غزوة بدر العظمى *
يوم الفرقان يوم التقى الجمعان
قال الله تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) [ آل عمران: 123 ]
وقال الله تعالى: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم يريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون)
وما بعدها إلى تمام القصة من سورة الانفال وقد تكلمنا عليها هنالك وسنورد هاهنا في كل موضع ما يناسبه.
قال ابن إسحاق رحمه الله بعد ذكره سرية عبد الله بن جحش: ثم إن رسول الله صل الله عليه وسلم سمع
بأبي سفيان صخر بن حرب مقبلا من الشام في عير لقريش عظيمة فيها أموال وتجارة، وفيها ثلاثون رجلا - أو أربعون - منهم مخرمة بن نوفل وعمرو بن العاص.
قال موسى بن عقبة عن الزهري: كان ذلك بعد مقتل ابن الحضرمي بشهرين، قال وكان في العير ألف بعير تحمل أموال قريش بأسرها إلا حويطب بن عبد العزى فلهذا تخلف عن بدر.
قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن مسلم بن شهاب، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا عن ابن عباس، كل قد حدثني بعض الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث (1) بدر قالوا: لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال: " هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها، فانتدب الناس فخفف بعضهم وثقل بعض، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صل الله عليه وسلم يلقى حربا، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتجسس (2) من لقي من الركبان تخوفا على أموال (3) الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أنمحمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك، فاستأجر ضمضم بن (4) عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة، وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه، فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة.
قال ابن أسحاق: فحدثني من لا أتهم عن
عكرمة، عن ابن عباس، ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير.
قالا: وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم إلى مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني (5) وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم علي ما أحدثك، قال لها وما رأيت ؟ قالت رأيت راكبا أقبل على بعير له، حتى وقف بالابطح، ثم صرخ بأعلا صوته ألا انفروا يا آل غدر (6) لمصارعكم في ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها.
ألا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوى حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة.
قال العباس: والله إن هذه لرؤيا وأنت فاكتميها لا تذكريها لاحد، ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة - وكان له صديقا - فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لابيه (7) عتبة ففشا الحديث حتى تحدثت به قريش [ في أنديتها ]، قال العباس: فغدوت لاطوف بالبيت وأبو جهل بن هشام في رهط ( من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فاقبل إلينا، فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم فقال أبو جهل: يا بني عبد المطلب، متى حدثت فيكم هذه النبية ؟ قال: قلت: وما ذاك ؟ قال تلك الرؤيا التي رأت عاتكة، قال: قلت: وما رأت ؟ قال يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم ! قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال: انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث فإن يك حقا ما تقول فسيكون، وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شئ نكتب عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب، قال العباس: فوالله ما كان مني إليه كبير شئ (9) إلا أني جحدت ذلك وأنكرت أن تكون رأت شيئا، قال: ثم تفرقنا فلما أمسيت لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني، فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم يكن عندك غيرة لشئ مما سمعت ؟ قال: قلت: قد والله فعلت ما كان مني إليه من كبير، وايم الله لا تعرضن له، فإذا عاد لاكفيكنه، قال فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه.
قال: فدخلت المسجد فرأيته، فوالله إني لامشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأقع به، وكان رجلا خفيفا حديد الوجه، حديد اللسان، حديد النظر، قال: إذ خرج نحو باب المسجد يشتد، قال: قلت في نفسي: ماله لعنه الله أكل هذا فرق مني أن أشاتمه ؟ ! وإذا هو قد سمع ما لم أسمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي واقفا على بعيره قد جدع بعيره، وحول رحله وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة (10)، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث.
قال: فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الامر، فتجهز الناس سراعا وقالوا أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي ؟ [ كلا ] (11) والله ليعلمن غير ذلك.
وذكر موسى بن عقبة رؤيا عاتكة كنحو من سياق ابن إسحاق.
قال فلما جاء ضمضم بن عمرو على تلك الصفة خافوا من رؤيا عاتكة فخرجوا على الصعب والذلول.
قال ابن إسحاق: فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجلا، وأوعبت قريش فلم يتخلف من أشرافها أحد إلا أن أبا لهب بن عبد المطلب بعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة، استأجره بأربعة آلاف درهم كانت له عليه قد أفلس بها.
