بُرمــا تضم منجما للحديد كان يتم استخراجه وتصنيعه منذ العصر الروماني والبيزنطي
أ.د. محمد عبده حتاملة*
بضم الباء المعجمة، وآخر الاسم ألف ممدودة، وتكتب وتلفظ أيضا (برمة) بالتاءالمربوطة. ويرجع هذا الاسم إلى الآرامية، فهو تحوير لكلمة (برميت) ذات الأصل الارامي. ويرى بعض أهلها أن اسمها مشتق من الفعل (برم) بمعنى لفَّ، ذلك أن من معاني برم حول المكان: التف حوله، وهذا المعنى غير مستعمل في اللغة الفصيحة، ولكنه دارج في اللغة المحكية، والفصيح في معنى برم وأبرم: فتل، فتقول: أبرم الحبل وبرمه: أجاد فتله. والمبرم والبريم: الحبل الذي جمع بين مفتولين ففتلا حبلاً واحداً، وقد سميت برما بهذا الاسم، لأن الناس كانوا (يبرمون) أي يلتفون حولها مشياً أو على ظهور الدواب وهم في طريقهم إلى العاصمة عمان أو البلقاء عبر طريق الرمّان القديمة.
ويرى آخرون من أهل برما أنها سميت بهذا الاسم لارتباطها بالبر والماء، فقد كانت كثيرة الينابيع، يتجاوز عدد عيون الماء فيها المائة، فهى (برماء) ثم حذفت الهمزة للتخفيف، فصار الاسم (برما). غير أن معظم ينابيعها جفت، بمرورالزمن، ولم يبق منها سوى اثنتي عشرة منها: عين الجرن، وعين الخرور، وعين أم حامد، وعين الديك، وعين الجودي، وعين الباشا، وعين البلد، وعين الساخنة، وعين البحيرة، وعين الخرور. ويذكر هنا أن الأصل السامي المشترك لكلمة برما يعني: المكان المرتفع.
تقع برما في محافظة جرش، وتبعد عن مدينة جرش إلى الجنوب الغربي منها نحو اثنين وعشرين كيلو متراً، ويمكن الوصول إليها من جرش عبر طريق جرش- نحلة – دبين ثم برما. وفلكيا تقع على خط الطول 35 درجة و 47 دقيقة شرقا ودائرة العرض32 درجة و13 دقيقة شمالا.
كانت برما في العهد العثماني تتبع سنجق (لواء) عجلون، وقد ورد في دفتر الطابو رقم (970) أنها «تابع بني علوان، فيها ثلاث وثلاثون خانة وإمام واحد، وحاصلها في قسم من الربع: ثمانية آلاف أقجة؛ الحنطة: عشر غرارات قيمتها ألف وثلاثمائة أقجة، ومن الشعير: خمس غرارات قيمتها ثلاثمائة وخمسون أقجة، وخراج الزيتون الإسلامي: ألف وخمسمائة أقجة. والزيتون الروماني: ثلاثة آلاف ومائة وخمسون أقجة. وخراج العناب والرمان والعنب: ألف ومائتا أقجة. ورسم المعزة: ثلاثمائة أقجة. ورسم النحل: مائتا أقجة».
وورد فى دفتر الطابو العثماني رقم (185) أن القرية «من خواص أمير لواء عجلون تابع بني علوان، فيها اثنتان وثلاثون خانة وأربعة مجردين، وحاصل قسم من الربع؛ من الحنطة: عشرون غرارة قيمتها ألفان وثمانمائة أقجة. من الشعير: ثلاثون غرارة قيمتها ألفان وأربعمائة أقجة. وخراج أشجار الزيتون الإسلامي ومحصول الزيتون الروماني وغيره: ألفا أقجة. والمال الصيفي ألف ومائتا أقجة. ورسم المعزة والنحل: ثمانمائة أقجة».
ويلاحظ من دفاتر الطابو العثمانية أن (برما) تشتهر منذ القدم بالزيتون، وخاصة الزيتون الروماني، ولكثرة الزيتون فيها كان أهلها لا يجمعونه كله في الموسم، وإنما يتركون بعضه على الشجر أي (يدشِّرونه) فيأتي بعض السكان من القرى المجاورة ويجمعونه ويأخذونه، فضرب المثل بزيتون برما الداشر (المتروك)، حيث قيل: (زيتون برما داشر وتعيشوا يا همل)، وقد نظم الشاعر مصطفى وهبي التل (عرار) هذا المثل شعراً فقال:
زيتون (برماء) يبـــقى داشـــراً أبداً لكل مرتزق افاق يجنيه
وكان أهل برما يجيدون صناعة ملح البارود، حيث كانوا يصنعونه في بيوتهم ويستخدمون بعضه، ويبيعون بعضه الآخر للأعراب المتجولين في المنطقة. وعمل اهالي برمة أيضا بتجارة الخردة والحديد على نطاق واسع، كما عملوا بتصنيع الفحم النباتي والاتجار به على مستوى الأردن والعالم العربي، هذا فضلاً عن الاتجار بالزيت والزيتون وغيرهما من المنتجات الزراعية.
