[rtl]
أثر الإشعاعات النووية على جسم الإنسانانتشرت مؤخراً استخدامات الأجهزة الإشعاعية وأصبحنا نجدها حتى في المراكز الصحية الصغيرة وكلنا يعرف مدى خطورة انبعاث الإشعاع من تلك الأجهزة على جسم الإنسان.
لم يعرف الإنسان الأشعة النووية إلا عام 1895 ميلادي على يد العالم الفيزيائي الألماني رونتجن الذي أطلق عليها اسم أشعة أكس (الأشعة السينية) لكونها ذات طبيعة مجهولة له في ذلك الوقت. الأن وبعد أكثر من 100 عام من هذا الاكتشاف الهائل يمكن القول إن علماء الفيزياء النووية أصبحوا على معرفة ضخمة وأمكنهم التوصل إلى معلومات هائلة ودقيقة حول هذه الأشعة من حيث أنواعها وماهيتها وتأثيرها على الكائنات الحية وعلى الجوامد. إن استخدامات الأشعة النووية في المجال الطبي يمكن تقسيمه إلى قسمين رئيسيين هما : الاولى في مجال تشخيص الأمراض والعلل فلا يكاد يخلو أي مستشفى أو منشأة صحية مهما كان حجمها من جهاز للأشعة التشخيصية وأبسط هذه الأجهزة الجهاز الذي يستخدم لتحديد الكسور أو أمراض الرئة والقلب, والثاني في مجال العلاج هذا الاستخدام غالباً لا يوجد إلا في أماكن متخصصة فمثلاً في مدينة الرياض توجد مثل هذه الأجهزة.
وتأثيرات الأشعة النووية تعتمد في مدى حدوثها وخطورتها على عدة أمور منها:
1- نوع الإشعاع فليست الإشعاعات النووية نوعاً واحداً وإنما أنواع عدة مثل الفوتونات والإلكترونات وأشعة بيتا وأشعة ألفا والنيوترونات وكل منها له تأثيرات معروفة ومحددة.
2- كمية الإشعاع فكلما زادت الكمية زادت احتمالية الآثار المتوقعة.
3- مدة التعرض فكلما زادت مدة التعرض زاد الأثر المتوقع.
4-المسافة بين مصدر الإشعاع وبين الشخص المتعرض فكلما قلت المسافة زادت الآثار المتوقعة.
5- العمر فتعرض الأطفال والمراهقين أخطر من تعرض البالغين.
خطر الإشعاعات النووية:
1- حدوث أنواع معينة من السرطان حيث أصبح معروفاً أن التعرض لجرعات عالية من الأشعة النووية قد يسبب زيادة في حالات السرطان مثل سرطان الدم الحاد وسرطان الغدة الدرقية وسرطان الثدي.
2- حدوث التشوهات الخلقية لدى الأجنة فتعرض المرأة الحامل للأشعة النووية قد يعرض الجنين إلى تأثيرات خطيرة هذه التأثيرات تعتمد على مرحلة الحمل التي تم فيها التعرض وعلى الجرعة فإذا كان التعرض في الأسبوع الأول للحمل فإن هذا يؤدي إلى موت الجنين أما التعرض خلال الأسابيع الستة التالية التالية فإن ذلك قد يؤدي إلى تشوهات خلقية للجنين واخيراً فإن التعرض للإشعاع في الشهرين الأخيرين للحمل لم يثبت أنه يسبب أي تشوهات خلقية للجنين. وهنا ينبغي التأكيد على الأهمية القصوى لتوقي التعرض للإشعاع للمرأة الحامل وعلى كل امرأة حامل أن تبلغ الفريق الطبي بشكل كباشر عن وجود أي احتمال ولو كان ضعيفاً لوجود حمل قبل تعريضها لأي نوع من الأشعة مع ملاحظة أن فحص الموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي ليس فيه أي تعرض للإشعاع لذا يستخدمان بأمان لفحص المرأة الحامل.
3-العقم عند تعرض الخصيتين المباشر للأشعة قد يحدث العقم والذي إما أن يكون مؤقتاً أو دائم حسب الجرعة.
