منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  الكنيست الخامسة والعشرون: إسرائيل استعمارية، يهودية، متطرفة، وليبرالية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

  الكنيست الخامسة والعشرون: إسرائيل استعمارية، يهودية، متطرفة، وليبرالية Empty
مُساهمةموضوع: الكنيست الخامسة والعشرون: إسرائيل استعمارية، يهودية، متطرفة، وليبرالية     الكنيست الخامسة والعشرون: إسرائيل استعمارية، يهودية، متطرفة، وليبرالية Emptyالسبت 03 ديسمبر 2022, 9:39 am

الكنيست الخامسة والعشرون: إسرائيل استعمارية، يهودية، متطرفة، وليبرالية

أحمد أشقر
يمكن القول إن أفضل ما نبدأ به تحليلنا لنتائج الكنيست الخامسة والعشرين هي الرسالة التي وجهها (بن جفير) إلى ما يسمى باليسار الإسرائيلي في صحيفة (يسرءل هيوم) قائلاً: “أصدقائي في اليسار: نحن أخوة. نعم رغم الجدل، رغم الحملات الانتخابية الأربع التي أدت إلى استقطاب الخطاب وشحذ الاختلاف والانقسام. وبالرغم من الشيطنة والكراهية فنحن أخوة رغم كل هذا”.
نعم هم أخوة حقيقيون وفاعلون، ومصدر هذه الأخوة ليست علاقات النسب والعلاقات الاجتماعيّة الأخرى التي تتكون في المجتمعات وتكونها، بل بفعل علاقة الدم الوهميّة، “جمع يهوه النوعي/ شعب الله المختار”، التي تتجاوز صيرورة التاريخ والحدود الجغرافية والواقع الاجتماعي.
وقد أثبتت أحداث تاريخ الحركة النازية في الحرب العالمية الثانية مدى خطورة هذا الشكل من الأخوة وقدرتها التدميرية على من يتبناها والآخرين. وأخوة (بن جفير) هي وحدة حال اليهود، اليمين واليسار، على حدّ سواء. فوحدة الحال هذه كان جوهرها ولا يزال مواجهة العرب في “أرض الميعاد” وعليها. صحيح أن هناك فروقات في التوجه والمعاملة السياسية أثناء ‘السلم’، لكن أخوتهم الحقيقية تتجلى أثناء الحرب بضرورة سحق العرب والانتصار عليهم بأي ثمن. هذا ما خبره العرب على أرض الواقع خلال فترة استعمار اليهود لفلسطين.
ad
يختلف الأخوة اليهود كما يختلف الأخوة العاديون، فهم يتلاسنون، يبهدل أحدهم الآخر، وأحياناً تلقي جماعة منهم زجاجات البيرة الفارغة على جماعة أخرى  دون أن تجرح أي أخ منها. هذا عمليّا ما فعله “فيلسوف الدم”، البروفيسور (آسا كشير)، حينما غضب من “شعبه”، أخوته وأقاربه، صرخ بوجههم “أنتم لستم شعبي [أخوتي]”(صفحته على الفيسبوك)، لأنهم انتخبوا قوائم اليمين اليهودي المتطرف الذي يجنح بعضه نحو النازية والفاشية. فـ(كَشير) الذي صاغ (الكود الأخلاقي للجيش) فوجئ من سلوك أخوته الذين لم ينهجوا النهج الذي اختطه لهم هو وأمثاله (التنكيل وقتل العرب وفق كود أخلاقي يهودي) فقام بالخروج إلى الشرفة وفي يده كتاب وتف في وجوههم وبهدلهم بصوت مرتفع قائلاً: “فضحتونا يا نَوَر، خَزيتونا بين الجيران والحارة- عيب عليكوا. انضبّوا! لأنهم أعلنوا عن فاشيتهم ونازيتهم أمام العالم (مشّ أكثر من هيك!) والذين سارعوا من العرب إلى ترجمة أقوال (كشير) وتعميمها في كل وسيلة إعلام ممكنة، معتقدين أنه سينتقل إلى يسار ساطع الحصري، وميشيل عفلق ووليد قزّيها، للتنظير للوحدة العربيّة- هؤلاء هم الواهمون. بالمناسبة: أخوة (كشير) هم ليسوا كـ(الأخوة الأعداء) عند (كزانتزاكيس) الذين حسموا خلافاتهم في معركة دموية استمرت سنين طويلة (روايته “الأخوة الأعداء” هامة جداً في وصف وفهم حرب الأخوة، أو الشعب الواحد).
في معرض ردّها وقبول التماس “التجمع الوطني الديموقراطي” إلى المحكمة الإسرائيلية العليا ضد شطبه من القوائم الانتخابية للكنيست دافعت (القاضية إستير حيوت رئيسة المحكمة) عن هذه الأخوّة قائلة: “هذا القانون الإشكالي للغاية [تقصد دولة كل مواطنيها] هو خروج عن القوة إلى تطبيق الشروط التي تقوض الأسس الأساسيّة الدنيا لوجودنا كدولة يهودية [إسرائيل كدولة الأخوة اليهود]”. ثم هددت كل من يجرؤ على الاقتراب منهم وتحديهم قائلة: “نظرت بصعوبة شديدة إلى اقتراح هذا القانون، فلو لم يتنافسوا والقوائم الأخرى التي منعتهم من الاستمرار في السير على هذا النهج [تقصد في القائمة المشتركة]، عندها يجب التفكير هل تجاوز [التجمع] الحدود، لأنه دائماً على الحدود […] ويمارس نشاطه على الحدود [من تجاوز القانون]” (ع. ب 22/ 6668 بتاريخ 6. 10. 2022). فـ(حيوت) التي تبشرنا بديموقراطيّة (شتراوس) الدمويّة، تنتمي إلى إحدى عشائر اليهود، ولا يهم أية مؤسسة تمثل، تأخذ دورها إلى جانب هؤلاء الأخوة للحفاظ على وحدتهم و’فرادتهم’ الموهومة، علماً أن القانون الذي تدعي تمثيله والحفاظ عليه يجب أن يكون عاماً يظلل الجميع بالتساوي. بهذا تكون المحكمة العليا – لنقل اليهودية- هو الجهاز القضائي الذي يمنع العرب من المطالبة “بالمساواة” وإلا ستعلن عن نشاطهم هذا بأنه غير قانوني، وعندها ستتكفل شرطة أخوها (أيتمار) بمطاردتهم، الذي قد يستعين بجيش أخيهم (يوآف) لقمعهم والسيطرة عليهم. هذا ليس مبالغة أو ضرب من الخيال فالجيش كثيراً ما ساند الشرطة وحرس الحدود في عمليات قمع العرب كان آخرها في شهر أيار 2021 خلال معركة سيف القدس.
