منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  القصة في القران الكريم عظة وعبرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 13 مايو 2019, 2:18 am

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة

قصص القران لما فيها من روعة في الصياغة وابداع في الكلمات والعبر وتكرارها باسلوب مشوق ومتنوع فهى ومصدر تَوجيه ووعظٍ يدعم الفردَ والجماعة وهى عبرة لِمن أراد أن يَعتبر ويتَّعظ ...
ولكن ماهي العظة والعبرة من وجود القصص في القران الكريم ؟
اولا : ما معنى القصة في اللغة ؟

القص :تتبع الأثر .
يقال : قصصتُ أثره : أي تتبعته 
والقصص مصدر، قال القرآن:
" فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا"

أي : رجعا يقصان الأثر الذي جاءا به .
وقال على لسان أم موسى :
"وقالت لأخته قصيه "

أي: تتبعي أثره حتى تنظري من يأخذه. 
والقصص كذلك : الأخبار المتتبعة
قال تعالى :
" إن هذا لهو القصص الحق "

وقال : 
" لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌلِأُولِي الْأَلْبَابِ "
(111) يوسف

وقصص القرآن:
هى حيث من المولى عز وجل بإخباره عن أحوالالأمم الماضية والنبوات السابقة ، والحوادث الواقعة - وقد اشتمل القرآن علىكثير من وقائع الماضي ، وتاريخالأمم ، وذكر البلاد والديار . وتتبع آثار كل قوم ، وحكى عنهم صورة ناطقة لما كانوا عليه .

قال الشيخ محمد بن عثيمين :
القصص والقص لغة : تتبع الأثر

وفي الاصطلاح : الإخبار عن قضية ذات مراحل يتبع بعضها بعضًا .

وقصص القرآن أصدق القصص لقوله تعالى : 
" ومن أصدق من الله حديثًا "

وذلك لتمام مطابقتها للواقع .

وأحسن القصص لقوله تعالى : 
" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَالْغَافِلِينَ ) يوسف : 3
وذلك لاشتمالها على أعلى درجات الكمال في البلاغة وجلال المعنى . وأنفع القصص 
لقوله تعالى :
" لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ " 
(111) يوسف
وذلك لقوة تأثيرها في إصلاح القلوب والأعمال والأخلاق
* *

أنواع القصص في القرآن :

والقصص في القرآن ثلاثة أنواع :
النوع الأول:

قصص الأنبياء ، وقد تضمن دعوتهم إلى قومهم ، والمعجزات التي أيدهم الله بها وموقف المعاندين منهم ، ومراحل الدعوة وتطورها وعاقبة المؤمنين والمكذبين . كقصة نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وهارون، وعيسى ومحمد ، وغيرهم من الأنبياء والمرسلين ، عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام .

النوع الثاني : 
قصص قرآني يتعلق بحوادث غابرة ، وأشخاص لم تثبت ثبوتهم ، كقصة الذين أخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذرالموت . وطالوت وجالوت ، وابني آدم ، وأهل الكهف ، وذي القرنين ، وقارون ، وأصحاب السبت ، ومريم ، وأصحابالاخدود وأصحاب الفيل ونحوهم. 

النوع الثالث :

قصص يتعلق بالحوادث التي وقعت في زمن رسول الله

كغزوة بدر واُحد في سورة آل عمران

وغزوة حنين وتبوك في التوبة

وغزوة الأحزاب في سورة الأحزاب ، والهجرة ، والإسراء ، ونحو ذلك .

انظر أصول في التفسير للشيخ 
محمد بن صالح العثيمين ( 52 - 53 ).



فوائد قصص القرآن :
وللقصص القرآني فوائد نجمل أهمها فيما يأتي :

1- إيضاح أسس الدعوة إلى الله ، وبيان أصول الشرائع التي يبعث بها كل نبي : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ " الأنبياء : 25
" . 2- تثبيت قلب رسول الله صل الله عليه وسلم وقلوب الأمة المحمدية على دين الله وتقوية ثقة المؤمنين بنصرة الحق وجندة ، وخذلان البطل وأهله :

" وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ "
هود : 120
3- تصديق الأنبياء السابقين وإحياء ذكراهم وتخليد آثارهم .
4- إظهار صدق محمد صل الله عليه وسلم في دعوته بما أخبر به عن أحوال الماضين عبر القرون والأجيال .
5- مقارعته أهل الكتاب بالحجة فيما كتموه من البينات والهدى ، وتحديه لهم بما كان في كتبهم قبل التحريف والتبديلكقوله تعالى :

" كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "
آل عمران : 93 
6- والقصص ضرب من ضروب الأدب ، يصغى إليها السامع ، وترسخ عبره في النفس : 
" لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ " 
(111) يوسف .
7- بيان حكم الله تعالى فيما تضمنته هذه القصص لقول القرآن :
"ولقد جاءهم من الأنبياء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغني النذر " 
القمر : 4
8- بيان عدله تعالى بعقوبة المكذبين لقول القرآن عن المكذبين:
"وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ "
هود : 101.
9- بيان فضله تعالى بمثوبة المؤمنين لقول القرآن:
" إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍنِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ "
القمر : 35.
10- تسلية النبي صل الله عليه وسلم 
عما أصابه من المكذبين له
لقوله تعالى : 
" وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ " 
26 : سورة فاطر.

11- ترغيب المؤمنين في الإيمان بالثبات عليه والازدياد منه إذ علموا نجاة المؤمنين السابقين وانتصار من أمروا بالجهادلقوله تعالى : 
" فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ "
الانبياء : 88.
12- تحذير الكافرين من الاستمرار في كفرهم
لقوله تعالى :
" أو لم يسيروافي الأرض فينظروا كيف 
كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها"

محمد : 10
13- إثبات رسالة النبي صل الله عليه وسلم فإن أخبار الأمم السابقة لا يعلمها إلا الله عز وجل لقوله تعالى : 
" تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ "
هود : 49 
وقوله :
" أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ " 
ابراهيم : 9
أغراض القصة القرآنية :
ليست القصة القرآنية عملاً فنيًا مطلقًا مجردًا عن الأغراض التوجيهية ، إنما هي وسيلة من وسائل القرآن الكثيرةإلى تحقيق أغراضه الدينية الربانية ، فهي إحدى الوسائل لإبلاغ الدعوة الإسلامية وتثبيتها .

والتعبير القرآني معذلك يؤلف بين الغرض الديني والغرض الفني ، وبهذا امتازت القصة القرآنية بميزات تربوية وفنية ، ذكرنا بعضها فيالصفحات الماضية حيث لاحظنا أن القصص القرآني يَجعَل الجمال الفني أداة مقصودة للتأثير الوجداني ، وإثارةالانفعالات وتربية العواطف الربانية .

وسنعرض بعض أغراض القصة القرآنية :
1- كان من أغراض القصة القرآنية إثبات الوحي والرسالة ، وتحقيق القناعة بأن محمد صل الله عليه وسلم وهوالأمي الذي لا يقرأ ولا يعرف عنه أنه يجلس إلى أحبار اليهود والنصارى ، يتلو على قومه هذه القصص من كلام ربه ،وقد جاء بعضها في دقة وإسهاب ، فلا يشك عاقل في أنها وحي من الله ، وأن محمد رسول الله يبلغ رسالة ربه ،
والقرآن ينص على هذا الغرض نصًا في مقدمات بعض القصص أو في أواخرها فقد جاء في أول سورة يوسف: "إنّاأَنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلونَ ، نَحْنُ نَقُصٌّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنَا إلَيْكَ هذا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لِمِنَالْغافِلينَ

وجاء في سورة هود بعد قصة نوح:
"تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نوحيها إِلَيْكْ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذ ا "
2- ومن أغراض القصة القرآنية : بيان أن الدين كله من عند الله.
3- وأن الله ينصر رسله والذين آمنوا ويرحمهم وينجيهم من المآزق والكروب من عهد آدم ونوح إلى عهد محمدصل الله عليه وسلم ، وأن المؤمنين كلهم أمه واحدة والله الواحد رب الجميع .

وكثيرًا ما وردت قصص عدد منالأنبياء مجتمعة في سورة واحدة ، معروضة عرضًا سريعًا بطريقة خاصة لتؤيد هذه الحقيقة ، كما في سورة الأنبياء 
حيث ورد ذكر : موسى وهارون ، ثم لمحة موجزة عن قصة إبراهيم ولوط وكيف نجاهم الله وأهلك قومهما ، وقصةنوح ، وجانب من أخبار داود وسليمان ، وما أنعم الله عليهما ، وأيوب حين نجاه الله من الضر ، وورد ذكر إسماعيل وإدريس وذي الكفل وكلهم من الصابرين الصالحين .

وذكر الله لنا: 
"وَذا النّونِ إذْ ذَهَبَ مُغاضِبًا "

قال القرآن :
فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمَّ وَكَذَلِكَ نُنْجي الْمُؤْمِنينَ "

ثم قال القرآن :
" وَزَكَرِيّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبَّ لا تَذَرْني فَرْدًا وَأَنْتَخَيْرُ

الْوارِثينَ "

" فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهْ إِنَّهُمْ كَانوا يُسارِعونَ في الْخَيْراتِ وَيَدْعونَنا رَغَبًاوَرَهَبًا وَكانوا لنا خاشِعينَ "

ويختم الله هذه السلسلة من الأنبياء بخبر مريم وابنها عيسى عليهما

السلام : 
" وَالَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فيها مِنْ روحِنا
وَجَعَلْناها وَابْنَها آيهْ لِلْعالَمينَ "

ثم يخاطب الله مباشرة جميع أنبيائه ورسلهوأتباعهم بقوله : 
" إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمًةواحِدًة وَأَنا رَبُّكُمْ فَاعْبُدونِ "

فتبين بهذه الآية الكريمة تقرير الغرضالأصيل من هذا الاستعراض الطويل وهو أن جميع الأنبياء يدينون دينًا واحدًا ويخضعون لرب واحد يعبدونه وحده لايشركون به شيءًا ، وعندما نستعرض خبر كل نبي نجد أن الله قد شد أزره ونصره ونجاه من الكرب الذي نزل به ،أو المأزق الذي أوشك أن يقع فيه ، كما نجى ذا النون ( يونس ) واستجاب لزكريا ، وكما نجى إبراهيم وقد أوشك أنيحترق بالنار ؛ وأنه سبحانه دائمًا ينعم على رسله والذين آمنوا إذا صبروا وصدقوا ، كما أنعم على داود بالنصر ،وسليمان بالملك ، فشكروا نعمة ربهم .
4- وفي هذا شد لأزر المؤمنين ، وتسلية لهم عما يلاقون من الهموم والمصائب وتثبيت لرسول الله ومن تبعه منأمته ، وتأثير في نفوس من يدعوهم القرآن إلى الإيمان وأنهم إن لم يؤمنوا لا محالة هالكون ، وموعظة وذكرى للمؤمنين 
وقد صرح القرآن بهذا المعنى في قول القرآن : 
" وَكُلاَّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبَّتُ بِهِ فُؤَادَكَوَجاءَكَ هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةُ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنينَ "

وجاء في سورة العنكبوت لمحة خاطفة عن قصة كل نبي ، مختومةبالعذاب الذي عذب به المذنبون من قومه حتى ختمت جميع القصص المجملة 
بقول القرآن :


" فَكُلاً أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْمَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَهُ وَمِنْهُمْمِنْ خَسَفْنا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا ، وَما كانَ اللهُلِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمونَ "

فعلى المربي أن يستحضر مكان الموعظةوالذكرى من كل قصة ، ليحاورالطلاب حوارًا يوجههم إلى معرفتها والتأثر بها والعمل بمقتضاها .
5- ومن أغراض القصة في التربية الإسلامية : تنبيه أبناء آدم إلى خطر غواية الشيطان وإبراز العداوة الخالدة بينه وبينهم منذ أبيهم إلى أن تقوم الساعة وإبراز هذه العداوة عن طريق القصة أروع وأقوى ، وأدعى إلى الحذرالشديد من كل هاجسه في النفس تدعو إلى الشّر ، ولما كان هذا موضوعًا خالدًا فقد تكررت قصة آدم في مواضعشتى ، مما يدعو المربي إلى الإلحاح على هذا الموضوع وتوجيه الطلاب إلى الحذر من غواية الشيطان في كلمناسبة ملائمة .
6- ومن أغراض القصص التربوية : بيان قدرة الله تعالى : بيانًا يثير انفعال الدهشة والخوف من الله لتربية عاطفة الخشوع والخضوع والانقياد ونحوها من العواطف الربانية .

كقصة الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه وقصة خلق آدم ،وقصة إبراهيم والطير الذي آب إليه بعد أن جعل على كل جبل جزءًا منه قال القرآن : 
" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَتُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍمِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " البقرة : 260
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 13 مايو 2019, 3:23 am

 أصحاب الأخدود 
موقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في سورة البروج الآيات 4-9، وتفصيلها في صحيح الإمام مسلم.
قال الله تعالى((وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ))
القصة:
إنها قصة فتاً آمن، فصبر وثبت، فآمنت معه قريته.
لقد كان غلاما نبيها، ولم يكن قد آمن بعد. وكان يعيش في قرية ملكها كافر يدّعي الألوهية. وكان للملك ساحر يستعين به. وعندما تقدّم العمر بالساحر، طلب من الملك أن يبعث له غلاما يعلّمه السحر ليحلّ محله بعد موته. فاختير هذا الغلام وأُرسل للساحر.
فكان الغلام يذهب للساحر ليتعلم منه، وفي طريقه كان يمرّ على راهب. فجلس معه مرة وأعجبه كلامه. فصار يجلس مع الراهب في كل مرة يتوجه فيها إلى الساحر. وكان الساحر يضربه إن لم يحضر. فشكى ذلك للراهب. فقال له الراهب: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر.

وكان في طريقه في أحد الأيام، فإذا بحيوان عظيم يسدّ طريق الناس. فقال الغلام في نفسه، اليوم أعلم أيهم أفضل، الساحر أم الراهب. ثم أخذ حجرا وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. ثم رمى الحيوان فقلته، ومضى الناس في طريقهم. فتوجه الغلام للراهب وأخبره بما حدث. فقال له الراهب: يا بنى، أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإذا ابتليت فلا تدلّ عليّ.
وكان الغلام بتوفيق من الله يبرئ الأكمه والأبرص ويعالج الناس من جميع الأمراض. فسمع به أحد جلساء الملك، وكان قد فَقَدَ بصره. فجمع هدايا كثرة وتوجه بها للغلام وقال له: أعطيك جميع هذه الهداية إن شفيتني. فأجاب الغلام: أنا لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن جليس الملك، فشفاه الله تعالى.
فذهب جليس الملجس، وقعد بجوار الملك كما كان يقعد قبل أن يفقد بصره. فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ فأجاب الجليس بثقة المؤمن: ربّي. فغضب الملك وقال: ولك ربّ غيري؟ فأجاب المؤمن دون تردد: ربّي وربّك الله. فثار الملك، وأمر بتعذيبه. فلم يزالوا يعذّبونه حتى دلّ على الغلام.

أمر الملك بإحضار الغلام، ثم قال له مخاطبا: يا بني، لقد بلغت من السحر مبلغا عظيما، حتى أصبحت تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل. فقال الغلام: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى. فأمر الملك بتعذيبه. فعذّبوه حتى دلّ على الراهب.
فأُحضر الراهب وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الراهب ذلك. وجيئ بمشار، ووضع على مفرق رأسه، ثم نُشِرَ فوقع نصفين. ثم أحضر جليس الملك، وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى. فَفُعِلَ به كما فُعِلَ بالراهب. ثم جيئ بالغلام وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الغلام. فأمر الملك بأخذ الغلام لقمة جبل، وتخييره هناك، فإما أن يترك دينه أو أن يطرحوه من قمة الجبل.
فأخذ الجنود الغلام، وصعدوا به الجبل، فدعى الفتى ربه: اللهم اكفنيهم بما شئت. فاهتزّ الجبل وسقط الجنود. ورجع الغلام يمشي إلى الملك. فقال الملك: أين من كان معك؟ فأجاب: كفانيهم الله تعالى. فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة، والذهاب به لوسط البحر، ثم تخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه.

فذهبوا به، فدعى الغلام الله: اللهم اكفنيهم بما شئت. فانقلبت بهم السفينة وغرق من كان عليها إلا الغلام. ثم رجع إلى الملك. فسأله الملك باستغراب: أين من كان معك؟ فأجاب الغلام المتوكل على الله: كفانيهم الله تعالى. ثم قال للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به. فقال الملك: ما هو؟ فقال الفتى المؤمن: أن تجمع الناس في مكان واحد، وتصلبي على جذع، ثم تأخذ سهما من كنانتي، وتضع السهم في القوس، وتقول "بسم الله ربّ الغلام" ثم ارمني، فإن فعلت ذلك قتلتني.

استبشر الملك بهذا الأمر. فأمر على الفور بجمع الناس، وصلب الفتى أمامهم. ثم أخذ سهما من كنانته، ووضع السهم في القوس، وقال: باسم الله ربّ الغلام، ثم رماه فأصابه فقتله.
فصرخ الناس: آمنا بربّ الغلام. فهرع أصحاب الملك إليه وقالوا: أرأيت ما كنت تخشاه! لقد وقع، لقد آمن الناس.
فأمر الملك بحفر شقّ في الأرض، وإشعال النار فيها. ثم أمر جنوده، بتخيير الناس، فإما الرجوع عن الإيمان، أو إلقائهم في النار. ففعل الجنود ذلك، حتى جاء دور امرأة ومعها صبي لها، فخافت أن تُرمى في النار. فألهم الله الصبي أن يقول لها: يا أمّاه اصبري فإنك على الحق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 13 مايو 2019, 3:27 am

قصة أصحاب الكهف،
 الفِتية المؤمنين الذين ثبتوا على دينهم، ونجّاهم الله تعالى من القوم الظالمين،
 وسنُبيِّن ما في القصة من العبرة، والأسوة الحسنة لنا جميعًا.
 
التعريف بأصحاب الكهف وسبب تسميتهم بهذا الاسم:
كان أصحاب الكهف أيام ملك اسمه دقيوس، ويقال: دقيانوس، وكانوا بمدينة للروم اسمها أفسوس، وملكهم يَعبُد الأصنام، وكانوا فتية آمنوا بربّهم كما ذكر الله تعالى، فقال: ﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴾ [الكهف: 9]؛ والرَّقيم: خبرُهم كُتِبَ في لوح وجُعلَ على باب الكهف الذي أووا إليه، وقيل: كتبه بعض أهل زمانهم وجعله في البناء، وفيه أسماؤهم، وفي أيَّام مَن كانوا، وسبب وصولهم إلى الكهف.
 
وكانت عدَّتهم - فيما ذكر ابن عبَّاس - سبعةً وثامنهم كلبهم، وقال: "أنا من القليل الذين يعلمونهم"، وقال ابن إسحاق: كانوا ثمانية، فعلى قوله يكون تاسعهم كلبهم، وكانوا من الروم، وكانوا يَعبُدون الأوثان، فهداهم الله، وكانت شريعتهم شريعة عيسى - عليه السلام.
 
وزعم بعضُهم أنهم كانوا قبل المسيح، وأنَّ المسيح أعلَمَ قومه بهم، وأن الله بعثهم من رقدتهم بعد رفع المسيح، والأول أصحُّ.

وكان سبب إيمانهم أنه جاء حواريٌّ من أصحاب عيسى إلى مدينتِهم فأراد أن يدخلها، فقيل له: إنَّ على بابها صنمًا لا يدخلها أحد حتى يَسجُد له، فلم يدخلها وأتى حمَّامًا قريبًا من المدينة، فكان يعمل فيه، فرأى صاحب الحمَّام البَرَكة، وعَلِقَه الفتية، فجعل يخبرهم خبر السماء والأرض وخبر الآخرة، حتى آمنوا به وصدَّقوه[1].

وسُمُّوا أصحاب الكهف نسبة للكهف الذي استخفوا فيه، وظلوا فيه إلى أن شاء الله.
 
أسباب ترك أصحاب الكهف للقرية:
أما عن سبب ترك أصحاب الكهف للقرية، فإليك ما ورد في ذلك:
قال ابن عباس رضي الله عنه: "إنهم قوم هرَبوا من ملكهم حين دعاهم إلى عبادة الأصنام، فَمرُّوا براعٍ له كلب يتبعهم على دينهم، فآووا إلى كهف يتعبدون، وكان منهم رجل يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة إلى أن جاءهم يومًا فأخبرهم أنهم قد ذكرهم الملك، فتعوَّذوا بالله من الفتنة، فضَرب الله على آذانهم، وأمر الملك فسُدَّ عليهم الكهف، وهو يظنُّهم أيقاظًا، وقد توفى الله أرواحهم، وفاة النوم، وكلبُهم قد غشيَه ما غشيهم، ثم إن رجلين مؤمنَين يكتمان إيمانهما كتبا أسماءهم وأنسابهم وخبَرَهم في لوح من رصاص وجعلاه في تابوت من نحاس، وجعلاه في البنيان، وقالا: لعلَّ الله - عز وجل - يُطلِع عليهم قومًا مؤمنين فيعلمون خبرهم[2].

وقيل في سبب هروبهم:
رُوي عن وهب بن منبه أنه: جاء حواريُّ عيسى ابن مريم إلى مدينة أصحاب الكهف، فأراد أن يدخلها، فقيل له: إن على بابها صنمًا لا يدخلها أحد إلا سجد له، فكره أن يدخلها، فأتى حمَّامًا، وكان فيه قريبًا من تلك المدينة، فكان يعمل فيه، يؤاجر نفسه من صاحب الحمام، ورأى صاحب الحمام في حمامه البركة، ودرَّ عليه الرزق، فجعل يعرض عليه الإسلام وجعل يَسترسِل إليه، وعلقه فتيةٌ من أهل المدينة وجعل يُخبرهم خبر السماء والأرض وخبر الآخرة، حتى آمنوا به وصدقوه، وكانوا على مثل حاله في حسن الهيئة، وكان يشرط على صاحب الحمام أن الليل لي، لا تَحول بيني وبين الصلاة إذا حضَرت، فكان على ذلك حتى جاء ابن الملك بامرأة، فدخل بها الحمام، فعيَّره الحواري، فقال: أنت ابن الملك وتدخل ومعك هذه الكذا! فاستحيا، فذهب، فرجع مرة أخرى فقال له مثل ذلك، وسبَّه وانتهره، ولم يلتفت حتى دخل، ودخلت معه المرأة فماتا في الحمام جميعًا، فأتى الملك فقيل له: قتل صاحب الحمام ابنك، فالتُمسَ، فلم يُقدَر عليه فهرب، قال: من كان يصحبه؟ فسمُّوا الفتية، فالتُمسوا فخرجوا من المدينة، فمروا بصاحب له في زرع له - وهو على مثل أمرهم - فذَكروا أنهم التُمسوا، وانطلق معهم ومعه الكلب، حتى آواهم الليل إلى الكهف، فدخلوه فقالوا: نَبيت ها هنا الليلة ثم نُصبح - إن شاء الله - فترون رأيكم، فضرب الله على آذانهم، فخرج الملك في أصحابه يتبعونهم، حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف، فكلما أراد رجل أن يدخل أرعب، فلم يُطِق أحد أن يدخل، فقال قائل: أليس لو كنت قدرت عليهم قتلتهم؟ قال: بلى، قال: فابنِ عليهم باب الكهف، فدعْهم فيه يَموتوا عطشًا وجوعًا، ففعل، فغبروا - بعدما بُني عليهم باب الكهف - زمانًا بعد زمان[3].



[1] انظر: الكامل في التاريخ، المؤلف: ابن الأثير: 1/ 119، مصدر الكتاب موقع الوراق.
[2] انظر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، المؤلف: عبدالرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج: 1/ 169، الناشر، دار صادر - بيروت، الطبعة الأولى، 1358.
[3] تاريخ الرسل والملوك، المؤلف: الطبري: 1/ 261، مصدر الكتاب موقع الوراق.












عبرة أصحاب الكهف




إنهم فتية من الشباب ذوو قوة وعزيمة، ما تجاوز عددهم العشرة وهم إلى السبعة أقرب، نشأوا في مجتمع كفر وطغيان، ومنّ عليهم المنان بكرامة الإيمان، وزادهم من هداه، وربط على قلوبهم بالثبات والطمأنينة في أتّون (موقد) ذلك المجتمع الكفري الظلوم الذي لا يتعامل مع المؤمن إلا بالرجم أو الفتن عن الدين؛ فقاموا بالإيمان قولاً وفعلاً، ﴿ فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾ [الكهف: 14]؛ إقرار بالربوبية والألوهية؛ فهو الإله الذي يُدعى دون ما سواه، وأن صرف ذلك الدعاء لغيره ميل عظيم عن الحق. ورأوا بنور التوحيد حلكة ظُلمة الشرك التي اكتنفت قومهم حين اتخذوا آلهة يدعونها من دون الله بغير حجة ولا برهان؛ فكانت جناية تتقاصر عنها كل جناية؛ فلا ذنب أعظم من الشرك؛ لأنه أعظم الكذب المفترى على الله - جل وعلا -. ولما رأوا ألا يد لهم بإظهار إيمانهم ومقارعة قومهم وخافوا الفتنة في دينهم والبوء بالخسار بادروا في هجرة قومهم؛ إذ كانت هي السبيل الأمثل لحفظ الإيمان ونمائه؛ لئلا يحرموا الفلاح. وتمخض رأيهم في طلب النجاء بعد اعتزالهم قومهم بإوائهم إلى كهف يعرفونه، يجتمعون فيه ويعبدون ربهم دون أن يراهم أحد حتى يقضي الله بفرج تغيّرِ الحال أو بتوفيّه إياهم من غير افتتان. وشأنهم تضرع إلى الله بسؤاله رحمةً تحيطهم وتهيئتَه لهم أسبابَ رشدٍ تعصمهم من الزلل. وحسن ظنهم بربهم وهم يباشرون الهجرة إلى الكهف يملأ قلوبهم: أنْ ينشر لهم من رحمته؛ فلا يضيقون بالكهف، وأنْ يهيئ لهم في جميع أمورهم رفقاً ويسراً.
 

أيها المسلمون!
كانت رحمة الله وتيسيره تحيط بهؤلاء الفتية حين اختاروا كهفاً ذا باب شمالي تميل عن يمينه الشمسُ إذا طلعت، وإذا تضيفت للغروب تصيبهم؛ فكانوا في جوفه الرحب. وتأمل حفظ الله لهم وهم في رحبة الكهف؛ إذ جعل الشمس لا تصيبهم إلا وقتاً يسيراً قبل الغروب حين يضعف وهجها؛ فينتفعون بها دون ضرر، والهواء يغشاهم في تلك الرحبة، وضرب على آذانهم نومة استغرقت ثلاثمائة وتسع سنين لو رآهم الرائي لظنهم أيقاظاً؛ لانفتاح أعينهم فلا تفسد - كما قال المفسرون -، وجعلهم يتقلّبون في نومهم بين جنبهم الأيمن والأيسر؛ لئلا يختلَّ توازن الدم في أجسامهم أو تأكل الأرض أجسادهم والله تعالى قادر على حفظهم من الأرض من غير تقليب لكنه تعالى حكيم؛ أراد أن تجري سنته في الكون، ويربطَ الأسبابَ بمسبباتها. وكلبهم باسط ذراعيه عند الباب للحراسة كأنه لم ينم، وألقى عليهم مهابة تملأ قلب رائيهم رعباً فلا يملك إلا الفرار حين يراهم؛ وذاك ما أوجب بقاءهم كلَّ هذه المدة الطويلة دون أن يعثر عليهم أحد مع قربهم من المدينة. هكذا حِفْظُ الله لمن حفظه.
 

معشر الإخوة!
وبعد أن تم كتاب النوم أجله الذي دام ثلاثمائة وتسع سنين دون أن يتغير منهم شيء أيقظهم الله جميعاً فدار حوار بينهم في تحديد فترة نومهم إثر سؤال أحدهم إياهم عن تلك المدة فمنهم من قال: يوماً أو بعض يوم، ومنهم من ردّ العلم بها إلى الله. ثم اختاروا أحدهم؛ ليشتري لهم بعملة فضية كانت معهم أطيبَ طعام وألذَّه في المدينة، وأوصوه بالحذر؛ فيلزمَ التلطف والتخفي في ذهابه وشرائه وإيابه؛ لئلا يظهر أمرهم، وذكروا محذور ظهور أمرهم عند قومهم، وأنهم إذ ذاك بين عذابين: رميٍ بالحجارة أو فتنة بالدين ونكوص عن الهدى فلا يفلحون إذاً أبداً. وهكذا لا يزال همّ حفظ إيمانهم يعتمل في نفوسهم ويلازم أمور حياتهم حتى في ما لا يقوم أودهم إلا به. ومع كل تلك الاحترازات نفذ قدر الله؛ إذ أعثر الناس على مكانهم؛ لحكمة أرادها الله؛ فاليقين بحقيقة وعد الله وعدم تخلفه - ومن ذلك وعده بإنجاء أوليائه من براثن أعدائه - من مقاصد تقدير الله لحادثة الكهف، وكذلك من مقاصدها العلم واليقين بقيام الساعة وبعث الموتى لها.
 

معشر المؤمنين!
وعندما عرف الناس مكان أهل الكهف الذي ماتوا فيه وقع التنازع بينهم في الصنيع بهم؛ فمنهم من رأى أن يقام بنيان عليهم يُحمون به ويكونَ أثراً من الآثار، ومنهم من رأى أن يتخذ كهفهم مسجداً، وكان ذلك رأي أهل الغلبة وهم أولوا الأمر فيهم، وذاك ما نهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولعن فاعله، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صل الله عليه وسلم- فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: "لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، لَوْلاَ ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ - أَوْ خُشِيَ - أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِداً. رواه البخاري ومسلم؛ فالعواطف تلجم برباط الشرع المعصوم؛ فلا تحمل محبة المخلوق على تعظيمه وإنزاله فوق قدره.
 

الخطبة الثانية


الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على رسوله وعبده.
 

وبعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله.. .
 

أيها المؤمنون!
إن من هداية نبأ فتية الكهف استشعار قدر الإيمان، وأنه رأس مال المرء الذي إن ضيعه فاته الفلاح برمته. وفي ذلك النبأ إرشاد لطرائق حفظ الإيمان وتنميته التي من أهمها العلم الراسخ والصحبة الصالحة والخوف من النكوص واعتزال الفتن والفرار بالدين وملازمة الدعاء وحسن الظن بالله. ومن تلك الهدايات أن من فر بدينه من الفتن سلّمه الله منها، وأن من حرص على العافية عافاه الله، ومن أوى إلى الله آواه الله، وجعله هداية لغيره، وأن من تحمل الذل في سبيله وابتغاء مرضاته كان آخرَ أمره وعاقبتَه العزُّ العظيمُّ من حيث لا يحتسب ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 13 مايو 2019, 3:30 am

 أصحاب السفينة: دروس وعبر في موج كالجبال 

ولعل أبرز المشاهد التي وردت في قصة نوح -عليه السلام-، مشهد السفينة من البداية إلى النهاية، وهو مشهد مليء بالعبر والعظات، فسفينة نوح -عليه السلام- مثل على توافر سبيل النجاة لمن أراد وصدق. وتتعدّد الأمثلة مع التاريخ، وتظل سفينة نوح هي النموذج الذي يصوّر الأمثلة كلها..
أ. شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

قال أهل العلم إنّ في القرآن الكريم ثلاثة مقاصد رئيسية:
مقصد إثبات العقائد وإقرار التوحيد،
ومقصد بيان الأحكام الشرعية من حلال وحرام،
ومقصد بيان العبرة والعظة من قصص الأنبياء والمرسلين للأمم السابقة. 
ونحن في حاجة ماسة للقراءة في تاريخ الأمم السابقة خاصة عندما يشتد الكرب والمحن؛ لنتعرف على سنن الله الكونية في خلق؛ عاقبة المتقين، وخاتمة المكذبين، ومصارع الظالمين، وبيان طريق الدعوة وخلاصة خبرات الأنبياء مع البشر بمختلف طبائعهم وأخلاقهم وعاداتهم، للعبرة والعظة، والثبات على الطريق، قال تعالى: (وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) [هود:120]، وقال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف:111].

نوح -عليه السلام- هو أوَّل رسول بعثَه الله؛ لما روى البخاري في حديث الشَّفاعة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنَّ النبيَّ -صل الله عليه وسلم- قال: "فيأتون نوحًا فيقولون: أنت أوَّل الرسل إلى أهل الأرضِ، وسمَّاك الله عبدًا شكورًا، أما ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما بلغنا؟ ألا تشفع لنا إلى ربِّك؟ ...." الحديث.
ونوح -عليه السلام- أطول أنبياء الله -عز وجل- عمراً، وبالتالي أطولهم ممارسة للدعوة ومعاملة مع الناس –ألف سنة إلا خمسين عاماً-، وقد ذكر الله قصَّة نوحٍ -عليه السلام- في عشر سورٍ من سور القرآن، هي: الأعراف، يونس، هود، الأنبياء، المؤمنون، الشعراء، العنكبوت، الصافات، القمر، نوح، إلى كثير ممَّا ورد ذكره في بعض السور حتى بلغ ذِكره في القرآن أكثر من أربعين مرَّة.

ولعل أبرز المشاهد التي وردت في قصة نوح -عليه السلام-، مشهد السفينة من البداية إلى النهاية، وهو مشهد مليء بالعبر والعظات، فسفينة نوح -عليه السلام- مثل على توافر سبيل النجاة لمن أراد وصدق. وتتعدّد الأمثلة مع التاريخ، وتظل سفينة نوح هي النموذج الذي يصوّر الأمثلة كلها.

المشهد الأول: الفتح الرباني:
ظلَّ نوح -عليه السلام- في قومه يَدعوهم ألفَ سنة إلاَّ خمسين عامًا، وكان يدعوهم ليلاً ونهارًا، سرا وجهارًا، وهم مصرون على موقفهم العدائي من نوحٍ -عليه السلام-: (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) [هود: 40]. وتطور الأمر إلى أبعد من ذلك وأكبر؛ فقد وصل الأمر إلى تهديد قوم نوح لنوح -عليه السلام- بالقتل رجماً- ( قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) [الشعراء: 116]، ورغم أن فترة الدعوة كانت كبيرة، ورغم أن نوحًا -عليه السلام- كان من أولي العزم الذين أمر الله رسولنا محمداً -صل الله عليه وسلم- أن يصبر كما صبروا (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)[الأحقاف:35]، إلا أن رد القوم الذين غرتهم قوتهم كان فظاً غليظاً يناسب قلوبهم ونفوسهم السوداء، فضاقوا بنوح ذرعا أن قالوا له: (قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا) [هود: 32]؛ يعني: قد حاججتنا فأكثرت محاجتنا واستنفدت كل ما لدينا من حجج حتى لم يعد لدينا ما نقوله لك، وقد مللنا أمرك، فإن كنت صادقا (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)[هود:32]. فقَبِلوا التحدِّي واستعجلوا عذابَ الله وطلبوا من نوحٍ أن يعجِّل لهم العذابَ الذي أَنذرهم به، لكن نوحًا -عليه السلام- شأنه شأن المرسلين جميعًا لا يملِك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا إلاَّ ما شاء الله، فقال لهم: (إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)[هود: 33]. عندها قال نوح -عليه السلام-: (قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء: 117، 118]؛ أي: احكم بيننا بما يستحقُّه كلٌّ مِنَّا، وقال تعالى في سورة نوح: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا)[نوح: 26، 27]، يا ربِّ، لا تُبق من الكافرين أحدًا على الأرض؛ فإنَّهم إنْ بقُوا فإنَّ ذريَّتهم ستكون على شاكلتهم.

المشهد الثاني: بناء السفينة وسخرية الكافرين:
نفذ قضاء الله، ونزل الأمر الإلهي، وأجيبت دعوةُ نوح -عليه السلام-: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [هود: 36]، جاء الأمر بوجوب المفاصلة والابتعاد عن هؤلاء القوم الذين فسدت فطرتهم، وبلغ العطن في نفوسهم لدرجة لم يعد يفد فيها إصلاح ولا دعوة، لذلك أمر الله عز وجل نبيه بالتوقف عن الدعوة، والاستعداد ليوم الرحيل والخروج قبل نزول العذاب.

أُمر الله -عز وجل- نبيه نوح -عليه السلام- أن يصنع سفينة (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)[هود: 37]، سفينة في الصحراء !! هذا شيء عجيب، وأمر تقصر عنه أفهام البشر، ولكن لا شيء يعجز الله –تعالى- في الأرض ولا في السماء، ولا يرد نبي أو رسول أمر من ربه مهما كانت العواقب أو التبعات.

شرع نوح في صُنع السفينة، وكان ذلك فرصة لقومه أن يستهزِئوا به ويسخَروا منه (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ) [هود: 38]، يسخرون منه؛ لأنه يبني سفينة في صحراء تبعد كل البعد عن الماء، فلمن يبنيها؟! وكان يردُّ السُّخريةَ بسخرية أشد، كيف لا وقد علِم من الله أنَّهم مُغرقون؟ (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) [هود: 38]. ويستمر نوح -عليه السلام- في بناء السفينة عدة سنوات؛ لأنها كانت السفينة الأكبر في تاريخ البشرية وقتها. إنها سفينة النجاة للمؤمنين والتي ستحمل نواة الكون بعد ذلك.

المشهد الثالث: لحظة الحسم:
جاءت الإشارة من السماء وظهرت علامات بداية النهاية، واستعد نوح -عليه السلام- للحادث العظيم، وامتثالاً لأمر الله -عز وجل- حمل فيها من كل المخلوقات زوجين اثنين –ذكر وأنثى– للحفاظ على خلق الله، وحمل معه أيضاً المؤمنين من قومه وأهله، وكانوا عدداً قليلاً. وفي صورة مليئة بالحركة والمشاهد المتلاحقة، غنيّة بالألوان والجرس، قويّة التصوير. إنها آيات منزلة من عند الله، تصف مشاهد من أهم ما حدث في التاريخ البشري، تصف كيف ينجي الله المؤمنين حين يُحدق الخطر بالناس من كلِّ جانب. وتحمل في طياتها أعظم الدروس والعبر في العقائد والأخلاق والإيمان.

( وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ * وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ )[هود: 41-46].

مشهد سفينة نوح -عليه السلام-، وقد علا الماء حتى غطى قمم الجبال الشاهقة، مشهد مرعب حقاً ، وإذا كان المطر مظهراً من مظاهر رحمة الله بعباده، إلا أن قوم نوح لمَّا أصروا على الشرك بالله والكفر برسوله ووقفوا منه موقف العناد، لم يكونوا أهلاً لرحمة الله، فحول الله –سبحانه- المطر؛ ليكون مصدر عذاب ونقمة، قال تعالى: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)[القمر: 11، 12]، فنزل ماءُ العذاب المستأصِل للأمَّة على غير ما أَلِف النَّاسُ، ولم يكن لنوحٍ -عليه السلام- ولا لمخلوقٍ يد في تصريف هذا الماء الذي نزلَ من السماء ولا الذي نَبع من الأرض، ولا يملك أحدٌ ردَّه. وبعد أن قضى ربُّك على هؤلاء الكافرين، ونجَّى عبدَه ورسوله نوحًا ومَن آمن معه في تِلك السفينة المتواضعة، التي جاء وصفُ القرآن لها (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ) [العنكبوت: 15]، (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) [الحاقة: 11، 12]، نعم هي آية، إذ هي على بدائيتها قد تغلبت على أعتى الأمواج، ألا يدل ذلك على كمال صفات رب العالمين وقوته وقهره. آية مليئة بالعبر والعظات، ومن أهمها:

1-سفينة نوح -عليه السلام- هي مثل على توافر سبيل النجاة لمن أراد وصدق. وتتعدد الأمثلة مع التاريخ، وتظل سفينة نوح هي النموذج الذي يصوّر الأمثلة كلها. ويظل نداء النبوة مدوياً أبد الدهر يدعو المؤمنين ليركبوا سفينة النجاة، ويلجوا باب النصر: (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا) وكيف لا تكون السفينة سفينة النجاة وهي تجري باسم الله وترسي باسم الله. وكلُّ مسلم يدرك اليوم أن الخطر محدق بالمسلمين، يتهددهم جميعاً. ولكن قد يغيب عن بال بعض المسلمين اليوم أمران: الأول: أنه قد لا يدرك المسلم مدى دنوِّ الخطر منه، من شخصه وأهله الأقربين. قد يظنُّ بعض المسلمين أن الخطر بعيد منه قريب من غيره، وأنه لذلك في منجى. ويقع المسلم بذلك فيما وقع فيه ابن نوح (قَالَ سَآوي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ) فلم يرتدع، ولم ينزجر، حتى بعد أن ذكَّره أبوه النبيّ الرسول بحقيقة الخطر الذي لا نجاة منه إلا بسفينة النجاة التي أمر الله بإعدادها، والتي جعلها الله السبيل الوحيد للنجاة (قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)، ولا تنحصر عظمة هذا البيان الربَّاني في ألفاظه الغنيّة وما تحمل من ظلال وجرس وإيجاز، ولكنها تمتدُّ إلى الحقِّ الذي تعرضه، والصدق الذي تصوره لا وهم فيه ولا أساطير. وتمتد عظمة البيان الرباني في هذه الآيات الكريمة إلى ما جمعته في هذه الصياغة من تصوير للخطر وعرض لوسيلة النجاة في الوقت نفسه، من خلال صياغة فنية عالية معجزة. ويظل وصف الخطر ووصف سبيل النجاة هو النموذج لكل حالة؛ ليعتبر المؤمنون وليطمئن الصادقون إلى أنه مهما ادلهم الخطر وتوالت الفواجع، فإنَّ باب النجاة ميسر لهم، يطرقونه ويفتحونه بصدقهم ووفائهم بالعهد الذي أخذه الله عليهم.

2-وجوب المفاصلة بين أهل الكفر وأهل الإيمان، فقد جاء الأمر الإلهي لنوح -عليه السلام- بالاستعداد للخروج والمفاصلة، وهي مفاصلة شاملة لا تعرف سبباً إلا سبب السماء، ذلك لأن الرابطة الوحيدة المعتبرة هي رابطة العقيدة، وهي تزيل ما سواها، فحين اتضح الأمر لنوح -عليه السلام- وأن ابنه ليس من الناجين بل من الكافرين قال: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ) [هود: 47]، وكانت زوجته مثلاً ضربه الله –تعالى-: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ) [التحريم: [10، قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم وأن ذلك لا يجدي عنهم شيئاً ولا ينفعهم عند الله إن لم يكن الإيمان حاصلاً في قلوبهم". وقال السعدي -رحمه الله-: "فكأن في ذلك إشارة وتحذيراً لزوجات النبي -صل الله عليه وسلم- عن المعصية، وأن اتصالهن به -صل الله عليه وسلم- لا ينفعهن شيئاً مع الإساءة". وهذا المثل ورد كما هو معلوم في سورة التحريم والتي ابتدأت بذكر حادثة وقعت في بيت النبي -صل الله عليه وسلم- بينه وبين بعض نسائه، يقول سيد قطب -رحمه الله- معلقاً: " إن مبدأ التبعة الفردية يراد إبرازه هنا، بعد الأمر بوقاية النفس والأهل من النار، كما يراد أن يقال لأزواج النبي -صل الله عليه وسلم- وأزواج المؤمنين كذلك أن عليهن أنفسهن بعد كل شيء، فهن مسئولات عن ذواتهن، ولن يعفيهن من التبعة أنهن زوجات نبي صالح من المسلمين"، وقوله تعالى: (حال بينهما الموج) صورة قرآنية بلاغية معجزة لتبين انقطاع النداء بين الأب النبي الرسول وابنه المصر على الكفر، وانقطاع الرجاء في نجاة من يصر على الكفر. إنها الصورة المعبرة عن النموذج المتكرر، حين تحين لحظة المفاصلة بين الإيمان والكفر. وإنها الصورة التي نراها في فرعون وجنوده وهم يغرقون، وفي ثمود وعاد ومدين والمؤتفكات. وإذا لم تحدث هذه المفاصلة في لحظتها المناسبة، فلن ينفتح باب النجاة، وتسد سبيلها، ويأخذ الله الجميع بعذاب أليم. إن المفاصلة بين الكفر والإيمان بعد تبليغ الدعوة والوفاء بعهد الله ومسؤولياته واستكمال جميع التكاليف الربانية مع الصبر والمثابرة، وقبل نزول الخطر والعقاب، ضرورة حتى يفتح الله باب النجاة.

3-التأكيد على بشرية الرسل، وأنهم يصيبهم ويعتريهم ما يعتري البشر من العواطف والمشاعر، ولكنهم في أعلى درجات الكمال البشري بعصمة الله -عز وجل- لهم. فقد تحرَّكَت في قلب نوح عاطفة الأبوة، وأخذته الشفقة على ابنه الهالك ، فتوجه إلى الله -العزيز الرحيم- حيث تذكر قوله سبحانه: (احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ)[هود: 40]، توجَّه نوح إلى الله بقوله ( رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي )؛ يعني: الذين وعدتني بنجاتهم (وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) [هود: 45]، وهذا الأسلوب يدل على غاية الأدب في مخاطبتِه رب العباد، فأجاب الله الذي لا مبدل لكلماته ولا راد لحكمه، موضحاً أنه ليس مِن أهله الذين وعدَ بنجاتهم، ولكن المسألة ليست مسألة أبناء وكفى (يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)[هود: 46]، وهنا استشعر نوح -عليه السلام- عظم المسألة وخطرها على دعوته، فرجع إلى ربه –سبحانه-: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[هود: 47]؛ ذلك أن نوحاً علم من ربه أنه لا رباط بين المسلمين والكافرين ولو كانوا ذَوِي قُربى، عندئذٍ رجع على الفور واعتبر دعاءه لولده ذنبًا استغفَر منه وتابَ إلى الله .ولكن مع ذلك الحسم القرآني نجد أن الله -عز وجل- يتلطف بنبيه نوح -عليه السلام-، ويراعي بشريته ومشاعر الأبوة لديه، فيحول بينه وبين مشهد غرق ابنه العاق (وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) حتى لا يتأذى قلبه بمشاهدة مصرع فلذة كبده.

4- الجزاء من جنس العمل، فلما صبر نوح -صل الله عليه وسلم- على رد قومه لدعوته واتهامه بالجنون والكذب والضلال وفقد ابنه ورآه يغرق وكان يحب نجاة ابنه وقومه وينادي ابنه (يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ)[هود: 42] كان جزاءه أتم الجزاء وأوفاه (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) [الصافات: 78]. قال ابن كثير :" (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ) قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس: الناس كلهم من ذرية نوح، وقوله: (وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: يذكر بخير، وقال قتادة والسدي: أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرين".

5-أهمية التلطف والتودد في الكلام مع من ندعوهم ونربيهم فالخطاب من نوح -عليه السلام- لقومه (يا قومِ )، ولابنه (يا بني) ومع علمه -صل الله عليه وسلم- بأن ابنه من الكافرين وهذا الخطاب بما يحمل من الشفقة وإظهار المودة نحتاجه كثيراً في حياتنا ودعوتنا خصوصاً مع أقرب الناس إلينا آبائنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأولادنا وبناتنا، وإن جزءاً لا بأس به من المشكلات التي تقع في البيوت سببه الحرمان العاطفي.

6-الحذر من أن تزل العاطفة والشفقة بصاحبها لقرابة ونحوها فيقع فيما حذر الله –تعالى- منه عباده فقال: (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة: 22]، وقال (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) [التوبة: 114].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 27 مايو 2019, 5:20 am

قصة طالوت وجالوت ))
موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 246-251.

قال تعالى : 

(( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ 251 ))

القصة:

ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟

قال: بلى..

قالوا: ألسنا مشردين؟

قال: بلى..

قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.

قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟

قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟

قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.

قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟

قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.

قالوا: ما هي آية ملكه؟

قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.

ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش..



وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.

كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.

وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.



وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..

وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.

بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى. وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 27 مايو 2019, 5:21 am

[ قصة آية - (اِقرأ باسم ربّك) ]
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾) نتوقف مع قصة هذه الآيات. هذه الآيات نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي أول ما نزل من القرآن الكريم على الإطلاق وهو الصحيح من أقوال العلماء. كان النبي صلى الله عليه وسلم متعوداً أن يذهب إلى غار حراء وكان يبقى صلى الله عليه وسلم الليلة والليلتين وهو منقطع يتحنّث كما يقولون في الحديث والتحنث هو الانقطاع للعبادة. وذات يوم وكانت ليلة من ليالي رمضان لأن القرآن الكريم أنزل في رمضان بدلالة قوله تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) القدر) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ (3) الدخان) (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (185) البقرة) ففوجئ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوحي يفجؤه ما كان صلى الله عليه وسلم ينتظر هذا الوحي ولا كان يتوقعه ولا خطر على بال النبي صلى الله عليه وسلم أنه سوف يتعرض لهذا الموقف. بعض المشككين قالوا كان النبي يتحرى مثل هذا الوحي، أبداً، النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ينتظر مثل هذا الأمر ولكن النبي صلى الله عليه وسلم الله كان يهيؤه قبل تلقي الوحي بالانقطاع للعبادة. وغار حراء الذي يجلس في الغار يشاهد عن بُعد الكعبة من بعيد وهو جبل مرتفع الواقف على رأس الجبل يرى مكة، فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بهذه الآيات التي نتحدث عنها اليوم أنه يقول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد وأخرجه البخاري ومسلم وترويه عائشة رضي الله عنها وهو في صحيح البخاري ومسلم قالت رضي الله عنها وهي تروي لنا قصة هذه الآيات: قالت أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤية إلا جاءت كفلق الصبح في الحديث المعروف. قالت ثم حبب إليه الخلاء أي الانفراد فكان يأتي غار حراء فيتحنث فيه أي يتعبد الليالي ذوات العدد يعني أربع خمس ست عشر احياناً أكثر من ذلك ويتزود لذلك يعني يأخذ معه من الطعام والشراب ما يكفيه لهذه الليالي التي يبقى فيها ثم يرجع إلى خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها فيتزود لمثلها حتى فجأه الوحي وهو في غار حراء فجاءه الملك وهو جبريل عليه السلام وهو الذي كان ياتيه بالقرآن فقال للنبي صلى الله عليه وسلم اِقرأ، طبعاً النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب وكل من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ أو أنه أصبح يقرأ بعد الوحي فهو مخطئ. النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولا يكتب أبداً والعجيب أن الأمية وهي عدم معرفة القرآءة والكتابة تعتبر صفة ذمّ ولذلك الدول الآن تسعى للقضاء على الأمية إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم فهي صفة مدح لأنه لو كان يقرأ أو يكتب لكان المشركون قالوا: أنت أتيت بالقرآن وجمعته من هنا وهناك لكن هم يعرفون أنه لا يقرأ ولا يكتب ولذلك قال الله تعالى (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) العنكبوت) لكان سبباً في ريبتهم وفي تشككهم بالوحي، قالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ يعني جبريل يقول اِقرأ وبعض الناس يقول كيف يقولله جبرل اِقرأ؟ كيف يقرأ؟ في بعض الروايات في الأحاديث أنه جاءه بكتاب وأراه إياه وقال اقرأ فقال ما أنا بقارئ. بعض الناس يظن أن ما أنا بقارئ يعني لن أقرأ والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول أنا ما أعرف اقرأ، ما أنا بقارئ لا أُحسن القرآءة، قال فأخذني جبريل فغطني إليه أي ضمّني إليه ثم قال لي اقرأ قلت ما أنا بقارئ فغطّني الثالثة ثم قال (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾) تخيل هذا الموقف الذي نزل فيه هذا الوحي وكان هو أول وحي يطرق سمع النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول ما نزل على النبي من القرآن الكريم! وكيف كنا قبل هذه الآيات وكيف أصبحنا بعد هذه الآيات؟ والقصة بعدما رجع إلى خديجة وهو يرجف فؤاده ومرعوب عليه الصلاة والسلام ويقول لخديجة: دثروني يعني غطوني فقالت ما الذي أصابك؟ فأخبرها بالخبر فقالت خديجة وانظر المرأة الصالحة حتى قبل الاسلام امرأة عاقلة وتعرف زوجها أنه رجل مستقيم أمين ولاحظ سبحان الله عندما قال لها هذا فهدأت من روعه وقالت كلا والله، لا يخزيك الله أبداً. لماذا؟ لاحظ الصفات التي ذكرتها خديجة، قالت: إنك لتصل الرحِم أليست هذه علاقات اجتماعية؟ وتصدق الحديث وتحمل الكلّ يعني الرجل الضعيف العاجز تحمله وتعينه وتُقري الضيف وتعين على نوائب الحق. ذكرت فيه خمس صفات وما قالت له أنك تؤمن بالله لأنه ما كان هناك شيء كهذا وإنما ذكرت مكارم أخلاق فيه صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام وجاء الإسلام بثتبيتها وبتأكيدها وبتحقيقها هذه كلها مكارم أخلاق وعلاقات اجتماعية مع الناس ورأت خديجة بعقلها أن من كانت فيه هذه الصفات لا يمكن أن يخذله الله بفطرتها قبل الإسلام، مما يدل على أن الأديان والفطر السليمة تجتمع كلها على مكارم الأخلاق على الكرم وعلى الشجاعة وعلى إغاثة الملهوف. ثم انطلقت به ومن تمام عقلها رضي الله عنها ذهبت به إلى ورقة بن نوفل ابن عمها وكان رجلاً مثقفاً ولديه معرفة بالكتاب العبراني وكان نصرانياً. والعجيب أنه في مكة كان الناس في مكة قبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم وقبله بسنين طويلة لم يكونوا أهل كتاب لم يبعث فيهم نبي بعث موسى لبني إسرائيل في مصر وبعث عيسى إلى بني إسرائيل في الشام بعث ابراهيم إلى قومه في العراق وضواحيها، بعث لوط إلى قومه في نواحي فلسطين، بعث نوح إلى قومه، بعث صالح إلى قومه في شمال الجزيرة بعث هود إلى قومه في جنوب شبه الجزيرة في اليمن أما في مكة فلم ياتي في التاريخ إلا عندما جاء ابراهيم عليه الصلاة والسلام بابنه اسماعيل إلى مكة ولكن لم ياتي لينشر دعوة لأن ابراهيم مرسل لى قمه فقط. ولم يرسل أحد إلى البشر كافة وإلى الجن والإنس إلا النبي صلى الله عليه وسلم وهذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ (28) سبأ) وعندما قال الله سبحانه وتعالى في سورة الفرقان (وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) الفرقان) سهل أن يرل الله تعالى في كل قرية رسول وبالتأكيد سيكون كل رسول بنفس لغة المرسل إليهم لكنه اختار رسولاً واحداً واختار اللغة العربية وهذه تستحق أن نتوقف عندها لماذا اختاره عربياً واختراه باللغة العربية من مكة مع أن الرسالة لكافة اللغات ولكافة الأجناس بل للجن والإنس أيضاً هذه لا شك فيها دلالات. عرفنا قصة هذه الآية وهي قصة بدء الوحي وهي أعظم قصة في التاريخ ونحن كنا قبل الوحي كانت العرب أمة مجهولة ليس لها وزن في التاريخ وبعد هذه الآية تغير مجرى التاريخ تماماً وأصبحت العرب أمة لها صولة ولها جولة في التاريخ وكتب الله على أيديهم بعد ذلك سقوط مملكة كسرى ومملكة هرقل وفتح الله البلاد لهذه الدعوة. نطيعاًحن نتحدث عنها الآن بعد أكثر من ألف وأربعمئة وخمسين سنة من هذا التاريخ التي نزلت فيه هذه الآيات. هذه الآيات نزلت تقريباً قبل ألف وأربعمئة وخمسن أو ثلاث وخمسين، قبل الهجرة، لكن عندما تنظر إليها في وقتها كانت حدثاً جديداً النبي صلى الله عليه وسلم خاف واستغرب من هذا الموقف. نتوقف مع الآيات: العجيب أن الله سبحانه وتعالى في أول آيات أنزلها على النبي صلى الله عليه وسلم ما قال له آمن، اتق الله، لا، قال (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وهذه لفتة عجيبة معناها أن دين الاسلام هو دين العلم ولذلك من إيحاءات هذه الآية في القرآن الكريم كله أن الله سبحانه وتعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتزود من العلم فقال (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) طه) ولم يأمره في القرآن الكريم أن يدعوه أن يستزيد من شيء إلا العلم، فهذا ملحظ. الأمر الثاني أنه قال (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) وهناك معلومة مفيدة في القرآن، إذا وجدت في القرآن كلمة (رب العالمين – الربّ - ربك) كل كلمة رب فهناك رحمة يريدها الله في هذا السياق فعندما يقول الله (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) فهو يريد بنا الرحمة ويريد بنا الخير وهذا فعلاً الذي حدث وأن العلم مقرون بالرحمة. ثم لاح أن الله وصف نفسه ما قال اقرأ باسم ربك الذي علّم وإنما قال (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) فخصّ نفسه بأخص أوصاف الألوهية أن الخالق هو الذي يستحق أن يُعبد ولذلك قال (أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ (7) النحل) فوصف نفسه بأخص الصفات وهي الخلْق الذي اختص به ولا أحد غيره يستطيع أن يخلق فقال في سورة لقمان (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ (11)) وفي قوله (وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) الحج) فهذه إيحاءات. نقف عند مسالة العلم في الايات أن الله سبحانه وتعالى عندما ابتدأ الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾) لاحظ كيف يكرر كلمة الرب، ثم يقول (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) فيها إشارة إلى أن العلم ورحمة الله سبحانه وتعالى وفضله وكرم الله سبحانه وتعالى عندما قال (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) يعني أن العلم والقرآءة والإقبال وأولى ما يقرأ ويتدبر ويتعلم كتاب الله ولذلك نحن نطمح في كل حلقة من حلقات هذا البرنامج لو لم نخرج منها إلا بفائدتين أو ثلاث حول قصة الآية فإن الازدياد من علم القرآن الكريم بركة. ولذلك لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم جاء أبو بكر وعمر إلى إحدى الصحابيات كبيرة في السن كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها فجاؤوا فسلموا عليها فإذا بها تبكي فخافوا وقالوا ما الذي يبكيك فوالله لما صار إليه النبي صلى الله عليه وسلم خير مما هو فقالت والله ما أبكي لأنني لا أعلم أن ما عند الله خير لرسوله ولكنني أبكي لانقطاع الوحي لأنهم كانوا يرون هذا الوحي بركة وحبل موصول بالسماء خبر السماء يومياً ولذلك الصحابة رضي الله عنهم كلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر ينتظرون، ما الجديد؟ لكن لما مات النبي صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي ولذلك كما قال أنس رضي الله عنه قال" لما أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أضاء منها كل شيء ولما مات أظلم منها كل شيء. وكل هذا لبركة هذا الوحي وهذا القرآن. تخيل انك كنت تعيش في هذ المجتمع الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم تنتظر الوحي تنتظر خبر السماء تنتظر توجيهات جبريل جبريل عليه الصلاة والسلام كان يؤيد النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي ويوجهه ويصوبه ويدّله وهذا شيء افتقدناه بعد رسول الله صل الله عليه وسلم ولهذا لم يعد معنا إلا التأمل في هذه الآيات وفي هذه الفوائد. أيضاً في هذه الآيات أن القرآءة والكتابة هي أدوات العلم وأنه ينبغي على كل مسلم أن يكون قارئاً وكاتباً ومتعلماً وأن بدء الوحي كله وبدء رسالة الإسلام كله فيه هذه الإشارة لذلك الأمية والجهل مرفوضة عندنا في الإسلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 27 مايو 2019, 5:21 am

قصة بقرة بنى إِسرائيل ))
موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 67-73.

قال الله تعالى)) : وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)).

القصة:

مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.

إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.

لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمر من أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.

إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجة والمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.

وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.

وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض من موته. سأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهم وتعنتهم.

نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلى الآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم: (الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقر عادة.

ساعتها قالوا له: "الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ". كأنه كان يلعب قبلها معهم، ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) ألا توحي لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه اللوحة الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهم على مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 27 مايو 2019, 5:22 am

قصة السامري والعجل ))

موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة الأعراف الآيات148- 154 .
قال الله تعالى:

{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ، وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ، وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ، قَالَ ابن أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الْأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ، وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}.



وقال تعالى: في سورة طه الآيات83-98 .

{وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى، قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى، قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمْ السَّامِرِيُّ، فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمْ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي، قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ، فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ، أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً، وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمْ الرَّحْمَانُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي، قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى،قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلاَّ تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي، قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي، قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ، قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِفَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً، إِنَّمَا إِلَهُكُمْ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً}.

قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله ( سيدنا موسى عليه السلام ) عنهم:

يذكر تعالى ما كان من أمر بني إسرائيل، حين ذهب موسى عليه السلام إلى ميقات ربه فمكث على الطور يناجيه ربه ويسأله موسى عليه السلام عن أشياء كثيرة وهو تعالى يجيبه عنها.

فعمد رجل منهم يقال له هارون السامري، فأخذ ما كانوا استعاروه من الحلي، فصاغ منه عجلاً وألقى فيه قبضة من التراب، كان أخذها من أثر فرس جبريل، حين رآه يوم أغرق الله فرعون على يديه. فلما ألقاها فيه خار كما يخور العجل الحقيقي. ويقال إنه استحال عجلاً جسداً أي لحماً ودماً حياً يخور، قال قتادة وغيره. وقيل بل كانت الريح إذا دخلت من دبره خرجت من فمه فيخور كمن تخور البقرة، فيرقصون حوله ويفرحون.

{فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ}. أي فنسي موسى ربه عندنا، وذهب يتطلبه وهو هاهنا! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، وتقدست أسماؤه وصفاته، وتضاعفت آلاؤه وهباته.

قال الله تعالى مبيناً بطلان ما ذهبوا إليه، وما عولوا عليه من إلهية هذا الذي قصاراه أن يكون حيواناً بهيماً أو شيطاناً رجيماً: {أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً}. وقال: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ}.

فذكر أن هذا الحيوان لا يتكلم ولا يرد جواباً، ولا يملك ضراً ولا نفعاً، ولا يهدي إلى رشد، اتخذوه وهم ظالمون لأنفسهم، عالمون في أنفسهم بطلان ما هم عليه من الجهل والضلال.

{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ}. أي ندموا على ما صنعوا {وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ}.

ولما رجع موسى عليه السلام إليهم، ورأى ما هم عليه من عبادة العجل، ومعه الألواح المتضمنة التوراة، ألقاها، فيقال إنه كسرها. وهكذا هو عند أهل الكتاب، وإن الله أبدله غيرها، وليس في اللفظ القرآني ما يدل على ذلك، إلا أنه ألقاها حين عاين ما عاين.

وعند أهل الكتاب: أنهما كانا لوحين، وظاهر القرآن أنها ألواح متعددة. ولم يتأثر بمجرد الخبر من الله تعالى عن عبادة العجل، فأمره بمعاينة ذلك.

ولهذا جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن حبان عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) : "ليس الخبر كالمعاينة". ثم أقبل عليهم فعنفهم ووبخهم وهجنهم في صنيعهم هذا القبيح فاعتذروا إليه، بما ليس بصحيح، قالوا إنا {حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ}. تحرجوا من تملك حلي آل فرعون وهم أهل حرب، وقد أمرهم الله بأخذه وأباحه لهم، ولم يتحرجوا بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم من عبادة العجل الجسد الذي له خوار، مع الواحد الأحد الفرد الصمد القهار!.

ثم أقبل على أخيه هارون عليه السلام قائلاً له {يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلاَّ تَتَّبِعَنِي}. أي هلا لما رأيت ما صنعوا اتبعتني فأعلمتني بما فعلوا، فقال: {إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسرائِيلَ}. أي تركتهم وجئتني وأنت قد استخلفتني فيهم.

{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. وقد كان هارون عليه السلام نهاهم عن هذا الصنيع الفظيع أشد النهي، وزجرهم عنه أتم الزجر.

قال الله تعالى: 

{وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ}. أي إنما قدر الله أمر هذا العجل وجعله يخور فتنة واختباراً لكم، {وَإِنَّ رَبَّكُمْ الرَّحْمَانُ}. أي لا هذا {فَاتَّبِعُونِي}. أي فيما أقول لكم {وَأَطِيعُوا أَمْرِي، قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى}. يشهد الله لهارون عليه السلام {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً}. أنه نهاهم وزجرهم عن ذلك فلم يطيعوه ولم يتبعوه.

ثم أقبل موسى على السامري {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ}. أي ما حملك على ما صنعت {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ}. أي رأيت جبرائيل وهو راكب فرساً {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ}. أي من أثر فرس جبريل. وقد ذكر بعضهم أنه رآه، وكلما وطئت بحوافرها على موضع اخضّر وأعشب، فأخذ من أثر حافرها، فلما ألقاه في هذا العجل المصنوع من الذهب كان من أمره ما كان. ولهذا قال: {فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ}. وهذا دعاء عليه بأن لا يمس أحداً، معاقبة له على مسه ما لم يكن له مسه، هذا معاقبة له في الدنيا، ثم توعده في الأخرى فقال: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ} - وقرئ {لَنْ تُخْلَفَهُ} {وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً}. قال: فعمد موسى عليه السلام إلى هذا العجل، فحرقه قيل بالنار، كما قاله قتادة وغيره. وقيل بالمبارد، كما قاله عليّ وابن عباس وغيرهما، وهو نص أهل الكتاب، ثم ذراه في البحر، وأمر بني إسرائيل فشربوا، فمن كان من عابديه علق على شفاههم من ذلك الرماد ما يدل عليه، وقيل بل اصفرت ألوانهم.

ثم قال تعالى إخباراً عن موسى أنه قال لهم: {إِنَّمَا إِلَهُكُمْ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً}.

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}

وهكذا وقع. وقد قال بعض السلف: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} مسجلة لكل صاحب بدعة إلى يوم القيامة!

ثم أخبر تعالى عن حلمه ورحمته بخلقه، وإحسانه على عبيده في قبوله توبة من تاب إليه، بتوبته عليه، فقال: {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.

لكن لم يقبل الله توبة عابدي العجل إلا بالقتل، كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمْ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} فيقال إنهم أصبحوا يوماً وقد أخذ من لم يعبد العجل في أيديهم السيوف، وألقى الله عليهم ضباباً حتى لا يعرف القريب قريبه ولا النسيب نسيبه، ثم مالوا على عابديه فقتلوهم وحصدوهم فيقال إنهم قتلوا في صبيحة واحدة سبعين ألفاً!

ثم قال تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}. استدل بعضهم بقوله: {وَفِي نُسْخَتِهَا}. على أنها تكسرت، وفي هذا الاستدلال نظر، وليس في اللفظ ما يدل على أنها تكسرت، والله أعلم.

ذكر ابن عباس في حديث الفتون كما سيأتي: أن عبادتهم ... على أثر خروجهم من البحر. وما هو ببعيد، لأنهم حين خرجوا {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}. وهكذا عند أهل الكتاب، فإن عبادتهم العجل كانت قبل مجيئهم بلاد بيت المقدس. وذلك أنهم لما أمروا بقتل من عبد العجل، قتلوا في أول يوم ثلاثة آلاف، ثم ذهب موسى يستغفر لهم، فغفر لهم بشرط أن يدخلوا الأرض المقدسة.

{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ، وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}.

ذكر السدي وابن عباس وغيرهما أن هؤلاء السبعين كانوا علماء بني إسرائيل، ومعهم موسى وهارون ويوشع وناذاب وأبيهو، ذهبوا مع موسى عليه السلام ليعتذروا عن بني إسرائيل في عبادة من عبد منهم العجل. وكانوا قد أمروا أن يتطيبوا ويتطهروا ويغتسلوا، فلما ذهبوا معه واقتربوا من الجبل وعليه الغمام وعمود النور ساطع صعد موسى الجبل.


فذكر بنو إسرائيل أنهم سمعوا كلام الله. وهذا قد وافقهم عليه طائفة من المفسرين، وحملوا عليه قوله تعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

وليس هذا بلازم، لقوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}. أي مبلغاً، وهكذا هؤلاء سمعوه مبلغاً من موسى عليه السلام.

وزعموا أيضاً أن السبعين رأوا الله، وهذا غلط منهم، لأنهم لما سألوا الرؤية أخذتهم الرجفة، كما قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمْ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ، ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. وقال هاهنا {فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ}.

قال محمد بن إسحاق: اختار موسى من بني إسرائيل سبعين رجلاً: الخير فالخير، وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه بما صنعتم وسلوه التوبة على ما تركتم وراءكم من قومكم، صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم.

فخرج بهم إلى طور سيناء، لميقات وقَّته له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم. فطلب منه السبعون أن يسمعوا كلام الله، فقال: أفعل.

فلما دنا موسى من الجبل، وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله، ودنا موسى فدخل في الغمام، وقال للقوم: ادنوا. وكان موسى إذا كلمه الله، وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه. فضرب دونه الحجاب، ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجوداً، فسمعوه وهو يكلم موسى، يأمره وينهاه: افعل ولا تفعل. فلما فرغ الله من أمره وانكشف عن موسى الغمام أقبل إليهم فقالوا: {يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}. فأخذتهم الرجفة، وهي الصاعقة فأتلفت أرواحهم فماتوا جميعاً. فقام موسى يناشد ربه ويدعوه، ويرغب إليه ويقول: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} أي لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء الذين عبدوا العجل منا فإنا براء مما عملوا.

وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جريج: إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم ينهوا قومهم عن عبادة العجل. وقوله: {إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ}. أي اختبارك وابتلاؤك وامتحانك. قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وأبو العالية والربيع بن أنس، وغير واحد من علماء السلف والخلف، يعني أنت الذي قدّرت هذا، وخلقت ما كان من أمر العجل اختباراً تختبرهم به كما: {قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ}. أي اختبرتم.

ولهذا قال: {تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ}. أي من شئت أظللته باختبارك إياه، ومن شئت هديته، لك الحكم والمشيئة ولا مانع ولا راد لما حكمت وقضيت.

{أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ، وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}. أي تبنا إليك ورجعنا وأنبنا. قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو العالية وإبراهيم التيمي والضحاك والسدي وقتادة وغير واحد. وهو كذلك في اللغة. {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}. أي أنا أعذب من شئت بما أشاء من الأمور التي أخلقها وأقدرها.

{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}. كما ثبت في الصحيحين عن رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) أنه قال: "إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض كتب كتاباً فهو موضوع عنده فوق العرش: "إن رحمتي تغلب غضبي" {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}. أي فسأوجبها حتماً لمن يتصف بهذه الصفات: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} الآية.

وهذا فيه تنويه بذكر محمد وأمته من الله لموسى عليه السلام، في جملة ما ناجاه به وأعلمه وأطلعه عليه. وقد تكلمنا على هذه الآية وما بعدها في التفسير بما فيه كفاية ومقنع، ولله الحمد والمنة.

وقال قتادة: قال موسى: يا رب إني أجد في الألواح أمة هي خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق، السابقون في دخول الجنة، رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونها، وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظراً، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئاً ولم يعرفوه، وإن الله أعطاهم من الحفظ شيئاً لم يعطه أحداً من الأمم، قال: رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها. وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها ناراً فأكلتها، وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير، وإن الله أخذ صدقاتهم من غنيهم لفقيرهم، قال: رب فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب فإني أجد في الألواح أمة إذا هَمَّ أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال: رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفعون المشفوع لهم، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال قتادة: فذكر لنا أن موسى عليه السلام نبذ الألواح، وقال: اللهم اجعلني من أمة أحمد.

وقد ذكر كثير من الناس ما كان من مناجاة موسى عليه السلام، وأوردوا أشياء كثيرة لا أصل لها ونحن نذكر ما تيسر ذكره من الأحاديث والآثار بعون الله وتوفيقه، وحسن هدايته ومعونته وتأييده.

قال الحافظ أبو حاتم محمد بن حاتم بن حبان في صحيحه: "ذكر سؤال كليم الله ربه عز وجل عن أدنى أهل الجنة وأرفعهم منزلة": أخبرنا عمر بن سعيد الطائي ببلخ، حدثنا حامد بن يحيى البلخي، حدثنا سفيان، حدثنا مطرف بن طريف وعبد الملك بن أبجر شيخان صالحان، قالا: سمعنا الشعبي يقول: سمعت المغيرة بن شعبة يقول على المنبر عن النبي : "إن موسى عليه السلام سأل ربه عز وجل: أي أهل الجنة أدنى منزلة؟ فقال: رجل يجيء بعدما يدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: أدخل الجنة، فيقول: كيف أدخل الجنة وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا إخاذاتهم؟ فيقال له: ترضى أن يكون لك من الجنة مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: نعم أي رب، فيقال: لك هذا ومثله معه، فيقول: أي رب رضيت؛ فيقال له: لك مع هذا ما اشتهت نفسك، ولذت عينك. وسأل ربه: "أي أهل الجنة أرفع منزلة؟ قال: سأحدثك عنهم، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".

ومصداق ذلك في كتاب الله عز وجل: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وهكذا رواه مسلم والترمذي كلاهما عن ابن أبي عمر، عن سفيان وهو ابن عيينه به. ولفظ مسلم: "فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلك مَلك من ملوك الدنيا؟ فيقال رضيت رب. فيقال له: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيت رب. فيقال: هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك، فيقول: رضيت رب "قال رب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردت غرس كرامتهم بيدي وختمت عليها، فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر".

قال: ومصداقه من كتاب الله: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وقال الترمذي حسن صحيح: قال: ورواه بعضهم عن الشعبي عن المغيره فلم يرفعه، والمرفوع أصح.

وقال ابن حبان: "ذكر سؤال الكليم ربه عن خصال سبع" : حدثنا عبد الله بن محمد بن مسلم ببيت المقدس، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب. أخبرني عمرو بن الحارث، أن أبا السمح حدثه عن حجيرة عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: "سأل موسى ربه عز وجل عن ست خصال كان يظن أنها له خالصة، والسابعة لم يكن موسى يحبها: قال: يا رب أي عبادك أتقى؟ قال: الذي يذكر ولا ينسى. قال: فأي عبادك أهدى؟ قال: الذي يتبع الهدى. قال: فأي عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم للناس كما يحكم لنفسه. قال: فأي عبادك أعلم؟ قال: عالم لا يشبع من العلم. يجمع علم الناس إلى علمه. قال: فأي عبادك أعزّ؟ قال: الذي إذا قدر غفر. قال: فأي عبادك أغنى؟ قال: الذي يرضى بما يؤتى. قال: فأي عبادك أفقر؟ قال: صاحب منقوص".

وقال رسول الله : "ليس الغنى عن ظهر، إنما الغنى غنى النفس، وإذا أراد الله بعبد خيراً جعل غناه في نفسه وتقاه في قلبه، وإذا أراد الله بعبد شراً جعل فقره بين عينيه.


قال ابن حبان: قوله "صاحب منقوص" يريد به منقوص حالته، يستقل ما أوتي ويطلب الفضل.

وقد رواه ابن جرير في تاريخه عن ابن حميد، عن يعقوب التميمي، عن هارون بن هبيرة، عن أبيه، عن ابن عباس قال: سأل موسى ربه عز وجل فذكر نحوه. وفيه "قال: أي رب فأي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه، عسى أن يجد كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى. قال: أي رب فهل في الأرض أحد أعلم مني؟ قال: نعم الخضر فسأل السبيل إلى لقيه، فكان ما سنذكره بعد إن شاء الله، وبه الثقة.

ذكر حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان

قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لهيعة، عن درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي أنه قال: "إن موسى قال: أي رب عبدك المؤمن مقتر عليه في الدنيا! قال: ففتح له باب من الجنة فنظر إليها، قال: يا موسى هذا ما أعددت له. فقال: يا رب وعزتك وجلالك لو كان مقطَّع اليدين والرجلين يسحب على وجهه منذ يوم خلقته إلى يوم القيامة، وكان هذا مصيره لم ير بؤساً قط. قال: ثم قال: أي رب، عبدك الكافر موسع عليه في الدنيا، قال: ففتح له باب إلى النار فقال: يا موسى هذا ما أعددت له. فقال موسى: أي رب وعزتك وجلالك لو كانت له الدنيا منذ يوم خلقته إلى يوم القيامة وكان هذا مصيره لم ير خيراً قط".

تفرد به أحمد من هذا الوجه، وفي صحته نظر. والله أعلم.


وقال ابن حبان: "ذكر سؤال كليم الله ربه جل وعلا أن يعلمه شيئاً يذكره به" : حدثنا ابن سلمة، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن درَّاجاً حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي أنه قال: "قال موسى: يا رب علمني شيئاً أذكرك به وأدعوك به. قال: قل يا موسى لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقول هذا، قال: قل لا إله إلا الله، قال: إنما أريد شيئاً تخصني به. قال: يا موسى لو أن أهل السماوات السبع والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله".

ويشهد لهذا الحديث حديث البطاقة، وأقرب شيء إلى معناه الحديث المروي في السنن عن النبي أنه قال: "أفضل الدعاء دعاء عرفة. وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".

وقال ابن أبي حاتم: عند تفسير آية الكرسي: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدسكي، حدثني أبي عن أبيه، حدثنا أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن بني إسرائيل قالوا لموسى: هل ينام ربك؟ قال: اتقوا الله! فناداه ربه عز وجل: يا موسى هل ينام ربك، فخذ زجاجتين في يديك فقم الليل، ففعل موسى. فلما ذهب من الليل ثلثه نعس فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما، حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا، فقال: يا موسى لو كنت أنام لسقطت السماوات والأرض فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك قال: وأنزل الله على رسوله آية الكرسي.


وقال ابن جرير: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا هشام بن يوسف، عن أمية بن شبل عن الحكم بن أُبان، عن عكرمة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يحكي عن موسى عليه السلام على المنبر قال: "وقع في نفس موسى عليه السلام هل ينام الله عز وجل؟ فأرسل الله إليه ملكاً فأَرقَّه ثلاثاً، ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة، وأمره أن يحتفظ بهما. قال: فجعل ينام وكادت يداه تلتقيان، فيسقط فيحبس إحداهما على الأخرى، حتى نام نومة فاصطفقت يداه فانكسرت القارورتان، قال: ضرب الله له مثلاً: أن لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض".

وهذا حديث غريب رفعه. والأشبه أن يكون موقوفاً، وأن يكون أصله إسرائيلياً.

وقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ}. وقال تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

قال ابن عباس وغير واحد من السلف: لما جاءهم موسى بالألواح فيها التوراة أمرهم بقبولها والأخذ بها بقوة وعزم. فقالوا: انشرها علينا فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها. فقال: بل اقبلوها بما فيها، فراجعوه مراراً، فأمر الله الملائكة فرفعوا الجبل على رؤوسهم حتى صار كأنه ظله، أي غمامة، على رؤوسهم. وقيل لهم إن لم تقبلوها بما فيها وإلا سقط هذا الجبل عليكم فقبلوا ذلك وأمروا بالسجود فسجدوا فجعلوا ينظرون إلى الجبل بشق وجوههم، فصارت سُنة لليهود إلى اليوم، يقولون لا سجدة أعظم من سجدة رفعت عنا العذاب.

وقال سنيد بن داود عن حجاج بن محمد، عن أبي بكر بن عبد الله قال: فلما نشرها لم يبق على وجه الأرض جبل ولا شجر ولا حجر إلا اهتز، فليس على وجه الأرض يهودي صغير ولا كبير تقرأ عليه التوراة إلا اهتز ونفض لها رأسه.

قال الله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}. أي ثم بعد مشاهدة هذا الميثاق العظيم والأمر الجسيم نكثتم عهودكم ومواثيقكم {فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ}. بأن تدارككم بالإرسال إليكم وإنزال الكتب عليكم. (لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ ).
*
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 27 مايو 2019, 5:23 am

قصة حزقيل ))
قال الله تعالى: فى سورة (البقرة الآية243اضغط هنا لتكبير الصوره

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ). 

القصة:

قال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه إن كالب بن يوفنا لما قبضه الله إليه بعد يوشع، خلف في بني إسرائيل حزقيل بن بوذى وهو ابن العجوز وهو الذي دعا للقوم الذين ذكرهم الله في كتابه فيما بلغنا:

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ).

قال ابن إسحاق فروا من الوباء فنزلوا بصعيد من الأرض، فقال لهم الله: موتوا. فماتوا جميعا فحظروا عليهم حظيرة دون السباع فمضت عليهم دهور طويلة، فمر بهم حزقيل عليه السلام 

فوقف عليهم متفكرا فقيل له: أتحب أن يبعثهم الله وأنت تنظر؟ فقال: نعم. فأمر أن يدعو تلك العظام أن تكتسي لحما وأن يتصل العصب بعضه ببعض. فناداهم عن أمر الله له بذلك فقام القوم أجمعون وكبروا تكبيرة رجل واحد.

وقال أسباط عن السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن أناس من الصحابة في قوله:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ).

قالوا: كانت قرية يقال لها: "داوردان"، قبل "واسط" وقع بها الطاعون فهرب عامة أهلها فنزلوا ناحية منها فهلك من بقي في القرية وسلم الآخرون فلم يمت منهم كثير فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين، فقال الذين بقوا: أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا لو صنعنا كما صنعوا بقينا ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن معهم.

فوقع في قابل فهربوا وهم بضعة وثلاثون ألفا حتى نزلوا ذلك المكان وهو واد أفيح، فناداهم ملك من أسفل الوادى وآخر من أعلاه: أن موتوا. فماتوا حتى إذا هلكوا وبقيت أجسادهم مر بهم نبى يقال له: حزقيل. فلما رآهم وقف عليهم فجعل يتفكر فيهم ويلوى شدقيه وأصابعه،

فأوحى الله إليه: تريد أن أريك كيف أحييهم؟ قال: نعم. وإنما كان تفكره أنه تعجب من قدرة الله عليهم فقيل له: ناد. فنادى: يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي. فجعلت العظام يطير بعضها إلى بعض حتى كانت أجسادا من عظام ثم أوحى الله إليه؛ أن ناد: يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسى لحما. فاكتست لحما ودما وثيابها التي ماتت فيها. ثم قيل له: ناد. فنادى: أيتها الأجساد إن الله يأمرك أن تقومى. فقاموا. 

قال أسباط: فزعم منصور عن مجاهد أنهم قالوا حين أحيوا: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت. فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا موتى سحنة الموت على وجوههم لا يلبسون ثوبا إلا عاد كفنا دسما حتى ماتوا لآجالهم التى كتبت لهم.

وعن ابن عباس؛ أنهم كانوا أربعة آلاف. وعنه: ثمانية آلاف. وعن أبي صالح: تسعه آلاف. وعن ابن عباس أيضا: كانوا أربعين ألفا. وعن سعيد بن عبد العزيز: كانوا من أهل "أذرعات". وقال ابن جريج عن عطاء: هذا مثل. يعنى أنه سيق مثلا مبينا أنه لن يغني حذر من قدر. وقول الجمهور أقوى؛ أن هذا وقع.
وقد روى الإمام أحمد وصاحبا "الصحيح" من طريق الزهري عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء وقع بالشام، فذكر الحديث. يعني في مشاورته المهاجرين والأنصار فاختلفوا عليه فجاءه عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا ببعض حاجته، فقال: إن عندي من هذا علما؛ سمعت رسول الله يقول: إذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه وإذا سمعتم به بأرض؛ فلا تقدموا عليه فحمد الله عمر ثم انصرف.
وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج ويزيد المعني قالا: حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عبد الرحمن بن عوف أخبر عمر وهو في الشام عن النبي : إن هذا السقم عذب به الأمم قبلكم فإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه قال: فرجع عمر من الشام . وأخرجاه من حديث مالك عن الزهري بنحوه.
قال محمد بن إسحاق: ولم يذكر لنا مدة لبث حزقيل في بني إسرائيل، ثم إن الله قبضه إليه، فلما قبض نسي بنو إسرائيل عهد الله إليهم، وعظمت فيهم الأحداث وعبدوا الأوثان، وكان في جملة ما يعبدونه من الأصنام صنم يقال له: بعل. فبعث الله إليهم إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران. قلت: وقد قدمنا قصة إلياس تبعا لقصة الخضر؛ لأنهما يقرنان في الذكر غالبا، ولأجل أنها بعد قصة موسى في سورة "الصافات" فتعجلنا قصته لذلك. والله أعلم. قال محمد بن إسحاق فيما ذكر له عن وهب بن منبه قال: ثم تنبأ فيهم بعد إلياس وصيه اليسع بن أخطوب، عليه السلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 27 مايو 2019, 5:23 am

قصة الشتاء والصيف ))


من الذي سن رحلتي الشتاء والصيف لقريش ؟ تفضلوا 

سورة قريش - سورة 106 - عدد آياتها 4 

لإيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ 

فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ 

الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ 
الله سبحانه وتعالى أخبرنا بنص القرأن ( سورة قريش ) أن الله سبحانه وتعالى أنعم على قريش برحلتي الشتاء والصيف سبحانه وتعالى .. السؤال من الذي سن لقريش هاتين الرحلتين حيث أيدهما القرأن وأمتن رب العالمين بها على قريش ؟؟؟؟؟ تعالوا شوفوا الجواب التالي :-
الذي سن لهم هاتين الرحلتين هاشم بن عبد مناف ، وسبب ذلك أنهم كانوا يعتريهم خصاصة فإذا لم يجد أهل بيت طعاما لقوتهم حمل رب البيت عياله إلى موضع معروف فضرب عليهم خباء وبقوا فيه حتى يموتوا جوعا ويسمى ذلك الاعتفار بالعين المهملة وبالراء وقيل بالدال عوض الراء وبفاء فحدث أن أهل بيت من بني مخزوم أصابتهم فاقة شديدة فهموا بالاعتفار فبلغ خبرهم هاشما لأن أحد أبنائهم كان تربا لأسد بن هاشم ، فقام هاشم خطيبا في قريش وقال إنكم أحدثتم حدثا تقلون فيه وتكثر العرب وتذلون وتعز العرب وأنتم أهل حرم الله والناس لكم تبع ويكاد هذا الاعتفار يأتي عليكم ، ثم جمع كل بني أب على رحلتين للتجارات فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير من عشيرته حتى صار فقيرهم كغنيهم ، وفيه يقول مطرود الخزاعي :

يا أيها الرجل المحول رحله …… هلا نزلت بآل عبد مناف

الآخذون العهد من آفاقها ……… والراحلون لرحلة الإيلاف

والخالطون غنيهم بفقيرهم …… حتى يصير فقيرهم كالكافي .

ولم تزل الرحلتان من إيلاف قريش حتى جاء الإسلام وهو على ذلك ) وهذه القصة ذكرها القرطبي أيضا في تفسيره .
*****
التاريخ 
وكان أول من سن الرحلتين هاشم بن عبد مناف،[1] وسبب ذلك أنهم كانوا يعتريهم خصاصة فإذا لم يجد أهل بيت طعاما لقوتهم حمل رب البيت عياله إلى موضع معروف فضرب عليهم خباء وبقوا فيه حتى يموتوا جوعا ويسمى ذلك الاعتفار بالعين المهملة وبالراء وقيل بالدال عوض الراء وبفاء فحدث أن أهل بيت من بني مخزوم أصابتهم فاقة شديدة فهموا بالاعتفار فبلغ خبرهم هاشما لأن أحد أبنائهم كان تربا لأسد بن هاشم ، فقام هاشم خطيبا في قريش وقال:
رحلة الشتاء والصيف إنكم أحدثتم حدثا تقلون فيه وتكثر العرب وتذلون وتعز العرب وأنتم أهل البيت الحرام والناس لكم تبع ويكاد هذا الاعتفار يأتي عليكم. رحلة الشتاء والصيف
ثم جمع كل بني أب على رحلتين للتجارات فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير من عشيرته حتى صار فقيرهم كغنيهم.
ذكر الرحلتين في القرآن الكريم :
ورد ذكر رحلتي الشتاء والصيف في القران الكريم وذلك في سورة قريش فقال تعالى: لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إيلَافِهِمْ *رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ *(سورة قريش).[2]
إن منة إيلافهم رحلتي الشتاء والصيف، هي المنة التي يذكرهم الله بها ومنة الرزق الذي أفاضه عليهم بهاتين الرحلتين, وبلادهم قفرة جفرة وهم طاعمون هانئون من فضل الله, ومنة أمنهم الخوف, سواء في عقر دارهم بجوار بيت الله الحرام، أم في أسفارهم وترحالهم في رعاية حرمة البيت التي فرضها الله من كل اعتداء.[3]
فيذكرهم بهذه المنن ليستحوا مما هم فيه من عبادة غير الله، وهو رب هذا البيت الذي يعيشون في جواره آمنين طاعمين، ويسيرون باسمه مرعيين ويعودون سالمين. وهو تذكير يستجيش الحياء في النفوس، ويثير الخجل في القلوب. ولكن انحراف الجاهلية لا يقف عند منطق، ولا يثوب إلى حق، ولا يرجع إلى معقول.
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ 
أي فلتعبد قريش ربها شكرا له على أن جعلهم قوما تجارا ذوي أسفار في بلاد غير ذات زرع ولا ضرع، لهم رحلتان رحلة إلى اليمن شتاء لجلب الأعطار والأفاويه التي تأتي من بلاد الهند والخليج العربي إلى تلك البلاد ورحلة في الصيف إلى بلاد الشام لجلب الحاصلات الزراعية إلى بلادهم المحرومة منها. وقد كان العرب يحترمونهم في أسفارهم، لأنهم جيران بيت الله وسكان حرمه، وولاة الكعبة، فيذهبون آمنين، ويعودون سالمين، لا يمسهم أحد بسوء على كثرة ما كان بين العرب من السلب والنهب والغارات التي لا تنقطع. فكان احترام البيت ضربا من القوة المعنوية التي تحتمي بها قريش في الأسفار، ولهذا ألفتها نفوسهم، وتعلقت بالرحيل، استدرارا للرزق. وهذا الإجلال الذي ملك نفوس العرب من البيت الحرام، إنما هو من تسخير رب البيت سبحانه، وقد حفظ حرمته، وزادها في نفوس العرب ردّ الحبشة عنه حين أرادوا هدمه، وإهلاكهم قبل أن ينقضوا منه حجرا، بل قبل أن يدنوا منه. ولو نزلت مكانة البيت من نفوس العرب، ونقصت حرمته عندهم، واستطالت الأيدي على سفّارهم لنفروا من تلك الرحلات، فقلّت وسائل الكسب بينهم، لأن أرضهم ليست بذات زرع ولا ضرع، وما هم بأهل صناعة مشهورة يحتاج إليها الناس فيأتوهم وهم في عقر ديارهم ليأخذوا منها، فكانت تضيق عليهم مسالك الأرزاق وتنقطع عنهم ينابيع الخيرات. فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الذي حماه من الحبشة وغيرهم، ومكّن منزلته في النفوس، وكان من الحق أن يفردوه بالتعظيم والإجلال. ثم وصف رب هذا البيت بقوله: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) أي إنه هو الذي أوسع لهم الرزق، ومهد لهم سبله، ولولاه لكانوا في جوع وضنك عيش. (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) أي وآمن طريقهم، وأورثهم القبول عند الناس، ومنع عنهم التعدي والتطاول إلى أموالهم وأنفسهم، ولولاه لأخذهم الخوف من كل مكان فعاشوا في ضنك وجهد شديد.
وإذا كانوا يعرفون أن هذا كله بفضل رب هذا البيت، فلم يتوسلون إليه بتعظيم غيره، وتوسيط سواه عنده؟ مع أنه لا فضل لأحد ممن يوسطونه في شيء من النعمة التي هم فيها، نعمة الأمن ونعمة الرزق: وكفاية الحاجة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 27 مايو 2019, 5:23 am

قصة أبو لهب ))

( 1 )
أمر الله تعالى نبيه محمدًا أن يبلغ قومه وأهله الدعوة إلى دين الإسلام، فأراد النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــأن يدعوا قبيلته ( بنى هاشم ) أولا ، فجمعهم وكانوا حوالي أربعين رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، وقد صنع لهم من أطايب الطعام فأكلوا من ذلك وشربوا . 
وبعد فراغهم تخير النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ كلمات مناسبة فقال :
" الحمد لله أحمده و أستعينه . وأومن به وأتوكل عليه . 
وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له .. ثم قال ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ: 
إن الرائد لا يكذب أهله . والله لو كذبت الناس ما كذبتكم ولو غررت الناس ما غررتكم . والله الذى لا إله إلا هو ، إنى رسول الله إليكم خاصة والى الناس عامة . 
والله لتموتن كما تنامون . ولتبعثن كما تستيقظون . ولتحاسبن بما تعملون .. وإنها للجنة أبدًا أو النار أبدًا " .
فلما رأى فيهم استغرابا قال لهم : ما أريد منكم إلا كلمة تحكمون بها العرب وتسودون بها العجم ، 
فقال له أبو لهب: عشرٌ وأبيك، 
فقال عليه الصلاة والسلام: ( لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله ) .
وهنا صاح أبو لهب بصوت حاد : هذه والله السوأة !!! خذوا على يديه قبل أن يأخذكم غيركم . 
وأخذ يحرض الحاضرين عليه حتى رفضوا دعوة النبى الأمين .
وانصاع القوم – للأسف الشديد – لصياح أبى لهب وأعرضوا عن هذا الخير العميم الذي أراده لهم النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ .
وذهل النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ لما فعله عمه أبو لهب . 
لقد كان عمه أبو لهب على علاقة متينة به قبل ذلك ، وعلم الرسول ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ أن أبا لهب لن يسكت عنه . وسيستخدم أسلحته كلها لمحاربته خاصة أنه من وجهاء القوم وأنه يتمتع بوجه يتلألأ حمرة وجمالا ، ولذلك لُقب أبو لهب رغم أن اسمه الحقيقى عبد العُزى بن عبد المطلب.
و أشفق النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ على دعوته وعلى نفسه فإذا كان عمه وهو أقرب الأقربين إليه يقول له ذلك فما بال الآخرين ؟! لكنه فوض الأمر فى النهاية إلى الله يفعل ما يشاء .
ثم إن أبا لهب انصرف عن مجلس النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ وأخذ يدور على بنى هاشم واحدًا واحدًا يؤلبهم ويحرضهم على محمد ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ ويريدهم أن يمنعوه من التفوه بهذا الكلام و إلا تعرضوا جميعًا للسخرية والعداء.
وبينما كان أبو لهب يفعل ذلك إذا بمنادٍ ينادى الناس للاجتماع بصوت منذر لهم وأخذ الناس يذهبون متجهين إلى المكان الذي يأتي منه الصوت وهو جبل الصفا . 
وجاء أبو لهب من ضمن قريش التي أتت عن بكرة أبيها ، وكان الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ، فوجدوا محمدًا ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ واقفًا على هذا الجبل فقال لهم عليه الصلاة والسلام: 
(أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ 
قالوا : نعم ما جربنا عليك كذبا.
قال النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا.
فأنزل الله فى شأنه: { تبت يدا أبى لهب وتب. ما أغنى عنه ماله وما كسب. سيصلى نارا ذات لهب } المسد:1-3
وأخذ الناس ينصرفون عن النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ وهو ينادى عليهم : 
* يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله. لا أغنى عنكم من الله شيئا. 
* يا بنى عبد المطلب! لا أغنى عنكم من الله شيئا. 
* يا عباس بن عبد المطلب! لا أغنى عنك من الله شيئا. 
* يا صفية عمة رسول الله! لا أغنى عنك من الله شيئا. 
* يا فاطمة بنت رسول الله! سلينى بما شئت. لا أغنى عنك من الله شيئا
وكلما أراد رجل من القوم أن يقف ليسمع النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ يصرفه أبو لهب مسفها لرسول الله ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ .

( 2 )

رجع أبو لهب إلى امرأته أروى بنت حرب بن أمية ( أم جميل) وهى امرأة من علية القوم وذات نسب وحسب فى قبليتها أيضًا ، فقد كانت أخت أبى سفيان بن حرب زعيم من زعماء قريش ، لكنها سليطة اللسان ويتحاشاها الجميع بسبب ذلك ، 
فنظرت أم جميل إلى زوجها قائلة : علامّ اجتمع الناس اليوم ؟
فأخبرها أبو لهب بما حدث من شأن محمد ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ.
فقالت : أو تتركونه يسب الآلهة ؟
وماذا نفعل يا أم جميل ؟
تأخذون على يده وتمنعونه ، وتؤذونه حتى يعرف أن الأمر جدٌ وليس بالهزل .
ثم خرجت امرأة أبى لهب إلى قبائل مكة وقد أطلقت على النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ اسمًا آخر وهو " مذمم " وهو فى المعنى عكس كلمة " محمد " 
وأخذت تقول لهم :

مذمما أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا

وأخذت تمشى بين الناس بالنميمة ضد النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ .
وتجاوزت ذلك فقد كانت تترقب طريقه وتسبه .
وكانت تعيره بالفقر .
بل كانت تضع الشوك والأذى فى طريق النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ .
فأنزل الله في حقها :
" وامرأته حمالة الحطب . فى جيدها حبل من مسد " المسد 4 : 5
ولم تتوانى هذه المرأة فى إيذاء النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ حتى أنها كانت إذا عثرت تقول : تعس مذمم .
وقد قال النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ أن الله قد أوحى لها أن تطلق عليه اسم "مذمم " حتى يحفظ اسم " محمد " من أن يناله الأذى منهم.
وقد نصر الله نبيه وحماه من هذه المرأة السليطة كثيرًا . 
و إليك هذه الحادثة العجيبة : 
جاءت امرأة أبى لهب ولها ولولة وفى يدها فهر ، ورسول الله ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــجالس ومعه أبو بكر .
فقال له أبو بكر : قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك ، لو تنحيت لا تؤذيك بشئ . 
فقال رسول الله ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ " إنه سيحال بينى وبينها " 
فأقبلت حتى وقفت على أبى بكر ، فقالت :
يا أبا بكر هجانا صاحبك .
فقال أبو بكر : لا ورب هذه البيت ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به. 
فقالت : إنك لمصدق 
فولت وهى تقول قد علمت قريش أنى ابنة ***ها
قال أبو بكر : ما رأتك ؟!
قال ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ : لا . ما زال ملك يسترني حتى ولت "
ويا له من موقف عجيب أن يكون النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ مع صاحبه أبى بكر الصديق و تأتى أم جميل فترى أبا بكر فقط ولا تبصر النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــمما جعل أبا بكر يتعجب .

( 3 )

وكانت قبائل العرب الأخرى تأتى مكة لأداء الحج والعمرة فلم يكتفى أبو لهب بما فعله . بل كان يذهب الى كبراءهم ويقول لهم أن محمدًا ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ ابن أخيه وأنه صبأ عن دين الأباء والأجداد وأنه ساحر أو شاعر أوكاهن فلا تسمعوا له فأنا عمه وأعلم الناس به .
وكان يقيم لهذه القبائل الحفلات الماجنة حتى يشغلهم بماله عن دعوة الله .
بل تفرغ تماما فى مواسم الحج والعمرة ليصد الناس عنه .
ويخبرنا أحد الذين رأوا هذا المشهد فيقول : رأيت النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ فى الجاهلية فى سوق ذى المجاز وهو يقول : " يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " والناس مجمعون عليه ووراءه رجل وضئ الوجه أحول ذو غديرتين يقول : إنه صابئ كاذب يتبعه حيث ذهب. 
فإذا فرغ النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ من مقالته .
قال أبو لهب بعده : أنا عم هذا الرجل الساحر الأفّاك المأفون لا تصدقوه أنا عمه عبد العزى أبو لهب لو صدقتموه لسحركم .
فكان الناس يقولون وقد أوشك الإيمان أن يلامس قلوبهم كانوا يقولون: لو كان في هذا الفتى خير لكان فيه خير لعمه وأهل الرجل أدرى به. 

وكان يقول : إن كان ما يقوله ابن أخى هذا حقا فإنى أفتدى بمالى من عذاب يوم القيامة . 
وكان الرد القرآنى شديدًا عليه إذ قال الله : 
( ما أغنى عنه ماله وما كسب ). 

( 4 )

وكان البون بين أبى طالب وبين أبى لهب كبيرًا ، حيث إن أبا طالب حمل قومه بنى هاشم أن يدافعوا عن النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ . وأكثر من ذلك فإن قريشًا فرضت حصارًا ومقاطعة عن المسلمين فى مكان منعزل يسمى شعب أبى طالب . 
و دخل أبو طالب عم النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــوجميع بنى هاشم مع المسلمين فى هذا الشعب رغم أنها كانت ظروفًا قاسية جدًا لدرجة أن كثيرًا منهم هلك من شدة الجوع .
والتزم جميع بنى هاشم بذلك إلا القليل جدًا منهم أبو لهب الذى خرج من الشعب وأعان المشركين على مقاطعة المسلمين ، فلما خرج لقي هنداً بنت عتبة بن ربيعة . 
فقال : يا ابنة عتبة هل نصرتُ اللات والعزى ؟ 
قالت : نعم فجزاك الله خيراً يا أبا عتبة ! 
قال : إن محمداً يعدنا أشياء لا نراها كائنة ، يزعم أنها كائنة بعد الموت . فأنَّى ذلك ؟ 
وظل أبو طالب يقوم بدور المدافع عن النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــحتى وفاته. 
وقد قال النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ : ما نالت منى قريشٌ نيلا حتى تُوفى أبو طالب . 
فانكشفت الحماية عن النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ وآلت الزعامة إلى أبى لهب فقال له إخوته : لو عضدت ابن أخيك لكنت أولى الناس بذلك. 
وبينما كان أبو لهب يفكر فى الأمر لقى النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ فسأله قائلا :
يا ابن أخى أخبرنى عمن مضى من الآباء ؟
فقال النبى ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــ: إنهم كانوا على غير دين.
فغضب أبو لهب وتمادى على عداوته. 
و لأن الله - الذى يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون – قد علم أن أبا لهب لن يؤمن أبدًا فى أى مرحلة من حياته لذا أنزل على رسوله ــ صلَّ الله عليهِ و سلّم ــمنذ بداية الدعوة الإسلامية سورة المسد التى تتوعد أبا لهب وامرأته بالعذاب فى الآخرة .
وفى ذلك معجزة ظاهرة ودليل واضح على صدق النبوة . إذ لم يؤمن أبو لهب أبدا ، ولا امرأته آمنت ولا كلاهما ، بل ظلا على ما هم عليه ليصدق فيهما قول الله بأنهما من أصحاب النار 



 لماذا سمي أبو لهب بهذا الإسم ))

محتويات
أبو لهب موقف أبو لهب من إعلان الإسلام - سبب تسمية أبو لهب بهذا الاسم -وفاة أبو لهب.

كان لرسول الله عدد من الأعداء الذين قاموا بتوجيه الأذى له فور نزول الوحي عليه ، فكان من أشهر هؤلاء الأعداء أبو لهب ، فمن هو أبو لهب و لم سمي بهذا الاسم.

أبو لهب
– أبو لهب هو عبد العزى بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و قد ولد في مكة المكرمة و توفي في عام 624 ميلادية ، و كان من أشهر الشخصيات في حياة نبي الله صلى الله عليه وسلم ، و ذلك لأنه عمل على التصدي للدعوة الإسلامية ، و كثيرا ما حارب سيدنا محمد صل الله عليه وسلم و المسلمين ، و ذلك لأنه كان يحاول الحفاظ على عبادة الأصنام و كان يواجهها بكل قواه.

– تزوج أبو لهب أم جميل أروى بنت حرب بن أمية ، و كان والده عبد المطلب بن هاشم و اخواته هم أبو طالب و اضرار و الجبير و مصعب ، و الحارس و المقوم و قثم و المغيرة و عبد الله و حمزة و العباس ، و امه حكيم و عاتكة و صفية و بره و أميمة ، أما عن أولاده فقد كانوا الصحابي عقبة بن أبي لهب و الصحابية درة بنت أبي لهب ، و الصحابي متعب بن أبي لهب و عتيبة بن أبي لهب

موقف أبو لهب من إعلان الإسلام
عندما قام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة الإسلامية ، عمل أبو لهب على نشر العداوة للإسلام بين الجميع ، فكان من أشد أعداء الإسلام ، و كان كثير الايذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالأفعال و الأقوال ، كذلك كانت زوجته تساعده على ذلك ، فقيل أنه كان يأتي بالأشواك و يضعها في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تنزف قدميه ، و كان هناك العديد من المواقف التي جهر فيها بالكفر ، و كان من بين المشاركين في محاولة قتل رسول الله صل الله عليه وسلم وقت الهجرة.

سبب تسمية أبو لهب بهذا الاسم
أما عن السر في تسمية أبو لهب بهذا الاسم فهناك العديد من الأقاويل ، و لكن أقربها للصحة هو أن أبو لهب ورد ذكره في القرآن الكريم ، حينما قيل أنه سيصلى نارا ذات لهب ، ربما يكون السبب في تسميته بهذا الاسم هو اعتمادا على تلك الآية الكريمة ، و قد ورد ذكره في سورة المسد حين قال تعالى { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ }.

وفاة أبو لهب
على الرغم من تلك القوة التي كان يمتاز بها أبو لهب ، و على الرغم من كونه أحد سادات قريش ، فكان يرى أنه ليس بقوته أحد و لا بقدراته أحد على الأرض و بذلك كان الأشد على رسول الله ، و لكن وفاته كانت مهينة للغاية ربما يدل ذلك على أنه ليس إلا عبدا في هذه الأرض عليه الانصياع على أوامر الله ، فقد أصيب أبو لهب بعد غزوة بدر بثلاث أيام بمرض شديد ، ذلك المرض يشبه الطاعون ، و قد كان العرب يسمون هذا المرض باسم العدسة ، و كانوا يتشائمون من هذا المرض ، و كان ذلك داعيا لهجره من قبل أقرب المقربين إليه و هم زوجته و أبناؤه ، فتركوه في غرفته حتى توفي و حتى بعد وفاته تركوه فترة حتى تعفن جسده ، و ذلك لأن الناس كانوا خائفين من العدوى بذلك المرض ، فقاموا بعمل حفرة كبيرة و قاموا بجره و دفعوه إلى هذه الحفرة باستخدام الأعواد ، و بعد ذلك قذفوه بالحجارة من بعيد حتى لا يقوموا بدفنه فتصيبهم العدوي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 27 مايو 2019, 5:29 am

قـصـة الـفـجـر ))

||قصة قيمة||

كان أنس بن مالك رضي الله عنه يبكي
كلما ذكر موقعة " تُستَر" التي فتحها المسلمين ..

"تستر" كانت مدينة فارسية حصينة حاصرها المسلمون سنة ونصف بالكامل، ثم سقطت المدينة في أيدي المسلمين، وتحقق لهم فتحاً مبيناً ..وهو من أصعب الفتوح التي خاضها المسلمون 
حتى أنها سُميت "فتح لفتوح" ..

فإذا كان الوضع بهذه الصورة الجميلة المشرقة فلماذا يبكي أنس بن مالك رضي الله عنه عندما يتذكر موقعة تستر ؟!

لقد فتح باب حصن تستر قبيل ساعات الفجر بقليل، وانهمرت الجيوش الإسلامية داخل الحصن،ودار لقاء رهيب بين ثلاثين ألف مسلم ومائة وخمسين ألف فارس، وكان قتالاً في منتهى الضراوة ..وكانت كل لحظة في هذا القتال تحمل الموت، وتحمل الخطر على الجيش المسلم ..موقف في منتهى الصعوبة ..وأزمة من أخطر الأزمات!..

ولكن في النهاية -بفضل الله- كتب الله النصر للمؤمنين ..وانتصروا على عدوهم انتصاراً باهراً، وكان هذا الانتصار بعد لحظات من شروق الشمس !!
واكتشف المسلمون أن صلاة الصبح قد ضاعت في ذلك اليوم الرهيب !!

لم يستطع المسلمون في داخل هذه الأزمة الطاحنة والسيوف على رقابهم أن يصلوا الصبح في ميعاده !!

ويبكي أنس بن مالك رضي الله عنه لضياع صلاة الصبح مرة واحدة في حياته ..يبكي وهو معذور، وجيش المسلمين معذور، وجيش المسلمين مشغول بذروة سنام الإسلام ..مشغول بالجهاد ..لكن الذي ضاع شئ عظيم! ..

يقول أنس : وما تستر ؟!لقد ضاعت مني صلاة الصبح،ما وددت أن لي الدنيا جميعاً


بهذه الصلاة !! يالله ما أجمل عذره حين يلاقي ربه !!
ونحن كيف يكون عذرنا من صلاة الفجر ؟؟ نوم ؟! ؟؟ ...
أما التوقيت للدوام , والمدرسة فكأنه حياة أو موت !

أنستحي من الخلق ...
فكيف بخالقهم ..؛ !
*******
اللهم لا تأخذنا إلا وانت راضٍ عنا غير غضبان وعاملنا بما انت أهله ولا تعاملنا بما نحن أهله 
فانت أهل التقوى وأهل المغفرة.




فتح تستر

ملخص المقال
فتح تستر كان من أصعب فتوحات فارس على المسلمين, فقد دام الحصار لمدينة تستر قرابة ثمانية عشر شهرا, فكيف انتصر المسلمون؟

بعد القرار الذي اتخذه سيدنا عمر بن الخطاب بعدم تَوَغُّلِ المسلمين داخل الأراضي الفارسية أصبح للمسلمين حامية في منطقة "رَامَهُرمُز" شرقي منطقة الأهواز، وحامية في مَناذر، وحامية في تِيرَى.

أما المنطقة التي تقع شرقي نهر تِيرَى والمنطقة التي تقع شرقي رامَهُرمز، فهي تحت سيطرة الفرس بقيادة الهرمزان لكنها تدفع الجزية للمسلمين على ألاّ يقاتلوا المسلمين، وعلى أن يمنعهم المسلمون إذا حدثت حرب على أهل فارس، وذكرنا أن يزدجرد كسرى فارس بعد هروبه الثالث من المدائن إلى مدينة "مرو" في أقصى شرقي المملكة الفارسية، ظل يحفز الجيوش الفارسية لقتال المسلمين الذين سيطروا على أرضهم، حتى بدأت الجيوش الفارسية تتجمع وتتجه نحو مدينة تسمى تُسْتَر، وتقع هذه المدينة على نهر كارون الموجود في منطقة الأهواز..

وكان الهرمزان قد أعطى عهدًا ثالثًا للمسلمين، وكان العهد الأول قد أعطاه النبيَّ ثم نقض العهد ودخل القادسية في حرب ضد المسلمين، ثم عاهد المسلمين ألا يقاتلهم على أن يدفع الجزية، ثم نقض العهد مرة أخرى ودخل مع المسلمين في معركة في "سوق الأهواز" وانتصر عليه سيدنا حُرْقُوص بن زهير السعدي من صحابة النبي، ثم طلب العهد الثالث فقبل منه سيدنا عمر بن الخطاب على ألا يقاتل المسلمين ويبقى في مكانه، وبعد أن استنصر يزدجرد كل الفرس نقض الهرمزان العهد للمرة الثالثة وغدر بالمسلمين، وجهَّز جيشه وبدأ بإعداد العُدَّة لقتال المسلمين مرة ثالثة، ولم يتعلم الهرمزان من الدروس السابقة؛ فكل مرة يغدر بالمسلمين ويدخل في معركة معهم ويُهْزَم، فجهز جيشه وبدأت الجيوش في شرقي المملكة تتجمع حتى تقاتل المسلمين في معركة فاصلة كبيرة، واختارت مدينة تستر أحصن المناطق الفارسية على الإطلاق؛ فهي أكثر حصانة من المدائن ومن جَلُولاء التي كانت من أشد المعارك مع المسلمين في هذه الفترة.

ولما وصلت سيدنا عمر الأنباء التي تؤكد نقض الهرمزان للعهد مع المسلمين، وأن يزدجرد يشجع الفرس لقتال المسلمين في معركة فاصلة، يصدر سيدنا عمر بن الخطاب أوامره، ويضع خطة الجيش الإسلامي في فارس من المدينة، فيأمر سيدنا عمر بخروج جيش كثيف من الكوفة عاصمة المسلمين في أرض فارس على رأسه النعمان بن مُقَرِّن أحد صحابة النبي، ويتوجه من الكوفة رأسًا إلى الأهواز ليقاتل الهرمزان وفرقته، ثم يُتْبِع جيشَ النعمان بن مُقَرِّن بجيشين: على أحدهما سويد بن مقرن، وعلى الآخر جرير بن عبد الله البجلي وهو من الصحابة أيضًا، وهو الذي جمع قبيلة "بجيلة" بعد تفرقها، وكانت أول معركة تخوضها قبيلة بجيلة هي معركة القادسية.

وما زال على جيش الأهواز سيدنا حُرْقُوص بن زهير من صحابة النبي، وتحت إمرته أربع فرق: سلمى بن القين وحرملة بن مُرَيْطة وهما من صحابة النبي، وغالب الوائلي وكليب بن وائل (وهما الداخلان في عهد المسلمين من سنة ماضية)، ومدينة البصرة القريبة من الأهواز تخرج جيشًا كثيفًا على رأسه سهل بن عدي أخو سهيل بن عدي فاتح الجزيرة كما ذكرنا في المقال السابق، ويوصي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سهل بن عدي بأن يصطحب معه خمسة من فرسان المسلمين في جيشه وهم: البراء بن مالك، ومَجْزَأَة بن ثور وهما من صحابة النبي، وكعب بن ثور وهو من كبار التابعين، وسيدنا حذيفة بن محصن قائد الجيش الثامن من جيوش الردة لحرب عُمان، وسيدنا عرفجة بن هرثمة قائد الجيش التاسع من جيوش الردة لحرب مهرة، وهما في اليمن، ويوصيه ألا يولِّي البراء بن مالك إمارة الجيوش؛ فقد كان سيدنا البراء بن مالك من الشجاعة الفائقة بما يجعله يلقي نفسه في أمور قد يصعب على المسلمين أن يتحملوها، فينهى سيدنا عمر بن الخطاب عن توليه قيادة الجيش رغم كفاءته خشية هلاك المسلمين، ومن الكُمَاة المهرة سيدنا مَجْزَأَة بن ثور، وكان من أتقى الصحابة.

ومن المقربين إلى سيدنا عمر بن الخطاب سيدنا كعب بن ثور هذا التابعي الجليل، ومن مواقفه مع سيدنا عمر بن الخطاب أن امرأة قالت لسيدنا عمر بن الخطاب: إن زوجي يصوم النهار ولا يفطر، ويقوم الليل ولا ينام, فقال لها سيدنا عمر بن الخطاب: نِعْمَ الزوجُ. فاستحيت السيدة وانصرفت، فقال كعب بن ثور لسيدنا عمر بن الخطاب: لماذا لم تُجِبْ لها مسألتها؟ فقال سيدنا عمر بن الخطاب: وأي مسألة في صيام زوجها وقيامه؟! فقال سيدنا كعب: ما أرى إلا أنه يهجرها في الفراش. فقال سيدنا عمر بن الخطاب: أوَ ترى ذلك؟ فأرسل إلى السيدة مرة أخرى، فعرض عليها ما قاله سيدنا كعب بن ثور، فصدّقت المرأة ما قاله كعب، وقالت: والله إنَّ لي لرغبة كما للنساء.

فتعجب سيدنا عمر بن الخطاب من سيدنا كعب بن ثور وفَهْمه للمسألة بسهولة وببساطة، فقال له سيدنا عمر: اقضِ في الأمر. فقال: أنت أمير المؤمنين، فَلْتَقْضِ أنت. فقال: إذا كنت عرفت الأولى فلك أن تعرف الثانية. فقال سيدنا كعب بن ثور: لو كان هذا الرجل من حقه أن يتزوج بأربع نساء فلكل واحدة منهنَّ ليلة، فيكون القضاء بأن يقضي هذا الرجل ثلاث ليالٍ مع ربه يقوم ويصوم كما يريد، وليلة مع زوجته. فقال له سيدنا عمر: ما رأيك الأول بأعجب من رأيك الأخير؛ اذهب فأنت قاضي البصرة.

فكان سيدنا كعب قاضي القضاة في البصرة، ومع ذلك كان من المجاهدين المقاتلين في صفوف المسلمين. وهذا يدلِّل على أن العابد أو العالم ليس دوره أن يمكث في المسجد فقط منصرفًا عن الجهاد، بل نذكر قصة عبد الله بن المبارك لما بعث برسالة إلى عابد الحرمين الفُضَيْلِ بنِ عِيَاض يبين له فيها أن العبادة التي يقوم بها في مقابل الجهاد لعب، وكان الجهاد وقتها فرض كفاية، فكيف وهو فرض عين!!

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك في العبادة تلعب

تحركت هذه الجيوش العظيمة؛ جيش الكوفة والأهواز والبصرة في اتجاه واحد نحو مدينة تُسْتَر لحرب الفرس، على رأس كل الجيوش سيدنا أبو سبرة بن أبي رهم، الذي استطاع أن ينقذ المسلمين في موقعة طاوس، فأرسل سيدنا عمر بن الخطاب بتولية أبي سَبْرَة بن أبي رُهْم الإمارة على كل الجيوش، وكل هؤلاء القادة من الصحابة: النعمان بن مُقَرِّن، وسويد بن مقرن، وسهل بن عدي، والبراء بن مالك، ومَجْزَأَة بن ثور، وحرقوص، وحرملة، وسلمى؛ وذلك لما له من مهارة في القيادة، أَدَّتْ إلى أن يتبوَّأ هذه المكانة العظيمة عند المسلمين، وبدأت الجيوش الإسلامية بالتحرك في الاتجاه الذي ذكرناه.

 

تحركات الجيوش الإسلامية:
من الكوفة يخرج جيش النعمان ويخترق سواد الجزيرة ويعبر نهر دجلة، ويتجه جنوبًا ويعبر نهر "كارون" ناحية الأهواز، ومن البصرة يخرج سيدنا سهل بن عدي بجيشه، وكان جيش سيدنا النعمان بن مقرن أسرع من جيش سيدنا سهل بن عدي؛ فاخترق السواد في سرعة رهيبة جدًّا حتى وَصَل إلى منطقة سوق الأهواز، فعبرها حتى وصل إلى مدينة "رَامَهُرمُز" وعليها الهرمزان، فحاصرها وخرج له الهرمزان فالتقى معه في موقعة سريعة انتصر فيها على الهرمزان. ويرجع الانتصار الذي حققه النعمان على الهرمزان لعدة أمور من أهمها: سرعة النعمان بن مقرن، ومباغتته لعدوه قبل أن يجهّز الهرمزان جيشه، وقبل أن تصل القوات الإسلامية من البصرة.

ولما انهزم الهرمزان جمع فلول جيشه وانسحب به متجهًا نحو مدينة "تُسْتَر" حيث الحصون العظيمة للفرس، وعلم سيدنا سهل بن عدي وهو في طريقه إلى رامهرمز أن سيدنا النعمان بن مقرن انتصر على الهرمزان في رامهرمز، واتجه نحو تُسْتَر فغيَّر سيدنا سهل بن عدي اتجاهه من منطقة الأهواز رأسًا إلى تُسْتَر ليحاصرها مع سيدنا النعمان بن مقرن رضي الله عنه، وتوجهت جيوش الأهواز إلى مدينة تُسْتَر وكان على رأس هذه الجيوش سيدنا حرقوص بن زهير، وسلمى، وحرملة، وغالب، وكليب تحت إمرة سيدنا حرقوص بن زهير، ولا يكتفي سيدنا عمر بن الخطاب بذلك، بل يأمر سيدنا أبا موسى الأشعري أن يخرج بنفسه على رأس جيش من البصرة مددًا للمسلمين، فيخرج سيدنا أبو موسى الأشعري على رأس جيش من البصرة، ويتوجه بهذا الجيش إلى تُسْتَر أيضًا، وبوصول سيدنا أبي موسى الأشعري إلى تُسْتَر يكون سيدنا أبو موسى على رأس الجيوش التي خرجت من البصرة، ويبقى النعمان على رأس جيوش الكوفة، ويظل أبو سبرة بن أبي رهم على كل الجيوش حتى على سيدنا أبي موسى الأشعري.

وتصل الجيوش الإسلامية إلى مدينة تُسْتَر، بينما تختبئ الجيوش الفارسية داخل الحصون، وكما ذكرنا أن مدينة تُسْتَر من أعظم الحصون الفارسية على الإطلاق، ويقال: إنها أقدم مدينة في بلاد فارس، وبها أول سور بُنِيَ على وجه الأرض، وبُنِيَتِ المدينةُ في منطقة عالية وحولها سور ضخم عالٍ، وعلى السور أبراج عالية، وهذه الأبراج لم تكن متوفرة في حصون فارس، وهذه ميزة للفرس فباستطاعتهم رمي المسلمين بالسهام من فوق الأبراج ولا تصل سهام المسلمين إلى أعلى البرج، فكانت هذه في صف الفرس؛ بالإضافة إلى خندق حول المدينة كعادة الفرس، لكن الفارق بينه وبين الخنادق الأخرى أن هذا الخندق مملوءٌ بالماء مما يُصَعِّبُ على المسلمين اجتياز المدينة، وكان سور المدينة من طبقتين وبينهما فراغ والماء حول المدينة من معظم الجهات، وهناك منطقة واحدة لم يكن بها ماء ولكن على رأسها جيش كبير من الفرس، والأسهم تُلْقَى من فوق الأبراج على من يُحَاوِل اجتيازَ هذه المنطقة، فكانت المنطقة في شدة الحصانة، ولها سور ضخم عالٍ يحيط بالمدينة كلها، وبداخل المدينة الزروع والطعام وخارجها نهر بجوارها؛ فأقاموا الشواديف والروافع لرفع الماء من النهر إلى داخل المدينة، وبذلك كانت لديهم قدرة كبيرة على الصبر على حصار المسلمين.

وبدأ المسلمون في حصار الفرس، وكان هذا الحصار من أشد أربعة حصارات حاصرها المسلمون، وكعادة الفرس الخروج من داخل الحصن لقتال المسلمين من وقت لآخر كما فعلوا في جَلُولاء وفي تكريت وفي المدائن، فتخرج فرقة لقتال المسلمين وسرعان ما تعود إلى داخل الحصن، وتكررت هذه الزحوف ثمانين مرة، ودام الحصار لمدينة تُسْتَر قرابةَ ثمانية عشر شهرًا (ما يقرب من عام ونصف)، وكانت هذه أطول مدة تُحَاصَر فيها مدينة في التاريخ، ورغم طول المدة لم يستسلم الجيش الفارسي المحاصَر ولم ييأس الجيش الإسلامي من الحصار، وكان أمرًا شاقًّا على المسلمين فَهُم مُعَرَّضون لسهام الفرس، وبداخل الحصن أعداد كبيرة من الجنود وعلى رأسهم الهرمزان، وكان من أشد قادة الفرس قوة في ذلك الوقت بعد مقتل رستم في موقعة القادسية؛ فيصبر المسلمون على الحصار الشديد، وكان النصر في كل ما قام به الفرس من مهاجمة المسلمين حليفَ المسلمين، لكن كان الفرس يلجئون إلى الحصون في كل زحف قبل تحقيق النصر الكامل، فَشَقَّ الأمر على المسلمين، وشق الأمر أيضًا على الفرس، ثم تذكر المسلمون أن معهم رجلاً قال عنه النبي: "كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ[1] لاَ يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ"[2].

والبراء هو الذي أوصى به سيدنا عمر بن الخطاب أن يكون في جيش المسلمين، فذهب المسلمون إلى البراء بن مالك قائلين له: يا براء، ألا ترى ما نحن فيه؟! أَقْسِمْ على ربك. فيقول: أقسمت عليك يا رب أن تمنحنا أكتافهم، وتملكنا رقابهم، وتلحقني بنبيك.

 

مغامرة في نفق الماء:
بعد ثمانية عشر شهرًا قطعها المسلمون في حصارهم للفرس في تُسْتَر، وبعد أن طلبوا الدعاء من رجل بشَّره النبي باستجابة الدعاء، وبعد أن فرغ رضي الله عنه من دعائه سقط سهم بجوار سيدنا أبي موسى الأشعري، وفي هذا السهم رسالة، فقرأ سيدنا أبو موسى الأشعري الرسالة فوجدها من أحد الفُرْسِ داخل الحصن، يطلب الأمان من المسلمين لنفسه ولأمواله على أن يصف للمسلمين طريقًا للدخول إلى تُسْتَر، فذهب سيدنا أبو موسى الأشعري من وقته بالرسالة إلى قائد جيش المسلمين أبي سبرة بن أبي رهم، وتناقش معه في أمر الرسالة؛ فوافق سيدنا أبو سبرة على تأمين هذا الرجل، فكتب له أمانًا في ورقة ووضعها في سهم، ورمى بالسهم في المكان نفسِه الذي جاء منه السهم الفارسي، فسقط السهم بداخل حصن تُسْتَر، ثم يَقْدُم أحد الفرس خفية في الليل يحمل معه ورقة الأمان على نفسه ودمه وأمواله، وقال للأمير: فإني أريد منك رجلاً واحدًا أدلّه على الطريق، وبعد ذلك يعود ليأخذ الجيش.

فاستدعى سيدنا أبو سبرة بن أبي رهم سيدنا مَجْزَأَة بن ثور رضي الله عنه من صحابة النبي ليستشيره، وكان من الذين أوصى بهم سيدنا عمر بن الخطاب ليكونوا في جيش المسلمين، وقال له: يا مجزأة، من ترى يكون هذا الرجل الذي يتبع هذا الفارسي؟ فقال سيدنا مجزأة: اجعلني ذلك الرجل. فيقول الفارسي: إن الأمر شديد، وإني أريد رجلاً يجيد السباحة. فيقول سيدنا مجزأة: أنا ذلك الرجل. ويضحي سيدنا مجزأة بنفسه ويخوض المجهول مع هذا الفارسي، فيقول له سيدنا أبو سبرة بن أبي رهم: أوصيك أن تعرف الطريق جيدًا وتعود إلينا دون أن تُحْدِث أمرًا. وهذا أمر من سيدنا أبي سبرة بن أبي رُهْم قائد المسلمين إلى سيدنا مجزأة الجندي في جيش المسلمين، وكان هذا الأمر قد وُجِّهَ من قبل إلى سيدنا حذيفة بن اليمان من قبل النبي في غزوة الخندق، فقد أوصاه النبي ألا يُحدِث أمرًا وهو يأتي بخبر القوم.

فيذهب حذيفة إلى داخل معسكر الأحزاب، ويكون أبو سفيان على مقربة منه، فهَمَّ بقتله لولا أن تذكر وصية النبي ألا يحدث أمرًا، فيُعْرِضَ عن قتل أبي سفيان مع أنه قائد جيوش الأحزاب لوصية النبي، فيحفظ سيدنا مجزأة الوصية جيدًا، ويذهب مع الفارسي في منطقة من الخندق ثم يتجه الفارسي إلى المنطقة التي بها مياه، ويسبح في الماء فيسبح وراءه سيدنا مجزأة بن ثور، ثم يغطس تحت الماء فيغطس وراءه، فيجد نفسه قد دخل في نفق داخل السور الكبير الذي يحيط بمدينة تُسْتَر فيدخل في هذا النفق، وكان نفقًا شديد الصعوبة، فتارة يضيق فيعبره سيدنا مجزأة بمنتهى الصعوبة، وتارة يتسع ويتشعب، وتارة يكون سقف النفق منخفضًا فإذا أراد العبور لا بد من الغطس تحت الماء، ويختفي تمامًا حتى يعبر المنطقة التي بعدها فيرتفع مرة أخرى فوق سطح الماء، وكان هذا النفق شديد الصعوبة شديد الظلمة، ووصل سيدنا مَجْزَأَة إلى باب النفق الذي يؤدي إلى مدينة تُسْتَر بعد مغامرة قضاها مع الفارسي وسط نفق من الماء شديد الظلام وشديد الصعوبة، فيذهب الفارسي ويحضر لباسًا فارسيًّا، ويلبسه سيدَنا مجزأة بن ثور ويدخل به إلى المدينة، وبمجرد دخول سيدنا مجزأة بن ثور المدينة بدأ يتفقدها، فتفقَّد باب الحصن الرئيسي، وتفقد الحصن الكبير أو القصر الكبير بداخل تُسْتَر الذي فيه الهرمزان، وتفقد المناطق الرئيسية المؤدية إلى مداخل المدينة، وفي أثناء هذا التفقد يرى رجلاً نازلاً من القصر ليلاً بخُيَلاء وعظمة عليه تاجه ويلبس ذهبه، وعرف سيدنا مجزأة أنه الهرمزان، فيقول سيدنا مجزأة: واللهِ إني أعلم أني لو أطلقتُ عليه سهمًا ما أخطأته، ولكني أذكر وصية أبي سبرة بن أبي رهم "لا تحدث أمرًا"؛ فأعيد سهمي في جَعبتي طاعةً لأمير الجيش.

 ولقد رأينا أن معصية الأمير أو القائد لا تأتي إلا بالخسارة الفادحة على المسلمين، وكما رأينا ذلك في موقعة الجسر وقد استشهد فيها أربعة آلاف مسلم، وأيضًا في معركة طاوس التي استشهد فيها عددٌ غير قليل من المسلمين، وعلى العكس من ذلك تمامًا نجد نتيجة الطاعة، طاعة الجندي لأميره حتى وإن كان يرى في رأيه صوابًا إلا أنه بعد أن يشرح للأمير عليه أن يطيعه، فيطيع سيدنا مجزأة أميره ويعرف طريقه جيدًا، ولا يحدث أمرًا ثم يعود أدراجه مرة أخرى إلى النفق، ويترك الفارسي داخل المدينة، ويعود إلى سيدنا أبي سبرة بن أبي رهم ويخبره بإتمام أمره، قائلاً له: انتخب لي بعض المسلمين حتى أفتح لك الأبواب. ولم يرضَ سيدنا أبو سبرة أن يكلف الناس بهذا الأمر الشاقِّ؛ ففتح للناس باب التطوع لعبور النفق بشرط أن يكونوا ممن يجيدون السباحة، فتطوع المسلمون من جيش الكوفة ومن جيش البصرة ومن جيش الأهواز (كما حدث من قبل في موقعة المدائن، لما أراد سيدنا سعد بن أبي وقاص عبور نهر دجلة بالخيول، فكانت أول فرقة تعبر النهر ستكون أول فرقة في مواجهة الفرس، فجعلها سيدنا سعد تطوعًا، وكان على رأسها سيدنا عاصم بن عمرو التميمي)، وتطوع من المسلمين -لما أعلن فيهم سيدنا أبو سبرة بن أبي رهم- ثلاثمائة من المسلمين ليعبروا هذا النفق الخطير، وكان هذا أكبر عائق مَرَّ بالمسلمين في حروب فارس، وكان من بين المتطوعين سيدنا عاصم بن عمرو التميمي وسيدنا أبو سبرة بن أبي رهم، وهما من قواد المسلمين في معارك فارس، لكن سيدنا أبا سبرة بن أبي رهم جعل سيدنا مجزأة بن ثور أميرًا على الثلاثمائة؛ لأنه دليل المسلمين في الطريق، وهو أول من تطوع للذهاب إلى داخل مدينة "تُسْتَر".

وتتقدم هذه الفرقة لتدخل مدينة تُسْتَر، ويوصيهم سيدنا أبو سبرة بن أبي رهم: "إذا التقيتم مع عدوكم فتذكروا الله، وافتحوا لنا الأبواب، وعلامتنا التكبير". فيدخل الثلاثمائة إلى النهر بعد منتصف الليل بساعة أو ساعتين، وقبل الفجر بثلاث ساعات، وتقدم سيدنا مجزأة المسلمين وكان النفق شديد الصعوبة على المسلمين؛ فكان يرشد الناس إلى الطريق بصوت خافت لظلمة النفق ولئلا يسمعه الفرس، وتحرر المسلمون من كل شيء إلا جلبابًا خفيفًا والسيف مربوط على صدورهم، ويجتاز المسلمون النفق ويصل سيدنا مجزأة بن ثور إلى باب النفق وقد فقد في النفق مائتين وعشرين جنديًّا، ولم يتبقَّ معه سوى ثمانين رجلاً فقط، أي أنه في خلال ساعتين فقط ابتلع النفق الرهيب هذا العدد الضخم.

قد نمرُّ على فتوحات المسلمين في فارس وفي غيرها دون الوقوف عندها، لكن هذه الفتوحات قد دُفِعَ فيها أرواح ومجهود، فلم يكن الأمر سهلاً وميسورًا بالنسبة للمسلمين، وأقرب مثال على ذلك فتح تستر.

دخل سيدنا مجزأة بن ثور مع المسلمين خُفْيَة وتحسَّسَ الطريق حتى وصلوا إلى باب الحصن، فتقاتلوا مع قادة حرس الباب في معركة شديدة، وكان الجيش الفارسي في سُبَاتٍ عميق، ولم تبقَ إلا الحامية التي دخل معها المسلمون في قتال عنيف وسريع، وأثناء القتال تتوجه مجموعة من المسلمين ناحية الباب لتفتحه للجيوش الإسلامية، ثم بدأ المسلمون من داخل الحصن في التكبير، وكانت هذه التكبيرات إشارة للقوات الإسلامية خارج الحصن إلى السيطرة على الموقف، وأَنَّ عليهم أنْ يكونوا على أُهْبَةِ الاستعداد، فوقف المسلمون على باب الحصن قبل أن يُفتحَ الباب، وما إن فُتِحَ باب الحصن حتى انهمر المسلمون داخل حصن "تُسْتَر" كالسيل، والتقى المسلمون مع الفرس في معركة من أعنف المعارك في الفتوحات الفارسية حتى هذه اللحظة يُقَدَّر عنفها بعنف ليلة "الهرير" في القادسية، وبعنف ليلة جَلُولاء؛ وكانت الميزة بالنسبة للمسلمين عنصر المفاجأة والمباغتة التي داهموا بها القوات الفارسية، ولم يَدُرْ بخَلَدِ الفُرْسِ أبدًا أن يقتحم المسلمون الحصن في ذلك الوقت من الليل، فاستيقظ الجنود الفرس وقد باغتهم وجود المسلمين ولم يأخذوا أهبتهم بعدُ، وألقى الله الرعب في قلوبهم، وأعزَّ الله جنده، وبدأت سيوف المسلمين تُعمل في رقاب الفرس.

 

شجاعة نادرة:
وممن كتب الله لهم الشهادة في ذلك اليوم سيدنا البراء بن مالك، وقد لمحت عينه الهرمزان من بُعد، فأراد الوصول إليه، وكانت أمامه أمواج من البشر تتقاتل، لكنه كان يقتل رجلاً رجلاً ليصل إلى الهرمزان ليفتك به، وتجاوز عدد قتلى البراء بن مالك في معركة تُسْتَر إلى مائة قتيل من الفرس مبارزة، ويلتقي بعد ذلك بالهرمزان ويتقاتلان معًا، فيسدد البراء ضربة ويسدد الهرمزان ضربة، فيخطئ البراء ويصيب الهرمزان؛ لينال البراءُ بنُ مالكٍ الدرجات العُلا من الجنة بالشهادة في سبيل الله كما دعا اللهَ I، فاستجاب له الله دعوته بفتح تُسْتَر وهزيمة الفرس واستشهاده، وراقب سيدنا مجزأة بن ثور الموقف عن بُعْدٍ، وحتى هذه اللحظة كان قد قتل مائة من الفُرْسِ وأراد الوصول إلى الهرمزان لقتله؛ فقاتل أمواجًا من البشر حتى وصل إلى الهرمزان، وما إن وصل مجزأة إلى الهرمزان حتى تقاتلا، فضرب مجزأة ضربة أخطأها، وضرب الهرمزان ضربة فأصابت سيدنا مجزأة لينام قرير العين بعد جَهْدٍ أمضاه في خدمة الإسلام، ليلحق بركب المجاهدين ويكون ممن أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقًا.

 

ونزل نصر الله:
ما زالت السيوف المسلمة تعمل عملها في رقاب الفرس، ولم يجد الفرس خيارًا سوى الفرار، ولم يجد الهرمزان حيلة إلا الاختفاء داخل قصره الكبير، وأغلق عليه بابه الكبير؛ فقد كان قصرًا أقرب إلى الحصن، أما القوات الفارسية فما بين قتيل أو جريح أو أسير أو هارب.

وبعد أن صعد الهرمزان إلى قصره وأغلق بابه نادى على المسلمين: إن معي في جعبتي مائة سهم، لو أطلقتُها لقتلتُ مائة منكم؛ فسهمي لا يخطئ، فأي نصر تحققونه إذا أخذتموني وقتلت منكم مائة؟! فقالوا له: ماذا تريد؟ قال: أريد أن أنزل على رأي عمر. وبعد أن تناقش المسلمون قَبِلَ أبو سبرة بن أبي رهم عَرْضَ الهرمزان؛ فألقى الهرمزان بالسهام وسلَّم نفسه للمسلمين وتم القبض على الهرمزان، ووفاءً للعهد مع الهرمزان قرر المسلمون إرساله إلى سيدنا عمر بن الخطاب ليرى فيه رأيه وليحكم فيه، ووصلت الأنباء إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتمام النعمة على المسلمين بفتح تستر بعد عام ونصف العام من حصارها، وأَسْرِ الهرمزان الذي طالما نقض عهده مع المسلمين، وقد ذكرنا من قبل أن مدينة السُّوس في منطقة الأهواز هي عاصمة الأهواز، وتُسْتَر تعدّ العاصمة التجارية.

أرسل سيدنا عمر بن الخطاب برسالة إلى سيدنا أبي سبرة بن أبي رهم يأمره أن يتوجه النعمان بن مقرن على رأس الجيوش الإسلامية إلى مدينة السوس، ويرجع أبو موسى الأشعري بجيشه إلى البصرة، وعلى الجيش سيدنا المقترب بن ربيعة وهو من صحابة النبي، وكان اسمه الأسود بن ربيعة، وقال للنبي لما سأله: "مَا أَقْدَمَكَ؟" فقال: جئت لأقترب إلى الله تعالى بصحبتك؛ فسماه المقترب.

فكان المقترب على قيادة الجيوش مكان سيدنا أبي موسى الأشعري على الجيش، وعلى الجيشين سيدنا أبو سبرة بن أبي رهم.

وتوجه سيدنا زيد بن كليب وهو من صحابة النبي إلى "جنديسابور"، وأمر سيدنا عمر بن الخطاب أن يأتي إليه الهرمزان ومعه فرقة لحراسته، وعلى رأس هذه الفرقة سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أخو البراء بن مالك رضي الله عنه، وسيدنا الأحنف بن قيس رضي الله عنه، وسيدنا المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وعرف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الهرمزان ذو مكرٍ ودهاء وحيلة؛ فأرسل معه هذه الحامية التي على رأسها هؤلاء الثلاثة من المقاتلين المسلمين المهرة، وبدأ المسلمون بتوجيه القوات الإسلامية في الاتجاهات التي أمر سيدنا عمر بفتحها، ووجه المسلمون الهرمزان إلى سيدنا عمر بن الخطاب في المدينة ليرى رأيه في هذا الرجل الذي نقض عهده أكثر من مرة مع المسلمين.

 

لصلاة الصبحِ عندي خير من ألف فتح:
يذكر سيدنا أبو موسى عن جيش المسلمين أنه دخل مدينة تُسْتَر عند أذان الفجر، وبدخول المسلمين بدأت المعركة ذات البأس الشديد بين المسلمين والفرس، فلم يتمكن المسلمون من صلاة الفجر في أول الوقت، وظل القتال مستمرًّا حتى بعد أن طلعت الشمس، ومن شدة ضراوة المعركة لم يتمكن المسلمون من الصلاة إيماءً كما حدث في جَلُولاء فقد صلَّى المسلمون إيماءً برءوسهم وهم على الخيول، وبعد أن أتمَّ اللهُ نصره للمسلمين صلَّى المسلمون الصبح بعد شروق الشمس، وكلما ذُكِرَتْ صلاة الفجر أمام سيدنا أبي موسى الأشعري بعد موقعة تُسْتَر كان يقول: والله لقد ضُيِّعَتْ علينا صلاةُ الصبح، لصلاة الصبح عندي خير من ألف فتح. يتألم أبو موسى الأشعري من صلاة فجر ضيعها في وقتٍ السيوف فيه على الرقاب، ولم يتمكن من صلاتها إيماءً، فهو يحزن على ضياع هذه الصلاة وعنده ما يعتذر به، فلا بد من حمل هذا الأمر على محمل الجد، فتضييع صلاة الفجر أو تضييع فرض من الفروض أحد عوامل الهزيمة الرئيسية للمسلمين، فما نراه من ضعف قد حَلَّ بالمسلمين ليس له إلا سبب واحد، ذكره سيدنا عمر بن الخطاب للجيوش الإسلامية: "إنكم تُنصَرون عليهم بطاعتكم لله ومعصيتهم لله، فإن تساويتم في المعصية كانت لهم الغلبة عليكم بقوة العُدَّة والعتاد".

فبمجرد تخلِّي المسلمين عن طاعة الله يتخلَّى الله عنهم، وإن نصروه نصرهم، كما قال في كتابه: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: 7]؛ فنرى أن جحافل الفرس تُدَكُّ تحت سيوف المسلمين مع قلة المسلمين وكثرة الفرس، ورغم الحصون العظيمة التي يمتلكها الفرس إلا أنها لم تغنِ عنهم شيئًا، وهذا النصر يُتمُّه اللهُ للمؤمنين في حال طاعتهم له I، أما إذا عصى المسلمون أميرهم (وكما نعلم أن معصية الأمير معصية لله)، وارتُكِبت المعاصي، وتملكت الدنيا من قلوب المسلمين فستأتي الهزيمة، فالأمر في منتهى الوضوح، والرسالة قصيرة: وهي أن النصر لا يأتي إلا بطاعة، وما عند الله لا يُنَال إلا بطاعته، فلو فرَّطت الأمة في صلاة الصبح فلن يتنزل عليها النصر، ولو ضيعها فرد واحد فهذا الإنسان لن يُنصرَ في المحيط الذي يتعامل فيه، وإذا كان هذا هو دَيْدَن الأمة في وقت ما؛ فهذا يفسر تأخرها.

وقد يتعلل البعض بوقت صلاة الفجر، ولكن لم يكن الله ليفرض على الإنسان شيئًا يعجزه، فالله أعلم بما يصلحنا وما ينفعنا وهو أعلم بأنفسنا من أنفسنا، وما كان الله ليكلف نفسًا إلا وسعها، وهذا حتى يعلم الله الصابرين والصادقين في إيمانهم مع الله، وليمحص المؤمنين ممن يسير في الركاب، فإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة؛ ففي عهد الرسول كانت صلاة الفجر هي الفارقة بين المؤمن والمنافق، فهذه الصلاة ثقيلة على المنافق، وهذه رسالة من سيدنا أبي موسى الأشعري يوضح فيها للمسلمين مدى أهمية صلاة الفجر في حياة المسلم.

[1] الطمر: الثوب البالي.

[2] رواه الترمذي (3854)، وقال الألباني: صحيح. انظر حديث رقم (4573) في صحيح الجامع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2019, 1:47 am

أصحاب الرس فقصتهم كما ورد في رواية عن الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) هي كالتالي :
أتى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو .
فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا ، و أين كانت منازلهم ، و من كان ملكهم ، و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا أم لا ، و بما ذا أهلكوا ، فإني أجد في كتاب الله ذكرهم ، و لا أجد خبرهم ؟
فقال له علي ( عليه السلام ) : " لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ، و لا يحدثك به أحد بعدي إلا عني ، و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا أعرف تفسيرها ، و في أي مكان نزلت من سهل أو جبل ، و في أي وقت نزلت من ليل أو نهار ، و إن هاهنا لعلماً جماً ـ و أشار إلى صدره ـ و لكن طلابه يسير ، و عن قليل يندمون لو فقدوني " .
قال : " كان من قصتهم يا أخا تميم أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها " شاه درخت " ، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها " روشاب " كانت أنبطت لنوح ( عليه السلام ) بعد الطوفان ، و إنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض ، و ذلك بعد سليمان بن داود ( عليه السلام ) و كانت لهم اثنتا عشر قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق و بهم سمي ذلك النهر ، و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه و لا أعذب منه ، و لا قرى أكثر و لا أعمر منها ، تسمى إحداهن أبان ، و الثانية آذر ، و الثالثة دي ، و الرابعة بهمن ، و الخامسة إسفندار ، و السادسة فروردين ، و السابعة أرديبهشت ، و الثامنة خرداد ، و التاسعة مرداد ، و العاشرة تير ، و الحادي عشرة مهر ، و الثاني عشرة شهريورد ، و كانت أعظم مدائنهم إسفندار ـ و هي التي ينزلها ملكهم ، و كان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم ـ و بها العين و الصنوبرة ، و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الحبة و صارت شجرة عظيمة ، و حرموا ماء العين و الأنهار فلا يشربون منها و لا أنعامهم ، و من فعل ذلك قتلوه ، و يقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها ، و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم ، و قد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كُلّه من حرير فيها من أنواع الصور ، ثم يأتون بشاء و بقر فيذبحونها قربانا للشجرة ، و يشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطح دخان تلك الذبائح و قتارها في الهواء ، و حال بينهم و بين النظر إلى السماء خروا للشجرة سجدا ، يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجي‏ء فيحرك أغصانها و يصيح من ساقها صياح الصبي إني قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا و قروا عينا ، فيرفعون رءوسهم عند ذلك و يشربون الخمر و يضربون بالمعازف و يأخذون الدستبند ، فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون ، و إنما سمت العجم شهورها بآبان ماه ، و آذر ماه و غيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى ، لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا ، و عيد شهر كذا ، حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليها صغيرهم و كبيرهم فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج عليه من أنواع الصور و جعلوا له اثني عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم ، و يسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق و يقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجي‏ء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين كلها ، فيرفعون رءوسهم من السجود و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون .
فلما طال كفرهم بالله عز و جل و عبادتهم غيره بعث الله عز و جل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل و معرفة ربوبيته فلا يتبعونه .
فلما رأى شدة تماديهم في الغي و الضلال و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد و النجاح و حضر عيد قريتهم العظمى قال : يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي و الكفر بك و غدوا يعبدون شجرة لا تنفع و لا تضر ، فأيبس شجرهم أجمع ، و أرهم قدرتك و سلطانك .
فأصبح القوم و قد يبس شجرهم كلها ، فهالهم ذلك و قطع بهم و صاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء و الأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه ، و فرقة قالت لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها و يقع فيها و يدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه .
فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ ، و نزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة و أرسلوا فيها نبيهم و ألقموا فاها صخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء ، و قالوا نرجو الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها و يصدنا عن عبادتها و دفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان .
فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم و هو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني و شدة كربي فارحم ضعف ركني و قلة حيلتي و عجل بقبض روحي و لا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات .
فقال الله جل جلاله لجبرئيل : يا جبرئيل أ يظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي و أمنوا مكري و عبدوا غيري و قتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف و أنا المنتقم ممن عصاني و لم يخش عقابي ، و إني حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة و نكالا للعالمين ، فلم يرعهم و هم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيروا فيها و ذعروا منها و تضام بعضهم إلى بعض ، ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد ، و أظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب ، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار ، فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه و نزول نقمته و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم " ( بحار الأنوار : 14 / 148 ، نقلاً عن علل الشرايع و عيون أخبار الرضا عليه السلام )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2019, 1:48 am

قصة أصحاب الأيكة:
و جاء في قصص الأنبياء ( عليهم السلام ) بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى وَهْبٍ، قَالَ: َبَعَثَ اللَّهُ شُعَيْباً إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ وَ لَمْ يَكُونُوا فَصِيلَةَ شُعَيْبٍ وَ لَا قَبِيلَتَهُ الَّتِي كَانَ مِنْهَا، وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ بُعِثَ إِلَيْهِمْ شُعَيْبٌ، وَ كَانَ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ جَبَّارٌ وَ لَا يُطِيقُهُ أَحَدٌ مِنْ مُلُوكِ عَصْرِهِ، وَ كَانُوا يَنْقُصُونَ الْمِكْيَالَ وَ الْمِيزَانَ وَ يَبْخَسُونَ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَ تَكْذِيبِهِمْ لِنَبِيِّهِ وَ عُتُوِّهِمْ، وَ كَانُوا يَسْتَوْفُونَ إِذَا اكْتَالُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ وَزَنُوا لَهُ، فَكَانُوا فِي سَعَةٍ مِنَ الْعَيْشِ، فَأَمَرَهُمُ الْمَلِكُ بِاحْتِكَارِ الطَّعَامِ وَ نَقْصِ مَكَايِيلِهِمْ وَ مَوَازِينِهِمْ، وَ وَعَظَهُمْ شُعَيْبٌ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ: مَا تَقُولُ فِيمَا صَنَعْتُ، أَ رَاضٍ أَنْتَ أَمْ سَاخِطٌ؟
فَقَالَ شُعَيْبٌ: أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيَّ أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتَ يُقَالُ لَهُ مَلِكٌ فَاجِرٌ.
فَكَذَّبَهُ الْمَلِكُ وَ أَخْرَجَهُ وَ قَوْمَهُ مِنْ مَدِينَتِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: ﴿ ... لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا ... ﴾ 8 .
فَزَادَهُمْ شُعَيْبٌ فِي الْوَعْظِ.
فَقَالُوا: ﴿ ... يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء ... ﴾ 9 ، فَآذَوْهُ بِالنَّفْيِ مِنْ بِلَادِهِمْ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ وَ الْغَيْمَ حَتَّى أَنْضَجَهُمُ اللَّهُ، فَلَبِثُوا فِيهِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، وَ صَارَ مَاؤُهُمْ حَمِيماً لَا يَسْتَطِيعُونَ شُرْبَهُ، فَانْطَلَقُوا إِلَى غَيْضَةٍ لَهُمْ 10 ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَصْحابُ الْأَيْكَةِ 11 ، فَرَفَعَ اللَّهُ لَهُمْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ، فَاجْتَمَعُوا فِي ظِلِّهَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَاراً مِنْهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ، فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ... فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ... ﴾ 3 " 12 .
القرآن الكريم و قصة عذاب يوم الظلة:
﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ 





ما هو يوم الظلة المذكور في القران الكريم؟
يوم الظُلَّة: هو اليوم الذي أنزل فيه اللهُ القادرُ المنتقمُ العذابَ على قوم النبي شعيب ( عليه السَّلام ).
و الظلة: سِمةُ ذلك اليوم، حيث أن قوم شعيب ـ و هم أصحاب الأيكة 1 ـ عندما كذبوا شعيباً و لم يأخذوا بنصائحه و استهزؤا به و تحدَّوه بإنزال العذاب، بعث الله سحابة العذاب التي أظلتهم ثم أحرقتهم و أبادتهم جميعاً.

ففي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر 2 ( عليه السَّلام ) ... قوله: ﴿ ... عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ 3 ، فبلغنا ـ و الله أعلم ـ أنه أصابهم حَرٌّ و هم في بيوتهم، فخرجوا يلتمسون الرَوح من قِبَل السحابة التي بعث الله فيها العذاب، فلما غشيتهم أخذتهم الصيحة، ﴿ ... فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ 4 ، و هم قوم شعيب" 5 .
و قيل إنه كان لشعيب قومان قوم أهلكوا بالرجفة و قوم هم أصحاب الظلة 6 .
قال قتادة: أرسل شعيب مرتين، إلى مدين مرة، و إلى أصحاب الأيكة مرة، 7 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2019, 1:48 am

أصحاب الحجر؟؟

أصحاب الحجر هم ثمود قوم النبي صالح (عليه السلام). أمّا الحجر فهو اسم المنطقة التي بُعث فيها النبي صالح  لهداية أهلها، فسُمّوا بها ..
وقد لبث صالح (عليه السلام) فيهم يدعوهم إلى الله مدّة مائة وست عشرة سنة، لم يؤمن به خلالها أكثر من سبعين منهم .. وقال تعالى انهم كانوا ينحتون بيوتهم في الجبال - بوادي الحجرفي أرض الحجاز- من غير خوف , وقد مر به رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ذاهب الى تبوك فأسرع دابته وقال لأصحابه  " لَا تَدْخُلُوا بُيُوت الْقَوْم الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا خَشْيَة أَنْ يُصِيبكُمْ مَا أَصَابَهُم "ْ
آية صالح عليه السّلام
وأعظم آية ومعجزة للنبي صالح (عليه السلام) هي الناقة. فقد طالبه جماعة من قومه أن يُخرج لهم ناقة من بطن الجبل ليتبيّن لهم صدق دعواه. فإنّه إن كان نبياً استجاب الله دعوته. ولم يردّ صالح (عليه السلام) طلبهم فتوجّه إلى الله تعالى وسأله ذلك. فخرج صوت رهيب من الجبل ، وخرجت ناقة عظيمة من صخرة صماء, قيل إنّها كانت تعادل في ضخامتها عشرات النوق.
وكانت الناقة جميلة لا تؤذي شخصاً ولا حيواناً ولا زرعاً ولا شيئاً. وكانت تأكل من حشائش الأرض حتى إذا وصلت زرع الناس لم تنل منه حتى بمقدار حبة، وكانت لا تطأ في سيرها زرع أحد أو أنساناً أو حيواناً أو حشرة رغم ضخامتها بل كانت تتحاشى ذلك في مشيها وسيرها؛ وكانت الحيوانات الأخرى تخشاها بقدرة الله تعالى، وقد كانت تشرب في اليوم الواحد ماء القرية بأكمله، وتدع اليوم الذي يليه لأهل القرية يشربون منه. فكان لها شرب ولهم شرب يوم معلوم كما ورد في الآية الكريمة في قوله تعالى: «قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم». وكانت تعطي الحليب كل يوم بمقدار الماء الذي شربته. وتلك معجزة أخرى. فإنّ الحيوانات التي تعطي الحليب لا تعطي بمقدار ما شربته من ماء بل أقلّ منه بكثير، لكن هذه الناقة كانت معجزة في كلّ شؤونها ..
عقر الناقة
أعرض أصحاب الحجر عن الآيات كلها وقرّروا قتل الناقة بزعم أنّها تحرمهم من الماء يوماً كاملاً، مع أنّهم كانوا يستفيدون من حليبها .. ووعظهم نبيهم صالح قائلاً: إن عقرتم الناقة فإنّ الله تعالى سينزل عليكم عذاباً من عنده. فقالوا: فلينزل علينا العذاب فلا نبالي .. ولم يبالوا بتحذيرات النبي صالح (عليه السلام) وعقروا الناقة؛ عقرها أشقاهم ,ثم تقاسموا لحم الناقة بينهم ..
نزول العذاب
وهنا أخبرهم نبيهم (عليه السلام) أنّ الله سينزل عليهم العذاب بعد ثلاثة أيام، تصفرّ وجوههم في اليوم الأوّل، وتحمرّ في اليوم الثاني، وتسودّ في اليوم الثالث.. ثمّ ينزل عليهم العذاب إن لم يرجعوا حتى ذلك الحين ..
ومع أنّ هؤلاء القوم كذّبوا المرسَلين واستمرّوا في تكذيبهم حتى بعد نزول الآيات، إلا أن الله برحمته يمهلهم ثلاثة أيام عسى أن يتوبوا فيعفو عنهم ويقبلهم، ولكنّهم لم يرجعوا مع ذلك واستمرّوا في غيّهم، حتى كان اليوم التالي فاصفرّت وجوه الذين لم يؤمنوا بصالح (عليه السلام)، فقال ضعفاؤهم لكبرائهم: لقد اصفرّت وجوهنا وإنّ صالحاً صدق فيما قال. فأجابوهم: دعوها تصفرّ..
 وفي اليوم الثاني احمرّت وجوه القوم، لكنّ الأشقياء أجابوا المعترضين: لعلّ صالحاً سحركم، دعوها تحمرّ. حتى كان اليوم الأخير فاسودّت وجوههم فقالوا: لن نؤمن له ولو هلكنا , فأنزل الله عليهم صيحة قضت عليهم وأصبحوا في ديارهم جاثمين , ولم تغني عنهم بيوتهم ولازروعهم ولاأموالهم ...
‏ ونزل بهم جميعا ما يستحقون من غضب الله وتنكيله وبطشه نتيجة لعنادهم واستكبارهم وبعدهم عن الحق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2019, 1:49 am

قصة عاد قوم هود عليه السلام

{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ(18)إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ(19)تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ(20)فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ(21)وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ(22)}.

{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} أي كذبت عادٌ رسولهم هوداً فكيف كان إِنذاري لهم بالعذاب؟ ثم شرع في بيان ما حلَّ بهم من العذاب الفظيع المدمر فقال {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} أي أرسلنا عليهم ريحاً عاصفة باردة شديدة الهبوب والصوت، قال ابن عباس: الصرصر: الشديدة البرد، وقال السدي: الشديدة الصوت {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} أي في يومٍ مشؤوم دائم الشؤم، استمر عليهم بشؤمه فلم يبق منهم أحدٌ إِلا هلك فيه، قال ابن كثير: استمر عليهم نحسه ودماره، لأنه يوم اتصل فيه عذابهم الدنيوي بالأخروي {تَنزِعُ النَّاسَ} أي تقلع الريح القوم ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدقُّ رقابهم وتتركهم {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} أي كأنهم أُصول نخلٍ قد انقلعت من مغارسها وسقطت على الأرض، شبهوا بالنخل لطولهم وضخامة أجسامهم، قال الخازن: كانت الريح تقلعهم ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدق رقابهم، وتفصل رؤوسهم من أجسامهم فتبقى أجسامهم بلا رءوس كعجز النخلة الملقاة على الأرض {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} تهويلٌ لما حلَّ بهم من العذاب وتعجيبٌ من أمرهم أي كيف كان عذابي وإِنذاري لهم؟ ألم يكن هائلاً فظيعاً؟ {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}؟ كرره للتنبيه على فضل الله على المؤمنين بتيسير حفظ القرآن أي ولقد سهلنا القرآن للحفظ والفهم، فهل من متعظٍ ومعتبر بزواجر القرآن!؟

قصة ثمود قوم صالح عليه السلام

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ(23)فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ(24)أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ(25)سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ(26)إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ(27)وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ(28)فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ(29)فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ(30)إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ(31)وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ(32)}.

ثم أخبر تعالى عن قوم ثمود المكذبين لرسولهم صالح عليه السلام فقال {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ} أي كذبت ثمود بالإِنذارات والمواعظ التي أنذرهم بها نبيهم صالح {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} أي أنتَّبع إِنساناً مثلنا من آحاد الناس، ليس من الأشراف ولا العظماء، ونحن جماعة كثيرون؟ قال أبو حيّان: قالوا ذلك حسداً منهم واستبعاداً أن يكون نوع البشر يفضل بعضُه بعضاً هذا الفضل، فقالوا: أنكون جمعاً ونتبع واحداً منا؟ ولم يعلموا أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، ويفيض نور الهدى على من رضيه {إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ} أي إنا إِذا اتبعناه لفي خطأٍ وذهابٍ عن الحقِّ واضح، وجنون دائم، قال ابن عباس: سُعُر أي جنون من قولهم ناقة مسعورة كأنها من شدة نشاطها مجنونة {أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا} استفهام إِنكاري أي هل خصَّ بالوحي والرسالة وحده دوننا، وفينا من هو أكثر منه مالاً وأحسن حالاً؟ قال الإِمام الفخر الرازي: وفي الآية إِشارة إِلى ما كانوا ينكرونه بطريق المبالغة، وذلك لأن الإِلقاء انزلاق بسرعة، فكأنهم قالوا: الملك جسيم والسماء بعيدة فكيف ينزل عليه الوحي في لحظة؟ وقولهم "عليه" إِنكارٌ آخر كأنهم قالوا: ما أُلقي عليه ذكرٌ أصلاً، وعلى فرض نزوله فلا يكون عليه من بيننا وفينا من هو فوقه في الشرف والذكاء؟ وقولهم {أَؤُلْقِيَ} بدلاً من قولهم {أألقى اللهُ} إِشارة إِلى أن الإِلقاء من السماء غير ممكن فضلاً عن أن يكون من الله تعالى {بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} أي بل هو كاذب في دعوى النبوة، متجاوز في حد الكذب، متكبرٌ بطِرٌ يريد العلو علينا، وإِنما وصفوه بأنه {أَشِرٌ} مبالغة منهم في رفض دعواه كأنهم قالوا إنه كذب لا لضرورةٍ وحاجةٍ إِلى الخلاص كما يكذب الضعيف، وإِنما تكبَّر وبطر وطلب الرياسة عليكم وأراد أن تتبعوه فكذب على الله، فلا يلتفت إِلى كلامه لأنه جمع بين رذيلتين: الكذب والتكبر، وكلٌ منهما مانع من اتباعه، قال تعالى تهديداً لهم وردّاً لبهتانهم {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ} أي سيعلمون في الآخرة من هو الكذَّاب الأشر، هل هو صالح عليه السلام أم قومه المكذبون المجرمون؟ قال الألوسي: المراد سيعلمون أنهم هم الكذابون الأشرون، لكنْ أورد ذلك مورد الإِبهام إِيماءً إِلى أنه مما لا يكاد يخفى {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} أي مخرجوا الناقة من الصخرة الصماء محنة لهم واختباراً كما شاءوا وطلبوا، قال ابن كثير: أخرج الله لهم ناقة عظيمة عشراء، من صخرة صماء طبق ما سألوا، لتكون حجة الله عليهم في تصديق صالح عليه السلام فيما جاءهم به {فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ} أي فانتظرهم وتبصَّر ما يصنعون وما يُصنع بهم، واصبر على أذاهم فإِن الله ناصرك عليهم {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} أي وأعلِمْهم أنَّ الماء الذي يمرُّ بواديهم مقسومٌ بين ثمود وبين الناقة كقوله تعالى {لها شربٌ ولكم شربُ يوم معلوم} قال ابن عباس: إِذا كان يوم شربهم لا تشرب الناقةُ شيئاً من الماء وتسقيهم لبناً وكانوا في نعيم، وإِذا كان يوم الناقة شربت الماء كله فلم تُبق لهم شيئاً، وإِنما قال تعالى {بَيْنَهُمْ} تغليباً للعقلاء {كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} أي كل نصيب وحصة من الماء يحضرها من كانت نوبته، فإِذا كان يوم الناقة حضرت شربها، وإِذا كان يومهم حضروا شربهم {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} أي فنادت قبيلة ثمود أشقى القوم واسمه "قدار بن سالف" لقتل الناقة فتناول الناقة بسيفه فقتلها غير مكترث بالأمر العظيم {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} أي فكيف كان عقابي وإِنذاري لهم؟ ألم يكن فظيعاً شديداً؟! {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً} أي أهلكناهم بصيحة واحدة صاح بها جبريل عليه السلام فلم تبق منهم عين تطْرف {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} أي فصاروا هشيماً متفتتاً كيابس الشجر إِذا بلي وتحطَّم وداسته الأقدام، قال الإِمام الجلال: المحتظر هو الذي يجعل لغنمه حظيرةً من يابس الشجر والشوك يحفظهن فيها من الذئاب والسباع، وما سقط من ذلك فداسته فهو الهشيم {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}أي يسرناه للحفظ والاتعاظ فهل من معتبر؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2019, 1:49 am

قصة اهل تبع

تبع هو اسم جنس يطلق على من ملك اليمن، قال في التحرير والتنوير: تبع لقب لمن يملك جميع بلاد اليمن حميرا وسبأ وحضرموت، فلا يطلق على الملك لقب تبع إلا إذا ملك هذه المواطن الثلاثة. وقال ابن كثير: وقد كانت حمير وهم سبأ كلما ملك فيهم رجل سموه تبعا، كما يقال كسرى لمن ملك الفرس، وقيصر لمن ملك الروم، وفرعون لمن ملك مصر كافرا، والنجاشي لمن ملك الحبشة، وغير ذلك من أعلام الأجناس. أما سبب التسمية قال في التحرير والتنوير: قيل سموه تبعا باسم الظل لأنه يتبع الشمس كما يتبع الظل الشمس، ومعنى ذلك: أنه يسير بغزواته إلى كل مكان تطلع عليه الشمس، كما قال تعالى في ذي القرنين: فأتبع سببا * حتى إذا بلغ مغرب الشمس.. إلى قوله: لم نجعل لهم من دونها سترا، وقيل لأنه تتبعه ملوك مخاليف اليمن، وتخضع له جميع الأقيال والأذواء من ملوك مخاليف اليمن وأذوائه، فلذلك لقب تبعا لأنه تتبعه الملوك. وتبع المذكور في القرآن والذي هو محل سؤال السائل هو المسمى أسعد، والمكنى أبا كرب، كان قد عظم سلطانه وغزا بلاد العرب ودخل مكة ويثرب وبلغ العراق، ويقال: إنه الذي بنى مدينة الحيرة في العراق، وكانت دولة تبع في سنة ألف قبل البعثة المحمدية، وقيل كان في حدود السبعمائة قبل بعثة النبي صل الله عليه وسلم.

واختلف هل كان نبيا أو ملكا؟ فقال ابن عباس: كان تبع نبيا، وقال كعب: كان تبع ملكا من الملوك، وكان قومه كهانا، وكان معهم قوم من أهل الكتاب، فأمر الفريقين أن يقرب كل فريق منهم قربانا ففعلوا، فتقبل قربان أهل الكتاب فأسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: لا تسبوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا. وحكى قتادة أن تبعا كان رجلا من حمير، سار بالجنود حتى عبر الحيرة وأتى سمرقند فهدمها، حكاه الماوردي. وحكى الثعلبي عن قتادة أنه تبع الحميري، وكان سار بالجنود حتى عبر الحيرة، وبنى سمرقند وقتل وهدم البلاد. وقال الكلبي: تبع هو أبو كرب أسعد بن ملك يكرب، وإنما سمي تبعا لأنه تبع من قبله، وقال سعيد بن جبير: هو الذي كسا البيت الحبرات، وقال كعب: ذم الله قومه ولم يذمه

أما كيف تم هلاك قومه؟ فقد ذكر القرآن أن الله أهلكهم ولم يذكر كيفية إهلاكهم، وقد ذكر بعض المفسرين أن إهلاكهم كان بسيل العرم المذكور في سورة سبأ، قال ابن كثير: قوم تبع، وهم سبأ، حيث أهلكهم الله عز وجل وخرب بلادهم وشردهم في البلاد وفرقهم شذر مذر، كما تقدم ذلك في سورة سبأ. وقال في التحرير والتنوير: فبعد أن ضرب لهم المثل بمهلك قوم فرعون زادهم مثلا آخر هو أقرب إلى اعتبارهم به وهو مهلك قوم أقرب إلى بلادهم من قوم فرعون وأولئك قوم تبع، فإن العرب يتسامعون بعظمة ملك تبع وقومه أهل اليمن، وكثير من العرب شاهدوا آثار قوتهم وعظمتهم في مراحل أسفارهم وتحادثوا بما أصابهم من الهلاك بسيل العرم. فتبين مما تقدم أن تبع المذكور في القرآن مسلم صالح إن لم يكن نبياً، وأنه نجا من العذاب الذي أصاب قومه. قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: تعليق الإهلاك بقوم تبع دونه يقتضي أن تبعاً نجا من هذا الإهلاك، وأن الإهلاك سلط على قومه، قالت عائشة: ألا ترى أن الله ذم قومه ولم يذمه. والمروي عن النبي صل الله عليه وسلم في مسند أحمد وغيره أنه قال: لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم، وفي رواية كان مؤمنا، وفسره بعض العلماء بأنه كان على دين إبراهيم عليه السلام، وأنه اهتدى إلى ذلك بصحبة حبرين من أحبار اليهود لقيهما بيثرب حين غزاها وذلك يقتضي نجاته من الإهلاك. ولعل الله أهلك قومه بعد موته أو في مغيبه.



بآية في سورة الدخان وهي .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ الآيه 37 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2019, 2:02 am

"أصحاب الرس".. من هم.. وماذا فعلوا؟

يقول الله تعالى في سورة الفرقان: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا } وقال تعالى في سورة ق : {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ }.

يقول المفسرون إن أصحاب الرس، كانوا أقوامًا يعبدون شجرة صنوبر تُدعى شاهدرخت ؛ التي قد زرعها يافث بن نوح.

 وأُطلق عليهم لقب أصحاب الرس؛ لأنهم رسوا نبيهم في الأرض؛ كانوا يمتلكون اثنتي عشر قرية من بلاد المشرق موجودة على ضفاف نهر سُمي بنهر الرس نسبةً إلى اسمهم.

 والكلام كثير في بيان أصحاب الرس، ولا يوجد قول ثابت، فقيل: هم أهل أنطاكيَة الذين قتلوا حبيبا النجار مؤمن آل يس وطرحوه في البئر، وقيل: قوم من ولد يهوذا كانوا يَعبدون شجرة صنوبر قتلوا نبيهم ورَسُّوه في البئر. 

وقال وهب بن مُنَبِّه: أرسل الله شُعَيْبًا في قوم حول بئر فكذبوه، وقال قتادة: أصحاب الرسِّ وأصحاب الأيكة أمتان أرسل الله إليهما شعيبًا، وقيل: أصحابها قوم باليمامة، وقيل: هم أصحاب الأخدود، وقد يكون رسولهم ممن لم يَقُصَّهم الله على نبيِّه، وقيل: هم قوم حنظلة بن صفوان.


وفي زمن أصحاب الرس كان عندهم نهر غزير، لا أعذب منه؛ وتميزت قرى أصحاب الرس بأنها الأطول عمرًا؛ ومن أعظم مدنهم مدينة اسفندار؛ التي كانت بها العين المائية الخاصة بشجرة الصنوبر؛ وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من الصنوبر؛ وأجروا نهرًا لتلك العيون مأخوذة من العين الموجودة عند الصنوبرة الرئيسية، ثم قاموا بتحريم الشرب من تلك الأعين سواء الأشخاص أو الحيوانات، وأقاموا حكم القتل على من يفعل ذلك.

كانوا يعتقدون أن تلك الأعين التي تُروي شجر الصنوبر هي حياة آلهتهم؛ لذلك لا يجب الشرب من مصدر حياة الآلهة التي يعتقدون بها؛ كما كانوا يقدموا لذلك الشجر القرابين كل شهر لكل قرية بالتوالي على مدار العام ؛ فكانوا يذبحون الذبائح ويشعلون فيها النيران؛ فإذا بلغ دخانها عنان السماء واختفت الشجرة من أثر الدخان؛ سجدوا وهم يبكون ويتضرعون إلى الشجرة كي ترضى عنهم.

إلا أن الشيطان جاءهم أثناء توسلهم وحرك أغصان الشجرة؛ ثم يصيح أني قد رضيت عنكم؛ حينها يرقصون ويهللون شاربين الخمر وضاربين بالمعازف، ويستمرون هكذا طوال يومهم وليلتهم.

وكان أهل الرس يقيمون عيدهم الأكبر بالقرية العظمى التي يوجد بها شجرة الصنوبر الرئيسية ، والعين المتفرع منها باقي الأعين؛ فكان يحضر كل صغير وكبير من كل القرى؛ وكانوا يجعلون عند الشجرة سرادقًا من ديباج له اثنتا عشرة بابًا لكل قرية باب؛ فيسجدون لشجرة الصنوبر من خارج السرادق؛ وكانوا يُقربون لها الذبائح بكميات مضاعفة عن تلك التي قدموها في قراهم.

ويأتي الشيطان وقت الاحتفال وتقديم القرابين ليهز الشجرة؛ ويعدهم بالكثير من الأمنيات أكثر مما وعدهم أي شيطان ذهب في كل قرية؛ فيسجدون فرحًا؛ ويغرقون فيما بعد في شرب الخمور والعزف، ويستمرون على ذلك اثنا عشر يومًا بعدد قراهم واحتفالاتهم الأخرى.

وحينما طال كفرهم بالله عزوجل؛ بعث إليهم نبيًا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب؛ ليدعوهم لعبادة الله والبُعد عن الكف ؛ ولبث فيهم سنين عديدة؛ غير أنهم لم يستجيبوا له؛ فلما رأى كفرهم لا يتزعزع وموقفهم ثابت؛ قام بالدعاء عليهم بعد أن حضر أحد أعيادهم ورأى ما يحدث بها من كفر وفجور؛ فيبست أشجارهم بعد دعاء النبي عليهم ؛ وانقسموا حينها إلى فريقين؛ فريق يقول أن النبي سحر آلهتهم، وفريق آخر يقول إن الآلهة أعلنت غضبها حينما رأت هذا الرجل الذي يقول أنه نبي؛ فاتفقوا جميعًا على قتله.

بعد أن قتلوا نبي الله؛ أرسل الله عليهم ريحًا عاصفة وقت عيدهم؛ كما سارت الأرض من تحت أقدامهم متوجهة بحجر كبريت؛ وأظلتهم سحابة سوداء؛ ثم سقط عليهم جمرًا ملتهب لتذوب أجسادهم؛ وأهلكهم الله حتى لم يبقى لهم أثر






عزير بني إسرائيل.. هل هو نبي وما حكايته؟


من قصص القرآن قصة العزير .. والعزيز هذا من المختلف في نبوته، ففي الحديث، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أَدْرِي أَتُبَّعٌ لَعِينٌ هُوَ أَمْ لَا ؟ وَمَا أَدْرِي أَعُزَيْرٌ نَبِيٌّ هُوَ أَمْ لَا ؟) صححه الألباني في "صحيح أبي داود". 
لكن الثابت أنه رجل صالح من بني إسرائيل .. فما قصة هذا الرجل الصالح وأين ذكرها الله في القرآن..
وردت قصة العزير في سورة البقرة، قال الله تعالىSad أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/ 259 .
وقد مر هذا الرجل الصالح (عزير) على قرية (وهي بيت المقدس على المشهور)، بعد أن خربها الملك بختنصر وقتل أهلها – وتركها خاوية ليس فيها أحد، وحينها نظر عزير للقرية على هذا الحال وسأل نفسه سؤالا، وقال: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) لما رأى من شدة خرابها.
وهنا كتب الله عليه الموت، قال الله تعالى: (فأماته الله مائة عام ثم بعثه)، وعمر سبحانه الأرض حتى تكامل ساكنوها وتراجعت بنو إسرائيل إليها..ثم بعث الله عزير من جديد.. وكان أول شيء أحيا الله فيه: عينيه، لينظر بهما إلى صنع الله فيه، كيف يحيي بدنه؟، وسأله الله بواسطة الملك: (كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم)، قالوا: وذلك أنه مات أول النهار ثم بعثه الله في آخر نهار، فلما رأى الشمس باقية، ظن أنها شمس ذلك اليوم، فقال: (أو بعض يوم)؛ ( قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) وذلك: أنه كان معه فيما ذكر عنب وتين وعصير، فوجده كما فقده، لم يتغير منه شيء، لا العصير استحال، ولا التين حمض ولا أنتن، ولا العنب تعفن (وانظر إلى حمارك) أي: كيف يحييه الله عز وجل وأنت تنظر (ولنجعلك آية للناس) أي: دليلا على المعاد (وانظر إلى العظام كيف ننشزها) أي: نرفعها، فنركب بعضها على بعض ، وركب كل عظم في موضعه حتى صار حمارا قائما من عظام لا لحم عليها، ثم كساها الله لحما وعصبا وعروقا وجلدا، وذلك كله بمرأى من العزير، فعند ذلك لما تبين له هذا كله (قال أعلم أن الله على كل شيء قدير) أي: أنا عالم بهذا، وقد رأيته عيانا، فأنا أعلم أهل زماني بذلك.
وهذه القصة تؤكد حقيقة البعث وقدرة الله المطلقة على إحياء الناس بعد موتهم وفيها أيضا تذكرة للصالحين وأنهلا ينبغي أن يستبعدوا شيئًا عن قدرة الله تعالى





الشجرة الملعونة في القرآن.. لماذا لعنها وماهي صفاتها؟

يقول الله تعالى في سورة الإسراء: "وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا(60)" .

هكذا أنزل الله -عز وجل- في كتابه العزيز في سورة الإسراء، مشيرًا إلى شجرةٍ قال عنها إنها ملعونةٌ، فما هي تلك الشجرة التي ذكرها الله في كتابه العزيز، وأخبر بها نبيه الكريم، وما صفاتها؟ ولماذا لعنها؟.

يقول القرطبي نقلًا عن "البخاري" و"الترمذي" استنادًا منهما لكلام ابن عباس، إن الشجرة الملعونة في القرآن هي شجرة الزقوم، وهو ما أكده الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره.

وشجرة الزقوم ذُكرت في القرآن في موضوعين بسورتي الصافات والدخان، وفي كلاهما حملت صفات هذه الشجرة، التي ستكون في الآخرة طعامًا لأصحاب النار، لا تسمن ولا تغني من جوعٍ.

ومن أهم صفاتها التي ذُكرت في سورة الصافات، أن طلعها كأنه رؤوس الشياطين، وأن الله جعلها فتنةً للظالمين في دارٍ لا يموتون فيها ولا يحيون.

يقول الله تعالى في سورة "الصافات"، "أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)".

وفي الموضع الثاني في سورة الدخان، يقول عزّ من قال إن شجرة الزقوم ستكون طعامًا للأثيم، وأنها ستكون كالزيت المغلي "المهل" في بطون الكفار "إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)"






تعرف على المرأة التي أنزل الله فيها: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً"

قال الله تعالى : {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} سورة النور الآية 3.

لما قدم المهاجرون إلى المدينة وفيهم فقراء ليست لهم أموال، وبالمدينة نساء بغايا مسافحات يكرين أنفسهن، وهن يومئذ أخصب أهل المدينة، فرغب في كسبهن ناس من فقراء المهاجرين، فقالوا: "لو إنا تزوجنا منهن فعشنا معهن إلى أن يغنينا الله تعالى عنهن".

 فاستأذنوا النبي صل الله عليه وسلم، في ذلك، فنزلت هذه الآية وحرم فيها نكاح الزانية صيانة للمؤمنين عن ذلك.

 وقال عكرمة: نزلت الآية في نساء بغايا متعالمات بمكة والمدينة، وكن كثيرات، ومنهن تسع صواحب رايات، لهن رايات كرايات البيطار يعرفونها: "أم مهزول" جارية السائب بن أبي السائب المخزومي، و"أم غليظ" جارية صفوان بن أمية، و"حنة القبطية" جارية العاص بن وائل، و"مرية" جارية مالك بن عميلة و "عمثلة" بن السباق بن عبد الدار، و"حلالة" جارية سهيل بن عمرو، و"أم سويد" جارية عمرو بن عثمان المخزومي، و"شريفة" جارية زمعة بن الأسود، و"قرينة" جارية هشام بن ربيعة بن حيب بن حذيفة بن جبل بن مالك بن عامر بن لؤي، و"فرنتا" جارية هلال بن أنس بن جابر بن نمر بن غالب بن فهر.

 وكانت بيوتهن تسمى في الجاهلية "المواخير" لا يدخل عليهن ولا يأتيهن إلا زان من أهل القبلة أو مشرك من أهل الأوثان، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن ليتخذوهن مأكلة، فأنزل الله تعالى، هذه الآية، ونهى المؤمنين عن ذلك، وحرمه عليهم".


وورد أن امرأة يقال لها: "أم مهزول" كانت تسافح وكانت تشترط للذي يتزوجها أن تكفيه النفقة. وأن رجلًا من المسلمين أراد أن يتزوجها، فذكر ذلك للنبي، صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ} 3. وكان لمرثد صديقة في الجاهلية، يقال لها: عناق، وكان مرثد رجلًا شديدًا، وكان يقال له: دلدل، وكان يأتي مكة فيحمل ضعفة المسلمين إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلقي صديقته، فدعته إلى نفسها، فقال: إن الله قد حرم الزنا، قالت: إني تبرز. فخشي أن تشيع عليه، فرجع إلى المدينة فأتى رسول الله، صل الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كانت لي صديقة في الجاهلية، فهل ترى لي نكاحها؟ قال: فأنزل الله: {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ ... } .

وفي القرآن الكريم: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

 قال المفسرون: نزلت في معاذة ومسيكة جاريتي عبد الله بن أبي المنافق، كان يكرهها على الزنا لضريبة يأخذها منها. وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤاجرون إماءهم. فلما جاء الإسلام، قالت معاذة لمسيكة: إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين، فإن يك خيرًا فقد استكثرنا منه، وإن يك شرًّا فقد آن لنا أن ندعه. فأنزل الله تعالى هذه الآية. 

وقال مقاتل: نزلت في ست جوار لعبد الله بن أُبي كان يكرههن على الزنا ويأخذ أجورهن، وهن: معاذة، ومسيكة، وأميمة، وعمرة، وأروى، وقتيلة، فجاءت إحداهن ذات يوم بدينار، وجاءت أخرى بدونه، فقال لهما: إرجعا فازنيا. فقالتا.: والله لا نفعل، قد جاءنا الله بالإسلام وحرم الزنا. فأتيا رسول الله، صل الله عليه وسلم، وشكتا إليه. فأنزل الله تعالى هذه الآية".

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : نزلت هذه الآية في بعض من استأذن رسول الله صل الله عليه وسلم في نكاح نسوة كن معروفات بالزنا من أهل الشرك ، وكن أصحاب رايات ، يكرين أنفسهن ، فأنزل الله تحريمهن على المؤمنين ، فقال : الزاني من المؤمنين لا يتزوج إلا زانية أو مشركة ، لأنهن كذلك ; والزانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلا زان من المؤمنين أو المشركين أو مشرك مثلها ، لأنهن كن مشركات .





 صبر أيوب.. كيف عجزت حيل الشيطان معه؟

صارت قصة "أيوب" عليه السلام، مضرب الأمثال في الصبر، وذلك أن الله خصّه بهذه المزية، وهذا الخلق الرفيع، وأثنى عليه سبحانه وتعالى بقوله: "إنا وجدناه صابرًا.. نعم العبد إنه أواب".

وكان أيوب عليه السلام إذا أصابته مصيبة قال: "اللهم أنت أخذت وأنت أعطيت مما تبقى نفسه أحمدك على حسن بلائك".

وأوحى الله إلى أيوب عليه السلام أن سبعين نبيًا لما أخبرتهم بثواب الصبر على هذا البلاء، فكل منهم سألني أن يكون هو المبتلى، فلم أعطهم ذلك وجعلته لك تسمع الثناء عليك في الدنيا والآخرة :"إنا وجدناه صابرًا نعم العبد إنه أواب".

وكان من أولاد العيص بن اسحق بن إبراهيم، وكان كثير المال والعبادة، فحسده إبليس لما سمع ثناء الملائكة عليه فقال لو كان فقيرًا لما عبد الله لو سلطني عليه لم يقن مطيعًا، فسلطه الله على ماله، فأحرقه فبلغ أيوب ذلك، وقال: الحمد لله الذي أعطاني وأخذ منهي.

 فقال إبليس يا رب سلطني على أولاده فسلطه عليهم فحرك القصر عليهم من أسفله فهلك الكل، وكانوا في ضيافة كبيرهم، فدخل إبليس في صورة معلمهم، وأخبر أيوب بذلك فقال لو كان فيك خير لهلكت معهم.

 وقيل: إنه قال ليتني لم أخلق ففرح إبليس بذلك وصعد إلى السماء فوجد توبة أيوب قد سبقته".

كذلك العبد إذا وقع منه ذنب وتاب تسبق توبته الكتبة، فقال إبليس: يا رب سلطني على بدنه، فسلطه عليه، فتعلق به مثل الجدري ينبع منه القيح والدم فأخرجه من بلده وأكله الدود غير قلبه ولسانه، فتحير إبليس من صبره، فتصور لزوجه رحمة في صورة حسنة، وقال ما أصاب البلاء أيوب إلا أنه سجد لإله السماء ولم يسجد لإله الأرض، فقالت ومن إله الأرض قال: أنا فإذا سجد لي سجدة أرد عليه ذلك، فقالت حتى أستأذنه فاستأذنته، فقال لأجلدنك مائة جلدة حيث لم تقولي له إله السماء وإله الأرض واحد.

 قال الرازي في قوله تعالى:" وجعلوا لله شركاء الجن"،  نزلت في قوم قالوا أن الله خالق الإنسان والنبات وفاعل للخيرات وإبليس خالق العقارب والحيات والسباع والحشرات فكذبهم الله تعالى بقوله: "وخلقهم".
فكيف يكون المخلوق شريكًا للخالق، فلما أراد الله كشف الضر عن أيوب أرسل جبريل برمانة وسفرجلة فلما أكلهما تناثر الدود، ثم أمره أن يضرب برجله اليسرى الأرض، فخرج منها ماء حار وماء بارد، فشرب من البارد واغتسل من الحار، فرده الله إلى أحسن حال، فأراد أن يجلد زوجته لأجل القسم، فأمره الله شفقة عليها بأن يأخذ بيده ضغثا أي مائة من أصول السنبل، كذلك المؤمن تصيبه الحمى في الدنيا لأجل ما أقسم الله بقوله: "وإن منكم إلا واردها".

 ولما عوفي أيوب وقع في قلبه أنه صبر فنودي بعشرة آلاف صوت من فوق عشرة آلاف غمامة يا أيوب أنت صبرت أم نحن صبرناك فقال يا رب صبرتني.

 وقال القرطبي في تفسيره أوحى الله إليه لولا أني وضعت تحت كل شعرة صبرًا لما صبرت، فأرسل الله سبحانه وتعالى سحابة على قدر داره فأمطرت عليه ثلاثة أيام جرادًا من ذهب، فقال له جبريل هل شبعت؟، قال ومن يشبع من فضل الله ثم صحح أن مدة بلائه ثماني عشرة.

 قال الرازي في سورة الأنبياء قال النبي صل الله عليه وسلم إن أيوب بقي في بلائه ثماني عشرة سنة، ثم ذكر أن إبليس صاح من صبر أيوب فاجتمع عليه الشياطين، فقالوا مالك قال أعياني صبر أيوب، فقالوا أين مكرك الذي أهلكت به من مضى فقال ذهب كله في أيوب؟.

 فقالوا كيف أخرجت آدم من الجنة قال بسبب زوجته حواء؟، فقالوا خذ أيوب من قبل زوجته، فقال لها قولي لأيوب يذبح هذه السخلة ولا يسمي الله تعالى عليها، فيبرأ فجاءته، فقالت يا أيوب اذبح هذه السخلة، كما قال لها إبليس، فقال كم مكثنا في الرخاء والنعمة قالت ثمانين سنة، فقال ما أنصفت ربك حتى نصبر ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ولئن شفاني الله تعالى لأجلدنك مائة جلدة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالأحد 09 يونيو 2019, 1:51 am

ناقة النبى صالح 

ناقة النبى صالح .. هل خرجت من صخرة في جبل القهر بالجزيرة العربية؟ 

تسعة كفوف مخضبة بالدم .. وصوت غريب في تجويف صخري .. وقبور جماعية أثرية تطرح فرضية جديدة :
ناقة النبى صالح عليه السلام ..
هل خرجت من صخرة في جبل القهر بالجزيرة العربية؟
==========
جبل القهر أو "زهوان" اعجوبة طبيعية تدهش كل من يزوره ولا يمكن لمن لم يره بأم عينيه أن يتخيل مدى الجمال والروعة التي يتمتع بها هذا الجبل وهذا الجمال المسكون بالقسوة والمعاناة.. والحكايات والاساطير التي يرويها سكانه .. او تروى عنه وعمن مروا به خلال مراحل التاريخ. تشكيلات صخرية عجيبة كأنما نحتت بيد فنان تختلف اً عن كل ما يحيط بجبل القهر من جبال واودية ومناطق اخرى. حالت طبيعته الصخرية الوعرة والقاسية دون وصول التنمية إليه, ودون شق الطريق فيه طيلة السنوات الماضية. ومع ذلك فلا يمكن لك مع كل الخوف الذي يخالجك وانت تعبر طرقه الوعرة والخطرة الا ان تسير مشدوها بكل ما تمر به. صخور عجيبة.. كهوف .. غابات كثيفة .. أشجار نادرة .. وحكايات لا تخطر على البال أبداً. بعد ان تجتاز قرية الرهوة على قمة القهر تبدأ بالنزول من الجهة المقابلة للجبل عبر طريق وعرة جداً انحدارا الى منطقة صخرية واسعة تسمى "الواديين" يحيط بها جبل القهر من جميع جهاتها وكأنما هي وسط اناء صخري عميق, حيث تفاجأ ببعض الكهوف المسكونة على قمة الجبل, وبعض الغرف والمساكن الحجرية التي لا تتعدى في غالب الاحيان حجرة واحدة او حجرتين في مناطق متناثرة هنا وهناك, يمر خلالها طريق وعر جداً فوق الصخور يؤدي الى منطقة "الشامية" في جهة مقابلة اخرى على قمة القهر.وهذا الطريق يتصل احياناً عبر وصلات اسمنتية قام المواطنون برصفها على نفقتهم الخاصة ،
جاء ذلك في تقرير للدكتور محمد الحربي نشر اليوم السبت في جريدة "عكاظ" السعودية 26/1/2008م .
بعد عبور منطقة الواديين يتفرع الطريق الاسمنتي الى الشامية والى منطقة اخرى تسمى "الوادي الشرقي" وصلنا اليها بعد عناء ومشقة عبر الطريق الصخري الوعر.
أما منطقة الوادي الشرقي فكانت اكثر المناطق غرابة التي زرناها في منطقة القهر.. وما يردده السكان عنها اكثر غرابة من كل ما شاهدناه في جبل العجائب هذا. حيث يعتقد معظم الاهالي ان قوم ثمود قد عاشوا في جبل القهر, وان ناقة صالح قد خرجت من صخرة في جبل الشرقي وقد عقرت في نفس هذا المكان. حيث توجد صخرة بها تجويف ضخم يقولون ان الناقة خرجت من رحم هذه الصخرة, والى جانبها اثر على صخرة في الجبل يقولون انه مخرج الفصيل "صغير الناقة".
الكفوف التسعة
والى جانب هذه الصخرة يوجد منزل صغير بني من الحجر عبارة عن حجرة واحدة يقولون انه احد المنازل الثمودية الاثرية في المنطقة.
كما يوجد قريباً منه كهف كبير جداً يعتبر اعجوبة اثرية بحق, حيث يوجد على جدران الكهف آثار لتسعة كفوف مطبوعة على جدار الكهف يحيط بكل منها آثار حمراء متناثرة حول الاصابع يقولون انها آثار دماء, وهي آثار ثابتة لا يمكن ازالتها الا انه بمجرد ملامستها فان لونها الاحمر يطبع على يد من يلامسها. ويقولون انه لا يمكن ازالة هذه الآثار رغم محاولات بعض المخربين ازالتها من على جدار الكهف, حتى ان البعض استخدم طلقات نارية لازالتها, ويرددون حولها ما يشبه الاسطورة بأن هذه الآثار كانت تعود للظهور بعد كل محاولة تخريبية لازالتها وانتزاعها من مكانها. اما حكاية هذه الكفوف فهي حسب الاهالي تعود الى التسعة الذين عقروا ناقة صالح, وهم حسب الروايات التاريخية والاحاديث: "قدار بن سالف, ومصدع, وأخاه, وحراباً, ورعيناً, وداود خادم الاصنام, والمصرد, ومفرج وكثير" الذين وصفهم الله عز وجل في محكم التنزيل بقوله تعالى: 
{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ }النمل48
ويوجد اسفل جدار الكهف قبران احدهما كبير بين بطريقة تشير الى انه ليس على الطريقة الاسلامية يوجد بداخله جثة كاملة مغطاة تتناثر حولها الكثير من الجماجم والعظام المتناثرة حولها, مما يدل على انها دفنت مجتمعة داخل هذا القبر, والى جانبه قبر آخر اصغر من السابق توجد به ثلاث جماجم يبدو انها لرجل وامرأة وطفل بنفس طريقة الدفن الجماعي, ويشير الاهالي الى انها قد تعود جميعها او بعضها الى جثث الذين عقروا ناقة صالح.
والى الاسفل من الكهف توجد حفرة كبيرة بها آثار حريق محاطة بالحجارة على شكل دائرة وتوجد بنفس المنطقة آثار اخفاف ومنطقة يصدر منها صوت يشبه صوت الناقة. يدعم هذه الفرضية الطبيعة الصخرية للوادي الذي تسكنه هذه الآثار العجيبة. وتوجد في بعض المناطق القريبة منها آثار لهياكل عظمية وجماجم بشرية أثرية تفتح الباب على اكثر من سؤال: هل حقاً عاش قوم ثمود في جبل القهر؟ وهل خرجت ناقة صالح من صخرة في هذا الجبل العظيم؟
الفرضية الجديدة
هذه الفرضية التي تتردد على السن الاهالي لم تأت من فراغ فقد قام احد الباحثين وهو هادي علي ابو عامرية بتبني هذه الفرضية ورسم هذا السيناريو التاريخي لهذه الآثار, وبالمقابل واجهته الكثير من الآراء المعارضة لباحثين اثريين يرون ان قوم ثمود انما عاشوا في منطقة الحجر او ما يعرف بمدائن صالح.
ويقول ابو عامرية: لفت نظري ان معظم منحدرات جبال القهر منحوته بفعل فاعل لا بفعل عوامل التعرية, فبدأت في دارسة تلك الظاهرة, وسمعت عن أربعة معالم يتناقل سكان ذلك الموقع روايات عنها, اولها جبل مشقوق يسمع غير بعيد عنه ما يشبه صوت البعير, يقال: انه صغير ناقة صالح, والثاني صخرة طبعت فيها اكف تسعة نفر, يقال انهم عاقرو الناقة, والثالث اثر اخفاف في عرصة صخرية يقال هو اثر ناقة نبي الله صالح حيث خرجت من الصخرة, والرابع ارض صخرية يضرب لون صخورها الى حمرة يقال ان الناقة نحرت في ذلك الموضع, وان حمرة الصخور من اثر دمها فزادتني هذه المقولات رغبة في دراسة آثار ذلك الجبل, لاسيما أن من ضمن الآثار رسومات تعبر عن حياة امة موغلة في القدم, قبل معرفة الانسان الكتابة, ولقد هالني ان أجد دلائل ترجح ان تلك الآثار لقوم نبي الله صالح دون سواهم, لما لمسته من نحوت اعجازية, وتلك معجزة ثمود, فقد كانت معجزتهم التنافس في نحت الجبال. ويؤكد ابو عامرية ان من يزور ذلك الجبل في منطقة الريث بجازان يلاحظ اذا انحدر الى الواديين ان ينحرف يسارا ليشاهد جبلا في ارتفاع هرم خوفو, منحوت من قمته الى قاعدته, وقد وضعت امامه صخرتان متلاصقتان, اذا جلس الزائر على الصخرة التي الى الوادي, ورفع رأسه الى الجبل, سيرى الجبل فوقه كأنه ظله, وقد يقشعر بدنه, ليس هذا المهم, المهم انه سيرى حافة الجبل تقسم رأسه نصفين, تمر بمنتصف رأسه, واذا انتقل الى الصخرة الاخرى, بفارق بضع سنتيمترات, ونظر فوقه سيرى ان الجبل يظلله رغم بعده عن قاعدته". ويشير ابو عامرية الى ان الصخرتين وضعتا بحساب دقيق فوظيفة هذا الجبل المكهف الحماية من المطر, والصخرتان تحدانه من الامام, ومن يجلس على الصخرة التي في جهة الوادي, قد يصيبه رذاذ المطر اذا كان الريح عاصفاً, فاذا تزحزح شبرا وجلس على الصخرة الاخرى فلن يصيبه المطر البتة, ناهيك بمن يكون في القاعدة او بين الصخرتين, واصحاب المزارع التي تجاوره يضعون فيه قصب الذرة بسنابله حال حصاده ليجف دون ان يصيبه المطر, فهة يحميه من المطر ويوفر له الهواء كما لو كان في العراء, وهذا المفهوم توارثته الاجيال, وهذه العقود توجد في الغالب بالقرب من المزارع. ويضيف ابو عامرية: النحوت الاخرى التي رسمت تحتها لوحات ملونة, وبعضها غير ملونة سواء في الشرق او الشمال او في الواديين, هذه الصخور او الاجبال الصغيرة نحتت من أجل ان تصبح لوحات للرسم, وهناك لوحتان في الشرق, الاولى لوحة فارس, والصخرة التي رسمت فيها هذه اللوحة, منحوته على هيئة فطر "عش الغراب" وعمر هذه اللوحات بعمر هذه الحضارة, وهو في اعتقادي لا يقل عن خمسة آلاف سنة, ولا يزيد عن سبعة آلاف". 
ناقة صالح
وعن الصخرة التي ولدت ناقة نبي الله صالح عليه السلام يقول أبو عامرية ان جميع المؤرخين السلف, وكذلك المفسرين, ذكروا ان ثمودا طلبوا من نبيهم على سبيل التحدي ان يخرج لهم ناقة من صخرة بعينها, فواعدهم في يوم عيدهم الاجتماع عند الصخرة, ثم وقف امام الصخرة ودعا الله فتمخضت وخرجت منها ناقة عشراء, وفي جبل الشرقي في ارض شبه مستوية, توجد صخرة على جانب احد الاودية, مجوفة والقلع الذي خرج من جوفها, والذي تقلع عن جوانبها لا يزال موجودا ذات اليمين وذات الشمال منها, ويخترق هذه الصخرة التي اقدر ارتفاعها بخمسة عشر مترا او اقل قليلا, اثر ناقة يبدأ من جانبها الغربي - مما يلي الوادي - والأثر ليس قادما من غير الاكمة "الصخرة" وبجواره اثر فصيل حديث الولادة, ثم يخترق اثر الناقة الاكمة شرقاً, وينقطع اثر فصيلها, ومن يقف امام هذه الصخرة, ويحاول جهده ان يعزو هذا التجويف الكائن فيها, الى أي عامل من عوامل التعرية, فلن يستطيع نسبته الى غير خروج شيء من جوفها, فلم لا تكون تلك صخرة الناقة والاثر اثرها.
صخرة المعاهدات
ومن الشواهد التي تدعم الرأي القائل ان ثمود كانت في "جبل القهر" صخرة سميتها صخرة المعاهدات طبع على هذه الصخرة تسعة اكف باللون الزهري احداها لغلام, وتحت الصخرة قبران, يحويان تسع جثث, احداها لغلام, فاذا علمنا ان المفسدين في ثمود, الذين بيتوا قتل نبي الله صالح, وعقروا الناقة, كانوا تسعة, تاسعهم غلام, وهو من قتل الناقة, بعد ان تهيب قتلها الآخرون, وان التسعة اختبأوا تحت صخرة ينتظرون الليل حتى يقتلوا نبي الله, فأرسل الله عليهم ملائكة رضختهم بالحجارة حتى هلكوا, تحت تلك الصخرة, هل هذا مجرد توافق عددي؟ والاشد غرابة ان بين صخرة المعاهدات هذه, والصخرة التي خرجت منها الناقة, صورة باللون الزهري مرسومة باسلوب شبه بدائي, تعبر عن حيوان يخرج بمشقة من صخرة, " وليس في جزيرة العرب على مر التاريخ قصة حيوان ولدته صخرة, غير ناقة نبي الله صالح". ومما لا شك فيه ان هذه النظرية بحاجة ماسة الى دراسات متخصصة مستفيضة لاثبات صحتها من عدمه, لانها وبلا شك من شأنها ان تقلب عدة مفاهيم وحقائق تاريخية في حال ثبوتها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالأحد 09 يونيو 2019, 1:51 am

هدهد تتبعه مملكة 

حقيقة إن للحق مفعول عجيب
فإن صار مع الضعيف قواه
وإن صاحب الأذلاء أعزهم
وعلمنا القرآن أن نكون مع الحق دوما
فيا قارئ الموضوع انحز للحق مهما كان شأن حامله فها هو سيدنا سليمان عليه السلام وهو الملك الرسول 
وملكه لم ينبغِ لأحد من بعده سخر له الله الإنس والجن والطير والريح

ومع كل هذه العظمة لم يتردد لحظة في تسخير قوة مملكته لحسم قضية جاء بها الهدهد
سبحان الله
هذا الطائر الضعيف حرك الله به مملكة
هذا الطائر الصغير غير الله به مصير الملكة بلقيس
وهذا النبي الكريم عليه السلام تبع الحق ولو كان مع الهدهد على صغره وضعفه ومكانته فهو جندي في مملكة عظيمة
فهلا تواضعت لله وبحثت عن الحق حيث كان واتبعته ؟
وهلا حركت فيك غيرة الهدهد على التوحيد غيرتك على دينك فقررت العمل له ؟.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 01 يوليو 2019, 6:58 pm

(( والغـــه زوجه نـــــــوح عليه السلام ))

كانت والغه من فئه الاغنياء وشريحه اصحاب النفوذ
وتزوجها نوح عليه السلام قبل ان يختاره الله تعالي رسولا ونبيا

ولدت والغه من نوح (ياما - حاما - يافثا) وهؤلاء هم الأولاد
وايضا ابنه قيل ان اسمها (عابر)ا

وعندما حمل -عليه السلام- امانه الرساله وأصبح نبيا ورسولا
جنحت والغه الي طريق الضلاله
وكانت تراقب نوح زوجها ثم تنقل كل شئ الي قومها

ويالها من خيانه بل وايضا ترك الحق والهدي والباطل الي الضلال
واستمرت علي ذالك فزادها الله تعالي ضلالا واغفل قلبها عن الهدي والحق

وبعد ان قام نوح عليه السلام بأعباء الرساله خير قيام 
ودعي قومه الي الحق ولم يستجب له الا قليل
عندئذ دعا ربه ان يطهر الارض منهم فأستجاب له ربه
واوحي اليه بوسيله النجاه هو ومن اتبعه وهي سفيه نوح

وبدا نوح ومن اتبع في صنع السفيه 
وكانت زوجته والغه تسخر منه ومن صنعه وتظنه قد تم جنونا
كما كان يفعل قومه ويسخرو منه

( وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ) 
38 /هود

وبدا المطر ينزل والارض لا تتشرب المياه بل بدأ المياه يعلو ويعلو

وبدأ نوح عليه السلام هو ومن اتبعه يدخلون السفينه 

وكانت زوجته والغه ممن سبق عليهم القول
وأبت ان تدخل السفينه وأصرت علي البقاء مع قومها الذين اغرقو
فأدخلوا النار وكذالك ولده يام الذي ظن انه ناج اذا عتلي جبلا

ثم هبطت السفينه بعد ان غرق جميع من أبي ركوبها 
وكانت منهم والــــــــــــغه فكانت من المشركن .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 01 يوليو 2019, 7:11 pm

-قصة يوسف

1- يوسف (ذكر اسم يوسف في 26 آية من الكتاب الكريم: 24 آية في سورة يوسف وآية في الانعام (84) وآية في غافر (34) وقد ذكرت قصته مطولة في سورة يوسف.وقال النسفي في سبب نزول هذه السورة: ان كفار مكة لقي بعضهم اليهود وتباحثوا في ذكر محمد صل الله عليه وسلم فقال لهم اليهود: سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر ؟ وعن قصة يوسف.فنزلت) بن راحيل وقد أنزل الله عزوجل في شأنه وما كان من أمره سورة من القرآن العظيم ليتدبر ما فيها من الحكم والمواعظ والآداب والامر الحكيم.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (بسم الله الرحمن الرحيم آلر تلك آيات الكتاب المبين إنا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون.نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا اليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) [ يوسف: 1 - 3 ]

2-وجملة القول في هذا المقام أنه تعالى يمدح كتابه العظيم الذي انزله على عبده ورسوله الكريم بلسان عربي فصيح بين واضح جلي يفهمه كل عاقل ذكي زكي فهو أشرف كتاب نزل من السماء، أنزله أشرف الملائكة على أشرف الخلق في أشرف زمان ومكان.
بأفصح لغة وأظهر بيان.فإن كان السياق في الاخبار الماضية أو الآتية ذكر أحسنها وأبينها وأظهر الحق مما اختلف الناس فيه ودمغ الباطل وزيفه ورده.وإن كان في الاوامر والنواهي فأعدل الشرائع وأوضح المناهج وأبين حكمة وأعدل حكما.فهو كما قال تعالى (وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا) [ الانعام: 115 ].يعني صدقا في الاخبار، عدلا في الاوامر والنواهي ولهذا قال تعالى (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) [ يوسف: 3 ] أي بالنسبة إلى ما أوحى اليك فيه كما قال تعالى (وكذلك أوحينا اليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الارض ألا إلى الله تصير الامور) [ الشورى: 52 - 53 

وقال تعالى (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق.وقد آتيناك من لدنا ذكرا.من أعرض عنه فانه يحمل يوم القيامة وزرا.خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا) [ طه: 99 - 101 ]

يعني من أعرض عن هذا القرآن واتبع غيره من الكتب فإنه يناله هذا الوعيد كما قال في الحديث المروي في المسند والترمذي عن أمير المؤمنين علي مرفوعا وموقوفا " من ابتغى الهدى في غيره أضله الله ".

3-وقال الامام أحمد عن جابر: أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي صل الله عليه وسلم قال فغضب وقال: " أتتهوكون (التحير) فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شئ فيخبرونكم بحق فتكذبونه أو بباطل فتصدقونه والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني " (إسناد صحيح.) وفى رواية أحمد من وجه آخر : " والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم إنكم حظي من الامم وأنا حظكم من النبيين "

4-.وفي بعضها أن رسول الله صل الله عليه وسلم خطب الناس فقال في خطبته: " أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لي اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون. ثم أمر بتلك الصحيفة فمحيت حرفا حرفا

5-(إذ قال يوسف لابيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين.قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للانسان عدو مبين.وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الاحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم واسحق ان ربك عليم حكيم) [ يوسف: 4 - 6 ]

6- قد قدمنا أن يعقوب كان له من البنين اثنا عشر ولدا ذكرا وسميناهم وإليهم تنسب أسباط بني إسرائيل كلهم وكان أشرفهم وأجلهم وأعظمهم يوسف عليه السلام وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أنه لم يكن فيهم نبي غيره وباقي إخوته لم يوح إليهم.
وظاهر ما ذكر من فعالهم ومقالهم في هذه القصة يدل على هذا القول *

ومن استدل على نبوتهم بقوله (قالوا آمنا بالله وما أنزل الينا وما أنزل إلى إبراهيم واسمعيل واسحق ويعقوب والاسباط) [ البقرة: 136 ] وزعم أن هؤلاء هم الاسباط فليس استدلاله بالقوي لان المراد بالاسباط شعوب بني اسرائيل وما كان يوجد فيهم من الانبياء الذين ينزل عليهم الوحي من السماء والله أعلم.
7-ومما يؤيد أن يوسف عليه السلام هو المختص من بين إخوته بالرسالة والنبوة أنه نص على واحد من إخوته سواه فدل على ما ذكرناه ويستأنس لهذا بما قال الامام أحمد ، عن بن عمر أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: " الكريم بن الكريم ابن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم " (البخاري) "

8- قال المفسرون وغيرهم رأى يوسف عليه السلام وهو صغير قبل أن يحتلم كأن (أحد عشر كوكبا) وهم اشارة إلى بقية اخوته (والشمس والقمر) وهما عبارة عن أبويه قد سجدوا له فهاله ذلك فلما استيقظ قصها على أبيه فعرف أبوه أنه سينال منزلة عالية ورفعة عظيمة في الدنيا والآخرة بحيث يخضع له أبواه وإخوته فيها فأمره بكتمانها وأن لا يقصها على إخوته كيلا يحسدوه ويبغوا له الغوائل ويكيدوه بأنواع الحيل والمكر وهذا يدل على ما ذكرناه * ولهذا جاء في بعض الآثار: " استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها، فإن كل ذي نعمة محسود "،

9- وعند أهل الكتاب أنه قصها على أبيه وإخوته معا وهو غلط منهم (وكذلك يجتبيك ربك) أي وكما أراك هذه الرؤيا العظيمة فإذا كتمتها (يجتبيك ربك) أي يخصك بأنواع اللطف والرحمة (ويعلمك من تأويل الاحاديث) أي يفهمك من معاني الكلام وتعبير المنام ما لا يفهمه غيرك (ويتم نعمته عليك) أي بالوحي إليك (وعلى آل يعقوب) آي بسببك ويحصل لهم بك خير الدنيا والآخرة (كما أتمها على أبويك من قبل ابراهيم وإسحق) أي ينعم عليك ويحسن إليك بالنبوة كما أعطاها أباك يعقوب وجدك إسحق ووالد جدك إبراهيم الخليل (إن ربك عليم حكيم) كما قال تعالى (الله أعلم حيث يجعل رسالته).
لهذا قال رسول الله صل الله عليه وسلم لما سئل أي الناس أكرم قال: " يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله "

10-(لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين.إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين.اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين.قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين) [ يوسف: - 10 ].
ينبه تعالى على ما في هذه القصة من الآيات والحكم والدلالات والمواعظ والبينات.ثم ذكر حسد إخوة يوسف له على محبة أبيه له ولاخيه يعنون شقيقه لامه بنيامين أكثر منهم وهم عصبة أي جماعة يقولون فكنا نحن أحق بالمحبة من هذين (إن أبانا لفي ضلال مبين) أي بتقديمه حبهما علينا * ثم اشتوروا فيما بينهم في قتل يوسف أو إبعاده إلى أرض لا يرجع منها ليخلو لهم وجه أبيهم أي لتتمحض (تكون خالصة لهم) محبته لهم وتتوفر عليهم وأضمروا التوبة بعد ذلك.فلما تمالؤا على ذلك وتوافقوا عليه (قال قائل منهم) قال مجاهد هو شمعون * وقال السدي هو يهودا * وقال قتادة ومحمد بن اسحق هو أكبرهم روبيل

(لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة) أي المارة من المسافرين (ان كنتم فاعلين) ما تقولون لا محالة فليكن هذا الذي أقول لكم فهو أقرب حالا من قتله أو نفيه وتغريبه فأجمعوا رأيهم على هذا

11- فعند ذلك (قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون.قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون.قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون) [ يوسف: 11 - 14 ] طلبوا من أبيهم أن يرسل معهم أخاهم يوسف وأظهروا له أنهم يريدون أن يرعى معهم وأن يلعب وينبسط وقد أضمروا له ما الله به عليم فأجابهم الشيخ عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم.يا بني يشق علي أن أفارقه ساعة من النهار ومع هذا أخشى أن تشتغلوا في لعبكم وما أنتم فيه فيأتي الذئب فيأكله ولا يقدر على دفعه عنه لصغره وغفلتكم عنه.(قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون) أي لئن عدا عليه الذئب فأكله من بيننا أو اشتغلنا عنه حتى وقع هذا ونحن جماعة إنا إذا لخاسرون أي عاجزون هالكون.

وعند أهل الكتاب أنه أرسله وراءهم يتبعهم فضل عن الطريق حتى أرشده رجل إليهم.وهذا أيضا من غلطهم وخطئهم في التعريب فإن يعقوب عليه السلام كان أحرص عليه من أن يبعثه معهم فكيف يبعثه وحده

(فلما ذهبوا به واجمعوا ان يجعلوه في غيابت (غوره) الجب وأوحينا إليه لننبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون وجاؤا أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين.وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل.والله المستعان على ما تصفون) [ يوسف: 15 - 18 ] لم يزالوا بأبيهم حتى بعثه معهم فما كان إلا أن غابوا عن عينيه فجعلوا يشتمونه ويهينونه بالفعال والمقال واجمعوا على إلقائه في غيابت الجب أي في قعره على راعوفته وهي الصخرة التي تكون في وسطه يقف عليها المائح وهو الذي ينزل ليملي الدلاء إذا قل الماء والذي يرفعها بالحبل يسمى الماتح فلما ألقوه فيه أوحى الله إليه أنه لابد لك من فرج ومخرج من هذه الشدة التي أنت فيها ولتخبرن أخوتك بصنيعهم هذا في حال أنت فيها عزيز وهم محتاجون إليك خائفون منك (وهم لا يشعرون).

12-قال مجاهد وقتادة وهم لا يشعرون بايحاء الله إليه ذلك *
وعن ابن عباس وهم لا يشعرون أي لتخبرنهم بأمرهم هذا في حال لا يعرفونك فيها * * فلما وضعوه فيه ورجعوا عنه أخذوا قميصه فلطخوه بشئ من دم ورجعوا إلى أبيهم عشاء وهم يبكون أي على أخيهم.

ولهذا قال بعض السلف لا يغرنك بكاء المتظلم فرب ظالم وهو باك وذكر بكاء إخوة يوسف وقد جاءوا أباهم عشاء يبكون أي في ظلمة الليل ليكون أمشى لغدرهم لا لعذرهم (قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا) أي ثيابنا (فأكله الذئب) أي في غيبتنا عنه في استباقنا وقولهم (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) أي وما أنت بمصدق لنا في الذي أخبرناك من أكل الذئب له ولو كنا غير متهمين عندك فكيف وأنت تتهمنا في هذا فإنك خشيت أن يأكله الذئب وضمنا لك أن لا يأكله لكثرتنا حوله فصرنا غير مصدقين عندك فمعذور أنت في عدم تصديقك لنا والحالة هذه.

13-(وجاؤا على قميصه بدم كذب) أي مكذوب مفتعل لانهم عمدوا إلى سخلة (ولد الشاة) ذبحوها فأخذوا من دمها فوضعوه على قميصه ليوهموا أنه أكله الذئب قالوا ونسوا أن يخرقوه وآفة الكذب النسيان * ولما ظهرت عليهم علائم الريبة لم يرج صنيعهم على أبيهم فإنه كان يفهم عداوتهم له وحسدهم إياه على محبته له من بينهم أكثر منهم لما كان يتوسم فيه من الجلالة والمهابة التي كانت عليه في صغره لما يريد الله أن يخصه به من نبوته *

14- ولما راودوه عن أخذه فبمجرد ما أخذوه وأعدموه وغيبوه عن عينيه جاؤا وهم يتباكون وعلى ما تمالؤا عليه يتواطؤن ولهذا (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون).

15-[ وقال تعالى ]: (وجاءت سيارة فارسلوا واردهم فادلى دلوه.قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون.وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين.وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا ونتخذه ولدا.وكذلك مكنا ليوسف في الارض ولنعلمه من تأويل الاحاديث.والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين) [ يوسف: 19 - 22 ]
يخبر تعالى عن قصة يوسف حين وضع في الجب: أنه جلس ينتظر فرج الله ولطفه به، فجاءت سيارة أي مسافرون.

قال أهل الكتاب

: كانت بضاعتهم من الفستق والصنوبر والبطم قاصدين ديار مصر من الشام، فأرسلوا بعضهم ليستقوا من ذلك البئر، فلما أدلى أحدهم دلوه تعلق فيه يوسف فلما رآه ذلك الرجل (قال يا بشرى) أي يا بشارتي (هذا غلام وأسروه بضاعة) أي أوهموا أنه معهم غلام من جملة متجرهم (والله عليم بما يعملون) أي هو عالم بما تمالا عليه أخوته وبما يسره واجدوه من أنه بضاعة لهم ومع هذا لا يغيره تعالى لما له في ذلك من الحكمة العظيمة والقدر السابق والرحمة بأهل مصر مما يجري الله على يدي هذا الغلام الذي يدخلها في صورة أسير رقيق ثم بعد هذا يملكه ازمة الامور وينفعهم الله به في دنياهم وأخراهم بما لا يحد ولا يوصف.

16-ولما استشعر إخوة يوسف بأخذ السيارة له لحقوهم وقالوا هذا غلامنا أبق منا، فاشتروه منهم * بثمن بخس أي قليل نزر وقيل هو الزيف (دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين).قال ابن مسعود وابن عباس باعوه بعشرين درهما اقتسموها درهمين درهمين.
(وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته اكرمي مثواه) أي أحسني إليه (عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا) وهذا من لطف الله به ورحمته وإحسانه إليه بما يريد أن يؤهله له ويعطيه من خيري الدنيا والآخرة.

قالوا وكان الذي اشتراه من أهل مصر عزيزها وهو الوزير بها الذي [ تكون ] الخزائن مسلمة إليه * وكان ملك مصر يومئذ الريان بن الوليد رجل من العماليق قال واسم امرأة العزيز راعيل بنت رعاييل.وقال غيره كان اسمها زليخا والظاهر أنه لقبها.
وقال ابن عباس كان اسم الذي باعه بمصر يعني الذي جلبه إليها مالك بن ذعر بن نويب بن عفقا بن مديان بن ابراهيم فالله أعلم.

17-وقال ابن مسعود قال أفرس الناس ثلاثة عزيز مصر حين قال لامرأته اكرمي مثواه والمرأة التي قالت لابيها عن موسى (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين) [ القصص: 26 ] وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
ثم قيل اشتراه العزيز بعشرين دينارا. فالله أعلم وقوله (وكذلك مكنا ليوسف في الارض) أي وكما قيضنا هذا العزيز وامرأته يحسنان إليه ويعتنيان به مكنا له في أرض مصر (ولنعلمه من تأويل الاحاديث) أي فهمها.وتعبير الرؤيا من ذلك (والله غالب على أمره) أي إذا أراد شيئا فإنه يقيض له أسبابا وامورا لا يهتدي إليها العباد ولهذا قال تعالى: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون.ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين).فدل على أن هذا كله كان وهو قبل بلوغ الاشد.وهو حد الاربعين الذي يوحي الله فيه إلى عبادة النبيين عليهم الصلاة والسلام من رب العالمين.
وقد اختلفوا في مدة العمر الذي هو بلوغ الاشد: قال الحسن: أربعون سنة، ويشهد له قوله تعالى (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة) [ الاحقاف: 15 ].

18-(وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب.وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون.ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر والفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم.قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين.وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين.فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين) [ يوسف: 23 - 29 ].

يذكر تعالى ما كان من مراودة امرأة العزيز ليوسف عليه السلام عن نفسه وطلبها منه ما لا يليق بحاله ومقامه، وهي في غاية الجمال والمال والمنصب والشباب، وكيف غلقت الابواب عليها وعليه وتهيأت له، وتصنعت، ولبست أحسن ثيابها، وأفخر لباسها، وهي مع هذا كله امرأة الوزير * قال ابن اسحق: وبنت أخت الملك الريان بن الوليد صاحب مصر.وهذا كله مع أن يوسف عليه السلام شاب بديع الجمال والبهاء، إلا أنه نبي من سلالة الانبياء،

فعصمه ربه عن الفحشاء.وحماه عن مكر النساء.فهو سيد السادة النجباء السبعة الاتقياء.المذكورين في الصحيحين عن خاتم الانبياء.في قوله عليه الصلاة والسلام من رب الارض والسماء: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل.ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.ورجل معلق قلبه بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه.ورجلان تحابا في الله إجتمعا عليه وتفرقا عليه.ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه وشاب نشأ في عبادة الله.ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله " (متفق علية).

19-والمقصود أنها دعته إليها وحرصت على ذلك أشد الحرص فقال (معاذ الله إنه ربي) يعني زوجها صاحب المنزل سيدي (أحسن مثواي) أي أحسن إلي وأكرم مقامي عنده (إنه لا يفلح الظالمون)

وقد تكلمنا على قوله (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) بما فيه كفاية ومقنع في التفسير . والذي يجب أن يعتقد أن الله تعالى عصمه وبرأه ونزهه عن الفاحشة وحماه عنها وصانه منها * ولهذا قال تعالى (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين.واستبقا الباب) أي هرب منها طالبا إلى الباب ليخرج منه فرارا منها فاتبعته في أثره (والفيا) أي وجدا (سيدها) أي زوجها لدى الباب فبدرته بالكلام وحرضته عليه (قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب اليم).

اتهمته وهي المتهمة وبرأت عرضها ونزهت ساحتها فلهذا قال يوسف عليه السلام (هي راودتني عن نفسي) إحتاج إلى أن يقول الحق عند الحاجة (وشهد شاهد من أهلها) قيل كان صغيرا في المهد . وقيل كان رجلا قريبا إلى أطفير بعلها.وقيل قريبا إليها * وممن قال إنه كان رجلا ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن وقتادة والسدي ومحمد بن اسحاق وزيد بن أسلم فقال (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين) أي لانه يكون قد راودها فدافعته حتى قدت مقدم قميصه (وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) أي لانه يكون قد هرب منها فاتبعته وتعلقت فيه فانشق قميصه لذلك وكذلك كان.ولهذا قال تعالى (فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم) أي هذا الذي جرى من ****ن أنت (أنت الذي راودتيه عن نفسه) راودته عن نفسه * ثم اتهمته بالباطل ثم ضرب بعلها عن هذا صفحا فقال (يوسف أعرض عن هذا) أي لا تذكره لاحد لان كتمان مثل هذه الامور هو الاليق والاحسن وأمرها بالاستغفار لذنبها الذي صدر منها والتوبة إلى ربها فإن العبد إذا تاب إلى الله تاب الله عليه.

20-وأهل مصر وإن كانوا يعبدون الاصنام إلا أنهم يعلمون أن الذي يغفر الذنوب ويؤاخذ بها هو الله وحده لا شريك له في ذلك * ولهذا قال لها بعلها وعذرها من بعض الوجوه لانها رأت ما لا صبر لها على مثله إلا أنه عفيف نزيه برئ العرض سليم الناحية فقال استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين) (سورة يوسف الآية 29 وفيها: (واستغفري..) رجح الرازي أن يكون القائل هو الشاهد ; ويحتمل أن يكون المراد طلب المغفرة من الزوج أي طلب العفو والصفح، ويحتمل أن يكون المراد بالاستغفار من الله.لان أولئك الاقوام كانوا يثبتون الصانع ; إلا انهم كانوا يعبدون الاوثان).

21-(وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين.فلما سمعت بمكرهن أرسلت اليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن.فلما رأينه أكبرنه وقطعن إيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم.قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين.قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب اليهن وأكن من الجاهلين.فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم) [ يوسف: 30 - 34 ]

يذكر تعالى ما كان من قبل نساء المدينة، من نساء الامراء وبنات الكبراء (قال في تفسير الرازي: قال الكلبي هن أربع: امرأة ساقي العزيز، وامرأة خبازه، وامرأة صاحب سجنه - وامرأة صاحب دوابه.وزاد مقاتل: وامرأة الحاجب.) في الطعن على إمرأة العزيز وعيبها، والتشنيع عليها في مراودتها فتاها، وحبها الشديد له، وهو لا يساوي هذا لانه مولى من الموالي وليس مثله أهلا لهذا ولهذا قلن (إنا لنراها في ضلال مبين) أي في وضعها الشئ في غير محله (فلما سمعت بمكرهن)

أي بتشنيعهن عليها والتنقص لها والاشارة إليها بالعيب والمذمة بحب مولاها وعشق فتاها فأظهرن ذما وهي معذورة في نفس الامر، فلهذا أحبت أن تبسط عذرها عندهن، وتبين أن هذا الفتى ليس كما حسبن، ولا من قبيل ما لديهن فأرسلت إليهن فجمعتهن في منزلها.واعتدت لهن ضيافة مثلهن، وأحضرت في جملة ذلك شيئا مما يقطع بالسكاكين، كالاترج ونحوه، وأتت كل واحدة منهن سكينا، وكانت قد هيأت يوسف عليه السلام وألبسته أحسن الثياب وهو في غاية طراوة الشباب، وأمرته بالخروج عليهن بهذه الحالة.فخرج وهو أحسن من البدر لا محالة.(فلما رأينه أكبرنه) أي اعظمنه وأجللنه

وهبنه (في قول للرازي: أكبرن بمعنى حضن، قال الازهري يقال: أكبرت المرأة إذا حاضت ; وهو أن المرأة إذا خافت وفزعت فربما اسقطت ولدها ; وربما حاضت. وقال: وعندي يحتمل انهن إنما أكبرنه لانهن رأين عليه نور النبوة وسيما الرسالة، وآثار الخضوع والاحتشام.وحمل الآية على هذا الوجه أولى) وما ظنن أن يكون مثل هذا في بني آدم وبهرهن حسنه حتى اشتغلن عن أنفسهن وجعلن يحززن في إيديهن بتلك الساكين ولا يشعرن بالجراح (وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم).وقد جاء في حديث الاسراء: " فمررت بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن ".

22-قال السهيلي وغيره من الائمة: معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام، لان الله تعالى خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه فكان في غاية نهايات الحسن البشرى، ولهذا يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم وحسنه، ويوسف كان على النصف من حسن آدم.ولم يكن بينهما أحسن منهما، كما أنه لم تكن أنثى بعد حواء أشبه بها من سارة إمرأة الخليل عليه السلام.
قال ابن مسعود: وكان وجه يوسف مثل البرق، وكان إذا أتته امرأة لحاجة غطى وجهه 

وقال غيره: كان في الغالب مبرقعا لئلا يراه الناس.ولهذا لما قام عذرن امرأة العزيز في محبتها لهذا المعنى المذكور، وجرى لهن وعليهن ما جرى، من تقطيع أيديهن بجراح السكاكين، وما ركبهن من المهابة والدهش عند رؤيته ومعاينته: (قالت فذلكن الذي لمتنني فيه) ثم مدحته بالعصمة (وبالعفة) التامة فقالت (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) أي امتنع (ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين) وكان بقية النساء حرضنه على السمع والطاعة لسيدته، فأبى أشد الاباء.ونأى لانه من سلالة الانبياء

23-ودعا فقال في دعائه لرب العالمين (رب السجن أحب الي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب اليهن وأكن من الجاهلين) يعني إن وكلتني إلى نفسي، فليس لي من نفسي إلا العجز والضعف ولا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله فأنا ضعيف إلا ما قويتني وعصمتني وحفظتني وحطني بحولك وقوتك.

ولهذا قال تعالى: (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم.ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين.ودخل معه السجن فتيان.قال احدهما إني أراني أعصر خمرا.وقال الآخر إني أراني احمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين.قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون.واتبعت ملة آبائي إبراهيم واسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون.يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار.ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون.يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الامر الذي فيه تستفتيان) [ يوسف: 34 - 41 ].

يذكر تعالى عن العزيز وامرأته أنهم بدا لهم أي ظهر لهم من الرأي بعدما علموا براءة يوسف أن يسجنوه إلى وقت ليكون ذلك أقل لكلام الناس في تلك القضية وأخمد لامرها وليظهروا أنه راودها عن نفسها فسجن بسببها فسجنوه ظلما وعدوانا.وكان هذا مما قدر الله له * ومن جملة ما عصمه به فإنه أبعد له عن معاشرتهم.ومخالطتهم * قال الله (ودخل معه السجن فتيان) قيل كان أحدهما ساقي الملك واسمه فيما قيل " نبو " والآخر خبازه يعني الذي يلي طعامه " واسمه فيما قيل " محلب " كان الملك قد اتهمهما في بعض الامور فسجنهما فلما رأيا يوسف في السجن أعجبهما سمته وهديه ودله وطريقته وقوله وفعله وكثرة عبادته ربه وإحسانه إلى خلقه فرأى كل واحد منهما رؤيا تناسبه *

24-قال أهل التفسير رأيا في ليلة واحدة * أما الساقي فرأى كأن ثلاث قضبان من حبلة وقد أورقت وأينعت عناقيد العنب فأخذها فاعتصرها في كأس الملك وسقاه، ورأى الخباز على رأسه ثلاث سلال من خبز وضواري الطيور تأكل من السل الاعلى فقصاها عليه وطلبا منه أن يعبرهما لهما وقالا (إنا نراك من المحسنين) فأخبرهما أنه عليم بتعبيرها خبير بأمرها
و (قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما) *

قيل معناه مهما رأيتما من حلم فأني أعبره لكم قبل وقوعه فيكون كما أقول * وقيل معناه إني أخبركما بما يأتيكما من الطعام قبل مجيئه حلوا أو حامضا كما قال عيسى (وانبئكم بما تأكلون وما
تدخرون في بيوتكم) [ آل عمران: 49 ] وقال لهما إن هذا من تعليم الله إياي لاني مؤمن به موحد له متبع ملة آبائي الكرام إبراهيم الخليل وإسحاق ويعقوب (ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا) أي بأن هدانا لهذا (وعلى الناس) أي بأن امرنا أن ندعوهم إليه ونرشدهم وندلهم عليه وهو في فطرهم مركوز وفي جبلتهم مغروز (ولكن أكثر الناس لا يشكرون) *

25- ثم دعاهم إلى التوحيد وذم عبادة ما سوى الله عزوجل وصغر أمر الاوثان وحقرها وضعف أمرها.فقال (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله) [ يوسف: 39 - 40 ] أي هو المتصرف في خلقه الفعال لما يريد الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء (أمر أن لا تعبدوا إلا أياه) أي وحده لا شريك له و (ذلك الدين القيم) أي المستقيم والصراط القويم (ولكن أكثر الناس لا يعلمون)

أي فهم لا يهتدون إليه مع وضوحه وظهوره وكانت دعوته لهما في هذه الحال في غاية الكمال لان نفوسهما معظمة له منبعثة على تلقي ما يقول بالقبول فناسب أن يدعوهما إلى ما هو الانفع لهما مما سألا عنه وطلبا منه * ثم لما قام بما وجب عليه وارشد إلى ما أرشد إليه قال (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا) قالوا وهو الساقي (وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه) قالوا وهو الخباز (قضي الامر الذي فيه تستفتيان) أي وقع هذا لا محالة ووجب كونه على حالة
ولهذا جاء في الحديث: " الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت ".

26-وقد روي عن بن مسعود ومجاهد وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (أنهما قالا لم نر شيئا) فقال لهما (قضي الامر الذي فيه تستفتيان.وقال للذي ظن أنه ناج منها اذكرني عند ربك فانساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين) [ يوسف: 42 ]
يخبر تعالى أن يوسف عليه السلام قال للذي ظنه ناجيا منها وهو الساقي (أذكرني عند ربك) يعني اذكر أمري وما أنا فيه من السجن بغير جرم عند الملك * وفي هذا دليل على جواز السعي في الاسباب * ولا ينافي ذلك التوكل على رب الارباب.وقوله (فأنساه الشيطان ذكر ربه) أي فانسى الناجي منهما الشيطان أن يذكر ما وصاه به يوسف عليه السلام * وهو الصواب وهو منصوص أهل الكتاب فلبث يوسف في السجن بضع سنين والبضع ما بين الثلاث إلى التسع * وقيل إلى السبع * وقيل إلى الخمس * وقيل ما دون العشرة.

وقال الله تعالى (فلبث في السجن بضع سنين) * وفي الصحيح: " الايمان بضع وستون " وفي رواية وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الاذى عن الطريق " (البخاري).

فأما قول ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم " رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قالها: اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث ورحم الله لوطا أن كان ليأوي إلى ركن شديد إذ قال لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد قال: فما بعث الله نبيا بعده إلا في ثروة من قومه ".فإنه حديث منكر والذي في الصحيحين يشهد بغلطها والله أعلم.

17-(وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات.يا أيها الملا أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون.قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الاحلام بعالمين.وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون.يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون.قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون.ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون.ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) [ يوسف: 43 - 49 ]

هذا كان من جملة أسباب خروج يوسف عليه السلام من السجن على وجه الاحترام والاكرام، وذلك أن ملك مصر، وهو الريان بن الوليد ، رأى هذه الرؤيا.
قال أهل الكتاب رأى كأنه على حافة نهر وكأنه قد خرج منه سبع بقرات سمان فجعلن يرتعن في روضة هناك فخرجت سبع هزال ضعاف من ذلك النهر، فرتعن معهن، ثم ملن عليهن، فأكلنهن فاستيقظ مذعورا.ثم نام فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة، وإذا سبع أخر دقاق يابسات فأكلنهن، فاستيقظ مذعورا.فلما قصها على ملئه وقومه لم يكن فيهم من يحسن تعبيرها بل (قالوا أضغاث أحلام) أي أخلاط أحلام من الليل لعلها لا تعبير لها، ومع هذا فلا خبرة لنا بذلك، ولهذا قالوا
(وما نحن بتأويل الاحلام بعالمين) فعند ذلك تذكر الناجي منهما الذي وصاه يوسف بأن يذكره عند ربه فنسيه إلى حينه هذا.وذلك عن تقدير الله عزوجل وله الحكمة في ذلك فلما سمع رؤيا الملك ورأى عجز الناس عن تعبيرها تذكر أمر يوسف وما كان أوصاه به من التذكار.

18-ولهذا قال تعالى (وقال الذي نجا منهما وأدكر) أي تذكر (بعد أمة) أي بعد مدة من الزمان وهو بضع سنين أي بعد قال الشاعر.

امهت وكنت لا أنسى حديثا * كذاك الدهر يزري بالعقول.
فقال لقومه وللملك (أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون) أي فأرسلوني إلى يوسف فجاءه فقال (يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون) وعند أهل الكتاب أن الملك لما ذكره له الساقي إستدعاه إلى حضرته وقص عليه ما رآه ففسره له وهذا غلط والصواب ما قصه الله في كتابه القرآن لا ما عرفه هؤلاء الجهلة الثيران، من فرى وهذيان وفي أخرى: من افتراء وهذيان .
فبذل يوسف عليه السلام ما عنده من العلم بلا تأخر ولا شرط ولا طلب الخروج سريعا بل أجابهم إلى ما سألوا وعبر لهم ما كان من منام الملك الدال على وقوع سبع سنين من الخصب ويعقبها سبع جدب

فالسمان المخاصيب والعجاف هن السنون المحول الجدوب) *

(ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس) يعني يأتيهم الغيث والخصب والرفاهية (وفيه يعصرون) يعني ما كانوا يعصرونه من الاقصاب والاعناب والزيتون والسمسم وغيرها فعبر لهم.وعلى الخير دلهم وأرشدهم إلى ما يعتمدونه في حالتي خصبهم وجدبهم وما يفعلونه من ادخار حبوب سني الخصب في السبع الاول في سنبله إلا ما يرصد بسبب الاكل ومن تقليل البذر في سني الجدب في السبع الثانية إذ الغالب على الظن أنه لا يرد البذر من الحقل * وهذا يدل على كمال العلم وكمال الرأي والفهم.

19-(وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فأسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ان ربي بكيدهن عليم.
قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين.ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين * وما أبرئ نفسي أن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي ان ربي غفور رحيم) [ يوسف: 50 - 53 ].

لما أحاط الملك علما بكمال علم يوسف عليه الصلاة والسلام وتمام عقله ورأيه السديد وفهمه أمر بإحضاره إلى حضرته ليكون من جملة خاصته فلما جاءه الرسول بذلك أحب أن لا يخرج حتى يتبين لكل أحد أنه حبس ظلما وعدوانا وأنه برئ الساحة مما نسبوه إليه بهتانا (قال ارجع إلى ربك) يعني الملك (فأسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ان ربي بكيدهن عليم)

قيل معناه إن سيدي العزيز يعلم براءتي مما نسب إلي أي فمر الملك فليسألهن كيف كان امتناعي الشديد عند مراودتهن إياي وحثهن لي على الامر الذي ليس برشيد ولا سديد.فلما سئلن عن ذلك اعترفن بما وقع من الامر وما كان منه من الامر الحميد (وقلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء) فعند ذلك (قالت امرأة العزيز) وهي زليخا (الآن حصحص الحق) أي ظهر وتبين ووضح والحق أحق أن يتبع (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) أي فيما يقوله من أنه برئ وانه لم يراودني وأنه حبس ظلما وعدوانا وزورا وبهتانا.

20-وقوله (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) قيل إنه من كلام يوسف أي إنما طلبت تحقيق هذا ليعلم العزيز أني لم أخنه بظهر الغيب.وقيل إنه من تمام كلام زليخا أي إنما اعترفت بهذا ليعلم زوجي أني لم أخنه في نفس الامر وإنما كان مراده لم يقع معها فعل فاحشة وهذا القول هو الذي نصره طائفة كثيرة من أئمة المتأخرين وغيرهم ولم يحك ابن جرير وابن أبي حاتم سوى الاول.
(وما ابرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) قيل إنه من كلام يوسف وقيل من كلام زليخا وهو مفرع على القولين الاولين.وكونه من تمام كلام زليخا أظهر وأنسب وأقوى والله أعلم

21- (وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين.قال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم.وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين.ولاجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون) [ يوسف: 54 - 57 ].

لما ظهر للملك براءة عرضه ونزاهة ساحته عما كانوا أظهروا عنه مما نسبوه إليه (قال ائتوني به استخلصه لنفسي) أي اجعله من خاصتي ومن أكابر دولتي ومن أعيان حاشيتي فلما كلمه وسمع مقاله وتبين حاله

(قال إنك اليوم لدينا مكين أمين) أي ذو مكانة وأمانة (قال اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم) طلب أن يوليه النظر فيما يتعلق بالاهراء لما يتوقع من حصول الخلل فيها بعد بعد مضي سبع سني الخصب لينظر فيها بما يرضي الله في خلقه من الاحتياط لهم والرفق بهم وأخبر الملك إنه حفيظ أي قوي على حفظ ما لديه أمين عليه عليم بضبط الاشياء ومصالح الاهراء وفي هذا دليل على جواز طلب الولاية لمن علم من نفسه الامانة والكفاءة *

وعند أهل الكتاب أن فرعون عظم يوسف عليه السلام جدا وسلطه على جميع أرض مصر وألبسه خاتمه وألبسه الحرير وطوقه الذهب وحمله على مركبه الثاني ونودي بين يديه أنت رب ومسلط وقال له لست أعظم منك إلا بالكرسي.قالوا وزوجه إمرأة عظيمة الشأن.
و إنه لما مات زوجه إمرأته زليخا فوجدها عذراء لان زوجها كان لا يأتي النساء فولدت ليوسف عليه السلام رجلين وهما أفرايم ومنشا قال واستوثق ليوسف ملك مصر وعمل فيهم بالعدل فأحبه الرجال والنساء.

22- قال الله تعالى (وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبوأ منها حيث يشاء) أي بعد السجن والضيق والحصر صار مطلق الركاب بديار مصر (يتبوأ منها حيث يشاء) أي أين شاء حل منها مكرما محسودا معظما (نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين) أي هذا كله من جزاء الله وثوابه للمؤمن مع ما يدخر له في آخرته من الخير الجزيل والثواب الجميل.وهذا قال (ولاجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون)

ويقال إن أطفير زوج زليخا كان قد مات فولاه الملك مكانه وزوجه إمرأته زليخا فكان وزير صدق.وذكر محمد بن اسحق أن صاحب مصر - الوليد بن الريان - أسلم على يدي يوسف عليه السلام فالله أعلم.وقد قال بعضهم.

وراء مضيق الخوف متسع الامن * وأول مفروح به غاية الحزن

فلا تيأسن فالله ملك يوسفا * خزائنه بعد الخلاص من السجن

23-(وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون.ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوف الكيل وأنا خير المنزلين.فان لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون.قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون.وقال لفتيانه إجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون) [ يوسف: 58 - 62 ]

يخبر تعالى عن قدوم إخوة يوسف عليه إلى الديار المصرية يمتارون طعاما وذلك بعد إتيان سني الجدب وعمومها على سائر البلاد والعباد.وكان يوسف عليه السلام إذ ذاك الحاكم في أمور الديار المصرية دينا ودنيا.فلما دخلوا عليه عرفهم ولم يعرفوه لانهم لم يخطر ببالهم (في عدم معرفتهم له وجوه: انه أمر حجابه أن يوقفوهم بعيدا عنه ولم يتكلم معهم إلا بالواسطة مع مهابة الملك وشدة الحاجة يوجبان كثرة الخوف.- تغيره بعد إلقائه في الجب منذ زمن بعيد - قيل أربعون سنة)

ما صار إليه يوسف عليه السلام من المكانة والعظمة فلهذا عرفهم وهم له منكرون.
وعند أهل الكتاب أنهم لما قدموا عليه سجدوا له فعرفهم وأراد أن لا يعرفوه فأغلظ لهم في القول: وقال: أنتم جواسيس، جئتم [ لنا ] لتأخذوا خير بلادي.فقالوا معاذ الله إنما جئنا نمتار لقومنا من الجهد والجوع الذي أصابنا، ونحن بنو أب واحد من كنعان، ونحن اثنا عشر رجلا ذهب منا واحد، وصغيرنا عند أبينا، فقال: لابد أن أستعلم أمركم *

.....  يتع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 01 يوليو 2019, 7:13 pm

....  تابع

-قصة يوسف

24-قال الله تعالى (فلما جهزهم بجهازهم) أي أعطاهم من الميرة ما جرت به عادته في إعطاء كل إنسان حمل بعير لا يزيده عليه

(قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم) وكان قد سألهم عن حالهم وكم هم فقالوا كنا إثني عشر رجلا فذهب منا واحد وبقي شقيقه عند أبينا فقال إذا قدمتم من العام المقبل فأتوني به معكم (ألا ترون أنى أوف الكيل وأنا خير المنزلين) أي قد أحسنت نزلكم وقراكم فرغبهم ليأتوه به ثم رهبهم إن لم يأتوه به قال: (فإن لم تأتون به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون)

أي فلست أعطيكم ميرة ولا أقربكم بالكلية عكس ما أسدي إليهم أولا فاجتهد في إحضاره معهم ليبل شوقه منه بالترغيب والترهيب (قالوا سنراود عنه أباه) أي سنجتهد في مجيئه معنا وإتيانه إليك بكل ممكن (وإنا لفاعلون) أي وإنا لقادرون على تحصيله.ثم أمر فتيانه أن يضعوا بضاعتهم وهي ما جاؤا به يتعوضون به عن الميرة في أمتعتهم من حيث لا يشعرون بها (لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون) قيل أراد أن يردوها إذا وجدوها في بلادهم.
وقيل خشي أن لا يكون عندهم ما يرجعون به مرة ثانية.وقيل تذمم أن يأخذ منهم عوضا عن الميرة.

25- (فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون.قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم.قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير.

قال لن أرسله معكم حتى تؤتوني موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم.فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل.وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شئ إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون.ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شئ إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون) [ يوسف: 63 - 68 ].

يذكر تعالى ما كان من أمرهم بعد رجوعهم إلى أبيهم * وقولهم له (منع منا الكيل) أي بعد عامنا هذا إن لم ترسل معنا أخانا فإن أرسلته معنا لم يمنع منا (ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي) أي أي شئ نريد وقد ردت إلينا بضاعتنا (ونمير أهلنا) أي نمتار لهم ونأتيهم بما يصلحهم في سنتهم ومحلهم (ونحفظ أخانا ونزداد) بسببه (كيل بعير) قال الله تعالى (ذلك كيل يسير) أي في مقابلة ذهاب ولده الآخر وكان يعقوب عليه السلام أضن شئ بولده بنيامين لانه كان يشم فيه رائحة أخيه ويتسلى به عنه ويتعوض بسببه منه فلهذا قال (لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتتني به إلا أن يحاط بكم) أي إلا أن تغلبوا كلكم عن الاتيان به (إلا أن تصيروا مغلوبين مقهورين.فلا تقدرون على الرجوع) (فلما آتوه موثقهم قال الله على ما تقول وكيل)

أكد المواثيق وقرر العهود واحتاط لنفسه في ولده ولن يغني حذر من قدر.ولولا حاجته (في بعثه بنيامين معهم ; وقصة يوسف لا تزال حية في ضميره ; وجوه: - انهم كبروا ومالوا إلى الخير والصلاح.- انه كان يشاهد انه ليس بينهم وبين بنيامين من الحسد والحقد ما كان بينهم وبين يوسف.- ضرورة القحط أحوجته إلى ذلك.- لعله تعالى أوحى إليه وضمن حفظه وإيصاله إليه) وحاجة قومه إلى الميرة لما بعث الولد العزيز ولكن الاقدار لها أحكام والرب تعالى يقدر ما يشاء ويختار ما يريد ويحكم ما يشاء وهو الحكيم العليم.

26-ثم أمرهم أن لا يدخلوا المدينة من باب واحد ولكن ليدخلوا من أبواب متفرقة.قيل أراد أن لا يصيبهم أحد بالعين وذلك لانهم كانوا أشكالا حسنة وصورا بديعة قاله ابن عباس ولهذا قال (وما أغني عنكم من الله من شئ) وقال تعالى (ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شئ إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون).وعند أهل الكتاب أنه بعث معهم هدية إلى العزيز من الفستق واللوز والصنوبر والبطم والعسل وأخذوا الدراهم الاولى وعوضا آخر

27- (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون.فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذون أيتها العير إنكم لسارقون.قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون.قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم.قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض

وما كنا سارقين.قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين.فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم.قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون.قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون) [ يوسف: 69 - 79 ].

يذكر تعالى ما كان من أمرهم حين دخلوا بأخيهم بنيامين على شقيقه يوسف وأيوائه إليه وإخباره له سرا عنهم بأنه أخوه وأمره بكتم ذلك عنهم وسلاه عما كان منهم من الاساءة إليه * ثم احتال على أخذه منهم وتركهم إياه. عنده دونهم فأمر فتيانه بوضع سقايته.
وهي التي كان يشرب بها ويكيل بها للناس الطعام عن غرة في متاع بنيامين.ثم أعلمهم بأنهم قد سرقوا صواع الملك ووعدهم جعالة على رده حمل بعير وضمنه المنادى لهم فأقبلوا على من اتهمهم بذلك فأنبوه وهجنوه فيما قاله لهم و (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين) يقولون أنتم تعلمون منا خلاف ما رميتمونا به من السرقة

(قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين.قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين).وهذه كانت شريعتهم أن السارق يدفع إلى المسروق (قال ابن عباس: كانوا في ذلك الزمان يستعبدون كل سارق بسرقته وكان استعباد السارق في شرعهم يجري مجرى وجوب القطع في شرعنا ; والمعنى جزاء هذا الجرم هو استعباد الشخص الذي يوجد المسروق في رحله ; إلا أن العفو وأخذ الفداء كان أيضا جائزا) منه ولهذا قالوا (كذلك نجزي الظالمين).

28-قال الله تعالى (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه) ليكون ذلك أبعد للتهمة وأبلغ في الحيلة ثم قال الله تعالى (كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) أي لولا إعترافهم بأن جزاءه من وجد في رحله فهو جزاؤه لما كان يقدر يوسف على أخذه منهم في سياسة ملك مصر (إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء) أي في العلم (وفوق كل ذي علم عليم) وذلك لان يوسف كان أعلم منهم وأتم رأيا وأقوى عزما وحزما وإنما فعل ما فعل عن أمر الله له في ذلك لانه يترتب على هذا الامر مصلحة عظيمة بعد ذلك من قدوم أبيه وقومه عليه ووفودهم إليه فلما عاينوا إستخراج الصواع من حمل بنيامين (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) يعنون يوسف * قيل كان قد سرق صنم جده أبي أمه فكسره.وقيل كانت عمته قد علقت عليه بين ثيابه وهو صغير منطقة كانت لاسحق ثم استخرجوها من بين ثيابه وهو لا يشعر بما صنعت وإنما أرادت أن يكون عندها وفي حضانتها لمحبتها له.
وقيل كان يأخذ الطعام من البيت فيطعمه الفقراء.وقيل غير ذلك فلهذا

(قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه) وهي كلمته بعدها وقوله (وأنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون) أجابهم سرا لا جهرا حلما وكرما وصفحا وعفوا فدخلوا معه في الترقق والتعطف فقالوا (يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون) أي إن أطلقنا المتهم وأخذنا البرئ.هذا ما لا نفعله ولا نسمح به وإنما نأخذ من وجدنا متاعنا عنده.
وعند أهل الكتاب أن يوسف تعرف إليهم حينئذ وهذا مما غلطوا فيه ولم يفهموه جدا

29-(فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف لن أبرح الارض حتى يأذن لى أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين.

إرجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين.واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون.قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم.وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وأبيضت عيناه من الحزن فهو كظيم قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو أكون من الهالكين.قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون.يا بني إذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) [ يوسف: 80 - 87

يقول تعالى مخبرا عنهم أنهم لما استيأسوا من أخذه منه خلصوا يتناجون فيما بينهم قال كبيرهم وهو روبيل (ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم) لقد أخلفتم عهده وفرطتم فيه كما فرطتم في أخيه يوسف من قبله فلم يبق لي وجه أقابله به (فلن أبرح الارض) أي لا أزال مقيما ههنا (حتى يأذن لي أبي) في القدوم عليه (أو يحكم الله لي) بأن يقدرني على رد أخي إلى أبي (وهو خير الحاكمين.ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن إبنك سرق) أي اخبروه بما رأيتم من الامر في ظاهر المشاهدة (وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين.واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها) أي فإن هذا الذي أخبرناك به من أخذهم أخانا لانه سرق أمر اشتهر بمصر وعلمه العير التي كنا نحن وهم هناك

(وإنا لصادقون قال بل سولت لكم أنفسكم أمر فصبر جميل) أي ليس الامر كما ذكرتم لم يسرق فإنه ليس سجية له ولا [ هو ] خلقه وإنما سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل.قال ابن اسحق وغيره لما كان التفريط منهم في بنيامين مترتبا على صنيعهم في يوسف قال لهم ما قال وهذا كما قال بعض السلف إن من جزاء السيئة السيئة بعدها ثم قال

(عسى الله أن يأتيني بهم جميعا) يعني يوسف وبنيامين وروبيل (إنه هو العليم) أي بحالي وما أنا فيه من فراق الاحبة (الحكيم) فيما يقدره ويفعله وله الحكمة البالغة والحجة القاطعة

(وتولى عنهم) أي أعرض عن بنيه (وقال يا أسفى على يوسف) ذكره حزنه الجديد بالحزن القديم وحرك ما كان كامنا كما قال بعضهم: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى * ما الحب إلا للحبيب الاول

وقال آخر

لقد لامني عند القبور على البكا * رفيقي لتذراف الدموع السوافك (المذروفة بغزارة)

فقال أتبكي كل قبر رأيته * لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك (اللوى والدكادك: موضعان)

فقلت له إن الاسى يبعث الاسى * فدعني فهذا كله قبر مالك

30-وقوله (وابيضت عيناه من الحزن) أي من كثرة البكاء (فهو كظيم) أي مكظم (مكمد) من كثرة حزنه وأسفه وشوقه إلى يوسف فلما رأى بنوه ما يقاسيه من الوجد وألم الفراق (قالوا) له على وجه الرحمة له والرأفة به والحرص عليه (تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين) يقولون لا تزال تتذكره حتى تنحل جسدك وتضعف قوتك فلو رفقت بنفسك كان أولى بك (قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون)

يقول لبنيه لست أشكوا إليكم ولا إلى أحد من الناس ما أنا فيه إنما أشكو إلى الله عزوجل وأعلم أن الله سيجعل لي مما أنا فيه فرجا ومخرجا وأعلم أن رؤيا يوسف لا بد أن تقع ولا بد أن أسجد له أنا وأنتم حسب ما رأى ولهذا قال: (واعلم من الله ما لا تعلمون) ثم قال لهم محرضا على تطلب يوسف وأخيه وأن يبحثوا عن أمرهما.(يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) أي لا تيئسوا من الفرج بعد الشدة فإنه لا ييأس من روح الله وفرجه وما يقدره من المخرج في المضايق إلا القوم الكافرون

31- (فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين.قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون.قالوا أئنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين.قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.إذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين) [ يوسف: 88 - 93 ].

يخبر تعالى عن رجوع إخوة يوسف إليه وقدومهم عليه ورغبتهم فيما لديه من الميرة والصدقة عليهم رد أخيهم بنيامين إليهم (فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر) أي من الجدب وضيق الحال وكثرة العيال (وجئنا ببضاعة مزجاة) أي ضعيفة لا يقبل مثلها منا إلا أن بتجاوز عنا.قيل كانت دراهم رديئة.وقيل قليلة وقيل حب الصنوبر وحب البطم ونحو ذلك.وعن ابن عباس كانت خلق الغرائر والحبال ونحو ذلك (فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين) قيل بقبولها قاله السدي.وقيل برد أخينا إلينا 

فلما رأى ما هم فيه من الحال وما جاؤوا به مما لم يبق عندهم سواه من ضعيف المال تعرف إليهم وعطف عليهم قائلا لهم عن أمر ربه وربهم.وقد حسر لهم عن جبينه الشريف وما يحويه من الخال فيه الذي يعرفون

(هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون.قالوا)

وتعجبوا كل العجب وقد ترددوا إليه مرارا عديدة وهم لا يعرفون أنه هو (أئنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي) يعني أنا يوسف الذي صنعتم معه ما صنعتم وسلف من أمركم فيه ما فرطتم وقوله

(وهذا أخي) تأكيد لما قال وتنبيه على ما كانوا أضمروا لهما من الحسد وعملوا في أمرهما من الاحتيال ولهذا قال (قد من الله علينا) أي بإحسانه إلينا وصدقته علينا وإيوائه لنا وشده معاقد عزنا وذلك بما أسلفنا من طاعة ربنا وصبرنا على ما كان منكم الينا وطاعتنا وبرنا لابينا ومحبته الشديدة لنا وشفقته علينا (إنه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع أجر المحسنين.قالوا تالله لقد آثرك الله علينا) أي فضلك وأعطاك ما لم يعطنا (وإن كنا لخاطئين).أي فيما أسدينا إليك وها نحن بين يديك (قال لا تثريب عليكم اليوم) أي لست أعاقبكم على ما كان منكم بعد يومكم هذا ثم ذادهم على ذلك فقال (اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين).ومن زعم أن الوقف على قوله لا تثريب عليكم وابتدأ بقوله اليوم يغفر الله لكم فقوله ضعيف والصحيح الاول.

32-ثم أمرهم بأن يذهبوا بقميصه وهو الذي يلي جسده فيضعوه على عيني أبيه فانه يرجع إليه بصره بعدما كان ذهب بإذن الله وهذا من خوارق العادات ودلائل النبوات وأكبر المعجزات * ثم أمرهم أن يتحملوا بأهلهم أجمعين (وفي الطبري 1 / 187: كان دخول يعقوب مصر في سبعين إنسانا من أهله) إلى ديار مصر إلى الخير والدعة وجمع الشمل بعد الفرقة على أكمل الوجوه وأعلى الامور

33-.(فلما فصلت العير قال أبوهم إني لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون.قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم.فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا.قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون.قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين.قال سوف استغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) [ يوسف: 94 - 98 ].

قال ابن عباس : فلما فصلت العير قال: لما خرجت العير هاجت ريح فجاءت يعقوب بريح قميص يوسف (فقال إني لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون) قال فوجد ريحه من مسيرة ثلاثة أيام 

وقال الحسن البصري وابن جريج المكي كان بينهما مسيرة ثمانين فرسخا وكان له منذ فارقه ثمانون سنة وقوله (لولا أن تفندون) أي تقولون إنما قلت هذا من الفند وهو الخرف وكبر السن.

قال ابن عباس تفندون تسفهون. تهرمون (قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) قال قتادة والسدي قالوا له كلمة غليظة (زاد قتادة: ولم يكن يجوز أن يقولوها لنبي الله ; والمراد بقولهم: حبك القديم ليوسف لا تنساه ولا تذهل عنه، وما تكابد من الاحزان والشقاء على يوسف).
قال الله تعالى (فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا) أي بمجرد ما جاء (جمهور المفسرين البشير هو: يهودا.وفي رواية للطبري 1 / 185: البشير: يعني البريد الذي أبرده يوسف إلى يعقوب )

ألقى القميص على وجه يعقوب فرجع من فوره بصيرا بعد ما كان ضريرا وقال لبنيه عند ذلك

(ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون) أي أعلم أن الله سيجمع شملي بيوسف وستقر عيني به وسيريني فيه ومنه ما يسرني فعند ذلك (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين) طلبوا منه أن يستغفر لهم الله عزوجل عما كانوا فعلوا ونالوا منه ومن ابنه وما كانوا عزموا عليه.ولما كان من نيتهم التوبة قبل الفعل وفقهم الله للاستغفار عند وقوع ذلك منهم فأجابهم أبوهم إلى ما سألوا وما عليه عولوا قائلا (سوف استغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم).
قال ابن مسعود أرجأهم إلى وقت السحر

قال ابن جرير قال كان عمر يأتي المسجد فسمع إنسانا يقول " اللهم دعوتني فأجبت وأمرتني فاطعت وهذا السحر فاغفر لي " قال فاستمع الصوت فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود فسأل عبد الله عن ذلك فقال: إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله (سوف أستغفر لكم ربي) وقد قال الله تعالى (والمستغفرين بالاسحار) [ آل عمران: 17 ]

وثبت في الصحيحين عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول هل من تائب فأتوب عليه هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له "

34-(فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم.رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الاحاديث فاطر السموات والارض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) [ يوسف: 99 - 101 ].

هذا إخبار عن حال إجتماع المتحابين بعد الفرقة الطويلة التي قيل أنها ثمانون سنة وقيل ثلاث وثمانون سنة وهما روايتان عن الحسن.
وقيل خمس وثلاثون سنة قاله قتادة.
وقال محمد بن اسحاق ذكروا أنه غاب عنه ثماني عشرة سنة * قال وأهل الكتاب يزعمون أنه غاب عنه أربعين سنة وظاهر سباق القصة يرشد إل تحديد المدة تقريبا فإن المرأة راودته وهو شاب ابن سبع عشرة سنة فيما قاله غير واحد فامتنع فكان في السجن بضع سنين وهي سبع عند عكرمة وغيره.ثم أخرج فكانت سنوات الخصب السبع ثم لما أمحل الناس في السبع البواقي جاء إخوتهم يمتارون في السنة الاولى وحدهم وفي الثانية ومعهم أخوه بنيامين.وفي الثالثة تعرف إليهم وأمرهم بإحضار أهلهم أجمعين فجاؤا كلهم

(فلما دخلوا عليه آوى إليه أبويه) اجتمع بهما خصوصا وحدهما دون إخوته (وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) قيل هذا من المقدم والمؤخر تقديره ادخلوا مصر وآوى إليه أبويه.وضعفه ابن جرير وهو معذور * قيل تلقاهما وآواهما في منزل الخيام.ثم لما اقتربوا من باب مصر (قال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) قاله السدي.ولو قيل إن الامر لا يحتاج إلى هذا أيضا وأنه ضمن قوله أدخلوا معنى اسكنوا مصر أو اقيموا بها (إن شاء الله آمنين) لكان صحيحا مليحا أيضا.

وعند أهل الكتاب أن يعقوب لما وصل إلى أرض جاشر وهي أرض بلبيس خرج يوسف لتلقيه وكان يعقوب قد بعث ابنه يهوذا بين يديه مبشرا بقدومه وعندهم أن الملك أطلق لهم أرض جاشر يكونون فيها ويقيمون بها بن عمهم ومواشيهم * وقد ذكر جماعة من المفسرين أنه لما أزف قدوم نبي الله يعقوب وهو اسرائيل أراد يوسف أن يخرج لتلقيه فركب معه الملك وجنوده خدمة ليوسف وتعظيما لنبي الله إسرائيل وأنه دعا للملك وأن الله رفع عن أهل مصر بقية سني الجدب ببركة قدومه إليهم فالله أعلم.

35-وكان جملة من قدم مع يعقوب من بنيه وأولادهم فيما قاله ابن مسعود ثلاثة وستين إنسانا * وقيل ا ثلاثة وثمانين إنسانا.
قالوا وخرجوا مع موسى وهم أزيد من ستمائة ألف مقاتل * وفي نص أهل الكتاب أنهم كانوا سبعين نفسا وسموهم 
قال الله تعالى (ورفع أبويه على العرش) وقال ابن جرير وآخرون بل ظاهر القرآن يقتضي بقاء حياة أمه إلى يومئذ فلا يعول على نقل أهل الكتاب فيما خالفه وهذا قوي والله أعلم ورفعهما على العرش

أي اجلسهما معه على سريره (وخروا له سجدا) أي سجد له الابوان والاخوة الاحد عشر تعظيما وتكريما وكان هذا مشروعا لهم ولم يزل ذلك معمولا به في سائر الشرائع حتى حرم في ملتنا .
(وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل) أي هذا تعبير ما كنت قصصته عليك من رؤيتي الاحد عشر كوكبا والشمس والقمر حين رأيتهم لي ساجدين وأمرتني بكتمانها ووعدتني ما وعدتني عند ذلك

(قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن) أي بعد الهم والضيق جعلني حاكما نافذ الكلمة في الديار المصرية حيث شئت (وجاء بكم من البدو) أي البادية وكانوا يسكنون أرض العربات من بلاد الخليل (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) أي فيما كان منهم إلي من الامر الذي تقدم وسبق ذكره *

ثم قال (إن ربي لطيف لما يشاء) أي إذا أراد شيئا هيأ أسبابه ويسرها وسهلها من وجوه لا يهتدي إليها العباد بل يقدرها وييسرها بلطيف صنعه وعظيم قدرته (إنه هو العليم) أي بجميع الامور (الحكيم) في خلقه وشرعه وقدره.

36-ثم لما رأى يوسف عليه السلام نعمته قد تمت وشمله قد إجتمع عرف أن هذه الدار لا يقربها قرار وأن كل شئ فيها ومن عليها فان.وما بعد التمام إلا النقصان فعند ذلك أثنى على ربه بما هو أهله واعترف له بعظيم إحسانه وفضله.وسأل منه - وهو خير المسؤولين - أن يتوفاه أي حين يتوفاه على الاسلام.وأن يلحقه بعباده الصالحين.وهكذا كما يقال في الدعاء " اللهم احينا مسلمين وتوفنا مسلمين " أي حين تتوفانا.ويحتمل أنه سأل ذلك عند احتضاره عليه السلام كما سأل النبي صل الله عليه وسلم عند احتضاره أن يرفع روحه إلى الملا الاعلى والرفقاء الصالحين من النبيين والمرسلين كما قال:

" اللهم في الرفيق الاعلى " ثلاثا ثم قضى ويحتمل أن يوسف عليه السلام سأل الوفاة على الاسلام منجزا في صحة بدنه وسلامته وأن ذلك كان سائغا في ملتهم وشرعتهم كما روي عن ابن عباس أنه قال: ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف.فأما في شريعتنا فقد نهى عن الدعاء بالموت إلا عند الفتن كما في حديث معاذ في الدعاء الذي رواه أحمد: " وإذا أردت بقوم فتنة فتوفنا إليك غير مفتونين " (الترمذي : هذا الحديث حسن صحيح)

وفي الحديث الآخر: " ابن آدم، الموت خير لك من الفتنة " وقالت مريم عليها السلام (يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) [ مريم: 23 ] وتمنى الموت علي بن أبي طالب لما تفاقمت الامور وعظمت الفتن واشتد القتال وكثر القيل والقال وتمنى ذلك البخاري أبو عبد الله صاحب الصحيح لما اشتد عليه الحال ولقي من مخالفيه الاهوال.

فأما في حال الرفاهية ؟ فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: " لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به إما محسنا فيزداد وإما مسيئا فلعله يستعتب ولكن ليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي "

والمراد بالضر ههنا ما يخص العبد في بدنه من مرض ونحوه لا في دينه *

والظاهر أن نبي الله يوسف عليه السلام سأل ذلك إما عند إحضاره أو إذا كان ذلك أن يكون كذلك.وقد ذكر ابن اسحق عن أهل الكتاب أن يعقوب أقام بديار مصر عند يوسف سبع عشرة سنة ثم توفي عليه السلام وكان قد أوصى إلى يوسف عليه السلام أن يدفن عند أبويه إبراهيم وإسحق.قال السدي فصبر وسيره إلى بلاد الشام فدفنه بالمغارة عند أبيه إسحق وجده الخليل عليهم السلام.وعند أهل الكتاب أن عمر يعقوب يوم دخل مصر مائة وثلاثون سنة.وعندهم أنه أقام بأرض مصر سبع عشرة سنة ومع هذا قالوا فكان جميع عمره مائة وأربعين سنة *

هذا نص كتابهم وهو غلط إما في النسخة أو منهم أو قد أسقطوا الكسر وليس بعادتهم فيما هو أكثر من هذا فكيف يستعملون هذه الطريقة ههنا وقد قال تعالى في كتابه العزيز (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون) [ البقرة: 133 ] يوصي بنيه بالاخلاص وهو دين الاسلام الذي بعث الله به الانبياء عليهم السلام.
وقد ذكر أهل الكتاب أنه أوصى بنيه واحدا واحدا وأخبرهم بما يكون من أمرهم وبشر يهوذا بخروج نبي عظيم من نسله تطيعه الشعوب وهو عيسى بن مريم والله أعلم.
وذكروا أنه لما مات يعقوب بكى عليه أهل مصر سبعين يوما وأمر يوسف الاطباء فطيبوه بطيب ومكث فيه أربعين يوما ثم إستأذن يوسف ملك مصر في الخروج مع أبيه ليدفنه عند أهله فأذن له وخرج معه أكابر مصر وشيوخها فلما وصلوا حبرون دفنوه في المغارة التي كان إشتراها إبراهيم الخليل من عفرون بن صخر الحيثي وعملوا له عزاء سبعة أيام قالوا ثم رجعوا إلى بلادهم وعزى إخوة يوسف ليوسف في أبيهم وترققوا له فأكرم وأحسن منقلبهم فأقاموا ببلاد مصر

.ثم حضرت يوسف عليه السلام الوفاة فأوصى أن يحمل معهم إذا خرجوا من مصر فيدفن عند آبائه فحنطوه ووضعوه في تابوت فكان بمصر حتى أخرجه معه موسى عليه السلام فدفنه عند آبائه كما سيأتي.قالوا فمات وهو ابن مائة سنة وعشر سنين * هذا نصهم فيما رأيته وفيما حكاه ابن جرير أيضا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالإثنين 01 يوليو 2019, 7:16 pm

قصة / السيدة مريم ام المسيح عليهما السلام
 يقول الله تبارك و تعالى في القرءان الكريم :{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً } ، و يقول ربنا عز من قائل :
{ مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ } ، السيدة مريم عليها السلام أم النبي عيسى المسيح هي أفضل نساء العالمين و هي امرأة جليلة عفيفة طاهرة صبرت على أذى قومها و كانت تقية عارفة بالله تعالى فقد أكرمها الله عز و جل بكرامات ظاهرة و اصطفاها من بين جميع النساء لتكون أماً لنبيه عيسى المسيح عليه الصلاة و السلام دون أن يكون لها زوج أو يمسها بشر و السيدة الجليلة مريم عليها السلام هي أفضل نساء العالمين بنص القرءان الكريم و الحديث النبوي الشريف فقد قال الله عز و جل في محكم تنزيله :{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }، فقوله تعالى؛ اصطفاك؛ أي اختارك و اجتباك و فضلك. قال النبي عليه الصلاة و السلام:" و خير النساء مريم بنت عمران ثم فاطمة بنت محمد ثم خديجة بنت خويلد ثم آسية بنت مزاحم" رواه الحافظ ابن عبد البر. فهذا الحديث الشريف فيه نص على أفضلية السيدة مريم عليها السلام على سائر نساء العالمين ثم يليها في الأفضلية فاطمة بنت محمد صلى الله عليه و سلم ثم خديجة بنت خويلد زوج النبي عليه السلام ثم آسية بنت مزاحم ثم يلي هؤلاء النساء في الأفضلية عائشة بنت أبي بكر زوج النبي صل الله عليه و سلم كما قال بذلك العلماء.



و أما ولادة السيدة مريم عليها السلام و نشأتها فقد كانت أمها و اسمها حنة و هي امرأة عمران لا تلد فرأت ذات يوم طيراً يزق فرخه فتحركت فيها عاطفة الأمومة و طلبت من الله عز و جل أن يرزقها ولداً صالحاً و نذرت أن تجعله خادماً في بيت المقدس لأنها كانت تظن أنه سيكون ذكراً و لأن الذكر عادة يصلح للاستمرار على خدمة بيت المقدس موضع العبادة و لا يلحقه عيب بذلك و لكن الله تبارك و تعالى شاء لحنة امرأة عمران أن تحمل بأنثى تكون سيدة نساء العالمين و أماً لنبي من أولي العزم من الرسل و هو عيسى المسيح عليه الصلاة و السلام، و لما ولدت امرأة عمران مولودتها الجديدة أسمتها مريم و تولاها الله سبحانه و تعالى برحمته و عنايته و شاء الله عز و جل لنبيه زكريا عليه السلام، و كان زوج أخت مريم، أن يتكفلها دون غيره من الرجال. فكان زكريا عليه السلام يعلمها تعاليم دين الإسلام و الأخلاق الحسنة و ينشئها على الأخلاق الفاضلة، فنشأت مريم عليها السلام صالحة عفيفة طاهرة من الذنوب و المعاصي عارفة بالله عز و جل و تقية و ولية تداوم على طاعة ربها عز وجل آناء الليل و أطراف النهار فأكرمها الله سبحانه بالكرامات الظاهرة التي كانت آيات عجيبة دالة على عظيم قدرة الله سبحانه و تعالى، فقد كان نبي الله زكريا عليه السلام يرى عندها في المحراب و بعد أن يغلق عليها أبواب المسجد كان يرى فاكهة الصيف في الشتاء و فاكهة الشتاء في الصيف كرامة لها من الله عز وجل يقول الله تعالى:{ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }.


ثم ان الله عز و جل قدر في الأزل أن يوجد نبيه عيسى عليه السلام من غير أب و كان هذا أمراً محكوماً به سابقاً في علم الله كونه فتنفذت مشيئته تعالى و كان و تحقق ما شاء الله و قدر في الأزل يقول الله تعالى:{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }، و يقول ربنا عز من قائل:{ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ }، و المعنى أن ما شاءه الله تعالى و قدره في الأزل فإنه يكون و يوجد بلا تأخر و لا ممانعة له من أحد و هذا ما حصل في أمر عيسى المسيح عليه السلام فذات يوم تنحت السيدة الجليلة مريم عليها السلام عن الناس و اعتزلت من أهلها لتقضي أمراً ما فخرجت إلى شرق المحراب الشريف الذي كانت تعبد الله عز و جل فيه حتى صارت بمكان يلي المشرق و كانت الشمس المشرقة قد أرسلت عليها أشعتها فأظلتها حتى لم يعد يراها أحد من الخلق و في تلك اللحظات التي كانت فيها مريم عليها السلام تقضي حاجتها متوكلة على الله عز و جل أرسل الله سبحانه و تعالى إليها أمين الوحي جبريل عليه السلام و كان متشكلاً فظنته مريم عليها السلام إنساناً و خافت أن يتعرض لها بسوء و أذى فقالت له " إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً "، أي إذا كنت تقياً فلا تتعرض لي بسوء فطمأنها جبريل عليه السلام و أخبرها أن الله تعالى أرسله إليها ليهبها ولداً صالحاً طاهراً من الذنوب و هنا قالت له مريم عليها السلام على سبيل التعجب و الإستعلام " أنى يكون لي غلام و لم يقربني زوج و لم أكن فاجرة زانية"، فأجابها ملك الوحي جبريل عليه السلام:" هكذا قال ربك، إن خلق ولد من غير أب هين عليه و ليجعله علامة للناس و دلالة على عظيم قدرته سبحانه و تعالى و ليجعله رحمة و نعمة لمن اتبعه و صدقه و آمن به و كان خلقه أمراً محكوماً شاءه الله تبارك و تعالى و قدره فلا يرد و لا يبدل"، و كان أمين الوحي جبريل عليه السلام لما جاء مريم عليها السلام حاملاً روح نبي الله عيسى المسيح المشرف المكرم فنفخه في جيب درعها و كان مشقوقاً من قدامها فدخلت النفخة في صدرها فحملت من وقتها بقدرة الله و مشيئته بعيسى عليه السلام و تنفذت مشيئة الله تعالى في مريم عليها السلام كما شاء ربنا تبارك و تعالى و قدر في الأزل يقول الله عز و جل:{ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }. و استمر حمل مريم عليها السلام بعيسى المسيح كحمل بقية النساء بعدد من الأشهر ثم تنحت مريم عليها السلام بحملها إلى مكان بعيد عن الناس خوفاً من أن يعيرها الناس بولادتها من غير زوج و بعد أن صار بعض الناس من قومها يطعنون بعفتها و شرفها و يطعنون في نبي الله زكريا عليه السلام الذي كان يكفلها و يشرف على تربيتها و تعليمها أحكام دين الإسلام حتى تضايقت مريم عليها السلام من كلامهم تضايقاً شديداً فصبرت على مصيبتها صبراً جميلاً و لما حان لمريم عليها السلام وقت وضع حملها الجديد جاءها المخاض و هو وجع الولادة الذي تجده النساء عند الوضع فألجأها هذا الألم إلى ساق نخلة يابسة فأسندت ظهرها إلى جذع تلك النخلة و قد اشتد همها و كربها و قالت:" يا ليتني مت قبل هذا الأمر و قبل هذا اليوم و لم أكن شيئاً "، و هنا جاءها الفرج و اليسر بعد العسر فقد جاءها الملك جبريل عليه السلام أمين الوحي بأمر من الله تعالى فطمأنها و نادها من مكان منخفض من المكان الذي كانت فيه " ألا تحزني "، و كان الحزن قد انتاب مريم عليها السلام بسبب أنها ولدت من غير زوج و بسبب جدب المكان الذي وضعت فيه مولودها الجديد عيسى المسيح عليه الصلاة و السلام فطمأنها جبريل عليه السلام و بشرها بأن الله عز وجل قد أجرى تحتها نهراً صغيراً عذباً فراتاً و أنه يطلب منها أن تهز جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الجني و أن تأكل و تشرب مما رزقها الله عز و جل و أن تقر عينها و تفرح بمولودها الجميل عيسى عليه السلام و أن تقول لمن رءاها و سألها عن ولدها إنها نذرت للرحمن أن لا تكلم أحداً؟



و بعد أن ولدت السيدة الجليلة مريم عليها السلام مولودها الجميل عيسى صلى الله عليه و سلم انطلقت به إلى قومها و كان قومها قد انطلقوا يطلبونها و يبحثون عنها فلما رأتهم من بعيد حملت ولدها عيسى عليه السلام و ضمته بين ذراعيها برأفة و حنان ثم أتتهم به و هي تحمله و كان ذلك بعد أربعين يوماً من ولادتها له فتلقتهم به و هي تحمله و قلبها كله ثقة و توكل على الله عز و جل و حين كلمها قومها في شأن مولودها الجديد أشارت السيدة مريم عليها السلام إلى ولدها عيسى المسيح أن كلموه فتعجبوا من ذلك و قالوا لها مندهشين " من يكن في المهد صبياً كيف نكلمه " فأنطقه الله تبارك و تعالى الذي أنطق كل شىء أنطقه الله تعالى فقال لهم بلسان فصيح:" إني عبد الله آتاني الكتاب و جعلني نبياً و جعلني مباركاً أينما كنت و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حياً و براً بوالدتي و لم يجعلني جباراً شقياً و السلام علي يوم ولدت و يوم أموت و يوم أبعث حياً "، أنطقه الله عز و جل ليخفف عن أمه مريم عليها السلام الوطأة، فهذه صورة مشرقة عن قصة السيدة الجليلة مريم عليها السلام مع ابنها عيسى المسيح صل الله عليه و سلم تلك المرأة الصالحة التقية الصديقة العارفة بالله سبحانه و تعالى و التي انقطعت لعبادة ربها و خالقها عز و جل و كانت خير مثال للمرأة التقية التي تحملت المصائب من قومها بنفس راضية مرضية غير معترضة على ربها حتى نالت هذه المنزلة عند خالقها فكانت سيدة نساء العالمين لذلك ذكرها الله تعالى بإسمها في القرءان الكريم من بين النساء و أثنى عليها الثناء الحسن يقول الله تعالى في القرءان الكريم:{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ }، و يقول الله تعالى أيضاً في الثناء على السيدة مريم:{ مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ }


فكم هو حري بالنساء في كل زمان و مكان و على مر الدهور و الأجيال أن يقتدين بالسيدة الجليلة مريم عليها السلام و يتخذنها قدوة حسنة في حياتهن و سلوكهن ليكتسبن المعالي و الدرجات العالية و ليحُزن رضى خالقهن سبحانه و تعالى و نسأل الله تبارك و تعالى أن يرحمنا برحمته الواسعة و يرزقنا حسن الختام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالسبت 13 يوليو 2019, 10:27 am

((خطبة طارق بن زياد ومسألة حرق السفن ))
: أ.د. راغب السرجاني 
ملخص المقال
خطبة طارق بن زياد ومسألة حرق السفن، مقال د. راغب السرجاني على موقع قصة الإسلام، يتناول توضيح حقيقة خطبة طارق بن زياد ومسألة حرق السفن
خطبة طارق بن زياد[1]

أورد ابن خلكان في وفيات الأعيان والمقري التلمساني في نفح الطيب أنه لما اقترب جيش لُذريق من الجيش الإسلامي، قام طارق بن زياد في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم حثَّ المسلمين على الجهاد ورغَّبَهم فيه، ثم قال: «أيها الناس؛ أين المفرُّ؟! والبحر من ورائكم والعدوُّ أمامكم، فليس لكم والله! إلاَّ الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضْيَعُ من الأيتام في مآدب اللئام، وقد استقبلتُم عدوَّكم بجيشه وأسلحته، وأقواتُه موفورة، وأنتم لا وَزَرَ[2] لكم غير سيوفكم، ولا أقوات لكم إلاَّ ما تستخلصونه من أيدي أعدائكم، وإن امتدَّت بكم الأيام على افتقاركم، ولم تُنجزوا لكم أمرًا، ذهبت ريحكم، وتعوَّضت القلوبُ من رعبها منكم الجراءةَ عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية، فقد ألقته إليكم مدينَتُه المحصَّنة، وإنَّ انتهاز الفرصة فيه لممكن لكم إن سمحتم بأنفسكم للموت. وإني لم أُحَذِّركم أمرًا أنا عنه بنَجْوَة[3]، ولا حملتُكم على خُطَّة أرخصُ متاعٍ فيها النفوسُ إلاَّ وأنا أبدأ بنفسي، واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشق قليلاً؛ استمتعتم بالأرفه الألذ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي[4]، فيما حَظُّكم فيه أوفر من حَظِّي، وقد بلغكم ما أنشأتْ هذه الجزيرةُ من الحورِ الحسان من بنات اليونان الرافلات في الدُّرِّ والمَرْجَان، والحُلَل المنسوجة بالعِقْيَان[5]، المقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان، وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك من الأبطال عُرْبانًا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا وأختانًا؛ ثقةً منه بارتياحِكم للطِّعَان، واستماحِكم بمجالدة الأبطال والفرسان، ليكون حَظُّه معكم ثوابَ الله على إعلاء كلمته، وإظهار دينه بهذه الجزيرة، ويكون مغنمها خالصًا لكم من دونه ومن دون المسلمين سواكم، والله تعالى وليُّ إنجادكم على ما يكون لكم ذِكْرًا في الدارين. واعلموا أنِّي أول مجيب إلى ما دعوتُكم إليه، وأنِّي عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية قومه لُذَرِيق فقاتِلُه -إن شاء الله تعالى- فاحملوا معي، فإنْ هلكتُ بعده فقد كَفَيْتُكم أمره، ولن يُعوزكم بطل عاقل تسندون أمركم إليه، وإن هلكتُ قبل وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه، واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا الهمَّ من فتح هذه الجزيرة بقتله، فإنهم بعده يُخْذلون»

ولنا وقفات مع هذه الخطبة

1- لم تكن الخطبة وما فيها من السجع من أسلوب ذلك العصر القرن الأول الهجري، وغير متوقَّع لقائد جيش أن يعتني بهذا النوع من الصياغة.

2- ذكر في الخطبة: «وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك من الأبطال عربانًا». والذي انتخبهم القائد موسى بن نصير والي إفريقية وليس الوليد.

3- كان المتوقَّع أن تحتوي الخطبة على آيات من القرآن وأحاديث الرسول الأمين r، أو وصايا وأحداثٍ ومعانٍ إسلامية تُناسب المقام كالمعهود.

4- إن طارقًا -وأكثر الجيش- من الأمازيغ البربر؛ مما يجعل من المناسب أن يخاطبهم بلغتهم؛ إذ ليس من المتوقَّع أن تكون لغتهم العربية قد وصلت إلى مستوًى عالٍ.

مسألة حرق السفن

طارق بن زياد وحرق السفنقبل الانتقال إلى ما بعد وادي بَرْبَاط، لا بدَّ لنا من وقفةٍ أخرى؛ أمام قضية اشتهرت وذاع صيتها كثيرًا في التاريخ الإسلامي بصفةٍ عامَّةٍ، والتاريخ الأوربي بصفةٍ خاصةٍ، وهي قضية حرق طارق بن زياد للسفن التي عَبَر بها إلى بلاد الأندلس قبل موقعة وادي بَرْبَاط مباشرة.

فما حقيقة ما يُقال من أن طارق بن زياد أحرق كل السفن التي عبر عليها؟ وذلك حتى يُحَمِّس الجيش على القتال، وقد قال لهم: البحر من ورائكم والعدوُّ من أمامكم، فليس لكم نجاة إلاَّ في السيوف.

في حقيقة الأمر هناك من المؤرخين مَنْ يُؤَكِّد صحَّة هذه الرواية، ومنهم مَنْ يُؤَكِّد بطلانها، ونحن مع مَنْ يرى أنها من الروايات الباطلة؛ وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: أن هذه الرواية ليس لها سند صحيح في التاريخ الإسلامي؛ فعِلْمُ الرجال وعِلْمُ الجرح والتعديل الذي تميَّز بهما المسلمون عن غيرهم يُحيلانا إلى أن الرواية الصحيحة لا بُدَّ من أن تكون عن طريق أناس موثوق بهم، وهذه الرواية لم تَرِدْ قطُّ في روايات المسلمين الموثوق بتأريخهم، وإنما أتت إلينا من خلال المصادر والروايات الأوربية التي كتبت عن معركة وادي بَرْبَاط.

ثانيًا: أنه لو حدث وأحرق طارق هذه السفن بالفعل لتطلَّب ذلك ردَّ فعل من قِبَل موسى بن نصير أو الوليد بن عبد الملك استفسارًا عن هذه الواقعة، أو حوارًا بين موسى بن نصير وطارق بن زياد حول هذه القضية، أو تعليقًا من علماء المسلمين عن جواز هذا الفعل من عدمه، وكل المصادر التاريخية التي أوردت هذه الرواية وغيرها لم تذكر على الإطلاق أي ردِّ فعل من هذا القبيل؛ مما يُعطي شكًّا كبيرًا في حدوث مثل هذا الإحراق.

ثالثًا: أن المصادر الأوربية قد أشاعت هذا الأمر؛ لأن الأوربيين لم يستطيعوا أن يُفَسِّروا كيف انتصر اثنا عشر ألفًا من المسلمين الرجَّالة على مائة ألف فارس من القوط النصارى في بلادهم وفي عقر دارهم، وفي أرض عرفوها وألِفوها؟! ففي بحثهم عن تفسيرٍ مقنعٍ لهذا الانتصار الغريب قالوا: إن طارق بن زياد قام بإحراق السفن لكي يضع المسلمين أمام أحد أمرين: الغرق في البحر من ورائهم، أو الهلاك المحدق من قِبَل النصارى من أمامهم، وكلا الأمرين موت محقَّقٌ؛ ومن ثَمَّ فالحلُّ الوحيد لهذه المعادلة الصعبة هو الاستماتة في القتال؛ للهروب من الموت المحيط بهم من كل جانب؛ فكانت النتيجة الطبيعية الانتصار، ولو كانوا يملكون العودة لكانوا قد ركبوا سفنهم وانسحبوا عائدين إلى بلادهم.

وهكذا فسَّر الأوربيون النصارى السرَّ الأعظم -في زعمهم- في انتصار المسلمين في وادي بَرْبَاط، وهم معذورون في ذلك؛ إذ لم يفقهوا القاعدة الإسلامية المشهورة والمسجَّلة في كتاب الله U والتي تقول: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249].

فالناظر في صفحات التاريخ الإسلامي يجد أن الأصل هو أن ينتصر المسلمون وهم قلَّة على أعدائهم الكثيرين؛ بل ومن العجيب أنه إذا زاد المسلمون على أعدائهم في العدد، واغترُّوا بتلك الزيادة أن تكون النتيجة هي الهزيمة للمسلمين، وهذا هو ما حدث يوم حنين: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25].

ومن هنا فقد حاول الأوربيون -عن جهلٍ منهم وسوء طوية- أن يضعوا هذا التفسير وتلك الحُجَّة الواهية؛ حتى يُثبِتُوا أن النصارى لم يُهزَمُوا في ظروفٍ متكافئةٍ، وأن المسلمين لم ينتصروا إلاَّ لظروف خاصة جدًّا.

رابعًا: متى كان المسلمون يحتاجون إلى مثل تلك الحماسة التي تُحرق فيها سفنُهم؟! وماذا كانوا يفعلون في مثل هذه المواقف -وهي كثيرة- والتي لم يكن هناك سفن ولا بحر؟! فالمسلمون إنما جاءوا إلى هذه البلاد راغبين في الجهاد، طالبين الموت في سبيل الله؛ ومن ثَمَّ فلا حاجة لهم بقائد يُحَمِّسُهم بحرق سفنهم، وإنْ كان هذا يُعَدُّ جائزًا في حقِّ غيرهم.

خامسًا: ليس من المعقول أن قائدًا محنَّكًا مثل طارق بن زياد -رحمه الله- يُقدِمُ على إحراق سفنه، وقطع خطِّ الرجعة على جيشه، فماذا لو انهزم المسلمون في هذه المعركة، وهو أمر وارد وطبيعي جدًّا؟ ألم يكن من الممكن أن تحدث الكرَّة على المسلمين؛ خاصة وهم يعلمون قول الله U: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15- 16].

فهناك إذًا احتمال أن ينسحب المسلمون من ميدان المعركة؛ وذلك إمَّا متحرِّفين لقتال جديد، وإمَّا تحيُّزًا إلى فئة المسلمين، وقد كانت فئة المسلمين في المغرب في الشمال الإفريقي؛ فكيف إذًا يقطع طارق بن زياد على نفسه التحرُّف والاستعداد إلى قتال جديد، أو يقطع على نفسه طريق الانحياز إلى فئة المسلمين؟! ومن هنا فإنَّ مسألة حرق السفن هذه تُعَدُّ تجاوزًا شرعيًّا كبيرًا، لا يُقدِم عليه مثل طارق بن زياد –رحمه الله، وما كان علماء المسلمين وحُكَّامهم ليقفوا مكتوفي الأيدي حيال هذا الفعل إن كان قد حدث.

سادسًا: وهو الأخير في الردِّ على هذه الرواية أن طارق بن زياد كان لا يملك كل السفن التي كانت تحت يديه؛ فبعضها -كما ذكرتْ بعضُ الروايات[7]- أن يُليان صاحب سَبْتَة قد أعطاها له بأجرةٍ ليعبر عليها ثم يُعيدها إليه بعد ذلك؛ فيعبر بها يُليان إلى الأندلس -كما أوضحنا سابقًا- ومن ثَمَّ فلم يكن من حقِّ طارق بن زياد إحراق هذه السفن.

لكل هذه الأمور نقول: إن قصة حرق السفن هذه قصة مخْتَلَقة، وما أُشيعت إلاَّ لتُهَوِّن من فتح الأندلس وانتصار المسلمين.

طارق بن زياد يتوغل في بلاد الأندلس
بعد النصر الكبير الذي أحرزه المسلمون في وادي بَرْبَاط، تدفَّق الناس من المغرب والشمال الإفريقي إلى جيش طارق[8]، فتضخَّم جيش طارق إلى حدٍّ يصعب تقديره[9]، فوجد طارق بن زياد أن هذا الوقت هو أفضل الفرص لاستكمال الفتح وإمكان تحقيقه بأقل الخسائر؛ وذلك لِمَا كان يراه من الأسباب الآتية:

1- النتيجة الحتمية لانتصار اثني عشر ألفًا على مائة ألف؛ وهي الروح المعنوية العالية لدى جيش المسلمين.

2- ازدياد عدد الجيش المسلم بما انضمَّ إليه من المتطوعين في المغرب والشمال الإفريقي.

3- ما أصاب القوط النصارى من فقدان الثقة، التي تجسَّدت في انعدام الروح المعنوية.

4- وإضافة إلى انعدام الروح المعنوية فقد قُتِل من القوط النصارى وتفرَّق منهم الكثير؛ فأصبحت قوتهم من الضعف والهوان بمكانٍ.

5- وجد طارق بن زياد أن انتهاء لُذَرِيق المستبدِّ -قُتِلَ أو فرَّ هاربًا- عن الناس والتأثير فيهم فرصة كبيرة لأن يُعلِّم الناسَ دين الله U؛ ومن ثَمَّ فهم أقرب إلى قبوله والدخول فيه.

6- لم يضمن طارق بن زياد أن يظلَّ يُليان صاحب سَبْتَة على عهده معه مستقبلاً؛ ولذلك فعليه أن يستفيد من هذه الفرصة ويدخل بلاد الأندلس مستكملاً الفتح.

لهذه الأسباب أخذ طارق بن زياد جيشه بعد انتهاء المعركة مباشرة واتَّجه شمالاً؛ لفتح بقيَّة بلاد الأندلس، قاصدًا طُلَيْطلَة عاصمة القوط، التي كانت تُحضِّر لاختيار قائد جديد بعد اختفاء لُذريق، وفيها جرى التنافس بين أتباع لذريق وبين أتباع غِيطْشة.
§§§§§§§§§§§
[1] عبد الرحمن الحجي: التاريخ الأندلسي ص59، 61.
[2] الوَزَر: المَلْجَأ. الجوهري: الصحاح، باب الراء فصل الواو 2/845، وابن منظور: لسان العرب، مادة وزر 5/282، والمعجم الوسيط 2/1028.
[3] النَّجْوة: المكان المرتفع الذي تَظنُّ أنه نجاؤك. ويقال: هو بنجوة من هذا الأمر؛ بعيد عنه بريء سالم. 2/905.
[4] أي: لا تروا لأنفسكم فضلاً عليَّ، من رغب بنفسه عن فلان: رأى لنفسه عليه فضلاً. ابن منظور: لسان العرب، مادة رغب 1/422، والمعجم الوسيط 1/356.
[5] العِقْيان قيل: هو الذهب الخالص. وقيل: هو ما ينبُتُ منه نباتًا. ابن منظور: لسان العرب، مادة عقا 15/79.
[6] ابن خلكان: وفيات الأعيان 5/321، 322، والمقري: نفح الطيب 1/240، 241.
[7] ابن عذاري: البيان المغرب 2/6، والحميري: الروض المعطار ص35.
[8] المقري: نفح الطيب 1/259.
[9] حسين مؤنس: فجر الأندلس ص72.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالسبت 13 يوليو 2019, 11:26 am

قصة الذبيح

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد 

1-وقد دللنا على أن الذبيح هو إسمعيل على الصحيح قال الله تعالى
(وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين.رب هب لي من الصالحين.فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني اذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين.فلما أسلما وتله للجبين.وناديناه ان يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزي المحسنين.ان هذا لهو البلاء المبين.وفديناه بذبح عظيم.وتركنا عليه في الآخرين.سلام على إبراهيم.كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين.وبشرناه باسحق نبيا من الصالحين.وباركنا عليه وعلى اسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين) 

2-يذكر تعالى عن خليله إبراهيم أنه لما هاجر من بلاد قومه سأل ربه أن يهب له ولدا صالحا فبشره الله تعالى بغلام حليم وهو إسماعيل عليه السلام لانه أول من ولد له على رأس ست وثمانين سنة من عمر الخليل.وهذا ما لا خلاف فيه بين أهل الملل لانه أول ولده وبكره وقوله (فلما بلغ معه السعي) أي شب وصار يسعى في مصالحه كأبيه قال مجاهد (فلما بلغ معه السعي) أي شب وارتحل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل.فلما كان هذا رئى ابراهيم عليه السلام في المنام أنه يؤمر بذبح ولده * هذا.

وفي الحديث عن ابن عباس مرفوعا " رؤيا الانبياء وحي " * وهذا اختبار من الله عزوجل لخليله في أن يذبح هذا الولد العزيز الذي جاءه على كبر وقد طعن في السن بعدما أمر بأن يسكنه هو وأمه في بلاد قفر وواد ليس به حسيس ولا أنيس ولا زرع ولا ضرع فامتثل أمر الله في ذلك وتركهما هناك ثقة بالله وتوكلا عليه، فجعل الله لهما فرجا ومخرجا ورزقهما من حيث لا يحتسبان.

3-ثم لما أمر بعد هذا كله بذبح ولده هذا الذي قد أفرده عن أمر ربه وهو بكره ووحيده الذي ليس له غيره أجاب ربه، وامتثل أمره، وسارع إلى طاعته، ثم عرض ذلك على ولده ليكون أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قسرا ويذبحه قهرا (قال يا بني اني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) 

فبادر الغلام الحليم، سر والده الخليل إبراهيم، فقال: " يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين) * وهذا الجواب في غاية السداد والطاعة للوالد ولرب العباد قال الله تعالى (فلما أسلما وتله للجبين) قيل أسلما أي استسلما لامر الله وعزما على ذلك.وقيل هذا من المقدم والمؤخر والمعنى تله للجبين أي ألقاه على وجهه.قيل أراد أن يذبحه من قفاه لئلا يشاهده في حال ذبحه قاله ابن عباس .

وقيل بل أضجعه كما تضجع الذبائح وبقي طرف جبينه لاصقا بالارض ((واسلما) أي سمى إبراهيم وكبر وتشهد الولد للموت * قال السدي وغيره أمر السكين على حلقه فلم تقطع شيئا ويقال جعل بينها وبين حلقه صفيحة من نحاس والله أعلم.فعند ذلك نودي من الله عزوجل (أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) أي قد حصل المقصود من اختبارك وطاعتك ومبادرتك إلى أمر ربك وبذلك ولدك للقربان كما سمحت ببدنك للنيران وكما مالك مبذول للضيفان ولهذا قال تعالى (إن هذا لهو البلاء المبين) أي الاختبار الظاهر البين وقوله (وفديناه بذبح عظيم) أي وجعلنا فداء ذبح ولده ما يسره الله تعالى له من العوض عنه.
والمشهور عن الجمهور أنه كبش أبيض أعين أقرن رآه مربوطا بسمرة في ثبير.

4-وعن ابن عباس قال: كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا وقال سعيد بن جبير كان يرتع في الجنة حتى تشقق عنه ثبير وكان عليه عهن أحمر (عهن الصوف).وقال ابن عباس هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء فذبحه وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه (الطبري). قال مجاهد فذبحه بمنى وفي القرآن كفاية عما جرى من الامر العظيم والاختبار الباهر وأنه فدى ذبح عظيم وقد ورد في الحديث أنه كان كبشا.


قال الامام أحمد، عن صفية بنت شيبة، قالت: أخبرتني إمرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة - وقال مرة - إنها سألت عثمان لم دعاك رسول الله صل الله عليه وسلم قال: إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما (تغطيهما) فخمرهما فانه لا ينبغي أن يكون في البيت شئ يشغل المصلي.


قال: سفيان: لم تزل قرنا الكبش في البيت حتى احترق البيت فاحترقا
وهذا روي عن ابن عباس أن رأس الكبش لم يزل معلقا عند ميزاب الكعبة قد يبس.وهذا وحده دليل على أن الذبيح اسمعيل لانه كان هو المقيم بمكة.واسحق لا نعلم أنه قدمها في حال صغره والله أعلم.وهذا هو الظاهر من القرآن بل كأنه نص على أن الذبيح هو اسمعيل لانه ذكر قصة الذبيح ثم قال بعده (وبشرناه باسحق نبيا من الصالحين) 

5-شبه اهل الكتاب ، ومستنده أنه إسحق إنما هو اسرائيليات، وكتابهم فيه تحريف، ، فان عندهم أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده وفي نسخة من المعربة بكره اسحق فلفظة اسحق ههنا مقحمة مكذوبة مفتراة لانه ليس هو الوحيد ولا البكر [ انما ] ذاك اسمعيل.
وإنما حملهم على هذا حسد العرب فإن إسمعيل أبو العرب الذين يسكنون الحجاز الذين منهم رسول الله صل الله عليه وسلم وإسحق والد يعقوب وهو اسرائيل الذين ينتسبون إليه فأرادوا أن يجروا هذا الشرف إليهم فحرفوا كلام الله وزادوا فيه وهم قوم بهت ولم يقروا بأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء. وقد قال بأنه اسحق طائفة كثيرة من السلف وغيرهم 

6-قال القرطبي: واختلف العلماء في المأمور بذبحه ; فقال أكثرهم: الذبيح اسحق.وممن قال بذلك: العباس بن عبد المطلب وابنه عبد الله - ابن عباس - ابن مسعود - حماد بن زيد - جابر بن عبد الله - عبد الله بن عمر - عمر بن الخطاب - (هؤلاء من الصحابة) ومن التابعين وغيرهم: علقمة الشعبي مجاهد وسعيد بن جبير وكعب الاحبار وقتادة ومسروق وعكرمة وعطاء ومقاتل والسدي والزهري ومالك بن أنس.
وقال الزجاج: الله أعلم أيهما الذبيح، وهذا مذهب ثالث.أما المذهب الثاني ; فهم من قال: انه إسماعيل

7- قال ابن كثير :وإنما أخذوه والله أعلم من كعب الاحبار أو صحف أهل الكتاب وليس في ذلك حديث صحيح عن المعصوم حتى نترك لاجله ظاهر الكتاب العزيز ولا يفهم هذا من القرآن بل المفهوم بل المنطوق بل النص عند التأمل على أنه اسمعيل.

وما أحسن ما استدل محمد بن كعب القرظي على أنه اسمعيل وليس باسحق من قوله (فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحق يعقوب) [ هود: 71 ] قال: فكيف تقع البشارة باسحق ؟ وأنه سيولد له يعقوب، ثم يؤمر بذبح إسحق، وهو صغير، قبل أن يولد له، هذا لا يكون لانه يناقض البشارة المتقدمة والله أعلم.

8-عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال المفدى اسماعيل وزعمت اليهود أنه اسحق وكذبت اليهود *
وقال عبد الله بن الامام احمد عن أبيه هو اسماعيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70092
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 القصة في القران الكريم عظة وعبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القصة في القران الكريم عظة وعبرة    القصة في القران الكريم عظة وعبرة Emptyالخميس 15 أغسطس 2019, 8:24 am

(( هاروت وماروت ))

موقع القصة في القرآن الكريم : ورد ذكر القصة في سورة البقرة
قال الله تعالى :
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)

القصة المؤكدة من معظم العلماء والشيوخ

أن اليهود نبذوا كتاب الله واتبعوا كتب *****ة والشعوذة التي كانت تُقْرَأ في زمن ملك سليمان عليه السلام.

كانتِ الشياطين تصعدُ إلى الفضاءِ فتصلُ إلى الغمام والسحابِ حيثُ يسترقونَ السمعَ من كلامِ الملائكةِ الذين يتحدَّثونَ ببعض ما سيكونُ بإذن الله في الأرضِ من موتٍ أو أمر أو مصائب، فيأتون الكهنَة الكفار الذين يزعمون بأنّهم يعلمون الغيبَ ويُخبروهم، فتُحدّثُ الكهنةُ الناسَ فيجدونه كما قالوا ، فلما ركنَت إليهم الكهنة ، أدخلوا الكذبَ على أخبارهم فزادوا مع كل كلمةٍ سبعين كلمة ، وقد دونوها في كتب يقرؤونها ويعلمونها الناس وفشا ذلك في زمان سليمان عليه السلام ، حتى قالوا إن الجن والشياطين تعلم الغيب ، وكانوا يقولون هذا علم سليمان عليه السلام ، وما تمَّ لسليمان ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر الجن والإنس والطير والريح.

فأنزل الله هذين الملكين هاروت وماروت لتعليم الناس ***** ابتلاءً من الله وللتمييز بين ***** والمعجزة وظهور الفرق بين كلام الأنبياء عليهم السلام وبين كلام *****ة.

وما يُعلِّم هاروت وماروت من أحدٍ حتى ينصحاه ، ويقولا له إنما نحن ابتلاء من الله ، فمن تعلم منا ***** واعتقده وعمل به كفر ، ومن تعلَّم وتوقَّى عمله ثبت على الإيمان.

فيتعلم الناس من هاروت وماروت علم ***** الذي يكون سبباً في التفريق بين الزوجين ، بأن يخلق الله تعالى عند ذلك النفرة والخلاف بين الزوجين ، ولكن لا يستطيعون أن يضروا ب***** أحداً إلا بإذن الله تعالى ، لأن ***** من الأسباب التي لا تؤثر بنفسها بل بأمره تعالى ومشيئته وخلقه.

فيتعلم الناس الذي يضرهم ولا ينفعهم في الآخرة لأنهم سخروا هذا العلم لمضرة الأشخاص.

ولقد علم اليهود أن من استبدل الذي تتلوه الشياطين من كتاب الله ليس له نصيب من الجنة في الآخرة ، فبئس هذا العمل الذي فعلوه.

والخلاصة : أن الله تعالى إنما أنزلهما ليحصل بسبب إرشادهما الفرق بين الحق الذي جاء به سليمان وأتم له الله به ملكه ، وبين الباطل الذي جاءت الكهنة به من *****، ليفرق بين المعجزة و*****.

وقد اختار اليهود الاشتغال ب***** ، واستبدلوه بكتاب الله وآياته المنزلة فى القرآن والتوراة ، وصدق القرآن المنزل عليه من رب العالمين .. ولبئس البديل الذى اختاروه وفضلوه على الإيمان وهو ***** .. ولو انهم آمنوا واتقوا ، لكان خيرا لهم..

مــــلاحــظـــه : إن ورد غير ذلك في شأن هذه القصة فلا يبعد أن يكون من الروايات الإسرائيلية.

سبب نزول الآية الكريمة :
سبب ذكر قصة ‘‘هاروت وماروت’’ فى القرآن الكريم ، أن يهود المدينة كانوا لا يسألون النبى ’’محمد‘‘ صل الله عليه وسلم عن شىء من التوراة ، إلا أجابهم عنه ،
فسألوه عن ***** ، فأنزل الله تعالى هذه القصة

وقال بعضهم أنه لما ذكر نبى الله ’’سليمان‘‘ عليه السلام فى القرآن

قالت يهود المدينة : ألا تعجبون لـ’’محمد‘‘ يزعم ان ابن ’’داوود‘‘ كان نبيا ؟!
والله ما كان إلا ساحرا فأنزل الله هذه الآية ليكذب أقوالهم وليبرأ رسوله الكريم سليمان بن داوود عليهما السلام مما ينسبون إليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
القصة في القران الكريم عظة وعبرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تحميل برنامج القران الكريم لتعليم الاطفال تلاوة وحفظ القران
» برنامج جميل للقرآن الكريم‏ --_ تفسير القران الكريم
» برنامج القران الكريم
» القران الكريم مع التفسير
» القران الكريم على صيغة MP3

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: