ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75477 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: أبعاد نفسية وسياسية واجتماعية معقدة في بعض البلاد العربية: تفاقم ظاهرة البلطجة.. آفة خطيرة أبطالها مهمشون الأحد 10 يناير 2016, 9:32 am | |
| أبعاد نفسية وسياسية واجتماعية معقدة في بعض البلاد العربية: تفاقم ظاهرة البلطجة.. آفة خطيرة أبطالها مهمشون (الشبيحة أو البلطجية أو المرتزقة أو البالدية أو البلاطجة أو شومارة) تختلف التسمية من بلد إلى بلد عربي آخر لكن المعنى واحد فمن هم هؤلاء؟ ومن يدعمهم؟ ولماذا يرتبط مصطلح البلطجة بالنظام السياسي؟ لماذا ازداد الحديث عنها في الآونة الأخيرة وارتبطت بشكل قوي ووثيق بأجهزة الأمن؟ ولماذا تنتشر هذه الظاهرة في ظل الانفلات الأمني؟ كيف تتم معالجة هذه الظاهرة التي تنهش مجتمعاتنا والتي أصبحت مصدر خوف وقلق للأسر في البلاد العربية التي تشهد ص1راعات اقتصادية وسياسية حادة؟ «القدس العربي» حاورت الإعلامي والاستشاري النفسي د.أحمد شوكة حيث وصف بشكل تحليلي أسباب الظاهرة وحلولها المستقبلية وقال: المصطلح أساسا غير عربي هو مصطلح تركي، البلطة هي أداة حادة جدا تستخدم للقطع أو التقطيع. يجب النظر للظاهرة من عدة محاور، فهل هي محور اجتماعي بحت أم اقتصادي فقط، هل اجرامي عنفواني فقط أو سلوكي عنفواني أم هو مجموعة من العوامل نتيجة تركيبة أي مجتمع من المجتمعات أو حدث خلل في هذه التركيبة الاجتماعية المتوازنة لتنشأ هذه الفئة أو الطبقة التي تسمى «البلطجية»؟ مضيفا: لا يولد الإنسان بلطجيا بطبعه ولا توجد جينات وراثية تقول ان الإنسان سوف يولد بلطجيا أو غير بلطجي لكن توجد أنماط اجتماعية أو أنواع من السلوكيات داخل المجتمع تشكل وتهيئ وتساعد على ذلك، فمثلا لو أن المجتمع تشوبه ثقافة العنف وعن طريقه يحصل الفرد على ما يريد والناس تخاف منه وترتجف عند رؤيته وهو عنده الشعور بالقوة فيستخدم العنف للحصول على كل ما يريد. هناك أنواع وأنماط كثيرة جدا من البلطجة مثلا: • الشائع بلطجة استخدام العنف والقوة من أجل الترهيب والترويع والتخويف للحصول على مكاسب. • بلطجة معنوية يعني شخص يبتزك وانت تشرب القهوة ويهدد بالكلام ليحصل منك على غرض ما. • بلطجة إعلامية وبدأنا نلحظها بشكل كبير هذه الأيام من خلال مقدمي البرامج الذين يعملون على تحريض الناس على البلطجة ويستعملون لغة البلطجة لإيصال رسائل إلى الجمهور هدفها التخويف والترويع خاصة في الحملات الانتخابية وغيرها. وعن استخدام البلطجية من قبل بعض الأنظمة العربية لقمع المظاهرات قال د.شوكة: تعتمد بعض الدول على مثل هؤلاء لقمع الناس وقد أصبحوا صفوة يقال في بعض الأبحاث ان أكثر من 400 ألف بلطجي موجود في مصر لهم علاقة بطريقة أو بأخرى بالحزب الحاكم قبل قيام ثورة 25 يناير وما زالت له بعض الجذور حتى اللحظة. ويؤكد ان البلطجة ظاهرة قديمة تنتعش في كل المناسبات وأسبابها عديدة منها الحرمان الاقتصادي والاجتماعي والعوز. ويشير إلى ان التركيبة الاجتماعية اختلت، فالطبقة الاجتماعية الوسطى التي كانت تحافظ على توازن المجتمع وتناغمه انتهت أو هاجرت ليس لها تواجد على الساحة فأصبحت هناك فجوة كبيرة جدا بين الطبقات ومن هنا انفجرت العشوائيات حيث الكثافة السكانية العالية والحرمان الاقتصادي والاجتماعي والبطالة وغياب الوازع الديني والقانوني أدى إلى نوع من اللامبالاة حيث يتم استغلال المهمشين وقد يدفع لهم مرتبات في بعض الأحيان خيالية جدا للقيام بأعمال منافية ضد القانون، فالعمل يتم في فترة قصيرة من الزمن من أجل تحقيق خبطة أو مردود مادي كبير جدا في فترة قصيرة جدا.توصيف لشخصية وسلوك البلطجييقول د.شوكة: التركيبة الاجتماعية والسايكولوجية مهمة هنا وتحدد استعداد الشخص للقيام بهكذا سلوكيات، يعني هناك أشخاص لديهم الاستعداد لان يقوموا بهكذا أعمال. الشخص العادي السوي لو أعطي كل هذا المال لن يقوم بالبلطجة أبدا فهي منافية للعرف والأخلاق والدين. وتعتمد على التربة أو البيئة التي ينشأ فيها الشخص هل هي تربة مشبعة بالبطالة والاحباط والحقد والحرمان بحيث تستعين الأنظمة السياسية بهؤلاء لتحقيق مكاسب في الانتخابات أو تمرير قوانين معينة بترويع الناس، ونضرب مثلا «واقعة الجمل» وما أريد منها افشال ثورة 25 يناير. ويضيف: ان هؤلاء الأشخاص بعد فترة تتكون عندهم شخصية ضد المجتمع لا يعود يشعر بتأنيب الضمير أو بالذنب، بالنسبة له الغاية تبرر الوسيلة وانا ومن بعدي الطوفان. يتمادى لانه لا يعاقب ويحقق مبتغاه ويصبح عنده نوع من التعظيم لهذا النوع السلوكي الشاذ عن التركيبة النمطية لأي مجتمع. ان البلطجة تنطبق على الأشخاص غير الأسوياء والذين عندهم اعوجاجات غير قابلة أحيانا للتصليح والتقويم في شخصياتهم وفي سلوكياتهم لكن بعضهم قابل للعلاج لانهم كانوا ضحايا للإبتزاز وتحولوا إلى بلطجية تحت ضغط وتم استغلالهم، وهناك من يتحول إلى بلطجي بسبب تعرضه للقمع وتنتهك كرامته داخل السجن لذلك يخرج أكثر إجراما لكن هنا لابد ان لا نعمم. وهناك نقطة أخرى تتعلق بملامح البلطجي حيث تكون واضحة للناس فقد يكون اصيب بآلة حادة جعلت علامة بارزةعلى وجهه أو اصيب بطلق ناري وداخله درجة من الغضب والحقد والتهميش أو يكون مفتول العضلات ضخما وشعره طويل يظهر من جيب بنطاله طرف آلة حادة كسكين أو مطوى للترهيب، كلها علامات تميز البلطجي عن سواه.فساد الأجهزة الأمنيةويرى د.شوكة ان هناك وظائف وأسبابا متعددة ومتشعبة لهذه الفئة من المجتمع، فالبلطجة أصبحت مهنة وقد يستخدم بعض المساجين للقيام بهذه الأفعال حيث يتم الافراج عنهم ليرتكبوا جرائم ومن ثم يعيدوهم إلى السجن. كما يشير إلى ان القمع من قبل قوى واضح وصريح وهذا ستكون له تداعيات خطيرة داخلية أو دولية أو اقليمية انما القمع من قبل جماعات مسلحة ومقننة وبلباس مدني قد يكون هو الحل الأنسب باستغلال فئة سيئة جدا من المجتمع وجدت لتحقيق هدف معين مقابل المال. ولابد من الإشارة هنا انه ليست فقط الأجهزة الأمنية تستفيد من وجود مثل هذه الفئة، فالمسؤولية تتحملها أطراف أخرى في المجتمع فهي ظاهرة مرتبطة بجرائم عديدة أبرزها المخدرات وتجارة الجنس.المرأة البلطجيةويؤكد ان هذا السلوك لا يقتصر على الرجال فقط، فالمرأة البلطجية استخدمت في الانتخابات على سبيل المثال ووضعها أخطر حيث يتم استغلالها لتشويه سمعة البعض وهي قد تلقي بمشاكلها على شخص ما وتقول انه تحرش بها جسديا وجنسيا وتقيم الدنيا ولا تقعدها وهذا جزء من البلطجة التي تمارسها المرأة. والخطورة على الطفل الذي ينشأ في مجتمع فيه هذا النمط السلوكي فيقوم بالتقليد وينمو الطفل معتبرا ان هذه مسألة طبيعية وما خلافه يكون شاذا لذلك وللأسف الشديد تنتشر ثقافة البلطجة من عشوائية لأخرى وهنا مكمن الخطورة. ويعتبر د.شوكة ان الظاهرة هي ثقافة مجتمع حيث يستمد البلطجي السند من الشخصيات النافذة لذلك يكون محميا من العقاب فيقوم بالتحرش بالموظفين الصغار وتنتشر في الجامعات والمدارس لذلك يجب ان يتغير الفكر والنمط السلوكي والمنهاج الفكري للمجتمع ككل، ولابد من التوضيح ان البلطجية هم انتهازيون في اي مجتمع يستفيدون من تغيير يحدث فيركبون أي موجة جديدة في المجتمع ان كانت ثورة مضادة أو ثورة دينية أو ثورة إباحية، يركبون أي موجة ويتلونون لتحقيق هدف ما فهو بالمثل العامي «طالع واكل نازل واكل».علاج الظاهرةويركز د.شوكة هنا على تظافر الجهود، فالشرطة والقانون له دور والإعلام له دور في منتهى الخطورة والتربية السلوكية في الشارع وأخلاقيات الناس داخل البيت وداخل المدرسة والتعليم في المساجد والكنيسة ولخص أهم المعالجات بالتالي: • تعميم ثقافة القانون داخل المجتمع حيث ان القانون ينطبق على الصغير قبل الكبير. • الوعي بامتلاك الحقوق لدى المواطن والحفاظ عليها. • التعددية وقبول الآخر واحترام مشاعر الآخرين. • إعادة هيكلة التركيبة الاجتماعية الاقتصادية وتوفير فرص عمل. • وضع تشريع واضح ومحدد وهو قانون مدني حر يطبق على الجميع على ان الجريمة لها عقاب والثواب له جزاء والخروج عن القانون له مسائلة . • عندما يشعر الطفل منذ الصغر انه ينعم بسلطة القانون الذي يحميه ويعطيه حقه فهو ينشأ بشكل سوي. • الحل الأمني لأي مشكلة قصيرة الأمد إذ يجب ان يتم تأهيل هؤلاء داخل السجون بتعليمهم حرفا معينة تخدم المجتمع وعلاجهم من قبل مختصين بالإضافة للتوجيه من أجل التوبة. وينصح د.شوكة العائلة خاصة الأم والأب بضرورة ملاحظة طفلهم منذ نعومة أظفاره فلو وجدوا ان عنده سلوكا عنيفا كأن يتلذذ بتعذيب الحيوانات القطط والكلاب مثلا وتبدأ عنده مشكلة التبول اللاإرادي هنا يجب دق ناقوس الخطر وهذا يعني ان الطفل عنده إعوجاج في السلوك والشخصية قد يؤدي إلى مشاكل في المجتمع. فلابد من ملاحظة الأبناء داخل الأسرة وأخذ رأي أطباء مختصين لتشخيص الحالة والعلاج قبل فوات الأوان محذرا ان ظاهرة البلطجة لن تنتهي بالقبض عليهم فحسب فهي كما يعتقد مرض وآفة اجتماعية خطيرة متغلغلة يجب التعامل معها بوضوح وصراحة وشفافية. |
|