع سنوات. يقولون ..صدام شن حرب على ايران.... ولكن وقائع التاريخ تقول غير ذلك.. (جزء من دراسة) التصعيد الايراني والتمهيد للعدوا ن
في شباط 1979 وصل الخميني إلى طهران قادما من منفاه الباريسي على متن طائرة فرنسية خاصة وفي حماية عناصر الأمن الفرنسي، ليعلن بداية نظام سياسي جديد فريد قائم على مفهموم "دولة الفقيه"، وعلى دستور جديد متضمنا دكتاتورية مفرطة، تجمع كل السلطات الدستورية في شخص واحد. المادة الخامسة من الدستور الايراني تشير إلى "يتولى ولاية الأمر في الجمهورية الإسلامية الايرانية وإمامة الأمة، فقيه تقي عادل، شجاع مدير ومدبر، وأن تكون قيادته مقبولة ومعروفة من قبل أغلبية الناس". ونصت المادة السابعة والخمسون "أن السلطات الحاكمة في الجمهورية الإسلامية الايرانية هي السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وتعمل هذه السلطات تحت إشراف ولاية الآمر وإمامة الأمة حسب الأصول المتبعة في الدستور". هذه الدكتاتورية الفريدة من نوعها في عالم اليوم تركت أثارها المدمرة على الشعبين العراقي والايراني، وقادت إلى نتائج كارثية، وسببت قتل وتشريد الملايين من الأبرياء، وتدمير ثروة الشعبين خدمة لمصالح القوى التي خلقت ظاهرة "الخميني". إن مراجعة مسيرة العلاقات بين البلدين ابتداء من نجاح مجموعة الخميني في سلب انتصار الشعوب الايرانية على نظام الشاه، وهيمنتها على القرار السياسي في ايران، تبرهن من جانب، نية القيادة الايرانية على تخريب العلاقة مع العراق، وإصرارهم على خلق أزمة سياسية تساعدهم على تنفيذ مشروعهم العنصري، وتصدير ثورتهم البائسة خارج الحدود الايرانية، كمقدمة للسيطرة على جنوب العراق وثروته النفطية من جانب، ومن جانب آخر، فأن المراجعة توضح سعي القيادة العراقية إلى بناء علاقات طبيعية مع النظام الجديد على أسس تراعي مصالح البلدين، وتنسجم مع مقومات الجيرة والقوانين والأعراف الدولية. ومنذ الأيام الأولى لقيام النظام الجديد عبرت القيادة العراقية بشكل رسمي عن رغبتها في تطوير العلاقة مع ايران، وتغاضت عن تصرفات قادة النظام الجديد، وتعاملت بصبر وحلم مع اعتداءاتهم الاستفزازية. أدناه نماذجا من المحاولات التي بذلتها القيادة العراقية لتطوير العلاقات مع النظام الايراني الجديد دون جدوى.
* في الثاني عشر من شباط 1979 وجهت الحكومة العراقية مذكرة رسمية أعربت فيها عن اعتزاز العراق في النصر الذي حققته الشعوب الايرانية بعد نضالها الطويل، وأبدت رغبتها في إقامة الصلات الأخوية وتوطيد علاقات التعاون مع الشعوب الايرانية.
* في الخامس من نيسان 1979 وجه رئيس الجمهورية العراقية المرحوم الرئيس احمد حسن البكر برقية تهنئة إلى الخميني بمناسبة إعلان "الجمهورية الاسلامية" عبر فيها عن رغبة العراق في توطيد العلاقات المشتركة، إلا أن رد الخميني جاء سلبيا ومنافيا لأدنى حدود اللياقة وصيغ التخاطب المتعارف عليها بين رؤساء الدول. برغم هذا الموقف السلبي إلا أن الحكومة العراقية حرصت على التواصل مع القيادة الايرانية، وتفويت الفرصة على أعداء العراق والأمة العربية. فقامت في توجيه دعوة رسمية إلى رئيس الحكومة الايرانية مهدي بازركان لزيارة العراق والتباحث في ملفات العلاقات بين البلدين، وإيجاد سبل تطويرها، إلا أن الجانب الايراني لم يرد على الدعوة.
* في الاجتماع الوزاري لمكتب التنسيق الدائم لدول عدم الانحياز الذي انعقد في كولومبو/ سريلانكا عام 1979، قدم العراق اقتراحا لتضمين البيان الختامي نصا "يرحب بانسحاب ايران من حلف السنتو". وكذلك قدم العراق ترحيبا رسميا في انضمام ايران إلى حركة عدم الانحياز. على هامش مؤتمر قمة هافانا لدول عدم الانحياز، وبناء على طلب الجانب العراقي، عقد الرئيس صدام حسين لقائين مع وزير الخارجية الايراني ابراهيم يزدي أكد فيهما رغبة العراق في إقامة علاقات التعاون وحسن الجوار.
* إثر تولي أبو الحسن بني صدر مهام منصب رئيس الجمهورية، قام السفير العراقي بتكليف مباشر من رئاسة الجمهورية في زيارته يوم 20 شباط 1980 لنقل تهاني القيادة العراقية.
مقابل الجهود الصادقة للحكومة العراقية ورغبتها في تطوير العلاقة بين البلدين، وتفادي المواجهة السياسية والعسكرية مع القيادة الايرانية، سعى الخميني وأتباعه وبغطرسة عالية لتصعيد الأزمة، وانتهز القادة الايرانيون كل الفرص السياسية والإعلامية للتعبير عن مشاعر العداء للعراق وقيادته الوطنية، وأفصحوا عن عدم رغبتهم في التعامل مع الحكومة العراقية.
فمنذ الأسابيع الأولى التي أعقبت عودة الخميني إلى طهران، وتبلور ملامح النظام الجديد، بدأت العلاقة بين البلدين تتدهور بشكل متسارع نتيجة لقرار القيادة الايرانية تصعيد الأزمة مع العراق تحت ذرائع ما أطلق عليها "تصدير الثورة الإسلامية".
لن نتعرض في هذه المساهمة إلى العمليات الإجرامية التي نفذتها المجاميع العميلة لايران في الجامعة المستنصرية والمدرسة الايرانية في بغداد بإيعاز مباشر من الأجهزة الايرانية، ولن نشير إلى دفع ايران لعناصر عراقية الجنسية للقيام في تظاهرات استفزازية، رفعت شعارات طائفية مهددة لوحدة شعب العراق وقيادته الوطنية. كذلك لن نتعرض إلى قيام القيادية الايرانية في استدعاء فلول الجيب العميل من منافيهم وتقديم الدعم العسكري والمادي لهم، ومساعدتهم على إعادة أنشطتهم التخريبية في شمال العراق بشكل منافي لأحكام "اتفاقية الجزائر". بل سنركز في هذه المساهمة على الاعتداءات الايرانية المباشرة على سيادة العراق وأرضيه وممتلكاته، وعلى التهديدات الايرانية الصريحة لشعب العراق وقيادته.
إن الوقائع تشير إلى أن القيادة الايرانية بدأت إطلاق تصريحاتها المعادية لشعب العراق وقيادته منذ الساعات الأولى لوصولها إلى طهران، إلا أن الحملة المعادية للعراق بدأت تأخذ طابعا أكثر حدة ووضوحا إثر قيام الإذاعة الايرانية بالتحريض على إسقاط الحكومة العراقية، وبعد قيام المتظاهرين الايرانيين في مهاجمة مبنى السفارة العراقية والقنصليات العراقية وكوادرها. أدناه استعراضا لأهم تلك التجاوزات والتهديدات الاستفزازية التي شكلت انتهاكا صريحا للسيادة العراقية، وتهديدا جديا لأمن العراق واستقلال شعبه واستقرار نظامه السياسي.
* تعرض مبنى السفارة العراقية في طهران إلى العديد من الاعتداءات والاستفزازات، كما تعرض منتسبيها إلى الإهانات والاعتداءات الجسدية وإلى تهديدات مباشرة بالقتل.
* تعرضت القنصلية العراقية في المحمرة إلى أربع اعتداءات خلال الفترة من 11 إلى 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1979. حيث حطمت أبواب ونوافذ بناية القنصلية وأحرقت سجلاتها، واعتدي على موظفيها بالضرب. وفي 11 كانون الثاني 1980 هاجمت عصابات الأمن الايرانية بناية القنصلية مجددا، فتم مصادرة وثائق القنصلية وإنزال العلم العراقي وتمزيقه. هذا الانتهاك الواضح لحرمة مؤسسة سيادية يشكل مخالفة صريحة للأعراف الدبلوماسية، وخرقا واضحا لميثاق الأمم المتحدة وبروتوكولات جنيف.
* في 22-6-1979 نشرت مجلة "الحوادث" البيروتية خبرا مفاده أن وزير خارجية ايران أبلغ السفير العراقي في طهران بأن حكومته ليست راضية عن اتفاقية 1975، وقال "من قال لكم أننا راضون على ذلك الاتفاق، فما زال الحساب بيننا وبينكم مفتوحا وهنالك أمور كثيرة سنطالبكم بها". * في الثامن من نيسان 1980 صرح وزير خارجية ايران بأن "عدن وبغداد يتبعان بلاد فارس".
* في التاسع من نيسان صرح صادق قطب زادة بان حكومته قد قررت إسقاط النظام العراقي، وأن الحكومة الايرانية لا تتمسك باتفاقية الجزائر.
* في 17 نيسان ألقى الخميني خطابا قال فيه "إن النظام العراقي الذي يهاجم ايران إنما يهاجم القرآن والإسلام وأن ايران ستأخذ العراق وسنتقدم إلى بغداد".
* في 19 نيسان 1980 نشرت صحيفة "جمهوري إسلامي" تصريحا للخميني جاء فيه "إن واجب العراقيين والشعب العراقي الإطاحة بهذا الحزب البعثي".
* في مقابلة أجرتها الإذاعة الايرانية باللغة العربية في 23 نيسان 1980، أعلن صادق قطب زادة "أن الشعب الايراني أصبح مهيئا لمناصرة الشعب العراقي، وأضاف أن بلاده لن تعرف طعم الراحة والطمأنينة والاستقرار ما لم تعمل على إسقاط نظام صدام حسين".
* في نفس اليوم، صرح رئيس أركان القوات الايرانية تصريحا فضح فيه نوايا ايران على احتلال العراق، حيث قال "أن الجيش الايراني قادر على كل شي، وهو ينتظر الأوامر لاحتلال العراق، وأن العراقيين سيفتحون أذرعهم لاستقبال الجيوش الايرانية".
* في 23 نيسان 1980 أصدر "آية الله الشيرازي" بيانا وزع في شوارع طهران والمدن الايرانية الأخرى ورد فيه " ننبه الأمة كلها بأن الوقت قد حان لمعرفة واجبها الأول وهو القضاء على تلك الزمرة البعثية باستخدام جميع الوسائل المتيسرة".
* في مقابلة مع صحيفة "الخليج" في 1-5-1980 سأل أبو الحسن بني صدر "ألا تعتقد أن تصريح الخميني أنه إذا استمر العراق بنهجه وواصل اعتداءاته على ايران، فأن الجيش الايراني سيذهب إلى بغداد لتحرير الشعب العراقي هو تدخل في شؤون العراق"!؟. أجاب بني صدر "إن هذا لا يعتبر تدخلا في شؤون العراق لأننا نعتبر أمة الإسلام أمة واحدة، وأن الإمام قائدها وهو لذلك قائدا لشعب العراق".
* في 14-9- 1980 أعلن الجنرال فلاحي نائب رئيس قيادة الأركان المشتركة لجيش "الجمهورية الإسلامية" في حديث لشبكتي الإذاعة والتلفزيون الايرانية بأن ايران لا تعترف باتفاقية الجزائر الموقعة مع العراق في آذار عام 1975، ولا بالحدود البحرية مع العراق". الاعتداءات العسكرية الايرانية قبل 22 أيلول 1980
لم تقتصر الاعتداءات والتجاوزات الايرانية على شعب العراق وسيادته على مهاجمة المنشآت الدبلوماسية، وإطلاق التصريحات الاستفزازية، والتهديد في استخدام القوة المسلحة، بل رافقها اعتداءات عسكرية مباشرة على الأراضي والمرافق والممتلكات العراقية.
هذه الممارسات اتخذت صيغ قصف المخافر الحدودية، أسر عسكريين من قوات الحدود، التعرض للطائرات المدنية، إطلاق النار على السفن والبواخر العراقية والأجنبية المارة بشط العرب، غلق الممرات المائية، قصف المدن والمرافق الاقتصادية بالمدفعية الثقيلة والطائرات. هذه الاعتداءات موثقة ومسجلة في (240) مذكرة رسمية قدمت إلى وزارة الخارجية الايرانية ومودع نسخ منها لدى سكرتارية الأمانة العامة للأمم المتحدة، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، و"منظمة المؤتمر الإسلامي" وبشكل مفصل.
ففي خلال الفترة الواقعة بين شباط 1979 وأيلول 1980 قام سلاح الجو الايراني بـ (249 ) اعتداء على الأجواء والأراضي العراقية، وشنت القوات المسلحة الايرانية (244) عدوانا على المخافر الحدودية والأهداف المدنية والمنشات الاقتصادية العراقية. أدناه نماذج للاعتداءات الايرانية المسلحة على الأهداف العراقية خلال الفترة ما بين 4/7/1980 و22/9/1980، هذه الاعتداءات موثقة بشكل لا يقبل الخلاف والجدل.
* في 28 تموز/1980 قصفت المدفعية الايرانية الثقيلة مخفر الشيب العراقي بالمدفعية الثقيلة.
* في 27 آب/أغسطس أعلنت إذاعة طهران، وفقا لما نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية في 29 آب 1980، بأن المعارك قد أخذت حجما أكثر خطورة بعد اندلاع المعارك في منطقة قصر شيرين وامتداتها إلى معظم المراكز الحدودية. وأعلنت أن القوات المسلحة الايرانية قد استخدمت في عملياتها لأول مرة صواريخ أرض- أرض.
* في 4/9/1980 احتلت القوات الايرانية مناطق زين القوس وسيف سعد وهي أراض عراقية منزوعة السلاح، اعترفت الحكومة الايرانية في ملكيتها العراقية في "اتفاقية الجزائر" عام 1975، واستخدموها في قصف مناطق مندلي وخانقين وزرباطية بالمدفعية الثقيلة.
* في 4/9/1980 فتحت القوات الايرانية نيران المدفعية الثقيلة من عيار 175 ملم مجددا على مدن خانقين وزرباطية والمنذرية، وكذلك على قاطع مندلي ومصفى الوند والمنشآت النفطية في نفط خانة مسببة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
* عاودت القوات الايرانية قصفها للمدن والمواقع العراقية يومي 5 و6 /أيلول مستهدفة المنشآت الاقتصادية والمخافر الحدودية، فردت القوات العراقية على الاعتداءات بقصفها مدينتي قصر شيرين ومهران.
* في يوم 7 أيلول 1980 تكرر القصف الايراني على المدن والمنشات الاقتصادية العراقية وخاصة النفطية منها.
* في الثامن من أيلول اضطرت القوات العراقية إلى إزاحة قوات الاحتلال الايراني من منطقة زين القوس. في اليوم ذاته سلمت الحكومة العراقية القائم بالأعمال الايراني مذكرة بهذا الخصوص، وأبلغته رسميا بعدم وجود أطماع عراقية في الأراضي الايرانية.
* في العاشر من أيلول حررت القوات العراقية منطقة "سيف سعد" العراقية من سيطرة القوات الايرانية.
* في يوم 16 أيلول أعلنت الحكومة الايرانية إغلاق أجوائها في وجه الملاحة الأجنبية، وباشرت قصفا مكثفا لمنطقة لشط العرب والموانيء العراقية دمرت فيها سفن ومراكب عراقية وأجنبية. تفاصيل الخسائر موثقة لدى وكالة التأمين الدولية "لويدز".
* في 12 أيلول فتحت القوات الايرانية نيران مدافعها وأسلحتها الخفيفة على سفينة التدريب العراقية "ماجد" أثناء مرورها قرب جزيرة أم الرصاص في شط العرب، ودمرت كذلك عدد آخر من السفن الأجنبية والعراقية الراسية والمارة في شط العرب.
