منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الفردوس المفقــود

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالأربعاء 14 أكتوبر 2015, 7:05 am

الفردوس المفقــود 135

 




فتح الأندلس....


 بدأ بحلم جميل وانتهى بكابوس مفجع


[rtl]الفردوس المفقــود 2491[/rtl]

 
[rtl]ما الذي يشدنا في السجل التاريخي الحافل الذي خطه المسلمون في الأندلس؟ هل هو المجد الديني والسياسي الذي تحقق بدخول الإسلام إلى أوروبا؟ هل هو الصرح العلمي والأدبي الشامخ الذي شيده المسلمون في ظل دولة بلغت أعنان السماء رقيا ورفعة في وقت كانت أوربا ما تزال نائمة تحت أقدام الزمن تلعق أيامها فقرا وجهلا وتخلفا وانشقاقا؟ هل هو تلك الأطلال التي ما زال بعضها قائما حتى الآن دليلا على ذلك التقدم المعماري الذي اختلط فيه الفن بالثراء بحب الحياة باللمسة الدينية ليعطينا في النهاية لوحة جدارية عن حياة فريدة غزلها المسلمون في بلاد الأندلس بأيد لا تعرف الزيف ولا الكسل؟ كل شيء جائز.. لكن الذي يأكل قلوبنا حقا هو "الفرصة الذهبية" التي ضاعت للأبد من أيدي المسلمين في أوروبا؟ .[/rtl]

[rtl]البعض يقول لو أن الوجود الإسلامي طال عمره إلى الآن في إسبانيا، لكان للأمور شأن آخر.. ولكان للمسلمين وضع يختلف جملة وتفصيلا عما نراه الآن في الغرب الأوربي؟.. وعلى كل هذا الجمال والقوة التي غلفت حلم الأندلس.. جاء انهيار الحلم مفجعا مؤلما نبكيه إلى الآن يأسا وندما.. .[/rtl]

[rtl]يبدأ الحلم الجميل من المغرب، وتحديدا بعد أن نجح القائد المسلم عقبة بن نافع الفهري في أن يكتسح القطاعالشمالي من إفريقية، ويصل بفرسانه إلى المغرب الأقصى، وكان ذلك سنة 62 هـ ( 682 م)، ولما وصل إلى "طنجة"، لم يجد حاكمها "يليان" مفرا من مهادنة الوافد المنتصر ومسالمته، وسالمه بالفعل عقبة، وعمل "يليان" في خدمة المسلمين".[/rtl]

 
[rtl]يواصل القائد بعد ذلك مسيرته إلى أن يصل بجيشه إلى مدينة "ماسة"، وهي المدينة الواقعة على المحيطالأطلنطي، ويقول الرواة إن "عقبة بن نافع" دخل بفرسه إلى عرض البحر حتى طال الماء تلابيبه، وبعدها ردد مناجيا ربه وقال "لولا أن البحر منعني، لمضيت في البلاد إلى مسلك ذي القرنين مدافعا عن دينك، مقاتلاً من كفر بك".[/rtl]

 
[rtl]ويبدأ فصل جديد من تحقيق الحلم، حيث القائد موسى بن نصير الذي تولى إمارة الحكم في ولاية إفريقية بأمر عبد العزيز بن مروان، تولى موسى الإمارة وكان الجزء الأعظم من المغرب قد دان للمسلمين دينيا وسياسيا،رغم مواصلة قبائل البربر لحركات التمرد والعصيان، الأمر الذي دفع بموسى بن نصير إلى شن حملات متتالية لم يتردد فيها عن استخدام أقصى وسائل القوة والرهبة لكسر شوكة المتمردين واستئصال شفأتهم.[/rtl]
[rtl]
كان من شأن تلك الحملات أن بدأ البربر يرهبون جانب الدولة الإسلامية، وهنا، يقول لنا الرواة، شرعت القبائل البربرية في الدخول إلى الإسلام والإقبال على تعلم اللغة العربية والقرآن الكريم، ولا يشك المؤرخون، مسلمين وغربيين، في أن فتح المغرب والقضاء على نزعة التمرد لدي القبائل البربرية كان يعد الخطوة الأولى، والأساسية، لوصول المسلمين إلى إسبانيا.[/rtl]

[rtl]فمع استتاب الأمر لموسى بن نصير في بلاد المغرب، كانت النية قد اتجهت إلى عبور البحر والدخول إلى القطاع الجنوبي من إسبانيا، لذلك أخذ موسى في الإعداد للغزو، وكان قد اختار مولاه طارق بن زياد، لما اشتهر عن هذا القائد من شجاعة وبلاء حسن في ساحات الوغى، لقيادة الحملة على الأندلس.[/rtl]

[rtl]ولنقف وقفة سريعة عند شخصية "طارق بن زياد"، إذ لم يقطع المؤرخون بأصل طارق بن زياد، فبعضهم قال إنه ينتمي إلى البربر، بل إلى قبيلة "نفزة"، في حين أكد البعض أنه عربي من "صدف"، وشطح آخرون وقالوا إنه فارسي من همذان، ما يهمنا هنا أن هذا القائد كان مسلما يقود تحت إمرته جيشا ألف البربر معظم قوامه ( يقول الرواة أن الجيش الذي غزا الأندلس كان بأكمله من البربر، الأمر الذي يرجح عند البعض أن طارق كان بربريا وإلا ما كان باستطاعته قيادتهم وهم المعروف عنهم ميلهم الأصيل للتمرد والعصيان).[/rtl]
[rtl]
وفي الخامس من رجب سنة 92 هـ  إبريل عام 711l م، كانت هناك أربع سفن تمخر عباب البحر متجهة إلى الأندلس، وبجيش قوامه سبعة آلاف مقاتل، منهم ثلاثمائة فقط من العرب، وكان "يليان" هو المسؤولالمباشر عن توفير هذه السفن للمسلمين بعد أن صار يعمل في خدمتهم طبقا لمعاهدة الصلح التي تمت بينه وبين عقبة بن نافع.[/rtl]

يقول ابن عذاري إن يليان كان يحمل "أصحاب طارق في مراكب التجارة التي تذهب إلى الأندلس، ولا يشعر اهل الأندلس بذلك ويظنون أن المراكب تذهب للتجارة، فحمل الناس أفواجا أفواجا إلى الأندلس".


[rtl]ومع وصول القوات الإسلامية إلى أراضي الأندلس، تبدأ الاشتباكات المتتالية بين المسلمين والأسبان، والتي تنتهي بأكبر جولة كانت بين الفاتحين وبين قوات القوط بقيادة "لذريق"، حدث هذا اللقاء في يوم الأحد 29 رمضان سنة 92 هـ19 يوليو سنة 711 م، استمرت هذه المعركة حوالي ثمانية أيام، انتهت بالهزيمة الساحقة لقوات "لذريق" الذي تراجعت صفوفه القهقهرى والمسلمون لا يرفعون السيوف عن رقاب القوطيين لمدة ثلاثة أيام. ويواصل طارق بن زياد مسيرته نحو مدن الأندلس، فيتجه إلى "طليطلة" عاصمة القوطيين، ويوجه مغيثا الرومي إلى "قرطبة"، لكن قصة الفتح لا تنتهي عند هذا الحد. إذ ظلت الحرب دائرة إلى أن استكمل موسى بن نصير جهود طارق، ومن بعدهما عبد العزيز بن موسى الذي استكمل الفتح العربي للأندلس حين بسط نفوذ المسلمين على الجانب الغربي من الأندلس (البرتغال حاليا).[/rtl]

 
[rtl]لا تعتقد أن الفتح كان سهلا، أو أنه تم بين عشية وضحاها، فالمؤرخون ذكروا لنا تفاصيل دقيقة عن كافة الجولات التي دارت بين المسلمين والأسبان، وجميعها تؤكد حتمية انتصار المسلمين وهزيمة الأسبان.[/rtl]

[rtl] فهزيمة "لذريقكان مردها هذا العداء الواضح بينه وبين شعبه الذي استقبل الغازي دون أدنى مقاومةتذكر.[/rtl]
[rtl]كما أن الاضطهاد البشع الذي ذاقه الشعب الإسباني جعله يرى في الفتح الإسلامي فرجا وخروجا من مستنقع الفقر والاستبداد والتعصب الديني الأعمي الذي مارسه "لذريق" ضد الأسبان [/rtl]

[rtl]هذا هو الفصل الاول من الحلم، فصل شديد القوة، تظلله أسماء حفت بالاحترام والإجلال لشجاعتها وقوة شكيمتها (مع الأعداء) ونخوتها واعتزازها القوي بعروبتها وإسلامها.[/rtl]

[rtl]الفصل الأخير من الحلم كان على النقيض تماما..منتهى الضعف، والتخاذل، والتشرذم إلى دويلات لم تكن بقادرة، وهي منعزلة عن بعضها البعض، أن تتوقف أمام حركة الاسترداد المسيحي لأراضي شبه الجزيرة الإيبرية (يرى المؤرخون الأسبان أن هذه الحركة تبدأ من معركة "كوفا دونجا" أو مغارة دونجا وفيها انهزم ابن علقمي اللخمي شر هزيمة من قوات "بلايه"، وانتهت بتأسيس أولى الإمارات المسيحية في شمال الأندلس). وبنفس العوامل التي كانت الساعد الأيمن للمسلمين في فتح الأندلس، سقط المسلمون.. وكأنه لا عبرة ولا اتعاظ..[/rtl]

[rtl]فقد سقطت مدينة "طليطلة" بعد أن صارت الخيانة من الأقربين قبل الأعداء وممالاة العدو هي السياسة التي فضلها الحكام المسلمين في الأندلس.. ويروي لنا التاريخ تفاصيل مرة عن هذا الشقاق الذي دب بين بني العباد الذي جلله عارا حاكم "اشبيلية" ابن عباد حين ساعد الملك الإسباني "ألفونسفي القضاء على أخيه الذي يحكم "طليطلة"، وإذا بحثت عن بذرة الخلاف والشقاق، لوجدتها تافهة وخطيرة في آن.. وتتمثل في التسابق على الهيمنة والحفاظ على المصالح الذاتية.. ولم تكن غرناطة، الومضة الأخيرة في الحلم الجميل، استثناء من القاعدة.. فالفرقة والصراعات الداخلية سادت بين قاعات البيت الحاكم ..في الوقت الذي حقق فيه الأسبانوحدة سياسية تربطها الدم وصلة الرحم بزواج الملكة "إيزابيلا" ملكة قشتالة من "فرديناند الخامس" ملك أرجوان.[/rtl]

[rtl]يتزامن مع ذلك أن يقوم على أمر آخر معقل من معاقل الإسلام في الأندلس ملك لا يمكن وصفه سوى أنه "ملك ضعيف"..أبو عبد الله الصغير، فرغم صموده أمام الكاثوليكيين لمدة عامين وسبعة اشهر تقريبا، سقطت عروس الأندلس "غرناطة".[/rtl]

[rtl]كان سقوطها مقدرا سلفا من حاكم ضعيف خائر يبكي مثل النساء، ومن تفسخ في عرى المسلمين الذي يغري الأسافل بشد رقابهم إلى الوحل، ومن وحدة وتكاتف بدأه الأسبان استعداد للثأر واسترداد الضائع (يقول المؤرخون إن الزوجين "ايزبيلاو"فرديناند الخامس" كانا يحلمان بقضاء شهر عسلهما في قصر الحمراء)، وكان طبيعيا أن تسقط آخر معاقل الأندلس..والدمع يترقرق في مقلتي حاكمها.. ولكن لا تعاطف ولا إعفاء من المسئولية..فأمه قالت له بلسان، نحسبه لسان حكيم لأم تخاطب ابنها المكلوم، "ابك كالنساء ملكا لم تحفظه حفظ الرجال".[/rtl]
 
[rtl]قامت دولة الإسلام في الأندلس منذ سنة 92هجرية وظلت قائمة وصامدة تتقلب من طور لآخر ومن حال لحال بين قوة وضعف ووحدة وتفرق وعزة وذلة حتى تكاثرت عليها الخطوب وأحاط بها الأعداء من كل مكان فسقطت بعد عمر مديد وحكم فريد سنة 897هجرية أي أنها ظلت قائمة حية طيلة ثماني قرون، وهى بذلك تعتبر أطول دول الإسلام عمراً، وكان حادث سقوطها مدوياً آلم كل المسلمين على وجه الأرض، حتى أن سلطان مصر المملوكي وقتها الأشرف قايتباي’ قد هدد فرناندو وإيسابيلا ملكي إسبانيا النصرانية بأن يقتل كلالنصارى الموجودين بمصر واليمن والشام إذا أساءوا لمسلمي الأندلس بل إن حادثة سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام بالأندلس لتسامي حادثة سقوط بغداد وسقوط بيت المقدس في يد الصليبيين تارة وفى يد اليهود تارة أخرى، بالجملة كان حادث السقوط من أشهر وأخطر أحداث القرن التاسع الهجري ولكنه لم يكن الفصل الأخير في حياة المسلمين بالأندلس ، حيث جاءت بعد ذلك أحداث وفصول أشد مأساوية وأكثر إيلاماً، وبرز خلال تلك الفترة المجهولة تماماً لجمهور المسلمين العديد من الأبطال والفرسان الذين حاولوا استعادة الملك القديم، وصاحبنا هذا هو فارس الأندلس الأخير .[/rtl]
 

[rtl] محاكم التفتيش[/rtl]


[rtl]لم تكن الدموع التي ذرفها الأمير أبو عبد الله محمد وهو يسلم مفاتيح قصور الحمراء بغرناطة لملكي إسبانيا النصرانية ‘فرناندو’ و’إيزابيلا’، هي الدموع الأخيرة في بلاد الأندلس، إذ أعقبها الكثير والكثير من الدموع والدماء، فرغم العهود والأيمان المغلظة التي قطعها ‘ فرناندو’ على نفسه ووقع عليها في وثيقة استلام غرناطة الشهيرة، إلا أن الله عز وجل الذي هو أصدق قيلا قال في محكم التنزيل ‘لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ..’ وقال ‘إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا أيديهم وألسنتهم بالسوء ..’ فأبت على فرناندو صليبيته أن يفي للمسلمين بشيء من العهود والمواثيق، وكانت هذه الوثيقة ستارا للغدر والخيانة وشنيع ما سيقترف بالمسلمين في الأندلس.عهد الملك الصليبي ‘فرناندو’ إلى الكاردنيال ‘خمنيس’ مطران طليطلة ورأس الكنيسةالإسبانية مهمة تنصير مسلمي الأندلس، وكان هذا الرجل من أشد أهل الأرض قاطبة عداوة للإسلام والمسلمين، بل إن البغضاء المشحونة في قلبه كانت مضرباً للأمثال لعصور طويلة، فأنشأ هذا الرجل ما يسمى بديوان التحقيق أو عرف تاريخيا بمحاكم التفتيش وذلك سنة 905 هجرية، فكان أول عمل لهذه المحاكم أن جمعت كل المصاحف وكتب العلم والفقه والحديث وأحرقت في ميدان عام كخطوة أولى لتنصير المسلمين بقطع الصلة عن تراثهم وعلومهم الشرعية.بدأت حملة تنصير المسلمين بعد ذلك بتحويل المساجد إلى كنائس ثم جمع من بقى من الفقهاء وأهل العلم وتم إجبارهم على التنصر، فوافق البعض مكرهاً وأبى الباقون فقتلوا شر قتلة، وكان التمثيل بجثث القتلى جرس إنذار لباقي المسلمين إما التنصير وإما الموت والقتل والتنكيل وسلب الأموال والممتلكات وكانت عملية التنصير مركزة على إقليم غرناطة ومنه انتقلت حمى التنصير إلى باقي بلاد الأندلس حيث كان هناك الكثير من المسلمين تحت حكم النصارى خاصة في الوسط والشرق.هب المسلمون بما بقى عندهم من حمية وغيرة على الدين للدفاع عن هويتهم وعقيدتهم، فاندلعت الثورة في عدة أماكن من غرناطة وغيرها، واعتزم المسلمون الموت في سبيل دينهم، ولكنهم كانوا عزلاً بلا سلاح ولا عتاد، فقمع الصليبيون الثورات بمنتهى الشدة فقتل الرجال وسبيت النساء وقضي بالموت على مناطق بأسرها ماعدا الأطفال الذين دون الحادية عشرة حيث تم تنصيرهم، وبعد قمع الثورة بمنتهى العنف والقسوة، أصدر ‘فرناندو’ منشوراً بوجوب اعتناق المسلمين للنصرانية، وذلك سنة 906 هجرية ومن يومها ظهر ما يعرف في تاريخ الأندلس المفقود باسم ‘الموريسكيين’ وهى كلمة إسبانية معناها المسلمين الأصاغر أو العرب المتنصرين، ومحنتهم تفوق الخيال وما لاقوه وعانوه من إسبانيا الصليبية لا يخطر على بال.[/rtl]
[rtl]

الموريسكيون

ظهرت في بلاد الأندلس المفقود طائفة الموريسكيين وهم المسلمون الذين اضطروا للبقاء وأجبروا على إظهار النصرانية وترك الإسلام، وهذه الطائفة رغم البطش والتنكيل الشديد الذي تم بها لتجبر على التنصر، إلا إنها ظلت مستمسكة بدينها في السر، فالمسلمون يصلون سراً في بيوتهم، ويحافظون على شعائرهم قدراستطاعتهم وذلك وسط بحر متلاطم من الاضطهاد والتنكيل والشك والريبة.كانت العداوة الصليبية المستقرة في قلوب الأسبان تجاه مسلمي الأندلس أكبر من مسألة الدين أو غيرها، فقد كانت هناك رغبة جامحة عند قساوسة ورهبان أسبانيا لاستئصال الأمة الأندلسية، فظل الموريسكييون موضع ريب وشك من جانب الكاردينال اللعنة ‘خمنيس’ وديوان التحقيق، فعمل ‘خمنيس’ على الزج بآلاف الموريسكيين إلى محاكم التفتيش حيث آلات التعذيب والتنكيل التي تقشعر لها الأبدان ويشيب منها الولدان وذلك للتأكد من صدق تنصرهم وخالص ارتدادهم عن الإسلام، وكانت أدنى إشارة أو علامة تصدر من الموريسكيين وتدل على حنينهم للإسلام كفيلة بإهدار دمائهم وحرقهم وهم أحياء، واستمرت إسبانيا الصليبية في سياسة الاضطهاد والقمع والتنكيل بالموريسكيين، وبلغت المأساة مداها بعدما أصدر ‘شارل الخامس’ قراراً بمنع سفر الموريسكيين خارج إسبانيا باعتبارهم نصارى ومن يخالف يقتل وتصادر أملاكه وعندها اندلعت الصدور المحترقة بثورة كبيرة في بلاد الأندلس.[/rtl]
[rtl]

الثورة الشاملة

[/rtl]

[rtl]كان تولى الإمبراطور ‘فيليب الثاني’ عرش إسبانيا بداية حملة اضطهاد غير مسبوقة للموريسكيين الذين كانوا موضع شك دائم من قبل الكنيسة ورهبانها الذين كانوا يشعرون في قرارة أنفسهم أن الموريسكيين ما زالواعلى الإسلام في سويداء قلوبهم، وكان ‘فيليب الثاني’ ملكاً شديد التعصب، كثير التأثر بنفوذ الأحبار، فأصدر حزمة من القرارات جاءت بمثابة الضربة القاتلة لبقايا الأمة الأندلسية وذلك بتجريدها من مقوماتها القومية الأخيرة بتحريم استخدام اللغة العربية والملابس العربية، وعندها قامت الثورة الشاملة وكان مركز الثورة في منطقة جبل الشارات’ واندلع لهيب الثورة منها في أنحاء الأندلس ودوت صيحة الحرب القديمة وأعلنالموريسكيون استقلالهم، واستعدوا لخوض معركة الحياة أو الموت، واختار الثوار أميراً لهم اسمه ‘محمد بن أمية’ يرجع أصله إلى بنى أمية الخلفاء كإشارة على استعادة الخلافة ودولة الإسلام في الأندلس مرة أخرى. حقق الموريسكيون عدة انتصارات متتالية، اهتزت لها عروش النصرانية في أسبانيا وأوروبا، فأعدت أسبانيا حملة عسكرية ضخمة يقودها أمهر قادتهم هو ‘الدون خوان’، وجاء المجاهدون المسلمون من المغرب العربيوانضمت فرقة عسكرية عثمانية للثوار جاءتهم من تونس، وكان الأسبان يقتلون من يقع في أسرهم ويمثلون بجثثهم أبشع تمثيل حتى الأطفال والنساء لم يسلموا من أفعالهم، وزاد ذلك الثوار يقينا بحتمية الاستمرار في الثورة والقتال حتى الموت، وقويت العزائم وتقاطر المجاهدون المغاربة على الأندلس، وهنا امتدت أيدي الغدر والخيانة في الظلام لتغتال حلم الأندلسيين بمكيدة شريرة ويقتل الأمير ‘محمد بن أمية’ قبل أن يحقق هدفهالمنشود.[/rtl]
[rtl]

القائد الجدي

[/rtl]
[rtl]بعد اغتيال ‘محمد بن أمية’ لم تكن هذه الثورة لتقف أو تنتهي بموت زعيمها، فاختار الثوار أميراً جديداً هو ابن عم القتيل واسمه ‘مولاي عبد الله محمد’، وكان أكثر فطنة وروية وتدبرا فحمل الجميع على احترامه ونظم جيش الثوار وجعله على الطراز الدولي ويفوق في تنظيمه الجيش الصليبي الأسباني واستطاع ‘مولاي عبد الله’ أن يستولي على عدة مدن هامة مثل مدينة ‘أرجبة’ التي كانت مفتاح غرناطة والتي كان سقوطها شرارة اندلاع ثورة الموريسكيين وذيوع شهرة ‘مولاي عبد الله محمد’.حشدت إسبانيا أعداداً ضخمة من مقاتليها يقودهم ‘الدون خوان’، فحاصر هذا الجيش الجرار الثوار في بلدة ‘جليرا’ وكان مع الثوار فرقة من الجنود العثمانيين، ودارت رحى معركة في منتهى الشراسة أبدى فيها المسلمون بسالة رائعة، ولكن المدينة سقطت في النهاية ودخلها الأسبان دخول الضواري المفترسة وارتكبوا مذبحة مروعة شنيعة لم يتركوا فيها صغيرا ولا كبيرا ولا طفلا ولا امرأة، وحاول ‘الدون خوان’ مطاردة فلول الثوار ولكنه وقع في كمين للثوار في شعب الجبال عند مدينة ‘بسطة’ وأوقع الثوار هزيمة فادحة بالصليبيين الأسبان ، جعلت الحكومة الأسبانية تفكر في مصالحة الثوار المسلمين.[/rtl]
[rtl]

السلام الفاشل

[/rtl]

[rtl]عرضت الحكومة الصليبية الإسبانية على المسلمين الثائرين معاهدة سلام لإنهاء القتال، فبعث ‘الدون جوان’ إلى أحد الثائرين واسمه الحبقى’ وقد لمحت فيه إسبانيا الصليبية بعض المؤهلات التي ترشحه للتفاوض وقبول شروطها المجحفة في السلام، وكانت شروط المعاهدة تتضمن وقف انتفاضة المسلمين فورا وفى سبيل ذلك يصدر وعد ملكي بالعفو عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهم في ظرف عشرين يوما من إعلانه ولهم أن يقدموا تظلمهم وشكاواهم مع الوعد بالبحث فيها ودراستها..!وكل من رفض العفو والخضوع للسلطة الصليبية سيقتل ما عدا النساء والأطفال دون الرابعة عشرة والسبب بالقطع معروف النساء سبايا والأطفال ينصرون.كانت شروط السلام الصليبي المعروض على الموريسكيين كفيلة بأن يرفض الأمير مولاي عبد الله محمد هذه المعاهدة الجائرة التي لا تعطى المسلمين شيئا وليس لها سوى هدف واحد وهو إيقاف ثورة المسلمين فقط لا غير، وأيقن المسلمون أن الأسبان الصليبيين لا عهد لهم ولا ذمة، فانقلب النصارى يفتكون بكل المسلمين في أنحاء أسبانيا سواءًا من اشترك في الثورة أم لم يشترك، واشتبك الدون خوان مع قوات مولاي عبد الله في عدة معارك ولكنها غير حاسمة، وفى نفس الوقت أبقى الأسبان على خط التفاوض مع الزعيم ‘الحبقى’ الذي رأى فيه النصارى السبيل لشق صف الثوار المسلمين.سار مجرى القتال في غير صالح المسلمين لانعدام التكافؤ بين الطرفين خلا الإيمان بالله عز وجل، ورأى مولاي عبد الله أن أتباعه يسقطون من حوله تباعا وتجهم الموقف والقوة الغاشمة تجتاح كل شيء، فبدأ يفكر في الصلح والسلام ولكن بغير الشروط السابقة، وتدخل بعض زعماء الأسبان ممن له عقل وتدبير لإجراء الصلح، ولكن ‘الحبقى’ استبق الجميع وشق صف الثورة وخرج عن طاعة مولاي عبد الله ومن معه، وذهب بسرية من فرسانه إلى معسكر الصليبيين وقدم الخضوع والذلة إلى قائدهم ‘الدون خوان’.كانت هذه الخطوة الذليلة من ‘الحبقى’ محل سخط كل المسلمين وخاصة زعيمهم مولاي عبد الله، فلقد لمح أن ‘الحبقى’ يروج بمنتهى القوة لهذا السلام الذي هو خضوع وذلة بالكلية للصليبيين، وأن الصف المسلم يتصدع بمحاولات ‘الحبقى’ وأراجيفه، خاصة بعدما لمح المسلمون نية الصليبيين في نفيهم بالكلية عن الأندلس، وهذا يجعل الهدف والداعي الذي قامت من أجله الثورة في الأصل هباءاً منثوراً وكيف سيعيدون دولة الإسلام في الأندلس مرة أخرى إذا طردوا من أوطانهم، لهذه الأسباب كلها قرر مجلس قيادة الثورة إعدام ‘الحبقى’ الذي ظهر منه ما يدل على عمالته وولائهللصليبيين.[/rtl]
[rtl]

استئناف القتال

[/rtl]

[rtl]أعلن مولاي عبد الله أن الثورة لن تتوقف وأن الموريسكيين سيجاهدون حتى الموت وأن حلمهم بإعادة دولة الإسلام في الأندلس لم يمت في قلوبهم، وأنه يؤثر أن يموت مسلماً مخلصاً لدينه ووطنه مما بذلوا له من وعود معسولة وأماني كاذبة وكان لهذا الموقف الشجاع من مولاي عبد الله فعل السحر في نفوس المسلمين في جميع أنحاء أسبانيا، فاندلعت الثورة كالنار في الهشيم، وقابل الأسبان ذلك بمنتهى القسوة والشدة بل والحقد الجنوني، حيث مضوا في القتل والتخريب لكل ما هو مسلم، وهدموا القرى والضياع والحقول حتى لا يبقى للثوار مثوى أو مصدر للقوت.[/rtl]
[rtl]
كانت لهذه القسوة المفزعة أثر كبير على نفوس الموريسكيين حيث فر كثير منهم من البلاد كلها إلى إخوانهم المسلمين في إفريقية، وفى 28 أكتوبر سنة1570 أصدر فيليب الثاني قراراً بنفي الموريسكيين من مملكة غرناطة إلى داخل البلاد الأخرى بأسبانيا، ويوزعون على سائر الولايات الإسبانية بل مصادرة أملاكهم وأموالهم ، ووقع تنفيذ القرار في مشهد يندى له جبين البشرية من الخزي حيث السفك والنهب والاغتصاب،وسيق مسلمو غرناطة كالقطعان لمسافات طويلة حيث الجوع والعطش والمرض ثم وضعوا بعد ذلك فيما يشبه المعسكرات الجماعية حيث بقوا رهن المتابعة والرقابة الدائمة، وعين لهم مشرفاً خاصاً يتولى شئونهم ووضعت لهم جملة من القيود من يخالف أدناها يقتل شر قتلة.[/rtl]
[rtl]

الخيانة ونهاية البطل

[/rtl]

[rtl]بعد هذه الوحشية منقطعة النظير وبعد سلسلة من المذابح والمجازر البشرية المروعة في حق مسلمي الأندلس وبعد فرار الكثير من الموريسكيين إلى إفريقية وبعد نفي بقيتهم داخل أسبانيا لم يبق أمام الأسبان سوى آخرفرسان الأندلس مولاي عبد الله وجيشه الصغير الذي ظل مقاوماً للصليبيين معتصماً بأعماق الجبال، رافضاً للصلح أو المهادنة أو الخضوع لسلطة الصليب مهما كانت التضحيات، وهو في هذه الأثناء يقوم بحرب عصابات ضد الحاميات الأسبانية المنتشرة بغرناطة وأوقعت هذه الحرب خسائر فادحة بالأسبان، ولكنها أيضا أنهكت قوة جيش مولاي عبد الله الصغير.ولأن هذا العصر وتلك الأيام كانت توصف بالخيانة والعمالة وحبالدنيا وكراهية الموت والخوف على النفس والمال والعيال، فلقد استطاع أعداء الإسلام أن يستقطبوا ويجندوا أحد ضباط مولاي عبد الله محمد ويغروه بالأموال والمنح والوعود والعفو الشامل إذا استطاع أن يسلمهم مولاي عبد الله محمد حياً أو ميتاً، وكان الإغراء قوياً ومثيراً والنفوس ضعيفة، فدبر هذا الضابط الخائن خطته لاغتيال آخر أبطال الأندلس، وفى ذات يوم هجم الخائن مع بعض من أغواهم على البطل مولاي عبد الله الذي قاومهم قدر استطاعته ولكنه وبعد معركة غير متكافئة سقط شهيداً، فقام الخونة بفعلة شنيعة حيث ألقوا جثته من فوق الصخور لكي يراها الجميع ويعلم أسيادهم الأسبان بنجاح مخطط الغدر والخيانة، وهكذا تدفع الأمة من جديد ثمن خيانة بعض أبنائها وتفقد ولداً باراً وبطلاً عظيماً قام بنصرتها والدفاع عن عرضها وحاول استعادة مجدها ولكنه وللأسف الشديد زمن الخيانة والعمالة!.[/rtl]
[rtl]

هكذا يفعلون في أبطالنا

[/rtl]

[rtl]إن ميراث الحقد والعداوة الدفين في قلوب أعداء الإسلام ضد كل ما هو مسلم ليدعو كل صادق وغيور لأنيكون على استعداد دائم للمعركة التي يخطط لها أعداء الإسلام، والصدام الوشيك بين الحق والباطل، وما فعله الأسبان بجثة البطل الشهيد مولاي عبد الله يدل على مدى الحقد العمى المشتعل في قلوب أعداء الإسلام، حيث قام الأسبان بحمل الجثة إلى غرناطة وهناك استقبلوها في حفل ضخم حضره الكبار والصغار الرجال والنساء، ورتبوا موكباً أركبت فيه الجثة مسندة إلى بغل وعليها ثياب كاملة كأنه إنسان حي ومن ورائها أفواج كثيرة من الموريسكيين الذين سلموا عقب اغتيال زعيمهم، ثم حملت الجثة إلى النطع وأجرى فيها حكم الإعدام، فقطع رأسها ثم جرت في شوارع غرناطة مبالغة في التمثيل والتنكيل ومزقت أربعاً وأحرقت بعد ذلك في الميدان الكبير ووضع الرأس في قفص من الحديد، رفع فوق سارية في خاصة المدينة تجاه جبال البشرات معقل الثورة ومنشأها، وهكذا يفعلون في أبطالنا.[/rtl]



كان العالم الإسلامي مفتوح الحدود, تجتازه قوافل التجارة وأفواج الرحالة والحجاج المسلمون القاصدون بيت الله الحرام.


في مستهل القرن الثالث عشر للميلاد، السابع للهجرة، بدأ إنشاء الجامعات في أوروبا. ففي عام 1211م أنشئت جامعة باريس. وفي عام 1215م أنشئت جامعة أكسفورد. وفي عام 1221م أنشئت مونبلييه بفرنسا. وفي عام 1228م أنشئت جامعة سلمنكا في أسبانيا.
 
ومن هذه الجامعات التي ورثت علم العرب المطبوع بالثقافة الهيلينية انبثق عصر النهضة. وكما كان سقراط وأفلاطون وأرسطو وأرخميدس وايبوقراط وجالينوس وبطليموس وغيرهم من عباقرة اليونان رواد العرب في العلم والفلسفة كذلك فإن الكندي والرازي والبتاني وابن سينا والفارابي وابن الهيثم والبيروني وابن النفيس والزهراوي وابن زهر وابن رشد وابن الطفيل وابن باجة وابن البيطار وغيرهم كانوا رواد.



عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الجمعة 16 أكتوبر 2015, 7:09 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالأربعاء 14 أكتوبر 2015, 7:23 am

[rtl]
تاريخ الدولة الأندلسية

[/rtl]


[rtl]الفردوس المفقــود 2552[/rtl]



 

[rtl]هل رأيتم هذه القصور الجميلة.. والحدائق البديعة.. والمساجد الشامخة عبر الزمن.. هل رأيتم الزهراء..وقرطبة.. هل رأيتم إشبيلية وغرناطة.. هل رأيتم... ورأيتم.. إنها بلاد الأندلس.. الفردوس الذي فقدناه منذ خمسة قرون.. وفي رحلة إلى الوراء في صحبة صقر قريش، وعبد الرحمن الناصر، وفي صحبة العمالقة من أهل هذه البلاد.. أدعوكم لسياحة جميلة في تاريخ وحضارة المسلمين في الأندلس عبر ثمانية قرون من الزمان.. منذ أن فتحها طارق بن زياد وموسى بن نصير سنة 92هـ وحتى سقوط مملكة غرناطة آخر دول الإسلام بالأندلس سنة 897هـ، وقد تعاقب على حكم الأندلس خلال هذه الفترة ستة عصور تاريخية وهي:[/rtl]







[rtl]v        عصر الولاة من سنة 95هـ إلى سنة 138هـ[/rtl]




[rtl]v        الـدولة الأموية بالأندلس من سنة 138هـ إلى سنة 422هـ[/rtl]




[rtl]v        عصر ملوك الطوائف من سنة 422هـ إلى سنة 484هـ[/rtl]




[rtl]v        المرابطون بالأندلس من سنة 484هـ إلى سنة 540هـ[/rtl]




[rtl]v        الموحدون بالأندلس من سنة 541هـ إلى سنة 633هـ.[/rtl]




[rtl]v        دولة بنى الأحمر في غرناطة من سنة 636هـ إلى سنة 897هـ.[/rtl]




[rtl]
ورغم ما كان يفصل بين هذه الدول والعصور من فواصل زمنية ومكانية إلا أنها كانت ترتبط جميعًا بحضارة واحدة ذات قيم خالدة وهى الحضارة الإسلامية التي كانت بحق إنسانية عالمية، قامت على الوحدانية في العقيدة، والاستقامة في الأخلاق، وأثبت التاريخ الأندلسي أنها حققت المساواة العنصرية والتسامح الديني بين عناصر المجتمع هذا غير ما كان يميزها من وعى بالزمن ورفق بالحيوان.
[/rtl]




[rtl]
ونبدأ الحديث عن عصور الأندلس بعصر الولاة الذي برز فيه عبد الرحمن الغافقي الذي واصل الفتوح في أوربا حتى وصل بالقرب من باريس إلى أن أوقفه التحالف الصليبي، وهزمه في معركة بلاط الشهداء، ثم تأتى الدولة الأموية بالأندلس والتي تعد أزهى العصور جميعًا وأطولها، وقد أسسها عبد الرحمن الداخل المعروف (بصقر قريش)، وقد قام بأعمال عسكرية كثيرة حتى يوطد حكمه في قرطبة، ثم بدأ يسيطر على ما حولها من مدن الأندلس، وقد تعاقب على حكم الدولة بعده تسعة حكام، هم على الترتيب:
[/rtl]




[rtl]1.     هشام الأول بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 172هـ إلى سنة 180هـ.[/rtl]




[rtl]2.     الحكم بن هشام حكم في الفترة من 180هـ إلى سنة 206هـ .[/rtl]




[rtl]3.     عبد الرحمن الأوسط بن هشام حكم في الفترة من 206هـ إلى سنة 238هـ.[/rtl]




[rtl]4.     محمد بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 238هـ إلى سنة 273هـ.[/rtl]




[rtl]5.     المنذر بن محمد حكم في الفترة من 273هـ إلى سنة 275هـ.[/rtl]




[rtl]6.     عبد الله بن محمد حكم في الفترة من 275هـ إلى سنة 300هـ .[/rtl]




[rtl]7.     عبد الرحمن الثالث الناصر بن محمد حكم في الفترة من 300هـ إلى سنة 350هـ.[/rtl]




[rtl]8.     الحكم بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 350هـ إلى سنة 366هـ.[/rtl]




[rtl]9.     هشام الثاني بن الحكم حكم في الفترة من 366هـ إلى سنة 399هـ .[/rtl]




[rtl]
وفي عهد هشام الثاني استولى على الحكم المنصور بن أبى عامر إلى أن أسقطت الدولة الأموية عام 422هـ، وبدأ عصر ملوك الطوائف، وقد كان لعبد الرحمن الداخل -مؤسس الدولة- جهود حضارية متميزة، فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية، وشيد بها المباني الفخمة والحمامات والفنادق، ومن منشآت عبد الرحمن المهمة جامع قرطبة الذي لا يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال، ثم نأتي إلى فترة حكم عبد الرحمن الناصرالذي يعد عصره أزهى عصور الأندلس جميعًا، فقد حكم الأندلس خمسين عامًا أثبت خلالها أنه أكفأ الحكام، وأحرز نجاحًا تامًا في ميدان السياسة والحضارة، وكانت قرطبة في عهده تضاء بالمصابيح ليلًا لمسافة 16 كم2، وكانت مبلطة ومحاطة بالحدائق الغناء. وفي سنة 422هـ سقطت الدولة الأموية بالأندلس لتبدأ عصور الضعف بعصر دول ملوك الطوائف، فقد توزعت الأندلس على الأمراء فبنى كل منهم دويلة صغيرة، وأسس فيها أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الدويلات أكثر من عشرين دويلة كان يسودها الاضطراب والفوضىوالفتن، وكانت هذه فرصة سانحة لكي يقوى شأن النصارى الأسبان، وكان الفونس أمير النصارى يفرض إتاوات على بعض الإمارات التي تطلب مساعدته. وتفاقم الأمر بسقوط طليطلة في يد النصارى سنة 478هـ فأسرع المعتمد بن عباد أمير دولة بنى عباد يستنجد بدولة المرابطين في المغرب، واتفق مع يوسف بن تاشفين على مواجهة النصارى، وبالفعل استطاع المسلمون تحقيق نصر عسكري كبير على النصارى في موقعة الزلاقة، وما لبث المرابطون حتى استولوا على حكم الأندلس، وهى دولة مجاهدة استطاعت إنقاذ الأندلس منالسقوط فترة ليست بالقليلة من الزمن حتى ضعفت وتهاوت لترثها دولة الموحدين الذين واصلوا حماية الأندلس بانتصارهم على النصارى في موقعة الأرك، واستمرت الأعمال العسكرية بينهما حتى أخذ الموحدون ضربة قاسية بهزيمتهم في معركة العقاب، وكانت هذه الهزيمة من أسباب تحطيم الوجود الإسلامي في الأندلس كلها فقد سقطت دولة الموحدين وسقطت إشبيلية، وتهاوت كثير من المدن الأندلسية أمام زحف النصارى، فقد سقطت سرقسطة سنة 512هـ، وبعدها مرسية سنة 633هـ وتبعتها المرية، ومالقة، وبلنسية، وأشبونة وأصبح حكم المسلمين محصورًا في غرناطة التي أسس عليها بنو الأحمر أو بنو نصر دولة حكمت قرابة قرنين ونصف من الزمان حتى تهاوت هي الأخرى وبسقوطها تم سقوط الأندلس سنة 897هـ .
[/rtl]




[rtl]و[/rtl]




[rtl]والآن يسرنا أن نصحبكم في جولة سريعة لنطالع روائع الحضارة الإسلامية في الأندلس عبر العلوم والفنون والآثار وأبرز ما نشاهد بالأندلس هذه الإنجازات المبهرة في العمارة فلا يزال العالم يشاهد وبإعجاب قصور المعتمد بن عباد في إشبيلية، وقصر الحمراء في غرناطة الحمراء. ومن القصور إلى المساجد فنشاهد روائع فن العمارة في: مسجد قرطبة الجامع، وجامع الموحدين بإشبيلية، والمسجد الجامع بالمرية، وقد اهتم حكام الأندلس بالعمارة الحربية فبنوا الأسوار والقلاع والقناطر، ولعل أبرز مثال نشاهده في ذلك أسوار قرطبة، و قناطر طليطلة. وكان الطراز الأموي بالأندلس هو أبرز سمات الفن الأندلسي، ومن خلاله برع الأندلسيون فيفنون النحت على الخشب، وزخرفة الخزف والنسيج إلى جانب التحف المعدنية الرائعةوافتحوا معي عقولكم، وركزوا أسماعكم معي ونحن نتحدث عن أروع صفحات الحضارة الإسلامية في الأندلس في مجال العلوم. فقد بدأت الحركة العلمية في الأندلس منذ استقرار المسلمين على أرضها، وكانت أهم ملامح هذه الحركة تشجيع الحكام والأمراء على التعليم، وبناء المدارس والمكتبات، وكان بعض الحكام يدفعون الأموال الطائلة لشراءالكتب، وتشجيع الحركة العلمية التي قامت على أسس إسلامية ومنهج تجريبي في العلوم، فشهدت الأندلس نهضة شاملة في العلوم النظرية والعملية في الوقت الذي كانت فيه أوربا تتخبط في ظلام الجهل والتخلف إلى أن بدأ انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوربا شيئًا فشيئًا من خلال الترجمة. ونبدأ بالعلوم النظرية فقد برع في علوم القرآن وعلم الحديث الشريف عدد كبير من العلماء، ولعل أشهرهم الإمام القرطبي صاحب كتاب "الجامع لأحكامالقرآن"، وفي الفقه شهدت الأندلس انتشارًا كبيرًا لمذهب الإمام مالك بن أنس ثم تبعه المذهب الشافعي، ولعل أجمل ما يدرس في العلوم النظرية الأدب الأندلسي الذي ازدهر مع تطور البحث في علوم اللغة العربية، ولا ننسى الفلسفة وعلم الكلام، فقد برز فيها الفيلسوف الشهير ابن رشد، وأما في التاريخ والجغرافيا فقد برع كثير من العلماء ومنهم: ابن الفرضي، ومحمد بن الحارث الخشني، وأما في العلوم العملية فقد كان من أوائل من اشتغل بالرياضيات والكيمياء في الأندلس أبو القاسم المجريطي، كما برع عباس بن فرناس في علم الهندسة، وهو أيضًا صاحب أول محاولة للطيران، ونبغ في علم الفلك أبو عبيدة القرطبي، ولا ننسى أن نشير إلى أشهر أطباء الأندلس أبو القاسم الزهراوي الذي برع في الطب والصيدلة، وبرع فيهما أيضًا الطبيب العلامة ابن البيطار الذي اشتهر بدراسة النبات وساهم في تقدم الزراعة بالأندلس، ومن الجدير بالذكر أن هذه النهضة العلمية واكبتها نهضة إدارية من خلال عدد من المؤسسات والنظم الرائدة في الحكم ومنها الإمارة والوزارة، وقد تطورت أنظمة القضاء والشرطة والحسبة. وقد عمل حكام الأندلس على تنظيم جيش قوى وأسطول بحري يساعده تقدم ملموس في الصناعات المختلفة، وقد وقف خلف كل هذه الإنجازات المئات من أعلام المسلمين بالأندلس والذين لا يتسع المجال لذكرهم. فأترككم لتتصفحوا سيرتهم لنأخذ منها الدرس والقدوة الصالحةوالذكرى العطرة.[/rtl]












[size=32]صفة جزيرة الأندلس
[/size]الحميري

قال أبو عبد الله محمد بن أبي محمد عبد الله بن المنعم الحميري: الحمد لله الذي جعل الأرض قرارا، وفجر خلالها أنهارا، وجعل لها رواسي ألزمتها استقرارا، ومنعتها اضطراباً وانتثارا، جعلها قسمين فيافى وبحارا، وأودع فيها من بدائع الحكم وفنون المنافع ما بهر ظهوراً وانتشارا، وأطلع في آفاقها شموساً وأقمارا؛ جعلها ذلولا، وأوسعها عرضاً وطولا، وأمتع بها شيباً وشباباً وكهولا، وعاقب عليها غيوثاً وقبولا، وأغرى بالمشي في مناكبها تسويغاً للنعمة الطولى، وتتميماً لإحسانه الذي نرجوه في الآخرة والألى، وإن في ذلك لعبرةً لمن صار له قلب وسمع وبصر وفهم منقولاً ومعقولا، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا؛ أحمده على جزائل آلائه التي وإلى أمدادها، وأحصى أعدادها، وعم بها البرية وبلادها؛ وصل الله على نبيه الكريم الذي زويت له الأرض فرأى غايتها، وأبصر نهايتها؛ وأخبر أن ملك أمته سيبلغ ما رآه، وينتهي إلى حيث قدره الخالق وأنهاه. وبعد فإني قصدت في هذا المجموع ذكر المواضع المشهورة عند الناس من العربية والعجمية، والأصقاع التي تعلقت بها قصة، أو كان في ذكرها فائدة، أو كلام فيه حكمة، أولها خبر ظريف، أو معنى يستملح أو يستغرب ويحسن إيراده، أما ما كان غريباً عند الناس، ولم يتعلق بذكره فائدة، ولا له خبر يحسن إيراده، فلا ألم بذكره، ولا أتعرض له غالباً استغناء عنه واستثقالاً لذكره؛ ولو ذهبت إلى إيراد المواضع والبقاع على الاستقصاء لطال الكتاب، وقل إمتاعه؛ فقتصرت لذلك على المشهور من البقاع وما في ذكره فائدة ونكتفى عما سوى ذلك، ورتبته على حروف المعجم لما في ذلك من الإحماض المرغوب فيه، ولما فيه من سرعة هجوم الطالب على اسم الموضع الخاص من غير تكلف عناء ولا تجشم تعبٍ؛ فقد صار هذا الكتاب محتوياً على فنين مختلفين: أحدهما ذكر الأقطار الجهات، وما اشتملت عليه من النعوت والصفات؛ وثانيها الأخبار والوقائع والمعاني المختلفة بها، الصادرة عن مجتليها؛ واختلست ذلك ساعات زماني، وجعلته فكاهة نفسي؛ وأنصبت فيه بفكري وبدني؛ ورضته حتى انقاد للعمل، وجاء حسب الأصل، فأصبح طارداً للهموم، ملقيا للغموم، وشاهداً بقدرة القيوم؛ مغنيا عن مؤانسة الصحب، منبها على حكمة الرب؛ باعثاً على الاعتبار، مستحضراً لخصائص الأقطار؛ مشيراً لآثار الأمم وأحداثها، مشيراً إلى وقائع الأخباز وأنبائها؛ ثم إني قسته بالكتاب

الأندلس

هذه الجزيرة في آخر الإقليم الرابع إلى المغرب، هذا قول الرازي، وقال صاعد ابن أحمد في تأليفه في طبقات الحكماء: معظم الأندلس في الإقليم الخامس وجانب منها في الرابع كإشبيلية ومالقة وقرطبة وغرناطة والمرية ومرسية.
واسم الأندلس في اللغة اليونانية إشبانيا، والأندلس بقعة كريمتة طيبة كثيرة الفواكه، والخيرات فيها دائمة، وبها المدن الكثيرة والقواعد العظيمة، وفيها معادن الذهب والفضة والنحاس والرصاص والزيبق واللازورد والشب والتوتيا والزاج والطفل.
والأندلس آخر المعمور في المغرب لأنها متصلة ببحر أقيانس الأعظم الذي لا عمارة وراءه، ويقال: إن أول من اختط الأندلس بنو طوبال بن يافت بن نوح، سكنوا الأندلس في أول الزمان، وملوكهم مائة وخمسون ملكاً، ويقال إن الأندلس خربت وأقفرت وانجلى عنها أهلها لمحلٍ أصابهم فبقيت خالية مائة سنةٍ، ثم وقع ببلاد إفريقية محل شديد ومجاعة عظيمة فرقت أهلها، فلما رأى ملك إفريقية ما وقع ببلاده اتخذ مراكب وشحنها بالرجال، وقدم عليهم رجلاً من إفريقية ووجههم، فرمى بهم البحر إلى حائط إفرنجة وهم يومئذ مجوس، فوجههم صاحب إفرنجة إلى الأندلس.
وقيل اسمها في القديم: إبارية، ثم سميت بعد ذلك: باطقة، ثم سميت: إشبانيا من اسم رجل ملكها في القديم كان اسمه إشبان، وقيل سميت بالإشبان الذين سكنوها في الأول من الزمان، وسميت بعد ذلك بالأندلس من أسماء الأندليش الذين سكنوها.
وسميت جزيرة الأندلس بجزيرة لأنها شكل مثلث وتضيق من ناحية شرق الأندلس حتى تكون بين البحر الشأمى والبحر المظلم المحيط بالأندلس خمسة أيام، ورأسها العريض نحو من سبعة عشر يوماً، وهذا الرأس هو في أقصى المغرب في نهاية انتهاء المعمور من الأرض محصور في البحر المظلم، ولا يعلم أحد ما خلف هذا البحر المظلم، ولا وقف منه بشر على خبرٍ صحيحٍ لصعوبة عبوره وإظلامه، وتعاظم موجه وكثرة أهواله، وتسلط دوابه وهيجان رياحه، حسبما يرد ذلك في موضعه اللائق به إن شاء الله تعالى، وبلاد الأندلس مثلث الشكل كما قلناه.
ويحيط بها البحر من جميع جهاتها الثلاث؛ فجنوبيها يحيط به البحر الشأمى، وجوفيها يحيط به
وجهته ولى ششبوت بن الملك غيطشه ميمنته وأخاه ميسرته، وهما الولدان الذان سلبهما ملك أبيهما، فبعثا إلى طارق يسألانه الأمان إذا مالا إليه عند اللقاء بمن معهما، وعلى أن يسلم إليهما ضياع والدهما غيطشة إن ظفر، فأجابهما طارق إلى ذلك، وعاقدهما عليه؛ فلما التقى الجمعان انحاز هذان الغلامان إلى طارق، فكان ذلك سبب الفتح، وكان الطاغية لذريق في ستمائة ألف فارسٍ.
وقد خرجت عن حكم الاختصار الذى التزمت في هذا الوضع فلنقتصر على هذا القدر، وأما ذكر بلاد الأندلس فتأتى في مواضعها اللائقة بها إن شاء الله تعالى.
وافتتحت الأندلس في أيام الوليد بن عبد الملك، فكان فتحها من أعظم الفتوح الذاهبة بالصيت في ظهور الملة الحنيفية؛ وكان عمر بن عبد العزيز معتنياً بها، مهتماً بشأنها، وهو الذي قطعها عن نظر وإلى إفريقية وجرد لها عاملاً من قبله.

أبال
حصن بالأندلس في شمال قرطبة وعلى مرحلة منها، وهو الحصن الذي فيه معدن الزئبق.
وفيه يعمل الزنجفور ومنه يتجهز بالزئبق والزنجفور إلى جميع أقطار الأرض، ويخدم هذا المعدن أكثر من ألف رجلٍ، فقوم للنزول وقطع الحجر، وقوم لنقل الحطب لحرق المعدن، وقوم لعمل أواني السبك والتصفية، وقوم لبنيان الأفران والحرق، ومن وجه الأرض إلى أسفله فيما حكى أكثر من مائة قامةٍ.
وقال النووي في قوله صل الله عليه وسلم: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صر
أبذة
مدينة بالأندلس.
بينها وبينب بياسة سبعة أميال، وهي مدينة صغيرة وعلى مقربة من النهر الكبير، ولها مزارع وغلات، قمح وشعير، كثيرة جداً.
وفي سنة 609 مالت عليها جموع النصرانية بعد كائنة العقاب، وكان أهلها قد أنفوا من إخلائها كما فعل جيرانها أهل بياسة، ولم ترفع تلك الجموع يداً عن قتالها حتى ملكتها بالسيف، وقتل فيها كثير، وأسروا كثيراً، ووقع على ما كان فيها بين أجناس النصارى خصام آل إلى الشحناء والافتراق، وكفى الله المسلمين بذلك شراً كثيراً، وكان بعضهم قد طلب أبذة فتنافسوا فيها ولم يأخذها أحد منهم وخربوا أسوارها.

أبطير
حصن بالأندلس بمقربة من بطليوس، من بناء محمد بن أبي بعامر من جليل الصخر، داخله عين ماء خرارة، وهو اليوم خالٍ.
وعلى مقربة منه، بنحو ثلاث غلاءٍ، قبر في نشزٍ من الأرض قد نحت في حجرٍ وقد نضد عليه صفائح الحجارة، ويعرف بقبر الشهيد، ولا يعلم له وقت لقدمه، يرفع عنه بعض تلك الصفائح فيرى صحيح الجسم لم يتغير، نابت الشعر.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الح
أربونة
مدينة هي آخر ما كان بأيدي المسلمين من مدن الأندلس وثغورها مما يلي بلاد الإفرنجة، وقد خرجت من أيدي المسلمين سنة 330مع غيرها مما كان في أيدي المسلمين من المدن والحصون.

أرجونة
مدينة أو قلعة بالأندلس، إليها ينسب محمد بن يوسف بن الأحمر الارجوني من متأخرى سلاطين الأندلس.

أرشذونة
بالأندلس وهي قاعدة كورةٍ، ومنزل الولاة والعمال، وهي بقبلى قرطبة، تسقى أرضها وتطرد في نواحيها عيون غزار، وأنهار كبار، وهي برية بحرية، سهلها واسع وجبلها مانع، وسورها الآن مهدوم، ولها حصن فوق المدينة، ولها مدن كثيرة، وبها آثار قديمة، ومن مدنها مالقة، بينهما وعشرون ميلاً.

أرغون
هو اسم بلاد غرسية بن شانجه تشتمل على بلادٍ ومنازل وأعمالٍ.
أركش
حصن بالأندلس على وادي لكه وهو مدينة أزلية قد خربت مراراً وعمرت، وعندها زيتون كثير.

أرنيط
مدينة بالأندلس أولية بينها وبين تطيلة ثلاثون ميلاً، وحواليها بطاح طيبة المزارع، وهي قلعة عظيمة منيعة من أجل القلاع، وفيها بئر عذبة لا تنزح، قد أنبطت في الحجر الصلد؛ وهذه القلعة مطلة على أرض العدو، وبينها وبين تطيلة ثلاثون ميلاً.

إستجة
بين القبلة والغرب من قرطبة بينهما مرحلة كاملة، وهي مدينة قديمة لم يزل أهلها في جاهليةٍ وإسلامٍ على انحرافٍ وخروج عن الطاعة. ومعنى هذا الاسم عندهم جمعت الفوائد؛ وفي أخبار الحدثان إنه كان يقال: إستجة البغي، مذكورة باللعنة والخزى، ويذهب خيارها، ويبقى شرارها.
وكانت هيئتها التي ألفاها عليها طارق بن زياد أن سورها كان قد عقد بسورين أحدهما صخر أبيض والثاني صخر أحمر بأجمل صنعةٍ وأحكم بناءٍ، وردم وسوى ووضع في مواضع الشرفات من المرمر صور بني آدم من كل الجهات تواجه القاصد نحوها فلا يشك الناظر أنها رجال وقوف، وكان لها من الأبواب باب القنطرة شرقي، باب أشونة قبلي، باب رزق غربي، باب السويقة جوفي، وغير ذلك من الأبواب، والمدينة مبنية على الرصيف الأعظم المسلوك عليه من البحر إلى البحر.
وكانت إستجة واسعة الأرباض ذات أسواقٍ عامرةٍ وفنادق جمةٍ، وجامعها في ربضها مبنى بالصخر له خمس بلاطات على أعمدة رخامٍ، وتجاوره كنيسة للنصارى؛ وبإستجة آثار كثيرة ورسوم تحت الأرض موجودة وهي منفسحة الخطة، عذبة الأرض، زكية الريع، كثيرة الثمار والبساتين، نضيرة الفواكه والزرع، ولها أقاليم خمسة.
وكان أهل إستجة ممن خلع وخالف، فافتتحها عبد الرحمن بن محمد على يد بدر الحاجب سنة 300، فهدم سورها ووضع بالأرض قواعدها، وألحق أعاليها بأسافلها، وهدم قنطرة نهرها، وفي ذلك يقول أحمد بن محمد بن عبد ربه "طويل".
 
فـأولـه سـعــد وآخـــره نـــجـــحألا إنـه فـتــح يقـــر لـــه الفـتـح
تقـدمهـا نـصـر وتـابعهــا فـتـحسـرى القـاعـد الـمـيمـون خـير سـرية
فلقـوا عـذابـاً كـان مـوعـده الـصـبـحألـم تـره أردى بـإسـتـجة الـــعـــدا
يتـم لـه عـنــد الإمـــام ولا صـــلـــحفـلا عـهـد لـلـمـراء مـن بـعـد هـذه
وقـد مـسـهـم قـدح ومـا مـسـنـا قـــدحفـولــوا عـبـاديد بـكــل ثــنـــية
أشبونة
بالأندلس من كور باجة المختلطة بها، وهي مدينة الاشبونة، والأشبونة بغربي باجة، وهي مدينة قديمة على سيف البحر تنكسر أمواجه في سورها، واسمها قودية، وسورها رائق البنيان، بديع الشأن، وبابها الغربي قد عقدت عليه حنايا فوق حنايا على عمدٍ من رخام مثبتةٍ على حجارة من رخام وهو أكبر أبوابها، ولها باب غربي أيضاً يعرف بباب الخوخة مشرف على سرح فسيح يشقه جدولا ماء يصبان في البحر، ولها باب قبلي يسمى باب البحر تدخل أمواج البحر فيه عند مده وترتفع في سوره ثلاث قيم، وباب شرقي يعرف بباب الحمة، والحمة على مقربةٍ منه ومن البحر ديماس ماءٍ حارٍ وماءٍ باردٍ، فإذا مد البحر واراهما؛ وباب شرقي أيضاً يعرف بباب المقبرة.
والمدينة في ذاتها حسنة ممتدة مع النهر، لها سور وقصبة منيعة؛ والأشبونة على نحر البحر المظلم؛ وعلى ضفة البحر من جنوبه قبالة مدينة الأشبونة حصن المعدن؛ ويسمى بذلك لأن عند هيجان البحر يقذف بالذهب التبر هناك؛ فإذا كان الشتاء قصد إلى هذا الحصن أهل تلك البلاد فيخدمون المعدن الذي به إلى انقضاء الشتاء، وهو من عجائب الأرض.
ومن مدينة الأشبونة كان خروج المغرورين في ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه، ولهم بأشبونة موضع بقرب الحمة منسوب إليهم يعرف بدرب المغرورين، وذلك أن ثمانية رجال، كلهم أبناء عمٍ، اجتمعوا فابتغوا مركباً وأدخلوا فيه من الماء والزاد ما يكفيهم لأشهرٍ، ثم دخلوا البحر في أول طاروس الريح الشرقية، فجروا بها نحواً من إحدى عشر يوماً؛ فوصلوا إلى بحرٍ غليظ الموج، كدر الروائح، كثير التروش، قليل الضوء، فأيقنوا بالتلف، فردوا قلعهم في اليد الأخرى، وجروا في البحر في ناحية اثنى عشر يوماً؛ فخرجوا
أشونة
من كور إشتجة بالأندلس بينهما نصف يوم، وحصن اشونة ممدن، كثير الساكن.

إصطبة
مدينة بالأندلس على خمسة وعشرين ميلاً من قلشانة، ومن قلشانة، وهي قاعدة شذونة، إلى قرطبة أربعة أيامٍ، ومن الأميال مائة ميلٍ وعشرة أميالٍ.

إغرناطة
مدينة بالأندلس، بينها وبين وادي آش أربعون ميلاً، وهي من مدن إلبيرة.
وهي محدثة من أيام الثوار بالأندلس، وإنما كانت المدينة المقصودة إلبيرة؛ فخلت وانتقل أهلها منها إلى إغراناطة، ومدنها وحصن أسوارها، وبنى قصبتها حبوس الصنهاجى، ثم خلفه ابنه باديس بن حبوس؛ فكملت في أيامه، وعمرت إلى الآن، ويشقها نهر يسمى حدره، وبينها وبين إلبيرة ستة أميال، وتعرف بإغرناطة اليهود لأن نازليها كانوا يهود، وهي اليوم مدينة كبيرة قد لحقت بأمصار الأندلس المشهورة، وقصبتها بجوفيها، وهي من القصاب الحصينة، وجلب الماء إلى داخلها من عينٍ عذبةٍ تجاورها، والنهر المعروف بنهر فلوم ينقسم عند مدينتها قسمين: قسم بحري في أسفل المدينة، وقسم يجري في أعلاها، يشقها شقاً، فيجري في بعض حماماتها، وتطحن الأرحاء عليه خلال منازلها، ومخرجه من جبلٍ هناك، وتلقط في جرية مائه برادة الذهب الخالص، ويعرف بالذهب المدتى، ومقبرة إغرناطة بغربيها عند باب إلبيرة.
وفحص إلبيرة أزيد من مسافة يومٍ في مثله يصرفون فيه مياه الأنهار كيف شاؤوا كل أوان، ومن جميع الأزمان، وهو أطيب البقاع نفعةً، وأكرم الأرضين تربة، ولا يعدل به مكان غير غوطة دمشق وشارحة الفيوم، ولا تعلم شجرة تستعمل وتستغل إلا وهي أنجب شيء في هذا الفحص، وما من فاكهةٍ توصف وتستظرف إلا وما هناك من الفاكهة فوقها، ويجود فيها من ذلك ما لا يجود إلا بالساحل من اللوز وقصب السكر وما أشبهما. وحرير فحص إلبيرة هو الذي ينتشر في البلاد، ويعم الآفاق، وكتان هذا الفحص يربو جيده على كتان النيل، ويكثر حتى يصل إلى أقاصي بلاد المسلمين، وبإلبيرة معادن جوهرية من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص والتوتيا، وجبل الثلج هو جبل يشرف على جبل إلبيرة.
 
إفراغة
مدينة بقرب لاردة من الأندلس، بينهما ثمانية عشر ميلاً، وهي على نهر الزيتون، حسنة البناء لها حصن منيع لا يرام وبساتين كثيرة لا نظير لها.
وحاضرها العدو في جمع كثيفٍ، وآلى زعيمهم ابن ردمير على نفسه ألا يبرح حتى يأخذها عنوةً، وذلك سنة525، في شهر رمضان منها، فسهد إليه يحيى بن علي بعزمة صادقةٍ ونيةٍ صحيحةٍ في جموعه؛ فلقاه الله تعالى بركتها، وأجناه ثمرتها، وهزمه بعد أن قتل أكثر رجاله، والجملة التي بها كان يصول من أبطاله، وفر اللعين وسيوف المجاهدين تأخذ منه، وعزيمتهم لا تقلع عنه، إلى أن أوى إلى حصنٍ خربٍ في رأس جبلٍ شاهقٍ مع الفل الذي بقي معه بعد الإمساء، وأحدق المسلمون تلك الليلة بذلك الحصن يرقبونه؛ ولما أيقن أنه سيصطلم إن أقام هناك تسلل في ظلمة الليل من ذلك الموضع واتخذ الليل جملاً، وإذا رأى غير شيء ظنه رجلاً.
وانصرف المسلمون مغتبطين بغنيمتهم وأجرهم وكان ذلك سبباً لبقائها بأيدي المسلمين، إلى أن ينقضى أجل الكتاب.
ففي صفة الحال، يقول شاعر الشرق في وقعة يحيى بن علي هذه، أبو جعفر بن وضاح المرسى، من قصيدةٍ يمدحه بها بسيط:
وشـب مـنــك الأعـــادي نـــار غـيانشـمـرت بـرديك لـمـا أسـبـل الـوانـــى
كالـعـين يهـفـو عـلـيهـا وطـف أجـفـاندلـفـت فـي غـابة الـخـطـى نـحــوهــم
كـأنـمـا شـربـوا مـنـهــا بــغــدرانعـقـرتـهم بـسـيوف الـهـنـد مـصـلـتـه
من يكسر النبـع لـم يعـجـز عـن الـبـانهـون عـلـيك سـوى نـفـسٍ قـتـلـتـهـم
مـقـادر أغـمـدت أسـياف شـــجـعــانأودى الصـمـيم وعـاقـت عـن هـيئتـهـم
إلا فـرائد أشــياخ وشــــبــــــانوقفـت والـجـيش عـقـد مـنك مـنـتـثرا
كـأن تـصـهـالـهـا تـرجـــيع ألـــحـانوالخيل تنحـط مـن وقـع الـرمـاح بـهـا

أقش
مدينة هي كانت قاعدة الجليقيين، بينها وبين ليوزدال ثلاثون ميلاً، وكانت أقش قبل هذا منسوبة إلى غرسية بن لب، وهي مبنية بالصخر المربع الكبير، وهي على نهر كبير يدخل منه المجوس بمراكبهم إليهم، وفي المدينة حمة غزية الماء، واسعة الفضاء، يستحم أهلها في جنباتها على بعدٍ من عنصرها لشدة سخونته.

أقليش
مدينة لها حصن في ثغر الأندلس، وهي قاعدة كور شنتبرية، وهي محدثة ، بناها الفتح بن موسى بن ذى النون، وفيها كانت ثورته وظهروه في سنة160، ثم اختار أقليش داراً وقراراً، فبناها ومدنها، وهي على نهرٍ منبعثٍ من عين عاليةٍ على رأس المدينة، فيعم جميعها، ومنه ماء حمامها؛ ومن العجائب البلاط الأوسط من مسجد جامع أقليش فإن طول كل جائزةٍ من جوائزه مائة شبرٍ وإحدى عشر شبراً، وهي مربعة منحوتة مستوية الأطراف.
أقيانس
هو اسم لبحر الظلمات، ويقال له البحر الأخضر، والمحيط الذي لا يدرك له غاية، ولا يحاط بمقداره، ولا فيه حيوان، وهو الذي يخرج منه البحر الرومي الذي هو بحر الشأم ومصر والغرب والأندلس، فإنه خليج يخرج من هذا البحر، وقد خاطر بنفسه خشخاش من الأندلس، وكان من فتيان قرطبة، في جماعة من أحداثها، فركبوا مراكب استعدوها، ودخلوا هذا البحر، وغابوا فيه مدةً، ثم أتوا بغنائم واسعةٍ وأخبارٍ مشهورةٍ.
وإنما يركب من هذا البحر مما يلي المغرب والشمال، وذلك من أقاصي بلاد السودان إلى برطانية، وهي الجزيرة العظمى التي في أقصى الشمال، وفيه ست جزائر تقابل بلاد السودان تسمى الخالدات، ثم لا يعرف أحد ما بعد ذلك، وستأتي إن شاء الله تعالى حكاية أخرى عمن دخل هذا البحر أطول من هذه في موضعها في ذكر الأشبونة.

إلبيرة
من كور الأندلس، جليلة القدر، نزلها جند دمشق من العرب، وكثير من موالى الإمام عبد الرحمن بن معاوية، وهو الذي أسسها وأسكنها موالية، ثم خالطتهم العرب بعد ذلك؛ وجامعها بناه الإمام محمد، على تأسيس حنش الصنعاني، وحولها أنهار كثيرة، وكانت حاضرة إلبيرة من قواعد الأندلس الجليلة، والأمصار النبيلة، فخربت في الفتنة وانفصل أهلها إلى مدينة غرناظة، فهي اليوم قاعدة كورها، وبين إلبيرة وغرناطة ستة أميال.
ومن الغرائب أنه كان بناحية مدينة إلبيرة فرس قد نحت من حجر صلدٍ قديم هناك لا يعلم واضعه، فكان الغلمان يركبونه ويتلاعبون حوله، إلى أن انكسر منه عضو، فزعم أهل إلبيرة أن في تلك السنة التي حدث فيها كسره تغلب البربر على مدينة إلبيرة فكان أول خرابها.
ومدينة إلبيرة بين القبلة والشرق من قرطبة، ومنها إبراهيم بن خالد، سمع من يحيى وسعيد بن حسان، وسمع من سحنون، وهو أحد السبعة الذين اجتمعوا في إلبيرة في وقتٍ واحدٍ من رواة سحنون، ومنها أبو إسحق بن مسعود الإلبيرى صاحب القصيدة الزهدية التي أولها وافر:


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الجمعة 16 أكتوبر 2015, 7:11 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالأربعاء 14 أكتوبر 2015, 7:27 am


[rtl]اللقاء الحضاري بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي

التقسيم الإداري في الأندلس [/rtl]



[rtl] إن من يدرس جغرافية شبه وجزيرة "أيبيريا"، يجد أن حدودها الطبيعية تصلح تماماً لأن تكون حدوداً سياسية إدارية،فسلاسل الجبال ووديان الأنهار التي تقطعها في خطوط مستعرضة من الشرق إلى الغرب أو العكس، قد قسمتها إلى أقسام طبيعية يمكن تحويلها إلى وحدات إدارية وعسكرية واضحة المعالم. فما كان على المنظم أو الإداري إلا أن يثبت حدود هذه الوحدات ويعين قواعدها، فلا يجد صعوبة في إدارتها وجباية خراجها. وهذا ما فعله الرومان والقوط. ثم جاء المسلمون فاحتفظوا بهذه التقسيمات الإدارية ولكنهم سموها مدناً بدلا من كيفتاس Civtasا ، " وكورا "  بمعنى ولايات- بدلاً من بروفنكياس Provingias، وأضافوا إليها عدداً  من المنشآت التي تعطيها الطابع الإسلامي المميز لها كالمسجد الجامع، وقصر الإمارة أو الخلافة، والأسواق والقيساريات إلى غير ذلك مما يناسب طبيعة دولتهم الإسلامية. هذا إلى جانب ما أضافوه من مدن جديدة لأن البناء والعمران من مستلزمات التحضر ومثال ذلك:[/rtl]


[rtl](1) الجزيرة الخضراءAlceciras التي بناها "طارق بن زياد " بجوار جبل طارق، وكانت تعرف بجزيرة أم حكيم محلى اسم زوجته التي تركها هناك أثناء قيامه بفنج الأندلس.[/rtl]


[rtl](2) طريفTarifa، غربي الجزيرة الخضراء، وهي على اسم "طريف بن مالك " أحد قوادا، موسى بن نصير" الذي أغار على هذه المنطقة فسميت البلدة باسمه.[/rtl]


[rtl](3) قلعة أيوب Calayud في شمال أسبانيا. بناها "أيوب بن حبيب اللحنمي الذي ولي الأندلس بعد مقتل ابن عمته "عبد العزيز بن موسى بن نصير".[/rtl]


[rtl](4) مدينة سالم Medinaceli في شمال أسبانيا. بناها "سالم بن ورعمال المصمودي " أحد قواد البربر الذين شاركوا في فتح  الأندلس.[/rtl]


[rtl](5) تطيلة TUDELA على وادي الأبرو في شمال أسبانيا، بناها الأمير!الحكم بن هشام المعروف بالربضي ، وينسب إليها الشاعر "أبو العباس القيسي المعروف بالأعمى التطيلي (ت 532 هـ1127 م) ".[/rtl]


[rtl](6) مرسيةMURCIA في شرق الأندلس وقد تعني المرساة التي أرسيت قواعدها. بناها الأمير "عبد الرحمن الأوسط الأموي سنة 216 هـ/ 83 م) " وينسب إليها علماء كثيرون مثل "ابن سيده اللغوي الصنوير (ت 08 4 هـ/065 م) "صاحب المخصص في اللغة، والعالم "ابن سبعين (ت 669 هـ ) صاحب الرد العلمي المشهور على الإمبراطور "أفريدريك الثاني "، والفيلسوف الصوفي "محيي الدين بن عربي (ت 638 هـ)،ا صاحب كتاب الفتوحات الملكية.[/rtl]


[rtl] (7) مجريط MADRID عاصمة أسبانيا الحالية، بناها "الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط (338- 373 هـ) "، وينسب إليها الرياضي الفلكي " مسلمة المجريطي (ت 394 هـ) ".[/rtl]


[rtl] (Cool المريةALMERIA قاعدة الأسطول الأندلسي في شرق أسبانيا، بناها المسلمون الأوائل وازدهرت في عهد الخليفة "عبد الرحمن الناصر،"، وينسب إليها "بنو ميمون " قادة ا لأسطول الأندلسي والمـغربي على عهد، المرابطين " و " الموحدين ، والعالم الزاهد "أبو العباس بن العريف (ت 535 هـ) " صاحب كتاب محاسن المجالسة. وقد يكون اسم المرية يعذي المرئية أي التي ترى من بعيد في البحر عن طريق مناراتها.[/rtl]


[rtl](9) سهلة بني رزينALBARRACIN في شمال شرق مدريد، نسبة إلى أمراء بني رزين المغاربة الذين حكموا تلك المنطقة. ولا يفوتنا أن نشير إلى اسم البرانس الذي أطلق على بعض جبال أسبانيا الشمالية، وهو اسم قديم لكتلة البربرالبرانس " في المغرب التي تنتمي إليها قبيلة "صنهاجة". هذا إلى جانب المنيات والحصون والقصور والقرى التي ما زالت أسماؤها العربية والمغربية تزخر بها الأراضي الأسبانية.[/rtl]


[rtl]هذا، ويلاحظ أن كلا من الكور والمدن في الأندلس، كان لها استقلالها الإداري عن العاصمة قرطبة، وهذا يدل على أن الأندلسيين لم يحرصوا على نظام المركزية في جهازهم الإداري، لأن طبيعة البلاد الجبلية تتنافى مع هذا التركيز سواء في الكور أو المدن. فولاة الكور وقواد المدن كان لهم قسط كبير من النفوذ المحلي وحرية التصرف دون الرجوع إلى الخليفة في "قرطبة". ولكن القول بأن هذه اللامركزية كانت صفة عامة في تاريخ أسبانيا الإسلامية والمسيحية بوجه عام حتى اليوم.[/rtl]












نظام الحكم والإدارة أو ما يسمى بالخطط


 

[rtl]حظيت الأندلس بنظام حكم إداري متطور إلى حد كبير عن مثيله في الشرق الإسلامي أو الغرب المسيحي. 
 فإذا تناولنا خطة الوزارة فني قرطبة عاصمة الأندلس في عهد الدولة الأموية، وجدنا أنها كانت متعددة المناصب ولها رئيس وزراء يسمى الحاجب، وهو الذي يتصل بالخليفة. وهذا التعدد في مناصب الوزراء لا نجده في نظام الوزارة بالشرق الإسلامي أو الغرب الأوروبي، حيث كانت السلطة مركزة في يد وزير واحد، وقلما وجد وزيران،. أما في الأندلس فكل ناحية من نواحي الإدارة العامة مثل المال والترسيل والمظالم والثغور، لها وزير مختص بها، ثم هناك الرئاسة العامة للوزارة وهي الحجابة التي تختلف عن الشرق، حيث كان الحاجب هو الشخص الذي يقف بباب الخليفة أو السلطان. كذلك وجد في القصر الخلافي بالأندلس بيت خاص لانعقاد مجلس الوزراء فيه. فالوزارة في الأندلس كانت قريبة الشبه بنظم الوزارات الحديثة
CABINET OF MINSTERS وهي في هذا تختلف عن نظام الوزارة المعروف في الشرق أو الغرب في العصر الوسيط. ومن الطريف أن وزير المالية في الأندلس كان يسمى في بعض الأحيان بصاحب الأشغال وهي نفس التسمية المستعملة اليوم في أسبانيا، حيث يسمى وزير الماليةMINISTRO DE HACIENDAأي وزير الأشغال وتعني وزير المالية.
[/rtl]


[rtl]وما يقال عن الوزارة يقال أيضا عن خطة القضاء في الأندلس، إذ نلاحظ فرقاً جوهرياً بين منصب قاضي القضاة في الشرق وقاضي الجماعة في الأندلس. فقاضي القضاة في بغداد أو القاهرة هو قاضي الدولة كلها، ومن سواه من القضاة في الأقاليم والأمصار نواب عنه، فهو المتصرف فيهم تعييناً وعزلاً ، ولهذا يلقب بقاضي القضاة  فقط أو قاضي بلد كدا. أما قاضي الجماعة في الأندلس فهو قاضي العاصمة قرطبة.[/rtl]


[rtl]والجماعة هنا تفسر بالجماعة الإسلامية التي استقرت في العاصمة الجديدة قرطبة. ولهذا فإن سلطته كانت قاصرة على قرطبة ونواحيها فقط، بمعنى أنه لم يكن له سلطان على بقية القضاة في الكور والمدن الأندلسية الأخرى، فهم مستقلون بأنفسهم وليسوا نواباً عنه، وهو لا يمتاز عنهم إلا من الناحية الأدبية فقط، بحكم كونه قاضياً للعاصمة، ومستشاراً للخليفة، وإماماً للصلاة في أيام الجمعة والأعياد. وهكذا نحد أن نظام القضاء في الشرق اتسم بطابع المركزية بينما اتبع في الأندلس نظام اللامركزية.[/rtl]


[rtl]هذا وقد كان يوجد في الأندلس حق الاستئناف، فالخصم الذي لا يرضيه حكم القاضي، يستطيع أن يتظلم أمام قاض أخر يسمى صاحب الرد، الذي كان ينظر في القضية مرة ثانية، فإذا وجد فيها مظلمة ردها للقاضي، أو رفعها للسلطان كي  يصدر فيها حكمه بعد استشارة مجلس المشورة الذي كان يضم قضاة  الفتيا.[/rtl]


[rtl]ويبدو أن ولاية الرد لم تكن موجودة إلا في المغرب والأندلس إذ أن فقهاء الشرق ولا سيما أبا الحسن الماوردي لم يذكرها في كتابه "الأحكام السلطانية". ويبدو أن صاحب الرد كان يشبه وزير الشكايات الذي ظل يقوم بدور الاستئناف في المغرب إلى عهد قريب. ولقد وجد في المشرق ديوان المظالم، ولكن لم تكن له صفة الثبات والديمومة مثل ولاية الرد. هذا، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الغرب الإسلامي بصفة عامة، سار على سياسة تشريعية هامة وهي التمسك بالمذهب الواحد في قضاياه الدينية والدنيوية، ألا وهو المذهب المالكى ، حتى قيل أن أهل المغرب والأندلس لا يعرفون سو ى كتاب الله وموطأ مالك بن أنس " عالم دار الهجرة ت (179 هـ)، ولا شك أن هذه السياسة التي تتفق مع وضع المغرب والأندلس الجغرافي والحربي كثغور إسلامية ، قد جنبت تلك البلاد شرور الفتن والخلافات المذهبية، وحفظت لها سلامتها ووحدتها الروحية، فكانت لذلك درعاً واقياً للإسلام في أقصى الغرب، وهذه الظاهرة لا نجدها في المشرق مثل القاهرة ودمشق وبغداد التي تعددت فيها المذاهب والفرق، واشتدت الخلافات بينها، ومع ذللت كان لا يخشى عليها من هذا التعدد والخلاف المذهبي لأنها تقع في قلب العالم الإسلامي. ومن الطريف أن الممالك المسيحية الأسبانية المتاخمة للمسلمين في الأندلس، قد اتبعت هي الأخرى سياسة المذهب الديني الواحد باعتبارها هي الأخرى ثغراً للمسيحية في هذه المنطقة. فاقتصرت على المذهب الكاثوليكي، وتعصبت له حتى ضرب بها المثل بأنها أكثر تعصباً للكاثوليكية من البابا نفسه MASPAPISTAOUE EL PAPA وهذا الموقف المتشابه بين الجبهتين يدل على التداخل الحضاري بينهما.[/rtl]


[rtl]بقي أن نشـير إلى نقطة هامة وهي أن دخول المذهب المالكي في الأندلس، لم يلبث أن تأثر بعوامل البيئة المحلية، وأصبح له مظهر فقهي أندلسي مالكي مستقل. مثال ذلك أن الأندلسيين رغم اعتناقهم المذهب المالكي، أخذوا ببعض تعاليم إمام أهل الشام ودفين بيروت "أبي عمرو  الأوزاعي (ت 157 هـ) "، والإمام المصر ي !الليث بن سعد (ت 75اهـ) " وفي ذلك يقول الفقيه "أبو الحسن  النباهي  المالقي (القرن 8 هـ) " في كتابه "المرتبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا" ص 149: "ومن المسائل التي خالف أهل الأندلس فيها مذهب مالك بن أنس هي أنهم أجازوا كراء الأرض بالجزء مما يخرج منها (أي الإيجار على الجزء المزروع منها فقط) وهو مذهب "الليث بن سعد "، وأجازوا غرس الأشجار في صحون المساجد وهو مذهب "الأوزاعي ".[/rtl]


[rtl]وقد تابع حكام الأندلس هذا التقليد في مساجد الأندلس ابتداء من "عبدالرحمن الأول " (الداخل) الذي أمر الفقيه "صعصعة بن سلام " صاحب الصلاة بالجامع (ت 193 هـ) بغرس صحن جامع قرطبة بالأشجار البديعة. واستمرت هذه العادة الجميلة منتشرة في مساجد الأندلس إلى يومنا هذا حيث نجد أشجار الليمون والنارنج (أحد أشجار الموالح المزهرة! في صحن المسجد الأموي بقرطبة بل وفي الكنائس أيضاً .[/rtl]


[rtl]وإلى جانب القاضي في الأندلس، كان يوجد صاحب الشرطة الذي ينظر ويفصل في الجرائم السياسية والمدنية وكل ما يتعلق بحفظ الأمن في البلاد، فهو بمثابة قاضي الجنايات والمخالفات التي لا تدخل في اختصاص القاضي لأنها لا تتقيد أحكامها بأحكام الشرع تماماً، وفي هذا يقول "ابن خلدون ": وقد رؤى من باب السياسة تنزيه القاضي عن هذه السلطة المدنية، ووضعها في يد شخص أخر يكون عادة من كبار القادة وعظماء الخاصة وهو صاحب الشرطة". ويضيف "ابن خلدون " أن خطة الشرطة في الأندلس كانت تنقسم إلى شرطة عليا تنظر في الجرائم التي يرتكبها علية القوم، وشرطة صغرى تنظر إلى الجرائم التي يرتكبها عامة الناس. ولا شك أن هذا النظام الطبقي في المحاكمات يتنافى مع روح الإسلام. إلا أنه يعتبر من الأنظمة التي انفردت بها الأندلس.[/rtl]


[rtl]وكان يعاون صاحب الشرطة رجال من العسس الذين يطوفون باالليل للحراسة ويعرفون بالدابين، لأن المدينة الأندلسية كانت لها دروب أو أبواب تغلق في أول الليل بواسطة هؤلاء الدابين، وكان كل واحد منهم معه كلب وسلاح وسراج. ومن الطريف أن عادة غلق الأبواب ليلاً بواسطة دابين ما زالت متبعة في أسبانـيا منذ السماعة العاشرة ليلاً، وبواسطة درابين يعرفون باسم سيرينوس SERENOS (أي الساهرون)، فكل من يريد الخروج من المنزل أو الدخول فيه أثناء الليل عليه أن ينادي على هذا الحارس الليلي بطريقة التصفيق. وهذا الاستمرار في وظيفة الحراسة الليلية على الطريقة الأندلسية يعتبر إسهاماً حضارياً في هذا المجال.[/rtl]


[rtl]وإلى جانب الشرطة، كانت هناك خطة الحسبة للإشراف على المعاملات الجارية في الأسواق، ومحاربة المنكرات فيها، إلى جانب الإشراف على الآداب العامة وأخلاق المجتمع في المساجد والمدارس والحمامات والأزقة والطرقات. ويلاحظ أن ولاية المحتسب في بلاد المغرب والأندلس، كانت أكثر تحديداً وضرورة لمقتضيات، الحياة منها في المشرق، ولهذا استمرت فيها بدون انقطاع. ولعل أحسن دليل على أهمية المحتسب من الناحية العملية في الأندلس، أن ملوك أسبانيا المحتسيين كانوا كلما استردوا إقليماً من المسلمين، ابقوا فيه المحتسب. ولهذا دخل لفظ المحتسب في اللغة الأسبانية تحت اسمALMOTACEN، ويطلق على الوالي المكلف بضبط الموازين والمكاييل. أما في المغرب[/rtl]


[rtl]فالأدلة على أهمية وظيفة المحتسب وشدة الحاجة إليها أنها باقية مستمرة حتى اليوم في المدن والبوادي المغربية، بينما زالت من المشرق. ويلاحظ أن اختصاصات المحتسب حالياً في المغرب لا تختلف كثيراً عما كانت عليه في العصر الوسيط.[/rtl]



عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الجمعة 16 أكتوبر 2015, 7:12 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالأربعاء 14 أكتوبر 2015, 7:35 am

[rtl]
الدولة الأموية[/rtl]

الفردوس المفقــود 2520
 

[rtl]فتحت بلاد طارق بن زياد بتوجيه من والى إفريقية الأندلس بعد ذلك خاضعة للخلافة الأموية كإحدى الولايات الرئيسة، إلى أن سقطت الخلافة الأموية سنة 132هـ، واتجه العباسيون إلى استئصال الأمويين. وتمكن عبد الرحمن بن معاوية -الأندلس ليبعد عن العباسيين، فراسل الأمويين بالأندلس يوسف الفهري. فكوَّن عبدقرطبة، فتقابل مع جيش الفهري في موقعة عرفت باسم «المصارة» انتهت بهزيمة الفهري وقتله ودانت عبد الرحمن الداخل. ويعد هذا الدولة الأموية في عبد الرحمن الداخل عقبات وتحديات كثيرة من أجل توطيدالأندلس، وخاض فترة الصراع مع دولة الخلافة العباسية وذيولها وبعض الطامحين إلى الحكم. فلقد شجع العباسيون واليهم على إفريقية العلاء بن المغيث على إخضاع عبد الرحمن الداخل، فاستجاب العلاء وعبر البحر إلى عبد الرحمن الداخل. وإلى جانب ذلك اشترك بعض العرب الساخطين على الداخل في مؤامرة دنيئة مع الزعيم النصراني شارلمان ضد سرقسطة قاموا بمواجهة هؤلاء العرب الخائنين فباءت مؤامرتهم بالفشل، ولصمود الأمير الأموي صقر قريش». 
واستقر الأمر في 
الدولة الأموية حتى عام 422هـ مرت خلالها الدولة بفترات قوة وضعف، وفيما يلي قائمة بأسماء حكام هذه الدولة:
[/rtl]


[rtl]Ø    عبد الرحمن الداخل 138هـ .[/rtl]


[rtl]Ø    عبد الرحمن 172هـ .[/rtl]


[rtl]Ø    هشام 180هـ .[/rtl]


[rtl]Ø    هشام 206هـ .[/rtl]


[rtl]Ø    عبد الرحمن 238هـ .[/rtl]


[rtl]Ø    محمد 273هـ .[/rtl]


[rtl]Ø    محمد 275هـ .[/rtl]


[rtl]Ø     ظهرت بعض الإقطاعات القوية في هذه الفترة كإقطاعية بنى حجاج بعبد الرحمن الناصر إلى الطاعة.[/rtl]


[rtl]Ø    محمد 350هـ .[/rtl]


[rtl]Ø    عبد الرحمن 366هـ .[/rtl]


[rtl]Ø    الحكم 366- 399هـ .[/rtl]


[rtl] الفردوس المفقــود 25202[/rtl]


[rtl]وفي عهد المنصور بن أبى عامر إلى أن سقطت الخلافة الأموية عام 422هـ ، وبدأ عهد عبد الرحمن الداخلدور حضاري كبير في فترة حكمه بقرطبة، وأحاطها بسور ضخم، وحفر قناة تمدها بالماء العذب، وشيد بها المباني الضخمة والحمامات، وأكثر من البساتين على ضفة الوادي الكبير، وابتنى بظاهرها قصرًا كبيرًا أسماه «الرصافة»، وكان هذا القصر شرقي المظهر، فقد حفلت حديقته بالنبات الشرقي. ومن منشآت جامع قرطبةالذي لا يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال، وقد أنفق عليه نفقات كثيرة كما فعل أجداده وهم يشيدون المسجد الأموي في دمشق. واهتم الزراعة، فشق الترع وأنشأ الطرق، كما اهتم بالشئون العلمية، فبنى المدارس في عواصم عبد الرحمن الداخل، وولى الحكم بعده ابنه تاريخ الأندلس ومدنها يسألون الناس عن أحوالهم وسيرة عماله فيهم، فإذا انتهى إليه أن أحدهم أسرف على الرعية حل عليه سخطه وعزله عن عمله. وحرص عبد الرحمن على نشر اللغة العربية والعناية بها والتي أصبحت لغة التدريس في كل مدارس الأندلسوخاصة خلال فترة حكم عبد الله بن الناصر) الذي حكم من عام 300هـ- 350هـ ، فأثبت أنه أكفأ الحكام، وأحرز نجاحًا تامًا في ميدان السياسة والحضارة. وكانت الأندلس شملت عدة اتجاهات، وحوت أكثر ألوان المعرفة أو كلها، ويقسمها بعض المؤرخين إلى قسمين: حضارة فكرية وحضارة عمرانية.[/rtl]


[rtl]ففي مجال الفكر والعلوم الشرعية انتشر المذهب المالكي في هشام بن الأندلس المشهورين: ابن حزمالأندلسي، والإمام أبو القاسم الشاطبىّ، المنذر بن سعيد البلوطي الذي كانت له مواقف رائعة مع الأندلسنهضة كبرى في مجال العلوم العقلية والعملية والطبيعية من فلك والأندلسأول محاولة للطيران في الطبوالأدب والفن فقد برز في علوم الأندلس، وقد طبقت شهرتهم الآفاق ومن هؤلاء:[/rtl]


[rtl]ابن مالك صاحب الألفية المشهورة في علم النحو والصرف، الأندلس، بل إن مظاهر الحضارة العمرانية أبرز من مظاهر الحضارة العلمية، وتمثلت أروع مظاهر العمران في الأبنية الضخمة من مساجد ومدن وقصور تدل على تميز الأندلس الزهراء التي بناها طليطلة والمأمون، وقصر الجعفرية في الزهراء في قصيدة طويلة.[/rtl]


[rtl]Ø     وفي عام 366هـتولى حكم هشام الثاني بن الأندلس، فلقد سيطر على الحكم في عهده الأندلس وبدأعبد الرحمن الداخل من الشمال الإفريقي إلى عبد الرحمن الداخل على يوسف الفهري الوالي العباسي في موقعة «المصارة» واستطاع دخول للأندلس.[/rtl]


[rtl]Ø     في العام 142هـ حاول عبد الرحمن الفهري استرداد نفوذه بقرطبة، فسار إليه عبد الرحمن الداخل، وقام بالثورة، وبعد معارك ضارية استطاع الانتصار عليه، وقتل العلاء بن مغيث، ولم يحاول بعدها العباسيون التدخل في شئون عبد الرحمن الداخل، إذ تآمر حاكم سرقسطة قاموا بثورة ضد الحاكم الخائن وحليفه النصراني، وباءت المؤامرة بالفشل.[/rtl]


[rtl]Ø     في العام 172 هـ توفي هشام بن هشام وأخيه سليمان، وقد أخذ سليمان لنفسه البيعة في هشامونفي إلى المغرب.[/rtl]


[rtl]Ø     في العام 181 هـ حدثت ثورة أهل الحكم بن عبد الرحمن، ولكنه تمكن من إخمادها عن طريق الحيلة، واستطاع القضاء على الثوار.[/rtl]


[rtl]Ø     في العام 206 هـ توفي هشام، وخلفه ابنه عبد الرحمن الأوسط، وفي عهده استتب الأمن، وساد النظام، فانصرف إلى العلم والبناء، والاهتمام بشئون الدولة، واعتنق الإسلام في أيامه عدد كبير من النصارى الأسبان.[/rtl]


[rtl]Ø     في العام 228 هـ أغار الفرنجة على إشبيلية، وهزموا المسلمين عدة مرات، وأرسل إشبيلية، قاتلت الفرنجة الذين تراجعوا حتى قهروا.[/rtl]


[rtl]Ø     في العام 238 هـ توفي محمد الأول، وحدثت في عهده عدة ثورات في شمالي طليطلة، فأرسل إليها حملات أحرزت النصر.[/rtl]


[rtl]Ø     في العام 300 هـ ولى حكم عبد الرحمن بن عبد الله عبد الرحمن الأندلس بعد أن رأى استبداد الأتراك بالخلافة العباسية.[/rtl]


[rtl]Ø     في العام 322 هـ عبد الرحمن الناصر مدينة سالم، وتقع شمال شرقي مدريد، كما بنى مدينة «عبد الرحمن الناصر بعد أن وطد أركان البلاد، وخلفه ابنه المستنصر بالله، وكانت أيامه هادئة، والبلاد مستقرة على أسس ثابتة ازدهرت فيها العلوم ونعمت بالعمران.[/rtl]


[rtl]Ø     في العام 350 هـ تعرضت سواحل بحر الغرب، المحيط الأطلسي، بالحكم المستنصر بالله بن هشامبن المنصور بن أبى عامر قد سيطر على الحكم في عهده وأسس الدولة العامرية، ثم استمرت فترة الفتنة من (399 - 422هـ) حتى سقط الأمويون وخلافتهم، وبدأ عصر دولة المرابطين.[/rtl]







[rtl]
دولة المرابطين[/rtl]


الفردوس المفقــود 2521


[rtl]نشأت دولة المرابطين في القرن الخامس الهجري خارج نطاق المغرب بشمالي أفريقيا، ولكن القبائل التي أنشأتها هي قبائل صنهاجة المغربية التي تتزعمها قبيلة جدالة، ورئيسها يحيى بن إبراهيم بن قرغوت الجدالي الذي ذهب إلى الحج، وهناك قابل أحد الدعاة وطلب منه الذهاب معه لتعليم القبائل الصنهاجية الإسلام، وكانهذا الداعية هو عبد الله بن ياسين الجدولي. وصل عبد الله بن ياسين إلى مناطق قبائل صنهاجة يعلمهم الإسلام، فلقي نجاحًا كبيرًا في قبيلة لمتونة، واستطاع تكوين جماعة سميت المرابطين، نظمهم للجهاد في سبيل الله. وبدأ المرابطون من عام 447هـ الجهاد في سبيل الله، وفتح بعض بلاد المغرب بقيادة أبى بكر بن عمر وابن عمه وسف بن تاشفين وهو الذي قاد الحركة المرابطية منذ ذلك الحين، وأسس الدولة الكبرى في المغرب أولاً، ثم اتجه إلى يوسف بن تاشفين إلى المعتمد بن عباد لينقذ ابن تاشفين وحقق جيش المرابطين نصر ملوك الطوائف بالذلاقة ودعاهم إلى الوحدة والتآلف لمواجهة النصارى.[/rtl]


[rtl]عبر يوسف بن تاشفين النجدة للمرة الثانية، فعبر الأندلس، وهناك لم يأت إليه من المعتمد بن عباد صاحبمرسية، وبعد أن تمكنوا من صد غارات النصارى عاد الأندلس وهو يضمر في نفسه شيئًا ليوسف بن تاشفينللمرة الثالثة إلى طليطلة، ولم يأت أحد من طليطلة، ففك الحصار، ورأى أن يعزل غرناطة فاستولى عليها، وجعلها مركز المرابطين في دول الطوائف لتنصهر جميعًا تحت لواء المرابطين. وفي عام 500هـ توفي يوسفبن تاشفين تولى بعده ابنه على بن يوسف حتى عام 537هـ . وبعد فترة غير قليلة من انتهاء حكم على بن يوسف بدأ الضعف يدب في أوصال دولة المرابطين، إذ بدأ يتوالى على الحكم أمراء ضعاف النفوس، لم يستطيعوا الحفاظ على دولة المرابطين في وجه حملة دولة الأندلس، فما أن وافت سنة 540هـ حتى انتهى ملك المرابطين وتم خضوع الموحدينهذا وقد حكم دولة المرابطين ستة ملوك منهم:[/rtl]


[rtl]1.    أبو بكر بن عمر، ويوسف بن تاشفين 480هـ - 500هـ .[/rtl]


[rtl]2.    على بن يوسف 500هـ - 537هـ .[/rtl]


[rtl]3.    تاشفين بن على 537هـ - 541هـ .[/rtl]




[rtl]
دولة الموحدين[/rtl]


[rtl]بدأت دعوة الموحدين عام 514هـ على يد محمد بن تومرت الذي ينتمي إلى قبيلة هرغة، أحد بطون قبيلة مصمودة التي تنتشر في أغلب أراضى المغرب الأقصى. وقال بالانتساب إلى رسول الله -صل الله عليه وسلم-، وقد أيد بعض المؤرخين هذا الانتساب وأنكره بعضهم، وكان يرى التأويل وينكر على أهل المغرب عدولهم عن التأويل، ثم سار إلى الشرق، ودرس العلم وعاد إلى المغرب، والتقى بالمرابطين، وألف جيشًا ضم عدة قبائل، كان مقره حصن \"تينملل\"، وبدأ يناوئ المرابطون وقتل فيها قائد الجيش الموحدي، وأعداد كبيرة معه، وكان الجيش المرابطي بقيادة أبو بكر بن على بن عبد المؤمن بن على في قيادة الموحدين، الذي استطاع أن يعيد للموحدين قوتهم وأن يستولي على أكثر بلاد السوس. ومرت عملية بناء الدولة الموحدية بأربع مراحل وهى:[/rtl]


[rtl]المرحلة الأول: الاستيلاء على مراكش وسهلها الفسيح وقد تمت هذه المرحلة سنة 540هـ - 114م.[/rtl]


[rtl]المرحلة الثانية: الاستيلاء على شمال المغرب بما في ذلك فاس وبقية المغرب إلى الزقاق وهو مضيق جبل طارق وقد تمت سنة 542هـ .[/rtl]


[rtl]المرحلة الثالثة: فتح المغرب الأوسط وقد تمت بدخول الموحدين مدينة تلمسان ثم الجزائر سنة 548هـ - 1153م.[/rtl]


[rtl]المرحلة الرابعة: بسط فيها الموحدون سلطانهم على إفريقيا بما في ذلك شرق إقليم طرابلس وقاموا باستعادة المهدية وجزيرة جربة وبقية سواحل إفريقية من النورمان، وقد تمت سنة 555هـ - 1160م التي تسمى سنة الأخماس، وبذلك يكون الموحدون أول من وحد المغرب العربي كله عدا برقة وما يليها شرقـًا إلى حدود مصر. وقد تحسن وضع الموحدين بعد الانتهاء من حروبهم في إفريقيا، وتمكنوا من الإستيلاء على بلاد المغرب، فاتجهت أنظارهم نحو يوسف بن عبد المؤمن بجيش كثيف إلى أشبونة في غربي يوسف بن عبد المؤمن في الطريق، وقد قيل عنه إنه كان من أعظم خلفاء الموحدين حبًا للعلم وأهله وتقديرًا لرجاله، وقد عاش في أيامه الطبيب ابن الطفيل وموقعة الأرك على النصارى بقيادة الفونس الذي نجا من المعركة بأعجوبة بعد أن قتل أكثر جيشه، ودخل المسلمون بقيادة يعقوب بن يوسف الذي طلب نجدة من المغرب، والتقى الفريقان وانتصر المسلمون مرة أخرى. وفى عام 583هـ كانت الحروب الصليبية على أشدها في المشرق فأرسل صلاح الدين الأيوبي إلى يعقوب بن يوسف لم يكن بوسعه ذلك؛ إذ لم تقل الحروب الصليبية في يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن، وخلفه في الحكم ابنه محمد ولقب بالأندلس على ثغور المسلمين فيها فسار إليها الأندلس، ووصل إلى الناصر. وفى عام 609هـ حاصر محمد بن يعقوب الناصر، ولكن في هذه الموقعة التي عرفت باسم حصن العقاب من أهم أسباب ضعف دولتهم وسقوطها بعد ذلك، إلا أن هذه الهزيمة كانت من أسباب تحطيم الوجود الإسلامي في الناصر الموحدي سنة 610هـ، فقد استهلكت قوة الدولة في القتال بين الأمراء. وفى عام (640هــ) وبعد صراع طويل بين أمراء البيت الحاكم بدأ سقوط الدولة تدريجيًا، ففي هذا العام تولى أمر الموحدين على بن إدريس، ولقب بالمعتضد وحارب بنى مرين الذين قوّى أمرهم، وتولى بعد المعتضد عمر بن إسحاق.[/rtl]







بنو الأحمر في غرناطة


 

[rtl]سقطت الأندلس بعد هزيمتهم في موقعة الأندلس لكي يستولوا على بعض المدن الإسلامية من خلال زحف سريع انتهازًا لفرصة الفوضى التي أعقبت سقوط قرطبة وإشبيلية سنة (646هـ) وأصبح ملك المسلمين محصورًا في مقاطعة الأندلس إلى بنى نصر أمراء الأندلس وكون من جيشًا وبمساعدة بنو مرين في المغرب استطاع محمد بن الأحمر الاستيلاء على الأندلس. وقد تضافرت عدة عوامل أدت إلى تثبيت حكم بنى نصر فيغرناطة مما ساعد في وجود قوة إسلامية كبيرة هناك وأيضًا معاونة بنو مرين في المغرب لبنى الأحمر في صراعهم ضد النصارى في المستنصر وكانت علاقته مع بنى مرين بالمغرب تتناوب بين الود والوحشة وكان الأسبان يستغلون فترات الجفاء ليغيروا على المواقع الإسلامية.
ـ (678هـ) هاجر النصارى مدينة الجزيرة الخضراء وكادوا إن يستولوا عليها. وشيد 
قصر الحمراء الفاخر الذي يعد آية في فن غرناطة محمد الرابع مستصرخًا ملك المغرب فأنجده وأرسل معه ابنه على رأس نجدة فأنقذ جبل الفتح وقتل السلطان محمد بين أحد أعدائه عند جبل الفتح في أواخر العام المذكور.
ـ في عام (892هـ) تولى الحكم أبو عبد الله محمد بن نصر أخر ملوك المسلمين في 
الأندلس إلى خيانة هذا الحاكم الذي باع كل المثل من أجل أطماع شخصية فحارب أباه من أجل الملك أنه أحس أن الأب يؤثر أخاه محمد بن سعد المعروف بالزغل عليه، وبينما اتحد النصارى الأسبان حدثت الخلافات والانشقاقات بين الأخوين ولما تولى محمد بن سعد الحكم قام أخاه أبو عبد الله بالتعاون مع الحاكم الصليبي فردينانز لإسقاطه حتى تم النصر للنصارى الأسبان على أخيه توجهوا إليه وسلبوا منه ملكه الذي ضيعه بخيانته وسقطت الأندلس بعد السقوط..
[/rtl]



عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الجمعة 16 أكتوبر 2015, 7:14 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالأربعاء 14 أكتوبر 2015, 7:40 am

[rtl]
دول ملوك الطوائف[/rtl]


الفردوس المفقــود 2524

 

[rtl]بدأ عصر ملوك الطوائف بالدولة الأموية بالأندلس ليتجه كل واحد منهم إلى بناء دويلة صغيرة على أملاكه ومقاطعاته، ويؤسس أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الأسر الحاكمة أكثر من عشرين أسرة أهمها:[/rtl]


[rtl]1.   دولة بن عباد بقرطبة 422هـ - 449هـ .[/rtl]


[rtl]2.   بنى حمود بغرناطة 403هـ - 483هـ .[/rtl]


[rtl]3.   بنى هود بطليطلة 400هـ - 478هـ .[/rtl]


[rtl]4.   بنو الأفطس في بطليوس 413هـ - 487هـ .[/rtl]


[rtl]
وهناك إمارات أخرى صغيرة استولى عليها بنو عباد. ولعل من أهم مظاهر عصر ملوك الطوائف أنه عصر الاضطراب والفوضى والفتن، وكانت فرصة سانحة لكي يقوى شأن النصارى الأسبان، وخاصة عندما كان يستعين بهم ملوك الطوائف في صراعاتهم مع بعضهم البعض، وكان ألفونس أمير النصارى يفرض إتاوات على بعض الإمارات آلتي تطلب مساعداته، وأكثر أمراء هذه الدول لا يستحقون الذكر لأنه لم تكن لهم أي أعمال جليلة قاموا بها، ما عدا دولة بنى عباد التي أسسها القاضي محمد بن عباد ب
الأندلس في مواجهة تنامي قوة النصارى الأسبان، ولما رأى ملوك الطوائف يستعينون بالنصارى ضد بعضهم البعض قال لهم كلمته المشهورة: \"لأن أرعى الجمال في صحراء العرب خير من أن أرعى الخنازير في قشتالة\"، ولدلك نشير إلى دولة بنى عباد وملوكهم.
[/rtl]

 









[rtl]المسلمون بالأندلس[/rtl]


[rtl]الفردوس المفقــود 2492[/rtl]


[rtl]هل رأيتم هذه القصور الجميلة.. والحدائق البديعة.. والمساجد الشامخة عبر الزمن.. هل رأيتم الزهراء..وقرطبة.. هل رأيتم إشبيلية وغرناطة.. هل رأيتم... ورأيتم.. إنها بلاد الأندلس.. الفردوس الذي فقدناه منذ خمسة قرون.. وفى رحلة إلى الوراء في صحبة صقر قريش، وعبد الرحمن الناصر، وفى صحبة العمالقة من أهل هذه البلاد.. أدعوكم لسياحة جميلة في تاريخ وحضارة المسلمين في الأندلس عبر ثمانية قرون من الزمان.. منذ أن فتحها طارق بن زياد وموسى بن نصير سنة (92هـ) وحتى سقوط مملكة غرناطة آخر دول الإسلام بالأندلس سنة 897هـ، وقد تعاقب على حكم الأندلس خلال هذه الفترة ستة عصور تاريخية وهى:[/rtl]


[rtl]1.   عصر الولاة من سنة 95هـ إلى سنة 138هـ.[/rtl]


[rtl]2.   الدولة الأموية بالأندلس من سنة 138هـ إلى سنة 422هـ.[/rtl]


[rtl]3.   عصر ملوك الطوائف من سنة 422هـ إلى سنة 484هـ.[/rtl]


[rtl]4.   المرابطون بالأندلس من سنة 484هـ إلى سنة 540هـ.[/rtl]


[rtl]5.   الموحدون بالأندلس من سنة 541هـ إلى سنة 633هـ.[/rtl]


[rtl]6.   دولة بنى الأحمر في غرناطة من سنة 636هـ إلى سنة 897هـ.[/rtl]

 

[rtl]ورغم ما كان يفصل بين هذه الدول والعصور من فواصل زمنية ومكانية إلا أنها كانت ترتبط جميعًا بحضارة واحدة ذات قيم خالدة وهى الحضارة الإسلامية التي كانت بحق إنسانية عالمية، قامت على الوحدانية في العقيدة، والاستقامة في الأخلاق، وأثبت التاريخ الأندلسي أنها حققت المساواة العنصرية والتسامح الديني بين عناصر المجتمع هذا غير ما كان يميزها من وعى بالزمن ورفق بالحيوان. ونبدأ الحديث عن عصور الأندلسبعصر الولاة الذي برز فيه عبد الرحمن الغافقي الذي واصل الفتوح في أوربا حتى وصل بالقرب من باريس إلى أن أوقفه التحالف الصليبي، وهزمه في معركة بلاط الشهداء، ثم تأتى الدولة الأموية بالأندلس والتي تعد أزهى العصور جميعًا وأطولها، وقد أسسها عبد الرحمن الداخل المعروف (بصقر قريش)، وقد قام بأعمال عسكرية كثيرة حتى يوطد حكمه في قرطبة، ثم بدأ يسيطر على ما حولها من مدن الأندلس، وقد تعاقب على حكم الدولة بعده تسعة حكام، هم على الترتيب:[/rtl]


[rtl]1.   هشام الأول بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 172هـ إلى سنة 180هـ.[/rtl]


[rtl]2.   الحكم بن هشام حكم في الفترة من 180هـ إلى سنة 206هـ.[/rtl]


[rtl]3.   عبد الرحمن الأوسط بن هشام حكم في الفترة من 206هـ إلى سنة 238هـ.[/rtl]


[rtl]4.   محمد بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 238هـ إلى سنة 273هـ.[/rtl]


[rtl]5.   المنذر بن محمد حكم في الفترة من 273هـ إلى سنة 275هـ.[/rtl]


[rtl]6.   عبد الله بن محمد حكم في الفترة من 275هـ إلى سنة 300هـ.[/rtl]


[rtl]7.   عبد الرحمن الثالث الناصر بن محمد حكم في الفترة من 300هـ إلى سنة 350هـ.[/rtl]


[rtl]8.   الحكم بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 350هـ إلى سنة 366هـ.[/rtl]


[rtl]9.     هشام الثاني بن الحكم حكم في الفترة من 366هـ إلى سنة 399هـ.[/rtl]

 

[rtl]وفى عهد هشام الثاني استولى على الحكم المنصور بن أبى عامر إلى أن أسقطت الدولة الأموية عام 422هـ، وبدأ عصر ملوك الطوائف، وقد كان لعبد الرحمن الداخل {مؤسس الدولة} جهود حضارية متميزة، فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية، وشيد بها المباني الفخمة والحمامات والفنادق، ومن منشآت عبد الرحمن المهمة جامع قرطبة الذي لا يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال، ثم نأتي إلى فترة حكم عبد الرحمن الناصر الذي يعد عصره أزهى عصور الأندلس جميعًا، فقد حكم الأندلس خمسين عامًا أثبت خلالها أنه أكفأ الحكام، وأحرز نجاحًا تامًا في ميدان السياسة والحضارة، وكانت قرطبة في عهده تضاء بالمصابيح ليلاً لمسافة 16 كم2، وكانت مبلطة ومحاطة بالحدائق الغناء. وفى سنة 422هـ سقطت الدولة الأموية بالأندلس لتبدأ عصور الضعف بعصر دول ملوك الطوائف، فقد توزعت الأندلس على الأمراء فبنى كل منهم دويلة صغيرة، وأسس فيها أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الدويلات أكثر من عشرين دويلة كان يسودها الاضطراب والفوضى والفتن، وكانت هذه فرصة سانحة لكي يقوى شأن النصارى الإسبان، وكان الفونس أميرالنصارى يفرض إتاوات على بعض الإمارات التي تطلب مساعدته. وتفاقم الأمر بسقوط طليطلة في يد النصارى سنة 478هـ فأسرع المعتمد بن عباد أمير دولة بنى عباد يستنجد بدولة المرابطين في المغرب، واتفق مع يوسف بن تاشفين على مواجهة النصارى، وبالفعل استطاع المسلمون تحقيق نصر عسكري كبير على النصارى في موقعة الزلاقة، وما لبث المرابطون حتى استولوا على حكم الأندلس، وهى دولة مجاهدة استطاعت إنقاذ الأندلس من السقوط فترة ليست بالقليلة من الزمن حتى ضعفت وتهاوت لترثها دولة الموحدين الذين واصلوا حماية الأندلس بانتصارهم على النصارى في موقعة الأرك، واستمرت الأعمال العسكرية بينهما حتى أخذ الموحدون ضربة قاسية بهزيمتهم في معركة العقاب، وكانت هذه الهزيمة من أسباب تحطيم الوجود الإسلامي في الأندلس كلها فقد سقطت دولة الموحدين وسقطت إشبيلية، وتهاوت كثير من المدن الأندلسية أمام زحف النصارى، فقد سقطت سرقسطة سنة 512هـ، وبعدها مرسية سنة 633هـ وتبعتها المرية، ومالقة، وبلنسية، وأشبونة وأصبح حكم المسلمين محصورًا في غرناطة التي أسس عليها بنو الأحمر أو بنو نصر دولةحكمت قرابة قرنين ونصف من الزمان حتى تهاوت هي الأخرى وبسقوطها تم سقوط الأندلس سنة 897هـ. والآن يسر موقع يا بيروت أن أصحبكم في جولة سريعة لنطالع روائع الحضارة الإسلامية في الأندلس عبر العلوم والفنون والآثار وأبرز ما نشاهد بالأندلس هذه الإنجازات المبهرة في العمارة فلا يزال العالم يشاهد وبإعجاب قصور المعتمد بن عباد فى إشبيلية، وقصر الحمراء في غرناطة الذي كتب عنه الشاعر الفرنسي الشهير فيكتور هيغو قصيدة طويلة مطلعها:[/rtl]


[rtl]"أيتها الحمراء.. أيتها الحمراء..[/rtl]


[rtl]أيها القصر الذي زينتك الملائكة كما شاء الخيال وجعلتك آيه الانسجام..[/rtl]


[rtl]أيتها القلعة ذات الشرف المزخرفة بنقوش كالزهور والأغصان المائلة إلى الانهدام..[/rtl]


[rtl]حينما تنعكس أشعة القمر الفضية على جدارك من خلال قناطرك العربية يسمع لك في الليل صوت يسحر الألباب".[/rtl]



[rtl]ومن القصور إلى المساجد فنشاهد روائع فن العمارة في: مسجد قرطبة الجامع، وجامع الموحدين بإشبيلية، والمسجد الجامع بالمرية، وقد اهتم حكام الأندلس بالعمارة الحربية فبنوا الأسوار والقلاع والقناطر، ولعل أبرز مثال نشاهده في ذلك أسوار قرطبة، و قناطر طليطلة. وكان الطراز الأموي بالأندلس هو أبرز سمات الفن الأندلسي، ومن خلاله برع الأندلسيون في فنون النحت على الخشب، وزخرفة الخزف والنسيج إلى جانبالتحف المعدنية الرائعة. وافتحوا معنا عقولكم، وركزوا أسماعكم معنا ونحن نتحدث عن أروع صفحات الحضارة الإسلامية في الأندلس في مجال العلوم. فقد بدأت الحركة العلمية في الأندلس منذ استقرار المسلمين على أرضها، وكانت أهم ملامح هذه الحركة تشجيع الحكام والأمراء على التعليم، وبناء المدارس والمكتبات، وكان بعض الحكام يدفعون الأموال الطائلة لشراء الكتب، وتشجيع الحركة العلمية التي قامت على أسس إسلامية ومنهج تجريبي في العلوم، فشهدت الأندلس نهضة شاملة في العلوم النظرية والعملية في الوقت الذي كانت فيه أوربا تتخبط في ظلام الجهل والتخلف إلى أن بدأ انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوروبا شيئًا فشيئًا من خلال الترجمة. ونبدأ بالعلوم النظرية فقد برع في علوم القرآن وعلم الحديث الشريف عدد كبير من العلماء، ولعل أشهرهم الإمام القرطبي صاحب كتاب {الجامع لأحكام القرآن}، وفى الفقه شهدت الأندلس انتشارًا كبيرًا لمذهب الإمام مالك بن أنس ثم تبعه المذهب الشافعي، ولعل أجمل ما يدرس في العلوم النظرية الأدب الأندلسي الذي ازدهر مع تطور البحث في علوم اللغة العربية، ولا ننسى الفلسفة وعلم الكلام، فقد برز فيها الفيلسوف الشهير ابن رشد، وأما في التاريخ والجغرافيا فقد برع كثير من العلماء ومنهم: ابن الفرضي، ومحمد بن الحارث الخشني، وأما في العلوم العملية فقد كان من أوائل من اشتغل بالرياضيات والكيمياء في الأندلس أبو القاسم المجريطي، كما برع عباس بن فرناس في علم الهندسة، وهو أيضًا صاحب أول محاولة للطيران، ونبغ في علم الفلك أبو عبيدة القرطبي، ولا ننسى أن نشير إلى أشهر أطباء الأندلس أبو القاسم الزهراوي الذي برع في الطب والصيدلة، وبرع فيهما أيضًا الطبيب العلامة ابن البيطار الذي اشتهر بدراسةالنبات وساهم في تقدم الزراعة بالأندلس، ومن الجدير بالذكر أن هذه النهضة العلمية واكبتها نهضة إدارية من خلال عدد من المؤسسات والنظم الرائدة في الحكم ومنها الإمارة والوزارة، وقد تطورت أنظمة القضاء والشرطة والحسبة. وقد عمل حكام الأندلس على تنظيم جيش قوى وأسطول بحري يساعده تقدم ملموس في الصناعات المختلفة، وقد وقف خلف كل هذه الإنجازات المئات من أعلام المسلمين بالأندلس والذين لا يتسع المجال لذكرهم. فترككم لتتصفحوا سيرتهم لنأخذ منها الدرس والقدوة الصالحة والذكرى العطرة.[/rtl]



عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الجمعة 16 أكتوبر 2015, 7:15 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالأربعاء 14 أكتوبر 2015, 7:40 am

عجائب الحضارة العربية في الأندلس

مع انبثاق الشعاع المحمدي على الأندلس انطلقت الخيل العربية الأصيلة من هضاب مكة، وأودية المدينة في أمواج متدفقة تحمل إلى الدنيا قوة جديدة،فوّارة بالبأس رحيمة بالهدى والإيمان.....
وغمرت تلك الأمواج سهول آسيا وطوت بوادي أفريقيا فلم يصدها عن الطواف بالكوكب الأرضي إلا أمواج المحيطات في الشمال..
ووقف عقبة بن نافع القائد العربي في أقصى بقعة من الشمال الأفريقي المواجه لأوروبا يرقب الأفق ويفكر في شئ غير مرئي ،ثم دفع بجواده إلى الماء هاتفا...

( اللهم رب محمد لو أعلم أن وراء هذا الماء أرضا تغزى في سبيلك لغزوتها )..وانطلقت سابحات الماء العربية تجوب البحار وتقرع أبواب أوروبا ويتم لها التطواف حول الأرض حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله...وكانت الوثبة الأولى على الجزيرة الخضراء مفتاح أوروبا ورأسها المفكر،وبسيادة العرب على الأندلس، أضاء الاسلام قارات الدنيا الثلاث المعروفة في ذلك الحين فتمت لها السيادة العالمية..

وفي الأندلس دخلت الحضارة المحمدية أفقا جديدا والتقت وامتزجت بثقافات وعادات وأمم جديدة..والى الأندلس وهي أقصى مد للموجة الحربية المنتصرة، قفز الأبطال والرجال أولو البأس والعزم الوثاب
واليها هرع الاحرار والعلماء ورجال الفكر ، وبذلك ظفرت الأرض الجديدة بالصفوة المختارة فتهيأت لتكون مهدا وساحة للعصر الذهبي في الاسلام...وأعدت لمشاهدة أعظم حضارات العالم القديم...يقول كاتب اسبانيا الأكبر( بلاسكو ابانيز) في كتابه (ظلال الكنيسة) متحدثا عن العصر الاسلامي في اسبانيا.

وأخذ فرسان محمد صل الله عليه وسلم يتدفقون من جانب المضيق لتستقر معهم تلك الثقافة الغنية موطدة الأركان نابضة بالحياة، بعيدة الشوط، ولدت منتصرة وبث فيها النبي محمد حمية مقدسة، ويقول المستشرق دوزي في كتابه (تاريخ المسلمين بأسبانيا): لقد كان كل فرد في الأندلس يعرف القراءة والكتابة بينما كان نبلاء أوروبا لايعرفون حتى التوقيع باسمائهم...

وكانت جامعة قرطبة منارة للعلم لاتزاحمها منارة تماثلها في العالم تدرس فيها العلوم الطبية والرياضية والفلكية والكيميائية...دراسة ورثتها اوروبا فأضاءت لها الطريق الى هذا الملك العريض....
فأية حضارة تسامق تلك الحضارة الأندلسية؟!

وأية أيام تضارع أيام الحكم الثاني، أحد ملوكها الذي أسس في قرطبة وحدها سبعا وعشرين مدرسة للتعليم المجاني..كما أنشأ في قصر مروان مكتبة ضمت أكثر من ستمائة الف مجلد..وجعلها بين الحدائق والرياض للعلماء والأدباء والشعراء.كما أصدر أمرا ملكيا هو عجبا من أعاجيب التقدم الإنساني حيث خصص لكل أعمى مرشد يقوده ولكل مريض طبيب يعالجه ولكل أمّي هاد يرشده ويثقفه...
ذلك هو الأفق الأندلسي الذي حلق فيه المسلمون بأجنحتهم الجبّارة فنظرت اليهم الأمم بعين الخشوع والرهبة..ثم هرعت اليهم لتنهل من العلم وتقتات من الإيمان...وتتزود بالهدى....

كانت الأندلس هي المنارة التي ترسل شعاعها كالشمس تنير جنبات الأرض وتضيف إلى أمجاد الإنسان فنونا من العلوم وألوانا من الآداب وفيوضا من الكشوف العلمية والفكرية والدينية...






الحياة الثقافية في الأندلس



اسهم بيت الحكمة البغدادي في رفد الحركة الثقافية في الاندلس ودعمها وتشجيعها وتزويدها بالعلماء والعلوم والمؤلفات وحثها على الترجمة والتأليف، بفضل الروابط والاتصالات الثقافية بين الحاضرتين بغداد وقرطبة، اذ تتلمذ عدد كبير من طلبة الاندلس في مدارس بغداد والكوفة وواسط والبصرة وغيرها من المدن العراقية . ويعود الفضل الكبير في نقل الحضارة العراقية الى الاندلس للامير عبد الرحمن الثاني (الاوسط) وحكم الاعوام 206-238 هـ وعاصر انشاء بيت الحكمة في عهد الخليفة العباسي المامون 198 – 218 هـ ، ويؤكد المستشرق الفرنسي ليفي بروفنسال بان الامير هو الذي اعطى مملكة قرطبة النظام العباسي . فاهتم الامير بارسال وزيره القاضي عباس بن ناصح الجزيري الى العراق للحصول على الكتب القديمة ، فاتاه للاندلس بكتاب ( السندهند ) وهو اقدم الكتب التي ترجمت الى العربية في الحساب والاعداد الهندسية .

كما ان النظام القرطبي يقتفي اثر النظام العباسي في الثقافة ، وتكوين بلاط الامير كان يدل على تقليده لخلفاء بغداد .

ويؤكد المؤرخ الاندلسي احمد الرازي أن أهل الاندلس كانوا يستقبلون باعجاب او في الاقل باحترام كل مكان ياتي من بغداد ، ونتيجة الحوادث السياسية في بغداد دخلت الى الاندلس الكتب الفريدة والجواهر الثمينة كعقد الثعبان للاميرة زبيدة والاقمشة الغالية ، وقد خاطر كبار التجار لايصال النفائس والنوادر الى قرطبة لثرائها ، وولع امراؤها بالمجوهرات والمصنفات ، ويؤكد لنا ذلك حضور الفنان العراقي زرياب من بلاط الخليفة هارون الرشيد الى بلاط قرطبة في عصر الامير عبد الرحمن الثاني ونقل معه معالم حضارة عراقية في الفن و الادب وتقاليد اجتماعية واذواق حضارية اسهمت في نقلة حضارية سريعة في الاندلس .

اصبح المسجد الجامع في قرطبة الذي يحتوي في اروقته من الفن المعماري العراقي يزين جدرانه وسقوفه الخط الكوفي، اكبر اكاديمية في العالم تنافس بيت الحكمة البغدادي، و تخرجت فيه كوادر علمية خدمت الثقافة العربية الاسلامية .

يروي ابن حزم القرطبي في حكاية عابرة ان علماء قرطبة واصلوا جهود علماء ( بيت الحكمة ) ، وقد تشوق ابن حزم لزيارة بغداد فوصفها في قوله ( بغداد حاضرة الدنيا و معدن كل فضيلة و المحلة التي سبق اهلها الى حمل الوّية المعارف والتدقيق في تصريف العلوم..) ، اكد المستشرق الاسباني اميليو كاريثه كومث في مقالته عن بغداد بالاسبانية ما كان للحضارة البغدادية من نفوذ طاغ على مدن اسبانيا التي لم تكن الا صورا للمدينة المشرقية .

كما اظهر المستشرق الاسباني اسين بلاثيوس تاثر الفكر الفلسفي الاندلسي بالثقافة العراقية و غيرها .

وكان لوصول ابي علي البغدادي القالي ومؤلفاته العديدة الى الاندلس في عصر الخلافة ، و قدوم الاديب صاعد البغدادي صاحب كتاب ( الفصوص ) دليل على اسهامات بيت الحكمة في النهضة في بلاد الاندلس .

ظهرت تطورات حضارية في عهد الخليفة الحكم المستنصر بالله بفضل حرصه واهتمامه بالحركة الثقافية ،إذ حصل على كتاب ( الاغاني ) لابي الفرج الاصبهاني بمبلغ الف دينار قبل ظهوره من اسواق بغداد ، كما بنى مكتبة خاصة بالقصر كانت تحتوي على 400 الف مجلد للفهارس وتحتوي على امهات المصادر في مختلف العلوم ، وظهرت طبقة من الاطباء المرموقين امثال الزهراوي اكبر جراح في العالم آنذاك، وتتلمذ عدد من الاطباء في بغداد منهم ابناء يونس بن احمد الحراني ، وهما احمد واخوه عمر ، وعملا مذخرا لصناعة الادوية في قرطبة على غرار ما شاهدوه في بغداد و البصرة ، وذلك في مدينة الزهراء .

اعجب الرحالة ابن حوقل البغدادي وكتابه ( صورة الارض ) بما شاهده من حضارة متطورة في قرطبة التي يسميها بغداد الثانية، كما زار الرحالة الاندلسي ابن جبير البلنسي (ت 614 هـ ) بغداد و اعجب بمعالمها الحضارية ، وزار بغداد ايضا عدد كبير من العلماء والادباء و الفقهاء منهم الحميدي الميورقي، وابو الوليد الباجي ، وابو علي الصدفي ، والطرطوشي ( ابي رندقة ) ، وابن سعيد المغربي ، وابو بكر بن العربي الاشبيلي وغيرهم .

وظهرت من الاندلس عوائل علمية كما هو الحال في بغداد ، واختصت بالعلوم والاداب منهم:


بنو عاصم الثقفي ، وبنو شريف الحسني واصلهم من سبتة واستقروا في غرناطة ، وبنو مخلد في قرطبة ، وبنو عاصم في غرناطة ، وبنو سماك في مالقة وغرناطة ، وبنو عطية في غرناطة ، والتقى علماء الاندلس وفهاؤها وادباؤها باساتذة و معلمي

( بيت الحكمة ) وطلبته واخذوا عنهم و تتلمذوا عليهم وعادوا الى الاندلس و هم يحملون الثقافة البغدادية و المؤلفات و التقاليد .

وتاثر حاكم قشتالة وليون الملك الاسباني الفونسو العاشرAlfonso العالم بالثقافة المشرقية و اسس مدرسة للترجمة في طليطلة بعد سقوطها عام 478هـ على يد ملك قشتالة الفونسو السادس، وذلك على غرار اسلوب ( بيت الحكمة ) برنامجها اذ اصبحت طليطلة تنافس بغداد في حركة الترجمة، واستمرت زهاء قرن كامل، كما ظهرت طبقة من المترجمين وترجمت مؤلفات العرب في الطب والفلك والنجوم والرياضيات والفلسفة ومن المترجمين الاسقف ريموند، ويوحنا الاشبيلي، والشماس ماركوس الذي ترجم معاني القرآن الكريم، وهرمانوس المانوسي وترجم شروح ابن رشد على ارسطو، كما زار طليطلة مترجمون كثيرون منهم برونيتولابين اوفده ملك روما، وجيرار الكريموني الايطالي الذي ترجم رسالة الصبيان للرانزي، كما ترجمت رسائل اخوان الصفا في الجغرافية والفلسفة و كتاب ( التصريف ) للزهراوي . وترجم اكثر من 70 مؤلفا عربيا في الاندلس، كما وصل غروستست من اكسفورد بانكلترا .

شغف الملك الفونسو العاشر بالثقافة العربية وولع بالفن والادب والترجمة ودون موسوعة كبيرة تحتوي على لوحات مصورة من التراث العربي احتوت على 427 لوحة منها (51) لوحة عن المسلمين وتراثهم، يلاحظ على بعض اللوحات التاثر العراقي من رسوم للفنان الواسطي ولوحات من مقامات الحريري ومعالم الحياة المشرقية ومجالسها الادبية، ويبدو ان الرسامين كانوا من المشرق والاندلس .

ومن المترجمين من العربية الى اللاتينية ناثان المئوي وسليمان بن يوسف وجيوفاني دي كابوا ، وترجم اصطفيان ( الاقربازين ) لابن الجزار، كما ترجم ارمنجو ارجوزة ابن سينا وشروحها لابن رشد القرطبي وترجم ادلر الباثي الانكليزي فهارس المجريطي في الفلك والرياضيات ، كما ترجم الراهب الاسباني سرفيتوس نظريات ابن النفيس في الدورة الدموية، وترجم ابن عزرا اليهودي من العربية الى العبرية مؤلفات البيروني . واشتغلت اسرة طبون في ترجمة العربية الى العبرية اعجابا بالتراث العربي الاسلامي واهتماما واستفادة منه لخدمة البشرية.


الفردوس المفقــود 136

الدور الاقتصادي للأندلس

حظيت الأندلس بشهرة اقتصادية كبيرة في ميادين الصناعة والتجارة والزراعة:

فالصناعة ازدهرت في المدن المختلفة، وتكونت معها طوائف حرفية عرفت باسم الأصناف وأرباب الصناع. وصار لكل صنف أو حرفة رئيس أو شيخ منتخب من أصحابها عرف باسم الأمين أو العريف، وكان هذا الأمين مسؤولاً ومدافعاً عن طائفته وأهل حرفته أمام ممثل الحكومة في سوق المدينة وهو المحتسب. فكان يبلغه رأي طائفته حول تكاليف السلعة التي يصنعونها وتحديد ثمن بيعها، . كما يقوم بدور الخبير الفني في الخلافات التي تقع بين أهل حرفته وعملائهم حول سلعة من السلع، ورأيه كان مقبولاً لدى القاضي أو المحتسب. وقد انتقل لفظ الأمين إلى اللغة الأسبانية على شكلAL - ALamin كما استمرت مهمة الأمين موجودة في بعض المدن المغربية وإن كان وجود النقابات العمالية الحديثة قد قللت من قيمة منصبه وأدرجته ضمن أعمالها.

ولقد شبهت الأصناف أو الطوائف الصناعية الإسلامية بنظام نقابات الصناع أو اتحادات العمال التي كانت تسمى في أوروبا Gulids أوCorporations، ولكنها في الواقع كانت تختلف عنها لأنها لم تشارك في إدارة المصالح العامة في المدينة أو تقوم بدور غير دور التحكيم في المشكلات المهنية، في حياة المدينة الاقتصادية، أو تنتزع بعض الامتيازات البلدية تدريجياً ، أو تتخذ لنفسها حامياً أو راعياً دينياً من الأولياء والقديسين كما حدث في العالم المسيحي. ثم أن الأصناف أو النقابات الإسلامية لم تعرف الانقسام الذي ظهر في أوروبا الغربية بين أصحاب العمل والعمال، والذي انتهى إلى نشأة جماعات أصحاب العمل، وجماعات العمال.

وكيفما كان الأمر فإن موضوع التشابه والاختلاف بين الأصناف الإسلامية والنقابات الأوروبية، ما زال موضع نقاش بين ا لمؤرخين.

على أن موضع الأهمية هنا، هو أن هؤلاء الحرفيين والصناع بحكم كونهم من طبقة العامة في المدينة الإسلامية، قد لعبوا دوراً هاماً في حياتها العامة، إذ شاركوا في ثوراتها الشعبية، وفرقها الدينية، واحتفالاتها ومواكبها العامة في المواسم والأعياد، وذلك في وقت لم يكن يوجد فيه على نطاق شعبي ذلك الترويح أو التنفيس الرياضي أو الاجتماعي الموجود حالياً.

ولقد كفلت المدينة الإسلامية لعمالها حرية واسعة في ممارسة أعمالهم، ولم تتدخل إلا في بعض الصناعات المحدودة التي كان يتطلب ممارستها الحصول على إذن خاص، مثل إنشاء الحمامات، وصنع الأسلحة، وسك النقود، وتركيب الأدوية، والعمل في دور الطراز. وهذا راجع بطبيعة الحال إلى أسباب تتعلق بالمصلحة العامة أو أمن الدولة. أما موارد الدولة الاقتصادية فكانت تقوم على ضرائب مشروعة وغير مشروعة تمول بها بيت المال. ومن أمثلة الضرائب المشروعة : الأموال الخارجية التي تجبى من الأراضي الزراعية، وأموال الزكاة والجزية والمواريث الحشرية (أي مال من يموت بدون وريث)، والعشور أو الأعشار وهي المال الذي يجبى من تجار الفرنج الذين يفدون ببضاثعهم إلى الموانىء الأندلسية فيدفعون عشر قيمتها. وقد انتقلت هذه التسمية إلى اللغة الأسبانية على شكل Alixases. ثم ضريبة التعتيب وهي ضريبة جديدة فرضت في الأندلس في عهد المرابطين وكان الغرض منها ترميم الحصون والأسوار التي حول المدن الرئيسية ويقوم بسدادها أهل هذه المدن المنتفعة بها.

وأما الضرائب غير المشروعة والتي كانت تسمى بالمكوس أو المغارم ، فهي ضرائب إضافية نشأت عن حاجات وظروف معينة، اضطرت الدولة إلى فرضها. وكان بعضها يعطى التزاماً ، ويسمى الملتزم في الأندلس بالمستقبل بينما يسمى الالتزام قبالة، ومنه دخل في الأسبانية لفظ Alcabala.

ومن حصيلة هذا الدخل المالي في بيت المال كانت الدولة تقوم بأوجه النفقات المختلفة على الجيوش والشرطة والقصر الخلافي والموظفين والدواوين والمنشآت العامة كالمساجد والمستشفيات والسجون، والعناية بمياه الشرب وإزالة الأوساخ من المسالك والأنابيب . … الخ.

غير أن هذه الخدمات الحكومية لم تكن لها صفة الدوام في كثير من الأحيان، مما اضطر بعض المدن الكبيرة إلى الاعتماد على نفسها في سد حاجاتها. ومن هنا ظهر لها مورد مالي آخر لعب دوراً هاماً في اقتصادها، وهو نظام الحبوس الذي يسمى في المشرق بالوقف. وهو نظام إسلامي المراد به هو الأراضي والمؤسسات التي تكون ملكا لشخص حر التصرف في ماله، ثم يتنازل عن حقه في عائدها أو دخلها، ويجعله وقفاً محبساً وبصفة دائمة على المؤسسات الدينية والعلمية والصحية..، إلى غير ذلك من المنافع العامة التي تشبه حالياً خدمات البلديات.

ولقد ارتقت الصناعة في الأندلس بتوالي الأجيال واتصال العمران ووفرة المواد الخام النباتية والمعدنية التي اشتهرت بها أسبانيا. على أنها ظلت مع ذلك في مستوى الصانع اليدوي، كما هو سائد في تلك العصور، وبقيت السلع تصنع في البيوت أو المحال وا لحوانيت.

ولا يتسع المجال لحصر الصناعات التي أنتجتها الأندلس، فهي كثيرة ومتنوعة، ولذا نكتفي بذكر أهمها وهي:
(1) صناعة المنسوجات: كالحرير بأنواعه المختلفة مثل الخز ويصنع من الحرير والصوف أو الوبر، ومثل الإبريسم وهو حرير خالص، والديباج وهو نسيج حريري موشى بخيوط من الذهب أو الفضة. وكان هذا بفضل عناية أهلها بتربية دودة القز ووفرة أشجار التوت التي تتغذى القز على أوراقها. ويشير المؤرخ الأندلسي ، عريب بن سعد (ت 370 هـ) " إلى دور النساء في انتقاء الشرانق ورعاية بيض دودة القز من (شهر فبراير) إلى أن يفقس في (شهر مارس) من كل سنة.
ومن أهم مراكز تربية دودة القز: "غرناطة" و "مالقة" Jaenالتي كان يقال لها جيان الحرير لكثرة اعتنائها بدودة الحرير. وكانت مدينة" المرية"، في شرق الأندلس، من أهم مراكز صناعة المنسوجات الحريرية، ويقدر عدد الأنوال فيها بحوالي 5800 نول. كذلك اشتهرت "أشبيلية" بالحلل الموشاة النفيسة ذات الصور العجيبة والمنتجة برسم الخلفاء فمن دونهم. وبالمثل يقال بالنسبة للثياب الحريرية السرقسطية في شمال أسبانيا. وقد حظيت المنسوجات الأندلسية بشهرة كبيرة في الأوساط الأوروبية الراقية، ونجد ذلك واضحاً في سير الملوك والبابوات والقادة وغيرهم الذين حرصوا على اقتناء هذه الملابس الثمينة. وما زالت هناك قطع عديدة من المنسوجات الأندلسية تحتفظ بها المتاحف الدولية.

كذلك اشتهرت الأندلس بصناعة الأنسجة الصوفية، خصوصاً وان قسوة المناخ في أسبانيا تحتم اهتمامها بمثل هذه الملابس، ولهذا استخدموا فراء السمور ، وفراء القنلية Conejo (الأرنب الجبلي)، والمرعزي المصنوع من شاعر الماعز، إلى جانب الملابس الصوفية. وقد اشتهرت كل من "سرقسطة"، وقونقة Cuenca "وجنجالة"Chinchilla" بعمل ذلك.

أما صناعة السجاد والبسط والحصير، فأهم مراكزها تقع في شرق الأندلس مثل !موسية" و"بسطة Baza ". ولعل كلمة الفومبراALFOMBRA الأسبانية التي تعني سجادة أو بساط جاءت من الكلمة العربية الخمرة أي الحصيرة، أو لعلها من الحمرة، لأن اللون الأحمر كان يلعب دوراً رئيسياً في ألوانها على غرار البسط الفارسية والمصرية في المشرق.

(2) صناعة السكر: لعبت الأندلس دوراً كبيراً في زراعة قصب السكر وعصره وتصنيعه ثم تصديره إلى العالم الخارجي، ومن أهم مراكز إنتاجه وتصنيعه "غرناطة" و "مالقة" و "المنكب " ALMUNECAR" واستمر إنتاج السكر في الأندلس حتى سقوط الحكم الإسلامي بها سنة 493 ا م ، لدرجة أن الأسبان سمحوا لعدد كبير من المورسكيين (المسلمين المعاهدين) المشتغلين بزراعة السكر، بالبقاء في أسبانيا، ولكنهم رفضوا، وقد ترتب على رحيلهم تضاؤل كمية إنتاجه.

(3) ساهمت الأندلس بدور فعال في صناعة الورق الجيد (الكاغد) منذ وقت مبكر سبقت به أوروبا قروناً عديدة، واشتهرت بصناعته كل من "شـاطبةJATIBA " و "بلنسيةVALECIA " في شرق الأندلس. كذلك انتشرت الصناعات الجلدية ودبغها على ضفاف الأنهار، واختصت "قرطبة" بشهرة عالمية في هذه الصناعة، حتى نسبت إليها مصطلحات فرنسية بهذا المـعنى، فأطلقوا على صانعي الأحذية كلمة "Cordonniero " وعلى الجلد نفسه كلمةCordouan ". أما المصنوعات الزجاجية والخزفية فاشتهرت بها "مالقة" و "المرية" كما اشتهرت !قيجاطة QUESADA " بمصنوعاتها الخشبية. هذا إلى جانب المصنوعات العاجية التي تميزت بدقتها وجمال زخارفها على شكل أشخاص أو حيوانات كانت تطعم بها العلب الصغيرة والأدوات المنزلية. ويقال أن كلمة مارفيل " MARFIL" الأسبانية أي العاج مشتقة من الأصل العربي "ناب فيل ".

التجارة: وما يقال عن شهرة الأندلس في الصناعة يقال أيضاً عن مجال التجارة، ولا سيما أن الأندلس تميزت بسواحلها الطويلة وموانيها العامرة، التي تطل على مياه البحر المتوسط والمحيط الأطلسي شرقاً وغرباً وجنوباً. ولهذا أطلقوا عليها اسم جزيرة الأندلس، لأن العرب لم يستخدموا مصطلح شبه الجزيرة في كتاباتهم.

وتعتبر منطقة شرق الأندلس LEVANTE المطلة على البحر المتوسط، أكثر الأقاليم الأسبانية تعرباً، لأن الإسلام أثر فيها تأثيراً عميقاً ، بدليل أن معظم أسماء الأماكن فيها عربية الأصل، ويرجع ذلك إلى نشاط اليمنيين القضاعيين، الذين أسند إليهم الأمويون حراسة هذه المنطقة وعمارتها، بما لديهم من خبرة ملاحية قديمة في المشرق، ولذا سميت بأرض اليمن أي عطيتهم واقطاعهم. وتعتبر مدينة "المرية" هي القاعدة التجارية الرئيسية لهـذا الإقليم، وامتلك تجارها ثروات ضخمة حتى يروى على سبيل المثال أن تاجراً استضاف الحاجب، المنصور بن أبي عامر" وجيشه الذي يقدر بالآلاف مدة أربعة عشر يوماً.

ولقد أفاض الجغرافيون والرحالة في ذكر أهم المنتجات الأندلسية التي كانت تصدر إلى الخارج مثل الملابس المطرزة، والأصواف والأصباغ والحرير واللبود الفاخرة، والورق السميك، والتين الفاخر الجاف، والخزف المذهب، والزعفران، وعصير الكروم، الحلال منه والحرام.

أما الزراعة فتتمثل في المزارع والحدائق والبساتين التي اشتهرت بها الأندلس، والتي كانت تربطها شبكة من القنوات المائية التي ما زالت محتفظة بأسمائها العربية في اللغة الأسبانية، مثل الساقيةACEQUIA بمعنى الجدول الصغير، والناعورةNORIA، والبقاع VEGA ومنها انتقلت إلى أمريكا 5LAS VEGAS كما أطلقوا على القصور الملكية الخلوية ذات الحدائق والرياض اسم المنيات جمع منيةHUERTA، وقد انتشرت هذه المنيات حول "قرطبة" وعلى ضفاف الوادي الكبير، وأشهرها منية الرصافة التي بناها "عبد الرحمن الداخل " وشمال قرطبة" ومنية الزهراء والتي بناها الخليفة" عبد الرحمن الناصر في شمال غرب "قرطبة"، ومنية الزاهرة التي بناها الحاجب "المنصور بن أبي عامر" في شمال شرق وقرطبة". وفي مدينة "بلنسية" بنى الأمير "عبد الله بن عبد الرحمن الداخل)، منية من هذا النوع، أطلق عليها اسم الرصافة ، محاكياً بذلك قصر والده. وقد اشتهرت ضواحي "بلنسية" بأزهارها وورودها، وأشجار البرتقال التي تعطر جوها بأريجها ذكي الرائحة، ولذا عرفت، بلنسية" باسم "مطيب الأندلس " أي معطرها.

ومن الطريف أن مدينة " بلنسية" ما زالت تحتفظ إلى اليوم ببعض مظاهر ما تبقى من نظم المسلمين المتعلقة بسقاية هذه البساتين، ألا وهي محكمة المياه TRIBUNAL DELASAGUAS، التي تعقد عند باب الكاتدرائية في الساعة العاشرة ظهراً من كل يوم خميس. وتتألف هيئة المحكمة من خبراء بشئون الري يمثلون نواحي كورة "بلنسية" ويرأسها مندوب من الحكومة. فإذا دقت الساعة الثانية عشرة، قام الحاجب ليعلن افتتاح الجلسة وينادي أصحاب الظلامات. وبعد المناقشة والمداولة يصدر الرئيس الحكم وهو حكم ملزم لا يقبل المناقشة أو الاستئناف . وهذا ما كان يحدث قديماً أيام المسلمين عند باب المسجد الجامع في لنفس موضع الكاتدرائية. ولا يفوتنا أن نشير إلى جنة العريفEL GENERALIFE وهو اسم الحديقة الجميلة التابعة لقصر الحمراء في لغرناطة "LA ALHAMBRA"، ذلك القصر الذي صار نموذجاً يحتذى به في بناء القصور الملكية وغيرها في أنحاء العالم.

وقد حافظ الأسبان على القصر وحدائقه الغناء التي لا نسمع فيها إلا خرير المياه في كل مكان. وقد عبر عن ذلك الشاعر الأسباني جاريثا لوركا بقوله، غرناطة التي تبكيGRANADAQUE ELORAE كناية عن كثرة مياهها.

كذلك اشتهرت الأندلس بزراعة أنواع مختلفة من الخضراوات والفواكه لدرجة أن كثيراً من أسمائها دخلت في اللغة الأسبانية مثل: الباذ نجان BERENJENAS الخرشوف ،ALCARCHOFA 1لسلق ACELGA 1 لزيتون ACEITUNA الزعفرانAZAFRAN، 1لأرز ARROZ السكر AZUCAR النارنج (البرتقال) NARANJA البطيخ السندي SANDIA.. الخ.

بقي أن ننوه بالجهود المثمرة التي بذلها علماء الأندلس في تقدم العلوم الزراعية، فقد صنفوا فيها كتباً علمية وأجروا عليها تجارب تطبيقية أفادت العالم: فمنهم من اعتبر أسماء النباتات والأشجار جزءا من اللغة العربية فدونوها في معاجمهم، كما فعل العالم الأندلسي الضرير "أبو الحسن بن سيده " (ت 458 هـ) في كتابه المخصص. ومنهم من اهتم بالنباتات الطبية التي يستخرج منها الأدوية والعقاقير لفوائدها الصحية، مثل "ضياء الدين بن البيطار المالقي " (ت 646 هـ) صاحب كتاب (الجامع لمفردات الأغذية والأدوية"، ومنهم من كتب عن النبات من حيث زرعه ونموه وتسميده وحصاده أي ما يسمى بالفلاحة، ومن أشهرهم العالم الاشبيلي "أبو زكريا يحيى بن العوام " في كتابه (الفلاحة في الأرضين ".

مما تقدم نرى أن الأندلس قد تميزت بنزعتها الجمالية نحو حب الورود والأزهار والأشجار، نلمسها في أحواش. بيوتها PATIOS المزينة بالنافورات والأزهار، وفي صحون مساجدها المليئة بأشجار اللبمون والبرتقال، وفي قصائد شعرائها في وصف جمال الطبيعة، وفي مؤلفات علمائها عن الفلاحة والأعشاب الطبية، بل وحتى في أصول أحكامها التشريعية والفقهية التي تتمشى مع ميولها الطبيعية ونزعتها الجمالية

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 8:13 am

الدور العلمي للأندلس

حديثه طويل ومتشعب ومادته غزيرة نجدها فيما تبقى لدينا من تراث أندلسي، ولا سيما كتب التراجم والفهارس والرسائل التي تناولت موضع فضائل أهل الأندلس، مثل رسالة "أبي محمد بن حزم " (ت 456 هـ) إلى "الحسن بن الربيب القيرواني "، ورسالة " أبي الوليد الشقندي"(ت 639هـ) إلى "يحيى بن المعلم الطنجي " ورسالة "لسان الدين بن الخطيب " (ت 776 هـ) في مفاخرات " مالقة "وسلا "،  ورسائل علي بن سعيد المغربي " (ت 685 هـ) التي أوردها "أحمد المقري " (ت 1041 هـ) في موسوعته نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب.
ولقد أنجبت الأندلس عدد أ كبيراً من العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والمؤرخين والأطباء وغيرهم، ممن أثروا الحركة الفكرية بمؤلفاتهم، ووصلوا إلى العقل الأوروبي وأثروا فيه.
وما أسرده هنا من أسماء إن هو إلا قليل من كثير وحصاة من ثبير كما يقولون :
فهناك الفقيه " أبو محمد على بن حزم القرطبي " (ت 456 هـ/1063 م) الذي تظهر أصالته واعتزازه بنفسه ووطنه في كتاباته التي سبقت عصرنا. نذكر منها كتاب تطوق الحمامة في الألفة والآلاف " الذي يتناول فيه صفة الحب ومعانيه وأسابه وأعراضه. فنجده يعرض عن ذكر  ما كتبه الأقدمون من أشعار الغزل وبكاء الأطلال والدمن ويسلك طريقاً مستقلاً يبين نضجه وأصالته.
وقد اهتم الأوروبيون بهذا الكتاب واعتبروه أول دراسة نفسية تحليلية لعاطفة الحب والمحبين، وترجموه إلى لغات عديدة. أما كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل "، فهو عبارة عن دراسة نقدية للأديان والمذاهب والفرق الدينية المختلفة، ومقارنة بعضها بالبعض الآخر ويلاحظ أن هذا النوع من الدراسة، وهو التاريخ المقارن للأديان، لم يوجد في أوروبا إلا في القرن الماضي، وهذا يرينا أصالة هذا الكتاب واسهامه في الحضارة الإنسانية.
وما يقال عن "ابن بحزم " يقال أيضاً عن معاصره وصديقه "أبي مروان بن حيان القرطبي " (ت 469 هـ077 1 م) الذي يعتبر أعظم مؤرخ أنجبته أسبانيا الإسلامية والمسيحية في العصر الوسيط. فلقد ثبت من الأخبار التي أوردها في كتابيه "المقتبس " والمتين "، أنه ، على دراية واسعة ومعرفة دقيقة بكل ما يتعلق بتاريخ الأندلس وتاريخ الممالك الأسبانية المسيحية، بل وأيضا بعض جوانب من التاريخ الفرنسي فيما وراء جبال البرتات.
والواقع أن كتابات " ابن حيان " بالنسبة للباحثين الحديثين هي بمثابة خزانة علمية لهذا التراث الأسباني العربي بمختلف صوره وأشكاله، ولا يمكن لأي باحث أن يستغني عن قراءتها والرجوع إليها.
ومن أبناء" قرطبة "أيضاً الجراح الشهر"أبو القاسم خلف الزهراوي ،(ت 403 هـ/1013م) الذي ينسب إلى منية الزهراء في ضواحي غرب "قرطبة" وقد اشتهر في أوروبا بأسم (ABULCASIS ) " ويعتبر كتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف "، موسوعة طبية مزودة برسوم الآلات الجراحية. ويعتبر "الزهراوي " بهذا العمل أول من جعل الجراحة علماً مستقلاً بذاته، وقائماً على أساس من العلم بالتشريح. وقد ترجم هذا الكتاب من قديم إلى اللاتينية والعبرية، كما نشر في " حيدر أباد" بالهند. كذلك أنجبت "اشبيلية" أسرة " بني زهر" التي كانت لها شهرة وزعامة ومؤلفات في عالم الطب على عهد المرابطين والموحدين، حتى صار اسم "ابن زهر" علماً معروفاً في الأوساط العلمية الأوروبية باسم AVENZOA  .
.
 أما في ميدان الفلسفة فحسبنا أن نذكر "أبا الوليد محمد بن رشد القرطبي"(ت 595 هـ/ 1198 م) الذي اشتهر بشروحه لكتب أرسطو وصارت فلسفته تدرس في جامعات أوروبا مثل جامعة " باريس "، وجامعة " بادوا " PADOVA " في إيطاليا. وقد بلغ من حب الأوروبيين لشروحه أن تخيلوا أرسطو بعمامة كما يقولون، وذلك لأن كتاباته امتازت بالعمق في التحليل والقوة في الشرح والأمانة في الترجمة. وقد أطلقوا عليه اسم المعلم الأكبر ويسمونه  AVERROES وقد وضعه الشاعر الإيطالي دانتي في ملحمته الشعرية"الكوميديا الإلهية" في منطقة اللمبو  LIMBOبين الفردوس والجحيم أي ما يقابل الأعراف في الإسلام، ووضع معه "ابن سينا" و "صلاح الدين " من المشرق، لأنهم من فضلاء الناس وتقديراً لأعمالهم. ولقد ترجم "ميخائيل سكوت " أعمال "ابن رشد" إلى اللاتينية في مدرسة "، طليطلة سنة 1330 م " فكان أول من أدخل فلسفة " ابن رشد" إلى أوروبا.
وفى مجال الشعر الشعبي نذكر الشاعر الضرير "مقدم بن معافى القبري "(ت 399 هـ/912 م) نسبة إلى بلدة "قبرة" من أعمال "قرطبة". وهـو الذي ابتكر فن الموشحات الذي يعتبر ثورة في الشعر العربي وحركة من حركات التجديد التي حررته من قواعد العروض. وبالمثل يقال بالنسبة للشاعر "أبي بكر محمد بن قزمان القرطبي " (ت 507 هـ/1114 م) الذي ابتكر فن الأزجال، وصار يتغنى به في الأسواق بمساعدة بعض الآلات وجوقة من المنشدين. ويلاحظ أن الموشحة والزجل فن شعري واحد مع فارق أساسي هو أن الموشحة عربية صميمه ما عدا الجزء الأخير منها وهو الخرجة باللغة الأسبانية أو العامية الأندلسية. أما لغة الأزجال فهي كلها باللغة العامية الدارجة الجارية على ألسنة عامة الناس تتخللها كلمات وعبارات من عجمية أهل الأندلس. ويلاحظ أن هذه الأغنية الشعبية الأذدلسية ذات الخرجة الأوروبية وما تطور عنها من زجل بعد ذلك، لم تؤثر في الشعر العربي فحسب بل أثرت أيضاً في الشعر الأوربي الذي أخذ في الظهور في جنوب أوروبا في أواخر القرن الخامس الهجري (11م)، وكان ينشده المغنون الجوالون المعروفون باسم التروبادور TROUBADURES في جنوب فرنسا، والخوجلارس  JUGLARESفي شمال أسبانيا. كذلك يقال أن الأغاني التي كان ينشدها الأسبان في أعياد الميلاد باسم ( VILLANCICO) هي زجل أندلسي.
ونختم هذه النخبة القليلة من العلماء الأندلسيين باسم الوزير العالم الغرناطي "لسان الدين بن الخطيب "(ت 776 هـ/1374 م) الذي امتدت كتاباته ومواعظه ونصائحه إلى ملوك عصره من المسلمين والمسيحيين فكان لها تأثير كبير عليهم، وكثيراً ما استجابوا لها، فنجحت بذلك معظم أهدافه السياسية. وحسبنا أن نشير إلى النصائح التي أرسلها إلى ملك " قشتالة " بدرو الأول، والتي أوردها باللغة الإسبانية المؤرخ الإسباني المعاصر، " لويت دي أيالا " في مدونته عن تاريخ ملوك "قشتالة".
ويضيف المؤرخ الإسباني القديم "استبان جاريباي)، في مدونته مختصر تاريخ ممالك أسبانيا "أن القيم الأخلاقية التي اتسمت بها مواعظ هـذا المسلم ابن الخطيب تفوق في قيمتها ما كتبه سينكا وغيره من فلاسفة الرواقيين الأقدمين ".




علماء وأعلام الأندلس


كان العالم الإسلامي مفتوح الحدود، تجتازه قوافل التجارة وأفواج الرحالة والحجاج المسلمون القاصدون لبيت الله الحرام، والحجاج المسيحيون القاصدون لبيت المقدس، ويجتازه طلاب العلم جيئة وذهابا، فترى طرق البر والبحر مشغولة بنقل طلاب العلم من الأندلس وإفريقية إلى مصر والشام وإلى أصفهان وهمذان وبخارى وسمرقند وتراها مشغولة بنقل طلاب هذه المدن إلى (بلرم) و (سالرنو) و(ومازرة) في صقلية وإلى القيروان وفاس ومراكش في إفريقيا وإلى قرطبة وأشبيلية وبلنسية ومرسية وغرناطة في الأندلس. ولما استولى النورمان على صقلية سنة 495هـ/1102م بزعامة روجيه الأول، وأمتد الغزو الإسباني بعدئذ في الأندلس وتمّ الاستيلاء على طليطلة وأشبيلية وبلنسية وقرطبة، كانت شهرة هذه المدن بمدارسها وعلمائها قد ذاعت في أوروبا.وقد لقيت هذه المدارس رعاية من ملوك إسبانيا وكان أكثرهم رعاية لها وعناية بها ملك قشتالة ألفونسو العاشر، فقد كان محباً للعلم، وكان شاعراً ومؤرخاً فلقب بالملك الحكيم. وقد أنشأ في مرسية مدرسة للترجمة وتولى الترجمة فيها من العربية إلى اللاتينية مترجمون، من مسلمين ونصارى ويهود. وفي صقلية أحاط روجيه الأول المسلمين برعايته واحتفظ بالنظام الإداري الذي أقامه المسلمون في دولتهم السابقة, وسار ابنه روجيه الثاني سيرته، وفي عهده استمرت الحركة العلمية في نشاطها, وكان أبرزها ما قام به الشريف الإدريسي من أبحاث في الفلك والجغرافية وتأليفه كتاباً في الفلك الجغرافي أهداه إلى (روجيه) وعرف باسم (كتاب روجيه) أو (الروجيري). وفي سنة 601هـ/1205م آلت جزيرة صقلية إلى الملك الألماني فردريك الثاني فازداد برعايته نشاط الحركة العلمية وولعه بالعلماء العرب في مصر والشام فكان يتصل بهم ويستطلع منهم عما يشكل عليه, من ذلك أنه أرسل إلى صديقه الملك الكامل بعدة مسائل في الهندسة والرياضة فبعث بها إلى علم الدين قيصر بن أبي القاسم الأسفوني المعروف بقيصر تعاسيف (ت: 650هـ) فكتب جوابها, وكان قيصر أشهر من أنجبت مصر والشام من الرياضيين. وقد أنشأ فردريك معاهد للعلم في (بلرم) عاصمة الجزيرة وفي (سالرنو) و (نابولي) وكان يفد إليها كثير من طلاب العلم والمعرفة يتلقونها عن علماء عرب, وفيها كانت تترجم إلى اللغة اللاتينية كثير من كتب العرب. ولم يحمل بلاط ألفونسو العاشر وفرديريك الثاني من الطابع المسيحي إلا الاسم، إذ غلب عليهما طابع الحضارة الإسلامية.
وفي مستهل القرن الثالث عشر للميلاد (السابع الهجري) بدأ إنشاء الجامعات في أوروبا. ففي عام 1211م أنشئت جامعة باريس, وفي عام 1215م أنشئت جامعة أكسفورد, وفي عام 1221م أنشئت جامعة مونبيلية بفرنسا وفي عام 1228م أنشئت جامعة (سلمنكا) بإسبانيا، وفي عام 1230م أنشئت بمساعي الملك فرديريك الثاني جامعة في (بلرمو) و{بادوفا} وفي عام 1232م أنشئت جامعة كمبريدج، وتوالى بعد ذلك إنشاء الجامعات. ومن هذه الجامعات التي ورثت علم العرب المطبوع بالثقافة الهيلينية انبثق عصر النهضة. وكما كان سقراط وأفلاطون وأرسطو وأرخميدس وايبوقراط وجالينوس وبطليموس وغيرهم من عباقرة اليونان رواد العرب في العلم والفلسفة كذلك فإن الكندي والرازي والبتاني وابن سينا والفارابي وابن الهيثم والبيروني وابن النفيس والزهراوي وابن زهر وابن رشد وابن الطفيل وابن باجة وابن البيطار وغيرهم كانوا رواد أعلام الأندلس.

إبن فرناس 274هـ / 888م
في الكيمياء، أستنبط الزجاج من الحجارة. في الفلك ، صنع آلة لحساب الزمن ومثَّل في بيته السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها.في الطيران، حاول الطيران بكسوة جسمه بالحرير وألصق عليه ريشاً ومّد لنفسه جناحين متحركين ولم يجعل لنفسه ذنباً فلما ألقى بنفسه من شاهق سقط ومات شهيد العلم.
مسلمة المجريطي 398هـ / 1008م

في الفلك، أوسع الأندلسيين إحاطة بعلم الفلك وحركات النجوم، ويعتبر المجريطي من نوابغ علماء العرب والمسلمين في الأندلس إذ كان موسوعة زمانه في جميع فروع المعرفة . انتشرت شهرته كعالم رياضيات في الأندلس وكعالم كيمياء في المشرق . امتاز بالدقة وقوة الملاحظة بين علماء عصره ، لذا يرى أن المتخصص في فرع من فروع العلوم التطبيقية كالكيمياء مثلاً، يلزمه الإلمام التام بالرياضيات لأن الرياضيات بطبيعتها تعتمد على التفكير المنطقي والاستنتاجات الدقيقة .ساهم المجريطي في تحرير علم الكيمياء من الخرافات والسحر والطلاسمات التي كانت مسيطرة عليه آنذاك . قاد الحركة الفكرية في الأندلس ، فكان له ريادة في حقل الكيمياء فاعتنى فعلاً بالتجارب والاحتراق والتفاعلات التي تحدث بين الأجسام تحت ظروف معينة . نال المجريطي شهرة عظيمة بتحضيره أكسيد الزئبق . بالإضافة إلى ضلوعه في علم الكيمياء . يعتبر المجريطي من ألمع علماء الأندلس في الفلك والرياضيات والكيمياء والمنطق والموسيقى .

أبو القاسم الزهراوي 403هـ / 1013م

في الطب، أكبر جراحي زمانه، أول من ألف في الجراحة من العرب، أول من أستعمل ربط الشريان بخيط من الحرير، أول من أوقف النزيف بالكيّ، وقد توسع باستعماله في فتح الجراحات وإستئصال السرطان، في كتابه ( التصريف لمن عجز عن التأليف ) أشار إلى أهمية درس التشريح وقد شرح العمليات وبيّن آلاتها وأمتاز برسومه للآلات الجراحية، أهتم بطبابة الأسنان وأستعمل الكلاليب لقلعها كما أستعمل المبارد لنشر الزائد منها وصته من عظام الحيوانات أسناناً مكان الأسنان المفقودة أو المخلوعة، أستأصل اللوزتين، صنع آلة لاستخراج الجنين في حال الولادة المستعصية، أول من أستعمل القثطرة في غسيل المثانة أو في إزالة الدم من تجويف الصدر أو من الجروح، أول من أستعمل السنانير في استئصال البوليب، أول من أجرى عمليات تفتيت الحصاة في المثانة.

إبن حزم 456هـ / 1064م

في الفلك، قال بكروية الأرض وأٍستدل على ذلك بقوله تعالى: يُكوَّرُ اللَّيَلَ عَلى النَّهَار وَيكوَّرَ النَّهَار عَلى اللَيّل. في التنجيم، في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) حارب الأوهام, ورد الأحداث إلى أسبابها الطبيعية ورفض مزاعم من يقول: إن الفلك والنجوم تعقل وتسمع وترى وأن لها تأثيرا في أعمالنا وخالف الأقوال التي كانت تزعم أن الليل وجيحون ودجلة والفرات تنبع من دجلة، وتهكم على قائليها، فهذه الأنهار لها منابع معروفة في الأرض.

أبو عبيد البكري 487هـ / 1085م
أول الجغرافيين الكبار بالأندلس فيما وصل إلينا من كتابه {المسالك والممالك} وصف جغرافية الأندلس وأوروبا وأفريقيا الشمالية، وفي كتابه {معجم ما أستعجم} أثبت أسماء الأماكن التي جاء ذكرها في أشعار العرب.

إبن الزرقالي 493هـ / 1099م
في الفلك، صنع أصطرلابا عرف باسمه, وحظي بأهمية كبرى في ميدان علم الفلك, وكان أكبر راصد في عصره، شارك في وضع جداول فلكية لمدينة طيطلة.

الشريف الإدريسي 560هـ / 1160م
أشهر جغرافيي الأندلس، في كتابه {نزهة المشتاق} الذي أهداه إلى {روجيه الثاني النورماندي} ملك صقلية وعُرف بكتاب روجيه، تكلم الإدريسي عن أقاليم العالم كلها وخاصة في أوروبا، وقد صنع الخرائط الدقيقة التي توضح جانباً من مواقع الأماكن الواردة في الكتاب. ويمتاز الكتاب بدقته في حساب الأطوال والعروض للبلاد المختلفة بعد تقسيمه الأرض إلى سبعة أقاليم ثم تقسيمه هذه الأقاليم إلى عشرة أقسام متساوية من الغرب إلى الشرق، فصار مجموعها سبعين قسماً، ووضع لكل قسم خريطة خاصة زيادة على الخريطة الجامعة.
في الصيدلة، له كتاب في الأدوية المفردة تعرض فيها لمنافعها ومنابتها.

إبن زهر 464هـ / 1071م
عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن مروان بن زهر الأيادي أبو مروان الأشبيلي عالم طب وطبيب معالج ولد بمدينة أشبيلية ونشأ في أسرة أنجبت أطباء نابهين وظهرت فيها طبيبتان ماهرتان في تطبيب النساء هما : أم عمرو ابنه عبد الملك وابنتها وفي اشبيلية درس ابن زهر علوم الدين واللغة والحديث واخذ الطب عن أبيه ولم يمارس طوال حياته غيره من العلوم ، وكان حسن المعالجة والتشخيص وماهرا في معرفة الأدوية المفردة والمركبة وفوائدهما وقد ربطت بينه ربين ابن رشد صداقة قوية . وقد قام ابن زهر برحلة في شبابه ، فزار القيروان ومصر، وربما العراق طلبا لمزيد من المعرفة بالطب والعلاج ، واستقر في أشبيلية بقية عمره وقد عرف ابن زهر في أوروبا باسمه.

إبن رشد 520هـ / 1198م
هو محمد بن احمد بن محمد بن رشد ، ويكنى أبا الوليد ، ولد في قرطبة بالأندلس وهو سليل أسرة عرفت بالعلم والجاه. عائلة ابن رشد بمذهب مالكي، وجده أبو الوليد محمد (توفي 1126) كان كبير قضاة قرطبة تحت حكم المرابطين، وشغل والده ذات المنصب حتى مجيء الموحدين. ابن رشد من أهم الفلاسفة العرب، دافع عن الفلسفة وصحح علماء وفلاسفة سابقين له كابن سينا والفارابي في فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو. درس الكلام والفقه والشعر والطب والرياضيات والفلك والفلسفة، قدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين عام 1182م فعينه طبيبا له ثم قاضيا في قرطبة. تولّى ابن رشد منصب القضاء في اشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، وكان قد دخل في خدمته بواسطة الفيلسوف ابن الطفيل، ثم عاد إلى قرطبة حيث تولى منصب قاضي القضاة، وبعد ذلك بنحو عشر سنوات أُلحق بالبلاط المراكشي كطبيب الخليفة الخاص. لكن الحكمة والسياسة وعزوف الخليفة الجديد (أبو يوسف يعقوب المنصور 1184 - 1198) عن الفلاسفة، ناهيك عن دسائس الأعداء والحاقدين، جعل المنصور ينكب فيلسوفنا، قاضي القضاة وطبيبه الخاص، ويتهمه مع ثلة من مبغضيه بالكفر والضلال ثم يبعده إلى "أليسانه" (بلدة صغيرة بجانب قرطبة أغلبها من اليهود)، ولا يتورع عن حرق جميع مؤلفاته الفلسفية، وحظر الاشتغال بالفلسفة والعلوم جملة، ما عدا الطب، والفلك، والحساب. كانت النيران تأكل عصارة عقل جبار وسحط اتهام الحاقدين بمروق الفيلسوف، وزيغه عن دروب الحق والهداية... كي يعود الخليفة بعدها فيرضى عن أبي الوليد ويلحقه ببلاطه، ولكن قطار العمر كان قد فات أثنيهما فتوفي ابن رشد والمنصور في السنة ذاتها (1198 للميلاد)، في مراكش.
إبن البيطار 646هـ / 1248م

هو أبو محمد ضياء الدين عبد الله بن أحمد بن البيطار، المالقي الأندلسي، وهو طبيب وعشاب، ويعتبر من أشهر علماء النبات عند العرب. ولد في أواخر القرن السادس الهجري، ودرس على أبي العباس النباتي الأندلسي، الذي كان يعشب، أي يجمع النباتات لدرسها وتصنيفها، في منطقة اشبيلية. سافر ابن البيطار، وهو في أول شبابه، إلى المغرب، فجاب مراكش والجزائر وتونس، معشباً ودارساً وقيل أن تجاوز إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم، آخذاً من علماء النبات فيها. واستقر به الحال في مصر، متصلاً بخدمة الملك الأيوبي الكامل الذي عينه (رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات) كما يقول ابن أبى أصيبعة، وكان يعتمد علليه في الأدوية المفردة والحشائش. ثم خدم ابنه الملك الصالح نجم الدين صاحب دمشق. من دمشق كان ابن البيطار يقوم بجولات في مناطق الشام والأناضول، فيعشب ويدرس. وفي هذه الفترة اتصل به ابن أبي أصيبعة صاحب (طبقات الأطباء)، فشاهد معه كثيراً من النبات في أماكنه بظاهر دمشق، وقرأ معه تفاسير أدوية كتاب ديسقوريدس. وقد توفي ابن البيطار بدمشق سنة 646 هـ، تاركاً مصنفات أهمها: كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، وهو معروف بمفردات ابن البيطار، وقد سماه ابن أبي أصيبعة (كاتب الجامع في الأدوية المفردة)، وهو مجموعة من العلاجات البسيطة المستمدة من عناصر الطبيعة، وقد ترجم وطبع. كما له كتاب المغني في الأدوية المفردة، يتناول فيه الأعضاء واحداً واحداً، ويذكر طريقة معالجتها بالعقاقير. كما ترك ابن البيطار مؤلفات أخرى، أهمها كتاب الأفعال الغريبة، والخواص العجيبة، والإبانة والإعلام على ما في المنهاج من الخلل والأوهام. ومن صفات ابن البيطار، كما جاء على لسان ابن أبي أصيبعة، أنه كان صاحب أخلاق سامية، ومروءة كاملة، وعلم غزير. وكان لابن البيطار قوة ذاكرة عجيبة، وقد أعانته ذاكرته القوية على تصنيف الأدوية التي قرأ عنها، واستخلص من النباتات العقاقير المتنوعة فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا طبقها، بعد تحقيقات طويلة. وعنه يقول ماكس مايرهوف: أنه أعظم كاتب عربي ظهر في علم النبات.

الحسن المراكشي 660هـ / 1261م

هو أبو علي الحسن بن علي بن عمر المراكشي، من علماء المغرب، عاش في عصر الموحدين في النصف الأول من القرن السابع الهجري / منتصف القرن الثالث عشر للميلاد.  وقد اشتهر المراكشي في الفلك، والرياضيات، والجغرافيا، وصناعة الساعات الشمسية. له بحوث في المثلثات مع إدخال عدد من التجديدات عليها. فقد أدخل فيها الجيب، وجيب التمام، والسهم. وعمل أيضاً الجداول للجيب، كما جاء بحلول لبعض المسائل الفلكية. وقدم تفصيلات عن أكثر من 240 نجماً لسنة 622هـ. وهو أول  من استعمل الخطوط الدالة على الساعات المتساوية. وإضافةً إلى ذلك، فقد قام المراكشي بإدخال تصحيحات جغرافية مهمة، وجدد في رسم خريطة  المغرب.

إبن زيدون
هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله الشهير بإبن زيدون. ولد في قرطبة عام 1003 م، من أسرة تنتمي إلى بني مخزوم، ونشأ فيها ودرس على أبيه وعلماء قرطبة وأدبائها، فحفظ الكثير من الشعر واللغة والأخبار والسير والحكم والأمثال.
وكانت قرطبة في ذلك العهد غاصة بالعلماء والأدباء، وأهلها في رخاء من العيش، ميالون إلى اللهو والطرب، فمثلهم إبن زيدون في شخصه أحسن تمثيل إذ كان خفيف الروح، كثير الدعابة، ميالا إلى المجون، فنال شهرة واسعة في مجالس قرطبة الأدبية والاجتماعية. وكان للنساء أثر عظيم في هذه المجالس، ولبعضهن منتديات أدبية، فأثر ذلك في أخلاق الأدباء، وتسابقوا إلى نيل الحظوة عند هؤلاء النساء. وظهرت آثار ذلك في نثرهم ونظمهم منهم إبن زيدون، وخاصة في مواقفه من ولادة بنت المستكفي، ومنافسة إبن عبدوس له.
كان واسع الطموح السياسي، شديد التأثر بالحب والجمال. وقد حمله طموحه على الاشتراك في ثورة إبن جهور على آخر خلفاء بني أمية، فاتخذه بعد فوزه كاتبا ووزيرا، ولقبه بذي الوزارتين، وهو بعد شاب لم يبلغ الثلاثين. وكان له حساده ومنافسوه حتى أوغروا صدر أميره عليه، فألقاه في السجن مع المجرمين. فأرهف الألم إحساسه وشاعريته، فنظم في سجنه قصائد كثيرة يستعطفه بها، ولكنه لم يستطع أن يلين قلبه.
هرب من السجن واختفى، واستجار بأبي الوليد إبن أميره فشفع به، ولما أصبح الأمر له استوزره. ثم خشي الشاعر من كيد الحساد وأن يناله من الإبن ما ناله من أبيه، ففر إلى بني عباد في إشبيلية فاستوزروه، واستولوا على قرطبة بإغرائه وهمته، ونقلوا مقر حكمهم إليها، ولكن ثورة حدثت في إشبيلية، فأرسلوا إبن زيدون ليهدئها لما له من المكانة في قلوب أهلها، وكان شيخا مريضا، فتوفي فيها سنة 1070 م.


زرياب .... / ....
هو أبو الحسن علي بن نافع مولى المهدي الخليفة العباسي. واسم زرياب طير أسود اللون عذب التغريد، ولما كان أبو الحسن من فطاحل المغنين عذب الصوت وأسود اللون، لقب بزرياب.
نشأ زرياب في بغداد وكان تلميذا لإسحق الموصلي بصورة سرية إلى أن أتقن في الغناء عليه، ففي ذات يوم طلب الخليفة هارون الرشيد من أسحق الموصلي بأن يأتي معه بمغني جديد يجيد الغناء، فأحضر إسحق زرياب فاستأذن من الخليفة بأن يغني فأذن له:

إلى أن أكمل نوبته فطار الرشيد فرحا وتعجب منه كثيرا وطلب من أستاذه إسحق أن يعتز به، إلا أن إسحاقا داخله الحسد والحقد فهدد زريابا وخيره بالخروج من بغداد أو يغتاله، فرجح زرياب الخروج من بغداد فخرج وتوجه إلى الأندلس وكان الخليفة هناك آنذلك عبد الرحمن الثاني، فكتب زرياب إلى الخليفة يستأذنه بالدخول إلى بلاطه فرد عليه حسنا ورحب به، وبعد أن دخل بلاط الخليفة وأصبح من حاشيته غنى بحضرته وما أن سمعه الخليفة حتى شغف به وقربه إليه وأصبح نديمه ومن أقرب الناس إليه. وعندما اشتهر زرياب في الأندلس وتمركز بها، أسس مدرسة للغناء وللموسيقى وتعتبر هذه أول مدرسة أسست لتعليم علم الموسيقى والغناء وأساليبها وقواعدها.
وإن زريابا يعتبر هو السبب في اختراع الموشح لأنه عمم طريقة الغناء على أصول النوبة، وكانت هذه الطريقة هي السبب في اختراع الموشح. وقد أدخل زرياب على فن الغناء والموسيقى في الأندلس تحسينات كثيرة وأهم هذه التحسينات:
أولا:  جعل أوتار العود خمسة مع العلم أنها كانت أربعة أوتار.
ثانيا:  أدخل على الموسيقى مقامات كثيرة لم تكن معروفة من قبله.
ثالثا:  جعل مضراب العود من قوادم النسر بدلا من الخشب.
رابعا: افتتاح الغناء بالنشيد قبل البدء بالنقر، كما أنه أول من وضع قواعد لتعليم الغناء للمبتدئين وأهمها هي:

· يتعلم المبتدئ ميزان الشعر ويقرأ الأشعار على نقر الدف ليتعلم الميزان الغنائي

· يعطى اللحن للمبتدئ ساذجا خاليا من كل زخرفة

· يتعلم المبتدئ الزخرفة والتغني في الألحان مع الضروب بعد تعلمه الميزان والضرب واللحن. وقد وضع أسسا وقواعد لفحص المبتدئين قبل قبولهم وهي أن يجلس المبتدئ في مكان عال ثم يوعز إليه بأن يصبح بجواب صوته ثم ينزل تدريجيا إلى قراره، وبهذه الطريقة كان يعرف مدى صوته وحلاوته. وقد نقل زرياب من بغداد إلى الأندلس طريقتين في الغناء والموسيقى هما:

· طريقة الغناء على أصول النوبة

· طريقة تطبيق الإيقاع الغنائي مع الإيقاع الشعري
توفي في قرطبة سنة 230 هـ، 845 م.

وغيرهم الكثير من العلماء والأعلام يضيق المجال بذكرهم.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 8:16 am


الطب الأندلسي نظرياته وتطبيقاته

بداية الطب الأندلسي وتطوره :

كيف بدأ الطب الأندلسي ؟ وكيف تطور ؟ هل كانت صناعة الطب ـ عموماً توقيفه ألهما الله عبادة ؟ أم هل كانت وضعية تواضع الناس عليها تلقائياً وبمقتضى الضرورات الملحة فاعملوا عقولهم ، وأجرو ا تجاربهم ، ومارسوا طريقة المحاولة والخطأ Trial and error  فتوافر لديهم ـ آخر المطاف ـ شيء من لاشيء وتوفروا ـ في نهاية الأمر على علم قائم بذاته ، له قواعده وأصوله ؟؟ .

من الصعب تتبع هذه الأسئلة والإجابة عنها في هذه العجالة إنما يكفي أن أشير إلى أن الدلائل تدل على أن الطب إنما هو وليد الوحي والإلهام من جهة ،  وثمرة التجربة والمعاناة من جهة ثانية . يقول العلامة أبو العباس احمد بن أبى أصيبعه السعدي (1 ) ( ت . 668 ـ 1269 م ) : " وبالجملة فإنه قد يكون من هذا ( ويعني الإلهام ) ومما وقع بالتجربة والاتفاق والمصادفة أكثر ما حصلوه من هذه الصناعة ، ثم تكاثر ذلك بينهم ، وعضدة القياس بحسب ما شدوه ، وأدتهم إليه فطرهم ، فاجتمع لهم من جميع ذلك .. أشياء كثيرة . ثم إنهم تأملوا تلك الأشياء واستخرجوا عللها ، والمناسبات التي بينها ، فتحصل لهم من جميع ذلك قوانين كلية ، ومبادئ عامة …." ثم يعقب بملاحظة جديرة بالإعجاب حين يقول : " إنه ليس يلزم أن يكون هذا مختصاً بموضوع دون موضع ، ولا يفرد به قوم دون آخرين ، إلا بحسب الأكثر والأقل وبحسب تنوع المداواة ولهذا فإن كل قوم هم مصطلحون على أدوية يألفونها ، ويتداوون بها … " ثم يضيف قائلا ً : يمكن أن تكون صناعة الطب في أمة أو في بقعة من الأرض فتدثر وتبيد بأسباب سماوية أو أرضية كالطواعين المفنية والقحوط الجلية، والحروب المبيدة والملوك المتغلبة والسير المخالفة فإذا انقرضت في أمة، ونشأت في أمة أخري وتطاول الزمان عليها ، نسي ما تقدم، وصارت الصناعة تنسب إلي الأمة الثانية دون الأولي …

طبقاً لهذا المقياس السليم ، كانت للطب الأندلسي ملامحه الخاصة ، وشخصيته المميزة ، وتبعاً لهذا القياس المنطقي أردت الإسهام بهذا الموضع الدقيق، علني أستطيع ـ عبر ضباب القرون تلكم الملاحم ، وإبراز تلك الشخصية على قدر ما أتيح لي من فهم وإدراك أو ما توافر لدي من مراجع عربية وغير عربية .
نواة أو عدة نوي ، بني عليها، ونماها على مر الزمان . إن الطب قديم قدم البشر على وجه البسيطة ، فالإنسان البدائي حتى في مرحلة الصيد وجمع الثمار ، وهي أدني مراحل حضارته ـ عرف كيف يداوي الجروح، ويجبر الكسور، ويرد التخلعات من المجازفة القول بأن الشعب الفلاني هو أبو عذرة الطب . بل الرأي الأسد القول بأن الطب ثمرة تعاون الشعوب قاطبة : قاصيها ودانيها ، قديمها وحديثها .

يقول  أحد علماء الأسبان  :يعتبر الطب الأندلسي مزيجاً  من الكيمياء المسيحية، ومن بقايا الثقافة الإغريقية الرومانية، ومن الثقافة القوطية الغربية  Visigotica

وفي مكان آخر قال : إن أطباء شبه الجزيرة  الايبيريه خلال قرن الترجمات (الثالث الهجري/ التاسع الميلادي) كانوا يعتمدون كثيراً على دروس الطبيب المسيحي تياذوق  الرئيس الروحي لمدرسة ظلت تغذي الطب الخلفي (بالأندلس) أثناء أعوام  كثيرة " .

والحق أن الطب الأندلسي ثمرة ذلك كله، إلي جانب الطب النبوي الذي حوته صدور بعض الصحابة والتابعين، والمعارف الطبية العربية- المغربية التي حذفها بعض الفاتحين. حقيقة أننا لا نتوفر على قائمة أو كشف بأسماء الأطباء الطبيعيين Physicians الذين رافقوا الحملة، ولا على مراجع طبية  أو تاريخية تكشف لنا عن طبيعة المعالجات،ونوعها، ولكن، مما لا ريب فيه أن الحملة التي قادها البطلان: طارق بن زياد الليثي وموسى بن نصير، لم تكن لتخلو من رجال نابهين في فن المعالجة يتولون التخفيف من آلام الجرحى، ويسعون في شفائهم  بمختلف الوسائل، كما لم تخل من أبطال ضحوا بأرواحهم في ساحات الوغى، وجاهدوا في الله حق جهاده.

من خلال المراجع المتوافرة الآن، نجد قوائم طويلة بأسماء الأطباء الذين زاولوا مهنتهم الطبية في بيئات وعصور  مختلفة حتى عصر الجاهلية وصدر الإسلام، فمن ذلك- مثلاً- الحارث بن كلدة وابنه النضر (ابن خالة رسول الله، ) وعدوه اللدود في الوقت ذاته)، ثم ابن أبي رمثة التميمى، وعبد الملك بن أبجر الكناني الذي مارس تدريس الطب بمدينة الإسكندرية قبل الفتح الإسلامي، وقد تم إسلامه فما بعد على يد والي مصر حينئذ الأمير عمر بن عبد العزيز، ثم زينب الأودية التي قال في حقها الشاعر أبو سماك  الأسدي :

أمخترمي ريب المنون ولم أزر
طبيب بني أود ـ على النأي ـ زينبا ؟

ويظهر أن الشاعر زار هذه الطبيبة فيما بعد، وشفته من مرضه كما عالجت ابن أخيه من بعده، وشفته من مرض ألم  بعينيه. وتذكر المصادر أن المريض- وهو ممدد علي فراش العلاج- استشهد بهذا البيت، فقالت له الطبيب المعالجة: إنني  أنا المعنية بهذا البيت وعمك هو قائله.

لاشك أن سائر البلدان العربية- الإسلامية- ومن ضمنها الأندلس- كانت تحتضن مثل هؤلاء الأطباء الرواد الذين مارسوا التطبيب بنجاح، وحذقوا حتى بعض لغات العجم كالفارسية والسريانية، والعبرية، والإغريقية، واللاتينية، ونقلوا منها إلى العربية.

ومهما يكن من أمر، فالمعلومات الطفيفة التي تتوافر لدينا عن مزاولة الطب الأندلسي في القرنين الثاني والثالث الهجريين (الثامن والتاسع الميلاديين)، لا تسمح لنا بإعطاء صورة كاملة ونهائية عن الطب العربي بالأندلس، ولكننا نستطيع القول بأن عرب الأندلس لم يكونوا منزوين أو معزولين في شبه جزيرتهم، بل كانوا يعيشون عصرهم، كما كانوا على اتصال وثيق بمعاصريهم، وكانوا موقنين بأن العلم لا يعترف بحدود أو قيود من أي نوع كانت. والدليل أن أي كتاب طبي يؤلف في الشرق، يكون له صدى في الغرب، والعكس صحيح.

ألف أبو بكر محمد بن ذكريا الرازي (ت 313 هـ- 925 م) كتابه " الحاوي "، فاعتبر معلمة طبية وجهت الطب الأندلسي وجهة علمية لم يحد عنها بتاتاً. وكذلك ألف الطبيب علي بن العباس الأهوازي (ت 3330 هـ/ 944 م) كتابه " الملكي "  فكان له صدى بالأندلس حميد. ويعتبر هذا الكتاب قاموس طب وصيدلة، بل موسوعة تناولت معلومات العصر في سعة وإسهاب لم يتمكن حتى الإغريق من التوصل إلى محاولتها أو ادعائها، على حد تعبير بعض العلماء.

ليس معنى هذا الكلام، أن أطباء الأندلس، كانوا مجرد امعات مقلدين، بل كانت لهم شخصيتهم  العلمية، وكانت لهم أفكارهم ونظرياتهم وتجاربهم وكتبهم التي كانت تعبر الحدود إلى الشمال تارة فيكب الأوربيون على دراستها مترجمة إلى لغتهم اللاتينية، وإلى الشرق تارة أخرى حيث كانوا يرحلون هم أنفسهم فيستفيدون ويفيدون.

تطور ملموس:

في الأعوام التي تلت الفتح الأندلسي، كان يسود ميدان الطب، نوع من الجبرية والاعتقاد بالقضاء والقدر، يتمشى مع تعاليم المجتمع الإسلامي وتقاليده وتطلعاته، فكان الأطباء يكتبون في مواضيع كشف الطالع، وعن تأثيرات النجوم والأجواء Atmospheres وعن تحول المعادن من خسيس إلى نفيس، وكانت عمليات الفصد (لوحة ا) والحجامة تجرى عندما يوجد القمر في وجه من أوجهه المعلومة، أو حينما يحتل منزلة من منازله المعروفة. ثم إن الأعشاب الطبية يجب أن تجمع تحت برج معين. ولكي يكون عمل الحكماء مجدياً، كانوا يلجئون إلى جمل مبهمة، وتعازيم ورقى، وكان البعض منهم يقبعون في عقر ديارهم ليعلقوا على جدرانها جثثاً محنطة للبوم   Barn  والهام Barn - Owls  والتماسيح ، وليعرضوا في قنيناتهم وقواريرهم ضفادع البر  Toadsوالأجنة  Foetusوالعقارب وغيرها من الحيوانات القذرة التي تثير الاشمئزاز أحياناً وليبيعوا بثمن الذهب سوائل وأشربة ومراهم ذات تركيب سري عجيب.

كما كانوا يعالجون مرضاهم على طريقة الكهانة الروحية  Necromacyويحيطون أنفسهم بمظاهر معينة، ويقومون بطقوس خاصة تضفي على أعمالهم ألواناً من الجدية والمهابة والوقار المصطنع أحياناً .

سرعان ما ينضج جيل من الأطباء جديد، فيبدأ رد الفعل ضد هذه الممارسات غير المعقولة أحياناً. يأخذ هذا الجيل في شق طرق وطرائق جديدة مثمرة، طبعت الطب الأندلسي القائم الذات الثابت الكيان، بطابع خاص يكاد يخلو من التأثيرات الغريبة أو المتعلقة بالسلف Ancestral

إن المذهب التجريبي الذي كانت تعالج به الأمراض حسب المعتاد، وقع التخلي عنه في الأندلس، وتولى الأطباء الأندلسيون علاج مرضاهم حسبما تتطلبه حالة كل منهم على حدة، مع الالتفات إلى شهية المريض، وبنيته، وخلقه ومزاجه. إن الفكرة التي أصبحت الآن مقبولة على النطاق العالمي، وهي فكرة أنه لا توجد أمراض، وإنما يوجد مرضى، تبدو الآن واضحة جلية في الطب الأندلسي، سواء في ناحيته العلمية النظرية، أو في مجالاته العملية لتطبيقية.

وهكذا، بعد أن كان الطب مذهبياً عقيدياً   Dogmatic ونمطياً روتينياً" في الأعوام الأولى من تاريخ الإسلام بشبه جزيرة إيبيريا، أصبح في النهاية، في أواخر القرن الثالث الهجري ( أواخر التاسع الميلادي) يكسر القوالب القديمة، ويفتح آفاقاً جديدة لم يكن يلمحها أحد من قبل. ويشرع الأطباء في التفكير بطرق خاصة، ويناقشون القديم، ويسمحون لأنفسهم بإبداء الرأي السديد النزيه.

كتاب ديوسقو ريديس :يزدهر الحكم الأموي بالأندلس، ويعتلي عرش البلاد عبد الرحمن الثالث الذي لم يلبث أن أعلن نفسه خليفة وأميراً للمؤمنين، وتلقب بلقب " الناصر لدين الله ". خطب وده ملوك أوربا وهادوه، ومن هؤلاء إمبراطور بيزنطة قسطنطين السابع الذي أرسل إليه سنة 336 هـ 948 م سفارة تحمل هدايا من جملتها نسخة إغريقية أصيلة من كتاب ديوسقو ريديس Dioscurides المعروف باسم " المادة الطبية "  Materia Medica

وبما أن الأندلسيين لم يكونوا يتقنون اللسان اليوناني فإن الخليفة أرسل إلى الإمبراطور قسطنطين، يسأله إرسال أحد العارفين باللغتين معاً: الإغريقية واللاتينية، فبعث له الراهب نيقولاس الذي وصل إلى قرطبة سنة 340 هـ 951 م. وتم تعريب الكتاب على أيدي فريق من العلماء فيهم المسلم والمسيحي واليهودي، لأن البحث العلمي من جهة وروح الإسلام السمحة من جهة أخرى، لا يعترفان بالتميز العنصري أو الديني بأي حال من الأحوال.

قامت اللجنة بمهمتها خير قيام، فبحثت عن مقابل الاسم الإغريقي في اللغة العربية أو في اللهجة الأندلسية. وكان لزاماً أن تسقط اللجنة من اعتبارها، النباتات التي لا تنمو  بالأندلس، وأن تترجم فقط تلك التي تنمو بها، مع إضافة النباتات الخاصة بالأندلس والتي لا توجد في الأصل الإغريقي. ولأجل هذا الهدف، كان لا بد من الطواف بأنحاء المملكة، في رحلات استكشافية تجول في السهل والجبل، في الداخل والساحل، بغية جمع النباتات، وجمع الملاحظات، والموازنة. وبعبارة أخرى: إنجاز مهمة الدراسة والبحث على خير وجه ممكن، في ميادين علوم  النباتات " Pharmacology  والطب. وسيظل هذا الكتاب قطب رحى البحث العلمي في الأندلس ردحاً من الزمان، حيث سيدرسه وينقحه ويؤلف في موضوعه علماء أندلسيون عديدون كسليمان بن حسان المعروف بابن جلجل، وأبي جعفر أحمد بن محمد بن السيد الغافقي وهو غير طبيب العيون محمد بن قسوم بن أسلم الغافقي مؤلف كتاب (المرشد في الكحل)- ومثل الوزير أبي المطرف عبد الرحمن بن وافد اللخمي. وبعبارة أخرى يمكن القول بأن علم المعالجة النباتية Terapeutica Vegetal  قد بدأ يؤتى ثماره الناضجة وهكذا أنجزت دراسات هامة عديدة عن خانق الذئب، وحب الأنيسون حبة الكلاوة ، والحماض ، والترياق.. وأنتجت أدوية كثيرة مثل الحبوب الكبيرة Bolus بلوعات وأقراص، وقطرات عيون، ولعوقات، وزيوت ومراهم، ولازوقات ، وحقن  شرجية (الجهاز والمادة)... إلى غير ذلك.

إن دراسة النبات كعلم، وممارسة الطب كمهنة، وتطبيق النظريات العلمية كفن، كل ذلك أصبح الآن عملاً قومياً ممتازاً، وبات في الإمكان حينئذ التحدث عن طب إسلامي- أندلسي صميم. وعن مدرسة علمية شاملة، تزعمها عالم أندلسي قح، هو أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي ثم القرطبي (ت 3940 هـ/ 1004 م) الذي عاش في زمن الخليفتين الأمويين الحكم الثاني وابنه هشام الثاني، ولم يلتحق بالرفيق الأعلى، إلا بعد أن شغل بنبوغه، وشمل بفضله وعلمه وتعليمه عدة أجيال. وهكذا نجده على الرغم من أنه كان مهندساً وفلكياً  أكثر منه طبيباً، ينجب أتباعاًَ وتلاميذ عديدين، لم ينجب عالم بالأندلس مثلهم، معظمهم برع في الرياضيات والهندسة والتنجيم، إلى جانب فن التطبيب. ونذكر منهم على سبيل المثال لا  الاستقصاء:

v        أبا القاسم أصبغ بن محمد بن السمح، المهندس الغرناطي المتوفى في رجب 426 أبريل 1035.

v        أبا القاسم أحمد بن عبد الله بن عمر بن الصفار القرطبي، ثم الداني. وتوفي بدانية من أرض الأندلس.

v        أبا الحسن علي بن سليمان الزهراوي(نسبة إلى مدينة الزهراء قرب قرطبة)، وهو غير أبي القاسم الزهراويالآتي الحديث عنه بعد، فقد تتلمذ على مسلمة، وصحبه مدة.

v        أبا الحكم عمرو بن أحمد بن علي الكرماني القرطبي ثم السر قسطي. رحل إلى المشرق، وجلب إلى الأندلس- لأول مرة فيما يعتقد- " رسائل إخوان الصفا ". كان الكرماني مهندساً وطبيباً جراحاً .

v        أبا مسلم عمر بن أحمد بن خلدون الحضرمي، من أعيان اشبيلية كان فيلسوفاً ومهندساً ومنجماً وطبيباً .

طعام الحمية:

ورد في الأثر أن "المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء"، وروى عن النبي r قوله: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع ". ويأتي في القرن العشرين عالم إنكليزي هو جير الدين برايت Geraidine brayant  ليؤكد ما قاله رسول الله منذ أربعة عشر قرناً عن نظام الحمية في التغذية قال هذا العالم ما يلي: { كل ما تشتهي في اعتدال، لكن- وهذه لكن كبيرة- أنه الأكل حينما تشعر أنك تستطيع المزيد قليلاً}

ثم يضيف براينت قائلاً :{في هذه الجملة الأخيرة يكمن واحد من الأسرار الحقيقية للصحة، والجمال ولطول العمر كذلك }.

أجل، إن علم الغذاء الحميي Dietetics موضوع استحق سن أطباء الأندلس كل التفات واهتمام، لأن الأطباء في الحقيقة هم قبل كل شيء، علماء في قوانين حفظ الصحة Hygienists وهكذا نراهم يؤلفون الكتب العديدة في الأدوية المفردة والمركبة ويطرقون موضوعات التغذية الصحية، والمواد الغذائية، والأشربة وأصناف الطبيخ، لا بالطريقة الأختبارية  Empiric method التقليدية، التي كانت قد تبنتها المدرسة القديمة، ولكن بطريقة الملاحظة Observation والخبرة Experience  معاً .

تخصصات الطب:

يبدأ التخصص في الطب، فيمهر في طب العيون "  Ophthalmology مثلاً  أحمد بن يونس الحراني، الذي يقول عنه أبو داود بن جلجل: " رأيت اثني عشر صبياً صقالبة، طباخين للأشربة، صناعين للمعجونات بين يديه. وكان يعطي منها- بإذن الخليقة المستنصر- من احتاج إليها من المساكين، والمرضى، كما كان يداوى العين مداواة نفيسة، وله بقرطبة آثارها ذلك.... وكان يواسي بعلمه وفنه، صديقه وجاره والمساكين، والضعفاء ومع ذلك توفي وخلف ما قيمته أزيد من مائة ألف دينار ".

ومن أطباء العيون الوزير أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن وافد اللخمي (466 هـ  1074 م) الذي ألف في هذا ألف كتاب تدقيق النظر، في علل حاسة البصر ".

وممن برز في ميدان طب العيون، ونال فيه شهرة فائقة محمد بن قاسم ( أو قسوم) بن أسلم الغافقي الذي ألف كتاباً خاصاً بأمراض العيون سماه (المرشد في الكحول)، ويوجد مخطوطاً في مكتبة الاسكوريال (بأسبانيا) ويحمل رقماً قديماً هو830  وآخر حديثاً هو 835 .

ولأهمية هذا الكتاب الذي تزدان صفحاته بأدوات طبية اخترعها مؤلفه ليستعين بها في علاج مرضاه (انظر الشكل رقم ا)، نخصه بالحديث التالي :

يذكر الغافقي أن الداعي لتأليف كتاب " المرشد " هو أنه وجد كتب أسلافه السابقين ناقصة غير مكتملة. ويعين أولئك الأسلاف بالاسم فينص على حنين ( يعني ابن إسحاق )، وتلميذه عيسى بن علي (طبيب المعتمد على أحمد بن المتوكل )، والرازي،  وابن سينا وعمر بن علي، وأبي القاسم خلف الزهرأوي.

ومن التخصصات أيضاً، طب الأطفال pediatria وعلم التوليد  Obstetricsويمكن القول بأن هذين العلمين ولدا بولادة كتاب للطبيب الأندلسي المعروف:  عريب بن سعيد الكاتب، من أهل قرطبة (ت 369 هـ/ 0 98 م) سما 5 " كتاب خلق الجنين، وتدبير الحبالى والمولدين "، وتوجد منه نسخة في مكتبة الاسكوريال،  وقد  انتهى من تأليفه قبل الوفاة بنحو خمس سنوات.

ويدرس هنا الكتاب العجيب الموضوعات التالية موزعة على خمسة عشر فصلاً:

المني نوعه، وسائل تحسينه وتكثيره، أسباب العقم، كيفية التعرف على ما إذا كان الجنات الذي في الرحم ذكراً أو أنثى، لماذا أعضاء الجنين تزيد أو تنقص، الوقت الذي بمكثه في بطن أمه، الذي يحدث في الأيام الأخيرة من الحمل، نظام تغذية الحبالى، العلامات الأولى للمخاض، لسهولة الولادة، نظام تغذية النفساء، وفرة الحليب، الرضاعة، كيفية المحافظة والتوجيه لصحة المولود النمو والتحولات التي تعتريه، التسنين، طريقة علاج اختلالا ته والأسباب التي تحدثها، التدبير الغذائي الذي يجب اتباعه قبل التسنين وبعده حتى سن البلوغ.

وجدير بالملاحظة، أن علم التوليد، وعلم أمراض النساء "، Gynaecology كذلك، ظلا ضعيفين للأسباب المانعة من كشف العورة. ولكن هذه المشكلة أمكن التغلب عليها جزئياً، إذ كانت القابلات هن اللائى يحضرن عند النفاس، ويتولين التوليد. كان الأطباء المختصون يقدمن طن النصائح والإرشادات عن بعد، ويقمن هن بالتنفيذ، فينجزن عمليات: منها تصحيح وضعية الجنين في الرحم وتقليبه تمهيداً لولادته بكيفية سليمة، ومنها تشريح الأجنة وتقطيعها لاستخراجها أرباً  أرباً عندما تكون الولادة مستحيلة نظراً لضيق حوض الولادة، أو غيره من عوامل النقص في التكوين.

مجلس أطباء:

تألف هنا المجلس لإبداء الرأي في علاج الحالات المرضية العويصة، وكان يجتمع خاصة عندما يمرض الخليفة، أو إحدى الشخصيات الهامة في البلاط الملكي أو الديوان الحكومي. من ذلك يروى من أن الوزير عبد الله بن بدر، مرض ابنه محمد- ذات مرة- بقروح شملت بدنه كله، فجمع لفيفاً من الأطباء، كان فيهم محمد بن فتح المعروف بطملون (مولى عمران بن أبي عمرو طبيب عبد الرحمن الأوسط)، فسألهم الوزير علاج تلك القروح، وأبدى كل طبيب رأيه، وظل طملون صامتاً، فقال له الوزير: ماذا عندك؟ إني أراك ساكتاً.. فأجاب الطبيب: عندي مرهم ينفع هذه القروح من يومه.. مال الوزير إلى تصديق كلامه، فأمره بإحضار المرهم، فأحضره، وطلى به القروح كلها، فجفت من ليلتها. وصله الوزير بخمسين ديناراً، وانصرف الأطباء الآخرون بدون صلة.

أول مرض سري:

من الأمراض السرية  Venereal Diseases السيلان والزهري syphilis وهما مرضان خطران، ساد الاعتقاد زمناً بأنهما أوربيان، ولذا أطلق على كل منهما اسم " المرض الإفرنجي " لكن يبدو أن أول حالة لمرض سري، نشأت في أوروبا حقيقة، إنما في بلاد الأندلس المسلمة.

كان الطبيب المعالج هو أبو ذكريا يحي بن إسحاق، طبيب الخليفة الأموي عبد الرحمن الثالث ووزيره، وكان المريض بالسيلان رجلاً  بدوياً  أقبل راكباً على حمار وهو يصيح في شوارع قرطبة:

أد ركوني أد ركوني! تكلموا إلى الوزير بشأني! سمع الوزير صراخ الرجل فقال له:{ ماذا بك يا هذا؟} فأجاب المريض قائلاً :{ أيها الوزير، ورم في إحليلي، منعني البولي منذ أيام كثيرة وأنا على وشك الموت}. قال الوزير: {اكشف عنه}. كشف عنه فإذا هو وارم. قال الوزير لرجل آخر أقبل مع المريض:{ اطلب لي حجراً  أملس}. طلبه فوجده وأتاه به. قال الوزير:{ضعه في كفك}، وضع عليه الإحليل. فلما فعل، جمع الوزير يده وضرب بها الإحليل، ضربة غشي بها على المريض، ثم اندفع الصديد يجري. وما أنتهي الصديد حتى فتح الرجل عينيه وبال في إثر ذلك.

قال الطبيب الوزير:اذهب فقد برئت من علتك. وأنت رجل عابث، وأقعت بهيمة في دبرها، فصادفت شعيرة من علفها لحجت (نشبت) في عين الإحليل فورم لها، وقد خرجت الآن مع الصديد .

إعترف الرجل البدوي بفعلته، وأقر بكل استنتاجات الوزير، مما يدل على صدق حدس الطبيب وسرعة بديهته، وجودة قريحته، وعلى صرامته أيضاً، فقد ثبت أنه عاقب البدوي على ذنبه .

مولد فن جديد:

لا نريد أن نغادر هذا القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي ، دون أن نعرج على معلمة من معالمه الخالدة وقع تجاهلها من بعض الباحثين، ونعني بها الطبيب النطاسي، والجراح الماهر، أبا القاسم خلف بن عباس الزهـراوي مؤلف كتب عديدة في الطب أهمها وأشهرها كتاب (التصريف لمن عجز عن التأليف) الذي يعتبر موسوعة طبية تقع في ثلاثين جزءاً، آخرها خاص بالجراحة.

ترجم الكتاب إلى البر وفنصالية provencal ،كما ترجمه إلى اللاتينية الإيطالي جيرادو  الكريموني  Gerardo de Cremona  وإلى العبرية الحبر شم طب Sem Tob وكان الجزء الثلاثون الذي نشر باللاتينية تحت عنوان الجراحة Chirurgia أوسع الأجزاء انتشاراً، وأكثرها أهمية في تاريخ الطب كله، مما رفع مكانة الزهراويإلى طبقة أبقراط  Hipocratesوجالينوس ، وجعل فن الجراحة- لأول مرة- عملاً  مستقلاً  عن الطب، قائماً على أساس من علم التشريح ، وعلم وظائف الأعضاء " physiologyوقد ألحق الجراح الفرنسي الشهير Guy de Chauliac  (1300- 68) الترجمة اللاتينية بأحد كتبه .

ويحتوي كتاب التصريف، على رسوم توضيحية للآلات الجراحية التي صنعها المؤلف بنفسه، وكان لها التأثير البالغ في المؤلفين العرب الآخرين، وساعدت بصفة خاصة على وضع أسس الجراحة في القارة الأوروبية.

يتضح من هذا، أن أبا القاسم الزهرأوي،  درس علم وظائف الأعضاء في أناة وعمق، كما افتتح بين العرب والمسلمين دراسة علم التشريح، وقام بتطبيقه فشرح جثث المحكوم عليهم بالإعدام، وجثث الموتى بالمستشفيات ممن غاب عنهم أهلهم وذووهم. ولكن عالمنا الجليل، لم يكن يلجأ إلى الجراحة، إلا إذا كان لا بد مما ليس منه بد. كان يقدم لتلاميذه نصائح غالية، تنم عن حسن إدراكه، وإخلاصه للمهنة. وتقديره للمسئولية: لا تقوما- تقوموا- البتة- بعمليات جراحية، ما لم تعرفوا بالضبط موقع الأوردة Veins والأعصاب  Nervesوأوتار العضلات  Tendons .

تأكيد ذو أهمية خارقة للعادة، يحدث لأول مرة في تاريخ الطب الإسلامي، ويدل على اتجاه جديد في مزاولة المهنة.

ويزيد الأستاذ في نصح تلاميذه فيقول لهم :اعتمدوا دائماً  على ملاحظاتكم الخاصة. لا ينبغي لأحد منكم أن ينسى الحالات التي تعرض عليه بقصد دراستها، ذلك لأنه إذا ما قدمت له حالات أخرى مماثلة، فما يكون قد تعلمه بطريقة مباشرة يفوق كل ما خلفه لنا القدامى مدوناً في كتبهم.

