الأردن في تشريع صهيوني: ما وراء النهر!
<< الثلاثاء، 1 مارس/آذار، 2016
حلمي الأسمر
نشر الزميل برهوم جرايسي، الصحفي الفلسطيني المخضرم، مادة صحفية قبل فترة تثير العجب، وكنت أتوقع أن تجد رد فعل أردنيا رسميا، يتناسب وحجم الأذى الوطني الذي تسببه لنا كمواطنين، خاصة وأنها تكشف عن وجه صهيوني عنصري كالح، يستحق صفعة تتناسب ووقاحته!
تكشف المادة الصحفية الاستقصائية، عن وجود قانون صهيوني يسمى «منع التسلل»، وهو من القوانين العنصرية الإسرائيلية التي أقرت في السنوات الأولى بعد النكبة، وهو قانون لا يعترف بوجود المملكة الأردنية الهاشمية، بل يسميها «ما وراء نهر الأردن»، في سياق ذكره الدول التي يُحظر الدخول إليها.
القانون –وفق الزميل جرايسي- أقر العام 1954 ويعكس العقلية الصهيونية، إلا أن البند المعني بالحديث جرت تعديلات عليه في العامين 1960 و2007، إلا أن تلك العقلية، أبقت الأردن مغيبا في السياق. و»منع التسلل» هو بند جزائي، ورد في القانون تحت بند (2 أ)، والترجمة الحرفية له: «(2- أ)، إن من يغادر، بمعرفته وبشكل مخالف للقانون من إسرائيل إلى لبنان، إلى سورية، إلى مصر، إلى ما وراء نهر الأردن، إلى السعودية، إلى العراق، إلى اليمن، إلى إيران، أو إلى كل جزء من أرض إسرائيل، وخارج السيادة الإسرائيلية، فإن الحكم عليه بالسجن أربع سنوات، أو غرامة 5 آلاف ليرة». وهذا النص بقي بعد التعديل الذي طرأ عليه في العامين 1960 و2007، كما هو، إذ أن التعديل الأخير عليه جاء لإدخال إيران إلى قائمة الدول التي يحظر دخولها. ولكن هذا البند أيضا ظهر في قانون المواطنة وتعديلاته التي طرأت في العام 2011، إذ يجيز هذا الأخير، سحب المواطنة من أي شخص انتقل إلى الدول المذكورة، وحصل على اقامة دائمة فيها أو مواطنة. ويتبين كذلك، أن وزارة القضاء الإسرائيلية أعدت مسودة قانون جديد، توسع فيها مجالات سحب المواطنة، بمعنى الجنسية الإسرائيلية، بشكل يستهدف أكثر من فلسطينيي 48، وهو يعود مرّة أخرى إلى ذلك البند الجزائي، ووفق النص القائم، من دون أي ذكر لتعديله. ويتضح في النص الذي وضع في العام 1954، أنه لا يعترف حتى بقرار التقسيم الذي قام على أساسه الكيان الصهيوني، ويتمسك كما اليوم بما يسمى «أرض إسرائيل».
ويكشف الزميل جرايسي أيضا، أن عدم ذكر اسم الأردن ككيان سيادي مستقل في القانون، نابع من المشروع الصهيوني، حسب رؤية أحد أكبر تيارات الحركة، لإقامة كيان لأبناء الديانة اليهودية في العالم، على ما يسمى «أرض إسرائيل الكبرى»، والتي ما تزال خريطتها تظهر حتى اليوم، على شعار حركة «بيتار» الشبابية اليمينية المتطرفة التابعة لحزب «الليكود»، وتظهر فيها فلسطين التاريخية ومعها شرقا كل منطقة غرب المملكة من شرق العاصمة عمان وحتى النهر. ومن الجهة الغربية صحراء سيناء المصرية. كذلك، فإن النشيد الذي وضعه المنظّر زئيف جابوتينسكي، مؤسس العصابات الصهيونية الإرهابية «ايتسل» وارغون»، اللازمة فيه: «لنهر الأردن ضفتان، هذه لنا وتلك أيضا»، وما يزال هذا النشيد قائما لحركة «بيتار»، وقد عبر مرارا من بات رئيسا لإسرائيل، رؤوفين رفلين، حتى حينما كان رئيسا للكنيست حتى العام 2013، عن اعتزازه بهذا النشيد، وقال إنه يردده، رغم اختلاف الظروف. كذلك، فإن جابوتينسكي، الذي مات في سنوات الأربعين الاولى، هو المنظر لحركة «حيروت» التي اقيمت في العام 1948، وأسست في العام 1973 حزب الليكود الحاكم اليوم.
لقد لاحق الكيان الصهيوني البلدين اللذين وقع معهما «اتفاقية سلام» إضافة إلى السلطة الفلسطينية، لتغيير كل ما يتعلق بتصنيف إسرائيل كعدو، من التشريعات النافذة، ولم يزل يلاحق ما يرد في الإعلام والمناهج المدرسية، حول هذا الأمر، وكان الأجدر ملاحقة هذا الكيان على عنصريته، وعدم اعتراف قوانينه بالمملكة، وما أوردناه مثل صارخ على ما نقول، ولم نزل ننتظر ردا أردنيا رسميا على هذا الأمر!