مشكلة تدميع العين: ما الحل الطبي لها؟

لندن ـ «القدس العربي»: الدموع هي نعمة من نعم الله على الإنسان لأنها تتميز بعدة وظائف، فهي تغسل أي جسم غريب يصيب العين وتغذي السطح الخارجي لها، وهي أيضا تحتوي على أنزيمات وأجسام مضادة لأي ميكروبات ممكن ان تتعرض لها العين. وتكمن أهمية الدموع أيضا بإنتشارها على سطح القرنية والملتحمة فتجعل السطح أملسا وناعما وبالتالي يكون الإبصار أفضل حيث تتكون طبقة خارجية كأنها عدسة خفيفة تحدد الصورة وتحسن من نوعيتها. لكن كيف تتحول الدموع إلى نقمة على صاحبها وما سبب زيادة الإفرازات الدمعية التي تؤدي إلى مشكلة التدميع المستمرة؟ ولماذا تحدث الإنسدادات في القنوات الدمعية وما هي المضاعفات المرضية لذلك؟ وهل لهذه المشكلة من حل علاجي دوائي أو جراحي؟
طرحنا هذه الأسئلة على د.نبيل مسيحة إستشاري طب وجراحة أمراض الجفون والجهاز الدمعي في بريطانيا وهو من أصل مصري وتحدث لـ«القدس العربي»عن التطور الحديث في مجال علاج مشكلة تدميع العين شارحا ما يحدث تحديدا داخل العين ووظيفة المسار الدمعي وأسباب تعرضه لزيادة الإفرازات الدمعية. وقال «في البداية يجب التوضيح ان هناك نوعين من الدموع، دموع تفرز بصفة مستمرة ودموع تفرز نتيجة الانفعالات الإنعكاسية كالفرح والحزن وغيرها. ولابد من معرفة كيف تفرز الدموع وكيف تنتشر على العين وكيف تتصرف من العين إلى الأنف لنتخلص من الدموع الزائدة حيث يتجمع الدمع تحت الجفن السفلي ثم بحركة الجفن السفلي أثناء عملية الرمش تنتشر الدموع من الجزء العلوي إلى الجفن السفلي وتتكون طبقة من الدموع من الناحية الخارجية تدفع بواسطة حركة الجفن السفلي إلى الناحية الداخلية حيث تتجمع في ما يسمى بـ «بحيرة الدموع». الدمع الذي يتكون يبدأ بالتصرف فيدخل في جهاز مسار الدموع من العين إلى الأنف ويبدأ في فتحتين صغيرتين على حافة الجفن العلوي والسفلي، ثم قناتين علوية وسفلية تفتح في الكيس الدمعي ومن الكيس الدمعي إلى الأنف ونسميها القناة الأنفية الدمعية، من ثم الدموع تفرزت بالغدة الدمعية وانتشرت بحركة الجفن من فوق بالرمش إلى الجفن السفلي لتدفع بالجفن السفلي من الناحية الخارجية للناحية الداخلية إلى بحيرة الدموع، ومن بحيرة الدموع إلى فتحات الجهاز الذي يصرف الدمع للأنف، ثم القنوات الدمعية الصغيرة التي تفتح في الكيس الدمعي ومنها إلى الأنف».
أما عن أسباب التدميع فأشار د.مسيحة إلى ان زيادة إفراز الدموع تكون نتيجة التهابات في الغدة الدمعية، والسبب الثاني حدوث إلتهابات في الملتحمة مثل الرمد الصديدي أو الرمد النزلي والحساسية الموجودة في العين الذي يسمى بالرمد الربيعي كلها أمور تزيد من إفراز الدموع. وهناك أسباب أخرى لزيادة الإفراز وتحدث نتيجة حدوث قروح صغيرة على سطح القرنية وهناك أمراض داخل العين نفسها مثل الالتهاب القزحي وهو إلتهاب في داخل العين وإرتفاع ضغط العين كلها عوامل تؤدي إلى زيادة إفراز الدمع.
وحول السبب وراء عدم استقرار الدموع على سطح العين يوضح ذلك بتحديد الأسباب قائلا: «سبب عدم استقرار الدموع على سطح العين الأمراض التي تسبب تليفا في الملتحمة، فيقل إفراز المادة التي تثبت الدموع فتبدأ الدموع بالتساقط بصفة مستمرة للخارج وذلك لوجود سبب آخر وهو عدم قدرة الجفن السفلي على دفع الدموع نحو بحيرة الدموع».
مضيفا: «أحيانا تكون فتحة مجرى الدمع ضيقة لأسباب قد تكون خلقية أو نتيجة التهابات فيحصل تليف وتضيق هذه الفتحة الموجودة عند مجرى الدمع. وقد تنتج مشكلة التضيق هذه نتيجة إستعمال بعض القطرات الخاصة بضغط العين والتي تستعمل لعلاج فيروس العين ومن الممكن ان يحصل إنسداد نتيجة إنقلاب خارجي لفتحة مجرى الدمع لذلك لا تستطيع التقاط الدموع.
إصابات القناة الدمعية
وعن إصابات القناة الدمعية قال د.مسيحة: انها قد تؤدي إلى قطع القنوات الدمعية مثل الإصابة بحادث سير نتج عنه قطع في فتحة مجرى الدمع في الجفن العلوي والسلفي ومن الممكن علاجها من خلال تمرير السليكون وتخييط الجفن العلوي بالسفلي.أيضا من إصابات القناة الدمعية الإصابة بالإلتهابات بسبب الميكروبات فيخرج الصديد وقد تؤدي إلى تليف القناة الدمعية.
التهابات الكيس الدمعي وعلاجها
أما عن التهاب الكيس الدمعي وطرق علاجه فقال»عندما يحصل إنسداد في القناة الدمعية الأنفية وينعدم تصريف الدموع تتجمع الدموع في الكيس الدمعي وتتعرض لميكروب فتسبب التهابا فيه. وهو إلتهاب حاد ومؤلم جدا ويؤدي إلى إنتفاخ أو ورم، وإذا ضغطنا على الكيس الدمعي فيحصل إرتجاع على العين وصديد والعلاج في هذه الحالة الحادة هو إعطاء مادة حيوية وقطرات، وإذا استمر الكيس الدمعي من غير التهاب فتجرى عملية لتوصيله بالأنف، بمعني فتح مجرى جديد وهي من العمليات الناجحة بنسبة تصل لأكثر من 95 في المئة. والعملية تتم من خلال إستحداث فتحة صغيرة في الأنف من الخارج ونخرج الكيس الدمعي ونزيل جزءا بسيطا من عظمة العين حتى يظهر الغشاء المخاطي للأنف بشكل واضح وبعدها نقوم بتوصيل الكيس الدمعي بالغشاء المخاطي للأنف ونكون قد عملنا قناة جديدة وتمرر أنبوبة تبقى لمدة ستة شهور ويصبح تصريف الدموع من خلال القناة الجديدة. وهناك عدة طرق للعملية قد تكون تجميلية فبعض المرضى يعترضون على الفتحة الصغيرة التي تفتح على الأنف على الرغم من انها غالبا ليست واضحة للعيان».
إنسداد القناة الدمعية
الأنفية عند الأطفال
إنسداد القناة الدمعية مشكلة يعاني منها الصغار أيضا وتحديدا حديثي الولادة. د.مسيحة أكد على نجاعة الحلول العلاجية الجديدة للتخلص من هذه المشكلة قائلا: «أثناء تكوين الجهاز الدمعي القناة الدمعية الأنفية فيها خلايا موجودة وهي تكون الجهاز الدمعي وهذه الخلايا في أثناء فترة الحمل تسد القناة الدمعية الأنفية إلى ان تتم الولادة. هذه الخلايا تختفي بشكل تدريجي لغاية ولادة الطفل لتصبح بعدها القناة الدمعية سالكة وعند بعض الأطفال هذه الخلايا لا تنتهي وتبقى موجودة وفي هذه الحالة لابد من وجود نوع من العلاج لتسليك القناة الدمعية الأنفية. الخطوة الأولى عمل تدليك للكيس الدمعي حيث يضغط على ناحية جدار الأنف والحركة تكون للأسفل فبالتالي تدفع الدموع للأسفل وتجعل بعض هذه الخلايا تضيع أو تختفي».
ويضيف:»لو افترضنا ان هذه الحالة استمرت بصفة دائمية وان الخلايا لم تختف فنقوم بعملية تسليك لمجرى الدمع بتمرير قطعة نسلك بها وندخلها من فتحة مجرى الدمع ثم نوجهها إلى داخل القناة الدمعية الأنفية.
وفي حال ان هذه العملية لم تعط نتيجة جيدة فنضع أنبوبة سليكون تدخل في القناة وتترك لمدة 6 أشهر حتى نضمن انها لا تغلق وحتى هذه الطريقة وجدوا فيها أحيانا بعض الأعراض الجانبية، فقد يحصل تغيير في السليكون ويسبب مشاكل». والحل كما يرى د.مسيحة في حال حصول إلتهابات في الكيس الدمعي بشكل متكرر فمن الممكن إجراء عملية فتح مجرى جديد لتوصيل الكيس الدمعي بالأنف وهذه العملية ممكن ان تجرى لكل الأعمار والعلاج يتراوح بين التدليك والتسليك وهي حلول سهلة وبسيطة وفي حال لم تظهر أي نتيجة فالخيار هو إجراء عملية جراحية. وينصح بعدم إهمال قضية التدميع لأنها قد تتسبب بمشاكل عديدة وضرورة الإسراع في التشخيص لحالات التدميع التي تتراوح بين إفراز الدموع العادية أو دموع مع صديد أو دموع مع إلتهاب في الجفون الذي سوف يساعد على تحديد نوعية العلاج المناسب لكل حالة.