ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75521 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: احكام الطلاق الجمعة 02 أكتوبر 2015, 7:20 am | |
| تعريفه: لغة هو :التخلية والإرسال. واصطلاحاً: حل عقد النكاح أو بعضه. حكم الطلاق: والطلاق جائز بالكتاب والسنة والإجماع عند الحاجة إليه. فمن الكتاب قوله تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229]. ومن السنة: (فقد طلق رسول الله صل الله عليه وسلم حفصة ثم راجعها) رواه بن ماجه، وصححه الإلباني. وأما الإجماع: فقد اتفقت كلمة العلماء على مشرعيته من غير نكير. يختلف حكمه من شخص لآخر: 1. فالأصل فيه الكراهية إلا عند الحاجة إليه، لأن أبغض الحلال عند الله الطلاق. 2. ويباح للحاجة كسوء خلق المرأة، وحصول الضرر بمعاشرتها. 3. ويستحب للضرر، كأن تتضرر المرأة باستدامة النكاح فيستحب لإزالة الضرر عنها. 4. ويجب للإيلاء. 5. ويحرم إذا كان طلاقاً بدعياً، كأن يطلقها في فترة الحيض فهو محرم.
حكمة مشروعية الطلاق: شرع الطلاق في حالة مخصوصة للتخلص من المكاره الدينية والدنيوية، وذلك لأن الطلاق أبغض الحلال إلى الله تعالى. لم يشرع إلا في حالة الضرورة والعجز عن إقامة المصالح بينهما لتباين الأخلاق وتنافر الطباع، أو لضرر يترتب على استبقائها في عصمته، بأن علم أن المقام معها سبب فساد دينه ودنياه، فتكون المصلحة في الطلاق واستيفاء مقاصد النكاح من امرأة أخرى. وكما يكون الطلاق للتخلص من المكاره يكون كذلك لمجرد تأديب الزوجة إذا استعصت على الزوج وأخلت بحقوق الزوجية، وتعين الطلاق علاجاً لها، فإذا أوقع عليها الطلاق الرجعي، وذاقت ألم الفرقة، فالظاهر أنها تتأدب وتتوب وتعود إلى الموافقة والصلاح. مشروعية إيقاع الطلاق على مراحل : الطلاق لا يصار إليه إلا إذا فات الإمساك بالمعروف وساءت العشرة بين الزوجين فيطلقها وفي غالب ظنه أنه المصلحة، لكنه قد يكون مخطئا في هذا الظن لكونه لم يتأمل حق التأمل، ولم ينظر في العاقبة حق النظر، كما إذا كان في حالة غضب وانفعال فإنها ليست حالة تأمل، فشرع إيقاعه على مراحل لإمكان التدارك ورفع الخطأ مع إعادة التأمل والنظر، فإذا تأمل ثانيا وظهر أن المصلحة في الطلاق أعاد الكرة ثانيا وهكذا ثالثا، وهو بين كل طلقة وأخرى يجرب هل يمكنه الصبر عنها إذا بتَّ طلاقها، وهل تتوب وتعود إلى الصلاح إذا ذاقت مرارة الفراق أم لا؟ أما إذا لم يشرع إلا مرة واحدة فقد يندم على فراقها ولا يمكنه التدارك، وقد لا يطيق فراقها والصبر عنها فيقع في السفاح. وبالجملة فإن الطلاق لا يصار إليه إلا بعد إفراغ الجهد باستعمال جميع الوسائل الممكنة في رفع الشقاق وإزالة الموانع والأضرار، لأن النكاح نعمة جليلة ينبغي أن يُحَاَفَظ عليها ما أمكن. حكمة النهي عن طلاق الحائض: السنة عدم الطلاق في حال الحيض لأن فيه تطويل العدة على المرأة، حيث إن فترة الحيض لا تحسب من العدة، فتطول العدة عليها وفي ذلك إضرار بها، ولأن الطلاق للحاجة فيسن أن يكون الطلاق في زمان كمال الرغبة، أما زمان الحيض فيعتبر زمان النفرة، فيكون الاقدام عليه في وقت الحيض ليس دليلاً على الحاجة إلى الطلاق. حكمة مشروعية الطلاق في الطهر الخالي من الوطء: شرع الطلاق في الطهر لأنه وقت كمال