منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مدرسة الصوم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مدرسة الصوم Empty
مُساهمةموضوع: مدرسة الصوم   مدرسة الصوم Emptyالثلاثاء 27 أبريل 2021, 11:22 am

مدرسة الصوم

الصوم هو إحدى دعائم الإسلام الخمس، وأحد أركان الدِّين، جاء في صحيحي البخاري ومسلم أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((بُنِيَ الإسلامُ على خمس: شهادة أن لا إلهَ إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت)).

 

وقد فرض الله - سبحانه - صومَ رمضان على هذه الأُمَّة في شعبان من السنة الثانية من الهجرة قبل وقعة بدر.

 

أوجب - عزَّ وجلَّ - علينا الصومَ؛ ليخلِّصنا من أدران المادة جزءًا من الزَّمن، فهو حرمان مشروع، وفيه خضوع لله وخشوع.

 

فالواحد منا إذا تألم من الجوع، وُجِدَت عنده الأحاسيس، ونَمت فيه العواطف نحو إخوانه الفقراء والمُعْوَزين.

 

يقول الأستاذ محمد الحجار في كتابه "صوت المنبر": ما أحوجنا إلى هذه التربية الحكيمة، فننظر إلى إخواننا المعذبين، الذين يلتحفون السماء، ويفترشون الأرض - نظرةَ إنصافٍ ورحمة وبِرٍّ وشفقة!

 

فالصومُ يكسر الكِبْرَ، ويشعر الإنسان بضعفه وعجزه، وأنَّه في حاجة ماسَّة إلى لقمة العيش وشربة الماء، وأنَّ حياته متوقفة على الطَّعام والشراب والهواء، فهو في حاجةٍ إلى ربه دائمًا وأبدًا؛ يقول - عزَّ وجلَّ -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].

 

والصوم يُعلِّم الصَّبر، فيجعل الإنسان قادرًا على تَحمُّل الأذى والمكاره، وقد سُمِّي الصيام صبرًا، ووعد الله - تعالى - الصابرين بالجزاء الأوفى والثَّواب العظيم؛ يقول - سبحانه -: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، ويقول رسول الهدى - عليه الصلاة والسلام -: ((ألَمْ تَرَ إلى العمال يعملون، فإذا فَرَغوا من أعمالهم وُفُّوا أجورهم؟))؛ رواه أحمد والبزار والبيهقي.

 

وقال سبحانه في الحديث القدسي: ((كُلُّ عمل ابن آدم له إلاَّ الصوم، فإنَّه لي وأنا أجزي به))؛ رواه البخاري ومسلم.

 

والصوم يُعلِّم الأمانة، ويُعلم الصدق في المعاملة، ويُعلم النصح لكلِّ مسلم، ويُعلم مراقبة النفس، ويُعلم مراقبة الله - عزَّ وجلَّ.

 

فالصوم سرٌّ بين العبد وربِّه، والصوم يُحرِّك الشفقة في القلب، ويَحض على الصدقة، فهو يُعلِّم العطف، ويَحث على البر.

 

فهو شهر الجود والكرم، وشهر البرِّ والإحسان، فإذا جاع مَنْ ألف الشبع، وحُرم الغنيُّ المترفُ أسبابَ المتع، عرف الجوع كيف يقع، وأدرك ألَم الفقر والحرمان إذا لذع.

 

فالله - سبحانه - هو المدبر الحكيم، والمشرِّع العليم، أوجب الصوم لحِكَم عالية ومرامٍ سامية، وقد أنزل - سبحانه - في هذا الشهر الكريم النورَ المبين، والذكرَ الحكيم، والهادي إلى صراط الله المستقيم، كتابًا يهدي للتي هي أقوم، لا يشبع منه العلماء ولا يَملّه الأتقياء.

 

كما أنَّ الصيامَ يؤثر في الإنسان تأثيرًا تظهر آثارُه في الأخلاق وفي النفس، فهو سلاح عجيب وضعه الله - عزَّ وجلَّ - بيد القوة الإنسانية؛ لتقهر به الطبيعة الحيوانية؛ مما يدفع عن الإنسان غوائل العُدوان على الدماء والأراضي والأموال؛ لأنَّ هذا العدوان إنَّما يكون من تَمرد الصفات الحيوانية.

 

فالصيامُ يكسر الشهوات؛ إذ لا تكسر النفس بشيء كالجوع، ويُذكِّر الصيامُ بحال الأكباد الجائعة، والأجسام العارية، والنساء المشردة، فيرق القلب وتلين النفس.

 

رُوِي في الآثار أنَّ يوسفَ - عليه السَّلام - سُئل: لِمَ تجوع وأنت على خزائن الأرض؟ قال - عليه السَّلام -: أخاف إنْ شبعت أنْ أنسى الجائع، ما أروعَ هذا المظهر النبوي الدال على الإنصاف!

 

إنَّ الصيام يدعو إلى التحلي بمكارم الأخلاق؛ إذ يُكلف فيه الإنسان أن يَحفظ لسانه عن الغيبة، ويغض عينه عن النظر إلى الأجنبيَّات، ويصون قلبَه الرقيق من وساوس الشياطين، ويُحلي الصائم نفسه بالصدق والإخلاص، ويتجنب الشُّحَّ المذموم والبخل الممقوت.

 

عن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: أُعْطِيَت أُمَّتي في شهر رمضان خمسًا لم يعطهن نبيٌّ قبله:

1- أمَّا الأولى: فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان ينظر الله إليهم، ومن نظرَ الله إليه لم يعذبه أبدًا.

2- وأما الثانية: فإن خُلُوفَ أفواههم حين يُمْسِون أطيبُ عند الله من ريحِ المسك.

3- وأما الثالثة: فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة.

4- وأما الرابعة: فإن الله - عزَّ وجلَّ - يأمر جنته، فيقول لها: استعدي، وتزيني لعبادي، أَوْشَك أن يستريحوا من تعب الدُّنيا إلى داري وكرامتي.

5- وأما الخامسة: فإنه إذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعًا.

 

يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

هذا نداء إلهي يُدوِّي في جنبات الوجود، ويُحلق في آفاقه مُنبهًا إلى فريضة الصوم.

 

ختامًا:

فإن ما ينبغي تأكيده أنَّ الصومَ ورمضان مدرسة، فهل آنَ أوان التعلم والتربي والإفادة من عِبَر ودروس وحِكَم وخصال الصيام؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مدرسة الصوم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدرسة الصوم   مدرسة الصوم Emptyالثلاثاء 27 أبريل 2021, 11:24 am

الصوم تربية وإعداد

يتجدَّد العهد مع شهرِ الصيام كلَّ عام، وتستقبله نفوسُ المؤمنين استقبالَ الغائب الحبيب، الذي طالَ انتظارُه، وترقُّبُ أوْبَتِه، ففاجأ أهله بالعودة، حاملاً معه البُشرى والسرور، وكلَّ ما يُفرح القلوبَ، ويُبهج النفوس، وأيُّ خير أعظم وأغْلى مما يحمله شهرُ القرآن لأمَّة الإسلام؟! لا سيما للمقصِّرين والمفرِّطين الذين لطمتْهم أمواجُ الأهواء والشهوات، وكادتْ تغرقهم في بحرِها اللُّجي العريض.

 

ولعلَّ مِن أبرز خيرات هذا الشهر المبارك: أنه يُحيي وقدَةَ الإيمان في قلْب المؤمن، ويبعثها حيةً من جديد، مهما خبَتْ تحت رَمادِ الغَفْلة والتفريط.

 

وبذلك يتنبَّهُ المؤمِن مِن غفلته، ويُدرك خطأه، ولا يجد أمامَه إلاَّ اللجوءَ إلى الله تعالى، والارْتماء على عَتَبات الذُّلِّ والإنابة، مؤمِّلاً العفو والمغفرة من ربٍّ كريم، واسعِ الجود، كثيرِ العطاء، بعبادِه رؤوف رحيم.

 

والسعيد مَن أدركتْه رحمةُ الله - تعالى - فَيُمْحى بها ذَنْبُهُ، ويُغسلُ ما ران على قلْبه مِن آثار التفريط والتقصير، فيطَّهَّر مِن أدران الإعراض، ويرجع إلى نَقاء الفِطرة، وشفافية الوجدان، ويستقبل الحياةَ مستمسكًا بحِبال الرجاء، وينتظم في سِلك التائبين المقبولين، وكله أمَلٌ أن يشملَه عفوُ الله تعالى.

 

وإنه لجدير بالمؤمن - وهو يُرتِّل القرآنَ في هذا الشهر الكريم - أن يخشعَ قلبُه ويَلين، وَيُحِسَّ مع هَدْأة اللَّيْل وسكونه أنَّ هذا الوحي الإلهي موجَّهٌ إليه بالذات، وأنَّ خالقه العظيم يُعاتبه عتابَ الودود الشفيق، ويستجيش مشاعرَه ووجدانه؛ ليتفكَّرَ ويعتبر، ويُسْقِطَ واقعَ حاله على ما هو مطلوبٌ منه، وما يجب أن يكون عليه، فيدرك أخطاءَه، ويعترف بتقصيره، ويُسرِع بالعودة إلى سلامة الفِطرة، ونقاء العقيدة، وَيَلِجُ مِن باب الأمَل والرَّجاء إلى حِمَى الرحمن، وظلال الإيمان، ويَضَع عن كاهله أوزارَ الانحراف وأثقالَه، فقد حُقَّ له أن يستريح، وآنَ له أن يؤوب؛ فما للعَبَث خُلِق، ولا باللهوِّ واللعب تتحقَّق الآمال، وإنها لحسرةٌ كبيرة، وخسارة عظيمة أنْ تنقضيَ بهما الأعمار، ويسيطرَ اليأس والقنوطُ على القلوب والنفوس.

 

إنَّ قلب التقيِّ مطمئنٌّ بالإيمان، واثقٌ بوعد الله - عزَّ وجلَّ - الذي تنزَّل به الذكر الحكيم: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

 

فلا يأسَ مع الإيمان؛ ﴿ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، ولا قنوطَ ما صفَتِ العقيدة، وَصَلح القلْب؛ {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} [الحجر: 56]؛ ذلك أنَّه مهما عظُم الذنب، فعفوُ الربِّ أكبرُ وأعظم، ومهما امتدتْ مسافة الإعراض، فساحةُ الجود والرحمة أوسعُ وأرْحب، ومهما طال زمنُ التفريط، فباب التوبة مفتوح لا يُغلَق؛ ((إنَّ للتوبة بابًا لا يُغلَق، حتى تطلعَ الشمس من مغرِبها))[1].

 

ونداء الحق خالدٌ على الأبَد، يبشِّر المؤمنين؛ ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82].

 

إنَّ خِصالَ الخير في هذا الشهر المبارك كثيرةٌ ومتنوِّعة، فهو شهرُ الصيام، والقيام، وغض البصر، وحِفظ اللسان.

 

شهر نزول القرآن، الذي أنشأ أمَّة، وبنَى جيلاً، وأسَّس دولة.

شهر ليلة القدْر، التي جعَلَها الله خيرًا من ألْف شهر، شهر الدعاء المستجاب، والعمل المقبول.

 

إنَّه شهر الجهاد: جهاد النفس، وجهاد الأعداء على كلِّ الأصعدة، وفي شتَّى الميادين.

إنَّه شهر الفُرْقان، فيه نصَر اللهُ - تبارك وتعالى - نبيَّه - رضي الله عنه - ببدر يومَ الْتقَى الجمعان، ففرَّق - بذلك - بيْن الحق والباطل، إلى يومِ الدِّين.


جائزة الصائمين:

إنَّه شهر حبا الله فيه أُمَّةَ الإسلام مِن الإنعام، والإكرام، والأفضال، ما لم تنلْه أمَّة نبيٍّ قبل محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

روى البيهقيُّ عن جابر - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أُعطِيتْ أمَّتي في رمضان خمسًا، لم يعطهنَّ نبيٌّ قبلي:

أمَّا واحدة: فإنَّه إذا كان أوَّلُ ليلة مِن رمضان ينظر الله - عزَّ وجلَّ - إليهم، ومَن نظَر الله إليه لم يعذبْه أبدًا.

وأما الثانية: فإنَّ خُلوف أفواههم - رائحتها - حين يُمسُون أطيبُ عند الله مِن رِيح المِسْك.

وأما الثالثة: فإنَّ الملائكة تستغفر لهم في كلِّ يوم وليلة.

وأما الرابعة: فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يأمر جَنَّتَه، فيقول لها: استعدِّي وتزيَّني لعبادي، أوْشكَ أن يستريحوا من تَعَبِ الدنيا، إلى داري وكرامتي.

وأما الخامسة: فإنَّه إذا كان آخِرُ ليلة غفَر الله لهم جميعًا))، فقال رجل مِن القوم: أهي ليلةُ القدر؟ فقال: ((لا، ألم تَرَ إلى العمَّال يعملون، فإذا فرَغُوا من أعمالهم وُفُّوا أجورَهم؟!)).

 

أرأيتم أيها الإخوان، هذا الخير العظيم، والجُود العميم، يتفضَّل به الربُّ الكريم، على عباده الصالحين.

 

لقد وعَى المسلمون الأوَّلون هذه الحقائق، فكان رمضانُ عندَهم غنيمةً من الغنائم، يتسابقون لنيلِ أكبرِ قدْرٍ مِن ثوابها العظيم.


