البداية تستوجب البحث عن الهدف الأساسي لتواجد هذا الإنسان .. والرسالة التي هو من أجلها .. نقطة هامة يجب أن لا تغيب عن الأذهان .. والإشارة لا تحتاج إلى عناء فكري كبير لمعرفة ذلك .. والآية الكريمة تقول : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) .. فإذن الهدف صريح وواضح مثل الشمس في وضح النهار .. والعبادة تعني الإقرار بتواجد الخالق والإخلاص له بغير إشراك .. ثم الامتثال والإتيان بواجبات الأوامر والامتناع عن النواهي .. فهناك من يعبد ولكن قد يعبد غير الله .. أو يشرك به وبذلك يفقد صفة الإخلاص .. وإن أقر بتواجد الله سبحانه وتعالى إلا أنه جاحد يحاول أن يأخذ حقاً لرب العالمين ليشرك به الآخرين .. فهو ظالم لنفسه لأنه أراد ظلماً ليس في مقدوره .. وليس في مقدور أحد في هذا الكون .
وهناك اليوم بيننا من يجهل الهدف أو يتجاهل متعمداً .. أما ذلك الذي أبتعد مصرحاً ومعلناً بأنه ليس منا وأتخذ مساراَ غير مسار الإسلام .. فهو شأنه قد اتضح وأختار سبيلاً هو غير ذاك الحق ونهاية الطريق هي العاقبة بنار جهنم .. ولكن الحديث هنا عن من يدعي على أنه مسلم ثم يريد الإسلام سنداً له فقط ليكون شعاراً من إرث ناله من الآباء والأمهات دون الالتزام بشروط العبادة .. أو عدم الإقرار بها أساساً كواجب مفترض .. أو التهاون في العبادات بحجة أن الانتماء للإسلام فقط دون عبادات يكفيه عن عواقب الآخرة .. فهؤلاء في خطر كبير .. أخوة لنا في ساحة الإسلام هم كذلك بالاسم ما داموا يشهدون بالله إلهاً واحداً بغير شريك .. ويشهدون بان محمداً رسول الله .. ولكن نراهم لا يعبدون إطلاقاً .. لا يعرفون صلاة ولا صياماً ولا زكاة ولا حجاً .. ويعتقدون أن تلك العبادات هي ليست بالضرورة !! .. أوهي واجبة على الغير وليست عليهم .. ويأخذونها بمنتهى التهاون وعدم الجدية فهنا الواقعة خطيرة جداً حيث أنهم يتوهمون الصواب وما ذلك بصواب .. يتوقعون النجاة في الآخرة وهي ليست كذلك .. فإذا عدنا إلى البداية ونظرنا إلى الهدف الأساسي من التواجد نرى أن كلمة التوحيد بغير العبادات لا تستوفي شروط الهدف .. فذلك المتوهم ينسى أن الهدف ليس إقراراً فقط ولكن إقرار وعبادة .. حيث يقول الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).. ولم يقل إلا ليسلموا فقط .. فالعبادة هي الأساس في الأمر لتوكيد حركة التوحيد .. فيا أخي الكريم لا تغرك الحياة الدنيا ولا يغرك بالله الغرور .. المؤمن الحق هو ليلاً ونهاراً يجتهد في العبادات ومع ذلك فإن قلبه ما زال وجلاً من عقاب الله .. ثم هو يرجو رحمته ويرجو رضاه حتى يفوز في الآخرة بالجنة ويبتعد عن النار .. فما بالك وأنت تترفل في نعم الله ثم تمتنع عن سجدة لله .. وعندك نعمة الصحة والعافية ونعمة السمع والبصر والفؤاد ثم لا تشكر الله بالعبادات ولا تذكره .. فما أجحفك .. والأرزاق منه إليك واردة والمعاصي منك إليه صاعدة .. تخدع نفسك بأنك مسلم ثم تجهل واجبات الإسلام .. وتجهل حقوق الخالق عليك .. فهل أنت فعلاً يكفيك اسم المسلم دون عبادات ؟؟؟ .. أنظر بتعمق شديد ثم بسرعة شديدة ألحق نفسك .. وعد إلى جادة الصواب قبل فوات الأوان .. وباب التوبة والأوبة مفتوح .. ولكن يحتاج الأمر منك إلى الكثير من العمل الصالح .. ومراجعة الماضي وقضاء الممكن من العبادات التي فاتت عليك في غفلتك وتهاونك .. فإذا أنت أشغلت نفسك في العبادات الحاضرة والماضية بنية خالصة لله وداومت وأكثرت من العمل الصالح مع الإكثار من الاستغفار فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها .. والله غفور رحيم . والأعمال بالنيات وبالخواتم . فالذي يسلم ويعبد هو ذلك المسلم حقاً .. والذي يسلم ولا يعبد فهو إنما يحمل شعاراً زائفاً لا يمثل طوق النجاة يوم القيامة .