الرغبة والميل إلى المرأة، فإيقاعالطلاق في ذلك الوقت لا يكون بتأثير العوامل النفسية، بل يغلب أن يكون الباعث عليه أمراً شرعياً ومصلحة حقيقة حملته على قطع الصلة وفك الارتباط، فيطلب كل منهما ما يصلح له ويلائمه في الأخلاق والطباع. وأما عدم الوطء فيه فلأن قضاء الشهوة مما ينقص الرغبة فيها، ولأن المرأة قد تحمل منه، فيقع في الندم لأنه لم يحسن الخلوص منها لما سبب له هذا الحمل من الآلام والمشاغل. ألفاظ الطلاق: وهي نوعان: 1. ألفاظ صريحة في الطلاق، يقع الطلاق بها مباشرة بدون الحاجة إلى نية. مثل: أنت طالق، مطلقة، طلقتك ونحو ذلك. 2. ألفاظ كناية الطلاق: وهي نوعان: كناية ظاهرة، وكناية خفية. ولكل منها شروط وأحكام، فمنها لو قال: اخرجي واذهبي لأهلك، وحللت للأزواج، وغطي شعرك، وتستري مني، ونحو ذلك لا بد فيها من نية الطلاق. طلاق السنة : والسنة في الطلاق أن يطلقها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه. لقوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق:1]. طلاق البدعة: وهو طلاق محرم ويقع على القول الراجح.بدليل قوله صل الله عليه وسلم لعمر في شأن أبنه: (مُـرْه فليراجعها) متفق عليه، فلو لم يقع لم يكن ثّمة حاجة للمراجعة. وهو أنواع: 1. من طلاق البدعة أن يطلقها ثلاثاً وهذا محرم، والسنة أن يطلقها طلقة واحدة، لأن المقصود واحد، ولا يدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً. 2. من المحرم أن يطلقها في فترة الحيض. 3. ومن المحرم أن يطلقها في طهر جامعها فيه.
وأما لو طلقها الثلاث طلاقًا محرمًا، مثل أن يقول لها: أنت طالق ثلاثة جملة واحدة، فهذا فيه قولان للعلماء أحدهما: يلزمه الثلاث. والثاني: لا يلزمه إلا طلقة واحدة، وله أن يرتجعها في العدة، وينكحها بعقد جديد بعد العدة، وهذا قول كثير من السلف والخلف، وهو قول طائفة من أصحاب مالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل، وهذا أظهر القولين؛ لدلائل كثيرة: منها ما ثبت في الصحيح عن ابن عباس قال: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر واحدة. ومنها ما رواه الإمام أحمد وغيره بإسناد جيد عن ابن عباس: أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته ثلاثًا في مجلس واحد، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(إنما هي واحدة وردها عليه)، وهذا الحديث قد ثبته أحمد بن حنبل وغيره. وضعف أحمد وأبو عبيد وابن حزم وغيرهم ما روي أنه طلقها البتة، وقد استحلفه (ما أردت إلا واحدة؟)، فإن رواة هذا مجاهيل لا يعرف حفظهم وعدلهم، ورواة الأول معروفون بذلك، ولم ينقل أحد عن النبي صل الله عليه وسلم بإسناد مقبول أن أحدًا طلق امرأته ثلاثًا بكلمة واحدة فألزمه الثلاث، بل روي في ذلك أحاديث كلها كذب باتفاق أهل العلم، ولكن جاء في أحاديث صحيحة إن فلانًا طلق امرأته ثلاثًا. أي: ثلاثًا متفرقة. وجاء: إن الملاعن طلق ثلاثًا، وتلك امرأة لا سبيل له إلى رجعتها، بل هي محرمة عليه سواء طلقها أو لم يطلقها، كما لو طلق المسلم امرأته إذا أرتدت ثلاثًا. وكما لو أسلمت امرأة اليهودي فطلقها ثلاثًا، أو أسلم زوج المشركة فطلقها ثلاثًا. وإنما الطلاق الشرعي أن يطلق من يملك أن يرتجعها أو يتزوجها بعقد جديد، والله أعلم.
.
وسئل رحمه الله تعالى عمن طلق في الحيض والنفاس: هل يقع عليهالطلاق أم لا؟ فأجاب: أما قوله لها: أنت طالق ثلاثًا وهي حائض، فهي مبنية على أصلين: أحدهما: أن الطلاق في الحيض محرم بالكتاب والسنة والإجماع، فإنه لا يعلم في تحريمه نزاع، وهو طلاق بدعة. وأما طلاق السنة: أن يطلقها في طهر لا يمسها فيه، أو يطلقها حاملاً قد استبان حملها، فإن طلقها في الحيض، أو بعد ما وطئها وقبل أن يستبين حملها له، فهو طلاق بدعة، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق:
حكم الطلاق في الحيض. الطلاق في الحيض طلاق بدعي مخالف للسنة وقد أجمع العلماء رحمهم الله على ذلك. قال ابن المنذر ما نصه: (وأجمعوا على أن الطلاق للسنة: أن يطلقها طاهراً قبل عدتها(19) بل قد ذكر النووي وابن قدامة الإجماع على تحريمه). قال رحمه الله في شرح صحيح مسلم ما نصه: (أجمعت الأمة على تحريم طلاق الحائض الحائل بغير رضاها فلو طلقها أثم)(20). وقال ابن قدامة في المغني (وأما المحظور) فالطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه ويسمى طلاق البدعة(21). الأدلة على تحريم الطلاق في الحيض: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) (الطلاق: من الآية1). قال ابن جرير في تفسيره حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن إدريس قال سمعت الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: الطلاق للعدة طاهراً من غير جماع وروى ابن جرير أيضاً بسنده عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يرى طلاق السنة طاهراً من غير جماع وفي كل طهر وهي العدة التي أمر الله بها. ومن الأدلة على تحريم الطلاق في الحيض ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي صل الله عليه وسلم عن ذلك فقال له: مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء(22). وفي رواية لمسلم في قصة طلاق ابن عمر لزوجته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليراجعها فردها وقال: إذا طهرت فليطلق أو يمسك قال ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)(23) وفي رواية لمسلم أيضاً عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً من حيضتها قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله، وكان عبد الله طلقها تطليقة واحدة فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله كما أمره رسول الله صل الله عليه وسلم(24). فهذه الأدلة واضحة الدلالة على تحريم الطلاق في الحيض، ولهذا تغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلاق ابن عمر في الحيض ولا يغضب صل الله عليه وسلم إلا إذا كان حراماً ويدل على الحرمة أيضاً الأمر بإمساكها بعد المراجعة ثم يطلقها في الطهر. هذا وليعلم أن تحريم الطلاق في الحيض خاص بالمدخول بها أما من لم يدخل بها فيجوز طلاقها حائضاً وطاهراً قال ابن القيم رحمه الله ما نصه: وأما من لم يدخل بها فيجوز طلاقها حائضاً وطاهراً كما قال تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) (البقرة: من الآية236). وقال تعالى: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) (الطلاق: من الآية1)، وهذه لا عدة لها وبينه رسول الله صل الله عليه وسلم بقوله: "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" ولولا هاتان الآيتان اللتان فيهما إباحة الطلاق قبل الدخول لمنع من طلاق من لا عدة له عليها(25). هذا وقد قال ابن حجر في فتح الباري، إنه يستثنى من تحريم طلاق الحائض صور: منها ما لو كانت حاملاً ورأت الدم وقلنا الحامل تحيض فلا يكون طلاقاً بدعياً ولا سيما إن وقع بقرب الولادة، ومنه إذا طلق الحاكم على المولى واتفق وقوع ذلك في الحيض، وكذا في صورة الحكمين إذا تعين ذلك لرفع الشقاق، وكذا الخلع(26). وهذه الشروط كلها مستنبطة من حديث ابن عمر المتقدم في قصة طلاق زوجته، ومن صور طلاق