أنواع الصائمين:

إنَّ للناس في صيامِهم ألوانًا منَ العادات والتقاليد، توارثوها على مرِّ الأجيال، منها البعيدُ عن الإسلام بُعدًا كاملاً، ومنها ما يقترب منَ الإسلام قُربًا يجعله ذا صِبغة إسلامية، ومنها ما هو مِن صميمِ الإسلام وَلُبِّه.


فمن الناس: مَن يرى الصوم أسلوبًا صحيًّا، وعلاجًا وقائيًّا، يُبعده عنِ الأمراض، أو يكسبه مناعةً ضدَّها، فأيام رمضانَ عنده وصفةٌ طبية، يتناول حباتِها الثلاثين، في كلِّ يوم حبَّة، ولا علاقةَ له بعد ذلك بأخلاقِ الصيام، ولا بآدابِ الصيام، ولا بالحِكمة الربَّانية التي شُرِع من أجلها الصيام.


ومن الناس: مَن يرَى الصوم إمساكًا عنِ الطعام والشراب، وسائر المفطِّرات، فإنْ هو فعَل - بزعمه - فقد بَرِئت ذمَّتُه، وأدَّى الذي عليه.

 

وفات هذين الصِّنفين من الناس أنَّ عملَهم هذا بعيدٌ كلَّ البُعد عن الحِكمة التي كان صوْمُ رمضان مِن أجلها رُكنًا من أركان الإسلام.


آداب الصيام:

1- روى البخاريُّ ومسلِمٌ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الصِّيام جنَّة – أي: وقاية - فإذا كان يومُ صوم أحدِكم فلا يرفثْ، ولا يصخبْ، فإنْ شاتَمَه أحد أو قاتله، فليقلْ: إني صائم، إني صائم)).

2 - روى البخاريُّ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن لم يدَعْ قول الزور، والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامَه وشرابه)).

3 - روَى ابن حبَّانَ، وابن خزيمة في صحيحيهما: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ليس الصيامُ منَ الأكْل والشرب، إنما الصيام منَ اللغوِ والرفث)).


الصوم نظام حياة:

مِن هذه الأحاديث الشريفة وأمثالها نُلاحِظ - أيُّها الأخ المسلم - أنَّ للصوم آدابًا رفيعة، وأنَّ له حِكمةً سامية، وأنَّ الصوم نظامُ حياة متكامل، وليس موسمًا عابرًا.

 

إنَّه دعوةٌ إلى كلِّ فضيلة، ورادِعٌ عن كلِّ رذيلة، وسياج دون كلِّ معصية، فلا صخبَ في حياة الصائمين، ولا شَتِيمة، ولا شِجار.

 

صامَتْ ألْسنتُهم، فلا كذبَ ولا بُهتان، وصامَتْ أبصارهم، فلا تقع على حرامٍ، وصامَتْ أسماعُهم عمَّا سوى الحلال، استجابة لتوجيهات قائدِهم الكريم، عليه أزْكى الصلوات، وأتم التسليم؛ ((إنَّما الصِّيام من اللغوِ الرفث)).

 

وهكذا نرَى الصائمين نماذجَ ربَّانية، عافتْ لذيذَ الشراب والطعام، وأقبلَتْ على الصلاة والقيام، وجادتِ ابتغاء مرضاةِ الله بالأوقات والأموال.

 

تسامَتْ أرواحها، وعلَتْ نفوسها، وتعلَّقت منها القلوب بما عندَ الله من نعيمٍ لا يزول، لقد رأتْ هذه الدنيا على حقيقتها، رأتْها لُقمةَ طعام فعافتْها، وشرْبةً باردة فتركتْها، أو شهوة عابِرة فتسامتْ عنها ونبذتها، ولسان الحال منها يُردِّد: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].

 

هذه غايةُ النفوس المؤمِنة، وأمنية القلوب الصادِقة، أن تفوزَ برِضوان الله، ليس لها غايةٌ سواها، وهل هناك غايةٌ أسْمى وأغْلى من رضا الرحمن؟!


الصوم جهاد:

لذلك نجد أُمَّة الصيام، أمَّة جِهادٍ وتضحيات، أمَّة تعلَّمت صناعةَ الموت في ظلالِ القرآن، وأتْقَنت حياة المجاهدين في مدرسة النبوَّة، كلَّما ذهَب إلى ربه قائدٌ مجاهد، تلقف اللِّواءَ مِن بعده مجاهِدٌ آخَر، يبذل في سبيل الله النفس، والولَد والمال، حتى غدَا نشيد المؤمنين على الأجيال:


(الموت في سبيل الله أسمى أمانينا).

 

نعم نحن - أُمَّةَ الصيام - ورِثْنا البطولات كابرًا عن كابر، وخلفًا عن سَلَف، فيومُ بدر كان يومَ الفرقان، فيه اندحر الشِّرْك وأهلُه أمامَ عُصبة الصائمين، وفي رمضان كان الفتح العظيم - فتح مكة - الذي فتَح للإسلام مغاليقَ القلوب، ومنيعاتِ الحصون، فانطلق الصائمون يَنشرون دينَ الله فوقَ كلِّ مكان، بعدما أعلن مؤذِّنُهم الأذان مِن فوق الكعبة (بيت الله الحرام).

 

ولا تزال هذه بطولاتنا حتى في العصرِ الحديث، عصر المادَّة والفساد، والانحراف والإلْحاد.

 

فهل لقِيَ اليهود الويلاتِ في رُبَى فلسطين، وذاقوا مُرَّ الهوان إلا مِن الأيدي المتوضئة، والنفوس الصائمة عن كلِّ ما حرَّم الله.


سلوهم فهم لا ينكرون: كم ليلة باتوها آمنين مِن كل الجيوش التي انتهتْ مسرحية قتالها بتسليم فلسطين، ولم يقلقهم إلا تلك الهجماتُ المؤمنة من شبابِ الإسلام التي كانت تدكُّ عليهم مستعمراتِهم، وتحرق حصونَهم على مَن فيها مِن الرجال، وما فيها مِن العتاد والأموال.


سلوهم فهم لا ينكرون: أليستْ تلك الهجمات المؤمِنة الصامِدة هي التي جعلتْهم يُخطِّطون لنشأة كيانات هزيلة، وحكومات عميلة مِن حولهم، حتى تقضيَ على الإسلام وشباب الإسلام؟!

 

نعم، هم الذين فعَلوا ذلك، وصنائعهم هم الذين نفَّذوا، ولا يزالون ينفذون لهم ما يريدون؛ لأنَّهم كلَّهم يعلمون أنه لا حياةَ لليهود مع وجودِ هذه النماذج العفَّة النظيفة، المؤمنة النقية، التي تربَّت في مدرسة الإسلام، وتحلَّت بأخلاقِ الأنبياء.


الصوم تكافل:

كما يُحقِّق الصومُ في نفوس الصائمين معانيَ الرجولة، والتضحية والجهاد، فهو كذلك يُربِّي النفوسَ على البذل والسخاء، وعلى الجود والكَرَم والعطاء.

