منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 امرأة بكل الألوان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

امرأة بكل الألوان Empty
مُساهمةموضوع: امرأة بكل الألوان   امرأة بكل الألوان Emptyالثلاثاء 09 يونيو 2015, 9:11 pm

الفتاة والإنترنت .. سلبيات وإيجابيات


يعدُّ الإنترنت نافذةً كبيرة مفتوحة على العالم دون قيود، ومع التطورات التكنولوجية وعصر التقدم التقني والتكنولوجي الذي نعيشه اليوم، يمكن القول: إن الإنترنت أو الشبكة العنكبوتية أو ما يطلق عليه "العالم الافتراضي" بمواقع السوشيال ميديا المختلف - يمكن القول: إنه أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وأصبح عنصرًا فاعلاً في المجتمع، ولا شك أن هذا العالَم يُعَد سلاحًا ذا حدَّين، لا سيما في مجتمعاتنا الشرقية التي لها قِيَمها وعاداتها الخاصة، ولعل الحديث عن الآثار السلبية لعالم الإنترنت على الفتاة - وبالأخص الفتاة المراهقة في العالم العربي - قد أخذ منحًى واسعًا، وقامت عليه دراسات عديدة، أوضحت أن تأثيرات الإنترنت السلبية على الفتاة كثيرة، ويجب معرفتها والحذر منها، ومع أن هذه الدراساتِ لم تُغفل الجانب الإيجابي للإنترنت على الفتاة، فإن السلبياتِ كانت هي الطاغيةَ في الغالب الأعم.

 

في البداية أوضح الدكتور أحمد عبدالرؤوف - أستاذ علم الاجتماع - أن الإنترنت له آثاره السلبية التي تعود على الفتاة الممارِسة له، والتي يجب الحذر منها جيدًا؛ حفاظًا على بناتنا من أخطار هذه الشبكة العنكبوتية، لا سيما فيما يخص الفتاة المراهقة، وإن أهمَّ وأخطر هذه السلبيات يكمن في انفتاح الفتاة المراهقة على المجتمعات الأخرى التي تحمل قِيَمًا وعاداتٍ وتقاليدَ مغايرةً تمامًا لقيم وعادات مجتمعاتنا الشرقية ومجتمعاتنا الإسلامية، ومن ثَم يؤثر ذلك على الفتاة، وتصبح لديها رغبة شديدة في الاندماج مع طبيعة هذه المجتمعات الأخرى، وتبنِّي عاداتِها وتقاليدها التي ينهى عنها دينُنا الحنيف، مشيرًا إلى أن تعامل الفتاة مع هذا العالَم الافتراضي المفتوح في ظل غياب الرقابة الدائمة والمستمرة من الوالدينِ، قد يؤدي بها إلى أمورٍ ليست سيئة فحسب، وإنما هي غاية في الخطورة، بل وتمثِّل كارثة في مجتمعاتنا، فقد نجد الفتاة ترتاد بعض المواقع غير المرغوب فيها، والتي تنشر مواد إباحية، أو قد تقع فريسة للمواقع التي تقوم باستغلال الأطفال والمراهقين، هذا وإن تعامل الفتاة وتواصلها مع غيرها عبر الإنترنت، من الممكنِ أن يكون له أثرُه الإيجابي، ولكنه أيضًا له آثاره السلبية؛ نظرًا لأن الفتاةَ قد تنخدِعُ في كثيرٍ من الأشخاص تحت مسمَّى الحبِّ.

 

