الأردن يضع عراقيل جديدة تميز بين الفلسطينيين وتحرم سفر أهل غزة عبر جسر الملك حسين
أشرف الهور
May 17, 2016
غزة – «القدس العربي»: منذ فترة زادت عن الثمانية أشهر، أصبح حصول سكان قطاع غزة على ورقة «عدم الممانعة»، من السفارة الأردنية في مدينة رام الله، لاستخدامها في السفر والدخول إلى أراضي المملكة، ضربا من المستحيل، فالرفض دون إبداء سبب واضح أصبح الرد المعتاد على طلبات الغزيين، بعد انتظار وقت طويل، وهو ما دفع منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأمريكية، للتدخل والطلب من رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور تخفيف القيود عن أهالي القطاع.
ولم يعد حسب الكثير من سكان غزة، ممكنا الحصول على ورقة «عدم الممانعة»، وهي بمثابة تأشيرة دخول للأراضي الأردنية، أمر هينا، فامتلاك هذه الورقة حاليا من خلال السفارة الأردنية في رام الله، أو من الدوائر الحكومية في المملكة، عبر طلب يقدم من أحد الأقارب من الدرجة الأولى، بات أمرا شبه مستحيل.
ويؤكد العديد من المصادر التي استفسرت منها «القدس العربي» عن الموضوع، أن مكاتب الوسطاء في غزة التي تقوم بتقديم طلبات الراغبين بالسفر إلى السفارة الأردنية في رام الله، لم تعد تعمل كما في الفترة التي سبقت الأشهر الثمانية الأخيرة، وأن تقديم طلبات «عدم الممانعة» ينحصر الآن فقط في الحالات المرضية، وبعض الطلبة الذين ينسق لسفرهم من خلال هيئة الشؤون.
وأكد العديد من أهالي غزة الذين التقتهم «القدس العربي» أن محاولاتهم للحصول على «عدم الممانعة» الأردنية «باءت بالفشل»، وأن ردود السفارة كانت سلبية وأبلغتهم برفض معاملاتهم دون إبداء الأسباب، رغم تقديمهم أوراقا رسمية تثبت حاجتهم للسفر، ومن بين من رفضت طلباتهم الكثير من المشاركين في مؤتمرات علمية ودورات متخصصة. وهؤلاء يلجأون إلى الأردن بسبب إغلاق السلطات المصرية معبر رفح.
وتقول الصحافية شيرين خليفة من قطاع غزة، إنها تقدمت بطلب إلى السفارة الأردنية عبر مكتب وسيط في قطاع غزة، للحصول على «عدم الممانعة»، وأنها بعد اتصالات عدة، تلقت ردا من الموظف المختص، وطالبها بانتظار الرد عبر رسالة نصية تصل إلى هاتفها المحمول.
وأكدت، أنها بعد إبلاغ الموظف بتقديمها الطلب منذ فترة طويلة، دعاها للانتظار قليلا لفحص الطلب، قبل أن يبلغها بالرفض دون تقديم سبب لذلك. وتشير إلى أنها قامت مجددا بتقديم طلب آخر منذ شهر تقريبا، وأنها لغاية اللحظة لم تتلق أي رد سواء سلبي أو إيجابي من السفارة.
وكانت خليفة تريد عدم الممانعة للسفر لإحدى الدول العربية، للمشاركة في دورة متخصصة.
ولا تنطبق إجراءات المملكة الأردنية هذه على أهالي الضفة الغربية، لكنها تطبق على من عاش منهم في مناطق قطاع غزة، ويشتكي هؤلاء من صعوبة الحصول على «عدم الممانعة.»
وساهم هذا الإجراء الذي لم تقدم المملكة أي تفسيرات له، في تشديد القيود المفروضة على أهل القطاع الذين يعانون أصلا من حصار إسرائيلي ممتد منذ عشر سنوات، تفرض خلاله إسرائيل المزيد من القيود على حركتهم، وتطلب قبل حصولهم على إذن للسفر من غزة إلى الأردن، أن يكون الشخص المقدم لطلب المغادرة حاصلا على «عدم الممانعة» الأردنية.
وبسبب ما أحدثه القرار الأردني الجديد من أزمة، جرى تداول الأمر بشكل واسع، ولاقى الأمر اهتماما ومتابعة في مواقع التواصل الاجتماعي. ووجهت في هذا السياق انتقادات للسلطات الأردنية لاستمرارها في طلب حصول سكان غزة على «عدم الممانعة»، كون أن آباءهم وأجدادهم كانوا يحملون وثائق سفر مصرية، رغم أن هذه الوثائق انتهت بقدوم السلطة الفلسطينية وإصدار جوازات السفر.
والمعروف أنه قبل قدوم السلطة كان أهالي غزة يحصلون على «وثيقة سفر مصرية» في حين كان يحصل سكان الضفة على جوازات سفر أردنية، وحمل الطرفان بعد قدوم السلطة جوازات السفر الفلسطينية.
وفي هذا السياق دعت منظمة «هيومن راتس ووتش» الحقوقية رئيس وزراء الأردن النسور للتدخل من أجل حل القضية. وقالت المنظمة في رسالة بعثتها إليه «إن على عمّان تخفيف إجراءات السفر المفروضة على الفلسطينيين الراغبين في السفر من غزة إلى دول أخرى». وأكدت أنه طرأت في الآونة الأخيرة «إجراءات مشددة» على مسافري الترانزيت، أدت إلى حجب فرص مهنية وتعليمية في الخارج عن شباب غزة الذي يعاني من آثار الحصار الذي تفرضه إسرائيل.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط إنه منذ أغسطس/ آب الماضي، أصبح فلسطينيو غزة يعانون مشقة متزايدة في الحصول على تصاريح الترانزيت الى الأردن ومنها إلى دول أخرى، دون إبداء تفسير لهذا التغيير في الإجراءات.
وأضافت أنه على مدار العقد الماضي على الأقل كان قطاع غزة مغلقا في أغلب الأوقات، ولا تسمح إسرائيل لسلطات غزة بفتح المطار أو الميناء وتحد من السفر عبر معبر «إيرز» الواقع شمال غزة بحيث يقتصر استخدامه على «الحالات الإنسانية الاستثنائية»، في حين تفتح مصر، التي تسيطر على الحدود البرية الأخرى للقطاع، معبر رفح مرات قليلة سنويا، ولا تسمح إلا لـ 9 % فحسب من الراغبين بالسفر في كل مرة. كذلك قالت المنظمة إنها في إطار رصدها لحصار غزة وثقت آثار القيود المخالفة لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك حق فلسطينيي غزة في حرية التنقل، ومن شأن الإجراءات الأردنية زيادة القيود على حرية التنقل بدون مبرر.
وخلال استعراض المنظمة لما آلت إليه الأمور مؤخرا من التشديد الأردني، ذكرت أنه حتى وقت قريب، لعب الأردن دورا مساعدا في تيسير هذا السفر، وظلت وزارة الداخلية الأردنية تصدر بانتظام رسائل عدم اعتراض «عدم ممانعة» سمحت لفلسطينيين من غزة بالعبور من الضفة الغربية إلى دول أجنبية مرورا بالأردن، مع إخضاع هذه العملية لتدابير فحص أمني، لكن «هيومن رايتس ووتش»، ذكرت أنه منذ أغسطس من العام الماضي رفض الأردن الكثير من هذه الطلبات في الأردن، أو عدم إصدار ردود عليها.
ونقلت عن منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية «غيشا»، قولها إنها قبل أغسطس، لم تسمع بأي رفض لطلبات ترانزيت، وإنه منذ أغسطس وحتى يناير/ كانون الثاني الماضي تواصلت مع 58 شخصا لطلب المساعدة للخروج كل إلى مقصده، وذكرت أنهم قالوا إن طلباتهم للتصريح الأردني الخاص بالترانزيت رفضت أو لم تنل أي ردود.
ونقلت عن مؤسسات تعليمية فلسطينية وأجنبية قولها إنها لم تتمكن من استصدار التصاريح الأردنية للطلاب وأعضاء هيئة التدريس اللازمة، حتى أن بعض كبار رجال الأعمال لم يتمكنوا من استصدار التصريح بحسب تقارير.
ومن ضمن الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، فقدان شابة فرصة حضور مسابقة لتطبيقات حاسوبية في قطر. وفي حالة أخرى تخص مساعدة أبحاث تعمل مع هيومن رايتس ووتش، رُفض الطلب دون إبداء تفسير. ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات الأردنية إلى تيسير عبور أهالي غزة في الأراضي الأردنية. وقالت «إن على السلطات الأردنية ضمان شفافية قراراتها دون تعسف، وأنها تأخذ بعين الاعتبار حقوق المتضررين»، ودعت الأردن إلى إبداء سبب الرفض.
وأكدت أن الساعين من أهالي غزة للحصول على «عدم الممانعة» لا يسعون إلا للعبور. وأشارت في ختام التصريح الصحافي الذي أصدرته لشرح ما يجري أن السلطات الأردنية لم ترد على رسالتها حول هذه القضية التي تؤرق سكان غزة.