مقال السيد شملاوي في واد ورد السيد الرفاتي في واد آخر.
ما كتبه السيد شملاوي يعكس ضعف الأجهزة الرقابية في مراقبة ومحاسبة إدارة الشركات المساهمة العامة، ابتداء مما تتضمنه نشرات الإصدار.
لا يوجد نشرة إصدار تخلو من بند التمويل من مصادر خارجية عن طريق الاقتراض من البنوك لتمويل عمليات تنفيذ مشاريع الشركات التي تفصح عنها الشركات المصدرة في نشرة الإصدار.
هناك عشرات من الشركات لم تستطع الوفاء بالتزاماتها قصيرة الأجل لعدة أسباب ومنها الاقتراض من البنوك واستغلال حصيلة القروض في نشاطات أخرى غير متوفرة في غايات تأسيس الشركة وبنشاطات ذات نسبة مخاطرة عالية جداً ومنها المتاجرة بالأسهم على أمل تحقيق عائد ربح سريع فيتحول الموضوع إلى فشل كبير وتكبيد الشركة خسائر جسيمة.
ما هو دور المؤسسات الرقابية؟ موضوع كبير وخطير.
الموضوع التالي تم نشره على موقع جراسا بتاريخ 1/12/2014
ضعف الخبرة والرقابة في مراقبة الشركات
رائد الجوهري
مديرية الرقابة المالية هي إحدى مديريات دائرة مراقبة الشركات لدى وزارة الصناعة والتجارة، ومن أهدافها تعزيز الدور الرقابي الذي يساعد على حماية حقوق المستثمرين في الشركات ومنها الشركات المساهمة العامة من خلال تطبيق النصوص القانونية الواردة في قانون الشركات. ولكن بحسب تصريحات مراقب عام الشركات السابق خلال المقابلة الصحفية التي أجرتها معه الإعلامية رانيا الهندي في منتصف عام 2012 قال بأن هناك معيقات تواجه موظفي مراقبة الشركات في أعمال الرقابة بالصورة المطلوبة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1- عدم التزام بعض الشركات بواجباتها بعدم إيداع البيانات المالية.
2- يوجد في المملكة 100 ألف شركة مسجلة في دائرة مراقبة الشركات وهذه الأعداد تحتاج لكادر ضخم من الموظفين حتى تستطيع الدائرة فرض وبسط الرقابة بالشكل المطلوب.
3- الحاجة إلى مدقق حسابات في أعمال الرقابة على الشركات داخل الدائرة ومتخصصين في تحليل البيانات المالية.
هذه المعيقات مع نقص الخبرة والرقابة عند البعض لا يمكن أن تسمح لموظفي الدائرة من القيام بعملهم بالشكل المطلوب وبالتالي لا يمكن تحقيق هدف المديرية ولا قيام موظفي المديرية بواجباتهم بالصورة المطلوبة والتي من الممكن تلخيصها بالنقاط التالية:
أولاً: التحقق من أن جميع أصول الشركة مسجلة باسمها وفقاً لأحكام القانون.
تنص المادة رقم (91) من قانون الشركات: (تعتبر الذمة المالية للشركة المساهمة العامة مستقلة عن الذمة المالية لكل مساهم فيها)، وبنفس الوقت نجد بأن تقرير مدقق الحسابات الخارجي لإحدى الشركات المساهمة العامة لا يزال ومنذ عدة سنوات مضت ولتاريخه يذكر في تقريره وتحت عنوان "أمور أخرى" الفقرة التالية: (تتضمن البيانات المالية المرفقة أرض تبلغ قيمتها الدفترية... دينار غير مسجلة باسم الشركة مقابل وكالة عدلية لصالح بعض أعضاء مجلس الإدارة، علماً بأن الشركة تحتفظ بإقرارات خطية لصالحها من أعضاء مجلس الإدارة مقابل الأرض الغير مسجلة بإسمها).
ثانياً: التحقق من قيام الشركة بإعداد بياناتها المالية وفقاً لمعايير المحاسبة والتدقيق الدولية المعتمدة.
ورد في تقرير المدقق الخارجي لإحدى الشركات المساهمة العامة وتحت عنوان "أساس النتيجة المتحفظة" الفقرة التالية: (قامت المجموعة خلال الفترة بدفع مبلغ... دينار والذي يمثل استثمار في شركة تابعة، لم تقم المجموعة بتوحيد القوائم المالية لهذه الشركة حسب متطلبات معيار المحاسبة الدولي رقم (27) حيث أنه بحسب رأي إدارة المجموعة بأنها تمتلك سيطرة مؤقتة على تلك الشركة التابعة لذلك فإنها لا ترى أنه يتطلب توحيد قوائمها المالية مع القوائم المالية الموحدة للمجموعة)، مع الأخذ بعين الإعتبار بأن المبلغ المدفوع ليس للإستثمار بشركة تابعة كما جاء في تقرير المدقق الخارجي بل تم دفع المبلغ مقابل شراء شركة محدودة المسؤولية تعود ملكيتها لإحدى الشركات الخاصة المملوكة بدورها من قبل رئيس مجلس إدارة الشركة المساهمة العامة، وهي منظورة حالياً أمام القضاء الأردني نتيجة الجهود المبذولة والتنسيق المشترك ما بين بعض المساهمين وهيئة مكافحة الفساد.
ثالثاً: دراسة البيانات المالية وتحليلها وبيان مواطن الضعف والقوة في مراكزها المالية وبيان أية مخالفات أو تجاوزات ظهرت نتيجة التحليل المالي ودراسة تقرير مدققي الحسابات القانونيين ووضع التوصيات اللازمة وذلك قبل انعقاد الهيئة العامة للشركات المساهمة العامة.
هناك شركة مساهمة عامة، ومنذ تاريخ تأسيسها عام 2007 ولتاريخه وهي تظهر في قائمة المركز المالي بند "مشاريع تحت التنفيذ" بقيمة 2 مليون دينار تقريباً، وعند قيام بعض المساهمين والمتضررين في دراسة وتحليل تلك القوائم المالية تبين لهم بأن الشركة لم تقم بتنفيذ المشروع بالمطلق لتاريخه، وأن كلفة الأرض مبالغ فيها وأنها لا تصلح لإقامة المشاريع المذكورة في نشرة الإصدار، ولو أرادت إدارة الشركة وبالفرض الساقط إقامة المشروع على تلك الأرض فسوف تحتاج إلى عشرات الملايين من الدنانير من أجل تنفيذ البنية التحتية قبل البدء بإقامة الإنشاءات علماً بأن رأسمالها المكتتب به محدود ولا تملك السيولة النقدية المطلوبة لتنفيذ ذلك.
قام هؤلاء المساهمين والمتضررين بتقديم الشكوى للجهات الرقابية ومنها هيئة الأوراق المالية ودائرة مراقبة الشركات كون إدارة الشركة قد انحرفت عن غاياتها المسجلة لدى الدائرة والمتعلقة بالإستثمارات العقارية وهي نفس الغايات التي من أجلها تم تأسيس الشركة كما هو مذكور في نشرة الإصدار، واتجهت نحو المضاربة بالأسهم في بورصة عمان مما أدى إلى تحقيق خسائر تزيد عن 1.5 مليون دينار والتي تشكل ما نسبته 25-30% من رأسمالها المكتتب به.
أشار مراقب عام الشركات السابق وبصورة عامة في نفس المقابلة الصحفية عام 2012 إلى أسباب تعثر بعض الشركات المساهمة العامة، حيث قال: (إذا درسنا واقع بعض الشركات المتعثرة (تضامن أو توصية بسيطة) وتحولت إلى شركات مساهمة عامة، فإن إجراءات تحويلها كان دون التحوط في تقييم وتقدير أصول هذه الشركات مما أدى إلى وجود شركات مساهمة عامة ذات أصول متضخمة انعكست على أسهمها داخل سوق عمان المالي وكانت هذه الأسهم لا تعكس القيمة الحقيقية لتلك الشركات.
بعض الممارسات الخاطئة لهذه الشركات التي أدت إلى المضاربة غير الحقيقية على أسهمها مما أثر على المستثمر البسيط الذي انساق في كثير من الأحيان وراء هذه المضاربات غير الحقيقية وبالنتيجة انعكست على استثماراته في تلك الشركات وانخفضت قيمة الأسهم لما تحت القيمة الإسمية لهذه الشركات مما أثر على مستوى السيولة عند صغار المساهمين وعلى قدرة الشركات على ممارسة غاياتها التي أنشئت من أجلها.
السبب الأخر، أن بعض الشركات لم تلتزم بالغايات التي أنشئت من أجلها وتوجهت بأموال صغار المساهمين إلى المضاربات في سوق عمان المالي وحادت بالتالي عن الهدف الرئيسي الذي أنشأت من أجله.)
الفقرة الأخيرة أعلاه تتعلق بنص المادة رقم (273) من قانون الشركات والتي تنص على ما يلي: (يترتب على جميع الشركات التقيد بأحكام هذا القانون ومراعاة عقود تأسيسها وأنظمتها الأساسية ونشرة الإصدار وتطبيق القرارات التي تتخذها هيئاتها العامة وللوزير والمراقب اتخاذ الإجراءات التي يريانها مناسبة لمراقبة الشركات للتحقق من تقيدها بتلك الأحكام والعقود والأنظمة والقرارات وتشمل الرقابة بشكل خاص ما يلي:
أ- فحص حسابات الشركة وقيودها. ب- التـأكد من التزام الشركة بالغايات التي أسست من أجلها.)
لماذا لا يكون هناك إجراء قانوني سريع وبالتنسيق ما بين هيئة الأوراق المالية ودائرة مراقبة الشركات من جهة وبين هيئة مكافحة الفساد من جهة أخرى لمحاسبة من يستحق المحاسبة وإعادة حقوق المساهمين التي ضاعت في المضاربة بأسهم شركات لا حول ولا قوة لها؟!
كيف ستقوم إدارة الشركة بتصويب أوضاعها ووضع خطة مستقبلية قابلة للتنفيذ وهي لا تمتلك سيولة نقدية تكفي للبدء في تنفيذ المشاريع العقارية على قطعة الأرض التي لا تصلح أصلاً لإقامة مشاريع عليها نظراً لطبيعتها الصخرية الوعرة؟!
رابعاً: دراسة طلبات مختلف أنواع الشركات للتحقق من توافر جميع الشروط والمتطلبات القانونية لذلك ومنها:
تملك الشركات لشركات أخرى وفقاً لأحكام القانون.
زيادة وتخفيض رؤوس الأموال لهذه الشركات وتعديل العقود والأنظمة الأساسية للشركات.
بالتأكيد البند الرابع يتعلق بالمادة رقم (175) من قانون الشركات وخاصة البندين (5) و (6) من الفقرة (أ) الخاصين ببيع الشركة أو تملك شركة أخرى كلياً وزيادة أو تخفيض رأس مال الشركة المصرح به على التوالي، ومن حق أي مساهم أن يسأل كيف قامت بعض الشركات المساهمة العامة بشراء وتملك شركات محدودة المسؤولية كلياً تعود ملكيتها لرئيس مجلس إدارتها أو رئيسها التنفيذي دون عقد اجتماع هيئة عامة غير عادي وأخذ موافقة الهيئة العامة تمشياً مع أحكام المادة رقم (175) من قانون الشركات؟!
خامساً: بيان الارباح المتحققة وغير المتحققة وادراج ذلك ضمن البيانات المالية المعدة وضرورة ان تكون الارباح المعدة للتوزيع على المساهمين ارباحا متحققه.
كيف يتم تفسير قيام إحدى الشركات المساهمة العامة بتوزيع أرباح نقدية وأسهم مجانية على المساهمين بالرغم أن الأرباح المتحققة لم تكن متحققة فعلياً وإنما نتجت عن عمليات تداول تبادلية لأسهم شركة مساهمة عامة أخرى بصورة مخالفة للمعايير المحاسبية الدولية ولقانون الأوراق المالية والتعليمات المنبثقة عنه، وكذلك بسبب تحقيق أرباح وهمية ناتجة عن بيع استثمارات عقارية لإحدى الشركات التابعة لها؟!
لماذا لا تتخذ المؤسسات الرقابية الإجراءات القانونية بحق المخالفين وبدون أن يكون هناك شكوى مقدمة من المساهمين بتلك الشركات؟!
ما أردت قوله إن عدم التزام بعض الشركات بالقوانين النافذة والتعليمات والأنظمة وارتكابهم للمخالفات والتجاوزات وجرائم الفساد هو بسبب ضعف الخبرة والرقابة في المؤسسات الرقابية، علماً بأن تصريحات مراقب عام الشركات السابق والأمثلة المذكورة أعلاه هي خير دليل على ذلك، فإلى متى سيبقى الحال على هذا الوضع؟!