مسلة ميشع!
الثلاثاء، 19 أبريل/نيسان، 2016
حلمي الأسمر
يفترض أن يقوم عدد من المواطنين بوقفة احتجاجية امام السفارة الفرنسية للمطالبة بمسلة ميشع، أبلغ رئيس مركز ميشع لحقوق الانسان الدكتور ضيف الله الحديثات محافظ العاصمة عمان بشكل مكتوب انه تقرر تنفيذ وقفة امام السفارة الفرنسية في عمان الأسبوع القادم، احتجاجا على عدم تجاوب الحكومة الفرنسية مع المطالبة الوطنية الأردنية بإعادة المسلة الأردنية «مسلة ميشع» من متحف اللوفر في باريس الى الأردن.
الحملة التي يقوم عليها مركز ميشع انطلقت قبل عامين حيث أجري خلالها العديد من الاتصالات واللقاءات والاجتماعات بين القائمين على المركز والسفيرة الفرنسية السابقة والسفير الحالي بالإضافة الى الملحق الثقافي الفرنسي في عمان، كما ان الدكتور الحديثات بحث مع إدارة المتحف في باريس هذه المسألة خلال زيارته لهذه التحفة الاثرية في اللوفر . الجهود التي بذلت في هذا الشأن واجهت الكثير من العقبات التي وقفت في طريقها كان أبرزها عدم تدخل الحكومة الأردنية بهذه المطالبة وكأن الأمر لا يعنيها بشيء ، وعدم الجدية من الجانب الفرنسي في التعامل مع هذا الامر، وعدم معرفة الكثير من الأردنيين عن مسلة ميشع وماذا تمثل والقيمة الرمزية والمعنوية لها..
المسلة الأردنية موجودة في متحف اللوفر منذ عام 1867م بعد ان اخذت من عاصمة الدولة المؤابية «ذيبون» أي لواء ذيبان الحالي ويعود تاريخها الى 850 قبل الميلاد حيث كتب عليها باللغة الآرامية جزء من تاريخ الأردن القديم والانتصارات التي حققها أجدادنا على بنى اسرائيل، كما ان المسلة تربط تاريخ الاردن القديم بالتاريخ المعاصر .
تتحدث المسلة عن انتصارات ميشع ملك مؤاب على ملك إسرائيل آحاب بن عمري بعد أن سيطر الملك عمري وولده آحاب على بلاد مؤاب أوائل القرن التاسع قبل الميلاد، وقد ذكر ميشع في المسلة أنّه عندما أصبح ملكاً بعد والده كانت أرض مؤاب تحت سيطرة عمري وكان أرهقها بالضرائب والظلم، بعدها قرر الملك ميشع الثورة على أحاب لتخليص بلاد مؤاب من الظلم وقد تحصل له ذلك، ثمّ تحدث عن إنجازاته العمرانية وإعادة بناء المدن التي دمرها بنو إسرائيل وعمل على تحديث الأسوار والبرك وآبار المياه وتحسين الطرق.
تقول الروايات أن أول من شاهد المسلة أحد القساوسة ويدعى فريدريك كلاين، إذ حاول جاهدا اقتناءها بكافة السبل منها دفع الاموال الطائلة فحاول جمع تلك الاموال لدفعها للاهالي في منطقة تل ذيبان، لكن في الفترة التي كان يحاول جمع المبلغ انتشر الخبر وسمعت به السفارة الفرنسية في القدس المحتلة، فأرسلت القنصل الفرنسي في القدس شارل كليرمونت جانو إلى ذيبان؛ الذي نسخ طبعة عن الكتابة المنقوشة عليها قبل أن يفاوض على شرائها. وتم له ما أراد، واشتراها بستين جنيها، ونقلها إلى اللوفر، حيث بقيت حتى الآن..
قصة هجرة المسلة إلى اللوفر، لم تعد مهمة، فهي إرث أردني بامتياز، ومن حق أبناء الأردن أن يقتنوها في بلادهم، قد يرى البعض في إثارة القصة برمتها الآن عملا ليس له أولوية، في ظل الأزمات والظروف التي تواجه البلاد والعباد، ولكن المسألة أكثر عمقا مما يُعتقد، فمن لا يهتم بتاريخه لا يهتم بحاضره، ومسلة ميشع رمز وطني أردني، واستعادتها له بعد كبير في مدى اهتمام الأردن الرسمي، ليس بتاريخه فقط، بل بحاضره ومستقبله ايضا!