يتداول البعض أنباء توحي بسوء قد يلحق بسعر صرف الدينار؛ وهي كلها أحاديث غير صحيحة، تفتقد الصدقية.
الدينار قضية في غاية الحساسية، لا يجب استخفاف التداول بشأنها، خصوصا من قبل مختصين وخبراء يتساءلون عن استقرار سعر صرف العملة الوطنية كما لو أن الأحاديث العابرة حقائق واقعية!
بصراحة، كل المعطيات اليوم تؤكد قوة مركز الدينار، وتنفي فكرة تعديل السياسة النقدية المطبقة، والربط بالدولار بسعر محدد، باعتبار أنها ليست أكثر من أخبار ملفقة يتداولها البعض.
الرد على الإشاعات والأكاذيب يتم بالأرقام والمعطيات الفعلية، وأهمها رصيد البنك المركزي الأردني من العملات الصعبة، والذي تجاوز اليوم ما مجموعه 15 مليار دولار، تمثل رقما قياسيا لم يسجل من قبل.
إذن، وفقا للنشرة الإحصائية لـ"المركزي"، ارتفع رصيد الاحتياطات الأجنبية في أول تسعة أشهر من العام الحالي بنسبة 7.3 % ، ليصل 15.11 مليار دولار في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، مقارنة مع 14.07 مليار دولار في نهاية العام الماضي؛ أي بزيادة تبلغ نحو 1.04 مليار دولار.
وقد سعى البعض إلى المبالغة في تقدير حجم التحويل إلى الدولار. وهذه عملية يومية، لم تبلغ أبداً مستويات خطرة. وأهم من ذلك أن من يتداول هذا "المؤشر"، يغفل حقيقة أن سبب العملية في الوقت الحالي تحديداً، يتعلق بتراجع أسعار الفائدة على الدينار، بعد أن خفضت من 5 % إلى 2.3 % تتفاوت من بنك إلى آخر، ما دفع بعض المدّخرين إلى التحويل، مع التذكير بأن قيمة العملات الأجنبية لدى "المركزي" مؤهلة لتغطية الطلب على العملة الخضراء.
تدعم قوة الدينار، كذلك، مؤشرات نقدية حقيقية، تتمثل في تراجع عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات نتيجة انخفاض أسعار النفط عالمياً، الأمر الذي انعكس إيجابيا على الحفاظ على العملات الصعبة محليا، وعدم استخدامها في تسديد فاتورة مستوردات الطاقة.
ومن عناصر القوة أيضا، شهادة صندوق النقد الدولي المتكررة بمتانة وضع الدينار وسلامة موقفه؛ إذ جاء في أكثر من تقرير للصندوق أن وضع العملة الوطنية وسياسة الربط بالدولار المطبقة حاليا عند هذا المستوى، يخدمان الاقتصاد الأردني في ظل الظروف الراهنة.
أيضا، ينسف فكرة اهتزاز سعر صرف الدينار، تحسن بعض المؤشرات ذات العلاقة، منذ بدأ الأردن، بالتعاون مع "الصندوق"، برنامج الإصلاح الاقتصادي في العام 2011. ومن ذلك ما ذُكر سابقا بشأن الاحتياطي الأجنبي، كما القدرة على تغطية فاتورة المستوردات، والتي ارتفعت من 5.9 شهر إلى حوالي 8 أشهر حاليا. هذا إضافة إلى تراجع العجز في الحساب الجاري، إذ انخفض من 10.2 % إلى 6.8 % من الناتج المحلي الإجمالي. علماً أن الأردن تبنى برنامج "الصندوق" للإصلاح، بكل ما تضمنه من إجراءات صعبة وقاسية، لمعالجة التشوهات في الموازنة العامة وحماية للدينار.
وثمة أسباب أخرى للحفاظ على ثبات سعر الدينار، تتمثل خصوصاً في كون ذلك نقطة جاذبة تغري المستثمرين بالقدوم إلى الأردن. وهي مسألة مهمة للبيئة الاستثمارية، لاسيما في ظل عدم استقرار البيئة التشريعية.
يبقى، وبصراحة، أن من العوامل المهمة جدا التي تحول دون المساس بسعر الصرف، وجود د. زياد فريز على رأس البنك المركزي، وإدارته الحكيمة لملف السياسة النقدية، وضمن ذلك موقفه الحاسم برفض طرح المساس بالعملة الوطنية. وثمة قصص يسردها البعض عن موقف محافظ "المركزي"، والمتمثل بمبدأ قدسية الدينار، وهو ما يحصن العملة الوطنية ويجعل لاستقرارها أسبابا موضوعية وأخرى سياسية.
لكل هذه الأسباب أقول، بقوة وثقة: الدينار بخير.