بقلم: أ. د محمد رمضان الاغا
اخشى ما اخشاه ان ما تقوم به المؤسسات التربوية والسياسية والإعلامية في العالمين العربي والاسلامي لا يعدو كونه عملية غسيل أدمغة للاجيال في صورة منمقة توهم الناس مصداقيتها !! والا فكيف يمكن تفسير هذه الحالة من السكوت المخيف والمرعب على اقتحامات الاقصى اليومية وتقسيمه الزماني والمكاني؛ وانتهاكات الصهاينة والغرب والعملاء لكرامة الأمة على مسمع و مرأى وببث حي ومباشر من مواقع الاحداث في فلسطين والقدس وغزة وسوريا والعراق ولبنان وغيرها؟؟؟ وكأن الاقصى لم يعد مكوِّناً اصيلاً من مكونات عقيدة هذه الأمة .!!
ولقد اثبتت انتفاضة القدس ان سكينا او حجرا في يد شاب فلسطيني ثائر او فدائي مقدسي او بطل خليلي او نابلسي او كرمي او تلحمي او ريحاوي او غيرهم تؤثر في دولة الاحتلال وجيشها واجهزتها الامنية و الاستخباراتية اكثر من دول كاملة ومستقلة ومعترف بها وذات سيادة ولديها جيوشها واسلحتها وكل اجهزتها السيادية شكلا او موضوعا او كليهما. ذلك لان هذا الشاب لم يتخرج من تحت ايدي اعلام فاسد مفسد او مؤسسات تربوية شكلية لم تعد اهدافها سوى تكويم وتكديس خريجين في سوق عمل طافح ؛ بل استطاع ان يرث المقاومة ويرضع حليب الانتفاضة واكسير الصمود وفيتامينات التحدي من اجيالٍ سبقته مقاومة بالحجر والكوع والمولوتوف بل مقاومة بصدره المكشوف امام ترسانة الأسلحة الغربية المنسابة نحو العدو انسيابا؛ وهي لا تزال -هذه الاجيال- دون سن البلوغ البشري لكنها اليوم قد تجاوزت بمراحل سن البلوغ السياسي والفكري والثقافي الذي انجب الجيل الخامس من المقاومين مخلِّفاً وراءه نفايات عقودٍ من الترهل والتكلس والابوية ليقود بلدوزر المقاومة معتمدا بعد الله على ذاته و راكلاً كل ما ومن يعترض طريقه من المساومين.
هذا الجيل الخامس هو الذي ورث عمن قبله البطولة والتحدي وتربى على مبادئ دايتون التي اقسمت الا ان تخلق "الفلسطيني الجديد" من طينة جديدة ومن صلصال غير الفخار بل صلصال صهيوامريكي مختوم بخاتم اوسلو التي اضحت أرملة منذ يومها الاول ليبقى بعض المخدوعين متمسكين بها تمسكهم بالحياة؛ كيف لا وقد اضحت اوسلو بالنسبة لهم الأرملة المرضع ولم تذهلها الاحداث الجسام عما ارضعت وعما زالت ترضع حليبا لا يمكن ان تدب منه الروح في جسد خاوٍ ببطن أرملة ذابلة ارهقتها السنون حزناً واكتئابا.
وحتى لا نترك امر الجيل الخامس خاضعا للتأويل والتخمين فإن الجيل الاول هو جيل نكبة 48 والجيل الثاني جيل نكسة 67 والجيل الثالث هو جيل انتفاضة 87 والجيل الرابع جيل انتفاضة 2000 والجيل الخامس هو جيل انتفاضة القدس 2015 والذي تمرد على كل الموروثات البالية التي كانت تستهدف عملية الغسيل الدماغي لتبقى الاجيال مستسلمة مطواعة لحفنة من الازلام المتلذدين عذابات شعب عظيم لا شك يستحق قيادة بقدر تضحياته.
ان ولادة الجيل الخامس كانت طبيعية نوعا و سبقها مخاض صعب وعسير لذا كان المولود شابا عن الطوق فتيا في الأداء كريما في العطاء رائعا في البناء جادا في الولاء عميقا في الانتماء راسخا في الارض شامخا في السماء.
لقد اجاد هذا الجيل عملية التعلم من نكبة ونكسة وانتفاضتين استثمرها صيادون وقناصون مهرة حرمت شعبنا من كثير من حقوقه؛ واليوم يمسك هذا الجيل المقود بروحه وقلبه وعقله وذراعيه ويعض عليه بالنواجذ فلا تخذلوا هذا الشعب وهذا الجيل يا هؤلاء وكونوا مع الله يكن الله معكم ومعهم. |