يطلق اسم الإشعاعات المؤينة على جميع الإشعاعات النووية كالجسيمات المشحونة (البروتونات وجسيمات ألفا وبيتا والإلكترونات) والإشعاعات الكهرومغناطيسية (الأشعة السينية وأشعة جاما) والنيوترونات وغيرها لأنها تقوم بتأيين الوسط الذي تمر فيه مما يؤدي إلى تغيير في تركيب ذلك الوسط وهو ما نعبر عنه بالآثار الصحية .
فالجسيمات المشحونة تقوم بتأيين الوسط مباشرة عند المرور فيه وذلك بسب شحنتها الكهربية التي تحملها .
أما إشعاعات جاما فتنتقل طاقتها إلى إلكترونات الوسط الذي تمر فيه عن طريق أحد التفاعلات التي تم التعرف عليها في موضوع تفاعلات جاما مع المادة .
أما النيوترونات فتنتقل طاقتها إلى الوسط إما عن طريق التشتت المرن واللامرن أو عن طريق امتصاص النيوترونات وخاصة الحرارية . وحيث أن جميع أجسام الكائنات الحية تحتوي على نسب عالية من الهيدروجين فإن طاقة النيوترونات تنتقل إلى أنوية الهيدروجين (البروتونات) ثم تقوم هذه الأخيرة بعملية التأيين .
4- السمية الإشعاعية والسمية الكيميائية
لكل نظير مشع وجهان : الأول خصائصه الكيميائية بغض النظر عن كونه مشعا أم غير مشع والثاني خصائصه الإشعاعية . إذا علم ذلك فإنه من المتوقع أن تكون لكل نظير مشع سمية إشعاعية وأخرى كيميائية . فالرصاص مادة سامة كيميائيا وله تأثيرات على الصحة خاصة على الدماغ والجهاز العصبي بغض النظر عن هل هو مشع أم لا ولكن الرصاص 210 بالإضافة إلى سميته الكيميائية له سمية إشعاعية حيث يطلق إشعاعات بيتا قد تؤدي إلى سرطانات في العضو الذي يتركز فيه.
في العموم تكون السمية الإشعاعية أكثر أهمية من الكيميائية ولكن ليس دائما ، فمثلا اليورانيوم 238 له سمية كيميائية تؤثر على الكليتين وبالتالي تؤدي إلى فشلها وتكون مصاحبة للهيئة المذابة ، وسمية إشعاعية وتكون مصاحبة للهيئة غير المذابة وتكون الرئتين هما العضو الحرج وقد يؤدي إلى إصابتهما بالسرطان .
5- تركيب الخلية الحية تتكون جميع أعضاء الكائنات الحية من وحدات دقيقة تعرف بالخلية . وأهم مكونات الخلية هي النواة والسائل المحيط بها والمعروف باسم السيتوبلازم وجدار الخلية . ويعتبر السيتوبلازم بمثابة المصنع للخلية في حين تحتوي النواة على جميع المعلومات اللازمة لقيام الخلية بوظيفتها وتكاثرها . فالسيتوبلازم يقوم بتحويل الغذاء الذي يصله إلى طاقة وجزيئات صغيرة . وتتحول هذه الجزيئات فيما بعد إلى جزئيات أكثر تعقيدا وهي التي تحتاجها الخلية لعمليات التجديد والإنقسام . أما النواة فتحتوي على الكروموسومات والتي تعتبر تراكيب سلسلية طويلة من الجينات وتحتوي خلية الإنسان على حوالي 46 كروموسوما . وتتكون الجينات من حامض ديوكسي ريبو نيوكليك ومن جزيئات بروتينية وتحمل جميع المعلومات التي تحمل الصفات والمهام التي تقوم بها الخلية .
تقوم الخلايا بالتكاثر للمحافظة على النوع وتعويض ما يموت منها وكذلك لتلبية متطلبات النمو . ويتراوح عمر الخلية بين عدة ساعات وعدة سنوات وذلك حسب نوع الخلية . ويحدث التكاثر عادة بطريقتين الأولى التكاثر اللآجنسي او الجسدي والأخرى هي التكاثر الجنسي . ويحدث التكاثر اللاجنسي في خلايا الجسم العادية حيث يتضاعف عدد الكروموسومات طوليا ثم تنقسم الخلية الأصلية إلى خليتين متشابهتين تماما للخلية الأصلية . أما التكاثر الجنسي فهو نوع خاص يحدث بين نوع من الخلايا تعرف باسم خلايا التكاثر الجنسي وهي الحيوان المنوي في الذكر والبويضة في الأنثى . فعند تلاقي الحيوان المنوي مع البويضة يتحدان وتتجمع كروموسوماتهما مكونين بذلك خلية جديدة تحتوي على الجينات (المواد المورثة) من كلا الوالدين وتتكون بذلك البويضة المخصبة .