 

إنَّ الغنيَّ الذي يعضُّه الجوع، ويُضنيه الظمأ في شهر رمضان - تتبدَّل مشاعرُه، ويختلف إحساسُه، ويدرك أنَّ هناك إخوانًا له يعانون طولَ العام مثلَ الذي يعانيه في رمضان، فيسارع إلى مواساتِهم، ويستجيب لنداءِ الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي يؤكِّد له أنَّ الصوم معلَّق بيْن السماء والأرض، لا يُقبل عندَ الله إلا بإخراج صدقةِ الفِطر.

 

وتطالعه سيرة الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - الجواد السخي، الذي كان في رمضانَ أجودَ بالخير من الرِّيح المرسَلَة، عندَها تهون في نفسه الأموال، ويتلفَّت إلى مَن حوله مِن المحتاجين: يواسيهم، ويؤازرهم، ويقدِّم لهم ما يُصلِح حالَهم، ويسدُّ حاجتَهم من غير مَنٍّ ولا أذًى، إنما هو واجبُ الأُخوَّة التي فرَضَها الإسلام، وحقَّق معانيَها الصيام، وبذلك نجد المجتمع الإسلامي قد تحقَّق التكافل بيْن أبنائه، وقامتْ حياتهم على المحبَّة، والمودَّة والإخاء.


خاتمة:

يا شباب الإسلام: إذا صام الناسُ عنِ الطعام والشراب وسائر المفطِّرات، فاعلموا أنَّ صومكم يجب أن يكون كصومِ الأنبياء والصِّدِّيقين، وإذا رأى الناسُ في رمضان موسمًا لألوان الطعام والشراب، فلا بدَّ أن يكونَ رمضان عندَكم موسمًا للطاعات والعبادات، وزيادة القُرْب من الله.

 

وإذا ما سَهِر الناس في رمضانَ مع وسائلِ الإعلام - غثِّها وسمينها - ليناموا بعدَها ما طال مِن النهار، فإنَّ ليلَكم يجب أن يكون قيامًا بيْن يدي الله - تعالى - ضارعين خاشعين، متبتلين قانتين، تطلبون مِنَ الله نصرَ دِينه، وإعزازَ شريعته، والأخْذَ بأيدي إخوانكم الذين يقاومون الظلمَ والطغيان، ويجب أن يكون نهارُكم عملاً دائبًا، وسعيًا حثيثًا؛ لتبلغوا مرضاةَ ربكم، فما شهر رمضان بشهرِ كسَلٍ، ولا نومٍ ولا خنوع.

 

إنَّه شهر الجهاد، فيه كانتْ غزوة بدر، وفيه كان الفتْح العظيم - فتح مكة - وغير ذلك مِن الغزوات.

 

فهنيئًا لكم صومكم، وهنيئًا لكم صلاتكم وقيامكم، وثِقُوا بأنَّ الله معكم: ناصُركم، ومؤيِّدُكم ما دمتم بنورِ كتابه مستنيرين، وبهَدْيِ نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم – متمسِّكين.

 

فاصبِروا وصابروا، ورابطوا واتقوا الله؛ لعلَّكم تفلحون.


[1] - رواه الترمذي .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مدرسة الصوم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدرسة الصوم   مدرسة الصوم Emptyالثلاثاء 27 أبريل 2021, 11:25 am

معنى الصوم

لصوم: عبادةُ السادات، وعبادة السادات ساداتُ العبادات، وشِيَم الأحرار أحرارُ الشيم.
نَصُومُ فَإِنَّ الصَّوْمَ مِنْ عَلَمِ التُّقَى        وَإِنَّ طَوِيلَ الجُوعِ  يَوْمًا  سَيَشْبَعُ
فما الغايَةُ العُظْمَى؟ وما أهم معاني الصوم؟



(أ) الإخلاص عنوان الصوم
أحلى أُعْطيات الصوم وأغلى معانيه الإخلاصُ، والإخلاص لله إخْلاصٌ وتَجَرُّد، بعيدًا عن أوحال الأرض.
والصوم: هو العبادة الوحيدة التي خُصَّت بالنسبة إلى الله "إلاَّ الصيامَ فإنه لي"[1].

وكما قال الإمام أحمد: "لا رياء في الصوم، فلا يدخله الرياء في فعله، من صَفا صُفي له، ومن كَدَر كُدر عليه، ومن أحسن في ليله كُوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله، وإنَّما يُكال للعبد كما كال".

والجنة لا تَطْلُب إلاَّ قلبًا خالصًا لله؛ {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: 79].
والصوم يُعلِّم الناس الإخلاص، فما صام منافقٌ مُراءٍ.

والغاية الوحيدة في مصطلح القرآن هي الإخلاص، وهي مِحْور دعوات الرسل، يقول - تبارك وتعالى -: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر: 2] الآية، {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر: 11] الآية، {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} [الزمر: 14] الآية، {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف: 29] الآية، {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 14] الآية.

والإخلاص: التعَرِّي عما دون الله، ونسيان رؤية الخلق بدوام النَّظَر إلى الخالق... أن يكون سُكُون العبد وحركاته لله - تعالى - خاصة، وإخراج الخلق عن مُعاملة الرب، والإخلاصُ أشد شيء على النفس؛ لأنه ليس لها فيه نصيب كما قال سهل.

والصدق في الإخلاص من أشد الأمور على النفوس، يقول سفيان الثوري: "ما عالَجْت شيئًا أشدَّ عَلَيَّ من نِيَّتي، إنها تتقلَّب عليَّ".

والإخلاص: هو الحرية في أرْقَى صُوَرِها وأكْمَلِ مراتبها، لا، لا، يا قيود الأرض.
تَفِيضُ   نُفُوسٌ    بِأَوْصَابِهَا        وتَكْتِمُ   عُوَّادَهَا   مَا   بِهَا
وَمَا أَنْصَفَتْ مُهْجَةٌ تَشْتَكِي        جَوَاهَا  إِلَى  غَيْرِ   أَحْبَابِهَا
شجرة الإخلاص أصْلُها ثابِتٌ، لا يَضُرُّها زَعْزَعُ: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ} [النحل: 27]، وأما شجرة الرِّياء فاجْتُثَّت عند نَسَمَة {وَقِفُوهُمْ} [الصافات: 24]، لَريحُ المخْلِصين تَرفعُ قَدْر الوَسَخ ((رُبَّ أشْعَثَ أغْبَرَ))، فيا أسَفَا! ذهب أهل الإخلاص والتحقيق، وبَقِيتْ بُنَيَّات الطريق، رحل - والله - السادة، وبقي قرناء الرياء والوسادة.
ذَمَّ الْمَنَازِلَ بَعْدَ مَنْزِلَةِ اللِّوَى        والعَيْشَ بَعْدَ  أُولَئِكَ  الأَقْوَامِ
يا إخوتاه! الإخلاص مِسْكٌ مَصون في مِسْك القَلْب، تَنَبَّه ريحه، العمل صورة، والإخلاصُ روحٌ.

الإخلاص اليسير كثير، وخليجٌ صافٍ أنفع من بَحر كَدِر، أتَحْدو وما لَكَ بَعير؟! أتَمُدُّ القَوْسَ وما لها وتر؟! أتتجشأ من غير شبع؟!

كم بذل نفسه مِراءً لتمدحه الخلائق فذهبتْ والمدحَ، ولو بَذَلها للحقِّ لبَقِيت والذكر، المرائي يحشو جراب العمل رملاً، فيثقله ولا ينفعه، ريح الرياء جيفة تتحاماها مَسام القلوب.

لمّا أخذ دودُ القَزِّ ينسج أقبلت العنكبوت تَتَشَبَّه، وقالت: لك نسج ولي نسج، فقالت دودة القَزِّ: ولكن نَسْجِي أردية بنات الملوك، ونسجُك شبَكة الذباب، وعند مسِّ النسيجين يتَبَيَّن الفرق.
"إِذَا اشْتَبَكَتْ دُمُوعٌ فِي خُدُودٍ        تَبَيَّنَ مَنْ بَكَى مِمَّنْ  تَبَاكا"[2]
والأمة أحوج ما تكون إلى إخلاص أبنائها، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم))[3]، وفيه خلاص الأمة ورفعتها، فعن أُبَيِّ بن كعب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بَشِّرْ هذه الأمة بالسناء والدين، والرِّفعَة والتَّمْكين في الأرض، فَمَن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نَصيب))[4]، وفي رواية للبيهقي، قال رسول الله - صل الله عليه وسلم -: ((بشِّرْ هذه الأمة بالتيسير والسناء، والرفعة بالدين والتمكين في البلاد والنَّصر، فمن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا، فليس له في الآخرة من نصيب)).

ما أحوجنا إلى الصيام والإخلاص! عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما يُبعث الناس على نياتهم))[5]، وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم -: ((إنَّما يُحشرُ الناس على نِياتِهم))[6].

ما أحوجنا إلى الفرار من الرياء! والصيام خيْرُ عَوْن، عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من سمع النَّاسُ بعمله، سمَّع اللهُ به مسامِعَ خَلْقِه، وصغَّرَه وحقَّره))[7]، وقال - صل الله عليه وسلم -: ((ثلاث لا يَغُلُّ عليهن قلبُ امرئٍ مؤمن: إخلاص العمل لله، والمناصحة لأئمة المسلمين، ولُزوم جماعتهم؛ فإن دعاءهم يُحيطُ من ورائهم))[8].

ولو لم يكن في الإخلاص إلا طَرْدُ الخيانة والحقد من القلب لكفاه شَرَفًا، فيكفي أنَّ الأعمال ميِّتة بدونه، وقِشْرٌ خَالِسٌ من الباب سواه.

ومن هنا؛ تأتي أهمية الصوم ومعناه الكبير؛ إذ كل عبادة سواه قد يدخلها الرياء، وإرادة وجه المخلوقين، حتَّى الصلاة خير الأعمال قد يدخلها الرياء.

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: خرج علينا رسول الله - صل الله عليه وسلم - نتذاكر المسيح الدجال، فقال: ((ألا أخبركم بما هو أخْوَف عليكم عندي من المسيح الدجال))؛ فقلنا: بلى، يا رسول الله، فقال: ((الشرك الخفي: أن يقوم الرجل فيصلي، فيُزَيِّن صلاته لِما يَرى من نَظَر رجل))[9].

وعن محمود بن لبيد - رضي الله عنه - خرج النبي - صل الله عليه وسلم - فقال: ((يا أيُّها الناس، إياكم وشركَ السرائر))؛ قالوا: يا رسول الله، وما شرك السرائر؟ قال: ((يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدًا؛ لِما يرى من نَظَر الناس إليه، فذلك شِرْك السرائر))[10].

والجهاد والصدقة وقراءة القرآن قد يدخلها الرياء، فدَلَّ ذلك على خطره وفظاعته وشناعته، وإليك هذا الحديثَ؛ لترى خوف الصحابة من الرياء، وعلى ضوء ذلك ترى المعنى الجليل، الذي يورث الصيام لأصحابه وهو الإخلاص.

عن عقبة بن مسلم أنَّ شُفَيًّا الأصبحي حدَّثه أنه دخل المدينة، فإذا هُو برَجُل قد اجتمع عليه الناس، فقال من هذا؟ قالوا: أبو هريرة، قال: فدنوت منه، حتى قعدت بين يديه، وهو يُحَدِّثُ النَّاس، فلما سكت وخلا، قلت: له: أسألك بحقٍّ، وبحقٍّ لَمَا حدثتني حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعَقَلْتَه وعَلِمْتَه، فقال أبو هريرة: أَفْعَلُ، لأُحَدِّثَنَّك حديثًا حدَّثَنِيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَقَلْتُه وعَلِمْتُه، ثم نَشَغَ[11] أبو هريرة نشْغَةً، فمكثنا قليلاً ثم أفاق، فقال: لأحدِّثَنَّك حديثًا حَدَّثَنِيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غَيْري وغيرُه، ثم نَشَغَ أبو هريرة نشغة أخرى ثم أفاق، ومسح عن وجهه فقال: أفْعَلُ، لأحدثنك حديثًا حدثنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة ثم مال خارًّا على وجهه فأسندته طويلاً، ثم أفاق فقال: حدثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله - تبارك وتعالى - إذا كان يوم القيامة ينزل على العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، فأوَّل من يُدْعَى به رجل جَمَعَ القرآن، ورجل قُتِلَ في سبيل الله، ورجل كثيرُ المال، فيقول الله - عز وجل - للقارئ: ألم أُعَلِّمْك ما أنْزَلْتُ على رسولي؟ قال: بلى، يا ربِّ، قال: فما عملت فيما عَلِمْتَ؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله - عز وجل -: كَذَبْتَ، وتقول له الملائكة: كَذَبْتَ، ويقول الله - تبارك وتعالى -: بل أردت أن يقال فلان قارئ وقد قيل ذلك، ويُؤْتَى بصاحب المال، فيقول الله - عزَّ وجلَّ -: ألم أُوَسِّعْ عليك حتى لم أدَعْكَ تحتاج إلى أحد، قال: بلى، يا ربِّ، قال: فماذا عملت فيما آتَيْتُك؟ قال: كنت أصِلُ الرحم، وأتصدق فيَقُول الله له: كَذَبْتَ، وتقول الملائكة: كَذَبْتَ، ويقول الله - تبارك وتعالى -: بل أردت أن يقال فلان جواد وقد قيل ذلك، ويُؤتَى بالذي قُتِلَ في سبيل الله، فيقول الله له: فيمَ قُتِلْت؟ فيقول: أيْ ربِّ، أُمِرْتُ بالجهاد في سبيلك، فقاتلتُ حتَّى قُتِلْتُ، فيقول الله له: كَذَبْتَ، وتقول الملائكة: كَذَبْتَ، ويقول الله: بل أردتَ أن يقال: فلان جريءٌ فقد قيل ذلك))، ثُمَّ ضرب رسول الله - صل الله عليه وسلم - على رُكْبَتِي، فقال: ((يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أوَّلُ خَلْقِ الله تُسَعَّرُ بهم النَّارُ يوم القيامة))، قال الوليد أو عثمان المديني: وأخبرني عقبة أن شُفَيًّا هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا، قال أبو عثمان: وحدثني العلاء بن أبي حاتم أنه كان سيَّافًا لمعاوية، قال: فدخل عليه رجل فأخبره بهذا عن أبي هريرة، فقال معاوية: "قد فُعِل بهؤلاء هذا، فكيف بمن بقي من الناس؟"، ثم بكى معاوية بكاءً شديدًا حتَّى ظَنَنا أنه هالك، وقلنا قد جاءنا هذا الرجل بشَر، ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه، وقال: "صدق الله ورسوله {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15 – 16][12].

فكيف بمن بقي من الناس؟ لا نجاة إلا بالإخلاص.

فيالَلصَّوم من عبادة! أُسُّها ولحمتها وسداها الإخلاص، وفيه من النيران الخلاص.



(ب) التقوى حكمة الصوم العليا
قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

إن الغاية الأولى هي إعداد القلوب للتقوى والشفافية والحساسية والخشية من الله - تعالى - هكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم، إنها التقوى، فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب، وهي تؤدي هذه الفريضة؛ طاعة لله، وإيثارًا لرضاه، والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال، والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه، فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم، وهذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق مُوَلٍّ إليها، من ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفًا وضيئًا، يتجهون إليه عن طريق الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ثم يُثنِّي بتقرير أن الصوم أيام معدودات، فليس فريضة العمر وتكليف الدهر، ومع هذا فقد أعفى من أدائه المرضى حتى يَصحوا، والمسافرون حتَّى يقيموا تخفيفًا وتيسيرًا.

وظاهر النص في المرض والسفر يطلق ولا يحدد، فأيُّ مرض وأي سفر يسوغ الفطر، وهذا هو الأولى في فهم النص القرآني، والأقرب إلى المفهوم الإسلامي في رفع الحجر، ومع الضرر لإرادة اليسر بالناس لا العسر.

فالدين لا يقود الناس بالسلاسل إلى الطاعات، إنما يقودهم بالتقوى وغاية هذه العبادة خاصَّة هي التقوى.

والذي يفلت من أداء الفريضة تحت ستار الرخصة لا خَيْرَ فيه منذ البَدْء؛ لأنَّ الغاية الأولى من أداء الفريضة لا تتحقق.

وهذا الدين دين الله لا دين الناس، والله أعلم بتكامل هذا الدين، بين مواضع التَّرَخُّص ومواضع التشدد، وقد يكون وراء الرخصة في موضع من المصلحة ما لا يتحقق بدونها، بل لا بد أن يكون الأمر كذلك، ومن ثَمَّ أمر رسول الله - صل الله عليه وسلم - أن يأخذ المسلمون برُخَصِ الله التي رخص لهم.

وإذا حدث أن فسد الناس في جيل من الأجيال، فإن صلاحهم لا يتأتى من طريق التشدد في الأحكام، ولكن يتأتى من طريق إصلاح تربيتهم وقلوبهم، واستحياء شعور التقوى في أرواحهم، وإذا صَحَّ التشدد في أحكام المعاملات عند فساد الناس كعلاج راعٍ، وسدٍّ للذرائع، فإن الأمر في الشعائر التعبدية يختلف؛ إذ هي حساب بين العبد والرب، والظاهر في العبادات لا يُجدي ما لم يقم على تقوى القلوب، وإذا وجدت التقوى لم يَتَفَلَّت مُتَفلت، ولم يستخدم الرخصة إلى حيث يرتضيها قلبه، ويراها وهي الأولى"[13].



(جـ) ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون
"هذه غاية من غايات الفريضة: أن يشعر الذين آمنوا بقيمة الهدْيِ الذي يسَّره الله لهم، وهم يجدون هذا في أنفسهم في فترة الصيام أكثر من كل فترة، وهم مكفوفو القلب عن التفكير في المعصية، ومكفوفو الجوارح عن إتيانها، وهم شاعرون بالهدى ملموسًا محسوسًا؛ ليكبروا الله على هذه الهداية، وليشكروه على هذه النعمة، وتألف قلوبهم إليه بهذه الطاعة، كما قال لهم في مطلع الحديث عن الصيام: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} وهكذا تبدو مِنَّة الله في هذا التكليف الذي يبدو شاقًّا على الأبدان والنفوس، وتتجلى الغاية التربوية منه، والإعداد من ورائه للدور العظيم الذي أخرجت هذه الأمة؛ لتؤديه أداء تحرسه التقوى، ورقابة الله وحساسية الضمير"[14].

"وفي لفظ التكبير عند انتهاء الصيام خصوصية جليلة: وهي أن المشركين كانوا يتزلفون إلى آلهتهم بالأكل والتلطيخ بالدماء، فكان لقول المسلم: "الله أكبر" إشارة إلى أن الله يعبد بالصوم، وأنه منزه عن ضراوة الأصنام"[15].

{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} تعليل آخر، وهو أعَمُّ من مضمون جملة: {ولِتُكَبِّرُوا الله}؛ فإن التكبير تعظيم يتضمن شكرًا والشكر أعم؛ لأنه يكون بالأقوال التي فيها تعظيم لله، ويكون بفعل القُرَب من الصدقات في أيام الصيام وأيام الفطر، ومن مظاهر الشكر لبس أحسن الثياب يوم الفطر"[16].



(د) الصوم وإعداد الأمة
لقد كان من الطبيعي أن يفرض الصوم على الأمة، التي يُفْرَض عليها الجهاد في سبيل الله؛ لتقرير منهجه في الأرض، وللقوامة به على البشرية، وللشهادة على الناس، فالصَوْم هو مجال تقرير الإرادة العارمة الجازمة، ومحالُّ اتصال الإنسان بربه اتصال طاعة وانقياد، كما أنه مجال الاستعلاء على ضرورات الجسد كلها، واحتمال ضعفها وثقلها؛ إيثارًا لما عند الله من الرضا والمتاع، وهذه كلها عناصر لازمة في إعداد النفوس لاحتمال مشقَّات الطريق المفروش بالعقبات والأشواك، والذي تتناثر على جوانبه الرغبات والشهوات؛ والذي تهتف بالسالكية آلاف المغريات"[17].



(هـ) الصوم رياضة للنفس على ترك الشهوات
إذا كان من المتعذر على الإنسان بما هو مستودع فيه أن يتجرد عن شهوة الجسد؛ إذ من المتعذَّر عليه الانقطاع البات عن إمداد جسده بما فطره الله فيه، فكان من اللازم ارتقاء؛ فإن الحائل بينه وبين الكمالات والفضائل هو ضَعْف التحمل للانصراف عن هواه وشهواته.

"الصوم يعدُّ نفس الصائم لتقوى الله بترك شهواته الطبيعية المباحة الميسورة؛ امتثالاً لأمره واحتسابًا للأجر عنده، فتتربى بذلك إرادته على ملكة تَرْك الشهوات المحرمة والصبر عنها، فيكون اجتنابه أيسر عليه، وتقوى على النهوض بالطاعات والمصالح والاصطبار عليها؛ فيكون الثبات عليها أهْوَن عليه؛ ولذلك قال - صل الله عليه وسلم -: ((الصيام نصف الصبر)).

وهذا معنى دلالة "لعلَّ" على الترجي، فالرجاء إنما يكون فيما وقعت أسبابه وموضعه هنا المخاطبون لا المتكلِّم، ومن لم يصم بالنية وقصد القربى، لا تُرْجَى له هذه الملكة في التقوى، فليس الصيام في الإسلام لتعذيب النفس لذاته، بل لتربيتها وتزكيتها.

قال شيخنا: "إن الوثنيين كانوا يصومون لتسكين غضب آلهتهم إذا عملوا ما يغضبهم، أو لإرضائها واستمالتها في بعض الشؤون والأغراض، وكانوا يعتقدون أن إرضاء الآلهة أو التزلف إليها يكون بتعذيب النفس وإماتة حظوظ الجسد، وانتشر هذا الاعتقاد في أهل الكتاب، حتَّى جاء الإسلام يعلمنا أن الصوم إنما فرض؛ لأنه يَعِدنا للسعادة بالتقوى، وإن الله غَنِيٌّ عنا وعن عملنا وما كتب علينا الصيام إلا لمنفعتنا"[18].

أشواق الروح بطبيعتها لا تنتهي، فيعاضُها الجسم بجعل حاجاته غير منتهية، يحاول أن يطمس بهذه على تلك، وأن يغلب الحيوانية على الروحانية، فإذا أتى الصوم كفَّه وأمات أكثر نزعاته، ووضع لكل حاجة حدًّا ونهاية.

الصوم يصنع الإنسان صناعة جديدة، تخرجه من ذات نفسه، وتكسر القالب الأرضي الذي صبَّ فيه، فإذا هو غير هذا الإنسان الضيِّق المنحصر في جسمه ودواعي جسمه، فلا تَغُرَّه الدنيا ولا تخضعه المادة، إذا كانت هذه هي صفات المستعبد بأهوائه لا الحر فيها، والخاضع بنفسه لا المستقل بها، والمقبور في إنسانيته؛ ومثل هذا المستعبد الخاضع المقبور لا وجود له إلا في حكم حواسه، فعمله ما يعيش به لا ما يعيش من أجله، ويَتَّصل بكل شيء اتصالاً مبتورًا، ينتهي في هوًى من أهواء الحيوان الذي فيه، والصوم يطلق من سلطان نفسه، وينقح الآدمية فيه يجعله يجد نفسه، وموضع نفسه"[19].



(و) الصوم والمراقبة
ومعنى "لعلَّ": الإعداد والتهيئة، وإعداد الصيام نفوس الصائمين لتَقْوَى الله - تعالى - يظهر من وجوه كثيرة أعظمها شأنًا، وأنْصَعُها برهانًا، وأظهرها أثرًا، وأعلاها خطرًا وشرفًا أنه أمرٌ موكول إلى نفس الصائم، لا رقيب عليه إلا الله - تعالى - وسرٌّ بين العبد وربه، لا يشرف عليه أحد غيره - سبحانه - فإذا ترك الإنسان شهواتِه ولذَّاته التي تعرف له في عامَّة الأوقات لمجرد الامتثال لأمر ربه والخضوع له؛ لإرشاد دينه مدة شهر كامل في السنة ملاحظًا عند عروض كل رغْبة له – من أكل نَفيس، وشراب عذب، وفاكهة يانعة، وغير ذلك كزينة زوجة أو جمالِ الداعي إلى ملابستها – أنه لولا اطلاع الله - تعالى - عليه ومراقبته له لَمَا صبر عن تناولها، وهو في أشد التَّوْق لها، فلا جَرَمَ أنه هل يحصل من تكرار هذه الملاحظة المصاحبة للعمل ملَكَة المراقبة لله - تعالى - والحياء منه - سبحانه - أن يراه حيث نهاه، وفي هذه المراقبة من كمال الإيمان بالله - تعالى - والاستغراق في تعظيمه وتقديسه - أكبرُ مُعِدٍّ للنفوس، مؤهل لها لضبط النفس ونزاهتها في الدنيا، ولسعادتها في الآخرة.

كما تؤهل هذه المراقبة النفوس المتحلية بها لسعادة الأخرى، تؤهلها لسعادة الدنيا أيضًا، انظر هل يقدم من تُلابِس هذه المراقبة قلبه على غِشِّ الناس ومخادعتهم؟ هل يسهل عليه أن يراه الله آكلاً لأموالهم بالباطل؟ هل يحتال على الله في منع الزكاة؟ هل يحتال على أكل الربا؟ هل يقْتَرف المنكرات جهارًا؟ هل يجترح السيئات ويسْدِل بينه وبين الله ستارًا؟ كلا؛ إن صاحب هذه المراقبة لا يسترسل في المعاصي؛ إذ لا يطول أمد غفلته عن الله - تعالى - وإذا نسي وألَمَّ بشيء منها يكون سريعَ التذكر، قريب الفيء والرجوع بالتوبة الصحيحة {إِنَّ الذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201].

فالصيام أعظم مُرَبٍّ للإرادة، وكابتٍ لجماح الأهواء؛ فأَجْدَرُ بالصائم أن يكون حرًّا يعمل ما يعتقد أنه خير، لا عبدًا للشهوات، إنما روح الصيام وسرُّه في هذا القصد والملاحظة، التي تحدث هذه المراقبة.

رقيبٌ حيٌّ في قلبه، لا يرائيه ولا يجامله، ولا يُخْدع من تأويل، ولا يُغَرُّ بفلسفة، ولا تزين ولا يسكته ما تسول النفس، ولا يزال دائمًا يقول للنفس: إن الخطأ أكبر الخطأ أن تنظم الحياة من حولك، وتترك الفوضى في قلبك.

أنَّى هذا من حال أولئك الغافلين عن الله وعن أنفسهم، الذين يُفطرون في رمضان عمدًا، أو الأدنياء الذين يَسْتخفُون من الناس ولا يستخفون من الله، الذين يأكلون ولو في بيوت الأخْلِية حيث تأكل الجرذ، وما قذف بهؤلاء وأمثالهم، ومن هُمْ شَرٌّ منهم كالمجاهرين بالفطر إلا تلقينهم العبادة جافة خالية من الروح الذي ذكرناه، والسر الذي أفشيناه، فَحَسِبُوها عقوبة كما كان يحسبها الوثنيون من قبل، وما كلُّ إنسان يتحمل العقوبة راضيًا مختارًا"[20].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[1] جزء من حديث صحيح يأتي بعد ذلك.
[2] "المدهش" (ص 414).
[3] صحيح: رواه النسائي عن سعد بن أبي وقاص، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1/6).
[4] صحيح: رواه أحمد، وابن حبان، والبيهقي، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد "صحيح الترغيب" (1/ 16).
[5] حسن: رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/Cool.
[6] صحيح: رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/Cool.
[7] رواه الطبراني في "الكبير" بأسانيد أحدها صحيح والبيهقي "صحيح الترغيب" (1/16).
[8] قال المنذري: رواه البزار بإسناد حسن وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1/5).
[9] حسن: رواه ابن ماجه، والبيهقي، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/17).
[10] صحيح: رواه ابن خزيمة في صحيحه، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/17).
[11] أيْ: شهق حتى كاد يغشى عليه أسفًا أو خوفًا.
[12] رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في "صحيحه" كلاهما بلفظ واحد عن أبي عثمان المديني، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" نحو هذا لم يختلف إلا في حرف أو حرفين.
[13] "الظلال".
[14] "الظلال" (1/ 172).
[15] "التحرير والتنوير" (2/ 177).
[16] "التحرير والتنوير" (2/177).
[17] ؟؟؟
[18] "تفسير المنار" (ج2).
[19] "من وحي القلم" للرافعي.
[20] "تفسير المنار" (2/ 145 – 147).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مدرسة الصوم Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدرسة الصوم   مدرسة الصوم Emptyالأحد 09 مايو 2021, 3:55 am

ليلة القدر فضائل وبركات يحصدها المجتهدون ويفوز بها القائمون

ما أن يشارف شهر رمضان الكريم على الأفول، وتتبقى منه عشرة أيام حتى يجتهد كل ذي حاجة بتحري ليلة القدر التي لا يتسع المقام لحصر فضلها، فقيام هذه الليلة المباركة له قدر كبير ورد في القرآن الكريم وسنة النبي محمد صل الله عليه وسلم.
وللعام الثاني على التوالي، يحل شهر رمضان المبارك وجائحة فيروس كورونا ما زالت تخيم على البشرية، وما زال المسلمون من شتى أصقاع الأرض يترقبون علامات ليلة القدر لينهلوا من فضلها العظيم ونفحاتها المباركة، سائلين المولى جل في علاه أن يرفع عنهم الأسقام، ويعافي لهم الأجسام، ويمحو عنهم الآثام.
وبين مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن كلمة "قدر" تدل على عظم الشأن والبركة والتعظيم، وليلة القدر أفضل من ألف شهر، لقوله تعالى "ليلة القدر خير من ألف شهر".
وقال: نزلت سورة القدر في يوم مبارك من أيام شهر الصوم، جاء بها أفضل الرسل جبريل عليه السلام، وعلى المرء أن يقضي هذه الليلة، بالعمل الصالح كالصلاة، والصيام، وقراءة القرآن الكريم، وعيادة المرضى أو الاتصال بهم وصلة الأرحام، متوجهين إلى الله تعالى بالدعاء على اعتبار أنه مخ العبادة.
وحث الخصاونة على استثمار العشر الأواخر المباركة من شهر رمضان الفضيل وليلة القدر بدعاء المولى عز وجللهذا البلد الطيب المبارك، وقيادته الهاشمية ممثلة بجلالة الملك عبد الله الثاني، وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، والعائلة الهاشمية، بالبركة والخير والصحة، وأن يرفع الوباء والبلاء وأن يزيل عن الإنسان الهم والغم والحزن.
وفي السياق، لفت الخصاونة إلى الجهد المقدر والدور الذي تقوم به المرأة في منزلها ورعايتها لأسرتها ومتابعتها لعملها في شهر الغفران، والذي يدخل ضمن العمل الصالح الذي يعني كل عمل يحقق الراحة للإنسان لقول رسول الله صل الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت".
وتحدث رئيس قسم أصول الدين في جامعة اليرموك الدكتور خالد الشرمان، عن فضل ليلة القدر قائلا: ليلة عظيمة في الشرع الإسلامي ورد ذكرها في القرآن الكريم أكثر من مرة وأنزل الله عز وجل في شأنها سورة مستقلة، اسمها "القدر"، ومن عظم شأنها أنها خير من ألف شهر، تنزل الملائكة وسيدنا جبريل عليه السلام في تلك الليلة، ويسلم الله تعالى فيها عباده حتى مطلع الفجر.
وأضاف: ورد ذكرها أيضا في عدة مواضع في القرآن الكريم قال الله سبحانه "إنا أنزلناه في ليلة مباركة". وقال سبحانه "فيها يفرق كل أمر حكيم"، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى يستطيع أن يحصر ليلة القدر التي تقع فيها، ليحظى بفضلها.
وتابع: قال عليه الصلاة والسلام "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، فالمطلوب من المسلم حتى يدرك فضل هذه الليلة أن يكثر من الأعمال الصالحة وخاصة الصلاة لما تشمله من ذكر ودعاء وقراءة للقرآن، فمن كان مستجمعا ما يريد متضرعا إلى الله بأدب الدعاء فإنه لا يرد، فعلى من كانت له حاجه أن يستثمر ليلة القدر لينال من خيري الدنيا والآخرة بإذن الله.
وأوضح أستاذ العقيدة والفكر الاسلامي الدكتور سلطان الجبور، أن ليلة القدر تقع في الليالي الوتر في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم لقول الرسول الكريم "تحروها في العشر الأواخر"، ويغلب عليها أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان لقول أبي بن كعب رضي الله عنه في ليلة القدر "والله، إني لأعلمها، وأكثر علمي هي الليلة التي أَمرنا رسول الله صل الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين".
وبين أن هناك علامات قبلية وبعدية لليلة القدر، فالقبلية قال بها إجماع العلماء إنها ليلة هادئة إن جاءت في الشتاء تكون دافئة وإن حلت في الصيف تأتي باردة، وتتسم بالصفاء والسناء ولا تسمع فيها الضوضاء، أما البعدية، وهي الأصح في ثابت الحديث النبوي الشريف، خروج الشمس كالقرص الأبيض النقي من غير شعاع.
وأورد الجبور حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عما يستحب من الدعاء في ليلة القدر قالت: يا رسول الله إن أدركت هذه الليلة فماذا أقول؟ قال: قولي: "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فأعفو عني".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مدرسة الصوم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الدين والحياة :: رمضان كريم-
انتقل الى: