المرأة الحامل.. قواعد طبية تتيح لها صيام الشهر الفضيل
<< الجمعه، 26 يونيو / يونيه/حزيران، 2015
الدستور - حسام عطية
تتخوف بعض السيدات الحوامل من الصيام، ويتساءلن عما إذا كان الصوم صحياً لهن وللأجنة أم لا، فيما شهر رمضان يعتبر من الاشهر المميزة في السنة، ففيه يصوم المسلم عن الطعام والشراب تقرباً لله عز وجل، فيشعر المسلم بأخيه المسلم الفقير، كذلك يكسر الرتابة التي اعتاد عليها خلال ايامه العادية، وخاصة فيما يتعلق بعاداته الغذائية، فالصيام يعمل على إعادة تنظيم الجهاز الهضمي، ويقلل كميات الأملاح والبروتينات الضارة في الجسم، ومع حلول شهر رمضان المبارك، ترغب عدد من السيدات الحوامل بالصيام، كما يرغبن بالتعرف إلى اية مضاعفات قد تنتج عن ذلك.
امراض مانعة
أما أخصائية التغذية سائدة عبد الدائم فعلقت على الامر بالقول، إن السيدة الحامل ينبغي أن تمتنع عن الصيام إذا كانت مصابة ببعض الأمراض، مثل: أمراض الكلى، وقصور وظائف الكبد، وارتفاع نسبة الكرياتينين، وأمراض المسالك البولية التي تتطلب بجانب العلاج الطبي تناول الكثير من السوائل، إلا انه في حالة اطمئنان الحامل على الكلى وعدم وجود حصوات بها أو بالحالب وعدم قابلية تكوين حصوات مستقبلا فيها، فإنه يمكن لها الصيام بشرط المتابعة الطبية الدقيقة والمستمرة لحالتها اثناء فترات الصوم، مشددة على أن النساء اللائي يعانين فيروسات كبدية يجب منعهن من الصيام مطلقا، وكذلك المصابة بداء السكري المعتمد على الانسولين، وذلك لاحتمال تعرضها لخطر الهبوط الحاد بالسكر أو ظهور الاسيتون بالدم، كما أن المرأة الحامل المصابة بالدرن الرئوي أو بالتهاب مزمن بالرئة ناتج عن ربو شعبي، يفضل إعطاؤهن بخاخات للاستنشاق، ويمكن ان تصوم، ولكن بعد استشارة الطبيب، ويجب عليها الافطار في حال تأثرت حالتها الصحية.
قواعد غذائية
وتضيف عبد الدائم، إنه يجب على الحامل تجنب أو الاقلال من تناول حلويات رمضان الدسمة، أو البدء بها في الافطار مثل الكنافة والبسبوسة بالقشطة، وكذلك الابتعاد عن المخللات والبهارات والفلفل التي تزيد من افراز العصارة الحمضية بالمعدة، وعلى وجوب توافر التوازن في غذاء الحامل بين جميع المغذيات من بروتينات، وفيتامينات، وأملاح معدنية، ونشويات وسكريات خاصة في الشهور الثلاثة الأولى، مع الاهتمام بتناول فوليك أسيد لمنع التشوهات في الاجنة، وفيتامينات ب 12، وب 6 للحماية من الانيميا، وانه في حالة تكرار حالات القيء المستمر في الشهور الاخيرة من الحمل تنصح المرأة بالصيام الذي قد يفيدها، مع تجزئة تناول محتويات وجبتي الافطار والسحور على فترات كثيرة وبكميات قليلة مع أخذ مضادات الحموضة، مؤكدة أنه في حالة استمرار المرأة بالصيام يجب عليها اتباع قواعد معينة بالغذاء بحيث يحافظ ذلك على صحتها وصحة جنينها، ويجب تناول كميات كبيرة من السوائل خلال فترة ما بين الافطار والسحور خاصة الماء والعصائر والحليب والشاي الخفيف، لأن كثرة السوائل خاصة السكرية منها تعوض الجسم ما فقده خلال فترة الصيام، كما تساعد السوائل الكثيرة على تنظيم الأمعاء وتمنع الامساك، وتقلل من فرصة الاصابة بالتهابات المسالك البولية. وشددت عبد الدائم على أنه يجب أن يتم الافطار بشكل تدريجي، كما يمكن البدء بالتمر واللبن لأنهما من الغذاء الذي له قيمة غذائية عالية وسهل الهضم وسريع الامتصاص، وعدم تناول وجبة إفطار كبيرة مرة واحدة لتجنب الشعور بالامتلاء وعسر الهضم، فيمكن تناول من 4 إلى 5 وجبات غذائية خفيفة متقاربة بدلا من وجبتي الافطار والسحور، مع تجنب الدهنيات والمواد الدسمة، وانه في الاشهر الثلاثة الثانية تزداد الاحتياجات الغذائية للحامل خاصة الكالسيوم، وهو موجود في الالبان ومنتجاتها من الجبن والزبادي والمهلبية، والأرز باللبن وفي أقراص الكالسيوم، بالاضافة الى الانتباه إلى أهمية الحديد وضرورة تناول الحامل الاطعمة الغنية به، سواء كانت حيوانية كالكبدة واللحوم والبيض، أو نباتية كالخضراوات ذات اللون الاخضر مثل: الجرجير، البقدونس، والخس.
ضوابط معينة
ونوه اختصاصي طب الاطفال في وزارة الصحة ورئيس دائرة الاطفال في مستشفى البشير الدكتور سمير الفاعوري أن الحمل وظيفة من وظائف الجسم الطبيعية للمرأة المتزوجة، التي تكون في سن الإنجاب، لذا فإن المرأة الحامل يمكن ان تصوم خلال شهر رمضان ما دامت تشعر بقدرتها على ذلك، ولكن يجب عليها استشارة الطبيب للتأكد من عدم اصابتها بأي مرض يتطلب عدم صيامها حرصا على سلامتها وسلامة جنينها، وإن معظم السيدات الحوامل يستطعن الصيام ولكن بضوابط معينة، تختلف من سيدة لأخرى، لأن الاحتياجات الغذائية للحامل تختلف باختلاف السيدات، فالحامل تحتاج إلى عدد أكبر من السعرات الحرارية، كما تحتاج إلى كمية أكبر من السوائل.
ونوه الفاعوري بانه إذا نقصت الكمية المطلوبة من الغذاء والسوائل بسبب الصيام أو غيره فان ذلك قد يسبب للمرأة الحامل هبوطاً في نسبة سكر الدم، أو هبوطاً في الدورة الدموية، أو الدوخةً والإرهاق، ومن هنا فإن كل امرأة تستطيع وحدها تحديد موقفها من الصيام في رمضان وذلك حسب حالتها الصحية العامة، وانه يجب على الحامل التي ترغب بالصيام تناول الفيتامينات والحديد وذلك حسب الكميات التي يصفها الطبيب المشرف على الحمل.
حالات مرضية
وعن المرأة الحامل المريضة بالسكري يقول الفاعوري: إذا كانت المرأة الحامل تحت الاشراف الطبي الكامل لتنظيم الأكل وكميته وتنظيم كمية جرعات الانسولين مع عدم وجود أعراض مرضية أخرى فمن الممكن صيامها بعد تناول الأنسولين قبل وجبة الإفطار مباشرة، لأن للصيام فائدة كبيرة وهى تنظيم السكر في الدم. وحول المرأة الحامل المريضة بارتفاع ضغط الدم وانخفاضه بين الفاعوري بانها يمكنها الصيام وتناول الأدوية بعد الإفطار مباشرة، لأن الحامل التي تعاني من ارتفاع ضغط الدم تحتاج إلى جرعات أدوية أقل في حالة الصيام.
وفي رده على سؤال حول تغذية المرأة الحامل افاد الفاعوري ان تغذية الحامل أثناء الحمل لها تأثير على صحة الأم وحجم الجنين ونموه، فلذا يجب أن تكون الوجبة الغذائية للحامل وجبة متكاملة تحتوي على البروتينات ومنتجات الألبان والحبوب والخضراوات والفاكهة واللحوم، كما يجب تجنب الإسراف في تناول الشاي والقهوة، والامتناع عن التدخين.
وعن خشية الأم على جنينها من قلة الإرضاع خصوصاً إذا كانت في الأشهر الثلاثة الأولى قال الفاعوري، إن الام تستطيع الإفطار حيث إنها تحتاج في الفترة ذاتها إلى وجبات صغيرة منتظمة على فترات متقطعة، خاصةً إذا كان لديها ميل للقيء أو الغثيان، وكذلك الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل لا ينصح بصومها، لأن احتياجات الجنين والأم الغذائية تتزايد في هذه الشهور، أما عن الأشهر الثلاثة المتوسطة من الحمل فقال يمكنها أن تصوم إذا لم تجد مشقة وإذا كان الحمل طبيعياً، غير مصحوب بأي أمراض ولا تعاني من آثار جانبية عليها أو على جنينها.
وعن المرأة التي اصيبت بجلطات بالأوعية الدموية أو المصابة فعليا بجلطة ومن تستخدم صمامات صناعية (معدنية) بالقلب، أوضح الفاعوري أنه يفضل عدم صيامها للحفاظ على سريان الدورة الدموية، الا إذا نصح الطبيب المعالج بغير ذلك، ويتم الصيام في هذه الحالة تحت اشراف طبي مستمر، لافتة إلى أن المرأة الحامل بتوأم يُمنع صيامها.
تسمم الحمل
وبشأن حالات تسمم الحمل، شدد الفاعوري أن المرأة المصابة بأي نوع من أنواع تسممات الحمل يمنع صيامها، حيث تظهر هذه التسممات على شكل ارتفاع في ضغط الدم، وزيادة وزن الجسم نتيجة لاحتجاز السوائل والاملاح مع ارتفاع نسبة الزلال في البول، وعند شعور السيدة الحامل بصداع شديد أو زغللة في العين أو هبوط مع إجهاد عام وعدم القدرة على القيام بأي نشاط فهذا يعني وجود انخفاض واضح في نسبة السكر بالدم، وفي هذه الحالات يجب استشارة الطبيب المعالج. *ارشادات ونصائح.
وقدم الفاعوري بعض الإرشادات الأساسية للحوامل وخاصة في شهر الصيام وقال يتعين على الحامل الاعتماد على النشويات المقشرة، لأنها تحتوي على عدد كبير من الفيتامينات، إذ تعدّ مصدراً للطاقة المطلوبة للجسم، وذلك بصورة أكبر من اعتمادها على السكريات البسيطة كالحلويات والبسكويت والشوكولاتة والمياه الغازية، و طلب منها شرب السوائل للحفاظ على نسبة الماء في الجسم دون نقصان، إذ يعرضها نقص الماء إلى الجفاف، وقد يؤدي إلى حدوث جلطة دموية بسبب نقص سيولة الدم «المصاحب عادة للحمل الطبيعي»، وبين ان شرب الماء بعد الإفطار يحافظ على نظافة الجهاز البولي وتنقيته من الترسبات المسببة للحصى، واضاف يتعين على المرأة الحامل ممارسة رياضة المشي بصورة منتظمة لتقوية العضلات والحفاظ على ليونة الجسم، وتعتبر صلاة التراويح نوعاً من الرياضة تنشط جسم الحامل. ولمح الفاعوري الى انه ليس هناك أي ارتباط بين الفترة التي يمر بها الحمل وقابلية الحامل للصوم، حيث تستطيع الحامل الصوم دون أية مضاعفات ما دامت حالتها الصحية تسمح بذلك، ولكن إذا حدثت بعض المضاعفات المعتادة في الحمل كانخفاض نسبة السكر في الدم أو هبوط الضغط أو اختلال مستوى الأملاح في الجسم ففي هذه الحالات تنصح الحامل بالإفطار، وذلك حفاظاً على صحتها ومنحها الفرصة لتناول الأدوية اللازمة، والمرأة الحامل بأكثر من طفل معاً من الأفضل لها الإفطار في رمضان وذلك حتى تستطيع تلبية احتياجاتها والاحتياجات الغذائية للأجنة في بطنها.
خلاصة القول
وخلص الفاعوري بالقول إلى أن الحامل إذا صامت بعد ان تأكدت من قدرتها وبعد استشارة الطبيب لا يعني انها يجب ان تستمر في الصيام إن شعرت بالتعب، بل هناك حالات يجب عليها ان تفطر فيها، وهي: إذا أحست أثناء صيامها بهبوط في اداء الوظائف الحيوية لجسمها، والذي لا يتحسن بالاسترخاء، وإذا شعرت بانخفاض واضح في حركات الجنين خاصة في الشهور الاخيرة، فيجب عليها الافطار في الحال، واذا لم يتحسن الوضع بعد تناولها الطعام، يجب الاتصال فورا بالطبيب المعالج لاحتمال وجود سبب آخر لذلك، وعندما تنتاب الحامل حالات قيء مستمر في الشهور الاولى من الحمل نتيجة حدوث بعض التغيرات الفسيولوجية في وظائف جسم الحامل.