6- تفاعل الإشعاعات مع الخلية
عند سقوط الإشعاعات المؤينة على الخلية فإنها تؤدي إلى تأين بعض مكوناتها وخصوصا جزيئات الماء الذي يمثل الجزء الأكبر في أي خلية حية . ويؤدي تأين جزيئات الماء إلى حدوث تغيرات كيميائية تؤدي بدورها إلى إحداث تغيرات في تركيب وظيفة الخلية . ويمكن أن تظهر نتائج هذه التغيرات في الإنسان في شكل أعراض إكلينيكية كالمرض الإشعاعي أو إعتام عدسة العين أو في الإصابة بالسرطان على المدى البعيد .
وهكذا تؤدي الإشعاعات المؤينة إلى إتلاف الخلية من خلال عدة مراحل معقدة ومختلفة نوجزها فيما يلي :
المرحلة الفيزيائيةوهي تتم خلال زمن قصير جدا (حوالي 10 –16 ثانية) وفيها تنتقل الطاقة من النوع المعين من الإشعاعات إلى جزيئات اماء والخلية
حيث أن H2O+ أيون الماء الموجب ، و e- الإلكترون السالب .
المرحلة الفيزيوكيميائيةوتتم خلال زمن قصير (حوالي 10 –6) ثانية) بعد حدوث التأين ويحث خلالها تفاعل الأيونات الموجبة والسالبة مع جزيئات الماء الأخرى فينتج عن ذلك مركبات جديدة . فعلى سبيل المثال يمكن أن يتحلل أيون الماء الموجب مكونا أيون هيدروجين موجبا H+ وهيدروكسيد OH
أما الإلكترون فيمكن أن يتحد مع جزئ ماء متعادل مكونا بذلك أيون ماء سالبا .
إن جميع نواتج هذه التفاعلات هي مركبات معرفة بنشاطها الكيميائي الشديد .
المرحلة الكيميائيةوتستغرق هذه المرحلة عدة ثوان ويتم خلالها تفاعل نواتج المرحلة السابقة وهي الهيدروجين والهيدروكسيد مع الجزيئات العضوية الأخرى في الخلية مما يؤدي إلى تكسيرها وإحداث التغيرات عليها . فمثلا يمكن أن تتفاعل هذه النواتج مع الكرموسومات فتتحد معها أو تؤدي إلى تكسير تراكيبها السلسلية الطويلة وإحداث بعض التغيرات في الجينات .
المرحلة البيولوجية ويتراوح زمن هذه المرحلة بين عدة دقائق وعشرات السنين . وتبدأ في هذه المرحلة طهور آثار التغيرات الكيميائية التي حدثت في الخلية . وبعض هذه الآثار تتضمن الآتي :
1- موت الخلية
2- منع أو تأخر انقسامها أو زيادة معدل انقسامها .
3- حدوث تغيرات مستديمة في الخلية تنتقل وراثيا إلى الخلايا الوليدة .
التأثيرات البيولوجية للإشعاع: التأثيرات البيولوجية للإشعاعات المؤينة
يمكن تقسم التأثيرات البيولوجية للإشعاع حسب كمية الجرعة الممتصة إلى نوعين من التأثيرات : الأولى وتسمى التأثيرات المبكرة وهي التي تنتج نتيجة استلام جرعات عالية من الإشعاعات كافية لإحداث تأثيرات بعد وقت قصير من التعرض . والثانية : هي التأثيرات المتأخرة والتي تنتج عن جرعات منخفضة ومستمرة من الإشعاع .