* في 12 أيلول نشرت الصحف العالمية تصريحات ايرانية تشير إلى قيام القوات الايرانية بقصف أهداف عسكرية في العراق، في ضمنها قصف 6 مطارات ومنشات عسكرية وتبجحت في قتل 47 عراقيا.
* في يوم 16/ 9 فتحت القوات المسلحة الايرانية نيران مدافعها على منطقة أم الرصاص، وقصفت آبار النفط المرقمة (4) و(5) في قاطع ميسان، وكذلك قصف محطة عزل الغاز.
* في 18 أيلول بدأت القيادة المشتركة لجيش "الجمهورية الإسلامية الايرانية" بإصدار بيانات عسكرية أذيعت من إذاعة طهران. حيث أصدرت القيادة الايرانية ثمان بيانات جاء في الأول منها الصادر في18 أيلول "أن القوات الايرانية دمرت منشآت نفطية داخل الحدود العراقية". وورد في البيان الثالث، الصادر يوم 19 أيلول "أن القوات الايرانية المسلحة استخدمت السلاح الجوي في العمليات العسكرية"، وفي البيان الرابع الصادر يوم 19 أيلول تبجحت القيادة العسكرية الايرانية في إشعال النيران في حقول نفط خانة العراقية. وفي البيان السابع الصادر يوم 12 أيلول أعلنت القيادة الايرانية النفير العام تنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة.
بالرغم من أن جميع هذه الاعتداءات الموثقة وقعت أحداثها قبل الرد العراقي الوقائي الشامل في يوم 22 أيلول، إلا أن النظام الايراني المتغطرس مازال مصرا على أن العراق هو الطرف البادىء بالحرب، وأن الحرب قد بدأت يوم 22 أيلول.
إلى جانب الأدلة المقدمة أعلاه، فأن مسؤولية الطرف الايراني في شن الحرب يمكن حسمها قانونيا إذا ما أخضعنا ممارسات النظام الايراني خلال الفترة التي سبقت 22 /9/1980 إلى مبادىء القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وخاصة القرار المعرف للعدوان.لقد شخصت المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة مفهوم العدوان بشكل محدد لا لبس فيه، وأعطت المادة المذكورة الحق لدولة ما في استخدام القوة للدفاع عن وجودها ومصالحها ضد العدوان الأجنبي. وحددت الجمعية العامة بقرارها المرقم (3314) في جلستها المرقمة (2319) في 14-2-1974 الممارسات التي تعد عدوانا، حيث عرفت العدوان بـ"استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو بأية صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة". ووصفت المادة الثالثة من القرار المذكور بوضوح الحالات التي تنطبق عليها صفة العدوان وكما يلي:
1 - قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى، أو الهجوم عليها، أو أي احتلال عسكري وإن كان مؤقتا لأراضيها، أو ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة.
2 - قيام القوات المسلحة لدولة ما برمي القنابل والمتفجرات على أراض دولة أخرى، أو استخدام دولة ما أي نوع من الأسلحة ضد إقليم دولة أخرى.
3 - فرض الحصار على موانىء دولة ما أو على سواحلها من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى.
4 - قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية، أو مهاجمة الأسطولين التجاري البحري والجوي لدولة أخرى.
هل تنطبق صفات العدوان الأربع أعلاه على ممارسات النظام الايراني تجاه شعب العراق قبل الثاني والعشرين من أيلول 1980؟
أولا: لقد سبق للحكومة الايرانية أن احتلت بتاريخ 4/9/1980 أراض منزوعة السلاح سبق للحكومة الايرانية أن اعترفت بعائديتها للعراق في "اتفاقية الجزائر" 1975 (منطقتي سيف سعد وزين القوس). وعلى الرغم من أن الاتفاقية المذكورة نصت على إعادة الأراضي المذكورة إلى العراق، إلا أن ايران لم تنفذ التزاماتها. بعد زحف القوات الايرانية واحتلال تلك المناطق في الرابع من أيلول، تم استخدامها لتدمير المدن والمرافق الحدودية العراقية. من الواضح أن هذه الممارسات تنطبق عليها أحكام الفقرة (1) من وصف الأمم المتحدة لحالة العدوان.
ثانيا: في الرابع من أيلول والأيام التالية فتحت القوات الايرانية مدفعيتها الثقيلة من عيار 175 ملم على مدن خانقين ومندلي وزرباطية والنفط خانة مما أدى إلى إلحاق أضرار مادية وبشرية جسيمة بتلك المدن والمنشآت العراقية. هذا الممارسات العدوانية تنطبق عليها الفقرة (2) من تعريف العدوان المعتمد من قبل الهيئة الدولية، وبالتالي فأن ايران هي الطرف المعتدي وأن للعراق الحق المشروع في رد العدوان على شعبه. ثالثا: ابتداء من 19/ 9/1980 شرعت ايران في توسيع نطاق الأزمة من خلال غلقها لمضيق هرمز وشط العرب بوجه الملاحة العراقية. هذا التصرف الاستفزازي شكل تهديدا جديا للأمن الاقتصادي العراقي، لكون شط العرب يمثل المنفذ المائي الوحيد للعراق إلى البحر. هذا التوسيع تنطبق عليه الفقرة (3) من قرار الجمعية العامة في وصف العدوان.
رابعا: خلال الفترة التي سبقت الثاني والعشرين من أيلول، قامت القوات الايرانية في مهاجمة الطائرات المدنية العراقية، وأجبر سلاح الجو الايراني أحدها إلى الهبوط داخل الأراضي الايرانية. كما قامت القوات المسلحة الايرانية في ضرب السفن التجارية المدنية العراقية بالمدفعية وسلاح الطيران. تفاصيل هذه التصرفات العدوانية موثقة في بيانات ايرانية رسمية صدرت يومي 18 و19 أيلول، لا غبار في أن هذه الممارسات ينطبق عليها الوصف الوارد في الفقرة (4) من قرار الجمعية العامة.
بالإضافة إلى كل ما سبق عرضه من قرائن وأدلة على مسؤولية ايران في اندلاع النزاع المسلح بين البلدين، وأن هذا النزاع قد بداء في الرابع من أيلول وليس في 22 أيلول، هنالك دليل آخر يضاف إلى ما سبق استنتاجه عن مسؤولية ايران. فلقد سبق للسلطات العراقية أن أسرت الطيار الايراني (لشكري) بعد إسقاط طائرته فوق الأراضي العراقية، بالقرب من مدينة كركوك قبل 22/9/1980، وهذا الطيار الأسير كان آخر أسير حرب يسلم إلى الحكومة الايرانية. ولا شك في أن تاريخ أسره يمثل دليلا دامغا على قيام ايران في الاعتداء على المدن العراقية قبل 22 أيلول.
استنادا إلى الأدلة والقرائن المقدمة أعلاه فان الحكومة الايرانية تتحمل المسؤولية الكاملة لاندلاع الحرب، وأن القوات الايرانية هي الطرف البادىء بالحرب في الرابع من أيلول 1980. ثمة نقطتين مهمتين نرى من الضروري طرحها لإعطاء القارىء صورة كاملة عن جوانب النزاع.
النقطة الأولى: تتعلق في اتفاقية الجزائر الموقعة عام 1975. لقد اضطر العراق إلى القبول بالاتفاقية وما تضمنته من إجحاف للسيادة العراقية على شط العرب نتيجة للظروف العسكرية الحرجة التي كان يمر بها القطر آنذاك، والناجمة عن الاتفاق "الاسرائيلي" - الايراني ودعمهم للعصيان الكردي المسلح في شمال العراق. لقد واجهت القيادة العراقية في تلك المرحلة خيارين صعبين، فإما الوصول إلى اتفاق مع الحكومة الايرانية والقبول في شروطها المجحفة، أو تعريض وحدة الأراضي العراقية إلى مخاطر انسلاخ شمال العراق عن الوطن. فاختارت القيادة الخيار الأول وهو الوصول إلى اتفاق مع نظام الشاه بعد أن أصر الملا مصطفى البرزاني على الاستمرار في القتال بناء على تعليمات "اسرائيلية".
بعد توقيع الاتفاقية، قامت الحكومة العراقية في تنفيذ جميع التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاقية، في حين نفذت ايران الفقرات التي تحقق لها مكاسب جغرافية وسياسية، وتلكأت في تنفيذ الفقرات الأخرى وخاصة إعادة منطقتي زين القوس وسيف سعد إلى العراق.
ولم يكن موقف نظام خميني من تنفيذ الفقرة الأولى من الاتفاقية أفضل من نظام الشاه، فلقد رفضت القيادة الايرانية الجديدة الاعتراف بها وكما سبق توضيحه في هذه المساهمة، وألغتها عمليا في الرابع من أيلول إثر قيامها بالزحف على منطقتي سيف سعد وزين القوس واحتلالها عسكريا واستخدامها في قصف المدن العراقية. إزاء هذا الموقف لم يكن أمام القيادة العراقية إلا إلغاء الاتفاقية بعد أن ألغتها ايران، فأعلن مجلس قيادة الثورة في 19/9/1980 إلغاء اتفاقية الجزائر.
نسوق هذه الحقائق للرد على اللذين يتهمون العراق في انتهاز فرصة الارتباك الذي عانت منه ايران بعد تغيير النظام وشن الحرب على ايران للتخلص من الإجحاف الذي ألحقته الاتفاقية في حقوق العراق وسيادته التاريخية على شط العرب. العراق لم يكن في حاجة للتخلص من تبعات الاتفاقية باستخدام الخيار العسكري بعد أن ألغتها ايران.
أما النقطة الثانية: فتتعلق بالموقف الدولي من مسألة تحديد الطرف المسؤول عن شن الحرب وبالتالي تحمل تبعاتها القانونية. فلغاية شهر كانون الأول/ ديسمبر1991 لم يكن هنالك أي موقف رسمي صادر عن دولة أو هيئة دولية يحدد الطرف المسؤول عن نشوب الحرب. لكن في 9/12/1991 أصدر الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق خافير دي كويلار وبشكل مناقض لمهام الأمين العام، ومخالف لميثاق المنضمة، وثيقة مشبوهة حمل فيها العراق مسؤولية شن الحرب. الوثيقة المرقمة (23273/أس) نصت على "أن الهجوم على ايران يوم22/9/1980 لا يمكن تبريره في إطار ميثاق الأمم المتحدة أو أية قواعد أو مبادىء معترف بها في القانون الدولي أو أية مبادىء أخلاقية دولية، وهو ينطوي على المسؤولية عن الصراع".
إصدار الوثيقة المذكورة جاء نتيجة اتفاق أمريكي – ايراني لتبادل مواطنين أمريكان اختطفوا من قبل "حزب الله" في لبنان، كشف تفاصيله السيد جيادو مينيكوبيكو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق في كتاب نشر مؤخرا وكتب عنه الدكتور عبد الواحد الجصاني مقالا قيما نشر في موقع "البصرة" يوم الخميس 30/8/2006.
موقف الأمين العام، كما أشرنا يتناقض مع كل الوقائع القانونية ومخالف لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالنزاع العراقي- الايراني، والواقع أن الوثيقة ذاتها تحمل تناقضا كبيرا لا يؤهلها لأن تكون وثيقة يمكن الاعتماد عليها قانونيا في تحميل العراق مسؤولية شن الحرب. مسؤولية ايران في إطالة الحرب
إذا كان ثمة تباين في تحديد الجانب المسؤول عن شن الحرب، أو وجود خلاف على تحديد التاريخ الفعلي لانطلاقها، فأن مسوؤلية القيادة الايرانية عن إطالة الحرب وبالتالي تحمل تبعاتها القانونية والأخلاقية المدمرة مسلمة لا يمكن لأي مراقب موضوعي، أو مؤرخ منصف القفز عليها وإنكارها.
فالقيادة الايرانية و"مرشدها الأعلى الخميني" يتحملون المسؤولية الكاملة لإطالتها من خلال رفضهم لجميع المبادرات المقدمة لإنهاء النزاع، ورفضهم الانصياع لأحكام الدين ومنطق الحكمة، وإصرارهم على رفع شعارات عقيمة، واعتمادهم على حسابات خاطئة، ومراهنتهم على خيار إطالة الحرب كوسيلة لإلحاق الهزيمة في شعب العراق وقواته المسلحة.
كيف يمكن تثبيت مسوؤلية القيادة الايرانية في إطالة الحرب؟؟.
المسوؤلية الايرانية عن إطالة الحرب يثبتها رفض القيادة الايرانية لجميع المبادرات والمقترحات سواء تلك التي عرضتها القيادة العراقية، أو التي قدمتها الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.
لقد رفض الخميني، "المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية"، جميع المبادرات التي طرحت لإنهاء النزاع بين البلدين، وراهن على خيار مواصلة الحرب. ففي حديث بثه راديو طهران في 27/9/1980، قال الخميني "نحن على استعداد لإرسال جميع أبنائنا لمحاربة الخونة بل وللحرب حتى آخر جندي لنا"!!.
مواقف أعضاء القيادة السياسية الايرانية لم تختلف عن موقف مرشدهم الأعلى. ففي تقرير لوكالة (رويتر) للأنباء بث من بيروت في 23/2/1981، أكد هاشمي رفسنجاني رئيس "مجلس الشورى" الايراني "أن طهران لن تنظر في أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع العراق ما لم تتم الإطاحة بالحكومة البعثية"!!. هذا الموقف العدائي المتعنت استمر حتى صيف 1988 عندما اضطرت القيادة الايرانية لقبول إطلاق النار إثر هزائمها العسكرية المتتالية وعجزها عن مواصلة القتال.
إن رصد الجهود المقدمة لوقف الحرب وموقف الحكومتين العراقية والايرانية الرسمي منها، يقدم لنا صورة جلية عن تعنت القيادة الايرانية وإصرارها الأهوج على مواصلة القتال، ويساعدنا على تحديد الطرف المسؤول عن استمرار الحرب. سنقدم في الفقرات القادمة عرضا مسهبا لمبادرات السلام التي رفضتها القيادة الايرانية، سواء تلك التي قدمتها القيادة العراقية، أو التي قدمت من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، أو من حركة دول عدم الانحياز، أو منظمة المؤتمر الإسلامي ومبادرات أطراف أخرى. وسنركز على المبادرات المقدمة خلال الفترة من 23 أيلول 1980، إلى نهاية عام 1984، لكون أنّ معظم مبادرات حل النزاع قد قُدمت إبان تلك المرحلة.
1 - مبادرات السلام التي قدمتها القيادة العراقية
قدمت القيادة العراقية العديد من المبادرات الهادفة لوقف إطلاق النار وإيجاد حل شامل ونهائي للنزاع بين البلدين. تلك المبادرات تم عرضها من موقع النصر والاقتدار، وانطلاقا من المسؤولية الإنسانية للقيادة العراقية، وحرصها على مواصلة عملية البناء الاقتصادي والاجتماعي وليس من موقع الضعف والهزيمة كما حاولت القيادة الايرانية تفسيرها. كل تلك المبادرات رفضتها القيادة الايرانية نتيجة لحساباتها الخاطئة. أدناه موجزا لأهم المبادرات المقدمة من القيادة العراقية.
* في 28/9/1980، وبعد ستة أيام من الرد العراقي الكبير على الاعتداءات الايرانية، عرض العراق رسميا على ايران السلام. وأعربت القيادة العراقية استعداها التام للانسحاب من الأراضي الايرانية، وإقامة علاقات طبيعية مع ايران، وأكدت أن مطالب العراق لا تتجاوز استعادة حقوقه الوطنية المشروعة.
* في الأول من تشرين الأول/أكتوبر اقترح العراق وقف إطلاق النار خلال الفترة من 5 إلى 8 تشرين الأول 1980.
* في المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس صدام حسين بتاريخ 10/11/1980 أكد السيد الرئيس "أن في الوقت الذي يكون فيه المسؤولون الايرانيون في وضع يمكنهم من أن يعترفوا بحقوقنا سوف ننسحب من أراضيهم". وأضاف" نحن نحترم الطريق الذي اختاروه وعليهم أن يحترموا الطريق الذي اخترناه في الحياة". * في خطاب للرئيس صدام حسين في الذكرى الستين لتأسيس الجيش العراقي في 6/1/1981 أكد السيد الرئيس "أن العراق مستعد أتم الاستعداد للانسحاب من الأراضي الايرانية، وإقامة علاقات طبيعية مع ايران تقوم على أساس احترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".
* في الخطاب الذي ألقاه الرئيس صدام حسين في الجلسة المغلقة لمؤتمر القمة الإسلامي الذي انعقد في الطائف في كانون الثاني 1981، أكد مواقف العراق السابقة من إنهاء الحرب، وجدد بأن "العراق على أتم الاستعداد لإعادة الأراضي الايرانية التي احتلت في الحرب".
* في حديث للرئيس صدام حسن مع مقاتلي الجيش الشعبي في 14/9/1981، أكد "إننا حاضرون فورا لإيقاف الحرب".
* لدى استقباله الوفود النسوية المشاركة في مؤتمر الاتحاد النسائي العربي في 5/11/1981 أكد الرئيس صدام حسين حب العراق للسلام واستعداد القيادة العراقية لإيقاف القتال وإقامة علاقات حسن الجوار".
* خلال جلسات مؤتمر قمة دول عدم الانحياز المنعقد في نيودلهي عام 1983 قدم العراق اقتراحا لتشكيل لجنة دولية للتحكيم تتولى مهمة تحديد مسؤولية الطرف البادىء بالحرب، وتحديد الجانب المسؤول عن استمرارها. وقد جدد العراق الدعوة في مؤتمر القمة الإسلامي الرابع في الدار البيضاء بالمغرب سنة 1984.
* في 16/2/1983 أعلن الرئيس صدام حسين "أنني مستعد للتفاوض في أي وقت يراه الخميني، ومستعد للالتقاء به في أي مكان يشاء حتى ولو كان المكان في طهران" تبعا لما أوردته صحيفة (الأهرام) في عددها الصادر يوم 17/2/1983.
* أرسل الرئيس صدام حسين عدة رسائل مفتوحة للشعوب الايرانية أكد فيها رغبة العراق الحقيقية في السلام. وناشد القيادة الايرانية فيها بالتوقف عن اعتداءاتهم وأن يجنحوا للسلام. الرسالة الأولى أرسلت في 15/2/1983 والثانية في 4/3/1983 وتم توجيه الرسالة الثالثة في 7/5/1983. 2 - قرارات مجلس الأمن ودعوات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أصدر مجلس الأمن عدة قرارات طالب فيها الطرفين بوقف إطلاق النار، وحل النزاع عن طريق التفاوض. كذلك وجهت الجمعية العامة للأمم المتحدة في جميع دوراتها المنعقدة خلال الأزمة دعوات إلى الطرفين لوقف النزاع المسلح. رفضت القيادة الايرانية جميع تلك القرارات والدعوات باستثناء قرار مجلس الأمن (598) الصادر في 1987، والذي قبلته ايران في آب 1988.
أدناه أهم القرارات والدعوات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن التي رفضتها ايران.
* في 23 أيلول 1980 وجه السيد كورت فالدهايم الأمين العام للأمم المتحدة حينذاك نداء لحكومة البلدين طالب فيه ضبط النفس والتوقف عن استخدام القوة، وتسوية المشاكل القائمة بين البلدين بالطرق السلمية.
* في 28 أيلول 1980، أصدر مجلس الأمن الدولي في جلسته المرقمة (224) القرار رقم (479)، دعا فيه البلدين إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية، وحل النزاع بما ينسجم مع مبادىء العدل وأسس القانون الدولي. في اليوم التالي لصدور القرار أعلن العراق القبول به والالتزام بفقراته، إلا أن الحكومة الايرانية رفضت القرار. * أصدر مجلس الأمن القرار المرقم (514) لسنة 1982، دعا فيه إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء جميع العمليات العسكرية، وطالب في انسحاب قوات البلدين إلى الحدود المعترف بها دوليا.
* في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1982، أصدر مجلس الأمن القرار (522)، شجب فيه إطالة الحرب وتصعيد الصراع بين البلدين، ودعا إلى الوقف الفوري للحرب. وقد سجل مجلس الأمن في هذا القرار ترحيبه باستعداد العراق للتعاون في تنفيذ قرار المجلس رقم (514) في 1982.
* في تشرين الأول 1983، أصدر مجلس الأمن القرار المرقم (540) الداعي للوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية، وأكد على حق حرية الملاحة والتجارة في المياه الدولية.
* قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 تشرين الأول 1982، والذي أكد ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وإلى انسحاب قوات البلدين إلى الحدود الدولية.
نتيجة لرفض القيادة الايرانية قرارات مجلس الأمن ودعوات الأمين العام والجمعية العمومية، كلف الأمين العام السيد أولف بالمه رئيس وزراء السويد القيام بمهمة مبعوث دولي لتحقيق السلام بين العراق وايران. قام السيد بالمة يرافقه المستشار النمساوي برونو كرايسكي بخمسة جولات لتحقيق السلام، فشلت جميعها بسبب التعنت الايراني، ورفض القيادة الايرانية التعامل مع المبادرة بشكل ايجابي.
كنموذج للموقف السلبي، وغير العقلاني للقيادة الايرانية من مبادرة السيد أولف بالمة نورد تصريح محمد علي رجائي رئيس الحكومة الايرانية حينذاك لإذاعة (مونت كارلو) في 18/11/ 1980، حيث قال رجائي "إن مهمة المبعوث الدولي لن تغير شيئا بالنسبة للحرب، وأن الحرب يحسمها أولئك اللذين يتقاتلون وليس السيد أولف بالمه أو أية هيئة دولية"!. بعد 17 عشر شهرا وخمسة جولات عمل في البلدين أعلن السيد بالمه بأن جميع محاولاته في التوسط بين البلدين قد وصلت إلى طريق مسدود.