انتهت انتخابات أخوة (بن جفير)، (كشير)… و(حيوت) بفوزهم كلهم. فمن مجموع 120 عضواً في الكنيست فازوا بـ110 (أبقوا لفلول الـ(جوييم) العرب (وشريكهم اليهودي عوفر كاسيف) 10 مقاعد فقط. توزع الأعضاء اليهود وفقاً لما هو متعارف عليه في الخارطة السياسية الإسرائيلية على، 32 لـ(ليكود)، 14 للصهيونية الدينية، 12 لجماعة (جانتس)، 11 لـ(شاس)، 7 لـ(يهدوات هتوراه) و6 أعضاء لجماعة (ليبرمان)، أي أن 82 عضواً يحسبون على اليمين الصرف، و24 لجماعة (يئير لبيد) المصنفين من اليمين الوسط، و4 لحزب العمل المصنف يساريً، وفقاً للفهم (الإسرائيلي). أي: يهود- يمينيون- متطرفون، مقابل يهود- يمينيون- ليبراليون. في الحالتين لا توجد فروقات كبيرة بينهما في حياة مجتمع المستوطنين، وهم موحدون بسياستهم تجاه العرب.
*    *     *     *     *
دفع هذا الفوز غالبية الكتاب في الصحافة اليومية لشرح وتحليل لماذا وكيف حصل الفوز الذي على ما يبدو- فقط على مايبدو- فاجأ جماعة لا بأس منهم. بعضهم قرأه في سياقه المحلي الذي توزع على ما هو تاريخي والعودة إلى ما كتبه (يشعياهو لايبوفيتش) تداعيات انتصار اليهود بعدوانهم سنة 1967 (…). والبعض الآخر قرأه في سياق السياسة العنصرية التي انتهجتها الكيان منذ عدوان سنة 1967. كما أن بعضهم تحدث عن التمييز الواقع على عرب 48. لكن المفاجأة كانت مفهومة عند الكاتبة (تمار كبلنسكي) في مقالها الموسوم (لا علاقة للعنصرية باليمين)، “لأنها جزءٌ لا يتجزأ من DNA هذا المكان”، haaretz.co.il, 7.11.2010). أما السياسي (أبراهام بورغ) الذي قال: “انا لا أفهم ذلك. استقيظتم الآن؟ عناوين كثيرة كانت على الجدران لفترة طويلة. من كريات أربع إلى مجمع الحكومات. من البئر في تل أبيب الذي تنطلق منه آلية القمع إلى حفرة القاع المظلم في نفوس “المتفوقين اليهود” التي تديم الظلم” ( (haaretz.co.il,11.11.2022. نعم، (بورغ) لا يفهم سبب المفاجأة لأنه واحد من سلالة الذين أنتجوا العناوين الكثيرة التي كانت على الجدران. فالمذكور كان من صُلْب نخبة تجمع (المعراخ) والكيان الذي اقترف كل الجرائم ضد عرب فلسطين. سؤال: لماذا لا يقوم فرسان النضال الشعبي والبرلماني برفع قضية جنائية سياسية ضد (بورغ) في موسكو على الجرائم التي أرتكبها أثناء تويله منصب رئيس الوكالة اليهودية (1996- 1999)، خاصة إذا علمنا أن طريق الوكالة في روسيا انتهت، وتعمل الوكالة هناك على ألّا يتم تجريمها لذا قررت إنهاء نشاطاتها هناك والانسحاب دون ضجّة معهودة لليهود؟
يحاول (حبيب رتيج جور) تفسير ظاهرة وواقعة صعود اليمين الفاشي في الكيان منطلقاً من مستوى الكل العالمي. يقول: “من الصعب عدم ربط صعود إيتمار بن جفير بالإقبال المذهل البالغ 41٪ لمارين لوبان في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، أو بفوز الأحزاب السياسية الفاشية السابقة في إيطاليا في سبتمبر أو بسياسة اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وكندا والبرازيل والمجر وأماكن أخرى. يبدو أن عناصر اليمين المتطرف، الذين يعلنون الآن أنهم معتدلون، آخذون في الازدياد في كل مكان”. ويضيف: “تمت مناقشة أسباب ذلك على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، بدءا من التحذيرات حول “تراجع الديمقراطية” إلى التشخيصات الأكثر تعاطفاً التي ترى التطرف كرد فعل لفشل المؤسسات الوطنية والعابرة للحدود الوطنية الضعيفة في الاستجابة لاحتياجات الجمهور ومخاوفهم” (zman.co.il, 8.11.2022). نعم هذا صحيح، لكنه ليس السبب، بل نتيجة لانهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية في تسعينات القرن الماضي التي شكلّت أكبر قوّة وازنة في القرن العشرين (على علّاتها) ضد تغوّل الإمبريالية العالمية التي اعتقدت أن حقوق العاملين ودولة الرفاه الاجتماعي في الدول الأوروبيّة في فترة الصراع مع الاتحاد السوفياتي كانت مِنّة منها وليست حقوقاً ماهوية لهم. لذا ومع الانهيار المدمر والمريع سارعت إلى جدولة عملية سرقة هذه الحقوق وعملت على إضعاف وإفشال وتفكيك المؤسسات الوطنية ليحلّ محلها ليس شركات الإنتاج الفعلي العابرة للحدود الوطنيّة والقوميّة، بل شركات المعلوماتيّة التي بات همّها صياغة وعي الإنسانية، وتدجينها ومراكمة الأرباح لقبول الواقع كما ترتئيه هي. لذا تحولت بعض المؤسسات الوطنيّة كالدول المُفقرة إلى كيانات تحت رحمة المقرضين والمرابين الدوليين (أقرأوا ما كتبه سمير أمين عن هذا الدمار). وأصبح تأثير الملياردير (إيلون ماسك) أكثر من تأثير بعض ممثلي دول كثيرة (…). في هذا السياق استفاد الكيان كثيراً. فقام بتجديد مستعمريه بنحو مليون مهاجر ومُستجلب من الاتحاد السوفياتي السابق يتوزع ناخبوهم على الأحزاب اليمينية المختلفة، إضافة لحزب (يسرائيل بيتينو/ إسرائيل بيتنا) الذي لا يزال يرأسه منذ تأسيسه سنة 1999 (أفيجدور ليبيرمان) الذي منع إقامة حكومة برئاسة (نتنياهو) بمشاركة العرب مرتين في الكنيست الثانية والعشرين التي حصل العرب فيها على 13 ممثلاً والثالثة والعشرين حينما حصلوا على 15 ممثلاً. في هاتين الفترتين وضع (ليبيرمان) “فيتو” غير قابل للحلحلة على مشاركة العرب في الحكومة. كما تحوّلت كل دول الكتلة الاشتراكية السابقة إلى مؤيدة للكيان في المحافل الدوليّة والإقليمية.
