ختان البنات .. هل هو تقليد ديني أرثي أم تخلف؟
الدكتورعميش يوسف عميش - «طهور الذكور»، هو من الطقوس الدينية عند المسلمين واليهود، ويتم إجراءه على الأطفال الذكور كإشارة لتضمينهم ودخولهم للديانتين الإسلامية واليهودية، ويمارس في معظم دول العالم القديم بواسطة الحلاقين، وما يسمى بالمطهرين. ويتم التطهير بطريقة سريعة وذلك بقطع ما يسمى «بالغُلفْه» (prepuce) بواسطة سكين حادة أو شفرة. كما أن تطهير الذكور يمارس من قبل معظم المسيحيين كنوع من النظافة والمحافظة على الصحة. أما ختان الفتيات (Clitorectomy) فهو عادة قديمة تُجرى باسم التقاليد بدون أي قانون أو قرار مذهبي. ولقد دلت الدراسات التي أجريت على الموميات الفرعونية القديمة وتعود إلى 2500 عام قبل الميلاد أن بتر الأعضاء التناسلية للأنثى قد بدأ منذ عهد الفراعنة، وأن الأساطير المصرية القديمة تؤكد أن الآلهة ثنائية الجنس، ولهذا فإن الختان قد استُحدث ومورس وذلك ليوضح ويفسر أنوثة الفتيات. ففي معظم الدول الأفريقية يعتبر «البَظْر» (Clitoris) عضو ذكري لا بد من إزالته للمحافظة على صفة الأنوثة عند المرأة. إن عملية الختان للفتيات تمارس في حوالي 30 دولة أفريقية ويشمل ذلك ملايين العرب وغير العرب خاصة في: موريتانيا وساحل العاج، مصر، السودان، الصومال، وتنزانيا. إن الكلمة العربية لطهور الذكور هي الطهارة (Tahara) وتعني التطهير والتنظيف، أما بالنسبة للإناث فتسمى الختان (Khitan). وختان الفتيات يمارس يومياً في الدول الأفريقية من قبل كل الأديان: الإسلام، المسيحية، اليهود وأتباع الديانات الروحانية مثل الماساي (Masai).
إن الإحصائيات الحديثة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تبين أن هناك ما يقارب (150) مليون امرأة تعرضن لعملية الختان في (40) دولة أفريقية، وفي مصر لوحدها فإن نسبة ختان الفتيات تصل إلى 80% من سكان الأرياف والصعيد، حيث يتم ختان ما يقارب من (400) فتاة كل يوم. إن 90% من عمليات الختان تتم بواسطة ممارسين محليين معظمهم حلاقين أو قابلات.
إن تبرير إزالة «البَظْر» (Clitoris) عند المرأة يستند إلى الاعتقاد بأن ذلك يساعد على السيطرة على الإثارة الجنسية عندها ومنع الاتصال الجنسي الغير شرعي. كما يُعتقد بأن الختان يقضي على الشهوة الجنسية عند المرأة، والحفاظ على بتولة الفتاة.
إن عملية ختان الفتاة تستغرق حوالي ربع ساعة وتجري كما يلي: تقوم بعض النساء المقربات من الفتاة بخلع ملابسها، وجعلها تنام على ظهرها وإبعاد رجليها عن بعضها البعض، حيث تقوم النساء بتثبيتها على ظهرها بالقوة كي لا تتحرك، ويقوم المطهر بتلاوة صلاة قصيرة، وثم يقوم بقطع (البَظْر) بموس حلاقة حاد، ويتم القطع من الأعلى للأسفل مما يؤدي في معظم الأحيان إلى قطع جزء من شفة الفرج (Labia) وبعد ذلك يقوم المطهر باستخدام أشواك من السنْط (نبتة الصمغ العربي) وذلك ليغرزها في مكان منطقة البتر من الجانبين وربط هذه الأشواك بواسطة خيط أو شعر الخيل. إن عملية الختان مؤلمة ومفزعة للفتاة وتؤدي إلى مضاعفات مثل: الموت المفاجئ نتيجة النزف الشديد، أوالإصابة بداء التيتانوس الكزاز نتيجة استخدام أدوات كالأمواس الغير معقمة وسكاكين معدنية أو جزء زجاجة مكسورة. كما أن العملية قد تؤدي إلى تكون ندبة دائمة ينتج عنها انسداد في مجرى البول والدورة الشهرية، وتظل دائمة وتؤدي إلى صعوبة في الحمل والولادة وإلى وفاة الأم والوليد. والأهم من ذلك هو التأثير النفسي السيئ على الفتاة، أما المضاعفات المستقبلية الأخرى فهي: الإلتهابات المتكررة للجهاز التناسلي والبولي، العقم، والايدز.
إن ممارسة ختان الفتيات يعتبر في عصرنا الحاضر نوعاً من التخلف لأنه يحمل في طياته التعذيب وتشويه الجهاز التناسلي للمرأة، ولقد بدأت بعض الدول الأفريقية مثل مصر بمنع إجراء هذه العملية. كما أن ختان الفتيات خلقت مشكلة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، حيث أن المهاجرين من الدول الأفريقية يمارسون الختان سراً، مما أدى إلى إستصدار قوانين تحرم ذلك من قبل الكونجرس الأمريكي في معظم الولايات.