جدار نتنياهو بين العقبة وايلات
يعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، عن نية حكومته بناء جدار بين مدينة العقبة الأردنية، و»ايلات» الإسرائيلية، وهذا جدار جديد يحيط بإسرائيل يضاف الى جدار بطول مئتي كيلو متر مع مصر، وجدار ثالث يحبس الضفة الغربية، ويعزلها عن محيطها الطبيعي.
هوس الإسرائيليين بالامن، هوس غير طبيعي، وهو تأسس على المخاوف التي تؤدي الى العزلة في نهاية المطاف، وهكذا اشهار من رئيس وزراء الاحتلال، يعبر حصرا عن مخاوفه من التسلل او محاولة تنفيذ عمليات، مما يجعل الجدار الفاصل بين العقبة و»ايلات» جدارا أمنيا بكل ماتعنيه الكلمة.
مخاوف الإسرائيليين من شعوب دول الجوار لا تنتهي، وعلى الرغم من الهدوء النسبي، الا ان تل ابيب تحسب حسابا للمستقبل، ولاي تطورات، وبرغم هذه الحسابات، الا ان حدوث خروقات امنية، مثلما رأينا من سيناء، ومن مناطق أخرى يبقى واردا، ومحتملا، برغم كل هذه الإجراءات.
من ناحية سياسية، قد لا تعلق دول الجوار لفلسطين المحتلة، على تأثيرات مثل هذه المشاريع، اتكاء على ان مثل هذا الجدار مقام في الجهة الأخرى، لكن من ناحية فعلية، فإن إقامة هذا الجدار او ذاك، تقول ماهو اكثر، فهي مشاريع تعبر عن هواجس كبيرة جدا، وقراءات تتعلق بتغيرات الوضع الأمني.
سابقا اثير الكلام عن جدار آخر، يفصل أيضا بين الأردن، والجانب الفلسطيني، تقيمه إسرائيل، بحيث يتم الفصل بين جانبي غور نهر الأردن، المشترك بين الضفتين الشرقية والغربية للنهر، وهو مشروع لابد ان يقوم يوما، ليؤكد ان نظرية «القلعة» الإسرائيلية هي السائدة، وان الذعر من كل جوار فلسطين، يبقى هو الطاغي.
هذه هي المعالجات التي تحول دولة الى سجن كبير، وللمفارقة فإن الإسرائيليين يظنون انهم يحبسون شعوب الجوار في سجون صغيرة، وراء هذه الجدر، ويحبسون أيضا الشعب الفلسطيني في غزة بجدار المعابر المغلقة، مثلما يحبسون ذات الشعب في الضفة الغربية وراء جدار ممتد.
للحقيقة فإن الذي تحول الى سجين فعلي، هو الإسرائيلي، الذي أحاط نفسه بجدر من كل الاتجاهات، وكأنه بنى لنفسه سجنا، بكل هذه الجدر، وهو سجن قد يحميه مؤقتا، لكننا امام اغرب نموذج في التاريخ، لدولة تحيط نفسها بهكذا جدر، من اجل ان تأمن على نفسها.
هذا يعبر من جهة ثانية، عن ان إسرائيل لا تثق بالواقع الحالي، وتراه مؤهلا للتغير، هذا فوق انها تضع في حساباتها العنصر البشري فقط، بمعنى التسلل، لكنها غير قادرة فعليا، على إيجاد حل، لاي عمليات من قبيل اطلاق الصواريخ وغير ذلك، مثلما شهدنا من غزة وجنوب لبنان، وهذا يعني ان كل هذه الإجراءات، قد تخفف من الذعر الأمني الإسرائيلي، لكنها لن تلغيه كليا.
ثم نريد ان نسمع رأي الخبراء القانونيين، وغيرهم من مختصين، في ما يحق للاسرائيليين فعله على الأرض المحتلة، وبما يقترب من التأثير على دول الجوار، اذ ماهو الموقف من إقامة جدار عازل يجاور الأردن جنوبا، ويجاورها غربا، ويجعل جزءا كبيرا من حدودها محاطا بالجدر، بذريعة ان تلك ارض لدولة أخرى، وهي بطبيعة الحال، دولة تمثل كينونة احتلال، لا شيء آخر بالمرة.