بعد عزل داوود اوغلو - تركيا تضع بصمات حماس على اكبر اتفاق اقليمي
27/06/2016
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
مرة أخرى تثبت التجارب ان سياسات الدول ومعادلة الحرب والسلام ، لا تخضع للشعارات الاعلامية و" همبقات " الفضائيات . وانما لمصالح عميقة يسعى القادة خلالها للاقتراب من خصومهم وتوقيع " اجمل الاتفاقيات " معهم ، فيما يقلبون ظهر المجن " لاصدقاء العمر " ويطيحون بهم . وهكذا فعل نتانياهو بحلفاء الحكم ووزراء الائتلاف حتى أنه لم يستشرهم في هذا الاتفاق وانما صاروا يسمعون أنباء الاتفاق من تسريبات الصحافة .
وفي رام الله يهمس قادة لهم عشرات السنين في السياسة " ان المفكر الاسلامي داوود أوغلو كان اكبر صديق لفلسطين ولمنظمة التحرير مذ كان يعمل موظفا في سفارة تركيا في رام الله وحتى اليوم ، وهو الوحيد الذي رافق الرئيس ابو مازن الى الامم المتحدة وشد أزره في مواجهة الولايات المتحدة الامريكية " . ولكنه الان خرج من الحكم واعتزل الحياة السياسية .
وفي السنوات الخمس الاخيرة ، راهن مفكرون كبار ان التحالفات الاقليمية هي مفتاح الحل ، وبالتالي يمكن التعويل عليها في مواجهة الخطوب ، وهكذا نشأت تحالفات قاسية وخشنة ( تحالف منظمة التحرير مع مصر والاردن والسعودية والامارات ) و ( تحالف قطر تركيا حماس والسودان ) و( تحالف سوريا لبنان وايران ) وهكذا . ولان في كل تحالف عيوبه ونقاط ضعفه ، فقد كابر الجميع واظهروا اجمل ما في الاتفاق امام شعوبهم وأغفلوا حركة النقد والتصحيح ، لدرجة انه في غالب الاحيان كانت تهمة الخيانة تلصق بكل من ينتقد اي تحالف أو يعبّر عن تحفظات تجاهها .
وهكذا تكون تركيا وقعت اتفاقا مع الشيطان الاصغر ( المرحوم الخميني وصف امريكا بالشيطان الاكبر ووصف اسرائيل بالشيطان الاصغر ) . ولكن ايران وقعت قريبا اتفاقا مع الشيطان الاكبر . وبقي العرب غارقون في دمهم ، ليس فيهم قائد ولا زعيم يملك القدرة على محاربة أمريكا واسرائيل ، ولا فيهم قائد يجرؤ على توقيع اتفاق صلح مع امريكا واسرائيل . بل ان العرب كانوا في السلام أفشل من الحرب ، وفي المفاوضات أسوأ من المعارك . وكما شهدنا أسوأ معارك ، شهدنا أسوا مفاوضات عربية امام اسرائيل وامريكا ـ اهانت الاجيال وقهرت الشباب الذي لا يقهر .
في اتفاق ايران مع أمريكا ودول خمسة زائد واحد ، لم يتعب الايرانيون انفسهم ، ولم يوجهوا دعوة شرف لامين عام جامعة الدول العربية لحضور الاتفاق في روما ، في اشارة الى ان الايرانيين لا يرون الزعماء العرب اساسا ، وفي اتفاق تركيا كان الحال أفضل قليلا ، واكتفت تركيا بدعوة قيادة حماس برئاسة الاستاذ خالد مشعل واطلعوا على الاتفاق ( اخذوا مباركته ووضعوا بصمته على السكين ) ، ولم يتعبوا أنفسهم بدعوة قيادة منظمة التحرير ولا حتى التشاور معهم ولا حتى أخذ رأيهم في حالة ازدراء غير مسبوقة من الباب العالي للمنظمة . وطبعا تركيا لم تتشاور مع العرب وهي لا تحتاج اذنا بذلك ، فتركيا دولة عظمى بينما العرب برتبة " مقاول تنفيذ " في المشاريع العالمية .
اتفاق تل ابيب أنقرة واضح ، ولا يحتاج الى شتائم ولا تخوين ولا تفسير ولا تأويل ولا اتهامات ، ولا يحتاج ان يبدأ الفلسطينيون بشتم بعضهم البعض والقاء اللائمة على حماس او على منظمة التحرير ، كما ان اتهام جامعة الدول العربية لا طائل منه . وكما يقول المثل الشعبي ( الضرب في الميت حرام ) . ولكنه درس للاجيال ان لا يضعوا بيضهم في سلة احد ، وبدلا من التعويل على التحالفات الاقليمية واللهاث وراء سيد يخدمونه ويتذللون أمامه ، الافضل لهم ان يعودوا الى شعبهم والاعتماد عليه فهو أفضل لهم من اوباما وبوتين وهيلاري وخامنئي واردوغان ومن جميع الزعماء العرب والعجم .
البنود الخمسة للاتفاق التركي الاسرائيلي هي :
- اعادة تطبيع العلاقات بين تركيا واسرائيل بما يشمل اعادة السفراء وزيارات الصداقة والعمل المشترك كتفا الى كتف امام المنظمات الدولية والتبادل الامني والاستخباري .
- تدفع اسرائيل 20 ملوين دولار كتعويض لشهداء وجرحى سفينة مرمرة ، وبالمقابل تتوقف تركيا عن القضايا المرفوعة ضد ضباط وجنود اسرائيل في المحاكم الدولية وفي محاكم اسطنبول ايضا .
- تراجع الاتراك عن طلب رفع الحصار عن غزة ، وبالمقابل تسمح اسرائيل بنقل بضائع تركية الى قطاع غزة عن طريق ميناء اسدود باشراف أمني اسرائيلي ومقابل ذلك تتعهد تركيا بمنع اية نشاطات من تنظيم حماس ضد اسرائيل على الاراضي التركية .
- وعد امني تركي ان تتدخل المخابرات التركية لدى حماس ، لاستعادة الاسرى وجثث الاسرائيليين الى اسرائيل .
- البدء رسميا بالاتصالات اللازمة لمد خطوط الغاز من اسرائيل الى اوروبا عبر الاراضي التركية وان تشتري تركيا الغاز الاسرائيلي ( بعد الازمة بين روسيا وتركيا ) وان تبيعه الى اوروبا .