ماذا لو أوقفت "حماس" و"السلطة" التنسيق الأمني؟
بكر أبو بكر
التنسيق الأمني الذي تمارسه السلطة الوطنية هو مما نصت عليه (اتفاقيات أوسلو-المرحلة الانتقالية عام 1994) وهو إذ يمنع العمل العنفي ضد الاسرائيلي، أو لا يسمح به من خلال الاحتجاز والسجن فهو مما تقوم به السلطة في رام الله التزاما بالاتفاقيات المعقودة رسميا.
والتنسيق الأمني هو مما تقوم به حركة "حماس" أيضا في غزة بالتطبيق الأمين، خاصة بعد الحرب العدوانية على غزة عام 2012 كما في البند الثالث الذي ينص على أن: "تلتزم حماس بملاحقة أي فصيل أو مجموعة تخترق التهدئه التي ستستمر خمسة سنوات قابلة للتجديد"، وفي البند 7 و8 أيضا "تعهدت حماس بضمان تنفيذ الاتفاق وعدم إطلاق أي صاروخ من قطاع غزة" و البند 8 حيث" تعهد الرئيس المصري "محمد مرسي" بوقف تهريب السلاح من سيناء إلى غزة وعدم إطلاق الصواريخ من غزة إلى إسرائيل". (*)
لقد تحول منع إطلاق النار عبر الحدود بين غزة والاحتلال إلى اعتقال أو قتل من يتحدى الاتفاق الحمساوي-الاسرائيلي غير المكتوب مباشرة بين الطرفين، ولكنه المطبق بيد حديدية إلي الدرجة التي وُصِف بها المقاومين في غزة حين إطلاقهم الصواريخ أو النار بأنهم خونة أو خارجين عن الصف الوطني كما تكرر من بعض قيادات "حماس" .
في هذه النقطة وغيرها ليس للسلطة في رام الله ميزة كما حال السلطة في غزة فكليهما منخرط الى أذينه في عملية التنسيق الأمني، بغض النظر عن التطبيل والتزمير الذي تشتهر فيه "حماس" ضد السلطة وتخوينها باعتبار تنسيقها تعاون أما تنسيق حماس فهو شأن آخر!
وفي الإطار حيث تكثر المطالبات بوقف (التنسيق الأمني) في المحافظات الشمالية لاسيما وأن القرار تم اتخاذه في اطار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي اطار حركة فتح، وهو مما هدد به الرئيس أبو مازن مرارا وتكرارا دون تنفيذ، وكان آخره في باريس وأمام مجلس الشيوخ في الفرنسي في شهر فبراير 2017 فماذا لو تم وقف هذا التنسيق؟ .
إن وقف التنسيق من قبل السلطة عملية محفوفة بالمخاطر، ويفقد الكثير من زخمه إن لم يرتبط بوقفه من طرف "حماس" أيضا في غزة ، لذا فإن قوة الفعل تأتي فقط من تراكم الزخم الوطني والوحدوي الفلسطيني في "شطري" الوطن، وإلا فلن ينظر له بأي جدية أو اقدام لو حصل وهو ما زال بعيد المنال.
ليتم وقف التنسيق الأمني بمعنى ترك المجال لرجال المقاومة أن يقوموا بعملهم دون عوائق أواعتقالات لن يكون له أثر كبير إلا إذا ترافق مع اتفاق فلسطيني شامل (بل وعربي) تجد "حماس" نفسها مطالبة هي والفصائل في غزة بالمقاومة اليومية، كما هو مطلوب من الفصائل بالضفة، ولن يقع الوقف للتنسيق في نطاق الأهمية والتأثير إلا إذا ترافق الفعل المقاوم من غزة مع الفعل المقاوم (الشامل) في الضفة جنبا إلى جنب وما يعنيه ذلك من تضحيات جسام.
فلا يفرح أحد ويظل يردد مقولات فيسبوكية بلا معنى (أوقفوا التنسيق الأمني)، ولا يعلم أنه هو المطالب بأن يقدم حياته وأسرته ومساره اليومي إما لإعادة الاحتلال الاسرائيلي الكامل للضفة، وغزو غزة مجددا، أو ليحول بيته الى متراس دفاعي أو هجومي ضد الاحتلال ويحمل روحه بين كفيه.
إن وقف التنسيق الامني ليس قرارا متسرعا وليس خيارا غير مكلف بل هو خيار استراتيجي لا يستطيع أبومازن لوحده أن يتخذه أبدا، ولا تستطيع ذلك "حماس" أيضا لان نفض اليد من العمل السياسي والعالمي أو جعله في خدمة المقاومة الميدانية، والرجوع لحضن الجماهير والوحدة الوطنية ولحضن الأمة العربية هو الأصل ليسود منطق المقاومة الشاملة فلا نظل نرجو العالم ونستجديه ونحن في خلاف داخلي دائم ونُستغل من هذا المحور أو ذاك ببشاعة.
* حاشية: اتفاق التهدئه بين (اسرائيل) وحماس برعاية مباشرة من الرئيس المصري محمد مرسي في مقر المخابرات العامة المصرية تمت صياغة اتفاق التهدئه والذي جاء بشكله النهائي بعد حملة عسكرية اسرائيلية طاحنة طوال يوم امس وهذا اليوم بهدف الترسيم النهائي لاتفاق التهدئه وقد جاءت بنود الاتفاق بشكلها النهائي كما يلي
(1) وقف إطلاق النار بشكل كامل
(2) تتحمل حماس مسؤولية اطلاق اي صاروخ من قطاع غزة باتجاه اسرائيل
(3) تلتزم حماس بملاحقة اي فصيل او مجموعة تخترق التهدئه التي ستستمر خمسة سنوات قابلة للتجديد
(4) تنظر "اسرائيل" بموضوع المعابر وتتعهد بادخال تحسينات ان استمرت التهدئه
(5) "اسرائيل" لها حق الرد في حال اي خرق من اية جهة كانت لاتفاق التهدئه من قطاع غزة
(6) وقف عمليات تهريب السلاح على ان تقوم حماس بجمع السلاح الثقيل من قطاع غزة ويوضع بمسؤولية قوة ثلاثية مشرفة مكونة من مصر و قطر وامريكا
(7) تعهدت حماس بضمان تنفيذ الاتفاق وعدم اطلاق اي صاروخ من قطاع غزة
(
تعهد الرئيس المصري بوقف تهريب السلاح من سيناء الى غزة وعدم اطلاق الصواريخ من غزة الى "اسرائيل"