وأضاف أستاذ علم الاجتماع: لا شك أن لاستخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة للفتاة - وخاصة الفتاةَ المراهقة - آثارَه السلبية العديدة، إلا أنه لا يمكن أيضًا أن نُغفِلَ أن هناك بعض الإيجابيات التي من الممكن أن تعودَ على الفتاة التي تستخدم الإنترنت، ولعل من أهم إيجابيات استخدام الإنترنت بالنسبة للفتاة المراهقة أنه يعد أحد أهم المصادر التي تساعد على الحصول على المعلومات، والتوسُّع في اكتساب المعرفة، والانفتاح على العالم، فلقد استطاع الإنترنت أن يجعل العالَم بمثابة غرفة صغيرة يمكن للجميع أن يتنقل فيها كيفما يشاء، ويعرف عنها ما يريد، وفي الوقت المتاح لديه، ولعل هذه هي الميزة الكبرى فيما يخص استخدام الإنترنت، ويضاف أيضًا لإيجابيات استخدام هذا العالم الافتراضي أنه يساعد الإنسان على التخلُّص من الخجَل المفرِط، ويجعل لديه القدرة على التعامل مع غيره، سواء كان من بلدِه ومن جنسيتِه، أم كان من جنسية أخرى، مشيرًا إلى أن الإنترنت أيضًا قد يساعد الفرد على تكوين شخصيتِه وتحديد ملامحها منذ الصغر، إذا ما تم استخدامُه بالطريقة المثلى.

 

ومن جانبه يرى الدكتور محمد الششتاوي - المختص الاجتماعي -: أن الإنترنتَ يُعَد بمثابة بوابة كبيرة يطل منها العالم بعضه على بعض، ويفتح أمام الفتاة آفاقًا واسعة في مختلف النواحي، ومن ثَم كان استخدامها للإنترنت أمرًا غاية في الخطورة، ويجب الانتباه إليه، والحذر منه، وضبطه بضوابط معينة، لا سيما أننا نعيش في مجتمعات شرقية لها عاداتُها وتقاليدها الخاصة التي تختلفُ عن غيرها، مشيرًا إلى أن الجانبَ الأكبر في هذا الأمر يقعُ على عاتق الأسرة، وعلى الوالدينِ بوجه خاص، فيجب الاهتمام بتربية الأبناء بشكل جيد، ولا بد أن يكون هناك نوع من الرقابة عليهم - خاصة في سن المراهقة - عند استخدامِهم لهذه الشبكة العنكبوتية، ولا يقفُ الأمرُ عند هذا الحد، بل لا بد أن يكون هناك نوعٌ من الحوار بين الوالدين والفتاة، وأن يكون هناك نوع من التوعية الدائمة لها، وبيان الطُّرق الصحيحة لاستخدام الإنترنت، حتى يكون ذلك حماية لها من الوقوع في الخطأ، فضلاً عن أنه يجب أن يكون الكمبيوتر في مكان مشترك يسمح للأبوين بمتابعة ابنتهم وهي جالسة عليه.

 

وأكد "الششتاوي" أن الفتاة نفسها عليها أن تنظر لنفسها ولأفعالها، وأن تجعلَ الله سبحانه وتعالى أمام عينيها، وأن تراقبه في كل أفعالها، وأن تكون هي خيرَ مُعين لنفسها على فِعل الخيرات، حتى تتمكن من الاستفادة من إيجابيات هذا العالم الافتراضي، والابتعاد عن أية سلبية قد تعود عليها منه، مشيرًا إلى ضرورة أن تتعود الفتاة دائمًا على المصارحة مع والدتها، ومع من حولها؛ حتى يساعدوها في التوجه إلى الطرق الصحيحة، ويكونوا عونًا لها إذا ما أرادت أن تقلع عن شيء خاطئ تقوم به، أو تود أن تهم به، كما أن الأسرة يقع عليها الجانب الأكبر في توجيه أبنائهم وبناتهم نحو ما هو أفضل لهم، وإبعادهم عن كل شيء قد يضر بهم.

 

الوقاية من أخطار الإنترنت:

وفي سياق متصل تحدثت الدكتورة منى يونس - الخبيرة الاجتماعية - عن ضرورة البحث في أي مشكلة قبل وقوعها؛ حتى نستطيع أن نتحكم فيها قبل وقوعها، أو على الأقل الحد منها، ومن ثَم تصبح معالجتها أمرًا سهلاً وغيرَ معقد، وهذا ما يجب اتباعه في البحث عن حل لمشكلة الآثار السلبية التي يخلِّفها استخدام الإنترنت على أبنائنا وبناتنا، لا سيما في هذا العصر الحديث الذي انفتح فيه العالَم على بعضه بعضًا، مشيرة إلى أن أول عامل من عوامل هذه الوقاية هو عامل التربية، باعتباره أساس كل شيء، وللأسف أصبح مصطلح التربية في العصر الحديث كلمة تعني مجرد المعيشة والمأكل والملبس فحسب، وهو أمر غاية في الخطورة؛ فتربية الأبناء منذ الصغر يجب أن تقوم على قِيَم ومبادئ وأسس يتم ترسيخها بداخلهم؛ حتى ينشؤوا عليها، فلا بد من الاهتمام بتنمية الجوانب الدينية لديهم، وتقريبهم من الله عز وجل، وتعريفهم بكلِّ ما أمر الله عز وجل به، وترهيبهم من كل ما نهى الله تعالى عنه، فضلاً عن الاهتمام بالجانب الأخلاقي لهؤلاء الأطفال، لا سيما ونحن نعيش الآن في عصر الانفلات الأخلاقي، فإن لم تتم تربيةُ الأبناء على هذه القيم منذ صغرهم، فسيكونون فريسة سهلةَ الصيد، وسهلة الوقوع في كل ما هو خطأ، وينهى عنه العُرف والدِّين.

 

وأكدت "الخبيرة الاجتماعية" على ضرورة أن يعيَ الآباء والأمهات جيدًا أن أبناءهم تربَّوْا ونشؤوا في جيلٍ غيرِ الذي تربَّوا فيه هم، ومن ثَم هناك اختلافات كثيرة بين هذا الزمان وذلك، وبالتالي يجب أن يوطِّن الوالدانِ نفسَيهما على أن يتعاملا مع أبنائهما وبناتهما وَفْق عقولهم، ووَفْق ما يرونه حولهم، ولا يتعاملا معهم بما تربَّوا هم عليه من قبل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

امرأة بكل الألوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: امرأة بكل الألوان   امرأة بكل الألوان Emptyالثلاثاء 09 يونيو 2015, 9:12 pm

الفتاة الإلكترونية!

لم يعرف أبوا حنانَ سببَ تدهور حالة ابنتهما الصحية؛ إذ طفقتْ حالتُها تسوء كل يومٍ، ففقدتْ شهيتها للطعام، ورغبتها في الأكل، فنحل جسمُها، وقلَّ وزنها، وذهب المرض بنضارة وجهها، وأذبل الإعياء جمالَها، وأصبحتْ كوردةٍ عطشى قطع عنها الماء، وتحولتْ إلى شبحٍ.لم تُجْدِ الزيارات المتكررة إلى الطبيب نفعًا، ولم تؤتِ العقاقير التي تتناولها ثمارَها؛ حيث لم يكن في مقدور تلك الأدويةِ التخفيفُ من الصداع الشديد الذي ينتابها فيفقدها القدرة على التركيز.خيمتْ سحابة الحزن والكآبة على البيت، وكانت أمُّها تنصحها بالتخفيف من اهتمامها بدراستها؛ فلعل ذلك يكون سببًا لصداعها ووجع رأسها وضعفها، وكانا ينتظران انتهاء الامتحانات النهائية - التي لم يبقَ عليها إلا أيام معدودة - بفارغ الصبر، وكان الأمل يحدوهما بأن حالتها النفسية ستتحسن باجتيازها تلك الامتحانات، وسينعكس ذلك على حالتها الصحية.وكلما تراها أمها على هذه الحالة تجهش بالبكاء؛ إذ كانت كثيرًا ما تنصحها بالالتفات إلى صحَّتها، وتطمئنها بأنها ستنجح كعادتها في امتحانات السنوات الماضية، ومع ذلك كله كانت أمُّها توفر لها الجوَّ المناسب للمذاكرة، وتمنع إخوتها من الدخول عليها في غرفتها؛ كي لا يسبِّبوا لها إزعاجًا، حيث كانت تظن تلك المسكينةُ أن ابنتها منهمكةٌ في الدراسة، ولم تكن تعلم أن حنانَ تنفق وقتَها في المكالمات المطولة على هاتفها النقال مع صديقاتها، وأنها منشغلةٌٌ بإرسال رسائل إلكترونيةٍ عن طريقه لهذا وذاك، وما تبقَّى لها من الوقت تنفقه على حاسوبها، أو على جهازٍ إلكتروني آخر، فهي تنتقل بين هذه الأجهزة دون وعي كالمدمنة.وذات مساءٍ، وبينما كانت الأسرة مجتمعةً على طاولة الطعام لتناول العشاء، لاحظ جاسمٌ ابنتَه حنان تحرِّك أناملها بصورةٍ تلقائيةٍ سريعةٍ دون وعي أو شعورٍ، وكأنها تدق على أزرار لوحة الحروف على الحاسوب، فسألها مندهشًا: ما بك يا حنان؟ وماذا تفعلين؟ ولِمَ تحرِّكين أصابعك بهذه الطريقة؟!انتبهتْ لنفسها، ونظرتْ إلى أصابعها، وقالت مرتبكةً: لا، لا شيء، فقط كنت ألعب بأصابعي!
♦ 
مرت الامتحانات وانتهى العام الدراسي، فتنفستْ أمُّها الصعداء، وفرحتْ بانقضائها، غيرَ أنه لم يطرأ أيُّ تغيرٍ على حالة ابنتها الصحية، ولم يتغير من الأمر شيء، ولم تغير حنانُ من سلوكها ومن أسلوب حياتها، فهي لا تزال منطويةً على نفسها لا تغادر غرفتها إلا قليلاً، متعللة بالمرض والصداع تارةً، وبالتعب والإرهاق تارةً أخرى.وفي غضون شهرين من انتهاء الامتحانات تم إعلان النتائج، فهنيئًا لمن كدَّ وثابر فنجح، وحسرةً لمن أهمل وقصر فرسب؛ بَيْدَ أن أسرة حنان تفاجأت من نتيجتها؛ إذ لم يدر بخلد أحدٍ من أفرادها بأن حنان سترسب في أغلب المواد.لم يصدق أبوها نفسه وهو ينظر إلى نتيجة ابنته، وجعل يتساءل في قرارة نفسه: "كيف يقع ذلك؟ وكيف ترسب حنان؟ وهي البنت الذكية المثابرة، حيث كانت تواصل الليل بالنهار في المذاكرة والاجتهاد!".لجأتْ حنان إلى البكاء حين أبدى لها أبوها غضبه واستغرابه من نتيجتها المثيرة للاشمئزاز، وعلَّقتْ سبب رسوبها على عدم قدرتها على التركيز في صالة الامتحانات؛ جراء مرضها، وأنـها على الرغم من معرفتها للإجابة، وسهولة الأسئلة، إلا أنها لم يكن في مقدورها كتابتها.لم يصدق أبوها قولها، وطفق الشك يدب في فؤاده، فطلب من أمها مراقبتها؛ للوقوف على السر الذي وراءها.
♦ ♦ 
وذات ليلةٍ دخلتْ حنان إلى غرفتها وأطفأت نورها، متظاهرةً بالنوم كعادتها؛ بيد أنها بعدما اطمأنتْ من خلود والديها إلى النوم وسكونهما، قامت من فراشها وراحت تتلمس جهازها، وسمير ليلها، وأنيس وحشتها، الذي تطل به على العالم، فتتنقل بين ربوعه مخترقةً حدوده دون تأشيرةٍ ولا جواز سفرٍ.أدارت حاسوبها بلهفةٍ وهي تحدِّث نفسها: "مساكين الآباء الذين يظنون أنهم يعرفون كل شيءٍ عن أبنائهم! لا ريب أنهم يثيرون الشفقة، فهم واهمون! فهذا عصرنا وليس عصرهم، وينبغي لهم أن يفيقوا ويعلموا أن زمن الرقابة قد ولى، وأنه لم يعد في مقدورهم فعل شيءٍ إلا الدعاء أو الاستسلام للأمر الواقع".ثم تبسمت وهي تتذكر قول نسرين - إحدى صديقاتها -: "إن والديَّ لا يزالان يعيشان في الماضي، ويريدانني أن أعيش معهم فيه!".وفي هذه الأثناء تسللتْ أمُّها من فراشها، ودنتْ من غرفة حنان بهدوءٍ، ونظرت من خلال فتحة الباب، فرأتِ ابنتَها تجلس على سريرها وتضع الحاسوب "اللاب توب" في حجرها، سادرةً في غيها، مسافرةً بروحها في رحلة الوهم دون بوصلةٍ ولا دليلٍ، تتقاذفها أمواجُ الشياطين العاتية، وتنخر في فكرها رياحُ الأفكار الآسنة، تبرمج عقلها، تطمس فؤادها، وتسبح بخيالها في سماء السراب، وتحلق بروحها في جنة العذاب، بعدما أصبحتْ رهينةً لقراصنة الإنترنت، وصناع الصور والشخصيات، وتجار الهوى والشهوات.رجعت أم حنان مرتبكةً وهي في غاية الدهشة إلى زوجها وأخبرتْه بما رأتْ، رنا أبو حنان بنظره إلى الساعة الحائطية التي كانت تشير عقاربها إلى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، ثم نزل من سريره بهدوءٍ.لم تشعر حنان بأبيها واقفًا خلفها؛ إذ كانت تضع السماعات "الهيد فون" على أذنيها، وتتسكع بين مواقع الدردشة "الشات"، وتتكلم مع مثيلاتها في أنحاء كثيرةٍ من العالم عن طريق "الفيس بوك" و"الماسنجر".صرختْ حنان مذعورةً وأسقط في يدها حين التفتتْ فرأتْ أباها واقفًا خلفها، نزعت السماعة من على أذنيها بسرعةٍ، وحاولت إقفال "اللاب توب"، غير أن أباها كان أسرعَ منها فخطفه من أمامها، وأخذه معه إلى غرفته.فوجئ أبوها وكاد قلبه يتفطر حزنًا وألمًا حين تفحص الحاسوب، ورأى المواقع التي تزورها ابنتُه، واشتعل فؤاده غضبًا حين رأى صوره وصور أسرته منشورةً على موقع "الفيس بوك"، يتفرج عليها القاصي والداني، فقال لزوجته غاضبًا:أيوجد حمقٌ في الدنيا مثل هذا؟! كيف تسمح ابنتك الحمقاء لنفسها أن تنشر صورنا وأسرارنا ليراها كلُّ من هبَّ ودب؟! لم أكن أتصور أنها بلهاء إلى هذه الدرجة!
ردتْ عليه زوجته بهدوءٍ وبصوتٍ حزينٍ؛ لتخفف من حدة غضبه: لا تغضب يا جاسم؛ فالغضب من الشيطان! اعذرها فهي لا تزال صغيرةً. أنا لا أدري كيف خدعتْني وأقنعتني أن أشتري لها هذا الجهاز اللعين، لتدرس به؟! هوِّن عليك يا جاسم، غدًا ستكبر - إن شاء الله - وتعرف أنها كانت مخطئةً. أنتِ لا تعلمين حجم المصيبة التي دخلتْ إلى بيوتنـا، وسرقت منا أبنـاءنا!ثم هز رأسه بأسًى وقال: الآن عَرَفتُ سبب مرضها، وإذا عُرف السبب بطَل العجب! فعلى ما يبدو أنها دمرت حياتها بالسهر، فهي لا تنام إلا قليلاً. أرجوك هدِّئ من روعك، واترك أمرها لي، وأنا بدوري أعرف كيف أتعامل معها.
♦ ♦ 

مرت ثلاثة أيامٍ على سحب الأجهزة الإلكترونية من حنان، التي أوصدتْ باب غرفتها وهي في غاية الحزن ولم تغادرها، وبذلك انعزلتْ عن العالم الخارجي، وفي هذه الفترة خلتْ بنفسها؛ إذ وجدتْ وقتًا لتفكر في نفسها وتراجع حساباتها، وكانت كلما نظرت في المرآة أنكرت نفسها، وأنكرت صورتها، ولسان حالها يقول: "هذه لست أنا!".وفي مساء اليوم الثالث جلست أمام المرآة تؤنِّب نفسها: "ماذا فعلتِ بنفسك يا حنان؟ لِمَ لم أنتبه أنني أصبحت قبيحةً إلى هذه الدرجة؟! لم لم أفكِّر في نفسي وفي أسرتي؟! لقد أسأتُ إليهم كثيرًا، ونشرت الحزن في بيتنا بمرضي ورسوبي، وقد أتعبتُ أمي وملأتُ قلبَها حزنًا وهمًّا، لم لم أنتبه لظروف أبي الذي أرهقتْ ميزانيته بالعلاج والتردد على الطبيب؟! ولم لم أحترم أسراره وكرامته وخصوصياته؟! كم كنت أنانيةً! وكم كنت بلهاء غبيةً!".انفجرتْ باكيةً وهي تردد: "لقد كنتُ أعيش في عالم الوهم، لقد كنت أحيا في خيالٍ وسرابٍ".كانت أمها تظن أن ابنتها حزينةً على هاتفها النقال "الموبايل"، وحاسوبها "اللاب توب"، و"الأي بود" الذين أخذهم أبوها منها، فأثار حالها شفقةَ أمِّها، فتحركتْ عاطفة الأمومة الجياشة في قلبها، فحاولتْ إقناع أبيها أن يردَّ إليها أجهزتها قبل أن تهلك، غير أن أباها رفض بشدةٍ.بَيْدَ أن أمها تفاجأت عندما أخبرتها حنان والدموع تنهمر من عينيها، بأنها ليست حزينةً على الأجهزة؛ وإنما هي حزينةٌ على نفسها، خجلةٌ من حمقها، ثم قالت باكيةً:أرجوكِ سامحيني يا أماه!عانقتْها أمها، وطفقت تقبلها والدموع تترقرق في عينيها، وقالت بسرورٍ: أنا فخورٌ بك يا ابنتي! فالاعتراف بالخطأ فضيلةٌ، هيا يا حبيبتي استعيذي بالله من الشيطان الرجيم، واذهبي واعتذري من أبيك قبل أن يخرج من البيت؛ فذلك سيفرحه. أتظنين أنه سيسامحني يا أماه؟ نعم يا حنان، إن أباك يحبك، وما فعل ذلك إلا من أجلك ولحمايتك!وبينما كانت حنان في طريقها إلى أبيها لتعتذر منه، أحست بدوارٍ، وما لبثت أن وقعت مغشيًّا عليها، أسرعتْ إليها أمها، وما أن رأتها على الأرض حتى صرخت بأعلى صوتها.أسرع إليهما جاسمٌ، فدارت به الدنيا وهو يرى ابنته واقعةً على الأرض مغشيًّا عليها، حملها بيديه بصعوبةٍ وأهرع بها إلى المستشفى، فقام الطبيب بالفحوصات اللازمة على الفور، ثم أعطاها حقنةَ تغذيةٍ، وأبلغ أباها أن الله أراد بها خيرًا فأنقذها، وأنه أحضرها إلى المستشفى في الوقت المناسب؛ لأنها كانت تشكو من جفافٍ حادٍّ.رفع أبوها يديه إلى السماء وحمد الله على نجاتها، وفي غضون ذلك استيقظت حنان من إغمائها، فوجدت نفسها على سريرٍ في المستشفى، ورأت أباها جالسًا بجانبها على الفراش، فقالت بخجلٍ وبصوتٍ منخفضٍ: آسفةٌ يا أبي، أرجوك سامحني؛ فقد ندمتُ على ما فعلت! الحمد لله على سلامتك يا ابنتي الحبيبة.انفجرتْ باكيةً، وقالت والعبرة تخنقها: أعدك يا أبت ألا أكرر الخطأ ثانيةً.دنا منها والدها وطبع قبلةً على جبهتها، وقال لها مداعبًا وهو يغالب عَبْرتَه:أنت الآن حنانُ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

امرأة بكل الألوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: امرأة بكل الألوان   امرأة بكل الألوان Emptyالثلاثاء 09 يونيو 2015, 9:12 pm

امرأة بكل الألوان

كان للإنترنت كلَّ يوم موعِدٌ ثابت مع كريم بعدَ وجبة العَشاء، الساعة العاشرة مساء، وكريم لا يملك أبدًا أن يخلف لعشيقِه موعدًا ولا وعدًا.وتطول بينهما لقاءاتُ الحب والغرام والهيام وتطول، وربَّما تمتدُّ إلى ما قُبَيل الفجر بلحظات، فينام وتضيع صلاةُ الفجر!ثم، معاناةٌ كلَّ يوم ساعة الدوام، فلا يوقظه صخبُ أجراس، ولا صوتُ زوجته الناعِم الحنون، ولا حتى عندما يُصبح قاسيًا مزعجًا!وأيضًا وفي ذلك اليوم وكعادته، وكمنوَّمٍ مغناطيسيٍّ، اتَّجه بشوق للإنترنت، واتَّصل بالعالَم الخارجي عن طريق تلك الشبكة، فوجَد دعوةً مِن سونيا لقَبولها صديقة.أغراه الاسم، إنَّ سونيا يدلُّ على رقَّة ونعومة، وللإنسان مِن اسمه نصيب.عاد وقال في نفسه: قدْ يكون ليس اسمها، ولكن أن تختارَ لها اسمًا كهذا، فهو دليلٌ على شاعريتها وحيويتها، وليستْ مِثل تلك التي تسمَّت بالحزينة أو الساهِرة!ولم يطل تفكيرُه، فقَبِلها، وما إنْ قبلها حتى وجدَها على الشبكة هي الأخرى، فرِح بها، وتحدَّثَا حديثًا طال.أخبرتْه أنها جميلة، وأنَّها متزوِّجة، ولها ولدٌ واحد! وأنَّ زوجها يقضي ساعاتٍ طويلةً على الإنترنت، فمِن حقِّها هي أن تسرِّيَ عن نفسها مثلَه!تعجَّب كريم مِن صراحتها وجرأتها، فلم يسبقْ له أن تحدَّث مع مثلها، فكُلهُنَّ يكذبن، ويبادلهنَّ الكذب.وتوالتِ المحادثات، ملأتْ خلالها سونيا عقلَ كريم وقلبه، فقرَّر أن يطلب منها أن يراها، خاصَّة وأنَّ ذلك سهلٌ ميسور؛ لأنها تسكُن في نفس مدينته.حددَا موعدًا للقاء في مقهًى في مركز تسوُّق.كتبتْ له: سأحمل حقيبةً حمراء، وأميِّزها بعقدة صفْراء، وسأحمل في يدي اليُمنى محمولي ذا اللون الزهري، ومسبحةً أحجارها مِن اللؤلؤ في يدي اليُسرى، وللمزيد مِن التعريف سأرتدي حذاءً أخضر اللون.ضحِك كريم مِن كل هذه التفاصيل، وكتب لها:تُعجبني خِفَّةُ ظلك، وأنا في غاية الشوق لرؤيتك، أما أنا فسأرتدي سروالاً مِن الجينز، وقميصًا أصفر.في طريقه إليها، كان يُفكِّر، كيف لامرأةٍ متزوِّجة أن تكون بهذه الجُرأة، بل الأصحُّ أن تكون بهذه الوقاحة والخيانة؟!خشي أن يتردَّد ويتراجع، ولكنه سريعًا طرَد كل المخاوف، وقال لنفسه: وما شأني أنا؟الذنبُ ذنبُها، إنني أتسلَّى!وصل المركز، صعِد بالمصعد الكهربائي، توجَّه إلى المقهى متلهفًا، فتَح الباب ودخَل، رأته داخلاً فأشارتْ إليه، لبَّى الإشارة، وتساءل مستغربًا متوتِّرًا مرتبكًا: أمِّي؟! ماذا تفعلين هنا؟قالت: كنت أتسوَّق، فتعبتُ، فجئتُ أشرب فنجانًا مِن القهوة، اجلس معي حبيبي اجْلس، هذه مفاجأةٌ جميلة!تأمَّل والدته، غريب! الألوان نفْسُها! الأحمر والأصفر، والزهري واللؤلؤ، وحتى الأخضر!!اشتدَّ توتُّرُه حتى بدا عليه.وقبل أن يَفهم شيئًا، أشارتْ والدته بيدها إشارةً انضمَّتْ على إثرها زوجتُه إلى الطاولة!وقبل أن يفهم شيئًا مرة أخرى! ها هي زوجتُه بالأحمر والأصفر، والزهري واللؤلؤ، والأخضر!قالت أمُّه: هل أطلُبُ لك حبيبي قهوةً مثلنا، أم عصير الليمون؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
امرأة بكل الألوان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: