كميات ضخمة من نفايات إسرائيل السامة تجد طريقها للأغوار وأطفال المنطقة يصابون بجفاف فجائي ومشاكل في التنفس
رام الله – «القدس العربي»: تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنغيص حياة الفلسطينيين بشتى الطرق خاصة في المناطق البعيدة عن الأنظار كمنطقة الأغوار الحدودية. فقد سربت جهات إسرائيلية معلومات خطيرة تفيد بأن جزءا كبيرا من النفايات الرطبة أو العضوية الإسرائيلية الملوثة من مئات آلاف المنازل داخل إسرائيل ومن المستوطنات تجد طريقها الى الأراضي المفتوحة في الأغوار الفلسطينية.
وعلى امتداد مساحة آلاف الدونمات غرب جسر دامية الواقع غربي نهر الأردن وشمال مدينة أريحا تنتشر النفايات العضوية وغير العضوية الملوثة التي يغطى جزء منها بالأتربة. وينبعث الدخان السام من بعض أكوام تلك النفايات نتيجة عمليات الاشتعال المتعلقة بتفكك مكونات النفايات.
وحذر جورج كرزم الخبير البيئي ومدير وحدة الدراسات في مركز العمل التنموي «معا» من هذه المعطيات المسربة، كما كشف عن أراض أخرى مفتوحة في محيط نبع العوجا شمال شرق أريحا حيث تلقى أيضا مخلفات النفايات الإسرائيلية السامة مما يعمل على تلويث التربة والينابيع الملوثة أصلا المنتشرة في المكان.
وتوجد في الأغوار الوسطى منشأة إسرائيلية كبيرة تدعى «كمبوست مِسْواه» تعمل على تحويل النفايات العضوية إلى نوع من الأتربة الخصبة «كمبوست» وقد استوعبت تلك المنشأة خلال السنتين الأخيرتين الجزء الأكبر من النفايات العضوية التي تم فرزها في المنازل الإسرائيلية أو في محطات فصل النفايات المركزية مثل المحطة الإسرائيلية الجديدة التي بدأت العمل في القدس العام الماضي.
كما يعمد القائمون على المنشأة إلى تخزين كميات كبيرة من «الكمبوست» الجاهز على أراض فلسطينية منهوبة. وتنوي وزارة البيئة الإسرائيلية توسعة المنشأة كي تستوعب كميات أكبر من النفايات علما بأن المنشأة قائمة على أراض فلسطينية صادرها الاحتلال. وبحسب وزارة البيئة الإسرائيلية فإن نحو نصف مليون منزل إسرائيلي في 49 سلطة محلية يمارسون عملية فصل النفايات الرطبة العضوية.
وأضاف كرزم أنه في ذات المنطقة توجد أيضا منشأة تدعى «كمبوست أور» تستوعب نحو نصف كمية ما يطلق عليه الحمأة وهي عبارة عن المواد الصلبة العضوية وغير العضوية السامة التي تحوي جراثيم الأمراض وبيض الديدان المعوية الضارة الناتجة من معالجة المياه العادمة في محطات التنقية.
وكشفت جهات حقوقية وبيئية إسرائيلية أن وزارة البيئة الإسرائيلية منحت ترخيصا لنقل التربة الملوثة بالوقود من الأرض المحتلة عام 1948 إلى أراضي الضفة الغربية وبخاصة إلى المنشأة الاستيطانية المسماة «كمبوست أور» المحاذية لمستعمرة «مسواه» في الأغوار الفلسطينية المحتلة.
وفي العام الماضي رصدت مجلة «آفاق البيئة والتنمية» نشاط مصنع إسرائيلي للـ «الكمبوست» الملوث يدعى «توف لام» يقع شرق مستعمرة «مسواه» في قلب الأغوار وتعود ملكيته إلى مستثمرين فرنسيين. وكشفت المجلة أن الفحص المخبري أثبت وجود عناصر سامة بتركيز مرتفع في مادة «الكمبوست» التي ينتجها ذلك المصنع ويسوقها في مناطق الأغوار الفلسطينية.
وبالإضافة إلى العواقب الصحية الناجمة عن انتشار التلوث من الترب الملوثة إلى المحيط الفلسطيني فإن هذه الترب تتسبب في أضرار خطيرة للأراضي الزراعية في الأغوار التي تبعد عشرات الأمتار عن مواقع الترب الإسرائيلية الملوثة فضلا عن تلويث المياه الجوفية.
وختم كرزم بالقول «من الملاحظ أن العديد من الأطفال الفلسطينيين القاطنين في محيط منشآت النفايات الإسرائيلية السامة والأراضي الملوثة في الأغوار، أصيبوا في السنوات الأخيرة بحالات جفاف فجائية مترافقة مع تقيؤ وإسهال وذلك دون معرفة «الأسباب المباشرة» لهذه الحالات. كما يعاني الأطفال أنفسهم وغيرهم من مشاكل في الجهاز التنفسي.