مؤتمر‘‘فلسطينيي الخارج‘‘: إلغاء أوسلو واستعادة دور منظمة التحرير مظلة شاملة
نادية سعد الدين وهديل غبونعمان- اسطنبول- طالب "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" باسترداد دور نحو 7 ملايين فلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية وإحياء المجلس الوطني الفلسطيني بتجديد انتخابه، مع التأكيد على أن "المنظمة" هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وفقا لما أعلنه القائمون على المؤتمر خلال افتتاح يومه الأول في اسطنبول أمس.
وجاءت تصريحات منظمي المؤتمر الذي حمل شعار "مشروعنا الوطني .. طريق عودتنا"، ردا على انتقادات وجهها مسؤولون في السلطة الوطنية الفلسطينية وبعض القوى السياسية قبيل انعقاده بأيام، لما اعتبروه "محاولة لتعزيز الانقسام الفلسطيني"، وهو ما نفاه منظمو المؤتمر.
ودعا المؤتمر الذي نظمته مؤسسات مجتمع فلسطيني في الخارج، من وصفهم "بأركان البيت السياسي الفلسطيني"، إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني ووضع حد له، كما اعتبر أن انتخاب "مجلس وطني فلسطيني جديد ديمقراطي نظيف"، من أول المطالب.
واعتبر منظمو المؤتمر، انعقاده في لحظة تاريخية دقيقة تمر بها القضية الفلسطينية بعد مرور قرن على وعد بلفور المشؤوم، ومع اقتراب الذكرى السبعين لاحتلال القدس الغربية وانقضاء نصف قرن على احتلال القدس الشرقية.
ووجه رئيس المؤتمر والعضو السابق في المجلس الوطني الفلسطيني أنيس فوزي قاسم، دعوة صريحة إلى "تدمير اتفاقية أوسلو" الموقعة بين السلطة الوطنية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي، قائلا "نحن القاطنين خارج فلسطين. نحن الذين ألقى بنا قادة أوسلو على جانب الطريق واستثنونا من المشروع الوطني الفلسطيني."
وطالب قاسم بما وصفه "استرداد" حق ودور فلسطينيي الخارج في منظمة التحرير الفلسطينية، وقال :"ستظل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني أين ما كان تواجدهم، هذه المنظمة التي بنيت بأنهار من الدماء من الشعب والمقاتلين.. ولا تملك أي قيادة فلسطينية أن تستثني فلسطينيا واحدا من تحت خيمتها".
واعتبر قاسم أن "أكثر المصائب سما ودهاء وتدميرا كانت أوسلو"، وأنه لا بد من العمل على " تدمير هذه الاتفاقية التي حولت أعظم ثورة في التاريخ إلى خادم للاحتلال الاسرائيلي".
ورأى قاسم أن الشعب الفلسطيني هو من "منح الشرعية لمنظمة التحرير"، وأن "الحاكم العسكري الاسرائيلي هو الذي أعطى الشرعية لما سمي السلطة الفلسطينية القائمة"، وفقا له، داعيا الفلسطينيين إلى أن "ينتزعوا" حقهم من "براثن السلطة".
وعرض المؤتمر فيلما توثيقيا عن أعداد اللاجئين الفلسطينيين، نقلا عن المركز الفلسطيني للإحصاء مطلع العام 2016 ، مبينا أن عدد المسجلين منهم في وكالة "غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"، يبلغ نحو 5.5 مليون فلسطيني، يشكل الفلسطينيون في الضفة الغربية منهم، ما نسبته 17 %، مقابل %24 يعيشون في قطاع غزة.
أما الفلسطينيون في الدول العربية، فتشكل نسبتهم بالأردن نحو 40 %، مقابل تبلغ 9 % في لبنان، وفي سورية 10 %، يضاف إليهم ما يقارب من 600 ألف فلسطيني يعيشون في الأقطار العربية الأخرى. ولفت الفيلم، إلى أن ما يقارب أيضا من 700 ألف فلسطيني يعيشون في أوروبا والأميركيتين ، غير مسجلين في سجلات الأمم المتحدة.
