الانتصار الإسرائيلي الوحـيـــد !!
<< الأربعاء، 20 يناير/كانون الثاني، 2016
خيري منصور
حين كتب شلومو رايخ في كتاب بعنوان يوميات يهودي ساخط: ان حاصل جمع انتصارات اسرائيل هو هزيمة كبرى لم يكن المشهد العربي على ما هو عليه الان، فإسرائيل بانتصاراتها العسكرية لم تحقق اي اطمئنان حول المستقبل ولم تنفع حتى معاهدات السلام في تحقيق هذا الاطمئنان، لهذا فهي تخشى المستقبل وترى فيه كمينا تاريخيا لا فكاك منه .
لكن سنوات الخريف العربي التي ترجمت الى ربيع اسرائيلي قلبت بضع معادلات، واعادت ترتيب الاولويات والاجندات، وما اعنيه بالانتصار الاسرائيلي الوحيد الذي يمكن ان يتحقق ويغير من معادلة رايخ، هو انصراف العرب من عدو وجودي وتاريخي، والتعامي اضافة الى حشو الآذان بالطين والعجين ازاء ما يجري في فلسطين المحتلة وان كان بلغ ذروته في القدس التي يجري تهويدها على قدم وساق وفي سباق ماراثوني تحاول اسرائيل ان تفوز به قبل ان تضع حروب الاخوة الاعداء اوزارها، فكل خريف عربي هو ربيع لها ولعلها تشعر الان بان من كانوا اعداءها ذات عروبة ينوبون الان عنها في ذبح بعضهم وتدمير عواصمهم التي لم تعد تعصم احدا منهم !.
لقد كان الرهان الصهيوني منذ بدء هذه الدراما يتركز على امرين اولهما شيخوخة وانقراض الجيل الفلسطيني الذي يتذكر، وثانيهما قطع الاواصر بين جيل جديد ولد في المنافي وبين مسقط رؤوس آبائهم !.
اما الان فقد اضيف رهان ثالث هو استغراق العرب في الاقتتال واستبدال اعدائهم ببعضهم البعض، وهذا ما يفسر الصمت واللامبالاة ازاء ما يجري على مدار الساعة في الأرض المحتلة .
ان لحظة انصراف العرب عما سميّ ذات ربيع قومي القضية المركزية هي لحظة انتصار اسرائيل بمقياس تاريخي وسياسي وحضاري وليس بمقياس عسكري، فهي تدرك ان حربها ليست مع جيوش بقدر ما هي مع مشروع قومي وحضاري وثقافي .
وحين يصبح هذا الثالوث اشبه بمثلث برمودا الذي يبتلع كل ما يقترب منه، يتحقق لها النصر المنشود !!.