4- التأثيرات المبكرة
التأثيرات المبكرة هي تلك التي تظهر أعراضها خلال فترة تتراوح بين عدة ساعات وعدة أسابيع من وقت التعرض لجرعة كبيرة من الإشعاعات خلال زمن قصير . وترجع هذه التأثيرات إلى استنزاف جزء كبير من خلايا بعض أعضاء الجسم بسبب موت هذه الخلايا أو بسبب منع أو تأخر انقسامها . الأمر الذي يؤدي إلى فقد العضو أو النسيج لوظائفه وإذا كان النسيج أو العضو من الأجزاء الحيوية لاستمرار حياة الكائن الحي يكون الموت هو النتيجة الحتمية لهذا الكائن .
وعموما تنتج التأثيرات المبكرة أو الحادة كما يسميها البعض عندما تتجاوز الجرعة قيمة معينة (عتبة) حيث يزيد حدة الإصابة بزيادة الجرعة ويبين الجدول التالي قيم العتبات لبعض التأثيرات الحتمية لإشعاعات جاما والإلكترونات .
الجرعة الممتصة في كامل الجسم جراي التأثير زمن الوفاة بعد التعرض
3-5 تلف النخاع العظمي 30-60 يوم
5-15 تلف الجهاز الهضمي والرئتين 10-20 يوم
أكثر من 15 تلف الجهاز العصبي 1-5 أيام
كما يبينه الجدول فإن معظم أمراض التأثيرات المبكرة إلى تلف خلايا النخاع العظمي أو الخلايا العصبية *Neuromuscular) أو الخلايا المعوية (gastrointestinal) تبعا للجرعة الممتصة وأهم هذه التأثيرات هي :
2- المرض الإشعاعي
يصاب الشخص الذي يتعرض لجرعة عالية من الإشعاعات المؤينة بالمرض الإشعاعي . وأهم أعراضه شعور الشخص بالقيء والغثيان . وتبدأ أعراض هذا المرض في الظهور بعد ساعات قليلة من التعرض للإشعاعات . وقد تقصر مدة ظهور الأعراض أو تطول وذلك حسب قيمة الجرعة الممتصة من الإشعاعات . فإذا كانت الجرعة الممتصة خلال فترة زمنية قصيرة (عدة ساعات مثلا) في حدود جراي واحد فإنه يمكن أن تظهر الأعراض خلال ساعات قليلة .
تنتج أعراض المرض الإشعاعي عن تلف عدد كبير من الخلايا المبطنة للجدار المعوي وهو ما يؤدي إلى الإحساس بالقيء والغثيان . يزداد احتمال الوفاة المبكرة بهذا المرض كلما زادت الجرعة الممتصة . فإذا كانت الجرعة في حدود 2 - 4 جراي فإنه يمكن أن تحدث الوفاة خلال فترة تتراوح بين أسبوعين وشهر .
وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد قيمة فاصلة بين الجرعات المميتة والجرعات غير المميتة . ولكن يمكن القول إنه إذا كانت الجرعة أقل من حوالي 5, 1 جراي فإن احتمال الوفاة المبكرة يكون صغيرا . أما إذا زادت الجرعة عن حوالي 8 جراي فإن احتمال الوفاة المبكرة يكون كبيرا .
أما بالنسبة للجرعات التي تزيد على 10 جراي فينخفض زمن بقاء الإنسان (Survival time) إلى حوالي 3 - 5 أيام . ويبقى هذا الزمن في هذه الحدود نفسها حتى جرعات عالية جدا. وتؤدي الجرعات الإشعاعية في هذه المنطقة إلى استنزاف وحشي لخلايا الجدار المبطن للأمعاء حيث يحدث فيه تلف شامل فتهاجمه البكتريا بوحشية . لذا تعرف هذه المنطقة من الجرعات بمنطقة الوفاة الناتجة عن الالتهابات المعوية (gastrointestinal death) وعموما يتناقص زمن البقاء على قيد الحياة بزيادة قيمة الجرعة الفعالة الممتصة .
4- تلف الجهاز المركزي العصبي (CNS) :
لا توجد بيانات كافية عن الإنسان في هذه المنطقة ولكن من النتائج التجريبية على الحيوانات ثبت أن الجرعات شديدة الارتفاع تؤدي إلى ظهور أعراض تدل على حدوث بعض التلف في الجهاز العصبي المركزي . لذا تسمى هذه المنطقة من الجرعات بمنطقة الجهاز العصبي المركزي (CNS) . ومع ذلك فقد ثبت أن الوفاة لا تتم في الحال حتى بالنسبة للحيوانات التي تعرضت لما يزيد على 500 جراي .
5- الاريثيما Erythema : وهناك تأثير آخر يظهر بمجرد التعرض للجرعات فوق الخطرة . ويعرف هذا التأثير باسم الاريثيما (erythema) وهو عبارة عن احمرار الجلد . والجلد معرض للتعرض للإشعاعات أكثر من أي نسيج آخر في الجسم خصوصا بالنسبة للإشعاعات السينية ذوات الطاقة المنخفضة وللإلكترونات (لأن قدرتها على الاختراق صغيرة) . لذا فإن التعرض لجرعة مقدارها حوالي 2 جراي من الأشعة السينية ذات الطاقة المنخفضة يؤدي إلى الاريثيما. وعند زيادة الجرعة يمكن أن تظهر أعراض أخرى كالحروق والتقيحات وغيرها .
وتجدر الإشارة إلى أن المستويات الإشعاعية الناتجة عن محطات الطاقة النووية أو عن وسائل التطبيقات الصناعية أو الطبية للإشعاعات التي يتعرض لها العاملون تكون عادة أقل بكثير من تلك المستويات الإشعاعية الخطرة . ولكن يمكن الحصول على الجرعة الخطرة نتيجة وقوع حادث نووي (نتيجة دخول صالة مفاعل مثلا بينما تكون إحدى قنواته مفتوحة وغير ذلك كثيرا). ومع ذلك فإن الجرعات الصغيرة التي يحصل عليها العاملون أثناء عمليات التشغيل العادي يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات ضارة ولكن على المدى البعيد وهذا ما يعرف بالتأثيرات المتأخرة .
التأثيرات البيولوجية للإشعاع: التأثيرات المتأخرة
6- الكروموسومات ودورها في نقل الصفات الوراثية
تحوي النواة شبكة متراصة من الخيوط الصبغية الدقيقة التي تكون على هيئة 23 زوجا من الخيوط الدقيقة ، كل خيطين متماثلين في الشكل والطول يرتبطان معا في نقطة واحدة وتسمى هذه الخيوط بالكروموسومات . ويتكون كل خيط صبغي من مادة كيميائية هي الحمض النووي الديوكسي رايبوزي ويعرف اختصارا بـ DNA
وشكله يشبه السلم الحلزوني . ويحوي كل خيط على حبات مركبة من الحمض النووي تسمى المورثات التي تحمل الصفات الوراثية ، وأن كل مورث ِّيحدد صفة واحدة فمثلا هناك مورِّث يحدد لون الشعر وآخر شكل العين وهكذا ، كما تحدد هذه المورثات المعلومات الأساسية لعمل الخلية ودورها ووظائفها . وقد يشترك عدد من المورثات في تحديد صفة واحدة . إذا الكروموسومات تحوي الصفات الوراثية والمعلومات الأساسية لكل خلية وهذه مهمة في حالتين من التكاثر : الأولى التكاثر الجنسي الناتج من اتحاد خلية ذكرية وأخرى أنثوية لتكوين الجنين ، والثانية في تكاثر الخلايا وانقسامها لبناء الأنسجة ومكونات الكائن الحي أثناء نموه ويسمى بالتكاثر الجسدي .
ففي الحالة الأولى تندمج الخلية الذكرية مع الخلية الأنثوية لتكوين اللقحة (الخلية الأولى للجنين) وتساهم كلا من الخلية الذكرية والأنثوية بخيط واحد من كل زوج من الكروموسومات ليكونا نتيجة اتحادهما 23 زوج من الكروموسومات تحمل الصفات الوراثية لكل من الأب والأم .
أما في التكاثر الجسدي فإن الخلية الواحدة تنقسم إلى خليتين متماثلتين ويتطلب ذلك انقسام الكروموسومات إلى الضعف ليذهب نصف العدد إلى خلية والنصف الثاني إلى الخلية الأخرى .
وفي كلا الحالين (في الخلية التناسلية أو الجسدية) قد يحدث تغير سريع في المعلومات الوراثية الموجودة في الصبغيات نتيجة لعوامل خارجية وبالتالي تتغير الصفات الوراثية أو المعلومات التي تحدد وظيفة الخلية ويسمى ذلك بالطفرة الوراثية وقد يؤدي هذا إلى تحول الخلية إلى خلية سرطانية أو يحدث تغيرات غير مرغوبة في الجنين .
