[rtl]في أول دراسة علمية شاملة حول تعديل المناهج للدكتورة فاطمة الوحش[/rtl][rtl]مناهج تحتفي بأبطال الفرس الإيرانيين وتغيب شخصيات إسلامية[/rtl][rtl]التاريخ:9/10/2016 -[/rtl]عمان ــــ ربى كراسنة
قالت أول دراسة علمية شاملة لمحتوى المناهج الأردنية التي تعرضت للتغيير إن ما تعرضت له المناهج هو حشو الكتب المدرسية بمعلومات لا تتفق وفلسفة المنهج الخاص بالتعليم العام، محملة هذا التغيير لما اطلقت عليه اسم الاتجاه "الاستبدادي التعليمي من قبل السلطة".
وأضافت الدراسة التي أعدتها الأكاديمية التربوية الدكتورة فاطمة الوحش، تحت عنوان "المنحى البنائي في المناهج الاردنية"، أن "هذه التغييرات وجدت من يفسر في ضوء من الرغبة في الامن، مبنية على رؤيته من نظريات علم الاجتماع".
ونوهت إلى أن "المجازفة والمغالاة في التبسيط والابتعاد عن المسؤولية الاخلاقية باستخدام الاتجاه التضميني للقيم والمعايير الاخلاقية على نحو مباشر وغير مباشر لن يكون ذا فائدة أبدا، بينما الأصل هو استخدام الاتجاه المعرفي للمنظومة القيمية واستخدامها كأصل للمعرفة".
وأكدت الدراسة على أن "الدولة التي تتهاون في مناهجها ورعاية عقول أبناءها والاجيال دولة منتحرة عقليا وثقافيا وخلقيا ووجدانيا"، وقالت إن الاستعانة بأساتذة الجامعات بغية ترويجها لم يشفع لها أمام الرأي العام.
مخالفة للأسس العلمية والأعراف الأكاديمية
وفصّلت الدكتورة الوحش في دراستها المخالفات الواضحة في التغييرات للأسس العلمية والأعراف الأكاديمية والتعليمية خلال إصدار المناهج الجديدة. وقالت إنه "جرى تغيير كلي وليس تطوير للمناهج لعام/2016م، كمّاً ونوعاً ولكافة المراحل التعليمية فيما يسمى (المنهج التجريبي)".
وسخرت الدراسة من القول إن المناهج الحالية تجريبية، وقالت إن "المعارف لا تتواجد في سياق عمليات الضبط التجريبي، لانه سيادي وأي تدخل فيه هو تدخل سافر بالخصوصية الثقافية للمجتمع، في مواجهة واضحة مع ضرب للعقيدة وطمس للهوية وتغريب للاجيال".
وأضافت أن "ما يكال للمنهاج الحالي من الاتهامات يضع المجتمع أمام مسؤولية اخلاقية للأجيال القادمة، وهو ما يلزم الوقوف بنظرة متأملة ومفكرة وفاحصة وناقدة بعين غير هادمة لما يدور في مناهجنا من تغير وماهيته".
استقراء أكاديمي
وفي عملية استقراء أكاديمي بحت ذهبت الدراسة إلى القول إن المادة التي يجب أن تقدم للطلبة يلزمها السير وفق معايير معرفية وانفعالية وحسية حركية. وقالت: المفهوم هو البوابة للفهم والبناء العقلي ويجب أن يحقق المنهاج ما يسمى الاتساق المعرفي، والذي يتألف من (الايديولوجية والمصطلحات)، وما يرافقها من فهم وهي ذات ارتباطات نفسية، فتجعل الطالب قادرا على التصنيف والتميز وهذه الارتباطات تتداعى إلى اذهاننا وتكون حقائق عن فئة معينة ذات صفات مشتركة".
واستشهدت الدراسة من خلال ذكر قضية الاحتلال الإسرائيلي، حيث أشارت إلى أن "فلسطين تمثل الدولة العربية الاسلامية المحتلة والمغتصبة وتمثل وجدانيا الحنين والشوق لها، مشيرة الى انه جرى تغييب متعمد لذكرها في المنهاج".
المناهج تحتفل بأبطال الفرس الإيرانيين
ولفتت الدراسة إلى أن المفاهيم المصاغة ينبغي أن تستند إلى التعلم والتفكير والادراك، وأن تتسم بكونها ذات حقائق نوعية كالشخصيات الأدبية والتاريخية.
وقالت إن "تكرار الاسم له دلالة وحذفه له دلالة"، مشيرة الى انه عندما ذكر اسم ابو مسلم الخرساني بسمة التقدير وهو شعوبي ويعتبر مجرم حرب في زمانه وابن اخر اكاسرة ايران وصاحب فكرة الثأر ليوم القادسية في الصف الثامن ص71 من كتاب التاريخ وله رمزية بلاد فارس، وفي المقابل لا يذكر خالد بن الوليد إلا مرورا عابرا في الحديث عن معركة اليرموك، علما أنه من أعظم العباقرة العسكرين في العالم، يعد لذلك دلالة مهمة".
ومن الملاحظات التي سردتها الدكتورة الوحش في دراستها واعتبرتها ذات دلالة أن المختارات الأدبية التي تدرّس للمرحلة الاساسية في الصف السادس استندت الى مقتطفات من الادب ذو أصول فارسية وذات صبغة صوفية ومنهم (التبريزي والسجستاني والبيهقي وابن المقفع والبرامكة)، وفي الصفحات 59/69/45/37/17/14)، بينما غابت الشخصية الاسلامية المفكرة في المختارات الادبية العربية المنتقاة والتي يفترض مرجعيتها للعلماء العرب في الصفحات ( 87/79/26).
حذف واع لأسم "محمد"
ولاحظت صاحبة الدراسة أن "مقرر التربية الاسلامية للصف الثالث عرف النبي (بقوله الرسول صل الله عليه وسلم في 36 موقع) دون التعريف باسمه، وهذه ذات دلالة لاضعاف قيمة الشخصية بالتقليل من ذكره على السمع". وقالت: هذه محاولة لتغيب القدوة المتمثلة بشخصه العظيمة والمتفاعلة باسمه وهو سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، بل ذكر بصيغة الاستبدال في مواقع اخرى باسم (منير) وإزلة اسم (فاطمة) ذات الدلالة الاسمية والفعلية والمعنوية واستبدالها باسم (لميس) واستخدام لفظ (قرية قم) للتدليل عليها أنها قرية تقع شمال الأردن علما أنها برسمها الاملائي واللفظي مخالفة لما هو متعارف عليه في الاردن من انها قرية تسمى (قميم) واسم (قم) ذات دلالة لمدينة الحوزة الشيعية في بلاد إيران ووردت في كتاب تاريخ الاردن ص124 للصف الحادي عشر).
ليست فقط سقطات
وتواصل الدراسة استعراضها للسقطات الواعية للمنهاج قائلة: في مناهج التربية الدينية يلزمها مناقشة النظرة الى الله الخالق للكون وعظمته، والنظرة الى الانسان وعلاقته مع الله والكون وهدفه في الحياة، والالتزام الاخلاقي والمسؤولية الاخلاقية، ضمن سياق من القيم المتأثرة بالدين والمبثقة منه والذي يزودنا بمجموعة متناسقة ومنظمة عن المعتقدات الاساسية، وسيبقى التأثير الديني عاملا في قيم التربية ولها مصدر ثابت وموثق وهو (القرآن والسنة)".
وتابعت القول "كان هناك غياب ملحوظ للبعد المعرفي من قبل المناهج التجريبية"، مشيرة الى "حضور مميز للميدان الانفعالي بتحريك الميول والاتجاهات بإثارة المتعلم (كملاحظة المرأة غير المحجبة وهي مبتسمة ثم توجيه المتعلم (كالالفاظ او الاشكال كالسلام او العنف اتجاه المرأة او التعايش والتسامح) والتحكم الى ان بتحقيق الاذعان به والميل والرضا وتقبل القيمة بل وتفضيلها والالتزام بها حتى وسم المنهج بأنه سلمي اخلاقي لا تشريعي توحيدي".
أين المرجعية الثابتة؟
وقالت الدكتورة الوحش في دراستها: الأصل أن القيمة الحقيقية هي معرفة الله وتشريعاته وتثبيتها كوجود أساسي في عقلية وذهنية الطالب في مناهج التربية الدينية، إذا كان المرجعية الثبتة هو القرآن الكريم فإن من سمته الثابت، ومن صفاته الوحدانية وهي تؤهل الطالب للرجوع في حال التردد أو الشك إلى مرجعية ثابتة، وانه يستند الى الله بعزيمة الواثق من دينه ومرجعيته ونفسه وان تغيب الايات القرآنية يضعف المرجعية الدينية ويثبت المرجعية الذاتية ويذكي الاستقلالية مع غاية من التشكيك".
خطورة الوثنية
وقالت الدراسة "إذا شعر الطالب أن المبادئ الدينية يمكن أخذها من أفكارنا وتخيلاتنا سنصبح وثنيين، ويصبح الفرد قابل للتأثر بالآراء المضادة له لعدم وجود السلطة الربانية فإنه سيرى جميع الأشياء بلا معنى بل إرادته ذاتية، اصنع نفسك بنفسك، وهذا يتسبب بفقدان التكامل العقلي، ليكون الطالب امام الفشل والنفاق والجبن، فالصلاة او العبادة تفترض الايمان بالله والايمان يفترض وجود الله وهو الله، ثم يمارس عبادته بإيمان مطلق وبشكل واضح وبين على سيرة سيدنا محمد عليه افضل التسليم بحديثه وفعله في مسار الاقتداء والقدوة الحسنة".
واشارت الدراسة الى حذف كل الاحاديث المحفوظة فقد (حذف ما يقارب 82 اية من اصل 117 في خمسة كتب ومنها اللغة العربية للصف العشر حيث حذفت 5 وأصبحت فقط 3 آيات في المنهاج الجديد، وكتاب القواعد للصف الثامن من الجزء الأول كان يحوي 27 آية فأصبحت 5 آيات فقط، وكتاب مهارات اللغة العربية للصف العاشر كان يحتوي على 33 آية أصبحت فقط 7 آيات، وكتاب قواعد اللغة العربية الجزء الأول كان يحوي 21 آية أصبح فقط 5 آيات، وكتاب مهارات اللغة العربية للصف التاسع كان يحوي 28 آية فأصبح فقط12 آية).
وأحل الله البيع وحرم الربا
واشارت الدراسة إلى أنه "في مجال التشريع والمعاملات وفي درس البيع في الصف الثامن للفصل الأول (ص 65) التي تتحدث عن الكسب الحلال كان هناك غياب للقاعدة الشرعية نهائيا وهي وأحل الله البيع وحرم الربا".
وتابعت صاحبة الدراسة: فيما يتعلق بمنهج التاريخ إنه ليس مجرد دراسة الماضي إنما هو الدافع الإدراكي وراء الافعال، وهنا يلزم أن تكون المادة التاريخية المقدمة مبنية على حقائق وموشحة بتفسيرات وأدلة وبراهين، وتربط الاسباب بالمسببات وبنتائجها الحقيقة، وتحرير التلاميذ من التفكير الخرافي الذي يقوم على الظن والتعميم، وتوضيح أثر الإنسان في الأحداث التاريخية واستنتاج العبرة التاريخية سواء كانت أخلاقية أم سياسية وبيان قوة المجتمعات وقدرتها في تغير مجرى الأحداث".
كتب تاريخ من دون فلسفة وطنية
وقالت الدراسة إن "منهج التاريخ في بلادنا يلاحظ أنه كتاب تجميعي توفيقي لا يحمل فلسفة وطنية ولا يكون عقلية تحليلة للطلبة، بل حشو يلقن الطالب مفاهيم جديدة دون التأسيس لها علميا ولا ثقافيا وبلا تتابع تاريخي منظم".
وتضيف "ففي (كتاب التربية الوطنية للصف العاشر) يؤسس الكتاب على تسويق الأمم المتحدة والعمل الأمني والسلمي ولم يكن هناك اي إشارة الى ديننا أو ثقافتنا العربية في التعايش السلمي مثلا، وإنما طغت عليها رسالة الآخر إلينا. وفي حالة فريدة من الانبهار والتسول في عالم العالمية وبشكل غير مقبول، ويلاحظ أن عملية التوجيه والضبط باستبدال كبير للالفاظ والتعاطف بالعناوين التسامحية (إزلة الصليبية/الأقليات/التبشيرية) ويلاحظ تقزيم وتسطيح المعلومة".
واستشهدت بما ورد من (أن سبب معركة حطين تمرد امير الكرك ص68 من تاريخ الاردن للصف الحادي عشر) علما أن معركة حطين تعتبر أقصر معركة في التاريخ وهي ذات دلالة للعبقرية العسكرية والتخطيط العسكري التاريخي وهي الاساس الذي من خلاله تم فتح بيت المقدس".
وقالت: نقص المعرفة بل الانتقاص منها قصدا في درس عن (معركة اليرموك ونتائجها انتصار المسلمين ووضعوا شروط وكانت ثلاثة اما ان يسلموا او يدفعوا الجزية واكتفى قاصدا لان الثالثة هي القتال ص47 تاريخ الاردن للصف الحادي عشر).
في المناهج.. الانتداب البريطاني للاردن أنيس وصديق
وبحسب الدراسة فقد ذكر ما يسمى (القبائل المسالمة ص47 تاريخ الاردن للحادي عشر) ولم يلمس أي قارئ لكتاب التاريخ وبالتحديد في تاريخ الأردن الحديث عن أن الانتداب البريطاني كان محتلا للوطن ولم يلمس أي نوع من المقاومة كأنه الانتداب الانيس والانتداب الصديق، فاذا كان علم التاريخ هو علم تحليلي تركيبي وسردي ووصفي يحتاجه المخطط السياسي والعسكري والاقتصادي فإن المنهاج بوضعه الحالي لا يحقق بإيراد الشواهد الدالة على صدق النظريات او القواعد المعرفية للتاريخ".
غياب الحقائق الصلبة
وأكدت الدراسة أن "التعليم نابع من فلسفة المجتمع"، مشيرة الى ان "الاكثر تأثيرا وتأثرا في بناء شخصية الفرد المحتوى التعليمي للمقررات (الدين واللغة والتاريخ) وهي تشكل منظومة الوعي للمجتمع، وهي التي تمد المجتمع بحقائق صلبة وتحوي القوانين وهي الأكثر عرضة للتغير او للتلاعب".
وأكدت الدراسة ان "هدف العملية التعلمية هو تعديل سلوك المتعلم، والذي يكون مزودا بأنماط معرفية واضحة ومستندا الى قواعد متفق عليها ضمن اسس دينية واجتماعية وثقافية"، منوهة الى ان "العملية التعلمية تتكون من محاور رئيسة هي المدخلات (المعلم والمتعلم والمنهاج)، وأن صياغة الموضوعات المنهجية تسير على نحو تكاملي يمكن المتعلم من تكوين تصور واضح في العملية التعليمية التعلمية ويجعله اكثر فاعلية".
وختمت بالقول إن "المنهاج هو الأقرب إلى الفهم والإدراك والمنبع الذي يزود المتعلم بالأسس والمبادئ والوعي الذي تتولد منه المعارف".
(البوصلة)
الرئيسية 
البوابة 