وقدمت الافتتاح المخرجة الفلسطينية الشابة روان الضامن، وقالت إن وسم المؤتمر
#فلسطينيو-الخارج، حقق قبل افتتاح المؤتمر أكثر من "نصف مليار" تفاعل على منصات التواصل الاجتماعي.
من جهته، أعلن رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر المهندس هشام أبو محفوظ ، تداعي منظمي المؤتمر إلى تنفيذ مسارات استراتيجية لتفعيل دور فلسطينيي الخارج، عبر الاتحادات ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات والروابط والنقابات المختلفة التي شكلت في مختلف دول العالم.
وقال أبومحفوظ في كلمته "لا وصاية على الشعب الفلسطيني"، داعيا إلى "طي صفحة الانقسام الفلسطيني المظلمة"، وأضاف:" إن التئام المؤتمر هو تعبير صادق وواضح عن عزم الشعب خارج الوطن المحتل وحرصه الوطني على تطوير الجهود لانتزاع الحقوق الثابتة، وعلى رأسها "إنهاء الاحتلال الغاشم وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل ترابها وعاصمتها القدس وتطبيق حق العودة كاملا غير منقوص".
وقال أبو محفوظ إن الشعب الفلسطيني اليوم، تفرقت به المنافي، حيث عاش أيضا "نكبته في العراق" واليوم يعيشها "نكبته حية موجعة في سورية" بعد استهداف المخيمات وتشريد قاطنيها، وأشار الى أنه بات من المؤكد، أن النكبة المتجددة التي يقاسيها الفلسطينيون، لن يضع حدا لها سوى تفعيل دور الشعب الفلسطيني خارج الوطن المحتل لحماية الثوابت والدفاع عن الحقوق وفي مقدمتها حق العودة.
وخاطب أبو محفوظ من وصفهم "بالاشقاء في بعض الدول العربية والأصدقاء في العالم"، بدعوتهم إلى ما أسماه "رفع المعاناة" عن اللاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم إلى الوطن، مشيرا الى أن هناك بعض الاخلال بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمنع عن العمل وفرض اشتراطات مجحفة على الاقامة والتنقل بحق الفلسطينيين في بعض الدول العربية، داعيا أن تكون تلك الدول التي لم يسمها، عند التزاماتها بحقوق الانسان.
وخاطب أبو محفوظ "البيت السياسي الفلسطيني" بحسب وصفه، داعيا إياه إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، ووضع حد له، وقال :" يجب طي هذه الصفحة المظلمة والالتقاء على موقف فلسطيني جامع ومشروع وطني على أرضية الحفاظ على الثوابت بكل الوسائل وعلى رأسها المقاومة."
وفيما استذكر رئيس الهيئة العامة للمؤتمر ومؤسس هيئة" أرض فلسطين" سلمان أبو ستة، أوائل القادة الفلسطينيين كالحاج أمين الحسيني وياسر عرفات وجورج حبش وأحمد الياسين وغيرهم، قال إن القضية الفلسطينية "تقف اليوم أمام تحد كبير لاختيار قادة جدد ينتخبهم شعبهم".
وقال أبو ستة " إننا اليوم ندق باب المنظمة الموصد أمامنا ونريد أن نفتحه لـ 13 مليون فلسطيني.. من بينهم 7 ملايين خارج فلسطين."
ودعا أبو ستة إلى أن أولى المطالب اليوم ، هي "انتخاب مجلس وطني فلسطيني ديمقراطي نظيف"، واصفا إياه بأكبر إنجاز للفلسطينيين على مستوى العالم، الذي عقد للمرة الأولى في القدس عام 1964.
وتساءل أبو ستة عما تبقى من المجلس الوطني الفلسطيني اليوم، الذي كان يضم 13 اتحادا مهنيا وعماليا وطلابيا، مشيرا إلى أنه من كان يمثل الشباب حينها أصبح عجوزا ومن كان طالبا أصبح اليوم متقاعدا.
ولفت أبو ستة أيضا أن المجلس كان يضم 42 ضابطا عسكريا من منظمة التحرير الفلسطيني، فيما توفي 64 عضوا من المجلس حتى الآن، وقال :" هل هذه هي حكومة المنفى التي يفترض أن تمثل 7 ملايين لاجئ فلسطيني.. اليوم هم بضعة موظفين يتلقون الرواتب".