2-الإصابة بالسرطان:
أصبح الآن معلوما أن فنيي الأشعة أو المرضى الذين تم علاجهم أو تشخيص أمراضهم بجرعات إشعاعات عالية نسبيا معرضون للإصابة ببعض أنواع السرطان أكثر من غيرهم ممن لم يتعرض للإشعاعات . ولقد أدت الدراسات الحديثة للمجموعات البشرية التي تعرضت للإشعاعات الناتجة عن القنابل الذرية أو المرضى الذين تم علاجهم بالإشعاعات النووية أو عمال مناجم اليورانيوم إلى تأكيد قدرة الإشعاعات على تكوين السرطان .
والسرطان هو عبارة عن تضاعف (تكاثر) الخلايا في العضو المعين بمعدل فوق المعدل الطبيعي . ويتقد البعض أنه ناتج عن تلف جهاز التحكم في الخلية مما يؤدي إلى انقسامها بمعدل أسرع من المعدل الطبيعي . وتحمل الخلايا الوليدة الصفة نفسها فتنقسم بدورها بالمعدل السريع نفسه مما يؤدي إلى تكوين نسيج سرطاني يضر بالأنسجة العادية في العضو المعين .
وتقدير زمن احتمال الإصابة بالسرطان بسبب التعرض للإشعاعات عملية معقدة للغاية نظرا لعدم إمكانية فصل السرطان الناتج عن الإشعاعات عن مثيله الناتج ذاتيا ولكن يبدو من بعض الإحصائيات أنه قد ظهر خلال مدة تتراوح بين 5 ، 30 سنة من وقت التعرض للإشعاعات . فبالنسبة لسرطان الدم (اللوكيميا) تفيد الدراسات أن المرض يستغرق في المتوسط حوالي 5 سنوات من التعرض . أما بالنسبة للسرطانات الجامدة فقد أوضحت الدراسات تأخر ظهور السرطان لمدة تصل إلى حوالي 20 - 30 سنة وربما أكثر . ونظرا للصعوبات المختلفة المتعلقة بمدى الإصابة وزمن ظهورها فقد أتفق عالميا من وجهة نظر الوقاية الإشعاعية على أن أي جرعة من الإشعاعات - مهما قلت - تحمل معها احتمالا بالإصابة بهذا المرض ولقد أمكن تقدير احتمال الإصابة بالمرض بالنسبة للمستويات الإشعاعية العالية . فقد تم عمل دراسات احصائية دقيقة على المجموعات البشرية التي تتعرض لجرعات عالية من الإشعاعات كالأطباء وفنيي الأشعة وعمال مناجم اليورانيوم . ولكن الدراسة الأكثر دقة هي تلك الدراسة التي أجريت على ضحايا التفجيرين النوويين على كل من هيروشيما وناجازاكي عام 1945م . فقد تم دراسة العلاقة بين الجرعة الإشعاعية وبين نسبة الاصابة وذلك عند الجرعات العالية . أما بالنسبة للجرعات المنخفضة فلا توجد بيانات إحصائية كافية عن الإنسان . يوضح الشكل التالي منحنى الإصابة بالسرطانات مع زيادة الجرعة والزمن . وبناء على ذلك فإنه إذا كان احتمال الاصابة بالسرطان عند جرعة سنوية مقدارها 10 مللي سيفرت هو حوالي ستة من كل 10000 شخص فإنه عند جرعة مقدارها 100 مللي سيفرت يصبح احتمال الإصابة هو ستة من كل 1000 شخص .
إن الإحصائيات الحديثة على بعض المجموعات البشرية التي تعرضت للإشعاعات قد أوضحت أن معامل الخطورة بالنسبة للإصابة بالسرطان أعلى بكثير مما كان يعتقد حتى نهاية الثمانينات من القرن العشرين . وقد أعطت النماذج المختلفة معاملات مختلفة للخطورة تراوحت بين 4.5 و 12 حالة سرطانية لكل 100 فرد سيفرت . لذلك يستخدم الآن5.5 - 7 × 10-2 كمعامل متوسط للخطورة لكل 100 فرد سيفرت .