ويضيف (جور): “في إسرائيل، كما في البلدان الأخرى، جاءت الأصوات الجديدة التي تتلقاها القوى السياسية المتطرفة من المتطرفين، من السكان المهمشين. في حالة بن جفير، جاء العديد من ناخبيه من الجنوب، من أماكن لا يعتبر فيها الخطاب الإعلامي حول موجات الجريمة وتصاعد التوترات بين اليهود والعرب أمراً مجرداً ينتهي به المطاف في عناوين الصحف، بل مصدر خوف ومعاناة يومية”. يمكن التعقيب على هذا التحليل بالقول: نعم جزئياً؛ صحيح أن جزءاً من أصوات اليمين جاء من هذه المناطق للأسباب المذكورة. وكي لا يأخذنا (جور) على حين غرّة وفي غفلة من أمرنا نؤكد على ما يلي: عملت إسرائيل الاستعمارية الأشكنازية في سنواتها الأولى على صناعة وتصنيع الفقر والعداء للعرب عندما أسكنت أبناء الطوائف الشرقية (اليهود العرب) في ضواحي الكيان. دعونا نسمع ما يقوله (كوخافي شيميش، 1944- 2019) من مؤسسي حركة “الفهود السود” ومنظري النضال الشرقي في الكيان، وأحد مرشحي الجبهة في أواخر سبعينيات القرن الماضي: “يشكل الشرقيون رافعة معادية للعرب. إذا كان الجزء الأكبر من ميزانية الدولة موجهاً إلى الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني والدول العربيّة، فمن الواضح أن الكثير من أبناء الشبيبة وسكان الضواحي [اليهود الشرقيين] سيحاولون الاندماج في المؤسسة الأمنيّة” (/www.haokets.org/2015/03/10/). بالفعل هذا ما حدث كما أضفت في مقالي (الصراع الإثني في إسرائيل، 2020) قائلا: “يخدم الكثير من الشرقيين في الجيش والشرطة كضبّاط أو في الخدمة الدائمة في الشرطة، وفي مصلحة السجون و’المؤسسات الأمنيّة'”. ونضيف: من يتابع هذا الملف يمكنه ملاحظة ما يلي: في الستينات كان اليهود الشرقيون في منطقة مستعمرات غور الأردن هدفاً لعمليات الفدائيين الذين تسللوا من الأردن، وفي الثمانينات- التسعينات هدف المقاومة من لبنان في الجليل الأعلى، وبعد الانسحاب من غزة سنة 2005 تحولوا إلى هدف صواريخ المقاومة من غزة. بدا هذا أكثر وضوحاً في المواجهة الأخيرة (10- 21 أيار 2021) عندما كثفت المقاومة قصف مستوطنات جنوب فلسطين بالصواريخ، الأمر الذي اعتبره المحللون الإسرائيليون أكثر النقاط ضعفاً في الجبهة الداخلية للكيان”. تحولت هذه الحالة في سياسة اليمين الفاشي إلى شعار “انعدام الأمن الشخصي”، ولتجاوزها يتوجب عليها تعيين الجنائي- الإرهابي، (بن جفير)، المدان ثماني مرات بمنصب وزير للأمن الداخلي. حسب معطيات (المركز الإسرائيلي للديموقراطية) كانت نسبة المصوتين الشرقيين في الكنيست السابقة، الـ24ـ 58% لليكود و75% لشاس (https://en.idi.org.il/articles/39409). وتحولت هذه الجماعات فيما بعد في سياق الصراع الهويّاتي- الطبقي إلى كتلة صلبة تنتخب اليمين من الليكود إلى الأحزاب الدينية الأخرى، إضافة لها تشكلت في الكيان ثلاث كتل يمينيّة أخرى:
الكتلة الأولى- وهي جماعات المستعمرين في الضفة وغزّة التي بدأت تنتشر في تلك المنطقتين مع إقامة مستعمرة (ألون موريه) سنة 1976 في منطقة نابلس. وتتكون هذه الكتلة من التيارات الدينية الصهيونية، والجماعات الدينية الأصولية الأشكنازية والشرقيّة، والمهاجرين من الولايات المتحدة وفرنسا ويبلغ عددهم اليوم نحو 800 ألف. بات هؤلاء المستعمرون جزءاً عزيزاً في نفوس وعيون المستعمرين القدامى الذين يعتبرونهم مكملي درب المستعمرين الأوائل من الحركة العمالية الصهيونية حتى أن أتباع حزب العمل باتوا يشعرون بالذنب تجاههم، الأمر الذي يشرح أسباب ضعف حزب العمل واقترابه من الزوال من الخارطة السياسية (أنظروا كتاب: المستوطنون في القلوب: الذين ينجرفون إلى “الخلاص الآن” والخطوات المستقبلية/ نعيمه برزل 2017).
الكتلة الثانية- وهي جماعات المهاجرين الروس والأوكران وكانت غالبيتهم تصوت لحزب العمل، واليمين التقليدي كـ(الليكود)، إلى أن أقام (ليبيرمان/ إسرائيل بيتنا) حزبه. وصارت أصواتهم اليوم تتوزع على كتلة حزب (إسرائيل بيتنا) اليمينية الصلبة وتتراوح قوتها ما بين 6-8 أعضاء كما في الكنيست الأخيرة، كذلك على الليكود وجماعتي (جانتس) و(لبيد). وتكتسب هذه الجماعة أهمية كبرى خاصة وأن زعيمها هو القائد الأوحد فيها كان قد رفض رفضاً قاطعاً إقامة حكومة برئاسة (نتنياهو) يكون فيها الأعضاء العرب من القائمة المشتركة، في كل من الكنيست الثانية والعشرين والثالثة والعشرين.
الكتلة الثالثة- كشفتها نتائج الانتخابات الأخيرة التي تؤكد أن 20% من الجنود انتخبوا قائمة (بن جفير)، وأكثر من نصفهم انتخبوا أحزاب اليمين. هنا علينا أن نتذكر أن الضباط المتدينين يشكلون أكثر من 60% من قيادات الوحدات القتالية في الجيش، أكثر بثلاثة أضعاف نسبتهم من المستعمرين. على ما يبدو هذا يُفسر ولو جزئياً مساندة ودعم الجيش للمستوطنين في اعتداءاته على العرب في الضفة الغربيّة والسيطرة على أراضيهم، لذا توصف عصابات المُستعمرين من قبل بعض الجمعيات الحقوقية بـ”جيش الظلال”.
تتقاطع هذه الكتل في أماكن التواجد الجغرافي والمكانة الاجتماعيّة المتوسطة والمتدنيّة والخلفية الإثنية وفقاً لمعطيات (المعهد الإسرائيلي للديموقراطية) الذي أشرنا إليه أعلاه، ويمكن القول إنهم يشكلون الرافعة الاستيطانية لليمين في الضفة الغربيّة. كيف؟ يعيش قطاع كبير من هذه الكتل في ضواحي البلاد، أو أحياء الفقر، كما كانت تسمى حتى ثمانينيات القرن الماضي. وتعاني غالبيّة أسرهم من ضائقة سكنيّة ولا يمكنها شراء شقق جديدة لارتفاع أثمانها. لذا تُصبح مستعمرات الضفة الغربيّة المدعومة من قبل الكيان وكل المؤسسات اليهودية والصهيونية في العالم أماكن جذب للسكن بأثمان معقولة، لا وبل رخيصة لدى أبناء الطبقة الوسطى الذين يبحثون عن السكن في مناطق ريفية كالضفة. لهذا الغرض أقام الكيان ويعمل على شبكة قطارات لتعبئة هذه المستعمرات ليكون بمتسع المستعمرين السكن فيها والعمل في المدن الكبيرة كالقدس وتل وأبيب وحيفا (أنظروا مقالي، شبكة قطارات لتوسيع وتعبئة مستعمرات الغور 2012). أي أن مواصلة استعمار الضفة الغربيّة بات ضرورة حيوية لقطاع كبير من العائلات الشابة الاستعمارية التي باتت قوى يمينية تدافع عن مصالحها. لذا كان تصويت هؤلاء المستعمرين جارفاً للأحزاب اليمينية التي تؤيد الاستيطان والتي حصلت في الانتخابات المذكورة على 64 عضوا لمعسكر (نتنياهو) و5 أعضاء آخرين لجماعة (ليبيرمان). علينا أن نؤكد أن بقية الأحزاب من اليمين الصرف ويمين الوسط- في التسميات الإسرائيلية- لا تعارض الاستيطان، بل تعطف عليه وتشجعه. لذا يمكن القول إن غلاء الأثمان العالية جداَ وغير المنطقية للعقارات هي سياسة تنتهجها الحكومة لدفع عديد من الناس إلى الاستيطان في الضفة الغربيّة (أنظروا: أنماط التصويت: 2022 مقابل 2021، عوفر كينج https://www.idi.org.il/articles/46440).
*    *     *     *     *
خسرت حركة (ميريتس) “اليسارية”، وفقاً للمفاهيم “الإسرائيلية”، أو الليبرالية فعلا، أعضاءها الستة في الكنيست السابقة، الـ24، ولم تتمكن من عبور نسبة الحسم في الكنيست الحاليّة، لأنها انتهجت سياسة يمينية عندما كانت جزءاُ من الحكومة السابقة. فممثلوها اليهود تخلصوا من عضو الكنيست العربية، غيداء ريناوي- زعبي، لأنها رفضت التصويت مع الحكومة لتمديد أنظمة الطوارئ لسنة 1946 الموروثة من الاستعمار البريطاني، كما تخلصوا من عيساوي فريج. ولا يزال يهود هذه الحركة يرفضون تحوّلها إلى حركة عربيّة يهودية. فقبيل انتخابات الكنيست السابقة أشار استطلاع للحركة إلى وجود (0.7%) فقط من قاعدتها اليهودية تؤيد تحوّلها إلى عربية– يهودية. بذلك تكون فكرة القائمة العربيّة- اليهودية قد اختفت، هذا لا يعني اختفاء المُصوتين العرب للأحزاب اليهودية وللفاشيّة منها (أيضاً). لكن على ما يبدو لا تزال فكرة إقامة جسم يهودي- عربي انتخابي تراود بعض العرب كما ورد في “نداء اللحظة الأخيرة الى رفاق الحزب والجبهة” (alcarmil.com, 14.11.2022).
كذلك خسر حزب العمل ثلاثة من ممثليه في الكنيست وبالكاد تجاوز نسبة الحسم مع أربعة أعضاء. وحال حزب العمل كحال (ميرتس) في الوقت الذي جنحا فيه باتجاه اليمين بانضمامهما إلى حكومة (لبيد) فهم كثيرون من ناخبيهم التقليديين بعدم وجود فروق بينهم وبين “أحزاب يمين الوسط” لذا فضلوا التصويت لها ‘على المضمون ‘للفوز وتشكيل الحكومة.
*    *     *     *     *
إن أسباب جنوح المستعمرين اليهود نحو اليمين بات حالة ثابتة في سياستهم تجاه العرب. لأن الأفكار اليمينية (التي هي رأسمالية) في مستوياتها المختلفة هي القادرة على تثبيت استعمارهم، كما تمنحهم الوهم بأنها القادرة على حلّ التناقض مع عرب فلسطين.
إضافة  للأسباب العالمية والمحليّة التي ساعدت وتساعد صعود اليمين في إسرائيل- كما شرحتها في هذا المقال- هناك عدة أسباب أخرى تخصّ العرب والمسلمين تمنح إسرائيل ومستعمريها القدرة على التمادي للتصعيد ضدهم. إنها مفارقة مذهلة! فمؤتمر مدريد سنة 1991 واتفاقية أوسلو سنة 1993 كاناً إعلانا رسميّا بهزيمة العرب وبقبولهم طائعين مغادرة فلسطين وإبقائها لليهود فقط. هذ ما أعلنته بصراحة ووضوح “إتفاقيات أبرهام/ إبراهيم” مع الخلايجة، التي انبثقت من الأسطورة الدينية اليهودية القائلة إن إبراهيم طرد زوجته وابنهما إسماعيل، جدّ العرب والمسلمين، إلى تيه الصحراء مبعداً إياهما من وطنهما ليستولي عليه فيما بعد، نسل ابنه “إسحق”، جدّ اليهود. أي قبول العرب باحتلال اليهود كامل فلسطين- ليس كما يدعي مؤيدو هذه الاتفاقية قائلين بأنهم يعودون إلى خيمة ‘جدهما’ الأول إبراهيم . في التاسع عشر من شهر أكتوبر الفائت أحيى ربَوات من المستعمرين اليهود ذكرى “حياة ساره” في مدينة الخليل، وبقدرة قادر لم ينفذوا مجزرة بأهلها (يمكن العودة إلى الفصل الثاني من كتابي الصراع على الهوية في اللاهوت اليهودي.. 2019). وإن عودة العلاقات الدافئة مع تركيا، أذربيجان وبعض الدول الإسلامية تندرج في هذا الباب. بذلك نصادق على ما يقوله مالك بن نبي عن قابلية العرب والمسلمين للاستعمار. النتيجة التي يمكن التوصل إليها بسهولة ووضوح هي: إن تشرذم العرب في فلسطين وبقية الأقطار العربية يُسهم بتصعيد المستعمرين اليهود ضدّهم ووصول اليمين ذي التوجهات الفاشية والنازية إلى الحكم بالكيان. وكأن هذه المخلوقات المكونة من العرب والمسلمين قرأوا معاً سِفْر شرعنة استعمار اليهود لقطعة عزيزة من بلادهم، وأصبح للأخوة اليهود خدام من الإخوان العرب والمسلمين!
بناءً على ما تقدم وما كتبته في مقالي السابق (العودة إلى المربع الأول: تصويت العرب معناه ضبط إيقاعهم والتجديد لشرعية الكيان)، نقول للذين يتحدثون عن التأثير من الداخل والخارج، من فوق ومن تحت: تواضعوا! كما نقول للمؤمنين بأن المؤامرة هي التي منعتهم من عبور نسبة الحسم: اعقلوا! إمسحوا وجوهكم بالرحمان وتعاولوا نحكي!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

  الكنيست الخامسة والعشرون: إسرائيل استعمارية، يهودية، متطرفة، وليبرالية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكنيست الخامسة والعشرون: إسرائيل استعمارية، يهودية، متطرفة، وليبرالية     الكنيست الخامسة والعشرون: إسرائيل استعمارية، يهودية، متطرفة، وليبرالية Emptyالسبت 03 ديسمبر 2022, 9:41 am

العودة إلى المربع الأول: تصويت العرب معناه ضبط إيقاعهم والتجديد لشرعية الكيان

أحمد أشقر
تهديد رقم 1- “إذا لم تخرجوا وتصوتوا، [ستقوم حكومة إسرائيل] بأخذ كل ما لديكم”!
(يائير لبيد مهدداً العرب أثناء زيارته للناصرة في 24. 10. 2022).
تهديد رقم 2- “إمّا نُصّوت، وإما نَندم. نُصوّت”!

انتخابات الكنيست 1. 11. 2022
لجنة الإنتخابات المركزية للكنيست
على خلفية انتخابات الكنيست العشرين التي جرت في السابع عشر من آذار 2015 نشرتُ مقالاً بعنوان “الإنتخابات “الإسرائيلية”: شرعية الكيان وضبط إيقاع حراك العرب أولاً”، كتبت فيه ما يلي: “أصرّ [بن جوريون] على منحهم [أي عرب 48] حقّ التصويت في العام 1949 لأنه عرف أن تصويتهم سيمنح الشرعية للكيان ولسياسته العدوانية ضدهم”. وعن تشكيل القائمة المشتركة أضفت “إن قبول حكومة “إسرائيل” بتشكيل وتواجد “القائمة المشتركة” [سنة 2015] كجسم موحد ناظم لتصويت العرب، بينما رفضت عقد مؤتمر الجماهير العربية سنة 1981 الذي لم يكن جسماً رسمياً، يؤكد رغبتها بوجود القائمة [المشتركة] لتقوم بمنح الشرعية للدولة وضبط إيقاع حراكها في دائرة التصويت فقط، أي تطبيعهم وتدجينهم”. أما عن تفكيكها وانهيارها فقد كتبت في مقالي الموسوم (منصور عباس ليس أول الورطات ولا آخرها!، أواخر سنة 2020) ما يلي، إن تفكيكها بات مصلحة تشترك فيها كل من سلطة رام الله، والقوى السياسية الإسرائيلية التي أشارت استطلاعاتها إلى أن تشكيل المشتركة كان أحد أسباب ازدياد نسبة المصوتين اليهود لليمين في خضم الصراع الهُوّياتي (…). أثناء زيارة رئيس الحكومة “الإسرائيلية” (يئير لبيد) صبيحة تنفيذ حكومته مجزرة في نابلس في اليوم الذي زار فيه بلدية الناصرة في الرابع والعشرين من شهر تشرين الأول 2022 توجه إلى مجاميع عرب 48 وبحضور غالبية وجهائهم من رؤساء السلطات المحليّة  محذراً: “إذا لم تخرجوا وتصوتوا، [ستقوم حكومة إسرائيل] بأخذ كل ما لديكم”! استعار (لبيد) موقفه من التاريخ الأسود للأنظمة الفاشيّة في العالم، بهذا يكون قد أفصح وعبّر عن سياسة كيانه بما معناه: امنحوا كياننا الشرعية ونحن سنسمح للبنوك والشركات المختلفة إقراضكم المال كي تشتروا سيارات حديثة لكن دون بنية تحية لها.. وبامكانكم أن ترسلوا أبناءكم لدراسة الطب في مولدوفا لتشغلوا مشافينا بعد أن عزف أبناؤنا عن دراسة الطب وتحولوا إلى المعلوماتية والسايبر وتجارة السلاح؛ ومن جهتنا سنواصل تقتيلكم في جنين ونابلس والخليل وجسر الزرقاء.. وكل مكان، ثم تحتفون بنا في الناصرة! يا لها من مفارقة مهينة ومُذلّة سكت عنها وجهاء القوائم العربيّة ونُخبها. هذا تهديد كان يجب على مجاميع عرب 48 أن تأخذه على محمل الجدّ. فعلى هذه الخلفيّة جرت انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين في الأول من تشرين الثاني 2022. ولا يهمّ  هنا إذا كان هدف الكيان وأعوانه المحليين والدوليين هو تفكيك القوائم الانتخابيّة أو/  وزوالها  كلها أو/ بعضها على الأقل ليقبل ما تبقى منها أن يكون شاهد الزور في إئتلاف حكومي في المستقبل، فإنها تندرج في باب تهديدهم الجدّي ليس من أعضاء كنيست شرقيّين (من نسل “البويجيّة” كما وصفهم المهرج (دودو طوباز) سنة 1981)، بل من رئيس حكومي أشكنازي كان والده، (تومي لبيد)، صحفيّا وكاتباً فاشيّا صريحاً، ولا عجب أن يكون (لبيد) الإبن أول من بارك لرئيسة الحكومة الإيطالية الفاشيّة، (جورجيا ميلوني).
بكلمات أخرى كان التهديد: إما أن تمنحوا الشرعية لكياننا أو تصعيد العنف ولربما نكبة جديدة!
*    *     *     *     *
في هذا السياق انبرى بعض الكتاب العرب واليهود يحمّلون مجاميع المُصوتين العرب مسؤولية صعود “بن جفير واليمين الفاشي” وكأن غيرهم أمثال (نتنياهو)، و(لبيد)… والجنرال احتياط (يائير جولان) من أتباع الاشتراكية الديموقراطيّة. تقول الغائبة عن الواقع والوعي عضو الكنيست (عنبار بيزك) من جماعة (لبيد) ما يلي: “في هذه الانتخابات يجب على كل المجتمع العربي أن يذهبوا إلى مراكز الاقتراع ويصوتوا… لأنهم إذا لم يصوتوا، فسوف نستيقظ في صباح اليوم التالي للانتخابات ونكتشف أن المجتمع العربي يعيش داخل دولة عنصرية تميز بين الدم اليهودي والدم العربي، بين طفل يهودي وطفل عربي. يجب علينا أن نأخذ المسؤولية ونذهب للتصويت في 1.11.2022 من أجلنا جميعاً، يهوداً وعربًا، كي نعيش معًا، في دوله هادئة، ليبرالية وديمقراطية” (موقع الصنارة 29. 10. 22). يبدو أن هذه المخلوقة تعتقد أن مجاميع عرب 48 ينعمون برغد العيش والرفاه التام، ولا تعلم أن كيانها لا يعتبرهم مواطنين بموجب قانون القومية لسنة 2017. ويصادر ما تبقى من أراضيهم لإعطائه للمستعمرين أمثالها. ليس هذا فقط، بل تحمّل هذه المجاميع البائسة مسؤولية العنصرية وكأن كيانها هو سويسرا قبل استجلاب المهاجرين المسلمين والأفارقة إليها.
يعود الباحث د. أريك رودنيتسكي من جامعة (تل أبيب) إلى تكرار ما قاله (سامي سموحة) في تسعينيات القرن الماضي بأن العرب هم من سيقررون هوية رئيس الحكومة (في الانتخابات المباشرة لرئيس الحكومة)، ليقول- أي (رودييتسكي)- “الجماهير العربية بإمكانها تقرير مصير دولة إسرائيل” (موقع بَانِت 27-10-2022). أي أن العرب مسؤولين عن مصير الدولة التي قامت على أنقاض شعبهم، والتي تعتبرهم أعداء وليس مواطنين. وعلى ما يبدو لم يراجع هذا الدكتور فشل زميله (سموحة) قبل ثلاثة عقود من الزمن.
تذهب الكاتبة شيرين صعب إلى أبعد من ذلك فتقول “لا تستحقُ أجيال المجتمع العربي القادمة هذا العقاب الجماعي الذي نصنعه بأيدينا من خلال امتناعنا الاقتراع” (هآرتس 24. 10. 2022)، متبنيّة بذلك موقف النُخب اليهودية التي تعتقد أن عدم تصويت العرب هو ما سيجلب الويل لهم. بالمناسبة: إن مصطلح العقاب الجماعي مستعار من الممارسات العسكرية ضد عرب فلسطين.
أما (دورون نبوت) مدير المركز اليهودي العربي في جامعة حيفا فيخص بالتحريض والمسؤولية حزب التجمع ليقول: “يشكل خطاب التجمع خطورة على مكانة المواطنين العرب في إسرائيل، ناهيك عن الذين قد يتعرضون للقتل والإيذاء” (هآرتس 8. 10. 2022). يشاركه في الرأي الدكتور سليم بريك من الجامعة المفتوحة، إلا أنه يتحدث في أمور كثيرة ومتناقضة عن الأسرلة والتطرف تعود إلى مدرستي (سامي سموحه) و(إيلي ريخيس) في القرن الفارط (عند (ينيف شارون) دفار 1، 23. 9. 2022). في هذا السياق أنصح كل من يجيد العبرية أن يقرأ هذه المقابلة قراءة نقدية بمنهج التكليف.
على النقيض من (نبوت) وبريك دافع كل من الكاتب أنطوان شلحت والدكتورة هنيدة غانم عن خيار التجمع ودعيا إلى أهميّة التصويت له (عند عمر دلاشة، عرب 48، 31. 10. 2022). لا بأس من هذا الدفاع إلا أنه لم يكن مقنعاً لي على الأقل.
*    *     *     *     *
اتسمت الانتخابات الأخيرة بمشهد فريد في السلوك التصويتي لمجاميع عرب 48 تمحور حول رفع نسبة المصوتين التى رعاها الكيان بواسطة بعض مؤسساته الرسميّة أو شبه الرسميّة كالجمعيات المختلفة بأموال أمريكية وألمانيّة، إضافة للعديد من القوى الإقليمية العربيّة (سلطة رام الله، قطر.. والإمارات). فقد تبنت هذه القوى مجتمعة هدفاً وشعاراً واحداً، ألا وهو رفع نسبة المصوتين، ولا يهمّها لأية قائمة ‘ يصوّت العرب: يسارية’ أو يمينيّة نازية كقائمة الصهيونية الدينيّة لـ(إتمار بن حانن اليمني، بن جفير فيما بعد)، وإنما ظهر أن همهم كان رفع النسبة من أجل تجديد الشرعيّة للكيان وبواسطتها يمنحون الشرعيّة لجلاديهم الذين يهددونهم بنكبة ثانية مثل (يسرءل كاتس) و(متان كهانا)، أو بتطبيق (قوانين نيرنبرج) النازية كما الصهيونية المتدينة لـ(بن جفير). إلى هذا الفخّ، سارت القوائم الإنتخابية، ليس لأنها تدرك أهميّة التأثير (الوهمي)، بل لأنها شبقة للسلطة والجاه مثل الكثير من وجوه الحركة الوطنيّة الفلسطينية خلال القرن الماضي. فبعد أن كانت هذه القوائم تتمتع بـ15 ممثلاً في الكنيست الثالثة والعشرين عمل وجهائها ونخبها على خسارة ما لديهم من تمثيل وثقة مصوتيهم ثم أصبحوا يتسولون الأصوات صوتاً صوتاً. إنها حالة غريبة فعلاً.
يمكن القول إن اعتبار رفع نسبة التصويت بين المجاميع العربيّة وتحوّله إلى هدف واحد (أعتقد بوعي تام) كان الهدف منه استبدال المواقف السياسية والاجتماعية التقليدية (على علاتها) بشعار ستثبت نتائج الانتخابات عدم جدواه. فحلّ بدل هذه المواقف الردح والفهلوة حتى بتنا لا نميّز بين الإنسان العادي الذي يعتمد بثقافته السياسية على المنقول شفاهةً والذين (قِرْيوا) في الجامعات الإسرائيلية والأوروبيّة. هذا ما فهمته خلال متابعتي أحاديث المستمعين مع الإذاعات المحلية الدعائية وسماعي لعدة نشرات أخبارية وبرامج حوارية- لنقل الردح- في بعض المحطات التلفزيونيّة الدعائية. فقد اتضح من حديث الناس مع الإذاعات المختلفة ما يلي: 1- لا فرق بين العامة والخاصة من الناس الذين يعلنون مواقفهم دون منطق وجيه وكأن كل واحد منهم يقول: “عنزة ولو طارت”؛ 2- غالبيتهم يتحدثون بسرعة وعصبيّة بارزة؛ 3- يخلطون بين العربيّة والعبرية كأن (بن يهودا) هو ابن عم المتنبي “خيّ البيّ”؛ 4- من الصعب فهم مواقف غالبيتهم بسهولة لأن حديثهم يفتقد إلى الترابط المنطقي البسيط؛ 5- بعضهم يعاني من إفراط مذهل بأهميّة الذات فيسمح لنفسه أن ينادي ويناشد الناس للتصويت؛ 6- يتحدثون بحماسة بالغة إلى درجة قيام منتج أحد البرامج بإسماع الناس أغنيّة “علّي الكوفيّة” (بالمناسبة: سمعتها لأول مرّة في حياتي من موبايل جندي إسرائيلي كان يجلس أمامي في الباص من حيفا إلى القدس! أما مقدم البرنامج فكثيراً ما كرر: الله لا يضيّع صْواتكو!). في هذا السياق استوقفتني نشرة الأخبار التي بثها تلفزيون مساواة الدعائي في الساعة العاشرة ليلاً، يوم الأحد، الثلاثين من شهر أكتوبر الماضي، فقد قابل مراسله، ياسر العقبي، في راهط رجلين من خلفيّة أكاديمية في أحد مقاهي الأراجيل الخالية إلا من الرجلين اللذين قصفا المشاهدين بشعارات حول أهمية وضرورة التصويت. كما نقل التلفزيون من قرية أبو غوش وقائع اجتماع لتأييد التصويب! نفس المواقف كررها كلاً من الدكتور غزال أبو ريّا، المتحدث باسم بلدية سخنين، والأب عارف يمين، راعي الطائفة الكاثوليكية في سخنين، وأعطى الأخير شرعيّة للمقاطعين إلا أنه شدد “على ضرورة ممارسة هذا الحقّ”؛ أي حقّ التصويت. أما درّة التاج فكانت مراسلتهم السيدة سندس مريح التي قالت أن (بن جفير) يريد حقيبة وزير الأمن الداخلي وهو لم يخدم في الجيش! شخصياً فهمت- وإذا غلطت صححوني- أن السيدة مريح ومؤسستها الدعائية ستلتمس إلى محكمة العدل العليا إذا ما تم تعيين وزير الأمن الداخلي الذي يمتهن قمع العرب دون أن يكون خريج وحدة قتالية أو قائد سلاح المظلات. كما استضاف تلفزيون مساواة يوم الانتخابات عضو الكنيست (المعراخي) صالح طريف الذي قال أن المقاطعة هي تصويت للإستيطان وكأن حزبه هو الذي “جاب الهويّة”. يؤكد تصريح السيدة مريح واستضافة طريف إلى أي منحدر يمكن لأصحاب خطاب التأثير ‘على الناشف ‘أن ينزلقوا.
*    *     *     *     *
انتهت انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين بحصول اليهود على 110 عضواً من أصل 120 . أما العرب فرغم ارتفاع نسبة المصوتين من 40- 55%، أي بزيادة 28% عن الانتخابات السابقة فلم ينعكس هذا في زيادة مماثلة لعدد المقاعد، ولم يحصل التجمع على نسبة الحسم. بناء هلى هذا يمكننا التلخيص بما يلي:
 أولاً- قبل شهرين نشرت مقالاً عن هذه الانتخابات ونتائجها بعنوان “الانتخابات في (إسرائيل): يهودية- يمينية- متطرفة مقابل يهودية- يمينية- ليبرالية”، قلت فيه: بأن لا أهمية لأصوات العرب إن تمكن أحد المعسكرين بالفوز وتشكيل الحكومة القادمة. وهذا ما حصل عملياً بفوز المعسكرين وإلغاء أي دور محتمل لتأثير العرب. وهذا ما لم يفهمه وجهاء عرب السياسة الإسرائيلية ونخبها. فهؤلاء توهموا بأن بإمكانهم التغيير فقط لأن مُشغليهم العرب الإقليميين والأجانب أوهمومهم بذلك (…). في هذه الانتخابات حصل المتدينون اليهود بأشكالهم وألوانهم المختلفة على 33 عضواً في الكنيست التي تتحول رويداً رويداً إلى (سنهدرين) جديد لهم. وبخسارة (ميرتس) تكون آخر طبقة من طبقات مكياج الديموقراطية اليهودية والتقاسم الوظيفي قد انتهى.
ثانياً- ليس من المفروغ منه أن يشكل (نتنياهو) الحكومة مع قائمة (بن جفير) ذي النزعة النازية التي حصلت على 14 عضواً، بل سيعمل مثقفو اليهود في الداخل والخارج ومعهم الأمريكان والأوروبيين على إقناع (جانتس) للإتلاف مع (نتنياهو) خوفاً على سمعة إسرائيل. عندها سيواصل (بن جفير) وجماعته التغلغل في مؤسسات الدولة والمجتمع والجيش لبناء أجهزة ظلّ على يمين الدولة في تعاملها مع العرب كما فعلت كل الحركات العنصرية التي تتدعي التفوق العرقي كالنازية والفاشيّة على مرّ التاريخ. ومن المحتمل كذلك أن تنضم حركة الإسلام الإسرائيلي لهذه الحكومة، لا لسبب، بل لأنهم عبيد المنازل.
ثالثاً- أ- لم يُدرك منظرو القوائم الانتخابية ومستشاريها أن حثّ العرب واستجدائهم للتصويت، هو كذلك حثّ اليهود على التصويت. لذا فإن زيادة المصوتين العرب بنسبة 28%  لم تنفعهم كثيراً بدليل أن التجمع لم يتمكن من تجاوز نسبة الحسم. هؤلاء لم يدركوا أن الطريق ليست لهم وحدهم، بل للآخرين خاصة وأنهم هم من شقّوها، وعبدوها، ووضعوا قوانين السير عليها. أقصد: الدعوة لزيادة التصويت العربي تؤدي حتماً إلى زيادة نسبة التصويت اليهودي. وهذا ما حصل في الكنيست الثالثة والعشرين.
ب- إن تحويل (بن جفير) دون غيره إلى فزّاعة لرفع نسبة التصويت كان خطأ في فهم موقف اليهودية وإسرائيل من العرب. فـ(بن جفير) ينهل عدائيته وعدوانيته للعرب من عقيدة “شعب الله المختار” وقانون القومية الذي اعتبر فلسطين جزءاً من أرض إسرائيل، واعتبر العرب الذين يعيشون في المنطقة الممتدة من السواحل الشرقيّة للمتوسط إلى تخوم الأنبار العراقية سكاناً في أرض إسرائيل المزعومة منزوعي حقوق المواطنة. و(بن جفير) الذي أدين ثماني مرات وفُتح ضده ثلاثون ملفاً على خلفيّة جرائم سياسية ضد العرب، منحته الشرعية كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الإعلام وجهاز القضاء والثقافة السائدة. فالشخص المذكور ليس أخطر من نائب قائد أركان سابق مثل الجنرال (يائير جولان) من (ميرتس) على سبيل الحصر وليس القصر. لو كان وجهاء القوائم الإنتخابية صادقون- في أعين ناخبيهم- في التحذير من المذكور لعملوا على توقيع اتفاقية فائض أصوات على الأقل، إلا أنهم لم يوقعوا مما يدل على كذبهم وانعدام مسؤوليتهم.
رابعاً. أ- إن فشل التجمع وغيابه عن الساحة السياسية، يؤكد بدرجة أولى فشل محاولات المنشقين من حركة أبناء البلد في سنتي 1983 (الأنصار) و1996 الذين شكلوا عماد وهيكل التجمع في حينه. لقد فشل هؤلاء لأنهم اعتقدوا أن بإمكانهم العمل على قاعدة ثنائية “الوطني واليومي”، الذي أصبح فيما بعد التوازن بين “الوطني والمدني” كما عرضها التجمع في “دولة كل مواطنيها”. فشلت هذه المحاولة وستفشل لو تم تكرارها ألف مرّة أخرى، لأن المواطنة في السياق التاريخي والفكري هي من مستحقات الدولة القومية ومن مُنجزات السياسة والفكر البرجوازيّين.
 ب- إن ما يُنقل عن عزمي بشارة بأن المُنشقين عن الحزب الشيوعي هم الذين أقاموا التجمع- غير صحيح. صحيح أن خروجهم من الحزب في أواخر ثمانينيات- أوائل تسعينيات القرن الماضي دفعه على إقامة حركة “ميثاق المساواة” إلا أن الميثاق لم يتمكن من التحوّل إلى ‘حزب جماهيري’ لأن خروجهم كان احتجاجاً ضدّ مسلكيات حزبيّة تم تغليفها بخلاف سياسيّ، وهذا لم يكن كافياً لإقامة حزب إلى أن انضمت حركة أبناء البلد التي شاركت في انتخابات سنة 1996 والتصويت لـ(شمعون بيرس)، لكنه لم يفُز (…). فانضمام أبناء البلد إلى الجماعات التي تحلقت حول بشارة منح هذه الجماعات دفعة سياسية وشرعية وطنيّة بالأساس و(شبه فكرية) بدأت ‘بالتنظير’ للتجمع. برز دورها الكبير في الشهرين اللذين سبقا الإنتخابات حيث انبرى البعض بالحديث والكتابة عن ضرورة إحياء التجمع والاستغاثة لرفع نسبة التصويت ولا يزال الحديث مستمراً. على كل حال، فقد قاموا بمنح الشرعية للكيان. (ملاحظة للتاريخ: بعد انتخابات 1996 قرر قسم من أبناء البلد العودة إلى الحركة لكنهم لم يتمكنوا من الحفاظ على وحدتها).
ج- يمكن القول إن شعار التأثير في مفهومه الحالي هو نتاج خطاب متجذر في فكر العمل السياسي في الـ48، انبثق عن ضرورة إيجاد التوازن بين الوطني والمدني الذي تشترك فيه جميع القوى البرلمانية وإلا لما كانت فيه، مثل حركة الإسلام الإسرائيلي، الجبهة والتجمع. فهو من مستحقات استقرار الوضع الاقتصادي الاجتماعي لقواعد وقادة ونخب هذه القوائم الذي تجلّى باكتسابهم العمل في مهن حرّة والقدرة على الإقتراض من البنوك والشركات المختلفة وسداد الديون في مواعيدها. لذا باتت هذه القوى تبحث عن تعبير سياسي داخل المؤسسة اليهودية السياسية التي أنتجتها وترعاها لتحديد سقف حراكها السياسي (…). صحيح أن هنالك فروقات بين الإسلام الإسرائيلي، والجبهة في فهم التأثير، والتجمع الذي يسوده نقاش حاد حول قضيّة التأثير في صيغة الجبهة على الأقل (مطانس شحادة الذي تم اخفاءه في حفلة الاستجداء) أو عدمه (سامي أبو شحادة ‘قائد الثورة المنتصر’)، أي أننا أمام تشكيلة اجتماعية- سياسية تشترك في خلفيّة نشأتها بقبول دولة إسرائيل التي باتت واقعاً يجب التعامل معه ‘بواقعيّة’؛ وتختلف في سرعتها بالإنخراط في مؤسسات اتخاذ القرار وتوزيع الثروات الاقتصادية والثقافية وغيرها من القيم، أي الاشتراك بصرف أموال ديّة القتيل الفلسطيني. تبلورت هذه المجموعات في العقدين الأخيرين تقريباً منذ وصول (نتنياهو) إلى السلطة (شرحتها في مقالي الذي أشرت إليه في بداية هذا المقال). هذه المجموعات تعتبر نفسها ‘وسطى’ لكن دون طبقة لها حواملها العضوية في دولتها القوميّة.
خامساً- بما أن هؤلاء القادة والنخب على قدر لا بأس به من المسؤولية، فإن مسؤولية تدمير ثقة مصوتيهم بهم وتبديد أصوات تأثيرهم (المزعوم) تقع على عاتقهم، وعليه يجب أن تتحول إلى قضيّة ملف جماهيري وطني لفتحه والتحقيق فيه ومعرفة الجهات التي تعمل ضد مصلحتهم سواءً التي في الداخل أم في الخارج. إن المرور عن هذا الملف دون محاسبة ومراجعة سياسيّة أخلاقيّة يمكن فهمه على أساس تطور مفهوم التنسيق الأمنيّ مع اليهود ومنح الشرعية لهم بتصعيد القمع والتنكيل بعرب فلسطين. على هؤلاء الوجهاء والنخب أن يدركوا أن أفعالهم هي التي سحبت ثقة الناس بهم، أو ثقة مُصوتيهم على الأقل.
نختم بما يلي: تمكنت إسرائيل في الانتخابات المذكورة من دفع القوائم الانتخابية للعرب بابتزاز أعداد كبيرة منهم لتجديد شرعيتها حتى لو ادعت تلك القوائم خلاف ذلك، كما عملت على خفض سقف حراكها بدليل التأكيد على “التأثير” وإخراج التجمع من الحراك السياسي في “دولة المواطنين” المشتهاة، وعمّقت حالة البلبلة حول التأثير من الداخل والخارج، وهي مسؤولة عن تنامي أسلوب الردح الذي أصبح الأسلوب الوحيد للنقاش والحوار السياسي بينهم. لذلك يجب منح المصوتين وغيرهم الحق في معرفة مصير الأقاويل التي تتحدث عن الذي تدرب على أيدي (William J. Burns)، وينسق مع اليمين المسيحي في الأردن (نريد أن نسمع أنها كاذبة). بهذا تكون هذه القوائم قد أتلفت وضعاً سياسيّاً يعتبر مُلكاً للجميع وليس للمصوتين وحدهم، وهذا ما لم يكن بوسع سلطات إسرائيل القيام به وحدها.
في النهاية نقول ما يلي: نقف عند مدخل خيمة متضرري الانتخابات الأخيرة، ونضع يدنا اليمنى على صدورنا ولا ننظر إلى أعينهم خوفاً من الحرج أو الندم بنظراتهم ونقول لهم: لا تعيدوها!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الكنيست الخامسة والعشرون: إسرائيل استعمارية، يهودية، متطرفة، وليبرالية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  انتخابات إسرائيل 'الخامسة':
» مشروع قانون يهودية دولة إسرائيل
» تعديلات قانون القومية ستُحول "إسرائيل" لدولة دينية يهودية (تحليل)
»  - غواصة القرن الواحد والعشرون
» هل الصين قوة استعمارية؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: اعرف عدوك - أصول اليهود العرقية-
انتقل الى: