ابن فضلان - الرحالة السفير
د. راغب السرجاني ابن فضلان.. الرحالة السفير
رحالة مسلم جاب بلاد البلغار، وقَدَّم لها وصفًا دقيقًا، سواء من الناحية الجغرافية أو الاجتماعية، ولا تزال كتاباته عن تلك البلاد مرجعًا أساسيًّا لكل من أراد دراستها، وهو كذلك صاحب أقدم وصف لروسيا عند زيارته لها عندما بعثه الخليفة العباسى المقتدر بالله لملك الصقالبة، إنه الرحالة السفير أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد.أحمد بن فضلان
لم يصل لنا عن حياة أحمد بن فضلان من حيث النشأة والميلاد إلا النزر اليسير؛ منها أنه عاش في مطلع القرن الرابع الهجري والعاشر الميلادي، ولكن لا يُعْرَف بالتحديد تاريخ ولادته أو وفاته.
تميز ابن فضلان بثقافة دينية رفيعة وأدب جمٍّ، وأسلوب جميل، وورع وخلق، وحبٍّ لنشر الإسلام، وصدقٍ في الحديث ورغم أننا لا نعرف الكثير عن حياته وعن نشأته، إلا أنه قد ذاع صيته بين المسلمين وغير المسلمين؛ بسبب رحلته إلى بلاد البلغار، ويظهر أنه كان مُقَرَّبًا من الخلفاء والأمراء، موثوقًا به عندهم في علمه ومقدرته وكفاءته.
أحوال الخلافة العباسية في عهد ابن فضلان
قبل حديثنا عن سفارة الصقالبة القادمة إلى خليفة المسلمين في
بغداد المقتدر بالله، يحسن بنا أن نصف حال الخلافة في هذه الفترة؛ لنتبيَّن الملامح التي كان لها تأثير واضح على ابن فضلان ووصفه لرحلته في أوربا الشرقية.
عهد الخليفة المقتدر بالله العباسي
عاش ابن فضلان في عهد الخليفة المقتدر بالله العباسي، الذي بويع بالخلافة وهو ابن ثلاث عشرة سنة، بعد وفاة أخيه المكتفي سنة 295هـ، فاستصغره الناس وخلعوه، ثم أعادوه مرَّة أخرى، وفي عهده كثرت الفتن، وحلَّ الخراب بالبلاد، وتمكَّن الوزراء من الخلافة، ولم يَعُدْ للخليفة هيبة أمامهم، إلا أنهم كانوا حريصين على إظهار هيبته أمام الناس؛ ليستمدُّوا من ذلك العون والقوة والمنعة.
وكان ممن استوزرهم المقتدرُ العباسى أبا الحسن على بن الفرات، وكان داهية مهَّد الدولة له، ومنهم كذلك على بن عيسى وحامد بن العباس، وكان المكتفي مترفًا مُكْثِرًا من الغلمان وتبذير الأموال، وترك شئون الحكم لأمه، فكثرت الثورات الداخلية والخارجية، وظهرت فتنة
القرامطة ببلاد
العراق و
الشام في ذلك الوقت، وكان ابن فضلان من موالى المقتدر العباسى، فعاش عيشة الترف والتنعُّم، فكان لهذا كله أثر واضح وبالغ فيما وصفه، فقد عرف في عاصمته بغداد ترفًا وحضارة، فأصبح يستصغر أمامها أحوال الممالك التى رآها، وخاصة أوربا الشمالية، فرسمها رسمًا غريبًا، يُشْعِرُنا بأنه كان ينظر إليها في عَجب، كما ينظر بعض سفراء الغرب اليوم إلى من يُسَمُّونهم بسكان الممالك المتخلفة.
رحلة ابن فضلان
تبدأ قصة ابن فضلان مع الرحلات عندما طلب ملك الصقالبة -بلاد البلغار- من الخليفة العباسى المقتدر بالله أن يُرسل له بعثة من العلماء؛ لتفقيه شعبه وتعريفهم شرائع الإسلام وتعاليمه السمحة، وهذا يدل على مدى تأثير الإسلام عالميًّا من الناحية الثقافية والسياسية والاقتصادية.. وغيرها، وما تمتَّعت به
الخلافة العباسية وعاصمتها بغداد في ذاك الزمن من مكانة، جعلت أغلب الدول تخطب ودَّهَا.