3- عتامة عدسة العين Cataract :
ومن بين التأثيرات المتأخرة الناتجة عن الإشعاعات هو تكوين عتامة في عدسة العين وهو المرض المعروف باسم الكتراكت (cataract) . وتجدر الإشارة إلى أنه توجد قيمة معينة للجرعة المكافئة التي يحدث بعدها هذا المرض هي حوالي 150 مللي سيفرت . لذا يجب ألا تزيد الجرعة التي تتعرض لها العين طول حياتها عن هذه القيمة حتى لا تتعرض لهذا المرض .
4- انخفاض متوسط العمر :
بالإضافة إلى ذلك فهناك بعض الحقائق (من التجارب على الحيوانات) التي تؤكد أن متوسط العمر ينخفض قليلا بالتعرض للإشعاعات . ولقد أظهرت الإحصائيات التي تم إجراؤها على المجموعات البشرية التي تعرضت لجرعات عالية أن جرعة فعالة مقدارها سيفرت واحد تؤدي إلى قصر عمر الإنسان بما لا يزيد عن سنة واحدة .
5- التأثيرات الوراثية للإشعاعات:
تنتج التأثيرات الوراثية للإشعاعات عن تلف الخلايا التناسلية . ويؤدي هذا التف إلى مجموعات تغيرات - تعرف باسم التغيرات الوراثية (genetic mutations) في المادة الوراثية للخلية . وقد سبقت الإشارة إلى أن التكاثر يحدث نتيجة إخصاب البويضة (ovum) بالحيوان المنوي (sperm) وبالتالي تحصل البويضة المخصبة على مجموعة متكاملة من المواد الوراثية من كلا الوالدين . وبذلك يحصل الطفل على مجموعتين متتامتين من الجينات (genes) بواقع مجموعة من كل والد . وقد وجد أن أحد العينات يكون هو الغالب (أو السائد) في حين يكون الآخر منحسرا والجينات الغالبة هو التي تحدد الصفات الوراثية الشخصية .[/rtl]
[rtl]
الوجه السيئ والوجه الحسن للإشعاععندما تذكر كلمة إشعاع .... يتبادر الى الذهن الصورة البشعة لقنبلة هيروشيما ونجازاكي والدمار الذي احدثتاه ,,,, وايضا يبادر الى الذهن الأمراض السرطانية المميتة التي يسببها الإشعاع .
فكلما قال شخص إشعاع فكأنما هو شبح خفي يخافة الكبير قبل الصغير
ولعلنا في هذه العجالة ان نبين القليل من كثير لمحاسن الإشعاع وفضلة بعد الله في كثير من التطبيقات التي اسهمت في تطور العلم والتقينة !!!!!!!!!!
للتطبيقات الإشعاعية في أنشطة الحياة المختلفة العديد من المزايا والحسنات ويمكن إجمال بعض هذه المزايا على النحو التالي :
1- سهولة تصنيع وإنتاج أنواع مختلفة من النظائر المشعة حسب الاستخدام المطلوب . حيث يمكن الحصول على النظائر المشعة بوسائل عدة متاحة منها تعريض أهداف مناسبة لقذائف جسيمية مختلفة مثل النيوترونات في المفاعلات النووية أو بجسيمات مشحونة في المعجلات . كما توجد طرق أخرى للحصول على النظائر المشعة وذلك عن طريق استخلاصها من المواد المشعة طبيعيا والموجودة أصلا في الطبيعة ، أو من المواد الانشطارية للوقود النووي .
2- يتيح تنوع الإشعاعات النووية (إشعاعات ألفا وبيتا وجاما ونيوترونات وبروتونات) استخدامات واسعة لتطبيقاتها . حيث تستخدم النظائر المشعة لإشعاعات جاما في تطبيقات تستفيد من خصائص إشعاعات جاما الكهرومغناطيسية وقدرتها الاختراقية العالية لبعض المواد ، كما يستفاد من النيوترونات نظرا لخصائصها المختلفة عن إشعاعات جاما في تطبيقات أخرى مختلفة . إن هذا التنوع في الخصائص لا شك أنه أعطى مجال واسع لتطبيقات الإشعاع في مجالات الحياة المختلفة .
3- التكلفة المنخفضة عموما لتطبيقات الإشعاع ، حيث تمتاز الأنظمة التي تستخدم فيها الإشعاعات بأنها ذات تقنيات بسيطة وسهلة ولا تحتاج إلى الصيانة المستمرة مما يقل من تكلفتها .
4- في بعض الأحيان تكون هي التقنية الوحيدة المتاحة في هذا المجال أو إنها التقنية المتميزة في مجال معين . مثال ذلك تقنيات مقتفيات الأثر التي تعتمد على النظائر المشعة تمتاز بثباتها وكفاءتها العالية مقارنة بغيرها من مقتفيات الأثر التي تعتمد على اللون أو على خصائص أخرى .
5- من المزايا السائدة للانشطار النووي هو إمكانية إنتاج طاقة رهيبة من كميات صغيرة من اليورانيوم المخصب الوقود النووي المستخدم في المفاعلات النووية وهذا المبدأ الذي يقوم عليه مبدأ المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة . لقد ساهمت الطاقة النووية وخلال عقود ماضية بنسب لا يستهان بها في توليد الطاقة الكهربية في العديد من دول العالم الصناعية ، كما إنها مرشح كبديل للوقود الأحفوري (النفط والفحم)
وأيضا:لقد ساهم في التوسع في انتشار تطبيقات الإشعاع في الطب عدد من العوامل منها :
1- سهولة الحصول على وحدات تشعيع وإنتاج النظائر المشعة بتكلفة معقولة بالإمكان استردادها خلال مدة قصيرة .
2- التطور السريع في أجهزة الكشف الإشعاعي ومن ذلك قياس الجرعات الشخصية .
3- التطور الهائل في استخدام الحاسب الآلي .
4- توافر عدد من المنتجات الصيدلانية المشعة ذات العمر النصفي القصير
التشخيص الطبي
يقوم مبدأ التصوير النووي nuclear imaging أو التشخيص الطبي باستخدام النظائر المشعة على أساس حقن المرضى بنظائر مشعة مقتفية محددة ثم قياسها باستخدام أجهزة خاصة تعمل على نحو قريب من الكاميرا ومزودة بأنظمة حاسب متقدمة لتعطي بعد صورة ذات بعدين أو أكثر للعضو المراد تصويره . وهناك نوعين من التصوير النووي إحداها يعتمد على أساس حقن المريض بمادة مقتفية ومطلقة لإشعاعات جاما تناسب العضو المراد تشخيصه بمعنى أن هذه النظائر تكون باحثة لذلك العضو في أثناء دخولها الجسم ويجري امتصاصها وتركيزها فيه . ثم يتم بعد ذلك تصوير العضو بما يسمى بالكاميرا الجامية من عدة اتجاهات وزوايا . والكاميرا الجامية عبارة عن نظام لقياس إشعاعات جاما ، وباستخدام الحاسب الآلي يتم عمل صورة مجسمة للعضو وتحديد العيوب والمشاكل التي تخل بوظيفته .
هناك نوع متطور من المقتفيات المستخدم في التشخيص والتي تعتمد على حقن المريض بنظير مناسب يطلق بيزوترونات (نوع من إشعاع بيتا) بدل إشعاع جاما كما تستخدم معه كاميرا مختلفة عن الكاميرا الجامية للتصوير تسمى الانبعاث البيزوتروني الطبقي Positron Emission Tomography (PET) . عادة ما تحقن المادة المشعة في العضو المقصود وعندما تتفكك فإنها تطلق بيزوترونات والتي لا تلبث حتى تتحد مع إلكترونات المحيط لينتج من الاتحاد فوتونين متماثليين في اتجاهين مختلفين يتم قياسهما بواسطة الـ PET . تمتاز هذه الطريقة بأنها أكثر دقة من الكاميرا الجامية .
تعتبر الأشعة السينية من أقدم وأشهر التطبيقات الطبية للإشعاع ولا يكاد مرفق صحي من جهاز تصوير بالأشعة السينية وهي تستخدم في الأساس في تحديد الكسور في العظام وفي تحديد حالة الأسنان ، ولكن بالإمكان استخدامها لتحديد حالة الأنسجة الناعمة مثل الرئتين .
يتبع[/rtl]