بالمثل، استخدموا التجربة والخبرة :ليس من المسموح به القيام بعملية جراحية في شخص ما لم تجرب تلك العملية في الحيوانات مسبقاً، وما لم يكن لدى الطبيب اليقين الكامل، والتأكد التام، من توافر كل ذرائع الأسلوب الفني(التقنيات)، فعملية فتح القصبة الهوائية " Tracheotomy مثلاً  ينبغي أن تنجز في الماعز، وطالما لم يتم إنجازها مراراً كثيرة، دون أن يموت الحيوان، فليس من المباح إجراؤها في إنسان.

ألا نلاحظ في هذه النصائح أو الدرر، نظرة شديدة الوضوح للكيفية التي يجب أن تكون عليها النظرية والتطبيق في الطب؟ أليس جديراً بالإعجاب أن تصدر مثل هذه التعليمات الفطنة من طبيب أندلسي منذ ألف سنة مضت؟

أظننا لا نستنكر أو نستغرب صدور مثل هذه النصائح من رجل عبقري، فاق أقرانه، ويرجع إليه الفضل في إنشاء فن جديد هو الجراحة.

كانت العمليات الجراحية قبل الزهرأوي، مقصورة على الفصادة، ورد التخلعات بطريقة المقاومة الفجائية، وجبر الكسور، واستخراج السهام من الجروح. وربما كان ذلك كله عملاً  تافهاً مزدرى من قبل الأطباء وعملاً  جيداً يجيده فقط الحجامون (الحلاقون) والعبيد، والمرتزقة الفضوليون. ولكن لما جاء الزهرأوي، أرتفع بفن الجراحة إلى الأوج وعرف كيف يخترع عدداً من الأجهزة والأدوات والأساليب الفنية، معلناً بذلك آلية الفن الجراحي الذي لم ينبعث طبقاً لبداهته العجيبة، ودفعته القوية فحسب، بل ليبلغ بفضله أهمية لم يعد ليفقدها قط.

فأبو القاسم الزهراوي استطاع في الواقع أن يربط الشرايين Arteries وأن يستخرج الأورام الليفية polypus وأن يجري عمليات صعبة لاستخراج الحصى من الحويصلة، أو لتفتيتها بالمثانة بغية إفرازها مع البول، وخاط المصارين المثقوبة، وصنع كلاليب جراحية   Fptcepsمتقنة، كما صنع أجهزة تقويمية  Pthopaedic Apparatus لإصلاح تشوهات المرضى أو إيقافها أو تجميلها..

استشارات طبية :

كانت المستشفيات والبيمارستانات في الأندلس خاصة وفي بلدان الإسلام عامة، أماكن للعلاج وللدراسة معاً، كما كانت الدور الخاصة عيادات يؤمها المرضى، كما هي الحال الآن، وكما كانت عند الطبيب الأندلسي المسيحي ابن ملوكه الذي جعل أمام داره ثلاثين كرسياً، يستريح عليها مرضاه في انتظار أدوارهم للكشف عنهم وعلاجهم.

ففي المستوصفات مثلاً كان يحضر المريض، ويمثل أمام الطبيب فيلاحظه ويسأله، أو يدعو بعض تلاميذه لفحصه، ثم يجري معهم حواراً  مناسباً للحالة، داعياً إياهم إلى عرض كل ما يعرفونه عن المرض الذي يعاني منه الزائر. ثم يعقب ذلك شرح ضليع للحالة يقوم به الأستاذ، ثم يعين العلاج.

وفيما يلي نماذج من هذه الاستشارات الطبية:

1 رجل يشكو ألماً شديداً برأسه. يسأله الطبيب: أين الألم؟ في مقدمة الرأس أم في مؤخرته؟ وهل تحس بخفقات في الصدغين ؟ يجيب المريض : أحس كأن بهما ضربات مطرقة ! يقول الأستاذ :

ستأخذ البابونج Chamomile وورق الورد، ورؤوسا صغيرة من الخشخاش (الأفيون)، تخلص الجميع في مرجل وتضيف ماء لتغطية ذلك كله، ثم تغلي الجميع- انكب بوجهك فوق المرجل، وتنفس الأبخرة بعمق. افعل ذلك خلال ثلاثة أيام، صباحاً ومساء. وكغذاء لك، خذ كل الأشياء الرطبة السهلة الهضم.

2 مريض بالعشاء (والعشاء : الأبصار بالنهار فقط، مع عدم الإبصار كلياً أو جزئياً بالليل). يوصيه الطبيب بأن يأكل كلى جدي مشوي، ولا يتناول أي أدوية.

3 مريض آخر يحضر وثؤلول  pimplفي حجم برعم بجفنه الأعلى. يبعث رئيس العيادة تلميذاً لفحص المريض. الثؤلول يتحرك، يقلب الجفن ليرى ما إذا كان للثؤلول نتوء في الداخل. لا يوجد نتوء. حينئذ يقول الأستاذ: إنها حبة برد لا ثؤلول. ينصح المريض بعمليات خفيفة من الدلك والدعك بشيء من زيت الزيتون، مع عمل لزقة ( لبيخة ) من خبز ساخن، مدة ثلاثة أيام.

4 بالنسبة لمصاب بمرض السل التدرني، يلفت الأستاذ أنظار تلاميذه إلى شكل أظافر المريض، ويطلعهم على أن أي علاج سيفشل، وإن نفث الدم سيتواصل. حينئذ ينبه الطبيب مريضه بأن لا شفاء له، فيجب أن يحرر وصيته ويستعد للقاء ربه تعالى .

في الأوج :

في المشرق كما في المغرب (الأندلس) نلاحظ ظاهرتين عجيبتين جديرتين بالانتباه:

أولاهما: ظاهرة السياسة والثقافة، فمن حيث بلوغهما الأوج، نجدهما قد لا يتلازمان، ولا يرتبطان تمام الارتباط. فقد دلت الأحداث التاريخية على أن الانحلال والتفكك السياسي قد يكون مبعث التقدم الثقافي والرقي الفكري،فهذه الخلافة العباسية تتفكك في المشرق الإسلامي، فتتولد عنها ممالك وإمارات تتنافس فيما بينها. حقيقة أنها فقدت وحدتها وقوتها السياسية، والاتحاد قوة- كما يقال- ولكن استعداداتها العقلية وقدرتها الإنتاجية في الميادين الفكرية والأدبية والعلمية والفنية تكتمل وتنضج فتبلغ الأوج.

قل مثل هذا في الجناح الغربي للعروبة والإسلام ونعني به الأندلس، انحلت الخلافة الأموية بقرطبة لتنشأ ممالك طوائف متعددة يستقل فيها الحكام بما كانوا يحكمون، وتخلف العاصمة الواحدة عواصم كثيرة تتنافس فيما بينها في ميادين العلم والأدب والفن، فيكثر  الإنتاج وتزدهر البلاد.

وثانيتهما: ظاهرة الحروب الصليبية، فقد كان لها وجهان: أحدهما بشع دميم يطفح بالتجهم والعبوس وينم عن كثير من الرذائل النفسانية من حسد وغضب وضغينة وكراهية وبغض، والآخر قد يخلو من الدمامة لأنه يكتسي قناعاً جيرياً ناعم الملمس، هشاً بشاً ، يرمي إلى بعيد وكأنه على رأي المثل العربي " يسر حسواً في ارتغاء " وجه أصحاب الوجه الأول كانت " الشرق " لاستخلاص بيت المقدس من يد الكفار، بينما كانت وجهة الآخرين
" الأندلس ليستقوا من ينابيعها الثرة، ويدرسوا كتبها العلمية وكتابها الديني (القرآن الكريم) ويترجموا كل ذلك إلى اللاتينية لغة العلم في أوربا آنذاك .

وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن فترة القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، تعتبر فترة الازدهار والاكتمال وبلوغ الأوج. بر زفيها كثير من فطاحل العلم ممن لا نطيل الحديث عنهم لأن أسماءهم ملء الأسماع والأبصار  وأعمالهم معروفة ومدروسة وأخبارهم تطفع بها المراجع قديمها كالحديث.

يكفي القرن السادس الهجري فخراً أنه القرن الذهبي لعلوم الطب الأندلسي، وأنه أنجب أمثال أبي بكر محمد ابن يحيى بن الصائغ المعروف بابن باجه (ت 5 2 5 هـ/ 1 3 1 1 م)وأبي الوليد محمد بن رشد(ت 422 / 1031 ) وأمثال بني زهر.




الازدهار الحضاري في الاندلس

شهدت الصناعات المعدنية في بلاد الاندلس تقدماً عظيماً، فاشتهرت مرسية بمصنوعاتها من الحديد، كما اشتهرت طليطلة بالسيوف، وقرطبة بالدروع، وازدهرت كذلك الصناعات اليدوية.. وكان في قرطبة وحدها (13000) نساج، وكان المشترون في كل مكان يقبلون على شراء السجاجيد، والوسائد، والأرائك الأندلسية، واخترع ابن فرناس القرطبي في القرن التاسع الميلادي النظارات، والساعات الدقاقة المعقدة التركيب، كما اخترع آلة طائرة.

وقد ظلت الأكاديميات العلمية في أوروبا قروناً كثيرة تعتمد المراجع العلمية التي استعارتها من الأندلس، ونقلتها من العربية الى اللاتينية، فمثلاً كانت الموسوعة الطبية المسماة “التصريف”، وهي ثلاثة كتب في الجراحة ألفها “أبو القاسم الزهراوي 936_1013م” طبيب عبد الرحمن الثالث، المرجع الأعلى في الجراحة عدة قرون بعد ترجمتها الى اللاتينية.

وهكذا أضحت اسبانيا بعد ان أشرقت بنور الاسلام، مصدراً للعطاء والالهام المعرفي لأوروبا، كما صرح بذلك المستشرق الاسباني الدكتور بدور مارتينيز مونتابث، بقوله:

(إن اسبانيا ما كان لها ان تدخل التاريخ الحضاري، لولا القرون الثمانية التي عاشتها في ظل الاسلام، وحضارته، وكانت بذلك باعثة النور والثقافة الى أوروبا المجاورة، المتخبطة آنذاك في ظلمات الجهل والتخلف).

ولم يكن مستوى النمو والتطور في القطاع الزراعي أو التجاري، أدنى من الصناعي، فقد كان أهل الأندلس من أنبغ الشعوب في فلاحة الأرض، وتربية الماشية، وغرس الحدائق، وتنظيم طرق الري والصرف، ومعرفة أحوال الجو، وكل ما يتعلق بفنون الزراعة، وخواص النبات، وكانت مزارعهم وحدائقهم مضرب الأمثال في الجودة والنماء، وقد نقل العرب من المشرق وشمال افريقية الى اسبانيا كثيراً من المحاصيل والاشجار، كالقطن، والأرز، وقصب السكر، والزعفران، والنخيل، الذي ما زالت تزدان به الحدائق والمدن الاسبانية الجنوبية، والزيتون الذي غدا فيما بعد، وحتى اليوم أعظم محاصيل اسبانيا..

وأما نبوغ مسلمي الأندلس في تنظيم وسائل الري والصرف، واستجلاب المياه وتوزيعها بالطرق الفنية، فما زالت تشهد به آثارهم الباقية الى الآن في وديان الأندلس، من القناطر والجداول الدارسة، وما زالت ثمة مناطق كثيرة، ولا سيما في أحواز بلنسية ومرسية، تقوم في زراعتها على مشاريع الري الأندلسية القديمة.

كما سعى المسلمون لإعادة تنظيم ملكية الأراضي، وتنظيم حركة العمل والانتاج والتوزيع الزراعي، بما يضمن إزدهار الانتاج الزراعي، واستئصال أساليب الاستغلال غير المشروع للفلاحين، واحتكار مساحات شاسعة من الأراضي على شكل اقطاعيات.

وهكذا (كان حكم العرب _ كما يقول ديورانت _ نعمة وبركة قصيرة الأجل على الزراع من أهل البلاد، ذلك ان الفاتحين لم يبقوا على الضياع التي كبرت فوق ما يجب، والتي كان يمتلكها القوط الغربيون، وحرروا رقيق الأرض من عبودية الاقطاع… وكان العرب في معظم الأحوال يتركون أعمال الزراعة الى أهل البلاد، ولكنهم كانوا يستعينون بأحدث ما أُلف من الكتب في علومها، وبفضل توجيههم بلغت هذه العلوم في اسبانيا من التقدم أكثر مما بلغته في أوروبا المسيحية… وكان هناك اسطول تجاري يزيد على ألف سفينة يحمل غلات الأندلس ومصنوعاتها الى أفريقية وآسية..).

كما ان الفنون الزراعية انتقلت على يد المسلمين الى جنوبي فرنسا، وجنوبي سويسرة، وكان علماء النبات الأندلسيون، هم أعظم من نبغ في هذا الميدان في العالم الاسلامي، فمثلا كان أبو العباس بن الرومية الأشبيلي المتوفى سنة 637ه‍ (1239م)، وتلميذه ابن البيطار المالقي المتوفى سنة 646ه‍ (1248م)، كانا من أعظم علماء النبات بعد ديسقوريدس اليوناني.

واشتهر آخرون في الأندلس بذلك، ووصلت الينا مؤلفاتهم، من أنبغهم: أبو عبد الله بن بصّال الطليطلي، وابن مالك الطغنري الغرناطي، وابن العوام الاشبيلي، وابن لونكو القرطبي، وقد نُشِرَ كتاب ابن بصّال “الفلاحة” في المغرب، فيما لا يزال كتاب تلميذه الطغنري الغرناطي “زهر البستان ونزهة الأذهان” مخطوطاً، أما “كتاب الفلاحة” لابن العوام الاشبيلي فقد نُشِرَ في وقت مبكر عام (1802م)، بمدينة مدريد عن نسخته المخطوطة المحفوظة بمكتبة الاسكوريال، حيث قام بنشره المستشرق القس يوسف انطونيو بانكيري، وقرنه بترجمة اسبانية، فبلغ النص العربي والترجمة الفاً وأربعمائة صفحة كبيرة.

وعموماً كان الأندلسيون كما يؤكد المؤرخ الكبير ويل ديورانت أقدر أهل زمانهم على تصريف الشؤون العامة في العالم الغربي، فكانت قوانينهم قائمة على العقل والرحمة، تشرف على تنفيذها هيئة قضائية حسنة النظام، وكان أهل البلاد المغلوبون يُحكَمون في معظم الأحوال حسب قوانينهم، وعلى أيدي موظفين منهم، وكان في المدينة شرطة تسهر على الامن فيها، وقد فرضت على الأسواق والمكاييل والموازين رقابة محكمة، وكانت الحكومة تقوم باحصاء عام للسكان والأملاك، في فترات منظمة، وكانت الضرائب معقولة، اذا قورنت بما كانت تفرضه منها روما أو بيزنطة. وبلغت الايرادات أيام عبد الرحمن الثالث 12045000 دينار ذهبي، وأكبر الظن أن هذا كان يفوق ايرادات حكومات البلاد المسيحية اللاتينية مجتمعة.

ولم يكن مصدر هذه الايرادات هو الضرائب العالية، بقدر ما كان أثراً من آثار الحكم الصالح، وتقدم الزراعة والصناعة، ورواج التجارة… وكانت قرطبة في أيام المنصور من أعظم مدن العالم حضارة، لا يفضلها في هذا إلا بغداد والقسطنطينية وكان فيها كما يقول المقري:

200077 منزلاً، و 60300 قصر، و 600 مسجد، و 700 حمام.. وكانت الشوارع مرصوفة، لكل منها طواران على الجانبين، تضاء أثناء الليل، ويستطيع الانسان أن يسافر في الليل عشرة أميال على ضوء مصابيح الشوارع وبين صفين لا ينقطعان من المباني.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 8:28 am

معجزة الفن الإسلامي

في قصر الحمراء خفق حيوي متواصل ..لا تعرف كيف تواءمت ظروفه وانشغلت بطريقة لا تكف عن جذب زائره ، فكيف بالمقيمين فيه والمرتادين له في ذلك الزمان ؟
ولعل ترانيم القواقع المائية المتوزعة في كل ركن من أركان القصر، وبطريقة أيضا لم يكشف المهندسون الحديثون سرها حتى الآن ، هي التي تزيد المشهد جمالا على جمال . ففي كل غرفة من غرف القصر تجد قوقعة مائية يستند معظمها على أفاريز رخامية مزخرفة.
وتعتبر قاعة الأختين وقاعة بني سراج من أكبر وأشهر قاعات قصر الحمراء، الذي تتزين جدرانه وأبوابه وغرفه وسقوفه التي بعضها مصنوع من خشب الأرز المحمول من لبنان ، بارقى وأدق وأتقن ما توصلت إليه عبقريات الفن الإسلامي في ذلك الزمان ، وبخاصة من ناحية فنون الخط والرقش (الزخرفة ) والحفر والتوريق والتعشيق الخ ..
وقصر الحمراء، يعتبر مرآة للفن الإسلامي في أبهي مظاهره وتجلياته ، بخاصة في مضمار الزخرف والخط والتوريق ونظام العلاقات في ما بينها.. فالفنان المسلم يستبسل في بحثه .. يتأنى ويوازن ، يدقق ويعاين بغية القبض على أحواله في النتيجة الفنية البهيجة .. وهو هنا يتبع نظاما رياضيا دقيقا، يوائم بين الألوان والفراغات وذبذبتها على الأحجار المنحوتة .. وكذلك أيضا حين يضيف المزيج الملون (الخزف المغربي) .. فمثل هذا التنويع الهارموني الهائل والدقيق يقوم على ركنين أساسيين في لغة الفن التشكيلي هما: «الخيط و«الرمي».
والخيط نهج يتبع التخطيط القائم على القواعد الهندسية من خطوط مستقيمة وزوايا حادة ، والرمي منهج يتبع التخطيط القائم على الخطوط المقوسة أو المنحنية.
وإذا ما تأملنا بعمق جوانب في قصر الحمراء (جدران فناء الرياحين ) رأينا كيف تزاوج «الخيط» و«الرمي» على نحو بارع ، مشكلا طريقة الابداع الفني المضبوط والمستدق لعمل الزخرفة والخط والحفر.
وكما هو معروف ، فإن الفن الإسلامي عموما يتميز بإلغاء البعد الثالث في المنظور، وأنه فن يكتفي ببعدي الطول والعرض ، وتلك سمات تشتمل عليها تقريبا كل الآثار الإسلامية المعروفة في مختلف قارات الأرض .
والأجمل بعد في هذا الفن إن لا صلة له بصانعه بالمعنى الذاتي أو العاطفي المزاجي. ومن هنا غياب أسماء فنية مهمة جدا في تاريخ هذا الفن ، بحيث إننا لا نعرف مثلا من استقدم سادة الأندلس من فنانين ومعماريين وحتى مهندسين لامعين قاموا بإبداع هذا الصرح المعجز العظيم، ذلك أن الفنان نفسه ، إنما كان يفعل ذلك مندمجا في بعدية فلسفية تستلهم الرؤية الدينية والتوحد الجمالي معها.. ونقصد بالمتوحد الجمالي هنا أن هذا الفن لم يكن يبشر بالدين بمعني الشرح والتفسير، وإنما يؤكد على الهوية وتميزها.. دينيا وحضاريا ومن هنا نرى أن الفنان المسلم يلفي نفسه في فشروعه ويتساوى معه في الخفاء ليظهره على حساب شخصه الإبداعي.
ولا غالب إلا الله
إن الفنان المسلم في هذا العمل يتكامل والفاتح المسلم الموصوف بأنه "أرحم الفاتحين " ، إذ لم يكن فذا الأخير يندفع في مشروعه باسمه هو وإنما باسم الله والإسلام جلالا وإكبارا؟ ومن هنا سبب قراءتنا الدائمة على كل جدران قصر الحمراء العبارة المزخرفة الآتية : "ولا غالب إلا الله" وكذلك عبارة . "الحمدالله على نعمة الإسلام ".. تتكوران في مستوى هارموني متدافع الوضوح .. لكأن الفاتح يريد أن يؤكد أيضا أنه ينفذ أوامر الله ، يحقق واجبا يلح عليه .. والفنان نفسه هو في هذا الهاجس أيضا ولكن بأسلوب مختلف وطريقة جمالية مختلفة .. كلاهما من موقفه إذن كان مشغولا بالحق وتثبيته ، شرعا وفلسفة فنا وجمالا.
الفن الإسلامي إذاً هو فن شهادة وبرهان كامن عليها.. هو فن لا يخطب ، وإنما يدعو إلى التأمل وتحقيق ذاك النداء الموجه إلى الخلود الإلهي..
ومن يتجول بعد في " قصر الحمراء" يلحظ على مستوى آخر عناية السلطات الرسمية الاسبانية بهذا الصرح ، والاهتمام به كمصدر من مصادر السياحة ، وعدالة على دالات الحضارة العربية التي يعتز بها الأسبان ، ولاسيما أهل الأندلس منهم هؤلاء الذين يعتبر بعضهم انه أكره على تغيير هويته الإسلامية فغيرها بالشكل فقط .
أما من ناحية المضمون ، فهذه الشخصية الواهنة لا تزال تعيش انفصاما خصوصيا واضحا. لايعكس نفسه على نحو أخاذ ومدهش إلا في الأدب والفلكلور.


الفردوس المفقــود 137


موزاييك .... الأندلس الملهمة


يبقى موشح لسان الدين بن الخطيب باقيا ما بقي اسم الأندلس، يعزف على مر الزمان:
يازمان الوصل بالأندلـس جادك الغيث إذا الغيث همى
في الكرى أو خلسة المختلس لم يكن وصلك إلا حلماً

أما قصيدة ابن زيدون ونونية الصد التي عاتب فيها عشقه وحبه الأوحد ولادة بنت المستكفي فقد حفظّونا إياها ونحن على مقاعد الدراسة مع مبادئ القراءة وظلت قصيدة “أضحى التنائي بديلا عن تدانينا” في قلوبنا، كبرت معنا وحملنا لشاعرها مشاعر التعاطف ونادينا على البعد محبوبته، نرجوها أن تعطف عليه وترحمه وتعود إليه، رغم انه غاب وغابت معه.

وظلت الأندلس مملكة السلام والجمال والتسامح ومجد الرجال الكبار الذين أسسوا أعظم حضارة عرفها الغرب، منحته الفكر والعلوم وأخرجته من ظلمات القرون الوسطى، ملهمة، تسحر كل من أقبل عليها أو سمع بها، وفي كل العصور. فقرطبة زارها مثلا كبار الأدباء الغربيين أمثال شاتوبريان الذي ألف حولها قصته “آخر بني السراج” وفيكتور هيغو الذي سطّر من وحيها “شرقياته” الشهيرة، وواشنطن ارفنغ الذي كتب “قصص الحمراء”، وامنوال فرناندز جونزالت الذي سمى كتابه “الله اكبر”.


المخطوط القرمزي

وفي العصر الحالي فإن رواية انطونيو جالا “المخطوط القرمزي” تعد واحدة من أهم الأعمال الأدبية التي تشد القارئ وتسكنه ولا يمكنه أن ينساها، فيها يؤرخ الكاتب الإسباني العاشق للأندلس وللشرق، صورة ذلك المجد وتاريخ تلك الحضارة، ويحاول فيها الدفاع عن أبي عبدالله الصغير، فالرواية كلها تقوم على حكاية هذا البطل الذي يكتب يومياته في مخطوط قرمزي قديم مدفون عثر عليه في فاس، مكان الهجرة الذي استقر ومات فيه آخر ملوك الأندلس، وهذا الورق القرمزي الذي كتب عليه ابوعبدالله الصغير يومياته، كان من بين أشياء قليلة حملها معه من دولته، ودفنت معه. يحاول الكاتب أو الملك الذي يتحدث في العمل أن يقدم نفسه للقارئ يشرح الظروف التي أحاطت به، ويعلل نهاية بلده وملكه انه كان ضحية تراكمات وانهزاميات وصراعات وخيانات. ورواية “المخطوط القرمزي” التي طبعت أكثر من عشرين مرة وبلغات عدة وزاد توزيعها على المليون نسخة، حصلت على جائزة “بلانيتا” في بداية التسعينات وتعد هذه أهم جوائز الرواية في إسبانيا.

وإسبانيا اليوم رغم أنها دفنت هذه الحضارة العظيمة، وخلت هويتها وثقافتها الرسمية إلا من قشور، تعيش متكسبة من أمجاد الأندلس وآثارها وتحفها الخالدة، ولا تحاول أن ترتبط معها بأكثر من ذلك، إلا أن جينة تلك الحضارة وأولئك العظماء لايزال لها أثر في أحفادهم، رغم انهم نصّروا ومسحوا التاريخ، وفكوا رباطهم بدين الإسلام وأمة العرب، هذه الجينة عادت للوجود، وعاد هؤلاء الأحفاد يبحثون عن الجذور ويفتشون في عظمة حضارة أجدادهم، واهتدوا من جديد إلى الإسلام، هذا ما ذكره تقرير غربي نشر قبل فترة يقول إن ظاهرة اعتناق الإسلام ازدادت فيها مؤخرا بشكل ملحوظ خاصة بمدينة غرناطة جنوب إسبانيا التي كانت آخر معقل للمسلمين قبل سقوطها في يد الملوك الكاثوليك.

ويذكر التقرير وحسب إحصاء أجري قبل عام أن هناك نحوا من عشرين ألف أمريكي وأوروبي ممن اعتنقوا الإسلام يعيشون في أسبانيا حاليا ويهدف هؤلاء الأشخاص إلى إعادة تقييم ماضي المسلمين في البلاد وإعادة صياغة هوية أسبانيا وإدخال التأثيرات الإسلامية التي رفضت باعتبارها هرطقة منذ قرون.

وقبل عام أو عامين وبعد أكثر من 512 سنة يعود الأذان ليسمع من جديد في بلاد كان اسمها الأندلس، بافتتاح جامع غرناطة، والذي حضره صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وصلى فيه مع حشد من وزراء وسفراء وعلماء الدين من مختلف دول العالم الإسلامي، كانت لحظة مؤثرة التي بني فيها الجامع ورفع الأذان ورغم أن المتشددين الأسبان عرقلوا لسنوات طويلة إنشاء هذا الجامع، إلا انه بني وأنجز في النهاية. وهكذا يبخلون ويستكثرون على بلاد كانت كلها مآذن ومساجد، نشرت شمس المعرفة، وبنت هذا التراث الخالد وهذا التاريخ والحضارة العظيمة، أن يقام فيها مسجد يرفع فيه اسم الله لأنهم يخشون من عودة ذلك التاريخ!






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 8:43 am

المرأة الأندلسيّة

عاشت المرأة الأندلسيّة في القرن الخامس الهجري وضعاً يكاد يكون صورة لوضع أختها في المشرق العربي; فقد سيطرت العادات المشرقية على المرأة الأندلسية, ولكن هذا لم يحرمها من أن تتمتع بحريّة في حدود المعقول, فقد كانت تخرج للصلاة يوم الجمعة, وبعد الانتهاء من الصلاة كانت ترى في شوارع المدينة تمضي يوم عطلتها في بهجة ومرح, كما كانت تشترك في الحفلات التي تقام في إشبيلية على ضفاف الوادي الكبير.
وأكبر نموذج لحرية المرأة الأندلسية في ذلك العهد اسم "ولادة" فقد كانت "في نساء زمانها واحدة أقرانها... وكان مجلسها بقرطبة منتدى لأحرار المصر, وفناؤها ملعباً لجياد النظم والنثر... يتهالك أفراد الشعراء والكتاب على حلاوة عشرتها... كتبت - زعموا - على أحد عاتقي ثوبها:
أنا والله أصلح للمعالي وأمشي مشيتي وأتيه تيها
وكتبت على الآخر :

أمكِّنُ عاشقي من صحن خدّي وأعطي قبلتي من يشتهيها

ويروي ابن حزم قصصاً كثيرة عن المرأة في ذلك العهد, تصوّر حياة المجتمع والدّور الذي احتلته المرأة فيه, فيورد كثيراً من قصص النساء ذوات الشرف وكيف كنّ يتعلقن بحب رجال من عامّة الناس, ويتم تبادل الرسائل بينهم, وكثيراً ما كان أمرهنّ يفتضح لدى الناس ويسمع به القريب والبعيد.
ويبدو أن أثر المرأة في المجتمع كان كبيراً, فقد استطاعت أن تسيطر حتى على كبار الأئمة وتميل قلوبهم وتجعلهم سخرية, وامتد تأثيرها إلى أكثر من ذلك إذ أنها كانت سبباً في جنون بعض الرجال ممن اشتهروا بحسن سيرتهم وأدبهم.
ومن النساء من استطاعت أن تملك قلوب الملوك, وتلج إلى قصورهم, وتصبح سيدة القصر الأولى. فقد تمكّنت "اعتماد" المشهورة بالرّميكيّة بفضل ذكائها وفطنتها أن تكون زوجة للمعتمد بن عباد ملك اشبيلية وأمّا لأولاده.
وقد كانت المرأة في هذا العهد على قدر كبير من الفطنة والعلم, فابن حزم العالم الفقيه قد تعلّم على أيدي النساء في صباه: "وهنّ علمنني القرآن وروّينني كثيراً من الأشعار ودرّبنني في الخط".
ومن النساء اللّواتي اشتهرن بالعلم والأدب "العبادية" التي أهداها مجاهد العامري ملك دانية إلى المعتمد بن عباد وابنة الرّميكية بجمالها وحلاوة نادرتها ونظمها للشعر. وكانت مريم بنت يعقوب الأنصاري تعلّم النساء الأدب. أما نزهون الغرناطية فقد اشتهرت بجمالها وخفة دمها, وحفظها للشعر والأمثال.




صفات المجتمع الأندلسي في القرن الخامس



أسرف ملوك الطوائف في الترف، وتفننوا في صنوف من البذخ، فهذا المعتمد بن عباد ملك إشبيلية يرى زوجته "اعتماد" وهي تطل من شرفات القصر ترقب سقوط الثلج فأجهشت بالبكاء، فسألها المعتمد عن حالها فأخبرته بأنها تحنّ إلى منظر سقوط الثلج، وتريد أن تسافر إلى بلد يكثر فيه سقوط الثلج لتمتع ناظرها بجمال الطبيعة الفاتنة، فطمأنها المعتمد بأنها سترى هذا المنظر في الشتاء القادم في ذلك المكان نفسه. وأصدر أمره في الحال أن تغرس أشجار اللّوز في حدائق القصر حتى إذا أزهرت في فصل الشتاء بدت زهراتها البيضاء في عين "اعتماد" كقطع الثلج تجلّل أغصان الأشجار.
ورأت نسوة من العامّة يعجن الطين لصنع اللّبن، فأثر فيها المنظر وبكت، فلما رآها المعتمد باكية سألها عن السبب، فأخبرته بأنها مقيّدة الحريّة لا تستطيع أن تفعل فعل هؤلاء النسوة، فأمر في الحال بإحضار مقدار كبير من المسك والعنبر وبعض الأعطار فعُجن كل ذلك إلى أن أصبح عجينة في حجم تلك التي كانت تعجنها النسوة، فنزلت "اعتماد" إلى مساحة القصر هي وجواريها، وخلعن نعالهن وصرن يعجن بأقدامهن ذلك الطين المصنوع من المسك. وطابت نفس "اعتماد" بذلك!
وكان المعتمد ينفق على الشعراء بدون حساب حتى إنه ليخلع على الشاعر منهم خلعاً لا تصلح إلاّ للخلفاء. ومضى المعتمد وكثير من ملوك الطوائف في حياة الترف والمرح، لا ينفقون في مهام الدولة إلاّ القليل من وقتهم، وقد كانت الولائم الكثيرة ومجالسة الشعراء وعقد مجالس الشرب، واللهو مع القيان والجواري تستنفد كثيراً من أموالهم ووقتهم.
وكانوا يبنون القصور، وينفقون في هندستها أموالاً باهظة في سبيل تحقيق متعهم; فهذا المأمون بن ذي النون ملك طليطلة يشيّد قصراً عظيماً أنفق عليه الأموال الطائلة ووضع في وسطه بحيرة، "وصنع في وسط البحيرة قبة من زجاج ملوّن منقوش بالذّهب، وجلب الماء على رأس القبة بتدبير أحكمه المهندسون، فكان الماء ينزل من أعلى القبة على جوانبها محيطاً بها ويتّصل بعضه ببعض، فكانت قبة الزجاج في غلالة مما سكب خلف الزجاج لا يفتر من الجري، والمأمون قاعد فيها لا يمسّه من الماء شيءٌ ولا يصله، وتوقد فيها الشموع فيرى لذلك منظر بديع عجيب".
وقد كان كل ملك من هؤلاء الملوك يحاول أن يجعل من مملكته ملتقى للشعراء والأدباء والمغنّين، ونشطت بذلك تجارة الرقيق، واجتهد النخّاسون في تعليم الجواري الرّوميات الغناء، وضروباً أخرى من الثقافة لترتفع أجورهنّ. وكثر الطلب على الجواري المغنيات فقد دفع هذيل بن رزين صاحب السهلة في جارية ابن الكتاني ثلاثة آلاف دينار. وكثر المغنون في بلاطات الملوك، وكان في قصورهم أسراب منهم، حتى إن المعتمد بن عباد كان يصحب الموسيقيين معه أثناء حملاته الحربيّة.
ولم يقتصر شيوع الغناء على بلاطات الملوك فقط، بل شاع في أوساط العامّة، فها هي بلنسيّة "لا تكاد تجد فيها من يستطيع على شيء من دنياه إلاّ وقد اتخذ عند نفسه مغنّية وأكثر من ذلك، وإنما يتفاخر أهلها بكثرة الأغاني".
وكانت مجالس الغناء لا تخلو من الشراب،وكانوا لا يستطيعون الجهر بذلك في عهد الأمويين، أما في عهد ملوك الطوائف فقد أصبح الخمر شائعاً في مجالسهم لضعف الوازع الديني، وبذلك استسلم المجتمع للشهوات فزاد ضعفاً.
ولجأ الملوك من أجل إرضاء نزواتهم وتحقيق لذاتهم إلى إثقال كاهل رعاياهم بالضرائب، فهذا مظفر ومبارك العامريان حاكماً بلنسية قد انغمسا في النعيم إلى قمة رأسيهما، وذلك على حساب الرعيّة فقد كانا " يستزيدان عليها في الوظائف الثقال... حتى غدا كثير منهم يلبسون الجلود والحصر ويأكلون البقول والحشيش وفّر كثير منهم من قراهم".
وفرضت في عهد الطوائف أنواع من الجباية على الرعيّة، وفرضت المغارم على الأهالي، حتى الحجاج لم ينج من دفع مغارم في موسم الحج، إلى أن أبطل ذلك يوسف بن تاشفين بعد دخوله الأندلس وقضائه على ملوك الطوائف.
وقد كان موظفو الدولة ممن يتولّون شؤون الرعيّة لا يراعون الشرع ولا همّ لهم إلاّ أن يزدادوا ثروة وخاصة أولئك الذين أُوكلوا بجمع الضرائب ومراقبة الناس، فابن عبدون يصف أعوان صاحب المدينة بأنهم شر الناس ولا يجب أن يصدّق كلامهم إلاّ إذا شهد على ذلك الجيران "لأن الشر أحب إليهم من الخير، فمنه يأكلون ويلبسون السحت، ومنه يعيشون،وليس للخير إليهم طريق، يجب ألا يخرج منهم في رسالة في المدينة أكثر من واحد لئلا يكثر الجعل والهرج والأذى".
وفي ظل هذا الحكم اضطرب المجتمع الأندلسي، وانتكست مثله، واشتد الغلاء وانتشرت الأوبئة وعمت الكوارث، فقد كانت رحى الحروب تعصف بالرعيّة، وانعدم الاستقرار والأمن وفسدت أخلاق الناس، واستبيحت المحرّمات، وهتكت الأستار، ونقضت شرائع الدّين، وفسدت نفوس الحكّام والمحكومين حتى إنه لم يعد يعلم في الأندلس درهماً أو ديناراً حلالاً.
وقد حاول المرابطون بعد دخلوهم الأندلس بقيادة يوسف بن تاشفين سنة 495 هـ، وقضائهم على ملوك الطوائف، أن يوفروا الحياة الهادئة للمجتمع الأندلسي، ويحاربوا كثيراً من مظاهر التفكك والانحلال الاجتماعي.


الفردوس المفقــود 138
الفردوس المفقــود 224
الفردوس المفقــود 310


الفردوس المفقــود 139
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 8:52 am

الفردوس المفقــود 139

[rtl][size=32]البهاء[/rtl][/size]
[rtl]كان لسقوط الخلافة الأموية وظهور ممالك الطوائف أن دفعت اشبيلية نحو مرحلة أولى من الازدهار، وبخاصة في المجال الثقافي. فقد جهد حكامها المستقلين من بني عباد، بدءا من عهد القاضي محمد بن عباد (1023-1042) الذي خلفه ابنه المعتضد (1069-1042) فحفيده الشاعر المعتمد بن عباد (1091-1069)، لاضفاء بريق قرطبة الخلافة عليها. قام بنو عباد بتوسيع مملكتهم إلى آن سيطروا على ثلث البلاد تقريبا لتصبح مملكتهم الأقوى في عصر الطوائف، الأمر الذي مكّن من نمو المدينة اتساعا واغتنائها ثقافيا. فالمدينة المحددة بالأسوار الرومانية التي ورثها بنو أمية ضاقت بسكانها. أنشأ بنو عباد في البقعة التي تشغلها اليوم القصور الملكية Alcazares Reales قصورا خيالية تغنى بها الأدباء كالقصر المبارك والقصر الزاهي، مقر المعتمد بن عباد.[/rtl]
[rtl]باتت اشبيلية بني عباد محجا لرجالات الفكر والأدب من أمثال ابن حزم (1063-994)، وهو من كبار أعلام الأندلس، والشاعر ابن اللبانة الداني والوزير الشاعر ابن عمار الشلبي (1086-1031) الذي كانت تجمعه مع المعتمد علاقة صداقة خانها فانتهت بمأساة.[/rtl]
[rtl]وكان لدخول المرابطين العنيف في المدينة في نهاية صيف1091 تأثير كبير على حياتها ومظهرها النهائي فيالعهد العربي. فالمرابطون هم الذين أقاموا الأسوار التي تحدد اليوم رقعة المدينة التاريخية. كما أحكموا إغلاق المجال الممتد من ساحة تريونفوTriunfo حتى النهر والذي أقيمت به القصور والمعسكرات والمباني الإدارية التابعة للسلالات الأفريقية التي هيمنت على جلّ بلاد الأندلس.[/rtl]

[rtl]أوج الازدهار الموحدي[/rtl]

[rtl]بلغت اشبيلية أوجها في عهد الموحدين، وأصبحت حاضرة كبيرة ستلعب بعد ثلاثة قرون دورا أساسيا في علاقة العالم القديم مع الجديد (أمريكا).[/rtl]
[rtl]فحكمها من قبل أعضاء العائلة المالكة أفاد المدينة وجعلها عاصمة الدولة في الأندلس بالتوازي مع مراكش في المغرب. وترتب على هذه المكانة الإدارية والثقافية حركة أعمار واسعة. فقد عمد حكامها إلى تمتين وترميم أسوارها مرارا وبشكل خاص في ذلك الجانب المحاذي لنهر الوادي الكبير. يمتد الجزء الباقي من أسوار القرن الثاني عشر اليوم شمال نواة المدينة ما بين بابي ماكاريناMacarena وقرطبة. ونمت خارج الأسوار الأرباض الثلاثة الوحيدة التي احتضنتها اشبيلية لغاية القرن العشرين: ترياناTriana ، على الضفة اليمنى من الوادي الكبير وربضي ماكارينا وسان برناردو الذي جاء ذكره في نصوص القشتاليين القديمة تحت اسم بني اليعفرBenaliofar .[/rtl]
[rtl]وسمت منشآت الموحدين العامة مدينة اشبيلية بملامح متميزة، من بينها المسجد الجامع الجديد ،الذي تشغل مكانه اليوم الكاتدرائية، ومئذنته لا خيرالدا التي يجب تأملها باعتماد بعض خيال يزيل منها الشرفات وبيت النواقيس ويساعدنا على تصوّر الكرات (التفاحات) الأربع الذهبية تعلو قمتها: اليمور، الذي كان يترك انطباعا ساحرا جعل أحد المعاصرين يصفه بقوله أن مرأى تلك الكرات عن بعد يترك انطباعا وكأن جميع نجوم دائرة البروج حطّت على اشبيليةوالى الشمال، وراء باب العفو Puerta del Perdon القائم ما زال، هدمت البيوت لبناء قيصرية الحرير، منتجات البذخ التي تدلّ على رفعة المدينة.[/rtl]
[rtl]كما جلب الخليفة يوسف المياه إلى قلب المدينة بواسطة القناطر الرومانية بعد ترميمها: كانيوس (قساطلدي كارموناCanos de Carmona ، التي شرعت تعمل سنة 1172 وكانت كمية المياه التي توفرها كافية لري بساتين "البحيرة" وتزويد شبكة الحمامات العامة الكثيرة المنتشرة في المدينة. بعد سقوط المدينة بيد النصارى سنة1248 حوّل القسم الأكبر من تلك الحمامات إلى كنائس، ولم يصل ألينا سوى تلك الواقعة في شارع ماتيوس غاغوMateos Gago وميسون ديل موروMeson del Moro وتلك المسماة حمامات الملكة العربية ،إلى العهد ذاته يعود بناء الترسانات التي رممها الملك ألفونسو العاشر وبني فوق قسم منها مستشفى دي لا كاريداد Hospital de la Caridad. كما أقيم في الثلث الأخير من القرن الثاني عشر الجسر الذي يربط اشبيلية مع ربض تريانا، وكان أول جسر يقام في ذلك الجزء من النهر.[/rtl]
[rtl]النظام الدفاعي[/rtl]
[rtl]أضيف إلى المنشآت الدفاعية التي بنيت في القرنين العاشر والحادي عشر القصبتين الموحديتين المعروفتين باسم قصبة الداخل والخارج (برة) وتم دعم الدفاع عن الميناء ببناء برج الذهب Torre del Oro الذي كانيغلق مدخل الميناء الجنوبي. لمخطط البرج المذكور12 ضلعًا، وهو أول بناء يزدان بالزلّيخ في الأندلس. وفي الجهة الشمالية كان يقوم بمهمة الدفاع عن موقع الميناء الحيوي برج باب دي لا باركيتا Puerta de la Barqueta. فذلك الحيز من الأهمية بمكان باعتباره باب اشبيلية الاقتصادي الذي يؤمن صلاتها بالبحر الأبيض المتوسط والسواحل المغربية.[/rtl]
[rtl]كما وسع الموحدون قصور بني عباد وحولوها إلى ما يشبه مدينة البلاط والجيش، وما زال تنظيمهم بيّنا في يومنا هذا. ففي داخل قصر عهد الخلافة المعروف باسم دار الإمارة أقيمت مجموعة قصور ومقرات ملكية بقي قليل من آثارها بين البيوت المحيطة بفناء  Patio de Banderasدي بانديراس.[/rtl]
[rtl]ومن المواقع الهامة خارج الأسوار المنية الملكية وبركة البحيرة التي غدت فيما بعد "بستان الملك" Huerta del Rey. لا ريب أن المجمع الأخير كان في تلك الأزمنة شبيها بما هي عليه اليوم حدائق المنارة في مراكش.[/rtl]

[rtl]الازدحام السكاني[/rtl]

[rtl]ازدحمت اشبيلية بشتى الخلائق: من البربر القادمين من الأطلس وآخرين من جنوبي الصحراء ورجال الدين المستعربين والفقهاء الذين توافدوا أليها من كافة أرجاء الأندلس، والباعة الجوالون والشعراء. ثمة نص من ذلك العصر يصف ميل الاشبيليين إلى المزاح والفكاهة ويعتبر شارع بيتيسBetis في تريانا بأنه أفضل بقاع العالم لقضاء ليلة مقمرة.[/rtl]

[rtl]برز من الشخصيات في اشبيلية الفيلسوف ابن رشد القرطبي (1126-1198) الذي قطن في المدينة قبل انتقاله إلى مراكش، ومنهم بنو زهر، عائلة الأطباء الاشبيليين الذين يشغلون مكانة رفيعة في تاريخ العلوم.[/rtl]

[rtl]استيلاء فرناندو الثالث على المدينة[/rtl]

[rtl]تركت اشبيلية العربية ملامحها حتى بعد استيلاء فرناندو الثالث عليها، فكنائس القرن الثالث عشر المدجنة من قبيل سان لورينثو وسانتا مارينا وسان رومان وامنيوم سانكتوروم وسانتا آنا في تريانا وغيرها كثير أقيمت كلها فوق مساجد مدينة الموحدين.[/rtl]

[rtl]وقام ببناء القصور الملكية Reales Alcazares التي أمر بإنشائها الملك بيدرو الأول معماريون قدموا من طليطلة وغرناطة بني نصر وتدين ببهائها لفن المعمار الإسلامي. حتى أن نسيج المدينة الذي لم يتوالى عليها تغيير عميق سوى في القرن التاسع عشر ما زال يعكس مخطط المدينة العربية الأصلي والرؤى المعمارية التي أنشأتها. فالدروب، كذلك الذي نصادفه في ساحة سانتا مارتا قرب منارة لا خيرالدا وتعرجات حي سانتا كروث وساحة لا ألفالفا Plaza de la Alfalfa تنقل الزائر إلى العصر الوسيط المتأخر. ما زالت اشبيلية مدينة مفتوحة للزائر كما كانته أيام المعتمد بن عباد وفي عهد خلفاء الموحدين وعندما كانت عاصمة العالم الجديد في شبه الجزيرة الايبرية.[/rtl]







[rtl]الفردوس المفقــود 225
[/rtl]




[rtl]الفردوس المفقــود 311
[/rtl]


[rtl]الفردوس المفقــود 140
[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 9:02 am

الفردوس المفقــود 141

الفردوس المفقــود 226



[rtl][size=32]بطليوس[/rtl][/size]
[rtl]تقع على ضفاف نهر وادي آنه مدينة بطليوس المؤسسة برمتها من قبل المسلمين. تاريخها يذكر بأمجاد أمراء بني الأفطس المتوكل والمظفر المغرمين بالشعر والفنون.[/rtl]
[rtl]ترك تاريخ الأندلس الإسلامي بصماته المفحمة على قصبة بطليوس، وهي مجمع دفاعي بنى معظم أجزائه الموحدون. وولدت بطليوس بمبادرة من مولّد اعتنق الإسلام وينتمي إلى عائلة محلية عريقة: عبد الرحمن بن مروان الجليقي الذي أسسها في سنة 875 في عهد الأمير محمد الأول
وصل إلينا من الأسوار المبنية في القرن العاشر الجزء الجنوبي منها المحاذية لحدائق غاليراGalera .
[/rtl]
[rtl]بلغت بطليوس أوج أمجادها ما بين العامين1022 و1094 كعاصمة لمملكة بني الأفطس، وهم بربر من قبيلة مكناسة، فقد ضم ملكهم ماردة ولشبونة وشنترين وقمبرة. وفي عهد المظفر، المقاتل والمغرم بالشعر، عاشت بطليوس أزهى أيامها.[/rtl]
[rtl]قام أبو محمد، أول ملوك بني الأفطس، بتعزيز أسوار القصبة مستخدمًا في البناء الحجارة والكلس. وعندما أصبحت بطليوس من ثغور التخوم شهدت التقلبات المترتبة على ذلك الظرف إلى أن سقطت في يد النصارى في العام 1230.[/rtl]
[rtl]كان سادة الصحراء هم الذين أنجزوا تغييرات كبيرة في قصبتها واسوارها في القرن الثاني عشر. أصبح للقصبة في زمنهم ثلاثة أبواب ذات مداخل منعطفة وبويبات ملحقة بها. كما أنشأوا عدة أبراج خارجية يربطها بالأسوار ممرات ومنها برج الطليعةAtalaya واسبانتابيرّوس Espantaperros التي غدت رمزا للمدينة وهي على علاقة، معماريا، بأبراج قصرش الموحدية وبرج الذهب في اشبيلية. وكان في المدينة قصور قيمة وسط تزاحم بيوت القصبة. وفي القلب منها كان المسجد الجامع الذي أتى على ذكره البكري والحميري والذي حلّ محله المعبد المسيحي بعد سقوطها.[/rtl]
[rtl]التيار الثقافي[/rtl]
[rtl]بالتوازي مع الدور المتميز الذي لعبته بطليوس في أحداث ما بين القرنين11 و 13 سطعت المدينة ببريق إبداعي جعلها من مراكز الأندلس الثقافية في ذلك العصر، فقد تبوأت دور البلاط في القرن الحادي عشر ورعت العلماء والشعراء في عهدي المظفر والمتوكل. قائمة الأدباء الذين توافدوا عليها طويلة، نذكر منهم الشاعر الأمّي ابن جاخ البطليوسي وشاعر دانية ابن اللبانة الذي أطنب في مدح المعتمد بن عباد، وابن عبدون، شاعر بلاط بني الأفطس المولود في يابرة. ولا بد من ذكر ابن السيد البطليوسي الذي يعتبر أول أندلسي سعى إلى إثبات انسجام الدين الإسلامي مع الفكر الإغريقي.[/rtl]

[rtl] الزلاقة[/rtl]

[rtl]كانت السهول الممتدة شمالي بطليوس بعد سنة من سقوط طليطلة في يد الفونسو السادس مسرحا لمعركة عظيمة بين المسلمين والنصارى. فموقعة الزلاقة التي جرت في23 أكتوبر من سنة 1086 تعتبر أول معارك العصور الوسطى. فللمرة الأولى تواجه الجيشان المتساويين قوة وعتادا، كما كانت متشابهة قدرتهما العسكرية والدوافع التي كانت تؤجج مطامح قائديهما.[/rtl]
[rtl]كان ملك النصارى قد حصد قبل أشهر انتصارات باهرة إبان غزواته على ممالك الطوائف. ومن جهته كان يوسف بن تاشفين يتابع مسيرته المظفرة عبر شمال أفريقيا باستيلائه على طنجة (1077) وتلمسان (1081) وسبتة (1084) قبل آن يبدأ العبور إلى عدوة الأندلس في يونيو سنة1086 متجها بقواته في نهاية الصيف صوب وادي آنه.[/rtl]
[rtl]أخبار قدوم جيش المرابطين تسانده قوات مالقة التي أرسلها عبد الله، ملك غرناطة الزيري، ودعم المعتمد بن عباد الاشبيلي دفع الفونسو السادس الى رفع حصاره لسرقسطة والتوجه لملاقاة جيش المسلمين على رأس قوة بلغت خمسين ألف محارب.[/rtl]
[rtl]يذكر الأمير عبد الله في مذكراته ان جيش المسلمين تجمّع مقابل مدينة بطليوس بانتظار قدوم العدو. شمس الثالث وعشرين من شهر أكتوبر من سنة 1086 ، وكان يوم جمعة، أنارت معركة دامية استمرت حتى حلول العتمة وملأت البطاح ما بين نهري خيبورا Gevora ووادي آنه بأشلاء القتلى والجرحى.[/rtl]
[rtl]وكان النصارى قد باغتوا معسكر المسلمين قبيل الفجر، الأمر الذي اعتبره المسلمون غدرا لكونه يوم جمعة. لكن يوسف بن تاشفين نظم بنفسه كمينا وقع فيه الملك الفونسو السادس وأدت الى أصابته بجروح بليغة اضطرته الى الفرار لتتفرق حشود جيشه متمزقة تحت ضربات جيش المسلمين. مع انقشاع خطر النصارى تفرّغ المرابطون للقضاء على ملوك الطوائف.[/rtl]



[rtl]الفردوس المفقــود 142
[/rtl]


[rtl]الفردوس المفقــود 227
[/rtl]


[rtl]الفردوس المفقــود 312
[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 9:08 am

الفردوس المفقــود 143

الفردوس المفقــود 228

الفردوس المفقــود 313

الفردوس المفقــود 144

الفردوس المفقــود 229

الفردوس المفقــود 145
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 9:17 am

الفردوس المفقــود 146
الفردوس المفقــود 230


الفردوس المفقــود 315

الفردوس المفقــود 147

الفردوس المفقــود 231
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 9:20 am


[rtl]سقوط غرناطة[/rtl]



[rtl]يعتبر تاريخ دولة الإسلام بالأندلس من أطول و أخصب دول الإسلام عمراً وعبرة وأبلغها عظة وأكثرها دروساًوفوائد فقد امتدت دولة الإسلام بالأندلس قرابة الثماني قرون مرت خلالها الأندلس بعدة مراحل وأطوار بين قوة وضعف ووحدة وتفرق , ولم يكن سقوط الأندلس بالشيء الذي حدث فجأة لطول عمر الدولة الأندلسية ولتقلبها من حال إلى حال ونستطيع أن نقسم حياة دولة الإسلام بالأندلس إلى عشرة مراحل كل مرحلة كان لها الأسباب الخاصة بها والتي امتد أثرها طوال حياة الدولة المسلمة وكان لكل مرحلة سماتها وخصائصها والمحصلة النهائية لكل هذه المراحل سقوط الأندلس .[/rtl]




[rtl]ü    المرحلة الأولى : مرحلة الفتح من سنة 92هـ حتى 138هـ[/rtl]


[rtl]ü    المرحلة الثانية : قيام الدولة الأموية (عصر الازدهار) 138هـ - 238هـ[/rtl]


[rtl]ü    المرحلة الثالثة : عصر التدهور الأول من سنة 238هـ حتى 300هـ[/rtl]


[rtl]ü    المرحلة الرابعة : عودة القوة وإعلان الخلافة 300 هـ حتى 386هـ[/rtl]


[rtl]ü    المرحلة الخامسة : عصر الدولة العامرية 366هـ - 399هـ العصر الذهبي[/rtl]


[rtl]ü    المرحلة السادسة : سقوط الخلافة الأموية 399هـ - 422هـ[/rtl]


[rtl]ü    المرحلة السابعة : عصر ملوك الطوائف 422هـ - 483هـ[/rtl]


[rtl]ü    المرحلة الثامنة : عصر المرابطين 484هـ - 539هـ[/rtl]


[rtl]ü    المرحلة التاسعة : عصر الموحدين 539هـ - 620هـ[/rtl]


[rtl]ü    المرحلة العاشرة : دولة بني الأحمر ( مملكة غرناطة ) 620 هـ – 897هـ[/rtl]



الفردوس المفقــود 148

الفردوس المفقــود 232

الفردوس المفقــود 316

الفردوس المفقــود 410
الفردوس المفقــود 610
 
 الفردوس المفقــود 149



الفردوس المفقــود 233
الفردوس المفقــود 317



الفردوس المفقــود 150


الفردوس المفقــود 234


الفردوس المفقــود 151
الفردوس المفقــود 235
الفردوس المفقــود 318
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 9:58 am

[rtl]طرد الأمير أبي عبد الله محمد بن علي آخر ملوك الأندلس[/rtl]
 
[rtl]لم يكن سقوط غرناطة في يد النصارى حادثًا فجائيًا بل جاء حصاد سنوات من الكيد الصليبي المنظم والغفلةوالتخاذل من جانب حكام المسلمين في الأندلس، وكان سقوط غرناطة معناه سقوط دولة الإسلام في الأندلس الأمر الذي أسعد كل صليبي في مشارق الأرض ومغاربها، وأحزن كل المسلمين خاصة أهل المغرب ومصر التي حاولت التدخل، ولكن دون جدوى خاصة لاضطراب شئونها الداخلية، وهكذا كان الصدى الأليم الذي أثارته حوادث الأندلس في الأمم الإسلامية ولكنه بدأ يخبوا شيئًا ولم تمض أعوام قلائل حتى أسدل على تلك الفاجعة حجاب من النسيان ذلك رغم أن المأساة الأندلسية لم تذقه بسقوط غرناطة بل كان عليها أن تجوز فصولاً أخرى أشد فجيعة على كل مسلم قبل أن تصل إلى نهايتها وصفحتنا هذه هي أول فصول الخاتمة المأساوية لما بعد السقوط .كان الملك المنكود أبو عبد الله محمد بن علي هو آخر ملوك الأندلس وقد غادر غرناطة ساعة استيلاء النصارى عليها وسار مع آله وصحبه وحشمه إلى منطقة البشرات واستقر هناك في بلدة أندرش وهي إحدى البلاد التي أقطعت له في تلك المنطقة ليقيم فيها في ظل ملك قشتالة الصليبي، وذلك بناءًا على معاهدة التسليم الشهيرة، وكان وقتها أبو عبد الله في الثلاثين من عمره فعاش في مملكته الصغيرة الذليلة فترة من الدهر في لهو وترف كانا أصلاً السبب في مأساة الأندلس.وعلى الطرف الآخر كان ملك قشتالة الصليبي فرناندو وزوجته الصليبية إيزابيلا بالرغم من انتصارهما الشامل ونيلهما شرف إزالة دولة الإسلام من الأندلس إلا أنهما كانا يتوجسان في أعماق نفسيهما خيفة من بقاء السلطان المخلوع أبي عبد الله فيالأراضي الأندلسية، وأنه من الممكن أن يجتمع المسلمون عليه مرة أخرى ويكون بذلك بؤرة للقلاقل والاضطرابات عليهما، لذلك فكانا يفرضان عليه رقابة صارمة ويتلقيا أدق التقارير والأنباء عن حركاته وسكناته ودسا عليه رجلين مسلمين يفترض فيهما الولاء لأبي عبد الله وليس للصليبيين، وهما وزيرا أبي عبد الله [أبي كماشة وابن عبد الملك]، وبعد مرور عام واحد فقط على إقامة السلطان أبي عبد الله في أندرش حتى بدأ الملكان الصليبيان في تنفيذ خطتهما في طرد أبي عبد الله من الأندلس.بدأت المفاوضات سرًا بين وزير الملك الصليبي ووزير السلطان المخلوع ولم يكن أبو عبد الله يعلم شيئًا عن هذه المفاوضات ولم يأذن لهما فيها حتى تم الاتفاق على كل بنود الطرد المهين وبموجبه يتنازل أبو عبد الله عن كل أملاكه وحقوقه نظير مبلغ معين من المال، ولما علم أبو عبد الله بالأمر كاد أن يبطش بوزيره ولكن الوزير الذكي استطاع أن يقنع أبا عبد الله بأن البقاء في أرض العدو في ظل العبودية والهوان لا يليق به، وليس مكفول السلامة والأمان، وأن العبور لأرض الإسلام خير وأبقى، فاقتنع أبو عبد الله بالأمر ولكنه طلب مقابلاً من المال أكثر مما عرض عليه ودارت مساومات ومفاوضات حتى استقر الأمر على أن يخرج أبو عبد الله من الأندلس نهائيًا ويتنازل عن كل أملاكهبالأندلس نظير واحد وعشرين ألف جنيه هبي.وبالفعل تم عقد الطرد المهين لآخر ملوك المسلمين في 23 رمضان [size=20] 898 هـ وقد كتب أبو عبد الله موافقته على الطرد وهذا هو نص الموافقة التي تدل ألفاظها ومعانيها على مدى الهوان والذل التي وصل لها حال سلطان المسلمين، ويكشف عن السبب الحقيقي لسقوط الأندلس وفيه (( الحمد لله إلى السلطان والسلطانة أضيافي أنا الأمير محمد بن على بن نصر [خديمكم] وصلتني من مقامكم العلي العقد وفيه جميع الفصول الذي عقدها عني وبكم التقديم من خديمي القائد أبي القاسم المليخ ووصلت بخط يدكم الكريمة عليها وبطابعكم العزيز وأني أحلف أني رضيت بها بكلام الوفا مثل خديم جيد وترى هذا خط يدي وطابعي أرقيته عليها لتظهر صحة قولي )) ولقد فرح الصليبيون بهذه الوثيقة لدرجة أنها أصبحت تراثًا قوميًا يورث عندهم وما زالت موجودة في متحف مدريد الحربي بصورة مكبرة يراها زوار المتحف كمفخرة من مفاخر الصليبين على أهل الإسلام.[/rtl][/size]



[rtl][size=32]تاريخ سقوط أهم المدن [size=32]الأندلسية[/size][/rtl][/size]
[rtl]130 هـ \ 748 م: بمبلونة Pmpalone[/rtl]
[rtl]374 هـ \ 985 مبرشلونة Barcelona[/rtl]
[rtl]387 هـ \ 997 م: سانتياغو Santiago[/rtl]
[rtl]392 هـ \ 1002 م : ليون Leon[/rtl]
[rtl]446 هـ \ 1055 م: سلمنقة Salamanca[/rtl]
[rtl]456 هـ \ 1064 م: قلمربة Colambra[/rtl]
[rtl]457 هـ \ 1065 م : بربشتر Barbastro[/rtl]
[rtl]476 هـ \ 1084 م : مدريد Madrid[/rtl]
[rtl]477 هـ \ 1085 م : طليطلة Toledo[/rtl]
[rtl]489 هـ \ 1096 م : وشقة Huesca[/rtl]
[rtl]507 هـ \ 1114 م : تطيلة Tudela[/rtl]
[rtl]512 هـ \ 1119 م : سرقسطة Zaragoza[/rtl]
[rtl]543 هـ \ 1177 م : قونقة Cuonca[/rtl]
[rtl]585 هـ \ 1179 م : شلب Silves[/rtl]
[rtl]619 هـ \ 1222 م : ماردة Merida[/rtl]
[rtl]627 هـ \ 1229 م : بطليوس Badajos[/rtl]
[rtl]628 هـ \ 1230 م : ميورقة من جزر الباليار Mallorca[/rtl]
[rtl]632 هـ \ 1235 م : يابسة Ibza[/rtl]
[rtl]633 هـ \ 1236 م : قرطبة Cordoba[/rtl]
[rtl]633 هـ \ 1236 م : طلبيرة Tolavera[/rtl]
[rtl]636 هـ \ 1238 م : دانية Denia[/rtl]
[rtl]640 هـ \ 1242 م : قرطاجنة Cartagena[/rtl]
[rtl]641 هـ \ 1243 م : دانية Denia[/rtl]
[rtl]641 هـ \ 1443 م : مرسية Murcia[/rtl]
[rtl]644 هـ \ 1246 م : جيان Jaen[/rtl]
[rtl]645 هـ \ 1247 م : لشبونة Lisbaana[/rtl]
[rtl]645 هـ \ 1247 م : شاطبة Jativa[/rtl]
[rtl]646 \ 1248 م : إشبيلية Sevilla[/rtl]
[rtl]647 هـ \ 1249 م : لاردة Lerida[/rtl]
[rtl]661 هـ \ 1262 م : ولبة Huelva[/rtl]
[rtl]661 هـ \ 1262 م : لبلة Nibela[/rtl]
[rtl]661 هـ \ 1262 م : قادس Cadis[/rtl]
[rtl]702 هـ \ 1310 م : جبل طارق Giraltar[/rtl]
[rtl]818 هـ \ 1415 م : سبتة Ceuta[/rtl]
[rtl]890 هـ \ 1485 م : رندة Ronda[/rtl]
[rtl]893 هـ \ 1487 م : مالقة Malaga[/rtl]
[rtl]894 هـ \ 1488 م : وادي آش Cudix[/rtl]
[rtl]894 هـ \ 1488 م : المرية Almeria[/rtl]
[rtl]898 هـ \ 1492 م : غرناطة Granada[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 10:20 am



[rtl][size=32]كيف ضاعت الأندلس[/rtl][/size]

الفردوس المفقــود 2537
 

[rtl]فتح المسلمون بلادَ الأندلس أيامَ دولةِ بني أمية في أواخر القرن الأول الهجري، وعلى مر الأيام والسنين قدموا للتاريخ صفحاتٍ باهرات من العلم والمعرفة، وأمجاداً من الآداب والفنون، وشيدوا من المساجد والقصور والحصون ما بقيت آثاره إلى يومنا هذا، دالة على مدى رقيهم وعظمة أيامهم.[/rtl]

 

[rtl]إن الحضارةَ الزاهرةَ في الأندلس جعلتها مقصدَ طلابِ العلم من مختلف بلاد أوربا يفدون إليها ليتلقوا العلم في مختلف فنونه، وشتى فروعه، من شريعة وفلسفة وطب وفلك وغيرها على أيدي الأساتذة المسلمين الذين أناروا الدنيا بعلمهم.[/rtl]

 

[rtl]وفي أواخر القرن الرابع الهجريِّ انهار صرح الخلافة الأموية في الأندلس، وقامت دول الطوائف الصغيرة المفككة، وكان سقوط أية دولة منها ضربةً للأمة الإسلامية في الشرق والغرب.[/rtl]

 

[rtl]وكانت أسبانيا النصرانيةُ المتحصنةُ في أَقصى الشمال في جبال البرانس تتربص ببلاد الأندلس، وبينما كانت الخلافاتُ ناشبَةً بين ملوك الأندَلُسِ في الجنوب والفرقة تكاد تعصف بهم، كانت الإمارات الأسبانية في الشمال تتقارب وتتحد، وبعدها بدأت أسبانيا تستولي على بعض الإمارات الضعيفة، وتتوسع رقعتها شيئاً فشيئاً إلى أن تقلصت الأندلس الإسلامية في جنوب الجزيرة في مملكة غرناطة.[/rtl]

 

[rtl]وفي خلال هذه الحروب الطويلة ضربت الأمة الإسلامية أروع الأمثلة في الاستبسال والجهاد، وقدم المغرب للأندلس نجدَاتٍ كثيرةً، حتى شهد الأعداءُ بعظمة الجيوش الإسلامية في فنون الحرب والقتال.[/rtl]

 

[rtl]ولكن تجمع المسلمين وحصرهم في مملكة غرناطة، جعل الأسبانيين يضيقون عليهم الخناق ويشددون الحصار، فاضطر أبو عبد الله محمد آخر ملوك بني أحمر إلى مغادرة غرناطة عاصمة ملكه، فدخلها الأسبان سنة 897 هـ – 1492 م.[/rtl]








[rtl][size=32]قراءة في وقائع مأساة[/rtl][/size]


[rtl]د. عبد الكريم بكار[/rtl]


[rtl]ليست قراءة التاريخ والوقوف على حقائقه بدقة بالأمر الهين. وليس تحديد عوامل سقوط أمة أو حضارة شيئاً في متناول اليد، فالأمر في الحقيقة أشق بكثير مما نظن. ولا تأتي صعوبة هذا الأمر من مدى إمكانية التحقق من حدوث الوقائع التاريخية فحسب، ولكن من إمكانية قراءتها قراءة راشدة دقيقة، فالناس حين يقرؤون التاريخ لا يقرؤونه على نحو مباشر، وإنما من خلال (إشكالية) كوّنوها لأنفسهم، ولذا فإن تفسير الحقائق يتوقف إلى حد بعيد على المعتقدات والمبادئ والخلفيات الثقافية للمفسرين. وهذا يعني أن علينا أن نرضى بموضوعية ناقصة ونتائج نسبية الصواب. ومشكلة التاريخ أنه يتأبى على الخضوع للتجربة، فنحن لا نستطيع أن نجزم هل لو أن أهل الأندلس لم يغرقوا في النعيم أو لم ينقسموا على أنفسهم، أو لم يصيروا من الهجوم إلى الدفاع... هل كانت أعمار دولهم ستطول أكثر مما كانت عليه؟
وذلك لأن أسباب السقوط عديدة، ولا نعرف على وجه التحديد شكل النتائج إذا تخلَّف واحد منها.
وتدل شواهد الماضي والحاضر على أن قراءة التاريخ عقيمة بالنسبة إلى السواد الأعظم من الناس، حتى إن بعض الكتاب المسلمين والغربيين يرون أن أخذ العبرة من أحداث التاريخ عبارة عن خرافة كبيرة. لكن هذا القول لا يخلو من المبالغة. والرؤية الإسلامية في هذا الشأن واضحة فهناك فئة قليلة من الناس يتعظون بوقائع التاريخ، ويأخذون منها العبرة، كما قال –جل وعلا-:"لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب". وأولو الألباب المعنيون هم أولئك الذين استطاعوا الطفو فوق أمواج الانحطاط والاحتفاظ بالرؤية المنهجية الصحيحة في وسط يمور باللاهثين خلف الشهوات والمصالح الضيقة.
إن الخيال الخصب ليغرينا بتعداد الكثير من الأسباب التي أدَّت إلى خروج المسلمين من الأندلس، لكن ذلك لايتحصل منه كبير فائدة، كما لا تتحصل فائدة جيدة من قاعدة بلغت استثناءاتها الثلاثين أو الأربعين، ولذا فإن من الأولى الاقتصار على أهم ما يراه المرء من أسباب.
[/rtl]


[rtl]
إن سقوط الأندلس يشكل مأساة كبرى، لأن سقوطها لم يكن سقوط دولة، وإنما سقوط حضارة كان يمكن لها أن تكون نقطة انطلاق لتمدين العالم في تلك الحقبة، كما أن سقوطها قلع شعباً مسلماً من جذوره وعرَّضه للضياع الكامل، ومن هنا تأتي فرادة النكبة التي حلت بالإسلام والمسلمين في الأندلس.
وقد رأيت هنا الاقتصار على ذكر خمسة أسباب جوهرية ساهمت في حصول ما حصل، أسوقها موجزة في السطور الآتية:
[/rtl]


[rtl]1.  إن التقدم العمراني المذهل الذي حدث في الأندلس يدل على أن المسلمين هناك كانوا يمتلكون الكثير من المعارف والعلوم والخبرات المتقدمة بالنسبة إلى ما كان سائداً في محيطهم –على الأقل- وهذا ليس موضع جدال. لكن هل كل تقدم عمراني يعد تمدناً وتحضراً، وهل من اللائق أن نقتصر على الدلالات المباشرة للإنجازات الحضارية، أم لا بد من البحث عن دلالات أخرى قد تكون ذات شأن فيما نحن بصدده؟ إن القرآن الكريم يعلمنا أنه ما من أمة من الأمم السابقة هلكت بسبب قصور عمراني، وإنما بسبب الحيدة عن منهج الله –تعالى- واستدبار رسالات الأنبياء –عليهم السلام-. وبناء الأبنية الفخمة في الأندلس قد تجاوز حدود الخيال بسبب الأموال الهائلة التي أنفقت فيها، وكان ذلك مصادماً للبنية العميقة للتدين الحق، ومخالفاً لكل الأدبيات التي تهوِّن من شأن الدنيا وترغِّب في الآخرة. ولنا أن نسأل عن أعداد الفقراء الذين تم اقتطاع تكاليف أشكال الرفاهية من قوتهم اليومي، ومن حصتهم من ناتج البلاد الأندلسية وخيراتها؟ !لا ريب أن أعداداً ضخمة من الناس كانوا يشعرون بالظلم والجور، وهذا من عوامل تفكيك المجتمع وذهاب الريح، وتعجيل الهزيمة. أضف إلى كل هذا أن الرؤية الإسلامية للمنجزات العمرانية تلح دائماً على السياق الذي تمت فيه والمقاصد التي دفعت إليها. ونستطيع أن نقرر هنا أن كثيراً من الأبنية والمشروعات العمرانية، تمت في سياق التنافس في إثبات الذات والغلبة على النظراء وسياق التفاخر والتكاثر، فهي بالتالي شواهد تراجع حضاري أكثر منها أمارات نهوض وتقدم، فقصر الزهراء –مثلاً- والذي اشتغل فيه عشرة آلاف رجل وثلاثون ألف دابة، والتي كانت سواريه –كما زعموا- من المرمر والحجر الشفاف، وكانت رؤوسها مرصعة باللؤلؤ والياقوت، هذا القصر منسوب إلى الزهراء حظية عبدالرحمن الناصر. إنه آية في الإتقان، والجمال لكن لا صلة له بتدين أو رجولة أو إصلاح.[/rtl]


[rtl]2.  المال الذي تدفق على الأندلس من خلال غزوات الفاتحين الأولين، ومن خيراته الذاتية، جعل إمكانية غرق أعداد كبيرة من الناس في النعيم الواسع أمراً ميسوراً. وذلك النعيم مزَّق الوحدة الشعورية العميقة لأفراد المجتمع، حيث إن فخامة القصور والمباني وكثرتها أتاحت لكثير من أبناء النخبة والصفوة أن يشكلوا ثقافتهم الخاصة، وأن يصنعوا عالمهم الخاص الذي يعج بالنساء والغلمان والخمور والمغنين وهناك لا يكون هم إسلام ولا مستقبل ولا أندلس ولا أعداء!وظل السواد الأعظم من الناس بين متشوق إلى الحصول على مثل ذلك وباحث عن ثغرة للدخول إلى ذلك العالم، وبين مهمش لا حول له ولا طول. وفي مثل هذه الوضعية يضيع الإحساس بشرف الانتماء للوطن وتضيع الحماسة المطلوبة لمناهضة أعدائه، والدفاع عنه. وتعلمنا تجارب الأمم وشواهد الأيام أن كل قضية يُعزل عنها السواد الأعظم من الناس هي قضية خاسرة، وأن كل حمل يتم خارج رحم الأمة هو كالحمل الكاذب. وآنذاك يسهل بيع الشعوب والمتاجرة بقضاياها ومصيرها من لدن حفنة من الخونة (والخيانة فنون) الذين لا يجدون أي رادع يحول بينهم وبين ما يشتهونوترينا بعض الوثائق أن الوزيرين أبا القاسم المليح ويوسف بين كماشة كانا عميلين للأعداء، ومع ذلك فإنهما كانا يفاوضان عن المسلمين من قبل أبي عبدالله الصغير آخر ملوك الأندلس. وقد ذكروا أن أبا القاسم المليح خاطب الملكين الكاثوليكين(إيرناندوري نافرا) بقوله: أقسم بالله وبالشريعة أنني إذا استطعت أن أحمل غرناطة على كتفي لحملتها إلى أصحاب الجلالة، وهذا برغبتي وليقض الله عليّ إذا كنت كاذباً كما أتمنى أن ينتهي هذا الأمر (أي تسليم غرناطة للأسبان) على خير. وأرجو أن تكونوا على يقين بأنني خادم شريف ومخلص لأصحاب الجلالة!![/rtl]


[rtl]3.  مما ذهب بريح الأندلسيين أنهم خربوا بأيديهم الأرضية المشتركة التي كانت تمكنهم من تجاوز الانقسامات العنصرية والقبلية. وإن بقاء شوكة المسلمين في الأندلس كان متوقفاً على اتخاذ الإسلام والالتزام بمبادئه وقيمه قاسماً مشتركاً أعظم بين عناصرهم وقبائلهم المختلفة، وقد كان ذلك في بدايات وجودهم هناك حيث كان القائد البربري أو العربي يقود جيشاً جراراً خليطاً من البربر والعرب، وكانت مظلة الإسلام تتسع للجميع، وتغنيهم بالتالي عن الاحتماء بالتنوعات العرقية. لكن لما ضعف الشعور بالوحدة الإسلامية ثارت النعرات العنصرية والقبلية (كما حدث في المشرق تماماً) إلى حد يثيرالاشمئزاز، وقد بلغ الانقسام حداً دفع بعض ملوك وأمراء المسلمين أن يعقدوا مع النصارى أحلافاً ومعاهدات ضد إخوانهم المسلمين، بل بلغ الانقسام إلى درجة إرسال الكتائب لمساعدة الأسبان ضد بعض الإمارات الإسلامية، على نحو ما حدث في سرقسطة في عهد ابن هود وما فعله أبو زيد ملك بلنسية وابن الأحمر في غرناطة... بل إن النزاع بين المسلمين أخذ في بعض الأحيان شكل التصفيات الشاملة، وعلى سبيل المثال فقد ولي محمد بن هشام أمر قرطبة عام 399 م وقد رحَّب به أهل قرطبة، وأقاموا الولائم احتفاء بولايته، وقد كان الرجل يبغض البربر بغضاً شديداً، فأمر أن يُنادى في الناس: من أتى برأس بربري فله كذا، فتسارع أهل قرطبة في قتل من قدروا عليه، ولم يبق تاجر ولا جندي إلا اجتهد في القتل والنهب. وقد نُهبت ديار البربر وهُتكت حريمهم، وسبيت نساؤهم وبيعت في السوق، وبُقرت بطون بعض الحوامل !!مع هذا السلوك الإجرامي ومع هذه الروح العنصرية لا يبقى أي شيء مقدس، كما لا يمكن للوحدة السياسية إلا أن تكون في مهب الريح، وهذا ما حدث فقد تحللت الدولة الأموية هناك إلى اثنتين وعشرين دولة، يحارب في كثير من الأحيان بعضها بعضًا (هل هذا هو عدد دول جامعة الدول العربية؟!) ويبحث كل منها عن مصالحه الخاصة والنجاة بنفسه. وهكذا يثبت التاريخ المرة تلو المرة أن العصبيات العنصرية والأنانيات الصارخة كانت تشكل دائماً معول هدم في جسدالإمبراطورية الإسلامية في المغرب كما في المشرق على حد سواء.[/rtl]


[rtl]4. كان الوعي الأندلسي مرتبكاً، فهناك ما لا يحصى من الشواهد على أن التقدم العمراني والرخاء فيالعيش في الأندلس كان يلازمه على نحو شبه مستمر انخفاض في مستوى التدين والالتزام، وحتى لا نجور على القوم فإن الأندلسيين لم يكونوا استثناء من القاعدة، فتاريخ الأديان في العالم كله ناطق –مع الأسف- بهذه الحقيقة. أصيب الأندلسيون بمرض (الانهيار البطيء) حيث كانت صورة التدين لديهم تبتعد رويداً رويداً عن جوهر التدين الحق، وصارت البيئة العامة أشبه بحبل غليظ جُمعت خيوطه إلى بعضها خيطاً وراء خيط إلى أن استحال قطعه، وصار أهل الإصلاح والصلاح والغيرة يشعرون باتساع الخرق عليهموقد حاول بعض كبار علمائهم مثل المنذر بن سعيد وابن حزم وابن عبد البر وأبي الوليدالباجي قد حاولوا إيقاف التدهور، ورد طبقة الصفوة إلى سبيل الرشاد، لكن الأمر كان أكبر منهم. إن مشكلة المترفين أنهم كلما حصلوا على درجة من درجات الترف شعروا أنها حق مكتسب لهم، وعدوا التنازل عنها نوعاً من الفقر والعوز، وهكذا كان الأندلسيون عاجزين عن أن يخطوا خطوة واحدة إلى الوراء، مع أن العدو يتحين الفرص للانقضاض عليهم، فأدركتهم أيام الله. قد انتشرت بينهم الذنوب والمعاصي، وصارت المبادئ السامية عبارة عن شعارات فارغة لا توجه السلوك، بل تتخذ للتزيين والتكميل الشكلي، وقد كان ابن حزم يقسم بأن ملوك الطوائف لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشيةلأمورهم لعبدوها! وانعدمت الغيرة الدينية لدى كثير من العامة، فصار إنكار المنكرات من الأمور المنسية، وقد ذكر بعض المؤرخين أن رجلاً نصرانياً وقف في شارع عام في قرطبة أيام ابن عبد الجبار، وشتم النبي –صل الله عليه وسلم- بألفاظ نابية، فلم يكلمه أحد من المسلمين بكلمة! وقد تحركت غيرة أحد المسلمين، فقال مستنهضاً لمن حولـه: ألا تنكرون ما تسمعون! أما أنتم مسلمون؟ فقال جماعة منهم: امض لشغلك! وانتشرت في العديد من المدن الأندلسية أشياء تخدش صفاء العقيدة، فقد كانت قرطاجة –كما وصف بعض المؤرخين- مملوءة بأقواس من الحجارة المزخرفة بالصور والتماثيل وأشكال الناس وصور الحيوانات، مما يدهش الأبصار. إن كل شكل من أشكال المعصيةموصول على مستوى ما بشكل من أشكال الهزيمة والانكسار، وهذا ما لم يكن واضحاً لدى القوم![/rtl]


[rtl]5.  إن مصير المسلمين في الأندلس كان مرتبطاً بالخطة التي ينتهجونها في التعامل مع أعدائهم، وفي وضع كوضعهم كان الخيار الصحيح بالنسبة إليهم هو الاستمرار في الجهاد حتى يوجهوا فائض القوة نحو الخارج، وحتى يحافظوا على وحدتهم الداخلية، بالإضافة إلى أن ذلك يمكنهم من فتح خطوط متقدمة في أرض أعدائهم حتى يتمكنوا من الحفاظ على أرضهم (كما فعل اليهود) وقد كان بإمكانهم فعل ذلك، وربع الأموال التي أنفقت على أشكال الترف والسرف كان كافياً لتزويد الحركة الجهادية بما تحتاجه من نفقات، لكن القوم ارتضوا لأنفسهم الخطة الدفاعية في مواجهة عدو له عمق استراتيجيضخم هو أوربا كلها. وليت القوم أحسنوا الدفاع إذن لخرجوا بشيء ما، لكنهم كانوا طوائف وشيعاً فلم يستطيعوا الوقوف صفاً واحداً، وقد كان حسم المواقف وتحديد الوجهة هو أهم ما ينقصهم، كما هو شأن كل المخذولين.[/rtl]


[rtl]
إن المسلمين بإعراضهم عن الجهاد وإدامة الهجوم وضعوا أنفسهم في وضعية المدافع المحاصر وقد قالت العرب قديماًالمحاصر لا يأتي بخير. وعلى كل حال فدولهم الكثيرة التي كانت تتطاحن في مساحة محدودة من الأرض –لم تكن مهيأة لأكثر مما فعلت، فقد كان بين معظمها وبين الحكم بما أنزل الله –تعالى- فجوة كبيرة، وهي كما وصفها ابن حزم –رحمه الله- :"نظم مستبدة مستهينة بالدماء مكثرة من أسباب الترف وضروب العمران واستجلاب المنافقين من الكتاب والوزراء والشعراء، وقد نشأ بينها من المفاسد ما أعوز دفعه، واستحكم ضرره" كلما قرأت في تاريخ الأندلس السليبة تذكرت صراعنا مع اليهود، وأبصرت من أسباب الهزيمة هنا ما أبصرته هناك! ولله الأمر من قبل ومن بعد.
[/rtl]


[rtl]ودفعهم ولعهم هذا إلى تأليف كتب ورسائل خاصة في هذا الباب من ذلك مثلاً كتاب "الحدائق" لابن فرج الجياني ت 366هـ وكتاب "البديع في وصف الربيع" لأبي الوليد اسماعيل الحميري ت440هـ وحديقة الارتياح في صفة حقيقة الراح لأبي عامر بن مسلمة وزمان الربيع لأبي بكر الخشني الجياني وغيرها.[/rtl]


[rtl]ولسنا نريد أن نتوسع في الحديث عن شعر الطبيعة... ولكن ينبغي أن نحدد مفهوم شعر الطبيعة وحدّه وتعريفه, ثم بعد ذلك نقف عند شعر ابن زيدون لمعرفة مدى تحقق ذلك المفهوم في شعره وبخاصة قصيدته القافية التي نعدها من أبرز نتاجه المتمثلة فيه بواكير الرومانسية بمفهومها الحديث.[/rtl]


[rtl]يقول الدكتور جودت الركابي إن شعر الطبيعة هو الشعر الذي يمثل الطبيعة وبعض ما اشتملت عليه في جو طبيعي يزيده جمالاً خيال الشاعر, وتتمثل فيه نفسه المرهفة وحبه لها واستغراقه بمفاتنها(3).[/rtl]


[rtl]ويقرر الركابي أن (شعر الطبيعة) تعبير جديد في أدبنا جاءنا من الآداب الغربية... وكان من أهم مظاهر الحركة الإبداعية الرومانسية في أواخر القرن الثامن عشر.. والطبيعة كما يفهمها الرومانسيون صديقة وفيّة يحبونها لما تمنحه من جمال لحسّهم وهدوء لنفوسهم, فيستسلمون اليها ويشاطرونها المناجاة ويبوحون إليها بعواطفهم وآلامهم.[/rtl]


[rtl]وفي العودة إلى شعر ابن زيدون لمعرفة مدى انطباق التعريف السابق على شعره, ولنعرف إن كان حقاً شاعر طبيعة أم أنه يستعين بالطبيعة في زيادة الزهو والجمالية في نتاجه? إن ابن زيدون بحكم النقاد ومؤرخي الأدب العربي لا يعتبر من شعراء الطبيعة مثلما كان ابن خفاجة, وكانت تغلب عليه صفة شاعر الغزل الذي سجل قصة حب عنيفة مع ولادة بنت المستكفي.[/rtl]


[rtl]ولكن ابن زيدون, مع كل ذلك كان يتفاعل مع الطبيعة الأندلسية ويتأثر بها فيشاطرها همومه وأشجانه ويقاسمها مشاعره التي تفيض حباً وحناناً تجاه ولاّدة, فاستعان بصورها وقاموسها وألفاظها في شتئ أغراضه الشعرية وبخاصة الغزل ومجالس اللهو والمرح.[/rtl]


[rtl]تلك القصائد التي بوأته مكانةً عالية بين شعراء الأندلس فأطلق عليه لقب "بحتري الأندلس". فبأي شيء اتفق هذان الشاعران سوى أن يكون القاسم المشترك بينهما متمثلاً في هذه الرقة والعذوبة التي تصطبغ بهما مفردات قصائدهما وما تشيعه من جو ساحر خلاّب, تتوثّق فيه الأصوال وتلين فيه العبارات بوحدة وتلاحم وتعاشق, فكأنها شلاّل ينساب متدفقاً عبر طبيعة زاهية بجمالها ورونقها وعبقها, فيغدو جزءاً مكملاً لها, وتغدو هي إطاراً له يضفي عليه بهاء وروعة, وهكذا فعل الشاعران مع الطبيعة... استعانا بها في بناء القصيدة وتشكيل صور وجزيئات عديدة أضفت على نتاجهما كثيراً من الجدة والجمالية والحيوية. فابن زيدون لم يقل قصائد خالصة في وصف الطبيعة مثلما كان ولع الآخرين من شعراء عصره... ولكننا نشم رائحة الطبيعة الأندلسية الغنّاء ونحس بمعالمها وجمالها في جل نتاجاته الشعرية. فمن الحق القول ان شعر ابن زيدون كله يكاد يكون ألواناً من الطبيعة موشاة, نسجتها يد صانع أبدعت تصوير حواشيها وإبراز نقوشها وخاصة غزله الذي امتزج فيه إحساسه بالطبيعة وإحساسه بالمرأة وجمالها امتزاجاً جعل كلاً من الإحساسين جزءاً من الآخر وامتداداً له في وحدة فنية.[/rtl]


[rtl]ولكن ذلك لا يدفعنا إلى اتهام الشاعر بعدم الإحساس بالطبيعة وظواهرها إحساساً مستقلاً قائماً بذاته, فيفرد لها القصائد والمقطوعات; وقد علل ذلك الدكتور ناصر الدين الأسد بقوله “إنّ إحساس ابن زيدون بالطبيعة كان جزءاً من إحساسه العام بالجمال ممزوجاً بإحساسه بالمرأة وشعوره بها, ومن ذوب هذه الأحاسيس صاغ شعره في الغزل والتشوّق والتذكر... فهو لا ينظر إلى الطبيعة بعين عقله ولا بعين خياله ليتصيد الأوصاف والتشبيهات... وإنما هو شاعر فنان يستجيب لدواعي نفسه ولأحساسيسه الداخلية ومشاعره الخاصة الذاتية... ومن هنا جاء شعوره بالطبيعة مبثوثاً في ثنايا شعره الذي يعبر فيه عن ذوب عاطفته .[/rtl]


[rtl]إنّ ذلك التفاعل الحاصل بين الشاعر وبين المشهد الطبيعي يزيد من حيوية الفن وقدرته على التأثير لأنه يكون أكثر صدقاً في الإثارة وفي البناء والصياغة, فلم يتخذ ابن زيدون الطبيعة لذاتها مكتفياً بوصفها ونقل محسوساتها الخارجية, وليس ذلك بمعجز له أو صعب عليه, وهو الشاعر القدير على النظم والصياغة, ولكنه اتخذ من الطبيعة بجزيئاتها ومظاهرها ومفاتنها عنصراً مكملاً ومتداخلاً مع أشياء أخرى... فلم يتخذها مسرحاً أو مكاناً للحدث وإنما جعلها جزءاً منه... فأنطقها وطبع عليها صفات إنسانية ومنحها حواساً بشرية فهي ترى وتسمع وتشم.! وهي تضحك وتبكي وتفرح وتتألم.[/rtl]


[rtl]إنّ إسقاط الحواس على الطبيعة وبالصيغة التي عرفتها بعض قصائد ابن زيدون وبالطريقة التي تعامل معها شاعرنا لم تكن معروفة لدى شعراء أندلسيين آخرين... كانوا يتباهون ويتبارون بمقدار نجاحهم في ايجاد صورة جميلة لزهرة أو بستان أو نهر أو تشبيه أو استعارة أو غير ذلك لمظهر من مظاهر الطبيعة التي تحيط بهم وتضم ليالي أنسهم أو مجالس سمرهم ولكن ابن زيدون كان يشترك مع شعراء عصره في الاستعانة بألفاظ الطبيعة وديباجتها وجمالها في أغراضهم الشعرية المختلفة... تتسلل إلى قصائدهم لغة أو صورة أو تشبيها أو كناية أو استعارة, فكان معجم الطبيعة طاغياً على الشعر الأندلسي عموماً بعيد القرن الرابع الهجري, فكان الإغراق في استخدام عناصر الطبيعة ومفرداتها سبباً في اتصاف الشعر الأندلسي وأهل الأندلس بعشق الطبيعة والهيام بمفاتنها والتعلق بها... ولا نريد أن نسترسل في هذا الموضوع فنتحدث عن ولع الأندلسيين بالبيئة وألوانها ومناظرها وصورها ولكننا نريد أن نقف عند حالة فريدة وجديدة كان لها أثر كبير في الدراسات اللاحقة, لأنها تشكل تحولاً كبيراً في الشعر العربي... تلك هي القصيدة القافية لابن زيدون التي مزجت بعمق وحيوية وتفاعل يندر وجوده في قصائد أخرى مماثلة في موضوعها بين مشاعر المنتج العاشق وعواطفه وأحاسيسه وبين الطبيعة امتزاجاً تلفّه غلالةٌ من نسيج إنساني تتعاطف فيه كل العناصر المكونة للمشهد... تتبادل الأحاسيس والمشاعر وكأنها عائلة واحدة متماسكة متكافئة متحابة فالنسيم يرق ويعتل والروض على الرغم من كونه مبتسماً, حزين باك وهذا ما توحي به لفظة (شققت فشق الجيوب والكشف عن الصدور تفعله النساء في العادة في المراثي والمآتم, والزهر يبكي وتترقوق الدموع في عيونه...) فجميع مظاهر الطبيعة تتفاعل مع الشاعر الذي خفق قلبه بالشوق والحنين والتذكر إلى حبيبته.. فالمكان والمنظر الطبيعي وهذه الأجزاء المتناثرة هنا وهناك في حديقة الزهراء تذكره أحبابه وتُهيّج شوقه فيتداخل لديه الشعور وترتبط الذكرى في وجدانه فتغدو الزهراء هي ولاّدة... وتصبح ولاّدة هي الزهراء... وهذا الموقف هو الذي دفع بعض النقاد الى توجيه هذه القصيدة وجهة أخرى وجعلها تعبيراً عن مرحلة التشبث بالأمومة في صورها المختلفة: "الأم, الحبيبة, الطبيعة, الوطن, الماضي, الصداقة, معاهد الطفولة... وقد فجر ذلك حادث السجن وزادته قوةُ الانفصال الاضطراري عن الأم الكبرى "قرطبة" وفيه تحضر ولاّدة حضوراً عن غير طريق الغزل المباشر لأنها ليست حبيبة وحسب, بل تمثل جانباً من الأمومة ومن الطبيعة ومن الوطن ومن الماضي, فالحديث عن قرطبة يومئ اليها, والطبيعة الجميلة في الزهراء اطار لها... والفرع الأكبر أن تصبح ولاّدة مثل قرطبة جزءاً من الماضي لا تتاح له عودة.[/rtl]


[rtl]فليست ولاّدة وحدها مجال تنافس وتصارع مع الآخرين من أجل الاستحواذ عليها والفوز بحبها, بل قرطبة أيضاً كانت أيام الفتنة المثيرة وما بعدها تعيش حالة تمزق وتشتت وتصارع وأطماع من أجل التغلب عليها والسيطرة على مقاليدها من قبل المتنافسين السياسيين... فالصورتان متقاربتان في ذهن الشاعر وهما قد تعززان - بما تتضمنانه من ايماء إلى قرطبة مدينته التي كان يعشقها - توجيه هذه القصيدة وقصائد أخرى في الديوان تلك الوجهة التي أشرنا إليها آنفاً.[/rtl]


[rtl]وقد وردت قافية ابن زيدون في كتاب القلائد ممهداً لها بعبارات مشجعة تصف لنا ما كان يكابده الشاعر آنذاك ويعانيه من شوق ولهفة ومن خوف ووجل, موزع القلب والمشاعر:[/rtl]


[rtl]"فلما حلّ بذلك القرب, وانحل عقدُ صبره بعد الكرب.. كرّ إلى الزهراء ليتوارى في نواحيها ويتسلى برؤية ما فيها, فوافاها والربيعُ قد خلع عليها برده, ونثر سوسنة وورده. وأترع جداولها, وأنطق بلابلها... فتشوق إلى لقاء ولادة وحنّ, وخاف تلك النوائب والمحن, فكتب اليها يصف فرط قلقه, وضيق أمده وطلقه, ويعاتبها على اغفال تعهده, ويصف محضرها معه ومشهده".[/rtl]


[rtl]يقول:[/rtl]

اني ذكرتك بالزهراء مشتاقاوالأفق طلق ووجه الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله كأنما رقّ لي فاعل إشفاقا
والروض- عن مائه الفضي- مبتسم كما شققت - عن اللبات – أطواقا
يوم كأيام لذات لنا انصرمتبتنا له حين نام الدهر سراقا
نلهو بما يستميل العين من زَهَرجال الندى فيه حتى مال أعناقا
كأن أعينه اذ عاينتْ أرقيبكت لما بي, فجال الدمعُ رقراقا
وَرْدٌ تألق في ضاحي منابتهفازداد منه الضحى في العين اشراقا
كلٌّ يهيج لنا ذكرى تُشوقُنا

[rtl] إليك لم يعد عنها الصدرُ أن ضاقا[/rtl]


 لو كان وفّى المنى في جمعنا بكمُلكان من أكرم الأيام اخلاقا
يرى ينافحه نيلوفر عبقوسنان نبّه منه الصبحُ أحداقا
لو شاء حملي نسيم الريح حين هفاوافاكمُ بفتىً أضناه ما لاقا



[rtl]            [/rtl]


[rtl]إنّ الجو النفسي الذي عاشه ابن زيدون في أثناء قرضه هذه القصيدة والقلق الذي يحاصره ومقدار الهموم التي تعتصر فؤاده هي التي فجرت هذه اللوحة الفنية الرائعة وأبدعت تلك الصور الجمالية الخالدة, وقد قال الشاعر "ألفريد دو موسيه" بأنه ما من شيء يجعلنا عظماء مثل ألم عظيم".[/rtl]


[rtl]فالكآبة والحزن وقلق التخفي انتقلت إلى الطبيعة فصبغتها بلون أسود قاتم انعكست ملامحها على قصيدته القافية. والقصيدة تمثل حالتين متناقضتين متقابلتين الماضي البهيج الذي تجلى في طلاقة الأفق وصفاء وجه الأرض وابتسام الروض وطرب الزهر وتألق الورد وإشراق الضحى, وفي مقابله تجهم الحاضر وفي اعتلال النسيم واشفاقه, ونعاس النيلوفر وإغفائه, وبكاء الزهر وترقرق دمعه.[/rtl]


[rtl]في حين رأى الدكتور احسان عباس في القصيدة حالة من التوازي بين منظر الطبيعة الضاحك وحال الشاعر الحزين, وأن هذا التوازي حقق عمقاً في المفارقة... أما المنظر نفسه فانه كفل تحقيق مقارنة في نفس الشاعر بين الماضي الجميل والحاضر الذي جاء بكل شيء جميل لولا غيابها:[/rtl]



[rtl]لو كان وفّى المنى في جمعنا بكم              لكان من أطيب الأيام أخلاقاً[/rtl]



[rtl]إنّ ابن زيدون في قافيته يُنطقُ الجماد ويخلق من الطبيعة الصامتة إنساناً يحاكيه ويبثة شجوه وأنينه, فيتفاعلان ويتجاوبان بتعبيرات إنسانية مملوءة بالحركة والنشاط. وبذلك تكون القصيدة القافية لوحة فنية تنم عن امتزاج الشاعر بالطبيعة وصدق عاطفته نحوها وتشجيعه لها حتى أصبحت لسان نجواه وخفقة قلبه".[/rtl]


[rtl]ولم يكتفِ ابن زيدون في قافيته بالحديث عن حبيبته ولا عن جمالها ومفاتنها وإنما توقف عند عواطفه ومشاعره مسقطاً تلك الانفعالات والمشاعر على الموجودات حوله, وبذلك يخرج ابن زيدون عن تقاليد شعراء الأندلس الآخرين وعن طريقتهم التي يصفها المقري بقوله "إن شعراء الأندلس إذا تغزلوا صاغوا من الورد خدوداً ومن النرجس عيوناً ومن الآس اصداغاً ومن السفرجل نهوداً ومن قصب السكر قدوداً ومن قلوب اللوز وسرر التفاح مباسم ومن ابنة العنب رضاباً".[/rtl]


[rtl]إنّ من يتأمل قصيدة ابن زيدون المذكورة يشعر بمقدار الاتحاد القائم بينه وبين الطبيعة وعمق التلاحم والتمازج بينهما, وهو ما يصعب تلمسه في قصائده الأخرى كما يصعب العثور على أمثاله في شعر غيره من الأندلسيين, ومن هنا تأخذ هذه القصيدة أهميتها في تاريخ الأدب الأندلسي لأنها تعد بادرة نادرة ومحاولة جديدة تقترب من المفهوم الرومانتيكي الذي يرى في الطبيعة صديقاً يقاسمه الهموم والأحزان والمشاعر.[/rtl]


[rtl]وقد أعجب نيكلسون بهذه القصيدة الرائعة وضربها مثلاً لتوضيح الشعور العميق بالطبيعة التي يتميز بها الشعر الأندلسي.[/rtl]


[rtl]قافية ابن زيدون أثارت اهتماماً, وذهب بعض النقاد إلى اعتبارها ذات تأثير قوي في شعر الطبيعة الأوروبي وفي الشعراء الرومانسيين الذين ظهروا في القرن التاسع عشر في أوروبا.[/rtl]


[rtl]ويرى الدكتور إبراهيم سلامة في القافية أنها تمتلك شيئاً من الرمزية الرومانسية وأنّ هذه الرمزية أو هذا التمثل في الطبيعة هو ما يريده النقد الأوروبي, وهو ما فهمه العرب من زمن بعيد وهو ما كان واضح الأثر جلياً في طبيعة الأندلس الواضحة.[/rtl]


[rtl]وهو عند ابن زيدون في قافيته أكثر وضوحاً وتجسيماً وتعبيراً, حتى يكاد ينفرد هذا الشاعر بقدرته على الالتحام والاتحاد مع الطبيعة مازجاً حبه لها بحبه للمرأة, فكان بذلك يجمع بين ذاته الشاعرة و ين الطبيعة والمرأة في توحد صوفي وذوبان لا حدود له.[/rtl]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 10:20 am

[rtl][size=32]...وما زالت الأندلس تمنحنا دروسا!![/size][/rtl]

[rtl]"عرفت الأندلس تاريخا متميزا في كل مظاهر العيش صغيرها وكبيرها؛ فتحمَّل الأندلسيون على اختلاف أصولهم وعقائدهم مسؤوليات تدبير أمور الحكم، وتلاقوا في مجلس العلم معلمين ومتعلمين، وكتبوا فيما هو عام، يحدوهم حب العلم، ويسعون إلى نشر آثاره، أو فيما هو خاص، ينورون به عقول ذوي المعتقد كل في نحلته، ويهدونهم السبيل. وتنافسوا في سبل العيش في الأسواق، ونهضوا بشأن التجارة وزرعوا الأراضي، وغرسوا الجنان، وهذبوا البساتين وحفروا الآبار، ونظموا الري، ورفعوا البنيان، وتساكنوا وتجاوروا في نفس الرباع، وأحيانا في نفس الدور.[/rtl]


[rtl]وباختصار، نسجوا نسجا حضاريا مختلف الألوان منسجم التركيبة.. إنها مشاركة انمحت فيها الخصوصيات الدينية والعرقية، وتوارت فيها الأنانيات والعصبيات زمنا كان كافيا لبناء مجتمع يُعتبر بحق بما صنع في العلم والرجال المثال الذي يجب أن نضعه دوما نصب أعيننا"..[/rtl]

كان هذا طرفا مما جاء به الدكتور أحمد شحلان (المغرب) ضمن أعمال ندوة دولية عقدها مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات بالرباط في الفترة ما بين 12 و14 مارس 2002 حول موضوع: الحضارة الإسلامية في الأندلس ومظاهر التسامح، وجاءت هذه الندوة في إطار سعي المركز الفني إلى تشجيع الحوار بين الحضارات والثقافات؛ دعما للتعايش بين الشعوب وتعزيز أواصر التفاهم والتبادل خدمة لأهداف ازدهار الإسلام.
 

[rtl]لا للاستهلاك.. هناك فرق!![/rtl]

[rtl]وينفي الدكتور محمد تاج الدين الحسيني نائب رئيس المجلس التنفيذي لمركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات أن تُعتبر الندوة اجترارا لمواضيع طُرحت في هذا الشأن، أو أن تُصنف ضمن لائحة الندوات التي استهلكت مواضيع حوار الحضارات والتسامح الديني والتعايش الحضاري.. وإنما أتت ندوة المركز بمحاور جديدة ومفاهيم مختلفة؛ حيث يقول: "الفرق واضح بين ندوتنا هذه والندوات والمؤتمرات السابقة التي اهتمت بأسس إقامة حوار حضاري بين الحضارة العربية الإسلامية وباقي الحضارات الأخرى وخاصة المسيحية واليهودية، لكن خصوصية وأصالة الندوة التي ننظمها اليوم هي الرجوع إلى التاريخ البعيد، إلى الحضارة الإسلامية بالأندلس واستخراج المظاهر الحقيقية لذلك التسامح على المستوى الديني، وعلى مستوى المجتمعات الإنسانية، وعلى مستوى علاقات التعامل التجاري؛ وبالتالي استخراج مجموعة من المبادئ والضوابط التي تؤطرها في اتجاه ترسيخ الحوار الحضاري من أجل توظيفها في عصرنا الحاضر.[/rtl]

[rtl]وفي اعتقادي أن الندوة بمفهومها هذا تأخذ بُعدا أصيلا ومتجددا لم يسبق لأي مؤسسة أخرى منذ منعطف 11 سبتمبر أن أخذت به في مثل هذا الاتجاه".[/rtl]

[rtl]لقد تناولت الندوة طيلة ثلاثة أيام مداخلات وورقات عمل تقدم بها دكاترة وباحثون ومهتمون بالحضارة الأندلسية، أتوا من بلدان عربية وأجنبية؛ منها: مصر، تونس، السعودية، أمريكا، إسبانيا، فرنسا، إضافة إلى المغرب محتضن المركز، وقد ناقش هؤلاء مواضيع جد متخصصة سادت المجتمع الأندلسي آنذاك: التسامح الديني، التواصل الحضاري، التفاعل الثقافي، المظاهر الفنية، المظاهر الاجتماعية، المظاهر الفكرية…[/rtl]
 

[rtl]"لا" أسبانية[/rtl]

إن الأوضاع العالمية المعاصرة بما فيها من تيارات وأفكار تجعل إعادة قراءة حضارة الأندلس وثقافتها واقتراح تأويلات جديدة ملائمة ضرورية ووجيهة لإلقاء مزيد من الأضواء على مظاهر التسامح فيها؛ لتدحض أقاويل المغرضين على الإسلام، وهذا ما بدا أن الندوة تسعى للوصول إليه؛ إذ جاءت كلمات المشاركين الأجانب قبل المشاركين العرب موضوعية وأمينة لما عرف عن التواجد الإسلامي بالأندلس، وهي شهادة من أهل الدار أثبتوا من خلالها سموّ الحضارة الأندلسية من جهة، ومحاولة الغرب طمس وتشويه هذه الحضارة من جهة أخرى.
[rtl]تتحدث الدكتورة "ثيليا ديل مورال مولينا" (إسبانيا) عن رفضها مع مجموعة من المثقفين والمفكرين والفنانين الأسبان للاحتفال الذي يقيمه الجيش والكنيسة بمدينة غرناطة يوم الثاني من يناير لكل سنة، وهو تاريخ الاستيلاء على غرناطة سنة 1492؛ حيث يجسد هذا الاحتفال أحد المظاهر التي تتجلى من خلالها الرغبة في اجتثاث الثقافة العربية من غرناطة لصالح الثقافة الإسبانية.. تقول الدكتورة ثيليا في هذا الموضوع: "بصفتي عضوًا في "مجموعة بيان 2 يناير" الصادر عام 1995 الذي نادى بتغيير طبيعة الاحتفال، وجعله يرمي إلى التصالح والتسامح بين الثقافات، وبصفتي مستعربة ومحبة للثقافة العربية؛ أريد من خلال هذه المداخلة القيام بدراسة التطور الذي عرفته ظاهرة احتفالات الاستيلاء على غرناطة منذ نشوئها في نهاية القرن الخامس، وفي نفس الوقت أريد التوقف عند النقاش الذي ولده هذا الاحتفال في الوقت الحاضر، مبينة ما قد يثيره الاحتفاظ به من حساسيات، خصوصا مع تزايد عدد المهاجرين الوافدين على إسبانيا من شمال إفريقيا، وكذا مع تزايد عدد معتنقي الإسلام من الأسبان الذين يقيم عدد مهم منهم في غرناطة".[/rtl]

[rtl]لم يخلُ من نزاعات[/rtl]

[rtl]إذا كان المجتمع الأندلسي قد تكوّن من السكان الأصليين المختلفين ومن المسلمين من المشرق العربي ومن مغربه، فإنه لم يخلُ من نزعات ونزاعات؛ شأنه في ذلك شأن المجتمعات الإنسانية الشبيهة به. وفي هذا الصدد يؤكد الدكتور محمود إسماعيل - جامعة عين شمس بالقاهرة: "لا أحد ينكر ذروة التسامح التي وصلتها العلاقات الاجتماعية والدينية والفكرية والعلمية بين المسلمين والمسيحيين واليهود إبان الحضارة الأندلسية؛ فأنا أزكي هذا الطرح وأوافق عليه، لكننا كباحثين وكمهتمين وكمؤرخين علينا أن نرصد كل ما حدث في تلك الحقبة بكل أمانة وموضوعية وحيادية، وأريد التأكيد هنا على أن التسامح الديني في بلاد الأندلس لم يكن مثاليا وحاصلا مائة بالمائة، إنما حصلت هناك استثناءات، -وأقول استثناءات- عانى منها أهل الذمة، سواء كانوا مسيحيين أو يهودًا، وهذه هي الأحداث التي يركز عليها الغرب الآن، ويحاول أن يعطيها صورة القاعدة وليس الاستثناء، لهذا فمن واجبنا نحن أن نعرض هذه الصورة ونناقشها ولا نخفيها أو نطمسها حتى نتمكن من الرد على الطرف الآخر ولو بشرح الظروف والملابسات التي حصلت فيها هذه الوقائع".[/rtl]
[rtl]"مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات" كغيره من المراكز والمنظمات والهيئات التي تقتصر في تنظيمها لمثل هذه الندوات على الوطن العربي الإسلامي، في حين أن المعني بالأمر والمتمثل في المواطن الغربي لا يعلم شيئا عن هذه الأنشطة التعريفية والتوضيحية، وبالتالي فلا يتم الاستغلال والتوظيف الجيد لفعاليات ونتائج هذه الندوات.[/rtl]
[rtl]يعلق الدكتور محمد تاج الدين الحسيني نائب رئيس المجلس التنفيذي لمركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات على هذا الموضوع، فيقول: "الذي أريد التأكيد عليه هو أن مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات مقبل -إن شاء الله- على حركة مهمة على مستوى الانفتاح على العالم الغربي بأَسره، وفي هذا الإطار أقول لكم: إن نسبة مهمة من الأبحاث التي تناقش في هذه الندوة هي أبحاث صادرة عن علماء أسبان وأمريكيين والكثير منهم من الأجانب. والهدف من هذه المشاركة هو: أولا: لتبادل الأفكار، وثانيا: لمعرفة طريقة تفكير وأسلوب الآخر في التعامل مع هذه الحضارة الإسلامية في الأندلس.[/rtl]

[rtl]ونحن -كأعضاء داخل المجلس التنفيذي للمركز- نأخذ على عاتقنا مسؤولية ترجمة هذه البحوث والمناقشات والمداخلات إلى اللغات الحية، وهدفنا من هذا التوجه هو إقناع الطرف الآخر بحقيقة مظاهر التسامح التي تمثلها الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس، وبأن الحضارة الإسلامية اليوم ما هي إلا استمرار لذلك التراث الذي يستمد منابعه الأساسية بالتأكيد من الكتاب والسنة النبوية؛ فنحن نتشبث دائما بأن الله تعالى خلق الناس شعوبا وقبائل لتتعارف…".[/rtl]
[rtl]بين التعصب والإنصاف[/rtl]

بلاد الأندلس الفردوس المفقود للمسلمين والمكسب الماسي للأسبان؛ إذ لا أحد يجهل اليوم الأموال الطائلة التي تجنيها الحكومة الأسبانية سياحيا من تراث الحضارة الأندلسية؛ فالقصور والمساجد والرياض في كل من قرطبة، وغرناطة وإشبيلية، وغيرها من المدن الأندلسية تستقطب ملايين السياح سنويا من مختلف بقاع العالم، ومن المفكرين والكتاب الأسبان من اعترف بعظمة هذه الحضارة واعتبرها جزءا من وطنيته وقوميته،.يصرح بذلك الدكتور محمود علي مكي -أستاذ الأدب الأندلسي والمغربي بجامعة القاهرة- إذ يقول: "كانت مؤلفات الكتاب الأسبان منذ طرد المورسكيين حتى نهاية القرن الـ 18 تتسم بالتعصب والتستر على الحقائق، ثم بدأت الصورة تختلف وتتضح قليلا في بداية القرن الـ19 بوجود مؤرخين منصفين، وإن كان صوتهم ضعيفا.بعد ذلك.
[rtl]وبدخول القرن الـ20 وجدنا عددا كبيرا من المدرسة الاستشراقية ينظر إلى هذا التاريخ العربي الإسلامي نظرة جديدة مختلفة تماما؛ فهي تعتز به وتعتبره جزءا من تاريخها القومي مثل الكاتب خوان غويتيصولو، وبيدرومارتيني مونتاري.. هذه الأصوات وإن كانت كثيرة اليوم وفي تزايد مستمر فإنه ما زالت هناك أصوات متعصبة...".[/rtl]

[rtl]أُسدل الستار على الندوة الدولية، وخلص المشاركون إلى أن الثمانية قرون التي أشرقت فيها أشعة شمس الحضارة الأندلسية على شبه الجزيرة الأيبيرية لا زالت تلقي بظلالها إلى اليوم؛ فالربط والقلاع والقصبات والحصون والقرى والمدن تشهد على عبقرية عربية إسلامية تنبذ العنف والتدمير، وتبغي التعايش والسلم والتشييد.[/rtl]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 10:27 am

[rtl][size=32]سقوط الأندلس دروس وعبر[/rtl][/size]
 
[rtl]أيها الأحبة: متى ما وجدت الأسباب، كانت النتائج؛ ولذلك يقول جل وعلا منبها لهذا الأمر (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) ويقول جل وعلا: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) ويقول سبحانه: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً).[/rtl]
[rtl]سنن كونية تمر في حياة الناس، وفي حياة المسلمين خاصة، وقلما يعتبر معتبر ويتذكر متذكر، جئت هذه الليلة لأتحدث معكم عن مأساة الأندلس. هذه المأساة التي اهتز لها التاريخ، هذه المأساة التي ما كان يخطر بقلببشر أن تكون كما كانت، وأن تقع كما وقعت.[/rtl]
[rtl]
جئنا - أيها الأحبة - ناصحين ومبينين ومحذرين، من أن تتكرر هذه المأساة في واقع المسلمين، كما وقعت في ماضيهم القريب والبعيد. هذا الأندلس الذي دخله الإسلام على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير، وبقيالإسلام فيه ثمانية قرون متوالية.
[/rtl]
[rtl]
أيها الأحبة: إن المحزن - أيها الأحباب - أن من يزور أسبانيا الآن، الأندلس سابقا لا يجد أي أثر للإسلام. عاش الإسلام، وتمكن الإسلام ثمانية قرون، أكثر من ثمانمائة عام، وخلال سنوات محدودة معدودة لم يبقللإسلام، أي ذكر وأي أثر قد يتوقع من يتوقع، أن تنتهي الدولة الإسلامية في الأندلس، ولكن أن يمحى الإسلام من الوجود وأن يجتث، وأن يقتطع من أصوله ومن جذوره، فهذا ما لا يخطر على بال.
[/rtl]
 
الجزء الأولالجزء الثاني
الجزء الثالثالجزء الرابع
الجزء الخامسالجزء السادس
 

[rtl][size=32]سقوط الأندلس دروس وعبر[/rtl][/size]

[rtl]الجزء الأول[/rtl]

 
[rtl]دعونا نتأمل -أيها الأحبة - ثمانية قرون، وماذا كانت النتيجة بعد سقوط الأندلس في عام ثمانمائة وسبعة وتسعين هجرية. 
بعد معاهدة سنشير إليها بعد قليل ـ إن شاء الله ـ أعطاها النصارى، ولكنهم خانوا كعادتهم، بدأت الخيانة بعدسنوات معدودة، بعد سبع سنوات من انتهاء الأندلس، ماذا حدث؟ 
بدأت محاكم التحقيق ودواوين التفتيش، وبدأ التعذيب الوحشي، الذي لم يمر بتاريخ البشرية كهذا التعذيب أبدا، من يقرأ كيف واجه المسلمون تعذيبا رهيبا وشديدا ومؤلما على يد من؟ على يد النصارى. أشكال وألوان من التعذيب، لم تصل إليها البشرية حتى الآن. كانوا يلاحقون المسلمين ملاحقة، ويلاقون منهم، ويلاقي المسلمون ألوانا من العذاب والوحشية تقشعر لها الأبدان، إذا علموا أن مسلما اغتسل ليلة الجمعة عرفوا أنه مسلم، فقضوا عليه إذا وجدوه لبس الزينة في يوم العيد، عرفوا أنه مسلم فقضوا عليه. كيف يقضون عليه؟ قلت لكم بأساليب وحشية تدمي القلوب.
[/rtl]
[rtl] 
استخدموا جميع ألوان التعذيب والبطش والتنكيل على مدى ثلاثة قرون متواصلة، حتى محوا المسلمين من الوجود، وقد يكون هذا الأمر مستغربا، ولكنها الحقيقة كانوا يأتون بالمسلم ويعذبونه، حتى إنهم يأتون به ويخلطون لحمه وعظامه، ولا تميز بين اللحم والعظام بعد عذاب شديد، يستمر أياما وأشهرا، كانوا يتفنون ويتلذذون في تعذيب المسلمين، هؤلاء اليهود، وهؤلاء النصارى كانوا يأتون بالنماذج، تعذيبهم بما يسمونه:
[/rtl]
[rtl]العروسة أتدرون ما هي العروسة؟ صورة فتاة جميلة مصنوعة من البرونز أو من النحاس، موضوعة في تابوت، ويوضع ويخرج منها خناجر على شكل خناجر، ويقال للمسلم هذه زوجتك، فيلقى في التابوت عليها، ويغلق عليه التابوت والخناجر تمزق أمعاءه وأحشاءه، كانوا يأتون بالمسلم، ويقطعونه أوصالا، وهو حي يبدءون من قدميه حتى يصلوا إلى وسطه، ثم يبدءون من أطرافه، ثم رأسه حتى ينتهي وهو يتأوه ويتعذب.[/rtl]
[rtl]صور التعذيب، صور الوحشية، الخروج من الحياة الإنسانية ما لا يخطر على بال.[/rtl]
 
[rtl]نقول: بعد ثلاثة قرون من هذا الأمر، قضوا على عدد من ملايين المسلمين بهذه الطريقة، واضطر بعض المسلمين أن يعلن التنصر، وأنه نصراني، وأن يربي أبناءه على النصرانية علنا، ولكنه يخفي الإسلام وهؤلاء الذين سموا "بالمرويسكيين. ولكن تابعوهم متابعة دقيقة، حتى إنهم كانوا يفتشون عن عورة الصبي، أو الرجل فإن وجدوه مختونا علموا أنه مسلم، فبطشوا بأهله وبزوجته وبأبنائه بأشد أنواع البطش والفتك. هذا ما حدث أيها الأحباب، وهنا تعتبر أوروبا الآن من آخر بلاد أوروبا وجودا للإسلام فيها.[/rtl]
[rtl]
البلد الذي عاش فيه الإسلام ثمانية قرون، نجد أن أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وبعض دول أوروبا، قد نجد أثرا للمسلمين فيها. أما أسبانيا، فإلى الآن، فأثر المسلمين ضعيف وكأن هذه المدينة، وكأن هذه الدولة لم يعش فيها الإسلام ثمانية قرون متلاحقة، ما السبب في ذلك؟ ولهذه المأساة، بل أثناء هذه المأساة، بكى المسلمون وتباكى كثير من المسلمين قبل سقوط الأندلس، وممن بكى الأندلس كما تعرفون أبو البقاء الرندي بقصيدته المشهورة.
[/rtl]
[rtl]نقرأ لكم بعضا منها، تبين هذه المأساة التي حلت بالمسلمين:[/rtl]
[rtl] فلا يغر بطيب العيش إنسان لكل شيء إذا ما تم نقصان من سره زمن ساءته أزمان هي الأمور كما شاهدتها دول ولا يدوم على حال لها شان وهذه الدار لا تبقي علـى أحد وأين منهم أكاليل وتيجان أين الملوك ذوي التيجان من يمن قضوا فكأن القوم ما كانوا أتى على الكل أمر لا مرد له حتى وللزمان مسرات وأحزان فجائع الدهر أنواع منوعة لما حل بالإسلام سلوان وللحوادث سلوان يسهلها وما هوى له أحد وانهد ثهلان دهى الجزيرة أمر لا عزاء له كما بكى لفراق الإلف هيمان تبكي الحنيفية البيضاء من أسف أقفرت ولها بالكفر عمران على ديار من الإسلام خالية قد ما فيهـن إلا نواقيس وصلبان حيث المساجد قد صارت كنائس حتى المنابر ترثي وهي عيدان حتى المحاريب تبكي وهي جامدة إن كنت فـي سنة فالدهر يقظان يا غافلا وله فيالدهر موعظة وأنتـم يا عباد اللـه إخـوان ماذا التقاطع في الإسلام بينكم على الخير أنصار وأعوان ألا نفـوس أبيـات لها همم أما واليوم هم في بلاد الكفر عبدان بالأمس كانوا ملوكا في منازلهم عليهم من ثياب الذل ألوان فلو تراهم حيارى لا دليل لهم إن كان فـي القلب إسلام وإيمان لمثـل هـذا يذوب القلب من كمد هذا جزء من هذه القصيدة الرائعة المبكية المحزنة أيها الإخوة:[/rtl]
إن كان في القلب إسلام وإيمان لمثـل هـذا يذوب القـلب من كمد

 



[rtl][size=32]سقوط الأندلس دروس وعبر[/rtl][/size]

[rtl]الجزء الثاني[/rtl]

 
[rtl]ثانياً: الأسباب التي أدت إلى سقوط الأندلس ضعف العقيدة والانحراف عن المنهج[/rtl]
[rtl]ولكن ما جاءت هذه المأساة بين عشية وضحاها، ما حدث بالأندلس عفوا ولا صدفة كلا وحاشا، ولكنها سنة كونية، هناك أسباب أدت إلى هذه المأساة، دعونا نقف مع بعض هذه الأسباب، وسأقتصر على أهم الأسباب،فالأسباب كثيرة ثم بعد ذلك أعرج على بعض الدروس والعبر، وأنبه الإخوة الأحبة: أن كل سبب مما سأذكره، هو بنفسه عبرة وعظة لمن ألقى السمع وهو شهيد.[/rtl]
[rtl]قلنا لكم: دخل الإسلام على يد طارق بن زياد، وموسى بن نصير عام ثلاثة وتسعين هجرية، ثم في خلال ثلاث سنوات فقط انتشر الإسلام، انتشارا عظيما في الأندلس، ثم بدأ الإسلام يزداد، ويقوى وبدأ عهد الولاة، ثم بدأ عهد الخلافة، ثم بدأ بعد ذلك في عام أربعمائة وعشرين، بدأ عهد الطوائف بعد ثلاثمائة وثلاثين سنة، بدأ عهد الطوائف وبداية عهد الطوائف هي بداية الانحدار في تاريخ الأندلس ثلاثمائة سنة، كانت عهد القوة ولكن بدأعهد الطوائف، كما قلت ثم تلاه عهد المرابطين الموحدين، أو عهد المرابطين ثم عهد الموحدين، ثم قامت مملكة غرناطة دولة بني الأحمر، واستمرت حتى سقطت في حدود عام ثمانمائة وسبعة وتسعين، هجرية. بعد ثمانمائة عام وزيادة بعد أن بقي الإسلام في هذه البلاد، 
نقول: ما هي الأسباب التي أدت ما استمعتم إليه.
[/rtl]
[rtl]أول سبب: نقف أمامه، هو ضعف العقيدة والانحراف عن المنهج. لما ضعفت العقيدة أيها الأحباب، وانحرفالمسلمون عن المنهج، حل بالمسلمين ما حل بهم، وستلحظون الآن ماذا أقصد بالانحراف عن المنهج؟ وكيف ضعفت العقيدة من خلال الأسباب الباقية؟[/rtl]
[rtl]
ومن خلال الأمثلة التي سأذكرها، إنما أشير هنا إلى أبيات يبينها أحد الشعراء في هذا المجال فيقول:
[/rtl]
 
بعدنا وإن جاورتنا البيوتوجئنا ببعض ونحـن صموت
وأنفاسنا سكنت دفعـــةكجهد الصلاة تلاه القنــوت
وكنا عظاما فأصبحنا عظاماوكنا نقوت فها نحن قــوت
وكنا شموس سماء العـلاغربنا فناحت عليها البيـوت

[rtl] 
وهنا نأتي للسبب الثاني، وكل الأسباب تتفرع عن السبب الأول كما ذكرت، وهو التحالف مع النصارى والخضوع لهم ومجاملتهم، من خلال دراستي لتاريخ الأندلس، فجعت أيها الأحباب لماذا؟ لأنني وجدت أن التحالف مع النصارى بلغ ذروة رهيبة أودت بالأندلس، مفهوم الولاء والبراء، مفهوم الحب والبغض مفهوم العقيدة الصحيحة، ضعف في نفوس المسلمين. وضعف في نفوس الولاة، وضعف في نفوس الملوك، فحلبالأندلس ما حل بها.
[/rtl]
[rtl] 
يقول أحد المؤرخين، وهو عبد الله عنان: يذكر ويبين هذه الحالة، وكان يتحدث عن ابن هود، وكانت تعتور جهوده نفس المثالب القديمة، ما هي المثالب القديمة، التي كانت تصدع دائما من جهود زعماء الأندلسيين، والتي تتلخص في مصانعة النصارى، ومداراتهم ومساومتهم على حساب المصالح الإسلامية.
[/rtl]
[rtl]
خذوا مثلا من ذلك، من ذلك قصة أحد الولاة، واسمه أبو زيد هذا الرجل ثار عليه أهل بلنسية، فلما ثاروا عليه، وأرادوا خلعه قام وعقد لواء وذهب إلى ملك النصارى ( خاينوي ) واتفق معه، وعقد معه معاهدة، وكان من هذه المعاهدة أن يقوم أبو زيد، ويعطي ملك النصارى جزءا من بلاد المسلمين، ويتنازل عن جزء من بلاد المسلمين، وأن يقدم الجزية لملك النصارى، تصوروا؟ المسلم الذي كان يقبض الجزية، أصبح يدفع الجزية في بلاد النصارى، ثم زاد على ذلك بأن اعتنق النصرانية، وأخذ يسير مع حلفائه النصارى في غزواتهم ضد بلاد المسلمين.
[/rtl]
[rtl] 
ونجد مثلا آخر، ابن الأحمر، عقد معاهدة، مع ملك النصارى مع ملك قشتالة، ما هي هذه المعاهدة؟ معاهدة غريبة محزنة مبكية، نقول لا غرابة إذا سقطت الأندلس، إذا كان الحكام على مثل هذا المستوى من ضعف الولاء والبراء ومن المهادنة لأعداء الله: اتفق معه على أن يحكم ابن الأحمر مملكة غرناطة، باسم ملك قشتالة، وفي طاعته وأن يؤدي له جزية سنوية.
[/rtl]
[rtl]
ابن الأحمر ملك من ملوك المسلمين، يقدم الجزية لملك النصارى وأن يعاونه، ابن الأحمر يعاون ملك قشتالة ضد المسلمين، أو ضد أعدائه سواء كانوا من النصارى أو من المسلمين، وأن يقدم إليه عددا من الجند متى وأين طلب ذلك؟ وأن يشهد اجتماع المجلس النيابي القشتالي كواحد من أتباع ملك قشتالة، وسلم ابن الأحمر لملك قشتالة جيان وأرجونة وباركونة وقلعة جابر رهينة، ودليلا على حسن الطاعة وتنازل له - أيضا - عن بعض بلاد المسلمين.
[/rtl]
[rtl]
وتستمر المآسي وأمامي أمثلة كثيرة، ولكنني سنختصرها نذكر منها أن ابن الأحمر وفاء لتعهده، قدم لملك أشبيلية، أو عندما حاصر (كما يذكر ابن خلدون) ملك النصارى أشبيلية، قام ابن الأحمر، وقدم وفقا لتعهده قوة من الفرسان لمعاونة النصارى في حصارهم للحاضرة الإسلامية والاستيلاء عليها.
[/rtl]
[rtl] 
ملك من ملوك المسلمين، يقدم ويعاون النصارى على حصار البلاد الإسلامية، بل تعدى الأمر ذلك إلى مجاملة النصارى كيف؟ قام ملك قشتالة: ألفونس الحادي عشر، بحصار جبل طارق، وهو تحت أيدي المسلمين، ولكن الله - سبحانه وتعالى - أرسل عليهم وباء فتك بهم، وممن قتل في هذا الوباء ملك النصارى لما فتك بهم الوباء رجعوا إلى بلادهم، أو إلى أشبيلية وهي من بلاد المسلمين، وكان لا بد أن يمروا على غرناطة، فسمح لهم ابن الأحمر، أن يمروا على غرناطة، ولم يتعرض لهم وهل اكتفى الأمر بذلك؟ لا بل إن بعض المسلمين لبس الحداد، الحداد على من؟ على مقتلة النصارى ووفاة ملك النصارى، مجاملة للنصارى.
[/rtl]



[rtl][size=32]سقوط الأندلس دروس وعبر[/rtl][/size]

[rtl]الجزء الثالث[/rtl]

[rtl]هذه نماذج مخزية، وسبب رئيس لأسباب سقوط الأندلس، لأنهم لم ينتبهوا إلى قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) ولم يفهموا ولم يستمعوا إلى قوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ) ملوك الأندلس لم يتقوا الله سبحانه وتعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَمِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) إذا يقول جل وعلا: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ).[/rtl]
[rtl]نقف أمامه نعتبر، ونتأمل، ونتذكر، إذا ضعفت العقيدة في نفوس المسلمين حل بهم الهوان، وحلت بهم الذلة، وحل بهم الضعف، الانغماس في الشهوات والركون إلى الدعة والترف .[/rtl]
[rtl]
 اسمعوا ماذا يقول المؤرخ، وهو مؤرخ نصراني. يقول: "العرب هووا عندما نسوا فضائلهم التي جاءوا بها،وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال في الشهوات" هذا نصراني يعترف بالحقيقة. يقول العرب هووا متى؟ عندما ذهبوا، ولجئوا إلى المعاصي، ونسوا الأهداف التي جاءوا بها ويقول شوقي أبو خليل، واسمعوا إلى هذه الكلمات المعبرة: "والحقيقة تقول: إن الأندلسيين في أواخر أيامهم، ألقوا بأنفسهم في أحضان النعيم، وناموا في ظل ظليل من الغنى الواسع والحياة العابثة، والمجون وما يرضي الأهواء من ألوان الترف الفاجر، فذهبت أخلاقهم كما ماتت حميتهم وحمية آبائهم البواسل، وغدا التهتك عن أي شيء يتحدث؟ عن أي قرن يتحدث؟ عن أي زمن يتحدث؟ وغدا التهتك والخلاعة والإغراق في المجون، واهتمام النساءبمظاهر التبرج والزينة بالذهب واللآلئ، من أبرز المميزات أيام الاضمحلال، لقد استناموا للشهوات والسهرات الماجنة والجواري الشاديات. وإن شعبا يهوي إلى هذا الدرك من الانحلال والميوعة، لا يستطيع أن يصمد رجاله لحرب، أو جهاد.
[/rtl]
 
[rtl]وخذوا بعض الأمثلة على هذا الأمر ذكر عدد من المؤرخين، أن أسباب مقتل ابن هود، أنه تنازع هو ونائبه ووزيره في المرية، محمد الرميمي، بسبب النزاع على جارية نصرانية، كل منهم يريدها لنفسه، والعدو يتربص بهم، فقام الوزير، ودس من قتل ملك المسلمين أحد ملوك الطوائف: ابن هود، بسبب فتاة، جارية نصرانية.[/rtl]
[rtl] 
ويقول عبد الله عنان في نهاية الأندلس، لم يلبث أبو الحسن، وهو أحد ملوك بني الأحمر، بل من آخرهم، أحد زعماء غرناطة، بل ومن آخرهم أن ركن إلى الدعة وأطلق العنان لأهوائه وملاذه، وبذر حوله بذور السخط والغضب، بما سار به في شئون الرعية والدولة، وما أثقل به كاهلهم من صنوف المغارم وما أغرق فيه من دروب اللهو والعبث، وهكذا عادت عوامل الفساد والانحلال والتفرق الخالدة، تعمل عملها الهادم، وتحدث آثارها الخطرة " ثم يقول: " ذلك أن أبا الحسن ركن في أواخر أيامه إلى حياة الدعة، واسترسل في أهوائه وملاذه، واقترن للمرة الثانية بفتاه نصرانية رائعة الحسن، أخذت سبية في إحدى المعارك، واعتنقت الإسلام كما يقولون، ولهذا حل بالأندلس ما حل بها، وانشغل المسلمون في بناء القصور، وبناء الدور، وبناء المزارع والبساتين، وعدوهم يعبث، ويعمل عمله الرهيب حتى أتاهم على حين غرة.
[/rtl]
 
[rtl]دخلنا الأندلس عندما كان نشيد طارق في العبور الله أكبر، وبقينا فيها زمنا بهمة عبد الرحمن الداخل، الذي قدم إليه الخمر، ليشرب فقال: إنني محتاج لما يزيد في عقلي لا لما ينقصه، فعرف الناس من ذلك قدره، ولما أهديت إليه جارية حسناء، فقال: بعد أن نظر إليها، إن هذه الجارية من القلب والعين بمكان، فإن أنا انشغلت عنها بمهمتي ظلمتها، وإن لهوت بها عن مهمتي ظلمت مهمتي، ومهمته الجهاد لا حاجة لي بها الآن، فقالوا: إن الأمير ذو همة، وبهذا بقينا في الأندلس، ولكن متى أضعنا الأندلس، أضعنا الأندلس عندما كان نشيد المسلمين:[/rtl]
 
[rtl]راقت الخمرة والورد صحا      دوزن العود وهات القدح[/rtl]
[rtl]فقدنا الأندلس عندما كان مغنيهم يغني
قيادي تملـكه الجهاد؟ لا 
ووجـدي لا يطـاق ولا يرام قيادي قـد تملـكه الغـرام 
............................ 
ودمعي دونـه صوب الغوادي 
دمعه دونه صوب الغوادي 
وشجوي فـوق ما يشكو الحمام ............................ 
علـى الدنيـا وساكنـها السلام إذا ما الوجـد لم يبـرح فؤادي 

 [/rtl]

[rtl]وفعلا ذهبت الأندلس، وراحت وعليها السلام، لأن هذا وأمثاله هذه كانت حياتهم العابثة، أغاني، لهو، مجون،خلاعة.[/rtl]
[rtl]
نعم وعندما قصد الإفرنج بلنسية لغزوها في عام ستة وخمسين وأربعمائة هجرية، خرج أهلها للقائهم بلباس الزينة. العدو جاء ليقاتل، ويخرج أهل بلنسية للقاء العدو بثياب الزينة، فكانت الوقعة التي هزم فيها المسلمون هزيمة منكرة حتى قال الشاعر:
[/rtl]
حلل الحرير عليكموا ألوانا لبسوا الحديد إلى الوغى ولبستموا
لو لم يكن ببطرنـة ما كانا ما كان أقبحهم وأحسنكم بها

 
[rtl]هذه حالة مؤسفة ومؤسية، أقول: عندما أغرق المسلمون في الشهوات في الملذات، في المعاصي كان ما كان، وهذا سبب سأقف معه بعد قليل من الدروس والعبر، إن شاء الله، فانتبهوا له أيها الإخوة.[/rtl]
[rtl]حال المسلمين، الآن حال محزنة ومؤسفة، لهو وعبث وضياع وأغان إلا من عصم الله سبحانه وتعالى.[/rtl]
[rtl] 
هذا سبب واضح وجلي، قلنا لكم: لنا وقفة مع هذا السبب، سنعود إليه إن شاء الله.
[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 10:33 am



[rtl][size=32]سقوط الأندلس دروس وعبر[/rtl][/size]


[rtl]الجزء الرابع[/rtl]


 

[rtl]إلغاء الخلافة وبداية عهد الطوائف  :[/rtl]


[rtl]أيضا من أسباب سقوط الأندلس: إلغاء الخلافة وبداية عهد الطوائف: عهد الطوائف عهد التفكك، وعهد من السنوات الصعبة من الفرقة والتنافس، والتشتت والضياعبدأ عندما أعلن أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور، إلغاء الخلافة، ويكفي أن نعلم، أنها بلغت دول الطوائف في فترة من الفترات بلغت سبعا وعشرين طائفة، أو إمارة أو دويلة تتنافس فيما بينها،بدل أن كانت الأندلس دولة واحدة تحولت إلى كم؟ إلى سبعةوعشرين دولة.[/rtl]

كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد ألقـاب مملكـة فـي غـير موضعها
 

[rtl]وهذه الطوائف، كانت سببا رئيسا في هذا الجانب؛ ولذلك يقول ابن حزم يصف ملك الطوائف، وما جر على المسلمين، ويقول ابن حزم رحمه الله، وهو من علماء الأندلس: والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية لأمورهم، لبادروا إليها، من التنازلات، التي قدموها فنحن نراهم يستمدون النصارى، فيمكنونهم من حرب المسلمين لعنهم الله جميعا. يقول ابن حزم وسلط عليهم سيفا من سيوفه.[/rtl]


[rtl]
الاختلاف بين المسلمين :
[/rtl]


[rtl]نجد من الأسباب التي أودت بالأندلس، الاختلاف بين المسلمين:[/rtl]


[rtl]والخلاف شر - أيها الأحباب - الخلاف لا يأتي بخير أبدا، لما زاد الخلاف بين المسلمين، واستعدى بعضهم على بعض حلت الكارثة، حتى إنهم بدءوا كما قلت لكم منذ قليل، بدءوا، يستعدون بعضهم ضد بعض عن طريق ملوك النصارى.[/rtl]


[rtl]
يأتي الرجل من ملوك المسلمين، ويتفق ويحالف الملك النصراني ضد أخيه، ضد أخيه! وهذا أمر محزن جدا، أيها الأحباب، يتقاتلون ويتناحرون على السلطة وعلى الشهوات، واستمر الخلاف بين المسلمين وذهبت الفرقة حتى قال شاعرهم:
[/rtl]

فيها وشـمل الضـد غيـر مبـدد ما بال شـمل المســـلمين مبدد
وطريق هـذا العـذر غيـر ممـهد مــاذا اعتذاركـم غدا لنبيكـم
وتركتمـوهـم للعــدو المعتـدي إن قال لـم فرطـتمو في أمـتي
لكفـى الحياء من وجه ذاك السيـد تالله لـو أن العقوبـة لـم تخف
 

[rtl]يقول: ألا تستحون من الله سبحانه وتعالى، ألا تستحون عندما تقابلونه وغدا سيسألكم الرسول الله عن تفريطكم بأمتكم؛ ولذلك استمر الخلاف، حتى كان بنو وطاس، ينتمون إلى بطن من بطون بني مرين،وينافسونهم في طلب الرياسة والملك، فلما اشتدت وطأتهم على السلطان عبد الحق، بطش بهم وقتل معظم رؤسائهم ونجا بعضهم، وتفرقوا في مختلف الأنحاء، وأسلم عبد الحق زمام دولته إلى اليهود، فبغوا وعاثوا في الدولة كعادتهم. تصوروا طرد وزراءه وطرد أبناء عمه، وطرد المسلمين وقتلهم وسلم الدولة لمن؟ سلمها لليهود، ونتساءل لماذا سقطت الأندلس؟.[/rtl]


[rtl]
تخلي بعض العلماء عن القيام بواجبهم :
[/rtl]


[rtl] أيضا، قفوا معنا مع هذا السبب المهم من أسباب سقوط الأندلس: تخلي بعض العلماء عن القيام بواجبهم:[/rtl]


[rtl]إذا تخلى العلماء عن القيام بواجبهم، فعلى الأمة العفاء، إذا تشاغل العلماء، إذا تكاسل العلماء، إذا لهى العلماء حل بالأمة الدمار، وهكذا كانت الأندلس، تشاغل كثير من العلماء بشئونهم الخاصة عن شئون أمتهم:[/rtl]


[rtl]يقول المقري: من جملة تغفل أهل الأندلس أن العدو أطل عليهم، يجوس خلال الديار، ويقطع كل يوم طرفاويبيد أمة، والباقون منهم صموت عن ذكر إخوانهم، لهاة عن بثهم ما يسمع بمسجد من مساجدهم مذكر لهم، أو داع فضلا عن نافر إليهم أو ماش، يقول حتى في المساجد، ما كان العلماء يذكرون الولايات، التي تسقط من ولايات المسلمين، ويقول آخر وسبب انصراف عدد من العلماء بدراساتهم إلى العناية المبالغة بالفقه المذهبي وفروعه، يقول من أسباب سقوط الأندلس: أن عددا من علماء المغرب، وما يحدث بالمغرب ينعكس على الأندلس، انشغلوا عن أمتهم بالخلافات، انشغلوا بالخلافات الفرعية.[/rtl]


[rtl]أتعلمون عندما دخل الفرنسيون إلى سوريا، ماذا كان يحدث كان العلماء، يختلفون عند ماذا؟هل هم يختلفون في قضية محاربة الفرنسيين؟ لا. هل يجوز أن يتزوج الشافعي من حنفية؟ أو يأخذ الحنفي شافعية، كأنها من أهل الكتاب، والفرنسيون يبسطون نفوذهم على ماذا؟ على الشام.[/rtl]


[rtl]
وفي الأندلس ضاعت الأندلس، لما انشغل كثير من العلماء، كما يقول هذا المؤرخ في الخلافات والقضايا الفرعية عن مشكلات أمتهم، سافرت إلى بعض بلاد المسلمين، والتقيت ببعض علمائهم، وهذا مما رأيت، الأمة تجدها في ذلك البلد تعاني معاناة مرة من واقع سياسي مؤلم، والعلماء قد انشغلوا في قضايا فرعية.
[/rtl]

 

[rtl]خذوا مثلا، مثل قريب في بلد من البلاد الإسلامية. كان المسلمون يقتلون ويعذبون كما عذب أهل الأندلس، والشيخ يجلس في درسه، ويقول - وهو من أكبر مشايخ هذا البلد - يقولبسم الله الرحمن الرحيم، وعلى بعد أمتار تقام مذابح جماعية للمسلمين: مسألة: إذا نبت للمرأة لحية هل يجوز أن تحلقها أم لا؟ هذه قضية واقعة ومتصلة السند.[/rtl]


[rtl]
إذا تساهل العلماء، وتخلوا عن واجبهم حل بالأمة النكبة والدمار، وهكذا أقول تخلى بعض علماء الأندلس، عن واجبهم فحل ما حل اسمعوا ماذا يقول ابن حزم وهو ممن قام بواجبه - رحمه الله - يقول: ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه، اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المزينون لأهل الشر شرهم، الناصرون لهم على فسقهم.
[/rtl]


[rtl]
سبحان الله! ما أدق هذا التوصيف من ابن حزم - رحمه الله- هذا سبب، ولعل لي عودة أيضا مرة أخرى، حول هذا الموضوع، ولكنني أذكر سببا آخر، وهو سبب مهم جدا يرتبط بهذا السبب
وهو أن بعض علماء الأندلس كأبي الوليد الباجي، ومحمد بن حزم، وابن عبد البر وغيرهم قاموا ببعض واجبهم، أو نقول قاموا بواجبهم تجاه أمتهم، ولكن المأساة وهو سبب مهم: عدم سماع ملوك الطوائف لنصح العلماء وتحذيرهم، إذا لم يسمع ولاة الأمور إلى نصح العلماء وإلى تحذيرهم؛ حلت الأمة الكارثة.
[/rtl]


[rtl]
ملوك الطوائف، ما كانوا يستمعون لنصح العلماء كأبي الوليد الباجي، كما قلت وابن حزم وابن عبد البر وغيرهم؛ ولذلك حدث ما حدث حتى يقول أحد المؤرخين: لكن مع هذه الأحوال، وتلك الصيحات من العلماء،فإن أغلب ملوك الطوائف بقوا في غيهم سادرين، ففوتوا فرصة الالتحام ودفع المصيبة؛ ولذلك جاء أحد الشعراء، يذكر هذه المأساة ببيتين محزنين، يصور فيها حالة العلماء وحالة الفساق، وعبر عن الوجهاء من الفساق بالكلاب قال: وهذه قريته أو مدينته اسمها بسطة، يقول:
[/rtl]

 
أعلى وأشرف من فقيه الكلب صـار ببسـطة
لمحلــه أو يرتقيـه أنــى فقيـه يعتلـي
 

[rtl]ولذلك سقطت الأندلس، لما لم يسمع للعلماء، ولم يسمع لتحذيرهم، ولم يسمع لنصحهم. هذا سبب بارز وجلي أيها الإخوة.[/rtl]


[rtl]
مؤامرات النصارى ومخططاتهم  :
[/rtl]


[rtl]أجد من الأسباب سببا، سأذكره، وهو يدور حول عدة قضايا، ولكن سأختصره لكم حول النصارى. هذا السبب يتعلق بمؤامرات النصارى ومخططاتهم نعم من أسباب سقوط الأندلس:[/rtl]


[rtl]مؤامرات النصارى ومخططاتهم، لقد أحكموا المؤامرة، ودبروا، وخططوا والمسلمون في لهوهم، وعبثهم ومجونهم وقصورهم ودنياهم، فحلت الكارثة.[/rtl]


[rtl]إذاً تخطيط النصارى سبب رئيس من سقوط الأندلس، حتى يقول أحد المؤرخين وقد وضع (فرناندو) برنامجه المحكم؛، لكي يستغل أسر ملك غرناطة ويستعين به على تنفيذ برنامجه المدمر؛ ولذلك جاء ما يلي:[/rtl]


[rtl]وحدة كلمة النصارىوهو سبب من أسباب سقوط الأندلس، في الوقت الذي تحدثنا فيه عن تفرق المسلمين، نجد في المقابل وحدة كلمة النصارى للقضاء على المسلمين حتى يقول "ابن عذار، واصفا استعداد النصارى لموقعة العقاب، وهي من المواقع التي هزم فيها المسلمون هزيمة منكرة، وقتل فيها عدة آلاف من المسلمين، يقول هذا المؤرخحيث ذكر أن ملك قشتالة بث القسيسين والرهبان من البرتغال إلى القسطنطينية، ينادون في البلاد من البحر الرومي إلى البحر الأخضر، غوثا غوثا، ورحمة رحمة، أي ينادون بني جلدتهم، فجاء عباد الصليب من كل فج عميق ومكان سحيق، وأقبلوا إليه إقبال الليل والنهار من رؤوس الجبال وأسياف البحار، لاحظوا هذه الوحدة بين النصارى
ويذكر في موضع آخر أن البابا "فرستان الثاني" توسط بين مختلف الأمراء الأسبان، فوفق بينهم، وسرعان ما نسوا خصوماتهم، فتماسكوا وهم يعتقدون جازمين، بأنهم جاءوا من كل أصقاع أوروبا لنصرة دينهم على دين آخر، ونجد أيضا أن اتحاد ملك قشتالة وأراجون بزعامة "فرناندو الخامس" "وإيزابيلا\" من أسباب سقوط الأندلس، وعلى يد هذا الملك، وهذه الملكة سقطت الأندلس، حتى إن هذا الرجل الذي هو النصراني فرناندو الخامس تزوج بإيزابيلا، وهي ملكة قشتالة واتحدا في مملكة واحدة لإسقاط الأندلس، وفعلا هما اللذين أسقطا الأندلس، اتحدا اتحادا وصل إلى حد الزواج، ووحدا بين المملكتين، وأصبحت مملكة واحدة، وعلى يديهما سلم ابن الأحمر الأندلس لهما. هذه آثار الاتحاد .
[/rtl]


[rtl]
غدر النصارى ونقضهم للعهود  :
[/rtl]


[rtl]نجد -أيضا - من الأسباب غدر النصارى، ونقضهم للعهود: وهنا أشير إشارة أبين فيها مأساة لاحظتها، منمعرفتي بالواقع وقراءتي للتاريخ، هذه المأساة أن كثيرا من الناس بل أقول من بعض، حتى من بعض طلاب العلم، يتصوروا أن اليهود هم الذين يغدرون، أما النصارى فلا، أو على الأقل يقولوا: إن النصارى أقل غدرا وغدرهم قليل، وهذا خطأ رهيب أيها الأحباب، النصارى لا يقلون في الغدر وفى نقض العهد والميثاق عن اليهود، سواء بسواء، والذى يريد أن يفرق بين اليهود والنصارى، ويتصور أن النصارى أقرب إلى المسلمين، أو أنهم يوفون بعهودهم، فقد أخطأ وأقول له استمع إلى قوله تعالى: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ.[/rtl]


[rtl]إذا كانوا خانوا العهد مع الله - سبحانه وتعالى - هل نأمل منهم أن يفوا بالعهود معنا؟ أسأل هؤلاء الذين يتصورون أن النصارى يوفون بعهودهم، فأقول لهم: ما يسمى بالأمم المتحدة، أو مجلس الخوف من الذي يسيطر عليه؟ هم النصارى.[/rtl]


[rtl]
هل في يوم من الأيام وفوا بعهد من العهود للمسلمين؟ لا، استخدم مجلس الخوف وهيئة الأمم، وعصبة الأمم، قبل ذلك ضد المسلمين؛ ولتفريق المسلمين ولتسليم بلاد المسلمين إلى النصارى.
[/rtl]


[rtl]ومع ذلك خذوا هذه الأمثلة من الأندلس، دخل النصارى " أبدة " ونقضوا العهد المقطوع، واقتحم الجنود النصارى المدينة، وقتلوا من أهلها ستين ألفا، خانوا العهد ونقضوا العهد، وقتلوا ستين ألفا، وسبوا مثلهم أو مثل هذا القدر، وتعترف الرواية النصرانية نفسها بهذه الشناعات، وتقدر من قتل وسبي من أهل "أبدة" بمائة ألف، ويقدر بعضهم أن السبايا وحدهم مائة ألف، وهذا بأمر من أحبارهم وباباواتهم وملوكهم، وعندما احتل الطاغية الأرغوني بلنسية، ووقع المعاهدة رحل عنها عشرات الألوف من أهلها، وحولت المساجد إلى كنائس،ونال المسلمين كل أنواع الاضطهاد، وتقلبوا في فنون الأذى، وتعدى الأحياء إلى الأموات، فنبشت القبور كما ذكر ابن الآبار في التكملة، (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً).[/rtl]


[rtl] 
وذكرت لكم منذ قليل أن المعاهدة، التي عقدت لتسليم غرناطة نقضت بعد سبع سنوات فقط، إذا أين من يدافعون، أو يدعون أن النصارى يمكن أن يفوا بعهد؟ إنني أخاطب أولئك، الذين يحسنون الظن في النصارى، فأقول لهم مهلا مهلا يا دعاة التقريب مهلا مهلا يا دعاة التخريب، مهلا مهلا يا من أحسنتم الظن بأعداء الله، فركنتم إليهم، إنكم والله تفعلون أسوأ مما فعل من سبقكم، أولئك الذين أحسنوا الظن في النصارى، وقالوا: إنهم أقرب.
[/rtl]

 

[rtl]أختم ما يتعلق بالنصارى في استماتة النصارى في سحق المسلمين، استمات النصارى استماتة عجيبة في سحق المسلمين، حتى يقول المقري في نفح الطيب، واصفا استعداد النصارى لإحدى المعارك وجاء الطاغية " دون بطرة " في جيش، لا يحصى، ومعه خمسة وعشرون ملكا، وذهب إلى طليطلة، ودخل على مرجعهم البابا، وسجد له وتضرع وطلب منه استئصال ما بقي من المسلمين في الأندلس، وأكد عزمه على ذلك. عهد لاستئصال المسلمين، ومع كل أسف أقول وفى بعهده واستأصل المسلمين.[/rtl]


[rtl]
ويقول " لوبون" في حضارة العرب: والحق ما شهدت به الأعداء (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أهلها) اسمعوا ماذا يقول: إن الراهب " بليدة" أبدى ارتياحه لقتل مائة ألف مهاجر من قافلة واحدة، كانت مؤلفة من مائة وأربعين ألف مهاجر مسلم، حينما كانت متجهة إلى إفريقيا، هؤلاء يريدون الهروب من الأندلس، ولكن ما رضي النصارىبهروبهم، قتلوا وهم مائة وأربعين، قتلوا منهم مائة ألف دفعة واحدة (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) هذا قول الحق جل وعلا.
[/rtl]


[rtl]
ولذلك يصور أحد الشعراء مأساة المسلمين، واستماتة النصارى في سحق المسلمين وتقتيل الرجال فيقول:
[/rtl]

 
فـاهلك عليـه أسى ولا تتجلد كـم جـامع فيهـا أعيد كنيسة
من قانتين وراكـعين وسـجد أسـفا عليهـا أقفرت صلواتها
فكـلاهما يبغي الفداة ما فدي كم مـن أسـير عندهم وأسيرة
فيهـم تـود لو أنها في ملحد كم مـن عقيلـة معشر معقولة

فيهـم تـود لو أنها في ملحد كم مـن عقيلـة معشر معقولة
من ولداه ودا أنه لم يولـد كم من وليد بينهـم قــد ود
يبكـي لآخر في الكبول مقيـد كم من تقي بالسلاسل موثق
مـا بـيـن حدي ذابل ومهند وشهيد معترك توزعة الردى
وبكـى لهم من قلبه كالجلمد ضجت ملائكة السماء لحالهم
مـما دهانا من ردى أو من ردي أفلا تذوب قلوبكم إخواننا
إلى الفرض الأحق الأوكد كتب الجهاد عليكموا فتبادروا منه
وأقرضوا حسنا تفوزوا بالحسان الخرد وارضوا بإحدى الحسنيين
 

[rtl]نختم هذه الأسباب بأسباب سريعة، أسباب سقوط الأندلس فنقول:[/rtl]


[rtl]1.  أولا الرضى بالخضوع والذل تحت حكم النصارى؛ لأن بعض المسلمين بقوا تحت حكم النصارى، وهم المدجنون، ولم يستمعوا إلى قول الرسول {صل الله عليه وسلّم} : أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين) رواه الترمذي وأبو داود وسنده، وهو حديث حسن.[/rtl]


[rtl]2.  عدم الاستقرار السياسي، من الأسباب عدم الاستقرار السياسي وكثرة الفتن والمؤامرات، ومثال على ذلك أن مملكة غرناطة في خلال سنوات محدودة - أيها الأحباب - حكمها قرابة ثلاثين حاكما، ثلاثين حاكما، حكمها، اضطراب، بعضهم لم يحكم إلا عدة أشهر، وبعضهم عدة سنوات، وبعضهم حكم سنوات معدودة، الاضطراب السياسي يؤدى إلى النهاية المدمرة كما حدث.[/rtl]


[rtl]3.  آخر هذه الأسباب: تقديم المصالح الشخصية على مصالح المسلمين، وغلبة الأنانية السبب جوهري، سبب مهم، أنني ألحظ في بلاد المسلمين (الآن) من غلبت عليهم مصالحهم الشخصية، تأتيه، وتحدثه عن واقع المسلمين، تحدثه عن المآسي، تحدثه عن الفواجع، ولا يتحرك!!  يفكر في وظيفته، يفكر في راتبه، يفكر في مصلحته لو أتي في دنياه؛ لأقام الدنيا، ولم يقعدها، أما في أمور المسلمين، فلا، إن أحسن أحواله أن يسترجع بل بعضهم يخذل، أقولهذا ما حل بالأندلس، أنهم قدموا مصالحهمالشخصية على مصالح المسلمين وغلبة الأنانية وحب الذات، فسقطت الأندلس.[/rtl]






[rtl][size=32]سقوط الأندلس دروس وعبر[/rtl][/size]


[rtl]الجزء الخامس[/rtl]


 

[rtl]دروس وعبر  ودور العلماء[/rtl]

 

[rtl]نتقل بعدها إلى ذكر بعض الدروس والعبر، وكل ما ذكرته من أسباب هي دروس وعبر، فاستمعوا - بارك الله لنا ولكم - إلى هذه الدروس، عسى أن نتعظ ونعتبر، حتى لا يحل بالمسلمين ما حل بغيرهم فنقول:[/rtl]


[rtl]من أبرز الدروس: دور العلماء: وذكرت لكم أن من أسباب سقوط الأندلس، عدم قيام بعض العلماء بواجبهم، ومع ذلك فإننا نجد أن هناك من قام بواجبه والعلماء هم سراج الأمة. إنني أوجه حديثي مرة أخرى، فأقول لعلمائنا ولمشايخنا ولطلبة العلم من أمثالكم: الله الله في أمتكم، الله الله أن تفرطوا، مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر وبهذا نحفظ كيان الأمة، العلماء هم ورثة الأنبياء. كما في الحديث (الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر).[/rtl]


[rtl]  
 قلنا لكم هناك من وقف كأبي الوليد الباجي وابن عبد البر وأبي حيان الأندلسي وابن حزم وغيرهم، ولكن المأساة أنهم لم يستمع لهم، وهنا نقول: يجب على العلماء أن يؤدوا واجبهم حتى لو لم يستمع لهم (إِنْعَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) يأتي النبي معه الرهط، يأتي النبي معه الرجلوالرجلان، يأتي النبي وليس معه أحد " لكنه لا يمنعه من قول الحق، ومن الدعوة إلى الله، هذا درس مهم من دروس الأندلس، ولنا عبرة ولنا عظة ولنا ذكرى.
[/rtl]


[rtl]
يقول ابن حزم، مبينا دور العلماء: فالمخلص لنا فيها - يقصد معشر العلماء - يعني من هذه الفتنة، التي حلت بالأندلس، الإمساك للألسنة جملة واحدة إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمؤسف أن كثيرا من طلاب العلم، يمسكون عن، أو لا يمسكون عن شيء إلا عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وابن حزم يقول: يجب أن نمسك ألسنتنا عن كل شيء إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذم جميع هؤلاء، فمن عجز عن ذلك، فهو معذور، فلو اجتمع كل من ينكر بقلبه لما غلبونا، أي النصارى، فأماالفرد الذي لا يسع أحدا، فإنه لا يعين ظالما بيده ولا بلسانه، ولا أن يزين له فعله ويصوب شره، رحم الله ابن حزم.
[/rtl]


[rtl]يقول: إذا لم يستطع الواجب، أولا: ألا نتكلم إلا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، ومن عجز عن ذلك وبذل جهده، فهو معذور، ولكن الشيء الذي لا يعذر فيه أحد أن يساعد أحد من طلاب العلم الظالم على ظلمه، وأن يزين له هذا الأمر وأن يقره على هذا العمل لا عذر له في ذلك، ما هو عذرهأمام الله - سبحانه وتعالى - وهو يحكي عن واقعه - رحمه الله - ولهذا يقول: لما وجد من يزين لأهل المنكر منكرهم، ويبرر لهم تصرفاتهم حل بالأندلس ما حل بها.[/rtl]


[rtl]هنا نتهي من هذا السبب، أو من هذه العبرة.[/rtl]

 

[rtl]أثر الجهاد في حياة الأمة  :[/rtl]


[rtl]ونقف مع درس آخر وهو أثر الجهاد في حياة الأمة.[/rtl]


[rtl]الأمة بدون الجهاد لا خير فيها، الأمة بدون الجهاد لا حياة فيها ، الله - سبحانه وتعالى - يقول: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) ويقول جل وعلا: (انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ويقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) وفى السنن قال " إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله " وسنده حسن.[/rtl]


[rtl]وقال " رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد وهو حديث صحيح، وقال " لغدوة في سبيل الله، أو روحة خير من الدنيا وما فيها \" متفق عليه، ونعى الله - سبحانه وتعالى - على القاعدين فقال: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) الجهاد هنا مما أخذنا من دروس الأندلس: لما وجد الجهاد بقيت الأمة
لما دخل طارق وموسى، وجاء عبد الرحمن الداخل وعبد الرحمن الناصر بقيت الأمة، لما قام بعض ملوك الطوائف بالجهاد بقيت الأمة، كوقعة الزلاقة والأرك وغيرها، ولكن عندما تهاون المسلمون وتخاذلوا حل بالمسلمين وبالمؤمنين الكارثة، وهنا لي وقفة
 لا حياة للأمة إلا بالجهاد، وها نحن نرى جهاد إخواننا، أو جهاد المسلمين في أفغانستان، جهادا أعاد للأمة عزها وبأسها وقوتها، قبل أن آتيكم بدقائق - أيها الأحباب - كنت أستمع إلى أحد الإخوة، الذين جاءوا من المعارك من هناك من أفغانستانيذكر لنا قصص البطولة والشجاعة والفداء، وكأننا نقرأ في تاريخ سلفنا الصالح. معارك وقعت منذ أيام فيها الشجاعة والإباء والقوة، نفوس أو رجال اعتلت نفوسهم على شهواتالدنيا وعلى مطامعها.
[/rtl]

 

[rtl]الله الله - أيها الإخوة - في الحفاظ على هذا الجهادهناك مؤامرة كبرى تحاك لهذا الجهاد، وهو جهاد المسلمين في أفغانستان، الله الله أن يسقط الجهاد أمام أعيننا ونحن نتفرج عليه! أعداؤنا يكيدون لنا، أعداؤنا يتآمرون، كادوا للمسلمين في فلسطين فأسقطوها، ماذا حدث في فلسطين؟ مأساة. ماذا حدث فيالأندلس؟ مأساة. ماذا يحدث في أفغانستان الآن؟ أقول: هناك مؤامرة كبرى. بعضها ينفذ بأيدي بعض المسلمين، أولئك الذين يثيرون الفتنة، أولئك الذين يثيرون الخلافات، أولئك الذين يثيرون القلاقل والفتن بين المجاهدين لمصلحة من؟ أولئك الذين قسموا المجاهدين إلى شيع وأحزاب لمصلحة من؟ أولئك الذين يتكلمون عن مثالب المجاهدين يخدمون من؟ نحن قد لا نشك في نيات بعضهم وفى إخلاص بعضهم، ولكن الإخلاص وحده - والله - لا يكفي، إنني أوجه نصحي لكم، أنصح نفسي وأنصحكم، وأقول لكم: انصحوا هؤلاء الذين يريدون أن يتلاعبوا في الجهاد من أبناء المسلمين، بل من المدعين الغيرة على الجهاد.[/rtl]

 


[rtl]أعداؤنا عندما عجزوا عن الفتك بهذا الجهاد، حاولوا بطرق أخرى للفتك به وأخزاهم، قد نجحوا في بعض محاولاتهم، حافظوا على هذا الجهاد أيها الأحبة، وهذا فيه عزنا، وفيه نصرنا، وفيه قوتنا، لقد رفعنا رؤوسنا بعد أن طؤطئت كثيرا بفضل الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله، فيه العزة، وفيه القوة، وفيه الرحمة، وفيه الخير.[/rtl]


[rtl]
 لعل هذا يكفي دليلا وعبرة من دروس الأندلس، إذا لم يوجد الجهاد فعلى الأمة السلام. هذا ما أقوله هنا، وأواصل بعد قليل هذه الدروس إن شاء الله.
[/rtl]

 

[rtl]مواقف شجاعة تسجل في التاريخ  :[/rtl]


[rtl]نواصل - أيها الأحباب - مع الدروس والعبر، هناك مواقف شجاعة تسجل في التاريخ، لما أراد ابن الأحمر أن يسلم غرناطة، وزين له أصحابه وحاشيته أنه لن يستطيع أن يبقى في مقاومة النصارى، جاء أحد المقربينوأحد رجاله وقال له - وهو يسمى موسى بن أبي غسان - وقال له: لا تسلموا غرناطة، دعونا نجاهد في سبيل الله، دعونا نقاتل في سبيل الله، ولكن صيحته ذهبت سدى، وقال له، قال لابن الأحمر رجاله.. قال رجال ابن الأحمر: إن النصارى عرضوا علينا معاهدة، فيها حفظ لكيان المسلمين، ولن يؤت المسلمون بأذى ولا بشر. فهيا نسلم الأندلس، حتى نحافظ على ما بقي لنا بالعهود والشروط، فقال لهم هذا الرجل: إياكم أن تركنوا إلىالنصارى، إياكم أن تثقوا في النصارى، لكنهم رفضوا أن يستمعوا إليه، استمعوا إلى ماذا؟[/rtl]


[rtl]قال لما أعيته الحيلة: لا تخدعوا أنفسكم، ولا تظنوا أن النصارى سيوفون بعهدهم، ولا تركنوا إلى شهامة ملكهم، إن الموت أقل ما نخشى، فأمامنا نهب مدننا هو يذكر لهم ما حدث بالأندلس في مدن الأندلس" قال الشاعر، معبرا عن هذه القصة المعبرة على لسان موسى بن أبي غسان أما أنا قال :[/rtl]

 
فرضت وأخضع للعـدا أنا لـن أقـر وثيقــة
وخفت أسباب الــردى ما كان عذري إن جبنت
أطال أم قصـر المـدى والموت حق في الرقاب
بيـدي ولــن أتـرددا إنى رسـمت نهايتــي
واليوم للوطـن الفــدا كـنـت الحسـام لأمتي
دًا بل ســأقضي سـيدا أنا لن أعيش العمر عبـر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 10:34 am



[rtl][size=32]سقوط الأندلس دروس وعبر[/rtl][/size]


[rtl]الجزء السادس[/rtl]


 

[rtl]أثر المعاصي والغفلة على واقع المسلمين في الأندلس  :[/rtl]


[rtl]أيضا من العبر والعظات، أثر المعاصي والغفلة على واقع المسلمين في الأندلس.[/rtl]


[rtl]المعاصي ما وقعت في بلد وفى أمة إلا فتكت بها. اسمعوا إلى قصة أبي الدرداء عندما فتح المسلمون قبرص، وبدءوا يتقاسمون الغنائم، ويجمعون الغنائم، بكى أبو الدرداء فجاءه أحد المشاركين في هذه المعركة، وقال له: يا أبا الدرداء هذا يوم فرح فكيف تبكي؟ قال له ويحك! ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره، هذه روما التي نقتسم أموالها الآنالروم عندما عصوا الله، انظر كيف حل بهم، ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره !.ولذلك قلت لكم ما قاله كوندي يبين عن مأساة المسلمين: العرب هووا، عندما نسوا فضائلهم، التي جاءوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال في الشهوات، ولذلك قال المتوكل بن الأفطس أحد ملوك الأندلس: أما ما وهى المسلمين من ضعف أحوالهم، فبسبب الذنوب المركوبة " من عصاني وهو يعرفني، سلطت عليه من لا يعرفني" يقول الشاعر البسطي وهو من شعراء ابن الأحمر في الأندلس:[/rtl]

تقوى الإله ودان بالعصيان هـذا جـزاء مخالف مثلي أبى

[rtl]وقال المرابط كاتب ابن الأحمر:[/rtl]

وجها للقيا الله غير مسود سودت وجهك بالمعاصي تلتمس
أو يقتـدي بنبيه أو يهتدي مـن ذا يتوب لربه مـن ذنبـه
 

[rtl]من الدروس المشرفة، وهو درس موقف ابن عباد، جاءه يهودي، فأغلظ له القول، وسب المسلمين، فقام ابن عباد وقتله رحمه الله، ومن مواقف ابن عباد الشجاعة أنه عندما أراد النصارى حصار أشبيلية، وكان واليا عليها جاء واستنجد بابن تاشفين من المغرب، فجاءه بعض ملوك الطوائف، وقالوا يا ابن عباد: كيف تستنجد بابن تاشفين؟! قال: وماذا في ذلك. قالوا: إنه إذا جاء ونصرك، سيحتل ملكك قال ما أفعل؟ قالوا: لو استنجدت بأحد ملوك النصارى، كما يفعلون هم لقتال هذا الملك.[/rtl]


[rtl]قال لهم كلمة خالدة تكتب بماء الذهب: "رعي الجمال خير من رعي الخنازير" لأن أكون راعيا للجمال عند ابن تاشفين، وهو مسلم أحسن من النهاية التي ستكون، سأكون راعيا للخنازير عند هذا النصراني الذي سيأتي ويساعدني " رعي الجمال خير من رعي الخنازير" رحمه الله، وفعلا استنجد بابن تاشفين، ونصره نصرامؤزرا مكرما.[/rtl]


[rtl]
أهمية التعاون بين المسلمين  :
[/rtl]


[rtl]أيضا من الأشياء المفيدة، دور المغرب في مساعدة أهل الأندلس، وأهمية التعاون بين المسلمين (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)  هنا أقف أمام درس فيه عبرة وعظة، من خلال دراستنا لواقع الأندلس، وجدت أن العوامل الداخلية أشد تأثيرا من العوامل الخارجية. كيف ذلك؟ 
الآن الناس عندهم.. دائما يلقي اللوم على أعدائه، أنا قصدت عندما ذكرت الأسباب، أن أبدأ بالأسباب التي جاءت من المسلمين أنفسهم، وأخرت موضوع النصارى وعداوة النصارى، لأنه لولا أن المسلمين مكنوا للنصارى لما استطاع النصارى أن يفعلوا شيئا.
[/rtl]


[rtl]من الملاحظ سرعة سقوط الأندلس، سقطت الأندلس في بعض الفترات بسرعة، تصوروا أنه في ثلاثين سنة فقط، من عام سبعة وعشرين وستمائة إلى خمسة وخمسين وستمائة هجرية سقط معظم قواعد الأندلس، فيقرابة ثلاثين سنة سقطت معظم قواعد الأندلس بسبب ماذا؟ بسبب الأسباب التي ذكرنا لكم.
في لحظات تحولت هذه المملكة الأندلسية، البلاد الإسلامية الضخمة إلى بلاد نصرانية ، خلال سنوات معدودة، هذا فيه عبرة وعظة وذكرى، إذا لا يغتر المسلمون على الحال، التي هم فيها، قد يقول بعض المسلمين نحن في حالة - والحمد لله - من الصعب أن تتغير، لا إذا وجدت الأسباب، حدثت النتائج، هذا ما يتعلق بهذا الدرس. وسنختصر بقية الدروس.
[/rtl]


[rtl]
من الصور المحزنة، التي أذكرها للعبرة مما أسقط الأندلس، كما قلنا لكم أبو عبد الله الزغل، أحد ملوك بني الأحمر من آخرهم، أصاب النصارى في معركة وقتل منهم مقتلة عظيمة، وهي من المعارك القليلة، التي نجح فيها فقام ابن أخيه ملك غرناطة، وبعث يعتذر إلى ملك النصارى مما فعل عمه نعم. ومن الصور الأخرى أنه لما سقطت مالقة، وحول مسجدها الأعظم إلى كنيسة أرسل أبو عبد الله الصغير، وهو صغير فعلا، لأنه هو الذيسلم غرناطة آخر ممالك الأندلس، أقول: أرسل إلى ملك النصارى يهنئه بذلك، يهنئه بتحويل المسجد إلى كنيسة، لماذا؟ لعداوة شخصية بينه وبين ملك مالقة سابقا، ففرح أنها سقطت مالقة، وحول مسجدها إلى كنيسة، فأرسل يهنئه، وسبحان الله بعد سنوات معدودة، يسقط ابن الأحمر عبد الله الصغير، وتكون نهايته، المأساة التي نشير إليها الآن.
[/rtl]


[rtl]طرد من الأندلس، وجلس في المغرب ذليلا مهانا، ثم بقيت ذريته هناك حتى يقول المقري، وعهدي بذريته بفاس يأخذون من أوقاف الفقراء والمساكين، ويعدون من جملة الشحاذين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، نهاية محزنة لابن الأحمر، لأنه عصى الله سبحانه وتعالى وسلم غرناطة. أولاده إلى فترة قريبة، يعدون من جملة الشحاذين والمساكين في المغرب، عبرة عظة أين المعتبر؟ أين المتعظ؟.[/rtl]


[rtl]
دور النساء في الأندلس :
[/rtl]


[rtl]هنا الدرس - وخاصة للأخوات الكريمات، ولكم جميعا - وهو دور النساء في الأندلس، أذكر دور أم عبد الله الصغير، الذي سلم الأندلس، كانت امرأة شجاعة وكانت لها مواقف فيها بطولة عجيبة، ولا يتسع المقام لذكربطولتها، ولذلك يقول أحد المؤرخين: وتحتل شخصية عائشة الحرة في حوادث سقوط غرناطة مكانة بارزة، وليس ثمة في تاريخ تلك الفترة شخصية تثير من الإعجاب والاحترام ومن الأسى والشجن، قدر ما يثير ذكر هذه الأميرة النبيلة من شجاعة وإقدام، عندما بكى ابنها عندما سلم ابنها الأندلس وبكى جلس على صخرة يبكي، أبو عبد الله الصغير تدرون ماذا قالت له؟ قالت له: لأنها بذلت محاولات جبارة للمحافظة على الأندلس، وحاولت أن تبذل المستحيل، وقامت بأدوار قوية للحفاظ على الأندلس، لا يستطيع أن يقوم بها أكابر الرجال.[/rtl]

 

[rtl] لما جاء ابنها وسلم الأندلس، ثم جلس يبكي قالت له
[ltr]{ [/ltr]

ابكِ مثل النساء ملكا مضاعا، لم تحافظ عليه مثل الرجال }.[/rtl]


[rtl]ولذلك صور الشاعر كلماتها بهذه الأبيات على لسان عائشة الحرة، أم عبد الله الصغير، تخاطب ابنها بعد تسليم الأندلس فتقول:[/rtl]

مجدا ثوى وعارا أقامـا تذكر الله باكيا هل يرد الدمع
......................... هدني فـوق خطبنا أنك ابني
تقول مأساتي إنك ابني
يا لأم تسـقى العذاب تؤاما هـدني فـوق خطبنـا أنك ابني
ركنه آنذاك فابكه كالأيـامى لم تصن كالرجال ملكا فأمسـى
 

[rtl]أبيات محزنة، تصور هذه الحالة، إن للنساء دور، إنني أخاطب الأمهات والبنات والأخوات، أخاطب الزوجات، إننا ننتظر منهن الشيء الكثير في مجتمعنا، إنني - والله - أخشى وأرى أن يأتينا عن طريق النساء شرا كثير، كما حذر الرسول أمته، يخاف على أمته من أين؟ خاف على أمته من الدنيا، ومن النساء، وها نسمع أحيانا من المصائب والمشكلات، سببها الرجال والنساء الله الله يا أمهات المسلمين! الله الله في أبنائنا!! الله الله في رجالنا!! الله الله في أمتنا!! احمين البيوت، أخرجن لنا الرجال، ربين لنا الأبطال كأمهات المؤمنين وكنساء الصحابة وسلف المؤمنين، إننا ننتظر من المرأة شيئا كثيرا، الله الله أن تنخدع بمحاولات الأعداء وبأساليبهم وبإغرائهم وبإغوائهم!! .[/rtl]


[rtl]وقد استمعتم قبل قليل إلى حالة النساء في الأندلس، كيف وصلت من الشهوات والمشي في الأسواق، ولبس الذهب والتفاخر فسقطت الأندلس:[/rtl]



[rtl]أعددت شعبا طيب الأعراق الأم مدرسة إذا أعددتها[/rtl]

 

[rtl]إنني آمل من كل أم، ومن كل أخت أن تكون داعية في بيتها، وفى مجتمعها مصلحة لزوجها ولإخوانها ولأبيها ولأبنائها، هذا أملنا فيها بإذن الله، وتتحطم مكائد الأعداء على هذه الصخرة الفذة القوية والحصن المنيع.[/rtl]


[rtl]
شمس تغرب وشمس تشرق :
[/rtl]


[rtl]لا نريد الإطالة، فنختم هذه الدروس، وهذه العبر أن النصارى كما قلت: نقضوا المعاهدة، عندما سلم ابن الأحمر الأندلس عقدت معاهدة فيها سبعة وستين شرطا، كلها في صالح المسلمين، وصدق عليها البابا، وأقسم عليها ملك النصارى بأغلظ الأيمان، أنه سيوفي بها، وبعد سبع سنوات فقط بدأ بنقض المعاهدة، وقتل المسلمين، وحول المساجد إلى كنائس، وأتيت النساء في الطرقات وقتل الأطفال وشردوا، وهذا جزاء الركون إلى أعداء الله والوثوق بهم، وأشرت لكم إلى مأساة الموريسكيين.[/rtl]


[rtl]
ونختم هذه الدروس فنقول:  شمس تغرب، وشمس تشرق، في الوقت الذي سقطت فيه الأندلس، وسلمت فيه الأندلس على صحفة من ذهب، كان محمد الفاتح قد افتتح القسطنطينية، وبزغ نور الإسلام في تركيا، وفىالوقت الذي تصورت أوروبا أنها محت الإسلام من الغرب، جاءها الإسلام من الشرق عن طريق تركيا وهذا دين الله سبحانه وتعالى.
[/rtl]


[rtl]
الأمل الأمل!! هذا دين الله، ولكن أين العاملون؟ في الوقت الذي تصور أعداء الله، أنهم قضوا على الجهاد في فلسطين يخرج الجهاد في أفغانستان، وها نحن نرى معالم الجهاد في إريتريا، والحمد لله، وفى الفليبين آمال مشرقة مفرحة.
[/rtl]


[rtl]
أيها الأحباب: نقول هذا درس من دروس الأندلس، دين الله (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) نعم هذا دين الله، لكن نحن، وهو دين للبشر، النجاة النجاة وإلا (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم).
[/rtl]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 10:36 am

[rtl]المفتاح الأندلسي[/rtl]
[rtl]الفردوس المفقــود 2548[/rtl]
 
[rtl]سمعت عن قصة المفتاح الأندلسي المتوارث، ورحت أبحث عن هذا المفتاح، وأصله،  وفصله، وبقيت زماناً أفتش عنه دون جدوى، وأخيراً وقعــت على مفـتاح أندلسي موروث.[/rtl]
[rtl]قصة هذا المفتاح هو مفتاح دار أنـدلســية، كانت تسـكنها أســرة هادئة مطمئنة، ويوم أن سلم أبو عبـدالله الصغير لفرديناند، وإيـــزابيلا مفاتيح الأندلــس كلها، وغــادر البــــلاد وهو يبكي، وأمه تقول له:[/rtl]
 
[rtl]ابكِ مثلَ النساء مُلْكاً مُضاعاً  لم تحافِظ عليه مثلَ الرجالِ[/rtl]
 
[rtl] حمل كثير من المهاجرين مفاتيح دورهم، وكان أحدهم يجمع أولاده حين يشعر بدنو أجله، فيسلمهم مفتاح الدار التي غادروها في الأندلس، ويستحلفهم بالله أن يعملوا بجد وإخلاص على استعادة الدار، ويسلم الأولاد للأحفاد هذا الميراث، جيلاً بعد جيل، وما يزال هذا المفتاح على حاله، ونسي الكثيرون هذا المفتاح، ورمزه، والأندلس وأرض الآباء والأجداد، حتى إني بقيت أكثر من عام أفتش عن مفتاح أندلسي، فلم يعرفه الكثيرون، ولم يعرفوا القصة من أولها إلى آخرها.[/rtl]
 
[rtl]في غرناطة وضعت يدي على تاريخ الجرح العربي. عثرت على ضالتي. عرفت السر العربي الكبير الذي شغلني طوال السنوات العشر الأخيرة على الأقل. وجدتها، وجدتها. إذ لم يكن هذا السر الضالة إلا مجرد تاريخ. تبدأ به الأشياء وتحدّد به الأمور وتنتهي عنده الظروف. كالتقويم : قبل الهجرة وبعد الهجرة. قبل الميلاد وبعد الميلاد. السنة القمريّة والسنة الشمسيّة.[/rtl]
 
[rtl]في غرناطة قبضت على تاريخ الذل العربي. عرفته. أحسست به. تلمسته. توقفت عنده وتطلعت فيه طويلاً. 16 كانون الثاني 1494 يا لتعاسة هذا التاريخ ! يوم سقوط غرناطة. آخر دولة عربيّة في الأندلس وآخر يوم عربي في إسبانيا. وأقنعت نفسي، وأنا أطل من {برج دمشق} في قصر الحمراء على رحاب سهول غرناطة وقمم جبال {سييرا نيفادا}، إن الذل العربي بدأ هنا قبل خمسمائة سنة. وإذا كان لكل أمر بداية وبالتالي نهاية. فإن مثلي مَن هو مؤمن بحتمية الدورة التاريخيّة في حياة الشعوب والأمم، لا بد وأن يقر أن ذلك التاريخ كان اليوم الحاسم في المأساة القوميّة التي نعيشها في نهاية القرن العشرين.[/rtl]
 
[rtl]سألت عنه في كل مكان. بدأت بحثي عنه في قصره، في الحمراء. في ساحة الأسود، وفي ساحة الريحان. في قاعة السفراء وقاعة الملوك. في باب الشريعة وفي رواق البركة. سألت عنه نهاراً وسألت عنه ليلاً، إذ قيل لي إنه قد يكون بين المعماريين الذي بنوا هذا القصر العربي العظيم ـ كما تقول الأسطورة ـ في الليل وعلى ضوء المشاعل، فأعطى لهيبها المحمّر اللون الأحمر للقصر فأصبح الحمراء. لكن القصر كان بلون حجارته نهاراً وليلاً وبسكانه من ملوك بني الأحمر دائماً.[/rtl]
 
[rtl]بحثت عنه في نقوش الجدران وفسيفساء القبب وقناطر الأروقة. {لا غالب إلا الله}. {لا غالب إلا الله}. شعار بني الأحمر المنقوش في كل زاوية ومكان. لعله يكون مختبئاً بين ثنايا هذا التطريز الحجري. قيل لي : قد يكون في غرفة نومه يتلصص على الحريم في الحمامات فيرمي بتفاحة للمرأة التي تعجبه فتأتيه إلى مخدعه. بل نصحني أحدهم بأنه قد يكون مختبئاً في {برج الحمراء} حيث استقبلت الملكة إيزابيلا، قاهرة العرب في إسبانيا، كريستوفر كولومبوس وأذنت له بالإبحار لاكتشاف أميركا. وتصورت لو أن ملكة عربيّة كانت هناك لتأن لبحار كإبن ماجد في ارتياد الفضاء.[/rtl]
 
[rtl]قيل لي إنه يتمشى مع السياح في حدائق القصر التاريخيّة التي بناها أجداده على صورة جنّة، وأنه يقرأ أشعار إبن زَمْرَك الأندلسي وقد نزعها من جدران القصر. بل أن أحد السياح قال لي أنه شوهد يتناقش ويتشاجر مع جده يُوسُف الأول وجده محمد الخامس، بانيا قصر الحمراء، لأنه سلّمه إلى الإسبان من دون أن يذكر قول أمه، عندما علمت أنه سيسلم المدينة : {تذكر أن أجدادك ماتوا ملوكاً لغرناطة، وأن هذه المملكة ستموت معك}. ولم أجده.[/rtl]
 
[rtl]وعدت للسؤال عنه في كل مكان. في كل بيت عربي الملامح. عند كل نافذة تشبه نوافذ حي من أحياء دمشق القديمة. في كل سوق شبيه بسوق المال أو سوق الخيل أو سوق ساروجة في الشام. في كل الدكاكين التي كأنها فروع من دكاكين سوق الحميديّة أو البزوريّة. قرعت كل أجراس الكنائس لعله متنصر كغيره من العرب الذين ظلوا بعد النصر الإسباني، فيسمعني. طرقت باب كل بيت في حي {الباياسين} كما يسميه أهالي غرناطة اليوم أو {البائسين} كما كان يسميه العرب قبل خمسة قرون. لا أحد استطاع أن يقول لي ما إذا كان موجوداً هناك، ولا أحد استطاع أن يقول لي ما إذا كانت تسمية الحي العربي بالبائسين هي من بأس أم من بؤس. ولم أعثر له على أثر.[/rtl]
 
[rtl]استفسرت عنه راقصات الغجر في كهوف غرناطة القديمة. قالت لي الغجريات أنه غادر غرناطة قبل خمسمائة سنة ولم يعد. وقالت لي راقصات الفلامينكو بعيونهن العربيّة الجارحة، أنه شوهد لآخر مرة وهو يغادر غرناطة باكياً ملكه كالنساء، لأنه لم يعرف أن يحافظ عليه كالرجال. حدّثنني عنه بلغة العيون العربيّة ولغة الأقدام الإسبانيّة. قال لي غجريات الفلامينكو بأقوامهن الممشوق وشعرهن المرفوع بكبرياء عربيّة فوق الجباه، أن أمهاتهن كن يتحدثن عنه بأسىً بالغ ويشدن بكرمه وحبه للرقص والموسيقى، وأن عازفي الغيتار منذ أيامه إلى اليوم لم يعرفوا رجلاً بكرمه وحبه للوتر.[/rtl]
 
[rtl]سألت عنه أشجار البرتقال والنارنج في صحن كل بيت دمشقي في غرناطة، وعند كل فسقية ماء، وقرب كل ياسمينه أو ريحانة تطل من فوق سوق {كرمة} أندلسيّة، أو {كارمن} إسبانيّة أو حديقة بأية لغة أخرى. وكان الجواب، وقد أعياني البحث، أنه إذا لم يشاهده أحد من زمان، فإن الكل كان يعرفه. إلى أن مل أهالي غرناطة سؤالي وقالوا : لماذا تبحث عنه وبهذا الإلحاح ؟[/rtl]
[rtl]قلت : إنني أبحث عن {أبو عبد الله}، آخر ملوك بني الأحمر وآخر سكان قصر الحمراء وآخر العرب في الأندلس، حتى أخنقه بيدي.[/rtl]
[rtl]قالوا : ولماذا تريد أن تخنقه ؟[/rtl]
[rtl]قالت : أريد أن أخنقه لأن { أبو عبد الله} صاحب غرناطة هو صاحب هذا الزمان العربي الرديء. هو صاحب مأساة التيه العربي الذي نعيشه اليوم، هو عضو مؤسس ومشارك وفعّال وأصيل ورديف في حزب العزيمة العربيّة الدائمة.[/rtl]
[rtl]قالوا : وماذا كنت ستقول له قبل أن تخنقه ؟[/rtl]
[rtl]قالت : كنت سأسأله: كيف يكون طعم الهزيمة التافهة خارج أسوار الحمراء وخارج غرناطة بالمقارنة بطعم الموت الصامد بالدم الأحمر لآخر ملوك بني الأحمر. أيهما الأكثر حلاوة ؟[/rtl]
[rtl]كنت سأسأله عن ملوك الطوائف عنده وكيف هزموه. وربما أحدثه عن زعماء الطوائف في عصرنا اليوم، فنقوم بدراسة مقارنة. كنت أريده أن يحدثني عن عصر الذل في أيامه فلعله يعزيني كعربي في ذل أيامي.[/rtl]
[rtl]كنت سأسأله آلاف كيف وكيف وكيف .. لكنني كنت سأصرخ في وجهه :[/rtl]
[rtl]ويحك يا آخر ملوك العرب في الأندلس، يا آخر الأمجاد، يا بداية الذل. عد إلينا يا أبا العباد. الكل غافر لك. حتى أنا. [/rtl]
 
[rtl]في غرناطة توقفت في دكان صغير يبيع توافه الأشياء للسياح في حي {الباياسين} العربي، عند كومة مفاتيح قديمة صدئة مربوطة في سلسلة حديديّة ومرمية على رف من الرفوف إلى جانب أحذية للبيع. عددتها، فوجدتها سبعة عشر مفتاحاً من النوع الكبير الذي لم يعد يصلح لأقفال هذه الأيام. وإلى جانبها كانت هناك كومة أخرى من المفاتيح الأصغر حجماً والتي علاها أيضاً الصدأ والعفن في رزمة مربوطة بشريك حديدي رفيع. وكانت أيضاً من النوع الذي لا أقفال له اليوم. وعددتها فوجدتها عشرين مفتاحاً.[/rtl]
[rtl]وسألت صاحب الدكان، الذي كان رجلاً مسناً، وإلى جانبه زوجته التي تشع نضارة وحيويّة، وإن كانت تزيده بعدد السنين، عن هذه المفاتيح.[/rtl]
[rtl]قال لي : من أي بلد أنت ؟[/rtl]
[rtl]قلت له : أنا عربي[/rtl]
[rtl]قال : من عرب النفط ؟[/rtl]
[rtl]قلت : لا. من عرب الأنهار والوديان والأشجار[/rtl]
[rtl]قال : والنفط مّن عربه ؟[/rtl]
[rtl]قلت : عرب الصحراء والرمال والبوادي والكثبان[/rtl]
[rtl]قال : إذن أنت عربي فقير[/rtl]
[rtl]قلت : ربما[/rtl]
[rtl]قال : إذن لن تشتري من عندي شيئاً[/rtl]
[rtl]قلت : قد أشتري من عندك إذا أجبتني على سؤالي عن هذه المفاتيح[/rtl]
[rtl]قال : إنها ليست للبيع[/rtl]
[rtl]قلت : إنني أسألك عنها، ولا أريد أن أشتريها[/rtl]
 
[rtl]عندما وصل الحديث عند هذا المنعطف، كان الوقت قد بلغ الظهر. وقد قاربت ساعة القيلولة وأخذ الزبائن يغادرون الدكان. تطلع صاحب الدكان العجوز بساعته وكأنه على وشك أن يضحي بأكثر ما يستطيعه أي إسباني، وهو {السييستا}. وتمتم ببضع كلمات بالإسبانيّة، سرعان ما تدحرجت كتلة اللحم الأبيض النضرة التي هي الزوج وأغلقت الباب وأسدلت الستائر عليه وقلبت يافطة صغيرة مكتوب عليها {مغلق} من الداخل إلى الخارج، وعادت بالسرعة نفسها إلى جانب زوجها وكأنها تنتظر نطقاً ساميّاً.[/rtl]
 
[rtl]تطلع صاحب الدكان إليّ من فوق إلى تحت، وكأنه يائس من كوني زبوناً شارياً، وقال لي : أتريد الحقيقة التامة أم تريد الحقيقة المتداولة ؟ {وضحكت لهذا التمييز بين نوعين من الحقيقة، ولكنني كتمت ضحكتي حتى لا أوحي بعدم جديتي} إذاً كنت تريد الحقيقة التامة، فأنا لا أعرف. أما إذا كنت تريد الحقيقة المتداولة، فكل الذي أستطيع قوله لك، هو أنني عندما فتحت هذا الدكان قبل حوالي خمسين سنة ـ وكما ترى هي جزء من بيتي ، كانت هذه المفاتيح في البيت الذي ورثته عن جدي. وهذا البيت هو ملك لعائلتي منذ سنوات لا حصر لها. وأذكر أن أبي قال لي إنه وجد هذه المفاتيح في البيت عندما توفي جدي، وأن جدي قال له إنها كانت في البيت نفسه وأنه لا يعرف من أين أتت وما الغرض منها ولمن هي. هذه هي الحقيقة التامة.[/rtl]
[rtl]وتابع محدثي العجوز الإسباني صاحب الدكان كلامه، ومن دون أن ينتظر مني تعليقاً.[/rtl]
[rtl]قال : أما الحقيقة المتداولة فهي أن في أكثر من بيت في حي الباياسين، مجموعة مفاتيح مائلة. أما المفاتيح الكبيرة هي مفاتيح البيوت. والمفاتيح الصغيرة هي مفاتيح الدكاكين والكرمة {الحدائق أو " كارمن " بالإسبانيّة} والحمامات الخاصة. ومن المتداول في غرناطة إنها المفاتيح التي تركها العرب لبيوتهم ومحلاتهم عند من بقي في الحي من معارف وأصدقاء في ذلك الزمان، عندما غادروا غرناطة مع {أبو العباد} آخر ملوك بني الأحمر عند سقوطها، على أمل أن يعودوا فيفتحوا بيوتهم وأرزاقهم حين يستعيد العرب الأندلس.[/rtl]
[rtl]سكت صاحب الدكان الإسباني، وكأنه يمتحن وقع روايته غليّ، وسألني وكأنه تذكر شيئاً نسيه :[/rtl]
[rtl]ـ قلت إنك من عرب الأنهار. مَن هم هؤلاء العرب ؟ هل مروا من هنا ؟[/rtl]
[rtl]أجبته : نحن الذين فتحنا الأندلس وأقمنا قرطبة وإشبيليا وغرناطة.[/rtl]
[rtl]أتسعت عينا صاحب الدكان، وهتف الزوج الكهلة : نحن أقرباء. نحن أقرباء. أنظر إلى أنفي إنه أنف عربي. أنظر إلى جبهتي إنها جبهة عربيّة. أنظر إلى وجهي، تكاوينه عربيّة. نحن أقرباء. نحن أقرباء {ولو قالت أنظر إلى أردافي لقلت لها إنها أرداف عربيّة}. لكن الزوج قاطعها بحدة، وقال لي :[/rtl]
[rtl]ـ هل تريد أن تشتري هذه المفاتيح ؟[/rtl]
[rtl]أبيعها لك قد تحتاجها إذا أردت العودة بعد خمسمائة سنة إلى بيت من بيوتك في الباياسين.[/rtl]
[rtl]وأرتج عليّ، فاعتذرت من الإسباني صاحب الدكان بأنني تركت صكوك التمليك لأقطاع بني أميّة في الأندلس في دمشق، وبالتالي فليس لي حق بهذه المفاتيح.[/rtl]
[rtl]لكن صاحب الدكان العجوز أبتسم وهو يشيعني إلى الباب، وكأنه عرف السبب الحقيقي لتمنعي.[/rtl]
 
[rtl]ـ لقد خفت إذا اشتريتها أن يعود العرب من أهالي الأندلس ذات يوم إلى غرناطة ليستردوا بيوتهم فلا يجدون المفاتيح حيث تركوها، فيضطرون للنوم في العراء خمسة قرون أخرى ![/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الفردوس المفقــود Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفردوس المفقــود   الفردوس المفقــود Emptyالجمعة 16 أكتوبر 2015, 10:48 am


الفردوس المفقــود 153


[rtl]رثاء في الأندلس [/rtl]
[rtl]هو صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف الرندي الأندلسي. من أهل (رندة) قرب الجزيرة الخضراء وإليها نسبته. من حفاظ الحديث والفقهاء. كان بارعا في منظوم الكلام ومنثوره, مجيدا في المديح والغزل والوصف والزهد ولكن شهرته ترجع إلى قصيدة نظمها بعد ضياع عدد من المدن الأندلسية. وفي قصيدته التي نظمها يستنصر أهل العدوة الإفريقية من بني مرين لما أخذ ابن الأحمر محمد بن يوسف أول سلاطين غرناطة يتنازل للإسبان عن عدد من القلاع والمدن إرضاء لهم وأملا في أن يبقى له حكمه المقلقل في غرناطة وتعرف قصيدته بمرثية الأندلس وفيها يقول :[/rtl]
فـلا يـغر بـطيب العيش   إنسانلـكل  شـيء إذا مـاتم   نـقصان
مـن سره زمـن سـاءته أزمـانهـي  الأمـور كما شاهدتها دول
ولا يـدوم عـلى حـال لها شانوهـذه الـدار لاتـبقى على أحد
وأيـن مـنهم أكـاليل وتـيجانأين الملوك ذوي التيجان من يمن
وأين ما ساسه في الفرس ساسانوأيــن مـا شاده شـداد في إرم
وأيـن عـاد وشـداد وقـحطانوأيـن مـا حازه قارون من ذهب
حـتى  قضوا فكان القوم ما كانواأتـى  عـلى الـكل أمـر لامرد
كما حكى عن خيال الطيف وسنانوصـار الأمر من مَلكٍ ومن مُلك
سبب  يوماً ولا ملك الدنيا سليمانكـأنما الـصعب لـم يـسهل له
ولـلـزمان  مـسرات وأحـزانفـجائع الـدنيا أنـواع مـنوعة 
ولـما  حـل بـالأسلام سـلوانولـلـحوادث سـلوان يـسهلها
هـوى لـه أحـد وأنـهد ثهلاندهـى الـجزيرة أمر لا عزاء له
حـتى خـلت مـنه أقطار وبلدانفـي الـعين في الأسلام  فارتزأت
وأيـن  شـاطبة أم أيـن جـيانفـأسأل  بـلنسية ما شان  مرسية
مـن عـالم قد سما فيها له شانوأيـن قـرطبة دار الـعلوم فكم
 ونـهرها  الـعذب فياض وملآنوأيـن  حمص وماتحويه من نزه
عـسى الـبقاء إذا لم تبق أركانقـواعد  كـن أركـان البلاد فما
 كـما بـكى لـفراق الإلف هيمانتبكي  الحنيفية البيضاء من أسف 
 قـد أقـفرت ولها بالكفر عمرانعـلى ديـار مـن الأسلام خالية 
مـا فيهن  إلا نـواقيس وطـبانحـيث المساجد قد صارت كنائس
حـتى  المنابر تبكي وهي عيدانحتى  المحاريب تبكي وهي جامدة
إن كـنت في سنةٍ فالدهر يقضانيـاغافلاً  وله في الدهر موعضة
أبـعد حـمص تغر المرء أوطانومـاشياً  مـرحاً يـلهيه  موطنه
ومـالها مـن طوال الدهر نسيانتـلك  الـمصيبة أنست ماتقدمها 
كـأنها  فـي مجال السبق عقبانيـاراكبين  عـتاق الخيل ضامرة
كـأنها  فـي ظـلام النقع نيرانوحـاملين سـيوف الهند مرهفة
 لـهم  بـأوطانهم عـز وسلطانوراتـعين وراء الـبحر في دعة
 فـقد سـرى بحديث القوم  ركبانأعـندكم نـباء مـن أهل أندلس
 قـتلى وأسـرى فما يهتز أنسانكم يستغيث بنا المستضعفون وهم
وأنـتـم  يـا عـباد الله أخـوانلـماذا  التقاطع في الأسلام بينكم
أحـال حـالهم جـور وطـغيانيـا من لـذلة قـوم بـعد عزتهم 
 والـيوم هم في بلاد الكفر عبدانبـالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم
عـليهم  فـي ثـياب الذل ألوانفـلو تـراهم حيارى لادليل لهم
  كـمـا تـفـرق أروح وأبـدانيـارب أم وطـفل حـيل بينهما
طـلعت كأنما هي ياقوت ومرجان
وطـفلة  مـثل حسن الشمس إذ
والـعين  بـاكية والـقلب حيران
يـقودها الـعلج لـلمكروه مٌكرة
إن  كـان في القلب إسلام  وإيمان
لـمثل  هـذا يبكي القلب من كمد













 
[rtl]رثاء الأندلس[/rtl]
 
[rtl]قال أبو البقاء الرندي عندما تغلّب النصارى على بلاد الأندلس، فقام محرضاً على الجهاد ومخاطباً لأهل الإسلام :[/rtl]
 
فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُلكل شيء إذا ما تم نقصان
من سرّه زمنٌ ساءته أزمانُهي الأمور كما شاهدتها دولٌ
ولا يدوم على حالٍ لها شانُوعالم الأكوان لا تبقى محاسنه
وما لما حلّ بالإسلامِ سلوانُوللمصائب سلوانٌ يهونها
هوى له أحدٌ وانهدّ ثهلانُدهى الجزيرة خطب لا عزاء له
حتى خلتْ منه أقطارٌ وبلدانُأصابها العين في الإسلام فامتُحِنت 
[rtl]وأين قرطبة أم أين جيانُ[/rtl]فسل بَلنْسيّة ما شان مُرسيَة 
ونهرها العذب فياضٌ وملآنُوأين حمص وما تحويه من نزه
من فاضلٍ قد سما فيها له شانُهذا طليطلة دار العلوم فكم
أْسْدٌ بها في الحربِ عقبانُوأين غرناطة دار الجهادِ وكم

[rtl]عسى البكاءُ إذا لم تبق أركانُ[/rtl]

قواعدٌ كنّ أركانُ البلادِ فما
في كل وقتٍ به آيٌ وفرقانُوأين جامعها المشهور كم تُلِيَتْ 
مُدَرِسٌ وله في العلمِ تبيانُوعامٌ كان فيه للجهولِ هدى
والدمعُ منه على الخدينّ طوفانُوعابدٌ خاضعٌ لله مُبتهلٌ
وأين يا قوم أبطالٌ وفرسانُوأين جارتها الزهراءُ وقبتها
بدا له في العِداءِ فَتْكٌ وإمعانُوكم شجاعٌ زعيمٌ في الوغى بطلٌ
تبكيِه من أرضه أهلٌ ووِلدانُوكم جندلتْ يدهُ من كافرٍ فغدا
ورد توحيدها شركٌ وطغيانُوواديار من غدت بالكفرٍ  عامرة 
كما بكى لِفراق الإلفِ هيمانُتبكي الحنيفيةُ البيضاء من أسفٍ
حتى المنابر تبكي وهي عيدانُحتى المحاريب تبكي وهي جامدةٌ 
قد اقفرّت ولها بالكفرِ عمرانُعلى ديارٍ من الإسلام خاليةً
بها إلا نواقيسٌ وصلبانُحيثُ المساجد قد أمست كنائسٌ ما
وما لها مع طويل الدهرِ نسيانُتلك المصيبة أتت ما تَقدمها
كأنها في مجالِ  السَبْقِ  عُقبانُيا راكبينَ عتاق  الخيلِ ضامرةً
كأنها في ظلام الليل نيرانُوحاملين سيوف الهند مرهفة 
[rtl]لهم بأوطانهم عِزٌّ وسلطانُ[/rtl]وراتعين وراء النهر من دعةٍ 
فقد سار بحديث القوم ركبانُ أعنكم نبأٌ من أمرِ  أندلس 
أَسرى وقَتلى فلا يَهتزُ إنسانُكم يستعيث صناديدُ الرجال وهم 
وأنتم يا عباد الله إخوانُلماذا التقاطع في الإسلام بينكم
أما على الخير أنصارٌ وأعوانُألا نفوس أبيّاتٌ لها همم
[rtl]سطا عليهم بها كفرٌ وطغيانُ[/rtl]يا من لنصرةِ قوم قُسِمُوا فِرقَاً 
واليوم هم في قيودِ الكُفرِ عُبدانُبالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم 
 عليهم من ثيابِ الذلِ ألوانُفلو رأهم حيارى لا دليل لهم
لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُفلو رأيت بكاهم عند بَيعهم
كما تُفَرَقُ أرواحٌ وأبدانُيا ربّ طفل وأم حِيلَ بينهما 
كأنما هي ياقوتٌ و مرجانُوغادة ما رأتها الشمسُ بارزةً 
والعين باكيةً والقلبُ حيرانُيقودها العلجُ عند السبي صاغرةً 
إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُلمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ
تزخرفت جنةُ المأوى لها شانُهل للجهادِ بها من طالبٍ فلقد
 فازت لعمري بهذا الخير شجعانُوأشرفَ الحورُ والولدانُ من غرفٍ 
[rtl]ما هبّ ريحُ الصبا واهتزَّ أغصانُ[/rtl]ثم الصلاةُ على المختار من مضرٍ 







[rtl]الحبيبة الأندلس[/rtl]
[rtl]شعر الدكتور/ عبدالرزاق حسين[/rtl]
[rtl]أستاذ الأدب بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن[/rtl]
 
 
وأُنشدُها أرقَّ مُنَمْنماتيلأندلسٍ أغنّي أُغنياتي
تلألأَ نورُهُ في السّاطعاتِوأُهدي الشعرَ عِقداً منْ سناها
ثناياكِ العِذابِ الفاتناتِتحدَّرَ كالجمانِ مِنِ الثنايا
لترشفَهُ شِفاهُ معلّقاتيفأهديتيهِ لي ماءً زُلالاً
يُصاغُ لها بِوَشْيِ مُسمّطاتيإلى جيدِ الحبيبةِ عِقدُ دُرّي
تميمةَ عائذٍٍ خوفَ الأذاةِأُعلِّقُهُ على صدرٍ ونهد
[rtl]وأزهارَ المعاني المونقاتِ[/rtl]وأنثُرُ فُلَّ منثوري عليها
وماءَ الوردِ سُكَّرَ مفرداتيأريجَ قصائدي وشذى خطابي
وأشربُ باللمى صفوَ الحياةِوأسكبُ نشوتي في كأسِ وجدي
وفي الأهدابِ تغفو أمنياتيعلى شطآنكِ استلقى فؤادي
جِمالاً بالحنينِ مُحمّلاتِأتاكِ العاشقُ الولهانُ يحدو
ونيلُ رِضاكِ حدُّ تطلّعاتيتسربلَ ليلَهُ ترتيلَ وِرْدٍ
وخارطتي هواكِ وبوصلاتيمرافئُكِ الدفيئةُ حدُّ ركضي
 يُعدُّ منَ البحورِ المظلماتِلأجلكِ قد ركبتُ الصعبَ مهراً
[rtl]ومرساتي عيونُكِ للنجاةِ[/rtl]عبرتُ إليكِ من شوقي زماناً
لأنَّكِ أنتِ أعذبُ أُغنياتيفكانَ شذاكِ مجدافي وريحي


[rtl]فتيهي فوقَ أهدابي وقلبي[/rtl]










[rtl][size=32]أحزان في الأندلس 
نزار قبَّاني
 
[/rtl][/size]
[rtl]كتبتِ لي يا غاليه.. 

كتبتِ تسألينَ عن إسبانيه 

عن طارقٍ، يفتحُ باسم الله دنيا ثانيه.. 

عن عقبة بن نافعٍ 

يزرع شتلَ نخلةٍ.. 

في قلبِ كلِّ رابيه.. 

سألتِ عن أميةٍ.. 

سألتِ عن أميرها معاويه.. 

عن السرايا الزاهيه 

تحملُ من دمشقَ.. في ركابِها 

حضارةً وعافيه.. 

* * * * * * 

لم يبقَ في إسبانيه 

منّا، ومن عصورنا الثمانيه 

غيرُ الذي يبقى من الخمرِ، 

بجوف الآنيه.. 

وأعينٍ كبيرةٍ.. كبيرةٍ 

ما زال في سوادها ينامُ ليلُ الباديه.. 

لم يبقَ من قرطبةٍ 

سوى دموعُ المئذناتِ الباكيه 

سوى عبيرِ الورود، والنارنج والأضاليه.. 

لم يبق من ولاّدةٍ ومن حكايا حُبها.. 

قافيةٌ ولا بقايا قافيه.. 

* * * * * *
لم يبقَ من غرناطةٍ 

ومن بني الأحمر.. إلا ما يقول الراويه 

وغيرُ "لا غالبَ إلا الله

تلقاك في كلِّ زاويه.. 

لم يبقَ إلا قصرُهم 

كامرأةٍ من الرخام عاريه.. 

تعيشُ –لا زالت- على 

قصَّةِ حُبٍّ ماضيه.. 

* * * * * * 
مضت قرونٌ خمسةٌ 

مذ رحلَ "الخليفةُ الصغيرُ" عن إسبانيه 

ولم تزل أحقادنا الصغيره.. 

كما هيَه.. 

ولم تزل عقليةُ العشيره 

في دمنا كما هيه 

حوارُنا اليوميُّ بالخناجرِ.. 

أفكارُنا أشبهُ بالأظافرِ 

مَضت قرونٌ خمسةٌ 

ولا تزال لفظةُ العروبه.. 

كزهرةٍ حزينةٍ في آنيه.. 

كطفلةٍ جائعةٍ وعاريه 

نصلبُها على جدارِ الحقدِ والكراهيه.. 

* * * * * * 
مَضت قرونٌ خمسةُ.. يا غاليه 

كأننا.. نخرجُ هذا اليومَ من إسبانيه..
[/rtl]



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الفردوس المفقــود
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ-
انتقل الى: