الزواج من أعظم العلاقات التي أكد عليها الإسلام ورغب فيها وجعلها سنة المرسلين (انظر ص 170).
وقد اعتنى الإسلام بتفصيل أحكام الزواج وآدابه وحقوق الزوجين بما يحفظ لهذه العلاقة الاستمرار والاستقرار وتكوين الأسرة الناجحة التي ينشأ فيها الأطفال باستقرار نفسي واستقامة على الدين وتفوق في جميع مجالات الحياة.
ومن تلك الأحكام ما يلي:
وضع الإسلام شروطاً واجبة لكل من الزوج والزوجة حتى يصح النكاح والزواج وهي كالتالي:
شروط الإسلام في الزوجة:
[list="margin: 15px 40px 15px 0px; padding-right: 0px; padding-left: 0px; border: 0px;"]
[*]أن تكون المرأة مسلمة أو كتابية (بمعنى أنها يهودية أو نصرانية) تؤمن بدينها، ولكن الإسلام يحثنا على اختيار المسلمة ذات الدين، لأنها ستكون أماً مربية لأبنائك معينة لك على الخير والاستقامة، كما قال النبي صل الله عليه وسلم: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" (البخاري 4802، مسلم 1466).
[*]أن تكون عفيفة محصنة، فيحرم الزواج من التي عرفت بالفحش والزنى، كما قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب} (المائدة: 5).
[*]أن لا تكون من محارمه اللاتي يحرم عليه الزواج منهن على التأبيد، كما سبق بيانه (ص 172)، ولا يجمع في زواجه بين المرأة وأختها أو عمتها أو خالتها.
[/list]
شروط الإسلام في الزوج:
يشترط أن يكون الزوج مسلماً، ويحرم في الإسلام زواج المسلمة من الكافر أيا كان دينه كتابياً كان أو غير كتابي، ويؤكد الإسلام على قبول الزوج إذا تحلى بصفتين:
- الاستقامة على الدين.
- حسن الخلق.
قال صل الله عليه وسلم: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" (الترمذي 1084، ابن ماجه 1967).
حقوق الزوج والزوجة
أوجب الله على كل من الزوج والزوجة حقوقاً، ورغبهم في كل ما من شأنه تطوير العلاقة الزوجية والحفاظ عليها، فالمسئولية على الطرفين، وعلى كل من الزوج والزوجة أن لا يطالب الآخر بما لا يقدر عليه، كما قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف} (البقرة: 228)، فلابد من التسامح والعطاء لتسير دورة الحياة وتقوم العائلة الكريمة.
حقوق الزوجة:
[list=rounded-list]
[*]النفقة والسكنى:
[/list]
يجب على الرجل النفقة على زوجته وأولاده بالمعروف.
- فيجب على الزوج أن ينفق على زوجته في طعامها وشرابها ولباسها وشئونها، ويوفر لها السكن المناسب لتعيش فيه، حتى ولو كانت غنية.
- مقدار النفقة: تقدر النفقة بالمعروف حسب دخل الزوج بدون إسراف ولا تقتير، كما قال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّه} (الطلاق: 7).
- ينبغي أن تكون تلك النفقة بدون منٍّ وإذلال، بل كما وصفها الله عز وجل بالمعروف، أي بالحسنى، فإنها ليست تفضلاً، بل حق للزوجة على زوجها أن يعطيها حقها بالمعروف.
- النفقة على الزوجة والأهل في الإسلام لها أجر عظيم، قال النبي صل الله عليه وسلم: "إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة" (البخاري 5036، مسلم 1002)، وقال صل الله عليه وسلم: "وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجرت عليها حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك" (البخاري 56، مسلم 1628). ومن امتنع عن النفقة أو قصر فيها مع قدرته فقد ارتكب إثماً عظيماً، كما قال صل الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت""(أبو داود 1692).
[list=rounded-list]
[*]العشرة الحسنة:
[/list]
والمراد بالعشرة الحسنة: حسن الخلق، والتلطف، ولين الكلام، وتحمل الأخطاء والتقصير الذي لا يسلم منها أحد، قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرً} (النساء: 19).
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً" (الترمذي 1162).
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "إن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله" (الترمذي 2612، أحمد 24677).
وقال رسول الله صل الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" (الترمذي 3895).
وسأل أحد الصحابة رسول الله فقال: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" (أبو داود 2142).
[list=rounded-list]
[*]المداراة والتحمل:
[/list]
فلابد من مراعاة طبيعة المرأة التي تختلف عن طبيعة الرجل، والسعي للنظر للحياة من كل جوانبها، فلا أحد يسلم من الأخطاء، فعلينا الصبر والنظر بطريقة إيجابية، والله تعالى ينبه الزوجين للنظر للجوانب الإيجابية فيقول {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (البقرة: 237) وقال صل الله عليه وسلم: "لا يفرك (أي لا يبغض)مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" (مسلم 1469).
ويؤكد النبي صل الله عليه وسلم على العناية بالنساء ومعاشرتهن بالخير والمعروف مع التنبيه إلى أن طبيعة المرأة النفسية والعاطفية تختلف عن الرجل، وأن هذا الاختلاف تكاملي للعائلة، وينبغي أن لا يكون ذلك الاختلاف سبباً للفرقة والطلاق، كما قال صل الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء، إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها" (البخاري 3153، مسلم 1468).
[list=rounded-list]
[*]المبيت:
[/list]
ينبغي على الرجل أن يبيت عند امرأته، ويجب عليه ذلك ما لا يقل عن يوم كل أربعة أيام، كما يجب عليه أن يقسم بين نسائه بالعدل إن كان متزوجاً أكثر من واحدة.
[list=rounded-list]
[*]الدفاع عنها لأنها عرضك وشرفك:
[/list]
إذا تزوج الرجل المرأة أصبحت عرضه فيجب عليه الدفاع عن هذا العرض والشرف ولو أدى إلى قتله، لقوله صل الله عليه وسلم: "من قُتل دون أهله فهو شهيد" (الترمذي 1421، أبو داود 4772).
[list=rounded-list]
[*]لا يفشي أسرار الزوجية:
[/list]
فلا يجوز للرجل الحديث عن خصوصيات امرأته وما يحصل بين الزوجين ونشرها بين الناس، كما قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" (مسلم 1437).
[list=rounded-list]
[*]لا يجوز التعدي والتجاوز على المرأة:
[/list]
وقد وضع الإسلام لعلاج المشاكل عدداً من الضوابط منها:
- ينبغي العلاج بالحوار والنصح والوعظ لتصحيح الأخطاء.
- يجوز له الهجر بالكلام على أن لا يزيد عن ثلاثة أيام، ثم الهجر في المضجع والمنام بدون خروج من البيت.
- قالت عائشة رضي الله عنها: "ما ضرب رسول الله صل الله عليه وسلم امرأة ولا عبداً إلا أن يقاتل في سبيل الله".
[list=rounded-list]
[*]تعليمها ونصحها:
[/list]
على الرجل أن يأمر أهله وينهاهم، وأن يحرص على ما يوصلهم لنعيم الجنة ويقيهم من النار عبر تيسير فعل الأوامر والحث عليها، ومنع المحرمات والتنفير منها، وعلى المرأة كذلك أن تعتني بنصح زوجها وتوجيهه لما فيه الخير، وتربية الأبناء التربية الصالحة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارً} (التحريم: 6) وقال صل الله عليه وسلم: "والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته" (البخاري 2416، مسلم 1829).
[list=rounded-list]
[*]الالتزام بشروط الزوجة :
[/list]
يجب على الزوج الالتزام بشروط الزوجة المذكورة في العقد.
إذا اشترطت المرأة لنفسها أمراً مباحاً أثناء العقد كنوع خاص من السكن والنفقة وقبله الزوج فيجب عليه الوفاء به، وهذا من آكد الشروط في وجوب الوفاء والالتزام به، وذلك لأن عقد الزوجية من أعظم العهود والمواثيق، كما قال صل الله عليه وسلم: "أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج" (البخاري: 4856 ، مسلم 1418).
حقوق الزوج:
[list=rounded-list]
[*]وجوب الطاعة بالمعروف:
[/list]
جعل الله الرجل قوَّاماً على المرأة، بمعنى مسئولاً عن أمرها وتوجيهها ورعايتها، كما يقوم الولاة على الرعية، بما خصه الله به الرجل من خصائص ومميزات، وبما أوجب عليه من واجبات مالية، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34).
[list=rounded-list]
[*]تمكين الزوج من الاستمتاع:
[/list]
مِن حق الزوج على زوجته تمكينه من الاستمتاع والجماع، ويستحب لها التزين والتجهز له، وإذا امتنعت الزوجة من إجابة زوجها في الجماع وقعت في المحذور وارتكبت كبيرة، إلا أن تكون معذورة بعذر شرعي كالحيض وصوم الفرض والمرض وما شابه ذلك.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" (البخاري 3065، مسلم 1436).
[list=rounded-list]
[*]عدم الإذن لمن يكره الزوج بالدخول إلى المنزل:
[/list]
فمن حق الزوج على زوجته ألا تدخل بيته أحدا يكرهه.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه" (البخاري 4899).
[list=rounded-list]
[*]عدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج:
[/list]
من حق الزوج على زوجته ألا تخرج من البيت إلا بإذنه، سواء كان إذناً خاصاً لخروج معين، أو بالإذن العام بالخروج من المنزل لعملها وحاجتها.
[list=rounded-list]
[*]خدمة الزوجة لزوجها:
[/list]
يستحب للزوجة خدمة زوجها بالمعروف في صنع الطعام وجميع شئون المنزل.