اعتقالات ليلة الجمعة في الضفة الغربية ودلالاتها
<< السبت، 4 يوليو / يوليه/تموز، 2015ShareThis Tweet Facebook ياسر الزعاترة
بينما كانت الصحف الإسرائيلية تتحدث يوم الخميس عن حملة اعتقالات صهيونية في نابلس (عنوان معاريف: المخابرات تعتقل 40 نشيطا من حماس أقاموا شبكة إرهاب في نابلس ومحيطها)، كانت أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، تشن ليلة الجملة حملة اعتقالات واسعة طالت ما يزيد عن مئة في عدد من مدن الضفة.
لا خلاف على أن ذلك يأتي بعد تصاعد أعمال المقاومة في الآونة الأخيرة، بخاصة عملية إطلاق النار في نابلس ورام الله، وطعن الجندية في القدس، وقد نقل كثيرون أن التحقيقات الأولية من قبل السلطة لبعض من اعتقلوا قبل ليلة الجمعة كانت تركز على البحث تحديدا عن منفذي عملية إطلاق النار قرب رام الله التي أدت إلى مقتل جندي صهيوني وإصابة ثلاثة آخرين.
الأربعاء، زار نتنياهو ووزير دفاعه “يعلون” جرحى العمليات في المستشفى، وبعد الزيارة قال نتنياهو: “منذ بداية 2015 أحبط جهاز الامن اكثر من 200 محاولة لتنفيذ عمليات”، مضيفا “هؤلاء القتلة أيضا ومنفذو العمليات سنصل اليهم. وسنجبي ثمنا باهظا من الإرهابيين ومن مرسليهم ومؤيديهم أيضا”.
على هذه الخلفية، تم الإيعاز إلى أجهزة الأمن الفلسطينية التي ينتظر قادتها بطاقات الفي آي بي من الاحتلال، كما هو حال السياسيين، بأن تتحرك على الفور من أجل المساعدة في تنفيذ المهمة، ومن أجل ذلك كانت حملة الاعتقالات المسعورة التي تخللتها انتهاكات لبيوت المعتقلين، وإساءات لأهاليهم، وستتبعها عمليات تعذيب من أجل انتزاع الاعترافات كما حصل سابقا، وللمفارقة كان جميع المعتقلين من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال، وبعضهم لم يمض سوى وقت قليل على خروجه من الأسر.
حين يتحدث نتنياهو نفسه عن 200 محاولة لتنفيذ عمليات ضد كيانه، فهو لا يبالغ في واقع الحال، لأن ذلك حدث بالفعل، بدليل ذلك الكم الهائل من المعتقلين الذين ازدادوا بنسبة 26 في المئة خلال هذا العام فقط كما اعترفت دوائر الاحتلال، فيما ذكرت إحصائية مركز أحرار لدراسات الأسرى، أن 2460 معتقلا هي حصيلة الحملات الصهيونية منذ مطلع هذا العام، منهم من بقي في الأسر، ومنهم من خرج.
ليس هذا وضعا عاديا، فهذا الرقم من المعتقلين، لم يُعرف إلا في ذروة الانتفاضات الكبرى، وكذلك الحال بالنسبة لمئات المعتقلين خلال نفس الفترة من قبل أجهزة السلطة، وإن كان أكثرهم يدخلون ويخرجون، وبعضهم يدخل من سجون السلطة ليذهب إلى سجون الاحتلال وبالعكس.
نعم، ليس هذا وضعا عاديا، بل هو استثنائي يشير إلى أن جهدا محموما يُبذل من قبل أجهزة السلطة، ومن قبل الاحتلال لمنع المزيد من العمليات التي يمكن أن تؤدي بمرور الوقت إلى انتفاضة شاملة، بخاصة أن الأجواء في القدس والضفة الغربية لا زالت تغلي، لولا أن إطفائيات السلطة تعمل بكل فعاليتها من أجل الحيلولة دون تفجر الانتفاضة.
لا حل لهذه السلطة، فهي لن تغير مسارها، ولا حل لهذا الاحتلال، فهو سيواصل شراسته في القمع من أجل منع الانتفاضة أيضا، لكن الأمل يبقى معقودا على مواصلة هذا الشعب العظيم لحراكه وصولا إلى تفجير انتفاضته الجديدة التي لا سبيل سواها لإخراج القضية برمتها من حالة التيه الراهنة، والأمل أيضا أن يكون لشرفاء حركة فتح دور في ذلك، لا أن يكونوا عونا لسلطتهم وقيادتهم في تكريس هذا التيه الراهن.