الآن فهمتكم
نعم فهمت ان السلطة عقيمة وانانية ولا تحب الا نفسها
وانها مثل القطة تاكل ابناءها اذا جاعت او اذا لزم الامر .
وانها من اجل البقاء والاستمرار لن ترحم الاقربين فضلا عن الابعدين.
واذا تعلق الامر بالبقاء او بالرحيل فبقاء الحاكم وجوقته اولى من بقاء الشعب،
ومن لم يفهم هذه المعادلة واراد صعود الجبال فلن يجد الا السجون او الهجرة عبر امواج البحر.
«منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ».
نعم فهمت ان السلطة لا تشبع ولا تقنع وتقول هل من مزيد؟.
مزيد من السلطة ومزيد من النفوذ ومزيد من التسلط ومزيد من الاستبداد والنار تأكل بعضها أن لم تجد ما تأكله.
نعم الان فهمت طبائع الاستبداد وطلائع الاستبلاد
فهمت ان الفساد الفاجر ناتج عن سلطة مطلقة ومُنتج للخراب والدمار ومُؤذن بالزوال والاندثار.
قبل سبع سنوات من انتفاضة الربيع العربي، حذر تقرير التنمية الإنسانية العربية من أنه ( إذا استمر العجز التنموي المصحوب بوضع قمعي على الساحة الداخلية وتدنيس على الساحة الخارجية ، فمن المرجح أن يتبع ذلك نزاع ٌمجتمعي مكثف في البلدان العربية ، ففي غياب آليات سلمية وفعالة لمعالجة الظلم الذي يتسبب فيه الواقع العربي الراهن تزداد احتمالات النزاع الداخلي وهو أسوء مصير يمكن أن ينتهي إليه العصر الحالي في التاريخ العربي الحديث ).
هرم الناس وهم ينتظرون لحظة التغيير .
وتاخر الفهم العربي الحاكم سبع سنوات عجاف قبل ان يقدم الرئيس ( بن علي) خطابه عشية هروبه من تونس حيث قال < انا فهمتكم>.
لو ان الرئيس المخلوع — اياً كان — قال لشعبه قبل فوات الأوآن ( نعم فهمتكم ) وفهمت انكم مصدر السلطة ومصدر الشرعية، لهتف الناس بحياته وقبلوا منه بالقليل.
هل للعقل الحاكم ان يتعظ بالتاريخ او يعتبر بغيره ؟
لا يغرنكم طول الصمت ولا جميل الصبر
ولو ان حكام الاندلس فهموا مقولة الشاعر صالح بن يزيد المشهور ب ابي البقاء الرندي لما بكوا مثل النساء ملكاً لم يحافظوا عليه مثل الرجال ..
مقالة الرندي :
لـكل شـيءٍ إذا مـا تـم نقصانُ --- فـلا يُـغرُّ بـطيب العيش إنسانُ
هـي الأمـورُ كـما شاهدتها دُولٌ --- مَـن سَـرَّهُ زَمـنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهـذه الـدار لا تُـبقي على أحد --- ولا يـدوم عـلى حـالٍ لها شان
يُـمزق الـدهر حـتمًا كل سابغةٍ --- إذا نـبت مـشْرفيّاتٌ وخُـرصانُ
أيـن الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ --- وأيـن مـنهم أكـاليلٌ وتيجانُ ؟