قال ابن إسحاق: وحدثني ابن أبي نجيح: أن أمية بن خلف كان قد أجمع القعود وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا، فأتاه عقبة بن أبي معيط(12) وهو جالس في المسجد بين ظهراني قومه بمجمرة يحملها، فيها نار ومجمر، حتى وضعها بين يديه ثم قال: يا أبا علي، استجمر فإنما أنت من النساء قال: قبحك الله وقبح ما جئت به، قال ثم تجهز وخرج مع الناس هكذا قال ابن إسحاق في هذه القصة.
وقد رواها البخاري على نحو آخر فقال: حدثني أحمد بن عثمان حدثنا شريح بن مسلمة، ثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه عن أبي إسحاق، حدثني عمرو بن ميمون أنه سمع عبد الله بن مسعود حدث عن سعد بن معاذ أنه كان صديقا لامية بن خلف وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد بن معاذ، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله صل الله عليه وسلم المدينة انطلق سعد بن معاذ معتمرا فنزل على أمية بمكة، قال سعد لامية أنظر لي ساعة خلوة لعلي أطوف بالبيت، فخرج به قريبا من نصف النهار، فلقيهما أبو جهل، فقال يا [ أبا ] (13) صفوان من هذا معك ؟ قال هذا سعد.
قال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنا وقد أو يتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما، فقال له سعد - ورفع صوته عليه - أما والله لئن منعتني هذا لامنعنك ما هو أشد عليك منه طريقك على المدينة.
فقال له أمية: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي
الحكم فإنه سيد أهل الوادي، قال سعد دعنا عنك يا أمية فوالله لقد سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: " إنهم قاتلوك " قال بمكة ؟ قال لا أدري ؟ ففزع لذلك أمية فزعا شديدا فلما رجع إلى أهله قال يا أم صفوان ألم تري ما قال لي سعد ؟ قالت: وما قال لك ؟ قال: زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي، فقلت له بمكة.
قال: لا أدري.
فقال أمية والله لا أخرج من مكة.
فلما كان يوم بدر.
استنفر أبو جهل الناس فقال أدركوا عيركم، فكره أمية أن يخرج فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان إنك متى يراك الناس قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل حتى قال أما إذ عبتني (14) فوالله لاشترين (15) أجود بعير بمكة، ثم قال أمية: يا أم صفوان جهزيني فقالت له: يا أبا صفوان وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي ؟ قال: لا، وما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا، فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره فلم يزل كذلك حتى قتله الله ببدر.
وقد رواه البخاري في موضع آخر عن محمد بن إسحاق، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق به نحوه، تفرد به البخاري.
وقد رواه الامام أحمد: عن خلف بن الوليد وعن أبي سعيد كلاهما عن إسرائيل وفي رواية إسرائيل قالت له امرأته: والله إن محمدا لا يكذب (16).
قال ابن إسحاق: ولما فرغوا من جهازهم وأجمعوا المسير، ذكروا ما كان (17) بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب.
فقالوا إنا نخشى أن يأتونا من خلفنا، وكانت الحرب التي كانت بين قريش وبين بني بكر في ابن لحفص بن الاخيف من بني عامر بن لؤي قتله رجل من بني بكر بإشارة عامر بن يزيد بن عامر بن الملوح، ثم أخذ بثأره أخوه مكرز بن حفص فقتل عامرا وخاص بسيفه في بطنه ثم جاء من الليل فعلقه بأستار الكعبة فخافوهم بسبب ذلك الذي وقع بينهم.
قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال: لما اجمعت قريش المسير ذكرت الذي كان بينها وبين بني بكر فكاد ذلك أن يثنيهم، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي وكان من أشراف بني كنانة.
فقال: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشئ تكرهونه، فخرجوا سراعا.
قلت: وهذا معنى قوله تعالى: " ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط، وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب)[ الانفال: 47 - 48 ] غرهم لعنه الله حتى ساروا وسار معهم منزلة منزلة ومعه جنوده وراياته كما قاله غير واحد منهم، فأسلمهم لمصارعهم.
فلما رأى الجد والملائكة تنزل للنصر وعاين جبريل نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله.
وهذا كقوله تعالى: (كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين) [ الحشر: 16 ] وقد قال الله تعالى: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) [ الاسراء: 81 ] فابليس لعنه الله لما عاين الملائكة يومئذ تنزل للنصر فر ذاهبا فكان أول من هزم يومئذ بعد أن كان هو المشجع لهم المجير لهم كما غرهم ووعدهم ومناهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا.