وبث المؤتمر رسالة مسجلة لرئيس المجلس الوطني الفلسطيني الأول عبد المحسن القطان، تأييدا للمؤتمر .
وعقد المؤتمر في يومه الأول عدة ورشات عمل بالتزامن وتحت عناوين مختلفة، فيما سيواصل أعماله لليوم الثاني على التوالي اليوم، ليصار لاحقا إلى إعلان البيان الختامي للمؤتمر.
مؤيدو السلطة: لا لتجاوز منظمة التحريروبالتزامن، شارك شباب فلسطيني في الحراك المضاد "للمؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج"، الذي بدأ أعماله أمس بتركيا، وذلك للتعبير عن حالة الغضب والاستياء الشديدين من "محاولة تجاوز منظمة التحرير وتعزيز الانقسام القائم حالياً".
وخرج حشد شبابي واسع، إلى جانب فصائل المنظمة وشخصيات وطنية مستقلة، في تظاهرات عارمة جابت مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، منذ الإعلان عن مؤتمر تركيا، ورفعت شعارات موحدة لنصرة منظمة التحرير باعتبارها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، حيثما تواجد في فضاءات العالم.
وتنادت غالبية الشارع الفلسطيني "بتفعيل وتطوير مؤسسات المنظمة"، ضمن "الإطار الفلسطيني الجمعي"، وليس من خلال أطراف خارجية، بما يسهم في تغذية الانقسام الفلسطيني، الممتد منذ العام 2007، والإضرار بالقضية الفلسطينية.
فيما شغلت وسائط التواصل الاجتماعي مساحة وازنة لصفحات الكترونية جرى تخصيصها من مجموعات شبابية فلسطينية للتحذير من مساعي ايجاد بديل عن مسار منظمة التحرير النضالي والحافل، منذ ستينيات القرن المنصرم، بالتضحيات والشهداء والأسرى سبيلاً للحقوق الوطنية المشروعة.
وقال الناشط أحمد أبو رحمة إن "غالبية الشارع الفلسطيني يقف ضد عقد مؤتمر تركيا، الذي جرى تنظيمه بعيداً عن التنسيق والتشاور مع منظمة التحرير، مما يشي بمحاولة تجاوزها وإيجاد جسم بديل عنها، وهو الأمر المرفوض كلياً".
وأضاف أبو رحمة، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "مؤتمر فلسطيني الخارج" يؤدي إلى "تعزيز منهجية الانقسام، وتعميقه بين الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، بينما يعد الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأكبر من هذه التحركات التي لا تخدم القضية الفلسطينية".
وأوضح أن "هناك تحركات شبابية فلسطينية نشطة تعارض انعقاد المؤتمر، وتدعو إلى وحدة الموقف، وتحقيق الوحدة الوطنية، لمواجهة محاولات توظيف حالة الانقسام القائمة في خدمة أهدافها والإضرار بالمشروع الوطني الفلسطيني".
ونوه إلى "قيام مجموعات شبابية باستخدام منابر الإعلام غير التقليدي للتعبير عن رأيها، وموقفها المندد بالمؤتمر، وبأهدافه المضادة للقضية الفلسطينية، لاسيما من خلال إنشاء صفحات الكترونية خاصة بذلك، وعبر "الفيسبوك" و"توتير" تحديداً، لاستقطاب الدعم ونشر التوعية".
وكانت شخصيات ومؤسسات فلسطينية قد أعلنت عن تنظيم مؤتمر شعبي للفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة، والذي ينعقد يومي 25 و26 من الشهر الجاري في اسطنبول، لبحث دورهم الوطني وفرص مشاركتهم في القرار السياسي. بيد أن فصائل المنظمة رأت أن المؤتمر يعد "تجاوزاً "للممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، المتمثل في المنظمة، ويستهدف إيجاد جسم بديل عنها"، فضلاً عن تعميق الانقسام القائم منذ سنوات"، بحسبها.
من جانبه، شكك عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، "بالأهداف الكامنة" وراء عقد مؤتمر تركيا، مؤكداً "بطلانه وعدم شرعيته جملة وتفصيلا".
وحذر أبو يوسف، خلال اجتماع الجبهة في مقر أمانتها العامة برام الله، من "مخاطر التطاول على المنظمة، "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، أو المس بدورها ومكانتها وهي تقود مسيرة الكفاح التحرري، في ظل التحديات التي واجهت، وما تزال تواجه المشروع الوطني، والقضية الفلسطينية العادلة".
ونوه إلى أهمية "إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، وقطاع غزة، بموعدها المحدد"، معتبراً أن "نجاحها يشكل خطوة هامة باتجاه استعادة اللحمة الوطنية، وتعزيزاً للنهج ومسيرة الديمقراطية الفلسطينية".
من جهته، لفت عضو المكتب السياسي، مسؤول تنظيم الجبهة أبو الهدى؛ إلى التحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية، في ظل استمرار حالة الانقسام، ووضع العراقيل والعقبات أمام تحقيق الوحدة.
وأكد المجتمعون ضرورة "تنفيذ ما اتفق علية في بيروت بشأن عقد المجلس الوطني، لتجديد الشرعيات الفلسطينية، وتحصين الجبهة الداخلية، بما في ذلك إنجاح إجراء الانتخابات المحلية في موعدها المحدد"، مطالبين حركة "حماس" بالتراجع عن موقفها المعارض لإجرائها في قطاع غزة.
بدوره، اعتبر رئيس دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير، تيسير خالد، أن مؤتمر اسطنبول "عمل فئوي، لا يضم الكل الفلسطيني ولا يمثل فلسطينيي الخارج، وإنما ينعقد بدعوة من قيادات في "حماس" وتحت رعايتها، دون التنسيق والتشاور مع فصائل العمل الوطني، ولا حتى مع حركة الجهاد الإسلامي، والجاليات الفلسطينية في المهجر".
ودعا، في تصريح أصدره أمس، إلى "عدم استغلال الثوابت الفلسطينية كأداة للتحريض على منظمة التحرير والنيل من مكانتها، عبر ادعاء المنظمين بأنها قد أدارت ظهرها للفلسطينيين في الخارج، والزعم بحرصهم على إصلاحها وتفعيل دور الخارج في استنهاض الوضع الوطني".
وبين أهمية "الأنشطة الداعية إلى استنهاض الحالة الفلسطينية وفق أسس وطنية وشراكة حقيقية دونما إستثناء أحد، للخروج بمواقف وسياسات تعكس مستوى عالٍ من المسئولية الجماعية تجاه القضية الفلسطينية".
وحذر من "استخدام مؤتمر تركيا في نقل حالة الانقسام من الداخل المحتل إلى الشتات الفلسطيني"، مؤكداً "ضرورة إصلاح أوضاع منظمة التحرير وتطوير هياكلها، عبر انتخابات وطنية عامة للمجلس الوطني والهيئات القيادية فيها"، شريطة أن يتم ضمن إطارها.
وأكد خالد بأن دائرة شؤون المغتربين "تلقت بيانات من الجاليات الفلسطينية في بلدان المهجر ومختلف القارات، ترفض فيها المشاركة بالمؤتمر؛ لأنها لم تتلقَ دعوة للمشاركة من القائمين عليه، وبسبب تخوفها من نقل أجواء الانقسام إلى التجمعات الفلسطينية في المهجر".
من جانبه، قال عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، المتحدث باسمها، أسامة القواسمي، إن مؤتمر تركيا يعد "خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي، ومحاولة فاشلة لضرب منظمة التحرير، وخطوة تدلل على استمرار "حماس" في تعزيز الانقسام وتوسيعه في الساحة الفلسطينية"، بحسبه.
وأكد القواسمي، في تصريح أمس، أن"المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والذي عمدته بالدم والعمل السياسي والدبلوماسي والقانوني على كافة المستويات الإقليمية والدولية، عبر سنوات طويلة". وزاد قائلاً لقد "تصدت حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير لكل المحاولات الإسرائيلية لضرب وحدانية التمثيل"، محذراً من "خطورة أهداف مؤتمر تركيا، ومن مثل هذه اللقاءات التي تتجاوز المنظمة".