ويتحدث ابن فضلان عن ذلك قائلاً: "لمَّا وَصَل كتاب أَلمش بن يلطوار ملك الصقالبة إلى أمير المؤمنين المقتدر؛ يسأله فيه البعثةَ إليه ممَّن يفقهُه في الدين، ويُعرِّفه شرائع الإسلام، ويبنى له مسجدًا، وينصب له مِنبرًا؛ ليُقِيمَ عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته، ويسأَله بناء حصن يتحصَّن فيه من الملوك المخالفين له، فَأُجِيبَ إلى ما سأل من ذلك.. وكان السفير له نذير الحرمي، فنُدِبْتُ أنا لقراءة الكتاب عليه، وتسليم ما أهدى إليه، والإشراف على الفقهاء والمعلمين.. وللجراية على الفقهاء والمعلمين، على الضيعة المعروفة بأَرْثَخُشْمِثَينْ من أرض خوارزم من ضياع ابن الفرات، وكان الرسول إلى المقتدر من صاحب الصقالبة رجل يقال له: عبد الله بن باشتو الخزري، والرسول من جهة السلطان سوسن الرسى مولى نذير الحرمي، وتكين التركي، وبارس الصقلابي، وأنا معهم.. على ما ذكرتُ فسلَّمْتُ إليه الهدايا له ولامرأته ولأولاده وإخوته وقُوَّاده، وأدويةً كان كتب إلى نذير يطلبها".
ويتحدَّث ياقوت الحموى عن هذه الرحلة قائلاً: "وقصة ابن فضلان وإنفاذ المقتدر له إلى بلغار مدوَّنة معروفة مشهورة بأيدي الناس، رأيت منها عدة نسخ؛ وعلى ذلك فإن نهر إتل لا شكَّ في عظمته وطوله، فإنه يأتي من أقصى الجنوب، فيمرُّ على البلغار والروم والخزر، وينصبُّ في بحيرة جرجان، وفيه يسافر التجار إلى ويسو، ويجلبون الوَبَرَ الكثير.. والسمُّور والسُّنْجَاب".
وهناك سبب آخر لرحلة ابن فضلان؛ أن ملك الخزر- وهى مملكة يهودية، كان صاحبها يسمى خاقان- كان يستحلُّ النساء والحرائر من بلاد الصقالبة والروس وغيرها، وفيهن المسلمات وغير المسلمات، وعبَّر ابن فضلان عن ذلك بقوله: "ورَسْمُ ملك الخزر أن يكون له خمس وعشرون امرأة، كل امرأة منهن ابنة ملك من الملوك الذين يحاذونه، يأخذها طوعًا أو كرهًا".
أما عن السفارة نفسها، فهى مكونة من أربعة أشخاص ذكرهم ابن فضلان في رسالته؛ وهم: سوسن الرسى مولى نذير الحرمي، وتكين التركي، وبارس الصقلابي، وابن فضلان رابعهم، ومعهم دليل وهو رسول الصقالبة عبد الله بن باشتو الخزري.
ولنا أن نقف أمام ملامح هذه الشخصيات، فيخيَّل إلينا أن اثنين من أعضاء الوفد البغدادى يعرفان الروسية؛ فالأول سوسن، ويبدو نسبته إلى بلاد الروس، وقد أسلم وحسن إسلامه، والثانى بارس الصقلابي، واسمه وصفته دليلان على أصله، والثالث فهو تكين التركي، يجيد لغات الأتراك التي يمرُّ بها أعضاء الوفد في طريقهم إلى بلاد الفولجا.. وأما الرابع فهو ابن فضلان، وهو فيما تُعلمنا الرسالة لا يجيد اللغات الأجنبية، ولكنه على إلمام تامٍّ باللغة العربية وبالشريعة الإسلامية، وإليه رئاسة الوفد وقياده، وهو الذي يأمر وينهي، ويقرِّر الرحلة أو البقاء.
وقد خرجت سفارة الخليفة العباسى من بغداد يوم الخميس 11 صفر 309 هـ/21 يونيو 921م، ووصلت إلى بلغار في محرم 310 هـ، واتجهت شرقًا ثم شمالاً مرورًا بإقليم الجبال فهمذان، فالري، ونيسابور، ومرو، وسارت مع نهر جيحون إلى أن وصلت بخارى، ثم توغَّلُت في البرارى إلى أن وصلت الفولجا، ووصلت البلغار في يوم الأحد 12 محرم عام 310 هـ.
وصف ابن فضلان لبلاد الترك والصقالبة والروس
وقَدَّم ابن فضلان وصفًا دقيقًا للبلغاريين؛ حيث ذكر حضاراتهم وعاداتهم وتجاراتهم وتقاليدهم؛ فابن فضلان لم يكن مجرَّد زائرٍ يمرُّ على هذه البلاد، بل كان باحثًا يُدَوِّنُ ما يراه من أحداث جغرافية واجتماعية.
ويتحدَّث ابن فضلان عمَّا رآه في بلاد العجم والترك، وما رآه في بلاد الصقالبة وبلاد الروس وبلاد الخزر، وفي السطور القادمة سنسرد بعضًا ممَّا وصفه ابن فضلان عن تلك البلاد.
وصف ابن فضلان لبلاد الترك
فيقول- مثلاً- عمَّا رآه في بلاد الترك: "ولا يستنجون من غائط ولا بول، ولا يغتسلون من جنابة، ولا غير ذلك، وليس بينهم وبين الماء عمل خاصة في الشتاء، ولا يستتر نساؤهم من رجالهم ولا من غيرهم، كذلك لا تستر المرأة شيئًا من بدنها عن أحد من الناس"، مما يُعطى انطباعًا بأن هذه البلاد لم تعرف أي نوع من التحضر.
كما يتحدَّث عن الطبيعة الجغرافية في بلاد الترك والنواحى المتاخمة لنهر جيحون؛ فيقول: "رأينا بلدًا ما ظننا إلا أن بابًا من الزمهرير قد فتح علينا منه، ولا يسقط فيه الثلج إلا ومعه ريح عاصف شديدة"، وكان ابن فضلان داعية للإسلام ينتهز الفرص والمواقف للدعوة، وإذا وجد ما يخالف الإسلام استغفر ربَّه وسبَّح، وعن ذلك يقول: "ولقد أصابنا في بعض الأيام بردٌ شديد، وكان تكين يسايرني، وإلى جانبه رجل من الأتراك يكلمه بالتركية، فضحك تكين، وقال: إن هذا التركي يقول لك: أي شيء يريد ربنا منا؛ هو ذا يقتلنا بالبرد، ولو علمنا ما يريد لرفعناه إليه. فقلت له: قل له: يريد منكم أن تقولوا: "لا إله إلا الله" فضحك، وقال: "لو علمنا لفعلنا".
وصف ابن فضلان لبلاد الصقالبة
وقدّم ابن فضلان وصفًا دقيقًا لبلاد الصقالبة، يقول: "ورأيت لهم تفاحًا أخضر، شديد الخضرة، وأشد حموضةً من خل الخمر، وتأكله الجواري فيسمنَّ عليه، ولم أرَ في بلدهم أكثر من شجر البندق... ورأيت لهم شجرًا لا أدرى ما هو، مفرط الطول وساقه أجرد من الورق، ورءوسه كرءوس النخل، له خوص دقاق، إلا أنه مجتمع، يجيئون إلى موضع يعرفونه من ساقه فيثقبونه، ويجعلون تحته إناء، فتجرى إليه من ذلك الثقب ماء أطيب من العسل، إنْ أَكْثَرَ الإنسان منه أسكره كما يُسْكِر الخمر".
"وكل من زرع شيئًا أخذه لنفسه، ليس للملك فيه حقٌّ، غير أنهم يُؤَدُّون إليه في كل سنة من كل بيتٍ جلد سمور- حيوان بري- وإذا أمر سَرِيَّة بالغارة على بعض البلدان فغنمت، كان له معهم حصة... وليس لهم مواضع يجمعون فيها طعامهم، ولكنهم يحفرون في الأرض آبارًا ويجعلون الطعام فيها، فليس يمضى عليه إلا أيام يسيرة حتى يتغير ويريح، فلا يُنْتَفَعُ به، وليس لهم زيت ولا شيرج ولا دهن بتَّةً، وإنما يُقِيمُونَ مقام هذه الأدهان دهن السمك، فكل شيء يستعملونه فيه يكون زفرًا، ويعملون من الشعير حساءً يحسونه الجواري والغلمان، وربما طبخوا الشعير باللحم، فأكل الموالى اللحم وأطعموا الجواري الشعير، إلا أن يكون رأس تيس، فيطعم من اللحم".
"وإذا قتل الرجلُ منهم الرجلَ عمدًا أقادوه به، وإذا قتله خطأ صنعوا له صندوقًا من خشب الخدنك، وجعلوه في جوفه، وسمروه عليه، وجعلوا معه ثلاثة أرغفة وكوز ماء، ونصبوا له ثلاث خشبات مثل الشبائح وعلقوه بينها، وقالوا: نجعله بين السماء والأرض؛ يصيبه المطر والشمس، لعل الله أن يرحمه: فلا يزال معلقًا حتى يُبْلِيَه الزمان وتهبُّ به الرياح".
وصف ابن فضلان لروسيا
كما قَدَّم وصفًا رائعًا ودقيقًا خاصًّا ببلاد الروس؛ فوصف كلَّ ما يتعلَّق بحال الرجل عندهم، ومكانة المرأة بينهم، وحال سكنهم وطرق عيشهم، وحالهم في دفن الموتى، وعقيدتهم في الإله.. وغيرها كثير، ومن ذلك قوله: "وأَجَلُّ الحليِّ عندهم الخرز الأخضر من الخزف، الذى يكون على السفن يبالغون فيه، ويشترون الخرزة بدرهم، وينظمونه عقودًا لنسائهم" ويقول أيضًا: "وإذا أصابوا سارقًا أو لصًّا، جاءوا به إلى شجرة غليظة، وشدوا في عنقه حبلاً وثيقًا، وعلَّقُوه فيها، ويبقى معلقًا حتى يتقطَّع من المُكْثِ بالرياح والأمطار" ويتحدَّث عن ملكهم فيقول: "ولا ينزل عن سريره، فإذا أراد قضاء حاجة قضاها في طشت، وإذا أراد الركوب قَدَّمُوا دابَّته إلى السرير فركبها منه، وإذا أراد النزول قَدَّم دابَّته حتى يكون نزوله عليه، وله خليفة يسوس الجيوش ويواقع الأعداء، ويخلفه في رعيته".
وصف ابن فضلان لبلاد الخزر
ثم تبع ابن فضلان وصفه لبلاد الخزر وأحوال معاشهم وتقاليدهم وحال ملكهم بينهم، فيقول: "فأما ملك الخزر- واسمه خاقان- فإنه لا يظهر إلا في كل أربعة أشهر متنزهًا، ويقال له: خاقان الكبير. ويقال لخليفته: خاقان به. وهو الذى يقود الجيوش ويسوسها، ويدبر أمر المملكة ويقوم بها، ويظهر ويغزو، وله تُذعن الملوك الذين يصاقبونه، ويدخل في كل يوم إلى خاقان الأكبر متواضعًا يُظْهِر الإخبات والسكينة، ولا يدخل عليه إلا حافيًا وبيده حطب، فإذا سلَّم عليه أوقد بين يديه ذلك الحطب، فإذا فرغ من الوقود جلس مع الملك على سريره عن يمينه، ويخلفه رجل يقال له: كندر خاقان ويخلف هذا- أيضًا- رجل يقال له: جاوشيغر" ويقول: "وإذا رَكِبَ هذا الملك الكبير رَكِبَ سائر الجيوش لركوبه، ويكون بينه وبين المواكب ميل، فلا يراه أحد من رعيته إلا خرَّ لوجهه ساجدًا له، لا يرفع رأسه حتى يجوزه".
كما قدَّم ابن فضلان في رسالته صورة حية للظروف السياسية في العالم الإسلامي، وعلاقاته بالبلاد المجاورة له في أواسط آسيا والبلاد البعيدة، كما اهتم بعدد من القبائل التركية البدوية في آسيا الوسطى، كما ذكر عددًا من الشعوب كالبلغار، والروس، والخزر.
شهادة علماء الغرب لابن فضلان
لقد نال ابن فضلان إعجاب الكثير من علماء الغرب، فها هو ذا المستشرق الروسى كراتشكوفسكى (Ignaij Julianovic Krackovskij) يتحدَّث عنه قائلاً: "ويحتلُّ ابن فضلان المكانة الأولى بينهم- الرحالة والجغرافيين- سواء من الناحية الزمنية أو الأهمية الذاتية؛ وذلك بسبب رسالته المشهورة، التي تَجَدَّد الاهتمام بها في الأعوام الأخيرة بنفس الدرجة التي تمتعت بها لأول مرَّة منذ مائة وعشرين عامًا، وهذا الأثر بلا شكٍّ جدير بهذا الاهتمام، خاصة في الآونة الحاضرة بعد أن أصبح لأول مرة في متناول أيدى الجميع في طبعة كاملة تقريبًا.
وفيه نجد أثرًا طريفًا بالنسبة لعصره، فهو يُقَدِّم لنا صورةً حية للظروف السياسية في العالم الإسلامي، والعلاقات بين بلاد الإسلام والبلاد المتاخمة لها في آسيا، أو الأصقاع النائية التي كانت تمثل أطراف العالم المتمدن آنذاك؛ مثل حوض الفولجا، وتحفل الرسالة بمادة إثنوغرافية قيمة جدًّا ومتنوعة بصورة فريدة".
وهكذا يُعَدُّ ابن فضلان حلقة تاريخية مهمة في تاريخ التواصل الحضاري بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، المتمثلة في حضارة البلغار والخزر، كما يمثل نقلة مهمة في علاقة الإسلام والآخر، ولفضل أعماله وأهميتها تُرْجِمَتْ رسالته إلى لغات عديدة؛ منها: الإنجليزية، والألمانية، والروسية.. وغيرها.
لقد كان ابن فضلان بما قَدَّمه في رحلته من وصف لبلاد البلغار من أعظم جغرافيى العالم الإسلامي، كما أن جهوده لم تقتصر على علم الجغرافيا فقط، فما قَدَّمَه لعلم الاجتماع لا يقلُّ أبدًا عمَّا قَدَّمَه لعلم الجغرافيا.
المصدر: مجلة التبيان – العدد 68 – 10 مارس 2010م