[rtl]
عباس يحزم الحقائب لخروج آمن من القصر[/rtl]
[rtl]
التاريخ:6/9/2015 - الوقت: 1:23م[/rtl]
لم تكن خطوة الرئيس محمود عباس الأخيرة بالدعوة لانعقاد المجلس الوطني من أجل انتخاب لجنة تنفيذية جديدة سوى حلقة من سلسلة حلقات ختامية لمسيرته السياسية.
ويرى علماء الاجتماع والنفس والسياسة إن أخطر القرارات التي يتخذها قائد هي التي تسبق نهاية مستقبله السياسي أو الزمني والتي يمتزج فيها التخطيط كقائد بالتخطيط لما ستقول عنه الأجيال أو كيف يريد أن يترك المشهد حيث يتخللها أحيانا قرارات مفاجئة قد لا تتفق مع السياق العام لمسيرته، وهذا ما ينطبق جزئيا على الرئيس عباس.
نهاية مرحلة
وكالة "صفا" اطلعت على نقاشات تجري في رام الله، أكدت في مجملها نهاية حقبة الرئيس عباس، وأنه تسلم قرارا أمريكا بانتهاء خدماته في رئاسة منظمة التحرير والسلطة ومشروع أوسلو للتسوية، مع السماح له بترتيب خروج آمن له بما يشبه "مكافأة نهاية الخدمة".
وهو ما أكدته واختصرته مصادر واسعة الاطلاع في رام الله لما يجري في دهاليز السياسة الفلسطينية هذه الأيام وسط احتدام النقاش عن تحضيرات لتغييرات وشيكة على مستوى الهرم القيادي.
وأعلن مسئولون في حركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن عباس أبلغهم رغبته بعدم الترشح لانتخابات اللجنة التنفيذية المقررة في اجتماعات المجلس الوطني في 14 و15 من الشهر الجاري.
وتقول مصادر مطلعة لوكالة "صفا" إن مفاوضات ومشاورات واجتماعات مكوكية تجري هذه الأيام في رام الله وبعض دول المنطقة لترتيب المشهد الفلسطيني بعد غياب عباس قريبًا.
وترجح المصادر حدوث تغيرات جذرية في المشهد السياسي والأمني في الضفة الغربية إضافة إلى الوضع التنظيمي في حركة فتح حتى نهاية العام الجاري.
وتستعد فتح لعقد مؤتمرها العام السابع نهاية نوفمبر المقبل رغم الصعوبات التنظيمية التي تعترض جاهزية الأقاليم.
وعلى ذلك تؤكد المصادر ل"صفا" أن عباس يسابق الزمن لترتيب المشهد بغرض ضمان خروج آمن له، لكنه يجد صعوبة بالغة في ذلك بسبب مواقف قواعد حركة فتح.
وعباس وهو القائد العام لحركة فتح معروف أنه يحظى بمعارضة من قيادات وازنة في الحركة منهم جبريل الرجوب وناصر القدوة وبدرجة أكبر توفيق الطيراوي الذي تثار حوله في مقر الرئاسة شبهات التحالف مع محمد دحلان.
المشهد القادم
يريد عباس إعادة ترتيب المشهد سواء في رئاسة السلطة أو حركة "فتح" بمبدأ التوازن في القوى على أن تقتصر على القيادات المقربة منه وضمن دائرته الضيقة.
وحسب المصادر فإن عباس يخطط أن يتولى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات رئاسة السلطة الفلسطينية على أن يعين مدير المخابرات العامة ماجد فرج نائبًا له.
وعين عباس مؤخرا عريقات في منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير خلفا لياسر عبد ربه الذي عزله، فيما يعد فرج من أشد المقربين من عباس.
وحسب المصادر فإن عباس يريد انتخاب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد قائدا لحركة فتح، على أن تشمل المرحلة المقبلة تغييرات واسعة في الأجهزة الأمنية وبعض المؤسسات السيادية في الضفة الغربية.
لكن المصادر نبهت إلى أن ثمة صعوبات تواجه عباس في سبيل تحقيق ما يريد ويخطط له قد تغير ملامح هذا المشهد المنتظر، خاصة مع كثرة اللاعبين وتسارع المؤثرات والمتغيرات.
وأشارت المصادر إلى أن أبرز المقررين في مجمل هذه التغيرات هم: الاحتلال الإسرائيلي، وأمريكا، والأردن، ومصر، فيما تظهر حركة "حماس" كأبرز الغائبين عن المشهد خاصة أن قرارًا دوليا مفروض عليها بعدم الدخول في المشهد السياسي ومنظمة التحرير.
ولفتت المصادر الانتباه إلى أحداث مهمة منتظرة في المشهد الفلسطيني بداية في اجتماعات المجلس الوطني ثم مشاركة عباس في اجتماعات الأمم المتحدة في 28 سبتمبر، ومؤتمر فتح السابع نهاية شهر نوفمبر المقبل.
تنافس تنظيمي
تبرز المصادر عند التفصيل فيما يواجه مخطط عباس للتغيير وجود ثلاث تيارات رئيسية تتصارع على مستقبل الهرم القيادي في السلطة وحركة فتح.
وأبرز هذه التيارات حاليا يقوده عباس ويتحالف معه عزام الأحمد وماجد فرج وصائب عريقات ونضال أبو دخان وجمال محيسن ومحمود العالول، ويتميز عباس بأنه المسيطر فعليا على السلطة ولا زال يحكم بقرار دولي.
أما التيار الثاني فيتزعمه محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح بقرار من عباس، ويتردد عن تحالفات وازنة له منهم توفيق الطيراوي وياسر عبد ربه، وقياديات فتح في غزة وبعض مناطق شمال الضفة الغربية.
ويتميز دحلان بالحضور الدولي وبدعم عربي خاصة من الإمارات ومصر، ورغم مساعي عباس لإقصائه إلا أن ضغوطا أردنية ومصرية تدفع باتجاه تعزيز فرصه لتولي رئاسة حركة فتح.
وتؤكد مصادر مقربة من الرئيس أن " هاجس دحلان" هو أحد المحركات الأساسية للتغييرات التي يسعى الرئيس لتحقيقها، فهو يفكر دائما كيف يقطع الطريق على عودة دحلان للمشهد في حالة حدوث فراغ سياسي، سيما وأن تقديراته الأمنية تشير إلى أن دحلان ما زال يحتفظ بثقل كبير في أوساط حركة فتح وأن أي فرصة للفوضى ولو كانت بسيطة كفيلة بإعادته للمشهد والسيطرة على الضفة خاصة في ظل النفوذ الإقليمي الذي يتمتع به.
أما التيار الثالث فيتمثل بكتلة تنظيم فتح ويقوده جبريل الرجوب ويعاونه المسئول الأمني زياد هب الريح وجهاز الأمن الوقائي.
تجاوز فتح
وبحسب المصادر المطلعة فإن عباس أقدم على خطوة اللجنة التنفيذية بعد أن يئس في تمرير توافق على قراراته داخل مركزية فتح التي فشلت وعلى مدار سنوات في التوافق على من يكون نائبا للرئيس ضمن ست شخصيات ترى نفسها الأحق بهذا المنصب.
وتقول المصادر إن عباس قرر إدارة ظهره لمركزية فتح وفرض الأمر الواقع من بوابة اللجنة التنفيذية التي يتمتع بها بمرونة كبيرة، فهي تخرجه من عنق الزجاجة مع المركزية من جهة، وتعفيه من قانونية استحداث موقع نائب الرئيس وتبعاته وتجعله يعود برجالاته من البوابة الأوسع.
ولا يخفى على أي متابع مستوى الغضب في مختلف مستويات حركة فتح من قرارات الرئيس عباس والعبارة الدارجة أن عباس يتنكر لفتح ولم يعد يفكر بها.
مشروع السلطة
ويتناغم المشهد الحالي والقادم مع حقيقة مشروع السلطة الفلسطينية وفق اتفاق أوسلو للتسوية، باعتبارها أداة أمنية لتعطيل نيل الشعب الفلسطيني لحريته وإقامة دولته.
وتسارعت خطوات الاحتلال الإسرائيلي بمساعدة أمريكية وفلسطينية في إنشاء جيل يرتبط بمشروع أوسلو بعيدا عن الفصائل بما فيها حركة فتح، ويدلل مسؤولون أمنيون على ذلك بكتائب الأمن الوطني التي ترتبط بالسلطة أكثر من تنظيم فتح على عكس جهاز الأمن الوقائي مثلا.
ويعتقد في رام الله أن ياسر عرفات كان آخر خيارات الشعب الفلسطيني، وكل من جاء أو سيأتي يمثلون خيارات غير فلسطينية.
كما يعتقد على نطاق واسع أنه من الصعوبة بمكان أن ينفذ أي تيار من المتصارعين ما يصبوا له، وأن الضباب يلف المستقبل الفلسطيني سيما وأنه من غير الواضح حاليا أي الخيارات هو المفضل إسرائيليا والتي لها من خلال ممارساتها كفة الترجيح أحيانا.
(صفا)