محاكمة بريطانيا وإسرائيل في ذكرى وعد بلفور وشبان غزة يغلقون مقرات الأمم المتحدة
أشرف الهور
NOVEMBER 2, 2015
غزة ـ «القدس العربي»: أحيا الفلسطينيون يوم أمس الذكرى الأليمة الـ 98 لـ «وعد بلفور»، الذي منحت خلاله بريطانيا بدون وجه حق يهود العالم وعدا بإقامة وطن في أرض فلسطين. وفي مشهد غاضب على المجتمع الدولي لما آلت إليه الأوضاع، أغلق شبان من قطاع غزة مقر الأمم المتحدة، في الوقت الذي شددت فيه الفصائل على ضرورة استمرار الانتفاضة، ودعت إلى التمسك بـ «خيار المقاومة المسلحة» لدحر الاحتلال.
وفي مدينة غزة تظاهر»ائتلاف شباب الانتفاضة» أمام مقر الأمم المتحدة، الذي يضم عدة مؤسسات تعمل ضمن المنظمة الدولية، وأغلقوا المقر، ومنعوا خروج أو دخول أي من الموظفين والعاملين في المبنى، تنديدا بعدم حماية المجتمع الدولي والأمم المتحدة للسكان الفلسطينيين الذين شردوا من أراضيهم. وحمل الشبان الغاضبون لافتات كتب عليها «وعد بلفور المشؤوم .. من لا يملك أعطى لمن لا يستحق»، و»لن نهادن.. لن نغفر.. لن نساوم» كما حملوا أعلاما فلسطينية.
ووضع الشبان أمام مقر الأمم المتحدة توابيت ألصقت عليها صور لشهداء المواجهات التي اندلعت منذ مطلع الشهر الماضي، ووضع عدد منهم لثاما بالكوفية الفلسطينية على وجهه، وحملوا حجارة بأيديهم، في مشهد تعبيري عن دعم الانتفاضة. وقال الشاب طارق حمدي إنهم خرجوا في هذه الفعالية التي ينظمها «ائتلاف شباب الانتفاضة» لإيصال رسالة لبريطانيا، تدعوها إلى تصحيح الخطأ، الذي منحت بموجبه دون حق وطنا في فلسطين لليهود، ودعا بريطانيا والأمم المتحدة لتصحيح الخطأ، بالوقوف لجانب الشعب الفلسطيني، ووقف سياسة التمييز.
وأمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كانت هناك فعالية أخرى، ممثلة بـ «محكمة شعب» وضعت في قفص اتهامها كل أعلام بريطانيا وإسرائيل، وطالب المدعي من هيئة المحكمة أن يتم إيقاع أقصى العقوبة على المتهمين، حيث صنف المتهم الأول بـ»المجرم بريطانيا» والثاني بـ «المجرم إسرائيل»، الذي لا يزال يرتكب المجازر ضد الشعب الفلسطيني.
وفي ختام المحاكمة أعلن القاضي أن «محكمة الشعب» ستبقى في حالة انعقاد دائم «حتى تنتهي الجريمة، وتقام دولة فلسطين وعاصمتها القدس»، وأعلن أن الجميع سيغادر المحكمة دون رفع الجلسة. ونصبت منصة كبيرة أمام مقر الصليب الأحمر لهيئة المحكمة، مثلت المدعي وهيئة القضاة، ووضع مكان للمتهمين.
وأحرق شبان غاضبون هناك أعلام إسرائيل وبريطانيا وأمريكا، وعبروا عن غضبهم من سياسة هذه الدول المنتهجة ضد الفلسطينيين.
وتترافق هذه الذكرى الأليمة لـ «وعد بلفور» مع حالة الغضب الجماهيري الكبيرة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، والتي يعمل الكثير من أجل تطويرها في ظل استمرار المواجهة مع الاحتلال، وتواصل سقوط المزيد من الشهداء والجرحى.
ونظمت الفصائل مسيرة انطلقت من مقر الصليب الأحمر، حتى مقر الأمم المتحدة الرئيس غرب مدينة غزة، وهناك سلمت رسالة إلى المسؤولين موجهة للأمين العام بان كي مون، طالبته بـ «التدخل العاجل» لوقف الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وأيدت الفصائل المواجهات التي تندلع بين الشبان وجنود الاحتلال، وقالت في بيان لها إن هذه الانتفاضة العارمة «تجسد وحدة شعبنا في القدس والضفة وغزة وفي المثلث والجليل والنقب. وتمثل محطة نوعية على طريق نضال شعبنا ومقاومته من أجل انتزاع حقوقه الوطنية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمته القدس الشريف.» من جهتها أكدت حركة حماس في بيان لها بهذه الذكرى على تمسكها بـ «نهج المقاومة بأشكالها كافة، وعلى رأسها المقاومة المسلحة كخيار استراتيجي لردع الاحتلال واسترداد الحقوق المسلوبة وتحرير الأرض والأقصى والمقدسات والأسرى». ووصفت وعد بلفور وعد بأنه جائر وباطل ومرفوض»، وأنه «وعد من لا يملك لمن لا يستحق». وحملت الحركة بريطانيا وكل من ساندها مسؤولية ما نتج عنه من معاناة الفلسطينيين حتى الآن، وقالت أيضا «إن فرض هذا الكيان كأمر واقع بالقوة عبر طرد شعبنا من أرضه لا يمكن أن يغير حقائق التاريخ والجغرافيا»، مشددة على تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه الثابتة والمقدسة ورفضه التفريط والمساومة عليها مهما كلف الثمن. وطالبت بتعزيز الانتفاضة من خلال «صف وطني موحد في وجه الهجمة الصهيونية على المسجد الأقصى».
ودعت حماس قادة الدول العربية والإسلامية وكل الأحرار في العالم إلى «تحمل مسؤولياتهم التاريخية لمساعدة شعبنا للتحرر من الاحتلال بتوفير الدعم لشعبنا المنتفض والضغط على الاحتلال لإجباره لوقف عدوانه على شعبنا والرحيل عن أرضنا ومقدساتنا.» كما دعت المجتمع الدولي خاصة المنظمات الدولية إلى التحرك من أجل حماية اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة، وتأمين الحياة الكريمة لهم في سورية ولبنان والعراق وتجنيبهم ويلات الحروب الداخلية.
وأثنت على الجماهير الفلسطينية المنتفضة في الضفة الغربية وقطاع غزة والمرابطين في القدس والأقصى والأسرى الأبطال في سجون الاحتلال.
وفي السياق أنذرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين التي أصدرت بيانا بهذه الذكرى من «إنتاج وعد جديد على غرار بلفور»، هدفه وقف لهيب الانتفاضة القدس التي دخلت شهرها الثاني دفاعاً عن المقدسات الإسلامية.
وقالت الحركة في بيان لها «تمر اليوم ذكرى وعد بلفور المشؤوم، الذي منح غطاءً دوليا لجرائم العصابات الصهيونية ضد أرض وشعب فلسطين؛ فكان سببا في طرده وتشريده من وطنه، وتعرضه لمسلسل طويل من المعاناة والآلام.» وأكدت حركة الجهاد عهدها على المضي في «خيار الجهاد والمقاومة وصولا لتحرير وطننا كاملا دون التفريط بشبرٍ واحد من ترابه، مهما كلف ذلك من تضحيات».
وحذرت من كل التحركات التي قالت إن هدفها هو «كبح انتفاضة القدس»، ورأت فيها «حلقة في مسلسل طويل من التآمر على شعبنا وقضيته»، كانت بدايته وعد بلفور. وأكدت على أن إقدام وبسالة شباب الانتفاضة المباركة «فضح المنظومة الأمنية والعسكرية للاحتلال، وكشف للعالم جليا مدى هشاشتها ووحشيتها.»
من جهته أكد جميل مزهر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية على ضرورة استعادة الوحدة الوطنية في هذه الذكرى الأليمة، وشدد على ضرورة أن تكفر بريطانيا عن خطيئتها الكبرى من خلال الانحياز للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
أشرف الهور