ويذكر – بذكر علاقة برمة بالحديد وتجارته – أن هناك موقعاً يرتبط ارتباطاً عضوياً بالحديد، واستخراجه، وصناعته، وهو مغارة وردة التي تقع على طرف أراضي القرية، فهذه المغارة ومنطقتها مشهورة بالحديد الذي كان يتم استخراجه منها وتصنيعه منذ العصر الروماني والبيزنطي، فهي منجم قديم استغله أيضاً الأيوبيون والمماليك، وقد كان الحديد فى عهد صلاح الدين الأيوبي يستخرج من وردة، ويعدن، وتزود به قلعة عجلون (الربض سابقاً) لتصنيع السلاح وغيره من لوازم.
تتبع برما إداريا قضاء برما أحد أقضية محافظة جرش، وبرما مركز القضاء الذي يشمل أيضا قرى: المنصورة، والجزازة، والمجدل، وعليمون، وهمتا، والفوارة، والهونة. وفي برما بلدية أنشئت عام 1982م، ويبلغ عدد سكان القرية نفسها(4679) نسمة ينتمون إلى عشائر: العظامات، والشرمان، والحناتلة، والكعيبر، والعفيف، والنسور، والطوالات. والعظامات بطن من عشائر العظامات فى جبل العرب (جبل الدروز)، وهم فخذ من عشيرة الهذال من قبيلة عنزة.
وتوجد في قرية برما أربع مدارس حكومية هي: مدرسة برما الثانوية للبنين، ومدرسة برما الثانوية للبنات، ومدرسة برما الأساسية للبنات، ومدرسة مختلطة.
وفى القرية أيضا مركز صحي أولي، وعيادة أسنان، وجمعية واحدة هي: جمعية سيدات برما التعاونية، ومكتب بريد، ومعصرة زيتون، وأربعة مساجد.
وتعتبر قرية برما وجوارها من المناطق الحرجية الكثيفة، وتعد مكاناً مناسباً للتنزه والاصطياف.
بــايــر
واد كان فى قديم الزمان خصباً مأهولاً بالسكان تم استيطانه منذ العصور الحجرية
لم تتفق المصادر على لفظ اسمها، فقد وردت عند ياقوت
أُياير)، وعندالحازمي: (أباير) «، ، ويظن العبادي انها وردت فى التوراة باسم (عباريم). وأما اسمها المتداول فى الوقت الحاضر (2009 م) فهو: (باير).
وكلمة باير فى اللغات السامية معناها: أرض بور بلا غلة؛ فـ(بور) بالعبرية: قاحل، أوغير مثمر، أو فارغ، وغير مزروع فهو بائر أوباير. و (بورا) بالآرامية: أرض بور. وبالعربية: بارت الأرض: لم تزرع.
وباير منطقة جغرافية هى عبارة عن واد كان فى قديم الزمان خصباً مأهولاً بالسكان تم استيطانه منذ العصور الحجرية، وأصبح منذ أوائل القرن العشرين الميلادي نقطة مهمة في الجنوب الشرقي من الأردن. وخلال هذا الزمن الطويل استوطنت المنطقة القبائل العربية منذ ما قبل الإسلام، وحظيت في العهد الإسلامي، بالاهتمام، وخاصة اهتمام الامويين، كما سيأتي.
وقد ضبط الحازمى (أياير) بضم الهمزة، وبعد الألف ياء تحتها نقطتان، وقال: «هو منهل بالشام فى جهة الشمال من حوران». ومن الواضح أنه أخطأفي تحديد الموقع، ذلك أن باير تقع إلى الجنوب من حوران. وتقع تحديداً إلى الجنوب الشرقي من الجفر بالقرب من الحدود مع المملكة العربية السعودية، وتقع فلكياً على خط الطول 36 درجة و41 دقيقة شرقاً، ودائرة العرض 30 درجة و 46 دقيقة شمالاً، وتتبع باير قضاء الجفر، أحد أقضية محافظة معان.
ويمكن الوصول إلى باير عبر طريقين رئيسيتين معبدتين باستثناء مقطع طوله ثلاثون كيلومتراً، مازال ترابياً. وإحدى الطريقين باتجاه الجنوب إلى الجفر، ثم باتجاه الشمال عبر الطريق الدولية لمسافة ستين كيلومتراً من الجفر حيث توجد استراحة، ومحطة وقود، ومن هناك تبدأ الطريق الترابية نحو الشرق إلى باير. أما الطريق الأخرى فتبدأ من الأزرق بالاتجاه جنوباً لمسافة تبلغ نحو مائة وخمسين كيلومتراً.
وتشير المسوحات الأثرية إلى أن المنطقة تم استيطانها منذ زمن موغل في القدم، فقد كشفت فيها أدوات صوانية كان السكان يستخدمونها، ثم أصبحت باير المحطة لقوافل الحرير والتوابل القادمة من الشرق باتجاه البتراء عاصمة العرب الأنباط.
وأصبحت باير فى العصر الأموي ملاذاً مناسباً للأمراء الأمويين الهاربين من صخب المدن ومشكلاتها البيئية إلى نقاء الصحراء وصفائها. وقد بنى فيها الخليفة الأموي الوليد الثاني ابن يزيد ( 125- 126هـ/ 742 - 744م) قصراً، غير أنه تهدم ولم يبق منه غير أساساته. وكان فريدريك بيك الذي تولى قيادة الجيش العربي الأردني في فترة مبكرة من عصر الإمارة الهاشمية في الأردن، كان قد أمر بأخذ حجارة القصر لبناء مخفر لقوات البادية، وذلك عام 1932م، ثم لم يحظ هذا باهتمام الباحثين والدارسين، ربما لبعد موقعه عن الطريق الرئيسية.
ويظهر بناء المخفر المشار إليه فوق تلة تشرف على المنطقة بأكملها، وقد شجع ذلك، إضافة إلى وجود الماء، الاستيطان فى المنطقة، ففي باير آبار تجميع للمياه، كانت فى البداية عبارة عن حفر بسيطة في عمق الوادي، فتخرج المياه العذبة من جوف الأرض ليتم تجميعها في تلك الحفر، ومع تقدم الزمن ازداد عمق الآبار، وطويت بالحجارة بطريقة هندسية جميلة.
وكانت باير فى عهدها الأموي مركزاً لتجمع الحجاج، وكانت في أيام الوليد الثاني ابن يزيد مقصداً للشعراء، ومنهم الرماح بن ميادة الذي ذكر باير في شعره حيث قال:
لعمـــرك إنــي نــــازل بـأيـــايـــــــر وضوء ومشتاق، وإن كنت مكرما
أبيت كأني أرمد العين ساهراً
إذا بات أصحابي من الليل نوّما
وتوجد على طول وادي باير برك قديمة، وغابة من أشجار الطرفا والغضبا، وتمتد هذه الغابة مسافة طويلة، وتضم العديد من الحيوانات والطيور البرية النادرة، وتوجد تشكيلات طبيعية فريدة مثل المقاطع الصخرية بأشكال مختلفة، وجبال على هيئة نبات الفطر بفعل عوامل التعرية، وشلالات من الرمال الناعمة التى تنحدر من فوق الكتل الصخرية.
وهذا التنوع الحيوي للمنطقة يجعلها تستحق أن تكون محمية طبيعية للمحافظة على خصوصيتها التراثية والبيئية النادرة، وقد بدأت بوادر الاهتمام بها تظهر من خلال إنشاء سد لتجميع مياه الأمطار بسعة تخزينية تقدر بـ4 ملايين متر مكعب قام بتنفيذه سلاح الهندسة الملكي، كما تم ترميم وصيانة بناء المخفر سابقاً لجعله يلعب دوراً مهماً فى حياة أهل المنطقة كمركز حضاري وثقافي فى عمق الصحراء، وربما يتخذ جناح منه كمدرسة ينهل منها أبناء البدو العلوم المختلفة في جو من الصفاء والهدوء منقطع النظير.
باعون
كلمة باعون فى اللغات السامية معناها: مسكن أو منزل أو بيت
وردت في بعض المصادر باسم (الباعوثة)، بالثاء. ووردت في بعضها الآخر باسم (الباعونة)، بالنون. ومنها: صبح الأعشى، وقد ضبط القلقشندي الاسم بقوله: «بفتح الباء الموحدة، وألف بعدها ثم عين مضمومة وواو ساكنة ونون مفتوحة، وفي آخرها هاء « ويرى بعض الباحثين أن أصل الباء ميم، فهي ماعون. والباعوثة فى الأصل اسم راهب أو راهبة كان لها دير في الموقع، وقد سميت القرية باسمها.
والجدير بالذكر هنا أن كلمة باعون فى اللغات السامية معناها: مسكن او منزل او بيت.
وحدد بعض الجغرافيين موقع باعون فذكر أنها تبعد عن عجلون (شوط فرس)، وهي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة عجلون على بعد اثني عشر كيلومتراً باتجاه الشمال الغربي، ويحد أراضي القرية من الجنوب الشرقي: اشتفينا، ومن الجنوب الغربي: أوصرة، ومن الشمال عرجان، وراسون.
وتقع باعون فلكيا على خط الطول 35 درجة و 44 دقيقة شرقاً، ودائرة العرض32 درجة و 23 دقيقة شمالاً. وتتبع قضاء عرجان، أحد أقضية محافظة عجلون، وتضمها مع راسون وأوصرة وعرجان بلدية العيون.
وتعتبر باعون من أكثر القرى الأردنية شهرة، وقد حققت هذه الشهرة لكثرة من ينتسب إليها من الأعيان والعلماء، عائشة الباعونية. وينتسب إلى باعون أيضاً: والد عائشة : القاضي يوسف بن أحمد بن ناصر بن خليفة الباعوني، قاضي الشافعية بدمشق، وإسماعيل بن ناصر الباعونى، وإبراهيم بن أحمد بن ناصرالباعوني، ومحمد بن أحمد بن ناصر بن خليفة الباعوني، وأحمد بن يوسف ابن القاضي شهاب الدين الباعوني، وغيرهم. ويذكر أن معظم هؤلاء العلماء عاشوا خلال القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي.
ويدل العدد الكبير من العلماء والأدباء الذين ينتسبون إلى باعون على أنها كانت مزدهرة، وأن الأمن فيها كان مستتباً. وقد كانت فيها عين ماء متدفقة تسمى (عين باعون)، كما كانت فيها ثلاث طواحين لطحن الحبوب.
ويشير ما أوردته دفاتر الطابو العثمانية عن باعون إلى عدد سكان هذه القرية، وحاصلاتها خلال القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي، فقد ورد في دفتر الطابو رقم (970) أن «قرية باعون تابعة للكورة، تيمار حسن يكنجري، فيها أربع وثلاثون خانة وإمام واحد ومجرد واحد. وحاصل قسم من الربع: سبعة آلاف وسبعمائة أقجة. من الحنطة: خمس وعشرون غرارة قيمتها ثلاثة آلاف ومائتان وخمسون أقجة. من الشعير: خمس عشرة غرارة قيمتها ألف وخمسون أقجة. وخراج الزيتون الإسلامي والروماني: ألفان وخمسمائة أقجة. وخراج الكروم والعنب والجوز: ثمانمائة أقجة، ورسم المعزة وغيره: مائة آقجة.
أما الدفتر رقم (185) الذي يرجع تاريخه إلى أوائل القرن الحادي عشر الهجري/ أواخر القرن السادس عشر الميلادي فقد ورد فيه «قرية باعون تابع ناحية الكورة عن زعامة إبراهيم متفرقة، وإبراهيم محرر دفتر الشام. حاصل القرية ضميمة على حاصل قرية قصير، فيها خمس وأربعون خانة وسبعة مجردين، وحاصل قسم من الربع، من الحنطة: عشر غرارات قيمتها ألف وأربعمائة آقجة. من الشعير: عشر غرارات قيمتها ثمانمائة آقجة. وخراج الأشجار والكروم وغيره: ألفان ومائتان وثلاثون اقجة. ورسم المعز والنحل: ألفا آقجة، ورسم المعصرة سبعون اقجة. ورسم الطواحين لثلاثة أحجار: تسعون أقجة بموجب الدفتر العتيق، فيكون سبعة آلاف وخمسمائة أقجة.
وقد ازداد عدد سكان باعون في القرن العشرين الميلادي بشكل مطرد، فقد جعلها موقعها المرتفع، حيث ترتفع 680 متراً عن سطح البحر، وطبيعتها الخلابة، جعلها ذلك مكاناً جاذباً للسكان، وقد بلغ عدد سكانها في الستينيات من القرن المذكور نحو 590 نسمة. وبلغ عدد سكانها فى أوائل القرن الحادي والعشرين الميلادي 3847 نسمة ينتمي معظمهم إلى عشيرة العنيزات، وهي فرع من قبيلة عنزة، ثم عشيرة الحواورة. ويعمل سكانها فى الزراعة، وتربية المواشي وفى القوات المسلحة والوظائف الحكومية الأخرى.
وتتوفر قرية باعون على مركز صحي أولي، وعدد من المساجد والمدارس، منها: مدرسة باعون الثانوية الشاملة للبنات، ومدرسة ذكور باعون الثانوية. وفيها أيضا: جمعية سيدات باعون الاجتماعية، ومنتدى عائشة الباعونية الثقافي، وشعبة بريد، ومؤسسة استهلاكية عسكرية.
ويذكر هنا أن أحد مساجد باعون الثلاثة إنما هو مسجد كان قد بني على أثر قديم قد يكون معبداً أو كنيسة، ويجري ترميمه بمبادرة من وزارة الثقافة ودعم من وزارتي السياحة والأوقاف؛ إذ اهتمت هذه الأطراف بترميم المسجد نظراً لأهميته وقيمته التاريخية.
بسطة
كشفت الحفريات الأثرية عن استيطانها خلال الفترة 8500 - 5500 قبل الميلاد
جاء فى لسان العرب أن البسطة: الفضيلة، والسعة، والزيادة. وقد يكون وقوعها على مرتفع من الأرض، وانبساط الأراضي من حولها سبباً في هذه التسمية، فالواقف فوق مرتفع بسطة يكشف المنطقة حولها: شرقاً حتى معان، وكذلك جنوباً لمسافة لا تقل عن عشرين كيلومتراً، ولذلك تسيطر بسطة من الناحية الاستراتيجية على الطريق المؤدية إلى وادي موسى والراجف والطيبة شمالاً، وإلى اوهيدة وراس النقب جنوباً.
تقع بسطة إلى الغرب من مدينة معان على بعد عشرين كيلومتراً منها، وتبعد عن وادي موسى شرقاً عشرة كيلومترات. وتقع القرية فلكياً على خط الطول 35 درجة و 32 دقيقة شرقاً، ودائرة العرض 32 درجة و 14 دقيقة شمالاً. وتتبع إدارياً قضاء إيل، أحد أقضية محافظة معان، وتضمها بلدية إيل الجديدة التي تضم أيضا: روضة الأمير راشد، وإيل، والفرذخ، وتجمع بئرالبيطار السكاني.
وتعد بسطة من القرى الأردنية المأهولة بالسكان منذ عصور موغلة في القدم، فقد كشفت الحفريات الأثرية عن استيطانها خلال الفترة8500- 5500 قبل الميلاد. وقد أشار بيركهارت الذي زار المنطقة في عام 1812م إلى أن بسطة هي أحد الأماكن الخربة التي تقع في جبال الشراة إلى الجنوب والجنوب الغربي من وادي موسى.
وكانت بسطة خلال الحرب العالمية الأولى موقعاً عسكرياً تركياً، وقد اختارها الأتراك لهذه الغاية بسبب ارتفاعها عما حولها، وسيطرتها الاستراتيجية، حيث ترتفع عن سطح البحر نحو 1600م، وهو ارتفاع يوفر مراقبة واسعة بعيدة المدى، ويسيطر على محاور المواصلات، كما يتوفر الموقع على مصدر مياه.
وقد تم اختيار بسطة لتكون مركزتجميع للقوات العربية لتنفيذ عمليات قطع سكة الحديد، تمهيداً لتنفيذ خطة الهجوم على معان التي ابتدأت في أوائل نيسان من عام1918م. وقد تم هذا الاختيار من قبل الأمير فيصل الأول ابن الحسين بن علي أثناء تقدمه شمالاً على رأس قوات الثورة العربية الكبرى.
ووصف حمزة العربي بسطة، في أعقاب زيارته لها عام 1922م بأنها:»أنقاض ورسوم خربة في منحنى من الأرض وأطراف التلال والآكام، وبها بئر قديمة أثرية واسعة مطوية، وبعض مزارع لبعض من أهالي معان، في قاع منخفض من الأرض تكتنفه تلك الهضاب المكللة بما عليها من بقايا الرسوم والأطلال، وهي أكبر ما بأرض الشراة من الخرائب، ويرى بعضهم أنها أثر مصري من آثارالبطالسة».
ويبلغ عدد سكان بسطة (1643) نسمة « ينتمي معظمهم إلى عشائر النعيمات. والنعيمات من قبيلة الحويطات وتتألف هذه العشائر من: العلاوية والسحاليل والغوانمة والشتاتلة والسبوع والسواقدة والسليمات والسلالمة.
وتتوفر القرية على مدرسة ثانوية للذكور، كما تتوفر على خدمات ومرافق محدودة حيث ينقصها كثير من هذه المرافق؛ إذ لا يوجد فيها مركز صحي، أومدرسة ثانوية للبنات.
* قسم التاريخ- كلية الآداب
الجامعة الأردنية