وقال يونس عن ابن إسحاق: خرجت قريش على الصعب والذلول في تسعمائة وخمسين مقاتلا معهم مائتا فرس (17) يقودونها ومعهم القيان (18) يضربن بالدفوف ويغنين بهجاء المسلمين.
وذكر المطعمين لقريش يوما يوما، وذكر الاموي أن أول من نحر لهم حين خرجوا من مكة أبو جهل نحر لهم عشرا (19)، ثم نحر لهم أمية بن خلف بعسفان تسعا، ونحر لهم سهيل بن عمرو بقديد عشرا، ومالوا من قديد إلى مياه نحو البحر فظلوا فيها وأقاموا بها يوما فنحر لهم شيبة بن ربيعة تسعا، ثم أصبحوا بالجحفة فنحر لهم يومئذ عتبة بن ربيعة عشرا، ثم أصبحوا بالابواء فنحر لهم نبيه ومنبه ابنا الحجاج عشرا، ونحر لهم العباس بن عبد المطلب عشرا، [ ونحر لهم الحارث بن عامر بن نوفل تسعا ] (20) ونحر لهم على ماء بدر أبو البختري عشرا، [ ونحر لهم مقبس الجمحي على ماء بدر تسعا ] (21) ثم أكلوا من أزوادهم.
قال الاموي: حدثنا أبي حدثنا أبو بكر الهذلي قال: كان مع المشركين ستون فرسا وستمائة درع وكان مع رسول الله صل الله عليه وسلم فرسان وستون درعا.
هذا ما كان من أمر هؤلاء في نفيرهم من مكة ومسيرهم إلى بدر.
وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن إسحاق: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال (22) مضت من شهر رمضان في أصحابه واستعمل ابن أم مكتوم على الصلاة بالناس، ورد أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير وكان أبيض، وبين يدي رسول الله صل الله عليه وسلم رايتان سوداوان إحداهما مع علي بن أبي طالب يقال لها العقاب، والاخرى مع بعض الانصار.
قال ابن هشام كانت راية الانصار مع سعد بن معاذ وقال الاموي كانت مع الحباب بن المنذر.
قال ابن إسحاق: وجعل رسول الله صل الله عليه وسلم على الساقة قيس بن أبي صعصعة أخا بني مازن بن النجار.
وقال الاموي: وكان معهم فرسان على إحداهما مصعب بن عمير وعلى الاخرى الزبير بن العوام (23) ومن سعد بن خيثمة ومن المقداد بن
الاسود.
وقد روى الامام أحمد من حديث أبي إسحاق: عن حارثة بن مضرب عن علي قال ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد (24).
وروى البيهقي: من طريق ابن وهب عن أبي صخر عن أبي معاوية البلخي (25) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن عليا قال له: ما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الاسود - يعني يوم بدر - وقال الاموي: حدثنا أبي، حدثنا اسماعيل بن أبي خالد عن التيمي قال: كان مع رسول الله صل الله عليه وسلم يوم بدر فارسان، الزبير بن العوام على الميمنة، والمقداد بن الاسود على الميسرة(26).
قال ابن إسحاق: وكان معهم سبعون بعيرا يعتقبونها، فكان رسول الله صل الله عليه وسلم وعلي ومرثد بن أبي مرثد يعتقبون بعيرا، وكان حمزة وزيد بن حارثة وأبو كبشة وأنسة (27) يعتقبون بعيرا.
كذا قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى.
وقد قال الامام أحمد: حدثنا عفان، عن حماد بن سلمة حدثنا عاصم بن بهدلة عن زربن حبيش عن عبد الله بن مسعود.
قال: كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، كان أبو لبابة وعلي زميلي رسول الله صل الله عليه وسلم.
قال فكانت عقبة رسول الله صل الله عليه وسلم فقالا نحن نمشي عنك.
فقال: " ما أنتما بأقوى مني ولا أنا بأغنى عن الاجر منكما " وقد رواه النسائي عن الفلاس عن ابن مهدي عن حماد بن سلمة به(28).
قلت: ولعل هذا كان قبل أن يرد أبا لبابة من الروحاء، ثم كان زميلاه علي ومرثد بدل أبي لبابة (29) والله أعلم.
وقال الامام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة: أن رسول الله صل الله عليه وسلم أمر بالاجراس أن تقطع من أعناق الابل يوم بدر، وهذا على شرط الصحيحين.
وإنما رواه النسائي عن أبي الاشعث، عن خالد بن الحارث عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.
قال شيخنا الحافظ المزي في الاطراف وتابعه سعيد بن بشر عن قتادة.
وقد رواه هشام عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة فالله أعلم.
وقال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير، ثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب.
قال سمعت كعب بن مالك يقول: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك غير أني تخلفت عن غزوة بدر ولم يعاتب الله أحدا تخلف عنها، إنما خرج رسول الله صل الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد تفرد به (30).
قال ابن إسحاق: فسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقه من المدينة إلى مكة، على نقب المدينة، ثم على العقيق، ثم على ذي الحليفة ثم على أولات الجيش ثم مر على تربان (31) ثم على ملل ثم على غميس الحمام ثم على صخيرات اليمامة ثم على السيالة ثم على فج الروحاء ثم على شنوكة، وهي الطريق المعتدلة حتى إذا كان بعرق الظبية لقي رجلا من الاعراب، فسألوه عن الناس، فلم يجدوا عنده خبرا، فقال له الناس: سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أوفيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا: نعم ! فسلم عليه ثم قال: لئن كنت رسول الله فأخبرني عما في بطن ناقتي هذه، قال له سلمة بن سلامة بن وقش: لا تسأل رسول الله صل الله عليه وسلم وأقبل علي فأنا أخبرك عن ذلك، نزوت عليها، ففي بطنها منك سخلة.
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم مه أفحشت على الرجل، ثم أعرض عن سلمة.
ونزل رسول الله صل الله عليه وسلم سجسج وهي بئر الروحاء ثم ارتحل منها حتى إذا كان منها بالمنصرف (32) ترك طريق مكة بيسار، وسلك ذات اليمين على النازية يريد بدرا ؟ فسلك في ناحية منها حتى إذا جزع (32) واديا يقال له وحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء ثم على المضيق ثم انصب منه حتى إذا كان قريبا من الصفراء بعث بسبس (33) بن عمرو الجهني، حليف بني ساعدة، وعدي بن أبي الزغباء حليف بني النجار إلى بدر يتجسسان (34) الاخبار عن أبي سفيان صخر بن حرب وعيره.
وقال موسى بن عقبة بعثهما قبل أن يخرج من المدينة فلما رجعا فأخبراه بخبر العير استنفر الناس إليها فإن كان ما ذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق محفوظا فقد بعثهما مرتين والله أعلم.
قال ابن إسحاق رحمه الله: ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قدمهما فلما استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين سأل عن جبليها ما أسماؤهما (35) ؟ فقالوا: يقال لاحدهما: مسلح وللآخر: مخرئ، وسأل عن أهلهما فقيل بنو النار، وبنو حراق، بطنان من غفار، فكرههما رسول الله صل الله عليه وسلم والمرور بينهما وتفاءل باسمائهما واسماء أهلهما فتركهما والصفراء بيسار وسلك ذات اليمين على واد،
يقال له: ذفران فجزع فيه، ثم نزل وأتاه الخبر عن قريش ومسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار الناس، وأخبرهم عن قريش فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله، فنحن معك والله لا نقول لك كما قال بنو اسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم خيرا ودعا له.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أشيروا علي أيها الناس " وإنما يريد الانصار، وذلك أنهم كانوا عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا، فكان رسول الله صل الله عليه وسلم يتخوف أن لا تكون الانصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى: عدو من بلادهم.
فلما قال ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم قال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ قال: " أجل " قال فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، على السمع والطاعة لك، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق عند اللقاء.
لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر على
بركة الله.
قال: فسر رسول الله صل الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ثم قال: " سيروا وابشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم " هكذا رواه ابن إسحاق رحمه الله.
وله شواهد من وجوه كثيرة فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه: حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال: سمعت ابن مسعود يقول: شهدت من المقداد بن الاسود مشهدا لان أكون صاحبه [ كان ] أحب إلي مما عدل به، أتى النبي صل الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين.
فقال: لا نقول كما قال قوم موسى لموسى إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك، [ قال ] فرأيت النبي صل الله عليه وسلم أشرق وجهه [ لذلك ] وسره انفرد به البخاري دون مسلم فرواه في مواضع من صحيحه من حديث مخارق به (36) ورواه النسائي من حديثه وعنده: وجاء المقداد بن الاسود يوم بدر على فرس فذكره.
وقال الامام أحمد: حدثنا عبيدة - هو ابن حميد - عن حميد الطويل عن أنس قال: استشار النبي صل الله عليه وسلم مخرجه إلى بدر فأشار عليه أبو بكر، ثم استشارهم فأشار عليه عمر، ثم استشارهم فقال بعض الانصار: إياكم يريد رسول الله يا معشر الانصار.
فقال بعض الانصار: يا رسول الله إذا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها إلى برك الغماد لاتبعناك.
وهذا إسناد ثلاثي صحيح على شرط الصحيح.
وقال أحمد أيضا: حدثنا عفان ثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور (37) حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقال سعد بن عبادة، إيانا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحار لاخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها (38) إلى برك الغماد لفعلنا، فندب رسول الله صل الله عليه وسلم الناس.
قال فانطلقوا حتى نزلوا بدرا، ووردت عليهم روايا قريش وفيهم غلام أسود لبني الحجاج، فأخذوه وكان أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه فيقول مالي علم بأبي سفيان ولكن هذا أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف فإذا قال ذلك ضربوه فإذا ضربوه.
قال: نعم ! أنا أخبركم هذا أبو سفيان فإذا تركوه فسألوه قال مالي بأبي سفيان علم ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية، فإذا قال هذا أيضا ضربوه ورسول الله صل الله عليه وسلم قائم يصلي، فلما رأى ذلك انصرف فقال والذي نفسي بيده انكم لتضربونه إذا صدق وتتركونه إذا كذبكم.
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا مصرع فلان يضع يده على الارض ههنا وههنا، فما أماط أحدهم عن موضع يد رسول الله صل الله عليه وسلم (39) ورواه مسلم عن أبي بكر عن عفان به نحوه.
وقد روى ابن أبي حاتم في تفسيره وابن مردويه - واللفظ له - من طريق عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم عن أبي عمران أنه سمع أبا أيوب الانصاري يقول: قال رسول الله صل الله عليه وسلم ونحن بالمدينة: " إني أخبرت عن عير أبي سفيان أنها مقبلة فهل لكم أن نخرج قبل هذه العير لعل الله يغنمناها ؟ " فقلنا نعم ! فخرج وخرجنا فلما سرنا يوما أو يومين قال لنا: " ما ترون في القوم فإنهم قد أخبروا بمخرجكم ؟ " فقلنا لا والله ما لنا طاقة بقتال القوم ولكنا أردنا العير، ثم قال: " ترون في قتال القوم ؟ " فقلنا مثل ذلك.
فقام المقداد بن عمرو [ فقال ]: إذا لا نقول لك يا رسول كما قال قوم موسى لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، قال فتمنينا معشر الانصار لو أنا قلنا مثل ما قال المقداد أحب إلينا من أن يكون لنا مال عظيم فأنزل الله عزوجل على رسوله: (كما أخرجك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) وذكر تمام الحديث.
وروى ابن مردويه أيضا من طريق محمد بن
عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، عن أبيه، عن جده.
قال: خرج رسول الله صل الله عليه وسلم إلى بدر حتى إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال: " كيف ترون ؟ " فقال أبو بكر يا رسول الله بلغنا أنهم بكذا وكذا، قال ثم خطب الناس فقال: " كيف ترون ؟ " فقال عمر مثل قول أبي بكر ثم خطب الناس فقال: " كيف ترون ؟ " فقال سعد بن معاذ يا رسول الله إيانا تريد ؟ فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط ولا لي بها علم، ولئن سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك ولا نكون كالذين قالوا لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون، ولعل أن تكون خرجت لامر وأحدث الله إليك غيره فانظر الذي أحدث الله إليك فامض فصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت وعاد من شئت وسالم من شئت وخذ من أموالنا ما شئت.
فنزل القرآن على قول سعد: " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) الآيات.
وذكره الاموي في مغازيه وزاد بعد قوله وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت.
وما أمرت به من أمر فأمرنا تبع لامرك فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك (40).
قال ابن إسحاق: ثم ارتحل رسول الله من ذفران فسلك على ثنايا يقال لها الاصافر، ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدية (41) وترك الحنان بيمين وهو كئيب عظيم كالجبل العظيم، ثم نزل قريبا من بدر فركب هو ورجل من أصحابه (42).
قال ابن هشام هو أبو بكر.
قال ابن إسحاق - كما حدثني محمد بن يحيى بن حبان - حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش، وعن محمد وأصحابه، وما بلغه عنهم.
فقال الشيخ: لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما ؟ فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم إذا أخبرتنا أخبرناك فقال أو ذاك بذاك ؟ قال: نعم ! قال الشيخ فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا
للمكان الذي به رسول الله صل الله عليه وسلم وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا.
للمكان الذي به قريش، فلما فرغ من خبره قال ممن أنتما ؟ فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم نحن من ماء " ثم انصرف عنه.
قال يقول الشيخ: ما من ماء أمن ماء العراق ؟ قال ابن هشام: يقال لهذا الشيخ سفيان الضمري.
قال ابن إسحاق: ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فلما أمسى بعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام (43) وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون الخبر له كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير فأصابوا راوية لقريش فيها أسلم غلام بني الحجاج (44) وعريض أبو يسار غلام بني العاص بن سعيد، فأتوا بهما فسألوهما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي فقالوا: نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء، فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا لابي سفيان فضربوهما، فلما أذلقوهما(45) قالا: نحن لابي سفيان فتركوهما، وركع رسول الله صل الله عليه وسلم وسجد سجدتيه وسلم.
وقال: " إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا والله إنهما لقريش، أخبراني عن قريش ؟ قالا: هم [ والله ] وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوةالقصوى، والكثيب العقنقل.
فقال لهما رسول الله صل الله عليه وسلم كم القوم ؟ قالا كثير.
قال ما عدتهم، قالا: لا ندري، قال: كم ينحرون كل يوم ؟ قالا: يوما تسعا ويوما عشرا.
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: " القوم ما بين التسعمائة إلى الالف " ثم قال لهما: فمن فيهم من أشراف قريش ؟ قالا: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، ونوفل بن خويلد، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عدي بن نوفل، والنضر بن الحارث، وزمعة بن الاسود وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، وسهيل بن عمرو، وعمرو بن عبدود.
قال: فأقبل رسول الله صل الله عليه وسلم على الناس فقال: " هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها ".
قال ابن إسحاق: وكان بسبس بن عمرو وعدي بن ابي الزغباء قد مضيا حتى نزلا بدرا فأناخا إلى تل قريب من الماء ثم أخذا شنا لهما يستقيان فيه.
ومجدي بن عمرو الجهني على الماء، فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري الحاضر وهما يتلازمان على الماء والملزومة تقول لصاحبتها: إنما تأتي العير غدا أو بعد غد فأعمل لهم، ثم أقضيك الذي الذي لك.
قال مجدي: صدقت ثم خلص بينهما.
وسمع ذلك عدي وبسبس فجلسا على بعيريهما، ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صل الله عليه وسلم وأخبراه بما سمعا، وأقبل أبو سفيان حتى تقدم العير حذرا حتى ورد الماء.
فقال لمجدي بن عمرو: هل أحسست أحدا ؟ قال ما رأيت أحدا أنكره، إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل، ثم استقيا في شن لهما، ثم انطلقا، فأتى أبو سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعيريهما ففته فإذا فيه النوى.
فقال: هذه والله علائف يثرب فرجع إلى أصحابه سريعا فضرب وجه عيره عن الطريق فساحل بها وترك بدرا بيسار وانطلق حتى أسرع.
وأقبلت قريش، فلما نزلوا الجحفة رأى جهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف رؤيا.
فقال: إني رأيت فيما يرى النائم، واني لبين النائم واليقظان إذ نظرت إلى رجل قد أقبل على فرس حتى وقف، ومعه بعير له ثم قال: قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف،
وفلان وفلان فعد رجالا ممن قتل يوم بدر من أشراف قريش، ثم رأيته ضرب في لبة بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه نضح من دمه.
فبلغت أبا جهل لعنه الله فقال هذا أيضا نبي آخر من بني المطلب سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا.
قال ابن إسحاق: ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره، أرسل إلى قريش: إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجاها الله فارجعوا، فقال أبو جهل بن هشام: والله لا نرجع حتى نرد بدرا وكان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم به سوق كل عام فنقيم عليه ثلاثا فننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقى الخمر وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا فامضوا
__________
(1) بدر: اسم بئر حفرها رجل من غفار اسمه بدر، قيل هو بدر بن قريش بن يخلد، وبه - في قول - سميت قريش، وقيل إن بدرا: رجل كانت له بئر بدر وهي على أربع مراحل من المدينة.
قال ابن سعد: كانت بدر موسما من مواسم الجاهلية يجتمع بها العرب، وبين بدر والمدينة ثمانية برد وميلان.
(معجم البلدان - شرح المواهب - الروض الانف - طبقات ابن سعد).
(2) في ابن هشام والواقدي: يتحسس بالحاء.