* في 25/5/1982، وجه الأمين العام الجديد دي كويلار رسائل إلى حكومتي الدولتين عارضا التوسط لإنهاء الحرب بعد حصوله على تخويل مجلس الأمن لا يجاد السبل الكفيلة بإيقاف الحرب. قبل العراق الدعوى ورفضتها ايران. الرفض الايراني جاء عبر "فراساتي" مندوب ايران الدائم في الأمم المتحدة. حين صرح "أن ايران لا تقبل المبادرة وأنها تعارض اجتماع مجلس الأمن، وأن الاجتماع غير ضروري وأنها ترفض أوراق العمل المقدمة للمجلس بخصوص النزاع".
* في 12/6/1984 أعلن الأمين العام ديكويلار رغبة مجلس الأمن في ضرورة التزام الطرفين بقرارات مجلس الأمن السابقة ووقف النزاع بين البلدين، وخاصة قرار المجلس رقم (540 ) الصادر في 31 تشرين الأول عام 1983.
3 - مبادرات منظمة المؤتمر الإسلامي "لجنة المساعي الحميدة".
قد يكون من المفيد أن نثبت بأن الجهود الإسلامية لوقف النار وتسوية النزاع المسلح بين ايران والعراق بدأت في وقت مبكر جدا من الأزمة، وبعد نشوب الحرب في 4-9- 1980 مباشرة. ففي 15/9 شكلت باكستان ودول إسلامية أخرى فريقا مكونا من وزراء خارجية للعمل على إيجاد السبل الكفيلة بوقف إطلاق النار بين البلدين وإجراء مفاوضات بين بغداد وطهران (تقرير وكالة "رويتر" من بيروت 16-9-1980 ). * بين 27 – 28 أيلول أجرى الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق والسيد الحبيب الشطي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي مباحثات موسعة مع قيادة البلدين. رحب العراق بمبادرتهم واستقبلهم الرئيس العراقي وتعهد على التعاون من أجل إنجاح مساعيهم، إلا أن الخميني رفض استقبال الوفد معلنا "أن الحرب ستستمر حتى آخر جندي ايراني".
* في 6 تشرين الأول 1980، جددت المنظمة مبادرتها فأكد العراق رسميا قبول المبادرة وإطارها، وأكد عدم وجود نوايا عراقية للبقاء في الأراضي الايرانية. لكن القيادة الايرانية كعادتها رفضت قبول المبادرة.
إحدى الأفكار التي طرحتها اللجنة من خلال السيد الحبيب الشطي "وقف العمليات الحربية بين البلدين خلال فترة الحج الواقعة بين 8 إلى 22 تشرين الأول وفقا لأحكام الشريعة التي تحرم القتال في هذا الشهر المبارك للأمة الإسلامية. استجاب العراق رسميا لكن القيادة الايرانية رفضت الفكرة. * في 12 تشرين الأول زار الحبيب الشطي طهران وصرح أثناء زيارته وفقا لما نشرته صحيفة (السفير) اللبنانية يوم 12 تشرين الأول "إن موقف ايران لا يزال بعيدا جدا عن موقف العراق، وأن ايران مصرة على عدم إجراء مفاوضات أو القبول بوقف للعمليات العسكرية".
* إثر مؤتمر الطائف تشكلت لجنة المساعي الحميدة التي قامت بثلاث جولات بين البلدين. الأولى في آذار 1981، الثانية في تشرين الأول 1981، والثالثة في آذار 1982، طرحت اللجنة مجموعة من الأفكار لحل الأزمة قبلها العراق دون تحفظ، إلا أن ايران رفضت المقترحات لقناعتها بقدرتها على تحقيق مكتسبات ونتائج من خلال ساحات القتال لا من خلال منضدة المفاوضات.
* في 6 تشرين الأول 1981 قدم السيد الحبيب الشطي اقتراحا جديدا تضمن إجراء تحقيق لتحديد مسؤولية الطرف البادىء في الحرب، يصاحبه وقف إطلاق النار وانسحاب القوات العراقية من الأراضي الايرانية.
* في آذار 1982 توجه الرئيس الغيني احمد سيكوتوري مع أعضاء لجنة المساعي الحميدة إلى بغداد طارحا أفكارا جديدة قبلها العراق، إلا أن ايران رفضت المبادرة من خلال تصريح رئيس الجمهورية علي خامنئي نشرته صحيفة (السفير) اللبنانية في عددها الصادر يوم 20/3/1982. "إن ايران ستقاتل حتى انتصار الإسلام، وأن تجديد الوساطات لإنهاء الحرب رتبت بإيحاء من أمريكا لسلب ايران انتصارها من ميدان المعركة"!!.
* في 29/4/1982 تقدمت اللجنة بخطة مكونة من أربع نقاط لإنهاء الصراع المسلح بين البلدين، رفضت ايران المبادرة وقبلتها الحكومة العراقية كما نقلت صحيفة (الرأي العام الكويتية) في عددها الصادر في 29/4/1982.
* في 16/2/1983 أعلنت القيادة العراقية استعدادها للتفاوض مع ايران في أي وقت أو مكان تحدده القيادة الايرانية للتفاوض وإن كان |
|
| |
| العراق عبر التاريخ - القديم - الجديد - المعاصر | |
|