السنة أيضاً أن يطلقها وهي حامل فقد جاء في بعض روايات حديث ابن عمر أن الرسول صل الله عليه وسلم قال لعمر مرة فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً. رواه مسلم(27). حكمة المنع من الطلاق في الحيض: اختلف العلماء رحمهم الله في حكمة المنع من الطلاق في الحيض على ثلاثة أقوال: القول الأول: إن المنع من الطلاق في الحيض لكونه حال النفرة والزهد في الوطء، فلا يطلقها إلا في حال الرغبة في الوطء، وهذا هو المشهور من مذهب الحنفية وهو قول أبي الخطاب من الحنابلة، فقد جاء في تبيين الحقائق للزيلعي ما نصه: "وليس له أن يطلقها في حالة الحيض لأنها زمان النفرة فلعله يندم في زمان الطهر عند توقان النفس إلى الجماع فلا يمكن تفويت ما جعل الشرع نظر له ولا يقال إنما كره في حالة الحيض لأجل تطويل العدة لأنا نقول لو طلقها في حالة الحيض بعدما طلقها في طهر لم يجامعها فيه كان مكروهاً وليس فيه تطويل العدة(28). وجاء في الإنصاف ما نصه: "أكد الأصحاب على أن العلة في منع الطلاقفي الحيض هي تطويل العدة، وخالفهم أبو الخطاب فقال: لكونه في زمن رغبة عنها. القول الثاني: أن الحكمة هي تطويل العدة وهذا هو مذهب جمهور العلماء إذ هو المشهور من مذهب مالك والشافعي وقول أكثر أصحاب أحمد وهو قول في مذهب الحنفية، قال ابن رشد في مقدماته ما نصه: "وإنما نهى المطلق أن يطلق في الحيض لأنه إذا طلق في الحيض طول عليها العدة وأضرّ بها لأنما بقي من تلك الحيضة لا تعتد به في إقرائها فتكون في تلك المدة كالمعلقة لا معتدة ولا ذات زوج ولا فارغة من زوج وقد نهى الله عن إضرار المرأة بتطويل العدة عليها بقوله: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً) (البقرة: من الآية231)، وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يطلق المرأة ثم يمهلها فإذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ولا حاجة له بها ثم طلقها فأمهلها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها لتطول العدة عليها فنهى الله عن ذلك بهذه الآية(29). وجاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي ما نصه: "أكثر الأصحاب على أن العلة في منع الطلاق من الحيض هي تطويل العدة". وقال الكاساني: "في بدائع الصنائع حول الطلاق في الحيض ما نصه: ولأن فيه – أي الطلاق في الحيض – تطويل العدة عليها لأن الحيضة التي صادفها الطلاق فيه غير محسوبة من العدة فتطول العدة عليها وذلك إضرار بها(30). القول الثالث: أن منع الطلاق في الحيض تعبدي لا يعقل معناه وهذا القول ذكره ابن تيمية رحمه الله عن بعض المالكية حيث قال ما نصه: وتنازعوا في علة منع طلاق الحائض: هل هو تطويل العدة كما يقوله أصحاب مالك والشافعي وأكثر أصحاب أحمد، أو لكونه حال الزهد في وطئها فلا تطلق إلا في حال رغبة الوطء لكون الطلاق ممنوعاً لا يباح إلا لحاجة كما يقوله أصحاب أبي حنيفة وأبو الخطاب من أصحاب أحمد أو هو تعبد لا يعقل معناه كما يقوله بعض المالكية على ثلاثة أقوال انتهى كلامه(31). وفي نظري أن الحكمة في المنع من الطلاق في الحيض تتضمن كل ما تقدم فالإسلام نهى عن ذلك لحكمة عظيمة ومصلحة شرعية لها مكانتها، تلك هي المحافظة على الأسرة ومراعاة جانب المرأة وحمايتها، أما المحافظة على الأسرة: فإن الطهر زمان رغبة الرجل في المرأة لا سيما في الطهر الذي لم يجامعها فيه لأن الطلاق أيضاً في الطهر المجامع فيه غير مشروع وإذا كانت المرأة في حال طهر لم تجامع فيه كان الزوج على حال كمال في الرغبة بها والرجل لا يطلق امرأته في زمان كمال الرغبة إلا لشدة الحاجة إلى الطلاق فيكون الطلاق واقعاً للحاجة، ومثل هذا المطلِّق لا يلحقه الندم ولا يكون طلاقه ضرراً بخلاف زمان الحيض فإن الطبيعة تنفر فيه عن المرأة كذلك الأمر بالنسبة لما بعد الجماع فإن الرجل تضعف رغبته في زوجته فقد يتسرع إلى إيقاع الطلاق دون حاجة حقيقية لإيقاعه.