قال السهيلي: التحسس أن تتسمع الاخبار بنفسك، والتجسس بالجيم هو أن تفحص عنها بغيرك.
(3) في ابن هشام: على أمر الناس.
(*)
(4) في ابن سعد: وكان بلغ المشركين بالشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرصد انصرافهم فبعثوا ضمضم بن عمرو حين فصلوا من الشام إلى قريش بمكة يخبرونهم بما بلغهم عن رسول الله صل الله عليه وسلم.
(5) أفظعتني: اشتدت علي، وفي ابن الاثير: افزعتها.
(6) في ابن هشام: بالغدر، وتروى يا أهل غدر شرحها السهيلي: جمع غدور، وهي بضم الغين والدال، وهي تحريض لهم، أي إن تخلفتم فأنتم غدر لقومكم.
قال أبو عبيد تقول: يا غدر، أي يا غادر فإذا جمعت قلت: يا آل غدر.
(7) من ابن هشام وابن الاثير، وفي الاصل: لابنه.
( ذكرهم ابن عقبة في روايته: أبا جهل وعتبة وشيبة ابني ربيعة وأمية وأبي بن خلف وزمعة بن الاسود وأبا البختري في نفر من قريش.
(9) قال ابن عقبة أن العباس رد عليه قال: هل أنت منته، فإن الكذب فيك وفي أهل بيتك، فقال من حضرهما:
ما كنت يا أبا الفضل جهولا ولا خرقا.
(10) اللطيمة: جميع ما حملت الابل للتجارة قاله أبو الزناد، وقال غيره: اللطيمة: العطر خاصة.
(11) من ابن هشام.
(12) قال الواقدي: آتاه عقبة بن أبي معيط وأبو جهل، وعقبة معه مجمرة فيها بخور ومع أبي جهل مكحلة ومرود.
فأدخلها عقبة تحته وقال: تبخر.
فإنما أنت امرأة.
وقال أبو جهل: اكتحل، فإنما أنت امرأة.
(*)
(13) من صحيح البخاري.
(14) في صحيح البخاري ودلائل البيهقي: إذ غلبتني.
(15) قال الواقدي: ابتاعوا له جملا بثلاثمائة درهم من نعم بني قشير، فغنمه المسلمون يوم بدر، فصار في سهم خبيب بن اساف، وفي رواية يساف.
(16) رواه البخاري في 64 كتاب المغازي 2 باب ذكر النبي صل الله عليه وسلم من يقتل ببدر ح 3950 فتح الباري 7 / 282 وفي 61
كتاب المناقب 25 باب ح 3632 فتح الباري 6 / 629 عن أحمد بن إسحاق.
ورواه البيهقي من طريقيه في دلائله 3 / 25.
(17) من ابن هشام، وفي الاصل: كانوا تحريف.
(18) في رواية الواقدي وابن الاثير: مائة فرس.
(19) ذكر الواقدي اسماءهن: سارة مولاة عمرو بن هاشم بن المطلب، وعزة مولاة الاسود بن المطلب، ومولاة أمية بن خلف.
(20) نحر لهم بمر.
(4) زيادة من رواية موسى بن عقبة، دلائل البيهقي 3 / 109.
(21) زيادة من رواية ابن عقبة، دلائل البيهقي
(22) قال ابن هشام: خرج يوم الاثنين لثمان ليال خلون من شهر رمضان.
وقال الواقدي: يوم الاحد لاثنتي عشرة خلت من رمضان، وفي ابن الاثير والطبري لثلاث ليال خلون من شهر رمضان.
وعند ابن سعد يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرا من مهاجره.
(23) العبارة غير مستقيمة في الاصل.
ورواية البيهقي عن ابن عقبة - ولعلها أصوب - على إحداهما مصعب بن عمير وعلى الآخر سعد بن خيثمة، ومرة الزبير بن العوام، ومرة المقداد بن الاسود.
(24) وفي رواية للنسائي: على فرس أبلق، ولقد رأيتنا وما فينا نائم إلا رسول الله صل الله عليه وسلم تحت سمرة يصلي ويبكي حتى أصبح.
رواه في الصلاة تحفة الاشراف 7 / 357 ورواه البيهقي في الدلائل ج 3 / 49.
والمقداد بن الاسود من أول من أظهر الاسلام، وكان من الفضلاء النجباء الخيار الكبار من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم.
(25) دلائل النبوة ج 3 / 39 وفيه: البجلي بدل البلخي.
(26) في رواية للواقدي: كان معهم فرسان: فرس للمقداد - ولا اختلاف عندنا أن المقداد له فرس - وفرس لمرثد بن أبي مرثد الغنوي وقبل للزبير (ابن الاثير) وكان اسم فرس المقداد: سبحة وفرس مرثد: السيل.
وفي رواية لقتيبة عند ابن سعد: كان مع رسول الله صل الله عليه وسلم ثلاثة أفراس وذكر الفرسان الثلاثة.
والاول أرجح
(27) أبو كبشة وانسة موليا رسول الله صل الله عليه وسلم.
(28) رواه البيهقي في الدلائل ج 3 / 39 والنسائي في السير تحفة الاشراف 7 / 26 والحاكم في المستدرك 3 / 20 وقال: صحيح على شرط الشيخين.
(29) المشهور عند أهل المغازي أن أبا لبابة رده النبي صلى الله عليه وسلم من الروحاء واستخلفه على المدينة، وعده ابن سعد من المتخلفين في المدينة ولم يذكر مسيرة إلى الروحاء، وفي ابن الاثير أن زميلي النبي صل الله عليه وسلم علي وزيد بن حارثة.
(30) أخرجه البخاري مطولا في كتاب الاحكام باب هل للامام أن يمنع المجرمين، وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة ونحوه ؟ وللحديث طرق أخرى ذكرها المزي في تحفة الاشراف 8 / 311 - 312.
(31) تربان: بالضم دار بين الحفير والمدينة.
(32) المنصرف: موضع بين مكة وبدر وبينهما أربعة برد (معجم البلدان).
(33) جزع الوادي: قطعه عرضا، ولا يجزع الوادي إلا عرضا.
(34) في مصنف أبي داود: بسبسة: قاله السهيلي ونسبه ابن الاثير لجهينة وغيره إلى ذبيان وقال: هو بسبس بن عمرو بن ثعلبة بن خرشة بن عمرو بن سعد بن ذبيان.
(35) وفي رواية: يتحسسان تقدم شرحها.
(36) كذا في الاصل، وهو تحريف، وفي ابن هشام: ما اسماهما ؟ وهو أصح.
(37) أخرجه البخاري في 64 كتاب المغازي (4) باب فتح الباري 7 / 287، وأعاده في التفسير مرتين، مرة عن أبي نعيم، ومرة عن حمدان بن عمر، تفسير سورة المائدة باب قوله: (فاذهب أنت وربك فقاتلا..) وما بين معكوفين في الحديث زيادة من الصحيح.
(38) في الحديثين مشاورة النبي للناس: قال فيها العلماء إنما قصد النبي صل الله عليه وسلم الانصار، لانه لم يكن بايعهم على أن
يخرجوا معه للقتال وطلب العدو، وإنما بايعهم على أن يمنعوه، فلما عرض الخروج لابي سفيان - في بدر - أراد أن يعلم موقفهم من الموضوع المطروح، وهل أنهم يوافقون على ذلك أم لا ؟ فكانت إصابتهم له كاملة، واستعدادهم للقتال حسن.
(39) كتابة عن ركضها، فإن الفارس إذا أراد ركض مركوبه يحرك رجليه من جانبيه، ضاربا على موضع كبده
(40) نقله البيهقي في الدلائل 3 / 107 بنحوه في باب سياق قصة بدر عن مغازي موسى بن عقبة.
(41) كذا في الاصل، وفي ابن هشام والواقدي وتاريخ الطبري ومعجم البلدان: الدبة: وهي بلد بين الاصافر وبدر.
(42) في الواقدي: معه قتادة بن النعمان، ويقال عبد الله بن كعب المازني، ويقال: معاذ بن جبل.
(43) في الواقدي: بسبس بن عمرو بدلا من الزبير بن العوام، وفي روايته أنه صلى الله عليه وسلم أنه التفى صل الله عليه وسلم قبل ذلك ببسبس فأخبره خبر قريش.
وقد تقدم أنه صل الله عليه وسلم بعث بسبس وعدي بن أبي الزغباء يتحسسان أخبار قريش (الطبري - ابن الاثير - سيرة ابن هشام طبقات ابن سعد).
(44) في ابن الاثير: الجحجاح، وفي الواقدي ذكر ثلاثة: أسلم غلام منبه بن الحجاج، ويسار غلام عبيد بن سعيد بن العاص، وأبو رافع غلام أمية بن خلف.
(45) أذلقوهما: بالغوا في ضربهما وآذوهما.