ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: القدس: ثمن اليأس السبت 17 أكتوبر 2015, 4:14 am | |
|
القدس: ثمن اليأس
السبت 17 تشرين الأول / أكتوبر 2015.
- فتيان فلسطينيون يرمون الحجارة على قوات الاحتلال في ساحات المسجد الأقصى في القدس - (أرشيفية)
1ميتشيل بليتني، ومات دوس – (مؤسسة سلام الشرق الأوسط) 7/10/2015
ترجمة: علاء الدين أبو زينة في الأسابيع الأخيرة، أعاد انفجار العنف في القدس تلك المدينة المتعبة إلى صدارة عناوين الأخبار. ووفقاً لداني سيدمان، مؤسس منظمة "القدس الدنيوية" Terrestrial Jerusalem، وواحد من الخبراء البارزين في شؤون المدينة، فإن هذا العنف الذي يشتعل بمستوى غير مسبوق في القدس منذ العام 1967، بدأ فعلياً قبل أكثر من سنة، كما أنه ليس مجرد حلقة أخرى من "دورة العنف". في لقاء مع صحفيين ومحللين في واشنطن قبل نحو أسبوعين، قال سيدمان: "هناك في العادة ميل إلى المبالغة في تصوير عدم الاستقرار في القدس. لكن القدس عادة ما تكون مدينة أكثر استقراراً بكثير من سمعتها. إن ما نراه الآن هناك هو تطورات مهمة، والتي تذهب أبعد كثيراً من مضامين العناوين الإخبارية التي ستصدر غداً". في اللقاء، وصف سيدمان مزيجاً متشابكاً وخطيراً للعوامل، حيث يخلق الجمود السياسي مناخاً من اليأس، والذي يصبح فيه الصراع، الذي كان دائماً سياسياً، صراعاً دينياً في نهاية المطاف، وهو ما يعتقد الكثيرون حتى الآن –مخطئين- أنه كذلك. إن الصراع الحالي المتركز على جبل الهيكل (الحرم القدسي) هو مجرد قمة جبل الجليد. ووفقاً لسيدمان، فإن "كامل نسيج هذا الصراع قد تغير". وقال سيدمان: "يتضمن الصراع على جبل الهيكل تأسيس رواية توراتية، والتي تقوم مسبقاً بتأجيج نيران صراع ديني. إنها تزرع البذور لتحويل صراع سياسي، والذي يمكن حله، إلى صراع ديني لا يمكن حله. إننا نشهد صعود تلك المجتمعات الدينية التي تقوم بعسكرة الدين. كما نشهد تهميشاً للهيئات الدينية التقليدية التي تدرك أن القدس تُخدم أفضل ما يكون بعمل الأديان معاً. وأضاف سيدمان: "لا شيء يمكن أن يضمن اندلاع العنف مثلما يفعل التهديد الحقيقي، أو المتخيل، للأماكن المقدسة. لكن جبل الهيكل هو مجرد فتيل التفجير، وليس العبوة المتفجرة نفسها. إن هذا العنف يتواصل بسبب الفقدان المتصوَّر لحل الدولتين". كما أوضح سيدمان، فإن حل الدولتين فقد قدراً كبيراً من مصداقيته. وهذا صحيح بالنسبة للطرفين، لكنه مؤثر بشكل خاص بالنسبة للفلسطينيين. وفي حين يناقش المراقبون، والساسة والأكاديميون والناشطون ما إذا كان حل الدولتين ما يزال ممكناً أم لا، فإن فقدان الأمل بإنهاء الاحتلال هو العامل الرئيسي في خلق اليأس بين الفلسطينيين. وربما تكون تصريحات القادة الإسرائيليين الأخيرة بأنه لا نية لديهم لمغادرة الضفة الغربية أبداً، وتصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن الفلسطينيين لم يعودوا يعتبرون أنفسهم ملزمين بالاتفاقيات السابقة، ربما تكون هذه التصريحات قد جلبت الشكوك في إمكانية حل الدولتين إلى وضع أكثر حدة، لكن الواقع على الأرض هو الذي يقنع الفلسطينيين بفشل هذا الحل. النتيجة هي اليأس، وليس ذلك مقصوراً على القدس بالمطلق. ربما تكون إسرائيل قد صعدت التوترات في أيلول (سبتمبر) بسماحها لمئات من أكثر اليهود المتطرفين تشدداً بالوصول إلى جبل الهيكل، لكن كل ما فعله ذلك هو أنه رفع درجة حرارة لهيب مشتعل مسبقاً. مع ذلك، يمكن أن يستمر هذا اللهب في الاشتعال بقوة لبعض الوقت. وقد وثقت وسائل الإعلام الغربي التأثير المتزايد للقوى الدينية بين الفلسطينيين بشكل جيد. لكن الأقل وضوحاً في هذا الإعلام، وإنما الذي لا يقل أهمية، كان الزيادة الدرامية في تأثير القوى الدينية المتطرفة في إسرائيل. في السابق، سعت الحكومة الإسرائيلية إلى احتواء مثل هذه القوى، وخاصة بإبقاء المتطرفين اليهود بعيدين عن جبل الهيكل. لكنه ما أوضحه نتنياهو في الشهر الماضي هو أن ذلك قد تغير. ركزت التغطيات الإخبارية في الولايات المتحدة إلى حد كبير على حوادث الاعتداء على المدنيين اليهود وقتلهم. وفي تغطياتها لأخبار قيادات الطرفين، تركز جزء كبير من النقاش حول ما إذا كان عباس "يحرض" على العنف، كما يتهمه نتنياهو (وهو ما ينفيه جيش الدفاع الإسرائيلي). وكان النقاش النظري يدور حول ما إذا كان ما يجري الآن هو "انتفاضة ثالثة". لكن كل هذه النقاشات تفوِّت النقطة الأساسية. ففي حين أن الكثيرين، في داخل وإسرائيل وخارجها، ربما يكونون قد أودعوا قصة الدمار الذي لحق بغزة في الصيف الماضي في ذاكرة التاريخ، فإن الفلسطينيين في الضفة الغربية نظروا إلى ذلك على أنه تأكيد آخر على القيمة المتدنية التي يسندها العالم، وليس إسرائيل فقط، لأرواحهم. ذلك اليأس، اليأس من الاحتلال، أكثر من أي من كلمات عباس، هو ما يحرض على العنف. هذا هو المناخ الذي يقود إلى مزيد من الاحتجاجات والمزيد من العنف، بينما يجد الفلسطينيون أنفسهم مجبرين على مجابهة واقع ليس لديهم فيه ما يخسرونه. إنها ليست "انتفاضة"، وهي ليست أي نوع من الثورة المنظمة. إنها ببساطة النتيجة الحتمية لاحتلال لا تبدو له نهاية. بينما يشكل موقف عباس المتعثر كرئيس للسلطة الفلسطينية، والنزعة العدوانية لحكومة نتنياهو، عوامل رئيسية في خلق هذا الجو اليائس، يشار سيدمان إلى أن المشكلة ليست مقصورة على هذه الهيئات. بالإشارة إلى الإعلان الذي صدر في نفس اليوم الذي هدمت فيه إسرائيل منزلي الإرهابيين اللذين نفذا هجمات قاتلة في العام الماضي، كما قال سيدمان، فإن "هدم هذه المنازل يجعل الفلسطينيين يتساءلون: متى سيتم التعامل مع إرهابيي أبو خضير وإرهابيي دوما". يحيل هذا إلى حالتين من الإرهاب اليهودي، واللتين أثارتا غضباً عالمياً. لكن الطريقة التي تعاملت بها إسرائيل معهما تبين السبب في شعور الفلسطينيين بأنهم عرضة للاستهانة الكبيرة. كان محمد أبو خضير قد قُتل في تموز (يوليو) 2014. وتم القبض على الجناة وما يزالون قيد المحاكمة حتى الآن في نظام محاكم إسرائيل الجنائية. وعلى النقيض من ذلك، جرت محاكمة الفلسطينيين المتهمين بالإرهاب في المحاكم العسكرية الإسرائيلية. وعندما ترى عائلات الفلسطينيين الذين تُدينهم هذه المحاكم منازلهم وهي تُهدم في نوع من العقاب الجماعي، فإنها عائلة أبو خضير، وليس أولئك القتلة المعترفين بفعلتهم، هي التي تتعرض للبصاق عليها خارج المحكمة. وحتى وزارة الخارجية الأميركية نفسها اتهمت الحكومة الإسرائيلية بمضايقة عائلة أبو خضير واضطهادها. بل إن جرائم القتل في دوما هي أكثر مباشرة وإثارة للحنق بالنسبة للفلسطينيين. وقد قتل الحريق في قرية دوما الفلسطينية في الضفة الغربية رضيعاً عمره 18 شهرا، ووالده ووالدته. ومع ذلك، وعلى الرغم من إعلان وزير الدفاع موشيه يعالون، على الملأ أن إسرائيل تعرف من هم القتلة، فإنه لم يتم اعتقالهم. ويقول سيدمان: "يخلق ذلك شعوراً بأن أرواح الفلسطينيين لا تهم، وليس هذا موجهاً إلى إسرائيل فقط، وإنما أيضاً للسلطة الفلسطينية والكثير من العالم العربي". ينتمي سيدمان إلى مجموعة متنامية من المحللين الجادين الذين يعتقدون بأن نموذج المحادثات الثنائية التي توسطت فيها الولايات المتحدة، والتي انبثقت عن اتفاقيات أوسلو، لا يمكن أن تنتج أبداً نهاية للاحتلال الإسرائيلي. ورسالته هي أن التدخل الخارجي سوف يكون ضرورياً، حتى مع أنه يتفهم كم سيكون من الصعب تحقيق ذلك. يقول سيدمان: "لم يكن هناك أي عمل على إسرائيل منذ انهيار مبادرة كيري (في العام 2014). ويقدم الكثيرون في إدارة أوباما حججاً مقنعة لصالح الابتعاد ببساطة. سوف يتطلب اتخاذ أي إجراء في هذه القضية إنفاقاً للرصيد السياسي، وربما لا يكون ذلك الإجراء ناجحاً حتى مع ذلك. وهذه الحجج قوية فعلاً. لكن الآثار المترتبة على هذا الابتعاد الأميركي مروعة. من المرجح كثيراً أن يُفقد حل الدولتين، إذا لم يكن قد فُقد فعلاً، قبل كانون الثاني (يناير) 2017. وإذا حدث ذلك، فإنه سيكون قد مات في عهد هذا الرئيس". وأشار سيدمان إلى أن حل الدولتين يعيش الآن في القدس ببعض الطرق، حيث نادراً ما يدخل اليهود الإسرائيليون المناطق الفلسطينية، وحيث يتجنب الفلسطينيون دخول الأجزاء اليهودية -إلا إذا كان لديهم عمل أو شأن هناك. لكن المستوطنين في القدس الشرقية، مع ذلك، يعيشون واقع الدولة الواحدة، حيث يرافق الجنود القوافل الداخلة إلى معتزلاتهم هناك والخارجة منها، وحيث التوترات المستمرة ومستويات العيش شديدة الاختلاف بين المجتمعَين المعزولين. وقد وصف سيدمان ذلك بأنه "بلفاست في أسوأ أحوالها". وقال سيدمان أن مستوى التعاون بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول الأمن ما يزال جيداً حتى الآن. لكن ذلك لن يدوم في المناخ الحالي. وبغض النظر عن التزام عباس باللاعنف، فإن نتنياهو يستمر في اتهامه بالتحريض –"نتنياهو يلعب على مخاوف الإسرائيليين ومكامن قلقهم مثلما يعزف الفنان على الكمان"، كما يقول سيدمان- ويصبح التنسيق الأمني عقبة سياسية تكبر باطراد بالنسبة لعباس. وفي نهاية المطاف، سوف تتضافر كل هذه الأمور لتكسر هذا التعاون. وكان هذا هو أحد مضامين خطاب عباس في الأمم المتحدة مؤخراً. وعلى أي حال، كما قال سيدمان، فإن ذلك التعاون ليس كافياً وحده للتعامل مع قوى نزع الاستقرار التي تعمل في الصراع. |
|