أما مراعاة جانب المرأة فإنها لو طلقت حائضاً لطالت عدتها لأن الحيضة التي صادفها الطلاق فيه غير محسوبة من العدة فتطول عدتها فتعاني مزيداً من الانتظار والتربص فتكون في تلك المدة كالمعلقة لا مطلقة ولا ذات زوج ولا فارغة من زوج وقد نهى الشارع عن الإضرار بالمرأة قال تعالى: (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)(البقرة: من الآية231). وهكذا نجد أن الإسلام قد منع من الطلاق في الحيض لما يترتب عليه من الضرر والإضرار، ولما يترتب على المنع منه من مصلحة ظاهرة للزوجين بل للأسرة جميعاً فلله الحمد على ذلك وله الحكمة البالغة في أمره ونهيه وقضائه وحكمه (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: من الآية50).
وأمَّا الحِكْمَةُ في المَنْعِ مِن الطلاقِ في الطُّهْرِ المُجامَعِ فيهِ, فَخَشْيَةُ أنْ تَكونَ حامِلًا، فَيَنْدَمُ الزوْجانِ أو أَحَدُهُما, ولو عَلِما بالحَمْلِ لَأَحْسَنا العِشْرَةَ، وحَصَلَ الاجْتِماعُ بَعْدَ الفُرْقَةِ والنَّفْرَةِ. وكُلُّ هذا راجِعٌ إلى قولِهِ تعالى : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ). وللهِ في شَرْعِهِ حِكَمٌ وأسْرارٌ، ظاهِرَةٌ وخَفِيَّةٌ. اخْتِلافُ العُلَماءِ: ذَهَبَ جُمْهورُ العُلَماءِ ، ومِنْهُم الأئِمَّةُ الأرْبَعَةُ رضي اللهُ عنهم إلى وُقوعِ الطَّلاقِ في الحَيْضِ. ودَليلُهُمْ على ذلكَ أمْرُهُ صلَّ اللهُ عليه وسلَّم ابنَ عُمَرَ بارْتِجاعِ زَوْجَتِهِ حِينَ طَلَّقَها حائِضًا. ولا تَكونُ الرجْعَةُ إلَّا بَعْدَ طَلاقٍ سابِقٍ لها، ولِأنَّ في بَعْضِ ألْفاظِ الحَديثِ: [فَحُسِبَتْ مِن طلاقِها]. وذَهَبَ بَعْضُ العُلَماءِ ، ومِنْهُم شَيْخُ الإسْلامِ ((ابنُ تَيْمِيَّةَ)) وتِلْميذُهُ ((ابنُ القَيِّمِ )) إلى أنَّ الطلاقَ لا يَقَعُ ، فَهُوَ لاغٍ. واسْتَدَلُّوا على ذلكَ بِما رَواهُ أبو دَاودَ، والنسَائِيُّ, [أنَّ عَبْدَاللهِ بنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأتَهُ, وهِيَ حائِضٌ، قالَ عَبْدُاللهِ: فَرَدَّها عليَّ ، ولم يَرَها شَيئًا. وهذا الحَديثُ في ((مُسْلِمٍ)) بِدونِ قولِهِ : [ولم يَرَها شَيْئًا]. وقَد اسْتَنْكَرَ العُلَماءُ هذا الحَديثَ؛ لِمُخالَفَتِهِ الأحادِيثَ كُلَّها. وأَجابَ ((ابنُ القَيِّمِ)) عَنْ أَدِلَّةِ الجُمْهُورِ بِأنَّ الأمْرَ بِرَجْعَتِها، مَعْناهُ إمْساكُها على حالِها الأُولَى؛ لِأنَّ الطلاقَ لم يَقَعْ في وقْتِهِ المأْذُونِ فيهِ شَرْعًا فَهُوَ مُلْغًى، فَيَكونُ النِّكاحُ بِحالِهِ. وأمَّا الاسْتِدلَالُ بِلَفْظِ : [فَحُسِبَتْ مِن طَلاقِها] . فَلَيْسَ فيهِ دَليلٌ؛ لِأنَّهُ غَيْرُ مَرْفوعٍ إلى النَّبِيِّ صلَّ اللهُ عليه وسلَّم.
باب الرجعة وهي إعادة الزوجة المطلقة إلى ما كانت عليه بغير عقد. ولا تحتاج الرجعة إلى ولي ولا مهر ولا إشهاد، ولا رضى المرأة ولا علمها بالرجعة. ويشترط لها: 1. أن يكون الطلاق غير بائن، فلا رجعة في الطلاق البائن. 2. أن تكون المرأة في زمن العدة فيحق له مراجعتها فيها، فإذا انقضت العدة فهي بائن بينونة صغرى، لا تحل له إلا بنكاح جديد. والمرأة المطلقة طلقة واحدة أو اثنتين لا تخرج من بيتها، وعليها أن تتزين لزوجها وتخرج أمامه لعله يراجعها. ويجوز له النظر لها في فترة العدة.فإذا جامعها اعتبرت هذه المجامعة رجعة وإعادة للنكاح على حاله. حكمة مشروعية الرجعة: شرعت الرجعة تحقيقاً لمعنى التدارك ودفعاً لما يتوقع من البينونة التي تعقب العدة، لأن الإنسان قد يطلق امرأته لمجرد التأديب أو على ظن أنه المصلحة ثم يندم، وذلك ما أشار إليه قوله تعالى: {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً} [الطلاق:1]. فيحتاج إلى التدارك، فلو لم تشرع الرجعة لا يمكنه التدارك لأنه قد لا توافقه على تجديد النكاح، ولا يمكنه الصبر عنها فيقع في الندم.
باب اخر
لازال الكثير منا يجهل أحكام الطلاق الشرعية ويقع فيه دون علم ودراية وقد سمعت بالصدفة من أحدى الكبيرات في السن أن سيدة منذ أكثر من 20 سنة طلقها زوجها ثلاث طلقات مع انها ابنة عمه ولكنها بانت منه بنظرهم فلاتحل له حتى تتزوج زوجا غيره فحينما سألتها كيف طلقها ثلاث طلقات رغم انها لم تبق معه سوى أقل من عام واحد فقالت أنه قال لها : طالق طالق طالق !!!!!!!! وهنا الخطورة حتى ان كثير من الذين جهلوا أحكام الطلاق وقعوا بخطأ أكبر حينما زوجوا المطلقة من رجل بنية أن يحللها لزوجها وهو ما أسماه الرسول (التيس المستعار) او كما يسميه العامية : المحلل !! ولاهو محلل ولاهم يحزنون.. الحقيقة التي لازال يجهلها شريحة كبيرة من الناس : ان لفظ الطلاق لايدل على مرات الطلاق ولو كررها 100 مرة في الوقت نفسه فهي طلقة واحدة وكذا الحال لو تكرر للمرة الثانية فهي أيضاً بينونة صغرى ولو حصل هذا الأمر للمرة الثالثة أصبحت بينونة كبرى ولاعدة لها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره .. ومن هنا أحببت أن أوضح في هذا الموقع معنى الطلاق من منطلق فقهي شرعي .. |
|